Ads by Google X

رواية فراشة المقبرة الفصل التاسع عشر 19 - بقلم اسماعيل موسى

الصفحة الرئيسية

 رواية فراشة المقبرة الفصل التاسع عشر 19 - بقلم اسماعيل موسى 

فراشة_المقبرة

19

وقفت زهرة أمام المرآة، عينيها تحدقان في صورتها، لكنها لم تستطع تصديق ما تراه، كانت جسدها، الذي طالما حمل علامات الحروق العميقة والندوب التي تروي قصص الألم، الآن خاليًا من كل أثر لذلك الماضي،كانت الأنسجة قد تجددت، والجلد أصبح ناعمًا وصحيًا، كما لو أن الزمن قد أعادها إلى نقطة البداية.

أصابها شعور غريب، وكأنها لم تعد هي نفسها،كانت تتلمس جسدها بحذر، كما لو أنها تكتشفه لأول مرة، لم تكن مجرد إزالة لعلامات جسدية، بل كانت استعادة لشيء أعمق، شيء كان قد فقد منذ زمن طويل، فقد كان الألم الذي عاشت فيه منذ طفولتها، الذي تراكم في جسدها وعقلها، قد تلاشى الآن.

أغمضت عينيها للحظة، وابتلعت دموعها التي كانت على وشك السقوط، كانت الدموع ثقيلة، لكنها لم تكن دموع الحزن أو الخوف، كانت دموع فرحة، فرحة عميقة دفنت داخلها لسنوات، فرحة لن تفهمها إلا هي،كانت تلك اللحظة، لحظة استعادة قوتها، لحظة تغيير هويتها، هي كل شيء بالنسبة لها.

تنفست بعمق، وكأنها تتنفس لأول مرة منذ سنوات،فجأة، راحت يديها تمسحان وجهها، غير قادرة على كبح دموعها الصامتة، كانت تتأمل كل تفصيل في جسدها، في ملامح وجهها، في يديها الخالية من الحروق التي كانت تميزها، لم يكن الأمر مجرد شفاء جسدي، بل شفاء من آلام الماضي، من الذكريات التي ربطتها دائمًا بالمعاناة.

لم تقتصر مشاعرها على الفرح فقط، بل اختلطت مع إحساسٍ عميق بالتحرر،كانت وكأنها بدأت حياة جديدة، حياة حيث يمكنها أن تتحكم في مصيرها، أن تبنيها بنفسها، بلا أي قيود، شعرت أنها قد تركت خلفها كل تلك السنوات التي عاشتها في ظل الحروق، في ظل الألم الذي كانت تخفيه عن الجميع، حتى عن نفسها.

ركعت على الأرض في صمت، تدعو قلبها للهدوء، لكن الدموع كانت تتساقط دون توقف، كان هذا البكاء مختلفًا،لم يكن بكاء ضعف، بل بكاء انتصار، بكاء على كل خطوة قطعها للوصول إلى هذه اللحظة.
بكاء من الفرح لأن الألم قد انتهى أخيرًا، ولأنها أصبحت هي، وبكل قوة، زهرة جديدة.

ظلّت تنظر إلى المرآة لفترة طويلة، كأنها تنتظر أن تثبت لها الصورة أمامها أن كل شيء قد تغير.
كان هناك شعور عميق بالسلام يملأ قلبها، والسلام الذي كانت تبحث عنه طوال حياتها، في جسد جديد، في روح أقوى، في امرأة قد أثبتت لنفسها أنها تستطيع أن تتجاوز أي شيء.

وفي تلك اللحظة، كانت تعرف شيئًا واحدًا: لم تعد هناك حدود لما يمكنها تحقيقه بعد اليوم.

قدمت زهره بحثها إلى الجامعه، البحث الذى أبهر الاساتذه
لكنهم أكدو على استحالة تنفيذة على أرض الواقع
يحتاج تجارب وتطبيقات الخ
ابتسمت زهره، لم تفصح عن سرها أرادت ان لا يستبيح احد جسدها حتى لو كان من أجل البشريه
تخرجت زهرة من كلية الطب، رغب والدها ان ينشيء لها عياده خاصه
لكن زهره ارادت ان تقبل امر التعيين حيث أن تعيينها فى وحده صحيه بعيده على احد الطرق
بكت نرجس، لم تتقبل فكرة ان تعيش زهره بعيد عنها
قالت إنها ستذهب وتعيش معها ولم تهداء الا بعد أن أقسمت لها زهره انها ستزورها كل أسبوع

حين تلقت زهرة خطاب تعيينها، لم تهتم كثيرًا بالتفاصيل، كان مجرد اسم على الورق، مجرد قرية نائية اختيرت لها، كما اختير لغيرها من الأطباء الجدد مواقع عملهم.
 لم يكن الأمر يعنيها كثيرًا، فما يهمها هو أنها أصبحت طبيبة، وأنها قادرة الآن على صنع فرق، على شفاء الآخرين كما شفت نفسها.

وصلت إلى القرية في صباح يوم ضبابي، حيث امتزجت رائحة الأرض الرطبة بنسائم باردة قادمة من الحقول الممتدة على جانبي الطريق،كانت المنازل متباعدة، بُنيت من الطوب اللبن، وسقوفها من الخشب المجدول بالقش. لم تكن هناك صخب المدينة، لا ضوضاء سيارات، فقط أصوات الطبيعة وهمسات الريح بين الأشجار.

الوحدة الصحية التي ستعمل فيها كانت بناءً بسيطًا، جدرانه بيضاء لكنها تحمل آثار الزمن،لافتة زرقاء باهتة كُتب عليها اسم المركز الطبي كانت معلقة فوق الباب، تتأرجح قليلاً مع الرياح، حين دخلت، استقبلتها رائحة الأدوية المعقمة، ممزوجة برائحة قديمة للخشب والرطوبة.

المكان لم يكن مجهزًا بأحدث الأدوات الطبية، لكنه كان كافيًا، غرف الفحص صغيرة، الأسرة معدودة، والخزانة الحديدية التي تحتوي على الأدوية بدت قديمة، لكنها منظمة بعناية
. لم يكن هناك سوى طبيب واحد آخر وممرضة في الوحدة، بدا عليهما التعب، لكنهما استقبلاها بترحيب دافئ.

"الدكتورة زهرة؟ أخيرًا وصلتِ!" قال الطبيب الآخر، وهو رجل في منتصف الأربعينات، يرتدي معطفًا طبّيًا تآكلت أطرافه قليلاً. كانت نظرته تحمل شيئًا من الراحة، كأن وصولها كان انتظارًا طال أكثر مما ينبغي.

"نعم، وصلت صباحًا." أجابت وهي تلقي نظرة على الملفات المكدسة فوق المكتب الخشبي الصغير.

"لن أكذب عليكِ، العمل هنا ليس سهلاً. المرضى كُثر، والإمكانات محدودة، لكننا نفعل ما بوسعنا."

أومأت زهرة بصمت، لكنها لم تكن من النوع الذي يتراجع أمام التحديات، سارت بين الممرات، تتفحص الغرف، وتُلقي نظرة على الأدوات، تسجل في عقلها كل شيء ستحتاجه لتحسين الوضع هنا.

لم تكن تعلم أن هذه القرية تحمل شيئًا أعمق من مجرد مكان عمل، لم تكن تعرف أنها أقرب إليها مما كانت تتخيل.

 •تابع الفصل التالي "رواية فراشة المقبرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent