رواية عناد الحب الفصل التاسع عشر 19 - بقلم اسماء الاباصيري
19 . اعتذار
ظل فى مكانه دون حراك بعد استماعه لما سردته عليه الدادة جميلة ينظر لها فى ذهول
زوجته و طفلته البريئة خائنة
صديقه وشريكه طعنه بظهره
صديق عمره وطفولته مات ضحيتهم بل وصَدَّق عليه اتهامات جعلته يخسر حبه النقى
حبه لأسيل هو الشيء الحقيقي الوحيد بحياته لكنه ضيعه بعناده وانانيته
ليقطع تأنيبه لنفسه هذا صوت جميلة
جميلة : مكنتش عايزة اقولك الحقيقة عشان مشوفش فى عينيك النظرة دي .. انا عارفة اد ايه كنت بتحب ملك لكن يا ابني اللى زي دي متستحقش تدمر حياتك عشانها ... فوق لنفسك بقى و شوف مين اللى يستحق حبك و حمايتك ..... لسة الاوان مفاتش ... روحلها و اسعى انها تسامحك ... مظنش انه مستحيل .. اسيل اه ست قوية بس القوية دي مش بتضعف الا قدام الراجل اللى فى قلبها
ليومئ لها هو فى شرود ومازال تحت تأثير الصدمة .... ليظل هكذا لفترة ثم يمسك بهاتفه ليجري اتصال ما يُعد اول خطوة لطلب السماح منها
آدم بثبات : اظهر حقيقة موت نور الدين للكل ..... و من غير ماتجيب سيرة عن شغله المشبوه ...... اثبت بس ان انتحاره ملوش اساس من الصحة ....... نفذ بسرعة يا سيف ارجوك
ليغلق هاتفه ويلتقط مفاتيحه وجاكيته بسرعة متوجها الى الخارج
وفى مكان آخر تحديداً بمنزل الدادة جميلة نجدها تجلس فى مكانها المعتاد لا يعلم احد ان كان المكان المفضل لها ام انها اعتادت فقط الجلوس امام النافذة لتشاهد المارة فى هدوء تام ... يخرجها من هذا الهدوء صوت هاتفها الذي لم تسمع رنينه منذ تواجدها بالمشفى وربما قبل ذلك
لتتجاهله متابعة تحديقها من النافذة ليعاود رنينه مرة اخري .. تكرر الامر عدة مرات الى ان قامت من مكانها بعد تأفف لالتقاطه لترى ما الامر الهام لهذه الدرجة مقاطعاً تأملها .. فتجده رقم غريب ليزداد تعجبها فترد فى خفو
أسيل : الو
لتستمع الى محدثها والذي طالبها بتأكيد هويتها فتجيبه قائلة
أسيل : ايوة انا أسيل نور الدين
فتستمر فى انصاتها له ثم تجيب
أسيل بتعجب : هي مش خلاص القضية اتقفلت عل انه انتحار ؟؟؟ طالب حضوري ليه بقى ؟
لتسمعه من الجهة الاخرى يخبرها بتقدم زوجها بطلب لفتح القضية مرة اخري لاشتباهه فى كونها جريمة قتل لا انتحار
يسود الصمت قليلاً قبل ان يتاكد منها المتحدث كونها مازالت معه فتخبره بانها ستكون هناك فى الموعد المطلوب وتغلق الهاتف لتجلس الآن تفكر فيما سمعته للتو
تم فتح القضية مرة اخرى بناء على طلب زوجك ... والذي هو آدم ....حسناً لما يطلب آدم فتح القضية مرة اخرى...... ما مصلحته من هذا ؟ ....... أيريد القاء تهمة قتل والدها عليها وهذه المرة ليس معنوياً بل مادياً ايضاً .... ليدب الخوف فى اوصالها ... لكنها تخلصت من خوفها هذا سريعاً وقد قررت انها لن تترك له مفاتيح اللعبة بيده يكفيه ما فعله بها الفترة الماضية .... لن تسمح له بالتحكم بها مرة اخرى
اما فى مؤسسة الشناوي للاعمال الهندسية نجد معتز رأس الافعى يرأس مكتبه وعلى وجهه ابتسامة واسعة فلقد ادخل آدم و الشركة للتو فى صفقة تخص اعماله وهذا سيهدئ من غضب مروان عليه قليلاً فلقد اوشك على استنفاذ صبره ليفاجأ بدخول آدم عليه ليقطع سيل افكاره ويغلق الباب خلفه بهدوء ليحتل احدى المقاعد امام المكتب
معتز بتوتر ملحوظ : اهلاً آدم .... مقولتش يعنى انك جتي الشركة النهاردة
آدم بحدة : وانا لازم استأذن قبل مااجى ... مااقولك كمان على مواعيد حضوري و انصرافي بالمرة ؟
معتز : اكيد مقصدش ده ... مالك شكلك متضايق من حاجة ؟
آدم : انت صح ..... فى شيء مضايقنى فعلاً
لينظر له معتز منتظراً منه اكمال حديه فيردف هو
آدم : قولي يا معتز من امتى وانت تعرفنى ؟
معتز بتعجب : من الدراسة ... لكن ليه السؤال دلوقتي ؟
آدم : من الدراسة .... معني كده اننا نعرف بعض من 11 سنة و بتربطنا صداقة اخوية مش كده
ليومئ معتز موافقاً فينهض آدم من مكانه ويسير حول المكتب ليصل بجوار مقعد معتز وينحنى اليه ليكون وجهه مقابل وجه الاخر لا يفصل بينهم سوى عدة انشات قليلة ويتحدث بهمس
آدم بهمس مخيف : 11 سنة عاملتك زي اخويا .... مفكرتش لحظة لما ايمن الله يرحمه رشحك انك تكون الشريك التالت لينا فى المؤسسة .... ايمن اللى مفكرتش مرتين انك تقتله بدم بارد لما كشف علاقتك بالزبالة التانية اللى اسمها ملك ... وبعد كل ده باعتلى محقق تبعك عشان يبين لي ان ايمن هو الشيطان اللى عمل المصايب دي كلها .... مش كده ؟؟
معتز بخوف وذهول : انت ..... انت ... بتقول ايه ؟
استقام آدم فى وقفته واردف
آدم : بحكيلك عن خيانتك ليا لكن اللى هحتفظ بيه لنفسي هو اللى هعمله فيك انتقاماً منك على تدميرك لحياتى ..... بجد انت صعبان عليا من اللى هيحصلك لكن انت اللى بدأت ... اشرب بقى
ليلقى بآخر كلامه هذا مغادراً المكتب ويذهب الى سكرتريته كاميليا يطلب منها تقرير يشمل كل المشاريع التى احضرها معتز للشركة ثم يذهب بعد ذلك مغادراً الشركة بأكملها
مر يومان على هذا الوضع لم يتغير فيهم شئ من الاحداث فآدم مازال يسعى لإثبات مقتل نور الدين وايضاً يبحث خلف معتز فهو واثق ان هناك من يسانده بل يستخدمه لاعماله المشبوهة تلك فمعتز لم يكن يوماً من الايام مستقل بذاته حتى يدير عملاً مثل هذا دون مساعدة من احد
وعلى الجهة الاخرى فلقد اصبحت الان أسيل على علم بالحقيقة كاملة بعد ان حكت لها جميلة ما سبق واخبرت به آدم ليتغير موقفها من الدفاع الى الهجوم فالآن هو يعلم انها على حق وهو من بحاجة للسماح والغفران بل لديها الآن الحق للانتقام منه وبصورة ابشع من انتقامة منها
الان هى فى مركز الشرطة لمقابلة المسئول عن فتح قضية والدها مرة اخري لتجد شخصاً ما يدلف الى المكتب الجالسة فيه يبدو عليه الهيبة يحيه كل من يمر بجانبه ليتقدم منها ويقف امامها فتستطيع تبين ملامحه الجذابة فهو تقريباً فى عمر الثلاثين او اكبر قليلاً يُدعى عمر السيوفي كما قيل لها ... حياها ثم دعاها للجلوس
اسيل : اسيل نور الدين ... قالولى لازم اجى عشان قضية موت والدي
عمر بإبتسامة : اهلاً أسيل معقول مش فكراني ...؟؟ انا عمر السيوفي صديق ايمن الله يرحمه كنت متعود اعكسك و اغلس عليكب وانتى صغيرة
لتتسع حدقتا اسيل عند تذكرها له وتهتف دون وعى
أسيل : عمر الغبي ... اوحش واحد فى صحابه
انفجر هو ضاحكاً عند سماعه نفس اللقب الذي اعتاد سماعه منها فى طفولتها
لتعتري وجهها حمرة الخجل عند استيعابها لما نطقت به للتو و كانت على وشك الاعتذار لولا انه سبقها بقوله
عمر : انا عايز منك شهادة حق بقى ينفعةيتقل على الخلقة دي وحشة ؟ حقيقي مش عارف ليه طلعتى اللقب ده عليا وقتها
أسيل وقد ادركت انه لم يغضب لنعته بهذا الشكل فقررت متابعة ما اعتادت عليه فى الماضى
أسيل بخبث : معترضتش على كلمة غبي .... يعنى بتعترف انك كده فعلاً
لينفجر هو ضاحكا مرة اخري فتشاركه هى الضحك هذه المرة
عمر : متغيرتيش .. اسة زي ماانتى سوسة و لسانك اطول منك
أسيل بجدية بسيطة : مفيش حاحة بتفضل على حالها .... وانا اتغيرتةكتير عن الاول
عمر بأسف : عارف انك مريتي بالحجات كتير اصعبهم موت ايمن الله يرحمه .. حقيقي مصدقتش الخبر لما حالى ... و بعدها كمان والدك
لتومأ هى فى حزن ويتابع هو
عمر : أسيل بخصوص قضية والدك انا اتضح ليا بعد اعادة التحقيقات انه مكنش انتحار نهائي .. دي قضية قتل و بصراحة مش فاهم ازاى اتقيدت كأنتحار يعنى دي أقل التحريات وضحت انها جريمة .. عشان كده انا ببيتهيألى ان فيه حد بيخفي الحقيقة و من مصلحته يظهرها كإنتحار
أسيل : تفتكر مين ممكن يعمل حاجة زي دي ؟
عمرى : لغاية دلوقتي مش عارف و منقدرش نتهم شخص بعينه لكن التحريات هتظهرلنا حجات كتير و منها اكيد هنوصل للشخص ده .... متقلقيش انا اللى هشرف بنفسي على القضية و هبلغك بكل جديد اول بأول
لتومئ هى وتستأذن للمغادرة على وعد منه باخبارها بأى جديد يصل اليه
وفى طريقها الى منزل جميلة كان ما يشغل بالها سؤال واحد .. لابد ان من فى مصلحته اظهار موت والدها كإنتحار هو القاتل لكن من هو وما مصلحته من قتل والدها ؟؟؟
لولا مقابلتها لصديق ايمن ومعرفتها بانه هو من يشرف على القضية لظنت ان هذا من تخطيط آدم لاظهار انها لا ذنب لها بموت والدها لكن الان الامور جدية وهناك شخص ما استهدف والدها وقام بقتله
لتصل الى المنزل وتدلف الى الداخل فترى آدم منتظراً اياها يبدو منهك وقد نقص وزنه وازداد نحولاً استمرت فى تأمله حتى انتبه من شروده على وجودها فرفع لها رأسه ثم نهض من مكانه و تقدم منها
آدم بخفوت : اهلاً
لترد هى التحية ببرود يعتلى ملامحها
آدم : عاملة ايه ؟ دادة جميلة قالتلي انك روحتى لللقسم النهاردة .... وصلك اخر الاخبلر ؟
لتنظر له فى تعجب ويخطر فى بالها امر ما
أسيل : كنت عارف ؟
ليومئ هو موافقاً وتكمل
أسيل بحدة : كنت عارف انه منتحرش و انه اتقتل ..... خلتني أأنب نفسي على موته و افكر ان كلامي له كان السبب ..... كل ده كان جزء من انتقامك برضو مش كده ؟؟؟؟
ليحرك رأسمة يميناً ويساراً رافضاً اتهامها ذاك
آدم : انا معرفتش حقيقة موته الا من فترة قليلة .... عرفت لما كنتى فى المستشفي
ليصمت للحظات ويأخذ نفساً عميقاً ليردف
آدم : انا جيتلك النهاردة اتأسف عن اللى حصل مني .... عارف ان كلمة اسف قليلة اوي قدام اللى عملته فيكي ... بس اوعدك انى هعوضك عن كل ده .... اطلبي اى حاجة و هتكون بين ايديكى
أسيل : اى حاجة ؟
ليومئ هو وتكمل
أسيل بهدوء : طلقنى ... اللى عايزاه هو الطلاق ..... عايزة حريتي واعدك انى هسامحك بعدها
لينتفض هو فى غضب ويتقدم اليها ماسكا كتفاها بعنف
آدم بحدة وصراخ : فى احلامك يا أسيل .... في أحلامك ..... كوني حيت لحد عندك النهاردة و طلبي السماح منك مش معناه ضعفي و استسلامي ..... ا بتأسف لانى غلطت فى حقك لكن مش ادم الشناوي اللى يخسر او يتنازل عن شيء ملكه .....انت ليا .... ملكي انا و بس ... فمتسرحيش كتير بخيالك و تفكري ان حبي ليكي ضعف
لتنظر له بذهول لا تصدق ما قاله هل افسد للتو اعترافه لها بمشاعره وحبه بكلامه الاناني ذاك .... لما لا يستطيع التعبير عما بداخله دون كلامه القاسي ومعاملته الجافة تلك ....... لتبتسم بداخلها على ان السيد المبجل آدم حلمي الشناوي فاشل فى التعبير عن مشاعره ... ولاول مرة تجد ما يفشل فيه
بينما هو ادرك بعد لحظات ما تفوه به للتو ليتركها فجأة ويكمل حديثه بحدة محاولاً تغيير دفة الحديث
آدم بنفس الحدة : كفاية اوي قعاد هنا .... من بكرة تحهزي حاجتك و ترجعى القصر
ليقاطع اعتراضها قبل ان تتفوه به
آدم : من غير نقاش ... انا قررت و انتهى الامر
ويتركها مغادراً فيما كانت هى ما زالت لم تستيقظ بعد من صدمة اعترافه لها وقلبها يرقص فرحاً بتمسكه بها ورفضه لتركها او الانفصال عنها
نعم سامحته منذ علمها بحقيقة ما حدث من زوجته و هذا الحقير تحبه .... بكل غباء سامحته على افعاله تلك .... تعلم كم تبدو سخيفة .. ضعيفة .. لكنها و بكل بساطة تحبه ....لكن لن تظهر مسامحتها له .. فعليه دفع ثمن معاناتها تلك ولكن ستفعل ذلك وهى بجانبه
يقطع تخيلاتها تلك صوت ما ، اوقف سريان الدماء فى عروقها لتتسمر مكانها وتتوقف عن التفكير للحظات قبل ان يستوعب عقلها حقيقية هذا الصوت لتهرول الى الخارج داعية ربها خطأ ما تظنه بهذا الصوت
لكن
للاسف كان ظنها فى محله فقد كان هذا الصوت لرصاصة انطلقت من سلاح ما واستقرت بصدر زوجها آدم لتراه مستلقٍ على الارض غارقاً بدمائه
.........................
يتبع
•تابع الفصل التالي "رواية عناد الحب" اضغط على اسم الرواية