رواية عناد الحب الفصل العشرون 20 - بقلم اسماء الاباصيري
20. اعتراف
نراها تهرول مسرعة اليه وتنزل لمستواه فتجده قد غاب عن الوعي بالفعل فيزداد خوفها من احتمالية فقده وفى اثناء هذا ولرحمة الله بهم وصلت اليهم الدادة جميلة وفور رؤيتها لحالهم هذا تسمرت قليلاً ولكن سرعان ما استفاقت واتصلت بالاسعاف لنجدته فلولاها لما انتبهت أسيل لحالهم هذا بسبب صدمتها بما حدث ولفارق هو الحياة بين يديها
لم يمر الكثير من الوقت وهى تحاول افاقته لكن لا فائدة حتى وصلت سيارة الاسعاف اخيراً واخذته الى اقرب مشفى ليدخلوه حجرة العمليات مباشرة نظراً لحالته الحرجة
خارج غرفة العمليات نجد كلاً من الدادة جميلة وأسيل تختلف حالة كلاً منهما عن الاخرى
فالدادة جميلة قد دخلت فى نوبة بكاء مرير خوفاً من فقدان صغيرها والذي سهرت الليالي على راحته و تربيته فهى امه التى لم تنجبه
اما على الجهة الاخرى نجد أسيل حالها عكس حال الدادة فنراها جالسة بهدوء شديد و مخيف على احدى المقاعد تحدق بشرود فى الباب الذي يفصلهم عن الحجرة القابع بها هو يصارع الموت ... مازالت فى حالة صدمة لا ترى امامها سوى نفس المشهد ....آدم مستلقٍ على الارض امامها فاقداً الوعي غارقاً بدمائه
بعد دقائق يصل سيف الى المشفى يبحث عن صديقه فلقد كان على الهاتف معه وهو فى طريقه للخارج بعد مقابلته لأسيل ليتوقف آدم عن الحديث فجأة ويسمع سيف صوت ضوضاء يليه صراخ أسيل بعد لحظات كاد ان يجن لمعرفة مااصاب صديقه ولكن ما من مجيب الى ان اتت الدادة وانتبهت للهاتف الملقى على الارض بجانب آدم لتلتقطه وتخبره بكل ما حدث
واخيراً بعد بحثه عنهم لمح كلاً من الدادة جميلة وأسيل امام غرفة العمليات فأسرع اليهم لسؤالهم عن حاله
سيف بخوف : دادة جميلة ايه اللى حصل ؟ و آدم فين ؟
جميلة ببكاء وانهيار : سيف ...... آدم بيموت .... ابني بيموت ..... قتلوه ...... ياااارب انجده
لم يفهم منها سيف ماحدث فأتجه الى اسيل الهادئة لعله يفهم منها ماحدث فهدوءها هذا يدل على ان صديقه على ما يرام ... اليس كذلك؟
سيف : أسيل قوليلي انتي ايه اللى حصل و آدم فين ؟
لتصمت لحظات جعلته يظن انها لم تسمعه فتجيبه هى بهدوء قبل ان يعيد سؤاله مرة اخرى
أسيل بشرود : آدم كويس ..... جوزى بخير ....... مش عارفة اخدوه جوة ليه ....... مشيرة الى غرفة العمليات ثم نقلت نظرها الى يديها المملوءتين بدمائه واردفت بدموع ......... الدم ده جه منين ........و من ثم تمسكت بذراعه هاتفة بقلق ......... هو كويس ....... مش كده ؟
القت سؤالها عليه بغباء لينظر اليها بشفقة ... هو لم يفهم منها ما حدث لكن اتضحت الرؤية له قليلاً ... صديقه اصيب وهو بغرفة العمليات لاجراء جراحة له
استمر حالهم هذا لخمسة ساعات كاملة ولم يخرج لهم من يطمئنهم على حاله .. وبعد انقضاء نصف ساعة خرج اخيراً الطبيب وهو يذفر الهواء من فمه ثم تنهد بإرتياح قبل ان يسرعوا اليه و فى مقدمتهم سيف وهى خلفه خائفة مما هى على وشك سماعه
الطبيب : اطمنو مفيش داعي للقلق .. انا بعترف ان الحالة كانت حرجة جداً و الرصاصة كانت قريبة الى حد ما من القلب لكن الحمد لله قدرنا ننقذ حياة المريض و هيتنقل دلوقتى لغرفة العناية المركزة لغاية ما يصحى و بعد كده هننقله لاوضة عادية .... عن اذنكم
تنفس كلاً من سيف وجميلة الصعداء في حين اغشي على أسيل وسقطت ارضاً بعد اطمئنانها عليه ليحملها سيف سريعاً الى احدى الغرف و اسرعت جميلة لتنادي احد الاطباء لها
يشعر بالالم فى جميع انحاء جسده ... خاصاً ناحية صدره ... يتنفس بصعوبة ملحوظة بسبب الضمادات.... فيفتح عينيه ببطئ ليطالعه ضوء ابيض مزعج يدفعه لعقد حاجبيه بإنزعاج فيغمض عيناه بسرعة ثم يعاود المحاولة مرة اخري حتى اعتاد الضوء ليرمش عدة مرات يحاول التعرف على البيئة المحيطة به فيستوعب كونه بإحدي غرف المشفى و يتذكر سريعاً ما حدث بعد خروجه من منزل جميلة فقد كان يتحدث مع سيف على الهاتف قبل ان يلاحظ سيارة سوداء واقفة على بعد امتاراً قليلة من المنزل وما جعله يرتاب بشأنها هو ملاحظته انها لم تكن تحمل ارقاماً وقبل ان يُقدم على اى فعل لمعرفة ما وراءها وجد من يخرج يديه من نافذة السيارة يحمل بها سلاحاً ويطلق عليه الرصاص ليسقط هو غارقا بدمائه .... حاول كثيراً عدم فقدان وعيه خوفاً من ان يكون هدفهم ايذاء أسيل ايضاً لكنه لم يستطع البقاء واعياً لمدة طويلة فلقد شعر بالظلام يحيطه من كل جانب الى ان سقط فى اللاوعي
فور تذكره ما حدث بالتفصيل انتفض من سريره سريعاً محاولاً النهوض ليهب كلاً من سيف وجميلة من مكانهما ويسرعان اليه محاولان ايقافه فهما لم يكونا قد انتبها بعد لاستيقاظه
سيف بسعادة : آدم انت فوقت .. الحمد لله يارب ... قلقتنا عليك يا عم انت .... حاسس بإيه ؟
جميلة بسرعة : انا هروح انادي الدكتور حالاً
فيحاول آدم النهوض مرة اخرى لكن يعاود سيف ايقافه
سيف : آدم ؟ اهدي شوية ... قايم رايح فين ؟ قولى بس عايز ايه و انا اجبهولك ؟
ليرد اخيرا فى خفوت
آدم بتعب : أسيل ..... هي فين ؟ ...... حصلها حاجة ؟؟ ..... هي كويسة ؟
ليعقد سيف حاجبيه بإستغراب مجيباً
سيف : أسيل ؟ ايه اللى هيحصلها ؟ متقلقش هي تمام بس.........
ليقاطعه دخول الطبيب ويقوم بالفحوص الروتينية ليخبرهم انه على مايرام فقط يحتاج للبقاء اسبوعا ليكون تحت رعايتهم ويتماثل للشفاء ليستأذن بعد ذلك ويغادرهم
آدم بنفاذ صبر : انطق بقى .. هي فين ؟ ولو فعلاً كويسة مش شايفها هنا ليه
لينظر كلاً من جميلة وسيف لبعضهما البعض قبل ان تجيب جميلة
جميلة : حبيبي متقلقش هي مفيهاش حاجة ... بس ... ضغطها وطي بعد اللى حصلك و الدكتور عطاها دوا و هي نايمة دلوقتى فى اوضة جنبك
ليهدأ اخيراً ويستلقى بهدوء على سريره مرة اخري متألماً بسبب جرحه
بالغرفة المجاورة استيقظت أسيل على صوت ممرضتان يغيران لها المحلول لتنهض بسرعة من مكانها وتشرع بنزع ابرة المحلول من يدها وسط تذمرات الممرضتان معاً لتتجاهلهم متجه الى غرفة آدم فتأخذ نفساً عميقاً قبل ان تفتح الباب وتدخل
جميلة : حمد لله على سلامتك ايه اللى جابك بس مش الدكتور قال لازملك راحة
لتتجاهل أسيل حديثها هذا وتتجه سريعاً بأنظارها نحو آدم تطالعه بلهفة وخوف وقلق فتسرع ناحيته وتردف
أسيل : انت صحيت .. عامل ايه ؟ .... حاسس بإيه ؟؟؟ .... موجوع ؟ ........مش بترد عليا ليه ؟؟؟ ...... لحظة هنادي الدكتور
وتتركه متجهة للخارج لكن اوقفتها يده التى امسكت بمعصمها لتنظر اليه بلهفة فتجد ابتسامة واسعة على محياه ويجيبها بخبث
آدم : قلقانة عليا .... يعنى سامحتني
لتجيب هى دون تفكير
أسيل بدون تفكير : طبعاً سامحتك ... كنت هموت من الخوف بعد اللى حصلك
لتتسع ابتسامته وينظر كلاً من جميلة و سيف لبعضهما البعض قبل ان ينسحبا بهدوء من الغرفة
احتاجت أسيل عدة لحظات لتستوعب ما تفوهت به للتو
اتسعت حدقتا عينيها ووضعت يدها الحرة على فمها ثم قامت بسحب يدها الاخرة من بين كفه لتضعها هى الاخري بجانب نظيرتها على فمها ورجعت خطوتان الى الوراء ليتحدث هو بخبث
آدم : مكنتش اعرف انك بتحبيني للدرجة دي ...... تعرفي .. طول فترة جوازنا مسبقش انك بينتى قلقك عليا او اهتمامك بيا...... واضح ان الموضوع يستحق انى اتصاب برصاصة فى صدري ..... طلع ليها فايدة اهو
لتقول هى بسرعة محاولة تغيير الموضوع
أسيل : انت جوزي قدام الكل عشان كده كان لازم اقول كده قدامهم ....... سيف بيه و دادة كانو هنا من شوية
آدم بإبتسامة : دادة جميلة و سيف الاتنين عارفين الحقيقة كلها
لتصمت هى لفترة ثم تردف بحدة
أسيل بحدة : و على سيرة سيف باشا ..... حكاية انه مجرد عميل كانت تمثيلية برضو ضمن خطتك مش كده ؟؟؟
ليذفر هو فى ملل
آدم بتهكم : يا بنتى انتى ايه .... وظيفتك هى انك تبوظى اى لحظة رومانسية بينا ...... بالله عليكي يا ستى حاولى مرة واحدة بس تنسي اللى عملته و لو لدقايق حتى ....... حطى فى اعتبارك حتى انى راجل مصاب و محتاج اهتمام و رعاية و معاملة خاصة
قال جملته الاخيرة بحب و وله و شغف ليغمز لها بإحدى عينيه عند كلمة " معاملة خاصة " لتنظر له فى استنكار تكتم ضحكة تكاد تفلت منها
آدم بمرح : طلعيها طلعيها .... احياة عيالك يا شيخة متحرمنيش منها
لترتسم ابتسامة خجولة على محياها ليهتف هو
آدم بسعادة : طب والله ده يوم سعدي
ليهتف صوت اخر وهو يدلف الى الغرفة مرة اخرى
سيف : آسف للمقاطعة بس فى فرد من البوليس بره جه عشان ياخد اقوالك
لتتحول ملامح آدم العابثة تلك الى اخري جدية ويبدو التفكير مسيطر عليه للحظات ليومأ هو موافقاً على السماح لهم بالدخول وتنهض أسيل للمغادرة لكن يوقفها مطالباً اياها بالبقاء بجانبه
يدلف الى الغرفة عدد من افراد الشرطة يرأسهم شخصاً تعرفت عليه أسيل فور رؤيته لتهتف
أسيل : عمر ؟ ايه اللى جابك ؟
عمر بإبتسامة : اهلاً أسيل ... ازيك ؟ ......انا المسئول عن القضية دي وجيت اخد اقوال آدم باشا
لتبادله الابتسامة
أسيل بخجل : اهلاً عمر انا تمام الحمد لله ...... اسفة بس انا اتفاجئت بوجودك مش اكتر
عمر : ولا يهمك انا كمان عرفت انها قضية جوزك و انا فى الطريق
ليوجه حديثه بعد ذلك الى آدم
عمر : حمد لله على سلامتك آدم باشا .... ها ياترى حالتك تسمح بالكلام و انك تحكيلنا ايه حصل بالظبط
آدم بسخرية وتهكم غاضب : لا والله السؤال الصح هو هل حضرتك فاضي عشان تاخد اقوالى .. اصل واضح انك مشغول بالكلام مع المدام بتاعتى
ليتفاجأ كلاً منهما من قول آدم ذاك لكن فهمت أسيل سريعاً سبب غضبه وارتسمت ابتسامة واسعة على محياها فلقد وجدت للتو ضالتها
وجدت طريقها للانتقام من زوجها العزيز السيد آدم حلمي الشناوي
.......................
يتبع
•تابع الفصل التالي "رواية عناد الحب" اضغط على اسم الرواية