Ads by Google X

رواية نصيبي في الحب الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم بتول عبد الرحمن

الصفحة الرئيسية

   رواية نصيبي في الحب الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم بتول عبد الرحمن 

#نصيبي_في_الحب

مروان دخل شركة الدمنهوري بخطوات واثقة، هالته كانت مليانة هيبة وثقة، وكل اللي في الاستقبال وقفوا باحترام وهو عدى بينهم، كان لابس بدلة سودا مفصلة عليه بإتقان، ووشه مكنش باين عليه أي مشاعر، لكن عنيه كانت بتلمع بنظرة كلها تصميم.
دخل على السكرتارية، وبمجرد ما شافته قامت بسرعة وقالت باحترام "صباح الخير يا فندم، الأستاذ أشرف مستني حضرتك في مكتبه."
اكتفى بهزة بسيطة من راسه وكمل طريقه، فتح باب المكتب بثقة ودخل، لقى والده قاعد وبيبصله بنظرة تقييمية.
مروان قفل الباب ووقف قدامه من غير مقدمات وقال " وفيت بوعدي وجيت اهو"
أشرف سكت لحظة، بصله بنظرة طويلة قبل ما يتنهد ويقول بصوت هادي لكن متوتر "الشركة بتمر بمرحلة صعبة، ولازم حد يسندها."
مروان رفع حاجبه بسخرية خفيفة وقال
"وإنت شايف إن أنا الشخص المناسب بجد، انت عارف اني مليش في شغل الشركات، دايما بتقول أن محدش يجيب دماغك في الشغل "
أشرف اتكئ على مكتبه بإيده، واضح إنه مش في موقف يسمح له بالغرور أو العناد، وقال بنبرة اعتراف "اللي حصل خلاني أعيد تفكيري، مروان... أنا مش عايز الشركة تقع."
مروان قرب منه أكتر، نبرته كانت ثابتة، واثقة، لكن فيها تحذير واضح "أنا ممكن أرجّع الشركة وأوقفها على رجليها، بس لما أخد مكاني بالكامل، مش مساعد، مش مجرد ابن صاحب الشركة... أنا اللي هيديرها فعليًا."
أشرف حرك أنظاره بعيد، كأنه بيقاوم فكرة تسليم زمام الأمور كلها، لكنه في الآخر عرف إنه مش قدّ المواجهة دي، بعد لحظة صمت، قال بصوت شبه مستسلم "الشركة شركتك، ورّيني هتعمل إيه."
مروان ابتسم، ابتسامة انتصار خالية من الرحمة، وقال بهدوء "متقلقش، هتشوف كل اللي عمرك ما قدرت تعمله."
أشرف بصّله بصة طويلة، مزيج من التردد والرهبة، لكنه في النهاية هزّ رأسه باقتناع ضمني، كان عارف إن مروان عنده نظرة مختلفة، قوة مختلفة، والأهم… رغبة في إنه يثبت نفسه حتى لو على حساب أي حد
مروان ما استناش إذن تاني، لفّ حوالين المكتب وقعد على الكرسي الجانبي بثقة، فتح اللاب توب الخاص بيه وقال بدون ما يبص لأشرف "أول حاجة لازم نعملها، إننا نعيد هيكلة الشركة، نحدد الناس اللي فعلاً شغالين، واللي بياخدوا مرتبات على الفاضي."
أشرف عقد حواجبه وقال بحدة "إنت ناوي تمشي ناس؟! دول بقالهم سنين هنا، فيهم ناس وقفوا معايا من البداية."
مروان رفع عينه بثبات، وقال بجفاف
"وأنا مش ناوي أشيل حملة عاطفي على كتافي، الشركة محتاجة تبقى أقوى، مش أضعف بسبب المجاملات، أي حد مالوش فايدة... لازم يمشي."
أشرف فضل ساكت، كان متأكد إن مروان مش بيتكلم من فراغ، لكنه في نفس الوقت مش قادر يتقبل طريقته القاسية بسهولة
مروان كمل، وهو بيكتب ملاحظاته على اللاب توب
"تاني خطوة، هنعمل تعديل في العقود الجديدة، وهنبدأ حملات تسويقية مختلفة، السوق متغير، وإحنا لو ما اتغيرناش، هنخسر أكتر مما خسرنا الفترة اللي فاتت."
أشرف حط إيده على المكتب، اتنهد وقال "إنت مش ناوي تتراجع عن أي خطوة؟"
مروان ضحك بسخرية خفيفة، قفل اللاب توب وقال "أنا جيت علشان أخد مكاني... مش علشان أتراجع."
وقف وهو بيظبط كمه، بصّ لوالده بنظرة حادة قبل ما يسيب المكتب ويمشي
أما أشرف، ففضل قاعد مكانه، عارف إن ابنه بدأ اللعب فعلاً، وإن من اللحظة دي... مروان الدمنهوري مش هيكون مجرد اسم، بل قوة حقيقية في عالم الأعمال

يوسف كان قاعد في الجنينه، السما كانت ملبدة بالغيوم كأنها حاسة باللي جواه، كان ماسك اللابتوب، عينيه بتتنقل بين الملفات المفتوحة، بس تركيزه كان في حتة تانية خالص، بعد دقايق من المحاولات الفاشلة للتركيز، قفله بملل واتنهد وهو بيسند راسه على الكرسي.
حاسس إنه مهموم، الحمل اللي على كتافه بقى تقيل، ومهما حاول يرتب الأمور، فيه حاجة دايمًا مش مظبوطة، بس الغريب إنه فجأة لقى نفسه بيفكر في نور
هي عاملة إيه دلوقتي؟ بتذاكر؟ بتتكلم مع داليا زي العادة؟ ولا نايمة؟
ابتسامة خفيفة اترسمت على وشه من غير ما يحس، نور بقت جزء من يومه من غير حتى ما يقصد، وجودها، صوتها، حتى طريقتها في الجدال معاه... كل حاجة فيها بقت عالقة في ذهنه.
هو ليه بقى مهتم كده؟!
عدل قعدته ومسح على وشه كأنه بيطرد الأفكار اللي شاغلة دماغه، بس في الآخر قرر يستسلم لها، مدّ إيده ناحية اللابتوب، لكنه بدل ما يرجع للشغل، سحب تليفونه ورن عليها 
بعد كذا رنه ردت عليه بهدوء "ألو؟"
اتعدل في قعدته وقال بصوته الهادي المعتاد "إيه الأخبار؟ بتعملي إيه؟"
نور ردت بنبرة شبه مرهقة "كويسة، كنت بذاكر شوية."
يوسف ابتسم بخفة وسألها وهو بيتكئ على الكرسي "طب وإيه رأيك تفصلي شوية؟ تعالي ننزل الجنينه، الجو حلو."
نور سكتت للحظة قبل ما ترد بتردد "دلوقتي؟"
يوسف رفع حاجبه وقال بثقة "أيوة، دلوقتي، مش أنتي اللي بتقولي لازم ناخد بريك وإلا مخنا هيوقف؟"
سمعها وهي بتتنهد، كأنها بتحاول تقنع نفسها قبل ما تقول بصوت هادي "طيب، نازله"
يوسف ابتسم وهو بيقفل التليفون، مكانش فاهم إيه اللي خلاه يطلب منها تنزل، بس اللي هو متأكد منه إنه كان محتاج يشوفها

نور نزلت للجنينة وهي بترجع خصلات شعرها ورا ودنها، كانت لسه حاسة ببقايا الإرهاق من المذاكرة، بس برضه كان عندها فضول تعرف يوسف عايز إيه، أول ما قربت منه، لقيته قاعد على الكرسي مميل راسه لورا وعينيه مغمضة كأنه شارد
وقفت قدامه وقالت بصوت هادي "يوسف!"
فتح عينه وبصلها بابتسامة خفيفة، وبعدها عدّل قعدته وقال وهو بيشاور على الكرسي اللي جنبه "تعالي اقعدي، كنتِ بتذاكري إيه؟"
قعدت قدامه وقالت "سيستم، حاساها تقيلة شوية."
يوسف ضحك بخفة وقال "دي مش جديدة، كل امتحان بتقولي نفس الكلام."
نور زفرت بضيق وقالت "ماهو على قد ما بذاكر، على قد ما دايماً بحس إني مش فاهمة حاجة كفاية."
يوسف اتكأ على الكرسي وقال بنبرة جدية "مشكلتك إنك بتذاكري كتير بس مابتحليش كتير، جربي تحلي أسئلة أكتر وهتشوفي الفرق."
نور بصت له بتأمل وقالت "إنت بتعمل كده؟"
ضحك وقال بثقة "أكيد، عشان كده دايماً بطلع الأول."
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر "دايماً؟"
يوسف هز راسه بنفس الثقة وقال "طبعاً، ولا عمركِ سمعتي إني كنت التاني؟"
نور ضحكت وقالت وهي بتميل براسها
"طيب يا أذكى واحد في العالم، قولي بقا، نزلتني ليه؟"
يوسف بص قدامه بصمت للحظة، وبعدين قال بهدوء "مكنتش عايز أقعد لوحدي."
نور اتفاجئت بردو وسألته بنبرة أهدى "حصل حاجة؟"
يوسف لف وشه وبصلها، ابتسم ابتسامة صغيرة وقال "لاء، بس ساعات الواحد بيحتاج حد يقعد معاه... من غير كلام حتى."
نور بصتله للحظة، وبعدها سكتت 
عدى شوية صمت قطعه يوسف وهو بيلعب بطرف القلم اللي في إيده، وبعدين قال بصوت هادي لكنه مشحون بالتفكير
"حاسس إني مقصر ناحية هبة... حاسس إني عايز أخرجها من اللي هي فيه."
نور فضلت ساكتة، بتسمعه من غير ما تعلق، يوسف بصلها وسألها بجدية "تفتكري ممكن أعمل إيه معاها ينسّيها اللي حصل؟"
نور اتنهدت قبل ما ترد، بصت بعيد وقالت بهدوء "أكيد نصايحي مش هتعجبك... ومعتقدش إنك عايزني أتدخل."
يوسف رفع راسه وبصلها، ضيق عينه بإحباط وقال بنبرة متضايقة "نور، إنتي لسه فاكرة؟ قلتلك مكنتش قاصد أقولك كده."
نور ردت بنفس النبرة الهادية، لكنها كانت حاسمة "وأنت طلبت مني كده وخلصنا."
يوسف اتنرفز، شد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على غضبه، لكنه فقد السيطرة ورفع صوته وهو بيقول "أنا مطلبتش كده! أنا قلت كلام مش قاصده في وقت عصبية، واعتذرتلك، وإنتي برضو مصممة تضايقيني!"
نور بصتله بثبات وقالت ببرود واضح "أنا مش بضايقك، بس بسمع كلامك... مخليّة نصايحي لحد تاني."
يوسف حرك رجله بعصبية وزق الترابيزة برجله، وقع اللابتوب على الأرض بصوت عالي ،نور اتخضّت، عينها راحت للابتوب للحظة، وبعدها رفعت عيونها له، لكنه كان واقف ومتشنج، غاضب بشكل واضح، خد نفس عميق، وبصلها نظرة أخيرة قبل ما يقول بنبرة جافة وقاطعة "ماشي يا نور... براحتك خالص، خلي الحد التاني ينفعك."
سابها ومشي، سابها قاعدة وسط الصمت اللي كان تقيل زي الصخر، وهي متجمدة مكانها، بتراقب ضهره وهو بيختفي بعيد عنها.
نور فضلت قاعدة في مكانها بعد ما يوسف مشي، قلبها مقبوض وإحساس غريب بيضغط على صدرها، بصّت للأرض بشرود، وحسّت بندم غريب بيخنقها.
"ليه قلتله كده؟ ليه حسسته إني متعمدة أضايقه؟"
رفعت إيديها وسندت راسها عليهم، أخدت نفس عميق وهي بتحاول تهدى، بس عقلها كان شغال بأقصى طاقته.
"هو كان عايز نصيحتي، وأنا... أنا عملت إيه؟ رديت عليه ببرود وكأني بتجاهله، مع إنه واضح إنه مهموم ومش عارف يتصرف!"
اتكت على الكرسي بضهرها، وغمضت عيونها لحظة، تحاول تستوعب الموقف أكتر، فاكرة كويس نبرة صوته لما قال "خلي الحد التاني ينفعك"... كانت تقيله عليها
"ليه حسيته صدمني بالكلمة دي؟ وليه حاسّة إن اللي حصل ده غلط؟!"
بصت قدامها بتوتر، كانت عايزة تقوم وتلحقه، تعتذر أو حتى تشرح له إنها مكانتش تقصد تعانده
نور قامت بسرعة وهي بتدور بعينيها على اللابتوب اللي وقع لما يوسف زق الترابيزة برجله، قلبها كان مقبوض أكتر وهي بتقرب منه، حست إنها لازم تتأكد إنه سليم، يمكن لأنها حست بالذنب... أو يمكن لأنها عارفة قد إيه يوسف متعلق بشغله.
انحنت ترفعه، نفخت شوية تراب كان عليه، وفتحته بحذر. الشاشة اشتغلت، بس كان فيه شرخ صغير في الركن، اتنهدت بضيق، يوسف أكيد هيزعل لو شافه كده
"أنا السبب في ده... لو مكنتش رديت عليه بالطريقة دي، مكنش هيتعصب، ومكنش حصل كل ده!"
فضلت واقفة للحظة وهي ماسكة اللابتوب، عينها على المكان اللي يوسف اختفى فيه. جزء منها كان عايز يروح له فورًا، تعتذر وتوضح له إنها مكانتش تقصد تتجاهله... بس جزء تاني كان خايف، خايف يصدّها أو يفضل زعلان.
اتنهدت تاني، وضمت اللابتوب لحضنها وهي بتهمس لنفسها
"لازم أتكلم معاه...!"

نور راحت تدور على يوسف، لاقته واقف بعيد، ملامحه كانت متوترة وكان مخنوق، قربت منه بحرص، ندهت عليه بصوت واطي "يوسف..."
لفلها بسرعة، نظراته كانت حادة وقال ببرود "لاء، مش وقت نقاش، خلاص."
لكنها مستسلمتش، قربت أكتر وقالت بصوت هادي "أنا آسفة."
كور إيده بغضب وزفر بحدة "امشي يا نور، روحي شوفي وراكي إيه."
فضلت واقفة قدامه، عنيها بتدور على أي لمحة من اللي كان بينهم
"يوسف، أنا مكنش قصدي أضايقك... بس أنت اللي طلبت مني متدخلش في أي حاجة تخصك."
زفر بضيق، باصص بعيد عنها كأنه مش عايز يشوفها "أنتِ مصممة على اللي في دماغك، فاتفضلي!"
هزت راسها بإصرار، عنيها مليانة عتاب "لأنك مشوفتش نفسك يومها كنت بتكلمني إزاي، وبتبصلي إزاي... متعرفش أنا حسيت بإيه وقتها، حسستني إني ولا حاجة بالنسبالك."
سكتت لحظة، وكأنها بتجمع شجاعتها تكمل، وبصوت أوطى قالت "وأنا فعلاً ولا حاجة، وانت وقتها أكدتلي ده، لأن ببساطة... أنا مجرد بنت عادية جداً بالنسبالك، بحاول متخطاش حدودي وأنا مجرد واحده عاديه متطفله"
جت تمشي بس شدها من دراعها وقرب من شفايفها وباسها، باسها باشتياق، باسها بحب، باسها بنهم، حركه مفاجئه وكأنه بيقولها هيا ايه بالنسباله ،نور اتفاجئت، حاولت تبعد بس هو مسمحلهاش وكان حاكمها، ارتخت تماما واتجاوبت معاه وحست انها في دنيا تانيه وعالم تاني
كل حاجة وقفت للحظة... مفيش غير إحساسه اللي حاصرها، نظرته اللي مليانة مشاعر متدفقة، ودفء قربه اللي هز كيانها، كانت حاسّة بقلبها بيدق بسرعة، بجنون، وكأن اللحظة دي أخدت كل عقلها معاها، كانت عايزة تقاوم، تهرب، تقول إن ده غلط... بس مكنتش قادرة، الدفء اللي حاصرها، المشاعر اللي انفجرت جوّاها، والطريقة اللي يوسف ماسكها بيها، كلها حاجات خلتها تنسى العالم حواليها.
فجأة، وكأنها استوعبت، زقت يوسف بعيد عنها، عنيها مليانة ارتباك وصدمتها واضحة، رفعت إيدها لشفايفها وهي مش مصدقة اللي حصل، وهي لسه حاسة بإحساسه عليها.
"إنت..."
كان واقف قدامها، ملامحه مش مفهومة، مزيج غريب بين الغضب، التوتر، والشوق. كان واضح إنه متلخبط زيها تمامًا، يمكن أكتر، خد نفس عميق، كأنه بيحاول يلم شتاته، ومسح على وشه بايده
"أنا... أنا آسف."
كلمته نزلت على قلبها تقيلة، ليه بيعتذر؟ ليه صوته متوتر كده؟ ليه كل حاجة بينهم دايمًا معقدة؟ حسّت بدموعها على طرف عنيها، مش عارفة حتى ليه بتعيط.
هزّت راسها بسرعة وقالت بصوت مهزوز
"لأ... مش مفروض ده يحصل، أنا مش..."
مكملتش، لفت بسرعة ومشيت، أو بالأصح، جريت بعيد عن المكان، بعيد عن يوسف، بعيد عن الإحساس اللي هي مش قادرة تفهمه ولا تواجهه.
أما يوسف، ففضل واقف في مكانه، عيونه بتلمع وهو بيبص لمكانها، عارف إنه غلط، عارف إنه لغبط الدنيا أكتر، بس الأكيد، إنه مش ندمان.

نور دخلت أوضتها بسرعة وقفلِت الباب وراها، ضهرها اتسند عليه وكأنها فقدت قدرتها على الوقوف، رفعت إيديها وحطتها على شفايفها، المكان اللي يوسف لمسها فيه، ولسه الإحساس باقي.
كانت حاسّة بدقات قلبها بتخبط في صدرها، إحساس غريب، متلخبط، مش قادرة تحدد إذا كانت خايفة، متضايقة، ولا... حاجة تانية مش قادرة تسميها، عقلها بيعيد المشهد من جديد، عيونه، لمسته، الطريقة اللي مسكها بيها، وكأنها كانت ملكه، وكأنها فعلاً حاجة مهمة بالنسباله.
عضّت على شفايفها وغمضت عيونها تحاول توقف دماغها عن التفكير، لكن فجأة لقت دموعها بتنزل، دموع مش عارفة سببها بالظبط، هل لأنها مصدومة؟ ولا لأنها اكتشفت إن مشاعرها تجاه يوسف أعمق بكتير من اللي كانت بتقوله لنفسها؟
قربت من سريرها وقعدت عليه، دموعها بتنزل في صمت، مش عارفة حتى ليه وجعها ده كله، كل اللي كانت متأكدة منه إن اللي حصل مش مجرد لحظة عابرة... لا، ده شيء هيغير كل حاجة.

عدّت أيام ونور حرفيًا كانت مختفية، لا بتظهر قدامه ولا حتى بيشوفها بالصدفة زي الأول، كأنها عاملة حاجز بينه وبينها، كأنها بتتجنب وجوده بأي شكل، يوسف حسّ بيها، حسّ إنها بتتهرب، وده زوّد توتره
في الأول حاول يقنع نفسه إنها صدفة، وأنها اكيد مشغوله، بس مع مرور الأيام، بدأ يستوعب إن ده مش صدفة، دي متعمّدة تختفي، بتهرب 
كل مرة يدخل الجنينة، كانت مش موجودة زي ما بتبقى معظم الأوقات، كل مرة يسأل حد عنها، كانت إما في اوضتها بتذاكر أو في كليتها بتمتحن، وكل مرة يبعتلها رسالة مكانتش بتشوفها اصىلا ولا بترد على اتصالاته، يوسف حسّ بفراغ غريب، كأن في حاجة ناقصة، حاجة اختفت من يوم ما نور قررت تبعد.
وفي يوم، وهو راجع من شغله، معدّي في الطرقه لمحها من بعيد، كانت واقفة مع هبة بتتكلم، ضحكت ضحكة خفيفة، لكنه لاحظ إنها مش ضحكتها العادية، كانت مجاملة أكتر منها طبيعية، وقف للحظة، يفكر، هل يروحلها؟ ولا يسيبها في بُعدها؟ لكنه عارف نفسه… وعارف إنه مش هيسكت على الوضع ده أكتر.

نور أول ما شافت يوسف، قلبها اتقبض تلقائي، حست بتوتر غريب، كأنها مش قادرة تواجهه بعد كل اللي حصل، بسرعة استأذنت من هبة بحجة إنها تعبانة وراحت أوضتها، قفلت الباب ووقفت وراه تحاول تلم أفكارها
يوسف من بعيد كان متضايق، كان متأكد إنها هربت منه تاني، وإنها مش ناوية تديه فرصة حتى يوضّح أي حاجة، زفر بضيق،
فضل واقف في مكانه لحظات، يفكر… هل يسيبها على راحتها؟ ولا يواجهها غصب عنها؟ بس هو مش متعود يستسلم بسهولة، مش متعود يسيب حاجة توجعه ويفضل ساكت
بخطوات ثابتة، اتحرك ناحية أوضتها، وقف قدام الباب، رفع إيده… وخبط.

نور كانت واقفة ورا الباب، قلبها بيدق بسرعة أول ما سمعت الباب بيخبط، خدت نفس عميق وهي بتحاول تهدي رعشة إيديها، لكن مكانها كان ثابت، مش قادرة تتحرك
يوسف خبط تاني، المرة دي بصوت أوضح، وقال بنبرة هادية لكن فيها إصرار "نور… افتحي."
فضلت ساكتة، عقلها بيحاول يلاقي أي مخرج، لكن مفيش، يوسف واقف بره ومش هيمشي.
عدت ثواني وهو لسه واقف مستني، ولما فقد صبره قال بصوت أهدى بس حاسم "مش هفضل واقف كده طول اليوم، افتحي الباب يا نور."
لحظة تردد، وبعدها إيديها اتحركت لوحدها، فتحت الباب ببطء، وعينيها كانت هربانة منه، مش قادرة تبصله.
اول ما فتحت دخل وقفل الباب، وقف قدامها، عيونه بتدور في ملامحها كأنه بيدور على إجابة، بصوته كان أهدى لكنه واضح "هربتي ليه؟"
نور عضت شفايفها بتوتر، مكنتش عارفة ترد تقول إيه، الحقيقة كانت واضحة بس مش قادرة تواجهها، مش قادرة تواجهه هو
كرر سؤاله بهدوء "هربتي ليه يا نور؟"
رفعت عينيها أخيرًا وبصتله، كان فيه حاجات كتير جواها، خوف، قلق، توتر… ومشاعر تانية مش قادرة حتى تسميها قالت بصوت واطي "مكنتش هعرف أبص في وشك."
رفع حواجبه وقال "ليه؟ علشان اللي حصل؟"
اتوترت أكتر، قلبها بيدق بسرعة، وقالت وهي بتحاول تبعد الموضوع عنها "يوسف… أنا مش عايزة اتكلم"
قرب منها خطوة، وكان صوته فيه إصرار أكتر "لا، هنتكلم، انتي مختفية بقالك أيام، مش بتردي عليا، مش عايزة حتى تبصي في وشي، ده معناه حاجة واحدة… انك خايفة من اللي حصل، صح؟"
اتنهدت وحاولت تحافظ على هدوئها، لكن صوتها طلع مهزوز وهي بتقول "أنا مش خايفة… بس—"
قاطعها بسرعة، عيونه كانت مثبتة عليها وكأنه شايف كل حاجة بتحاول تخبيها "بس إيه يا نور؟"
اتوترت أكتر، دموعها لمعت في عنيها، وقالت بصوت واطي "مش قادرة أفهم، مش قادرة أستوعب اللي حصل… ومش عارفة ده معناه إيه!"
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بهدوء "معناه إن اللي بينا مش عادي، وإنت عارفة ده كويس."
قالت بتوتر "يعني إيه؟"
قرب منها بخطوات هادية، مسك إيديها اللي كانت متلجة من التوتر، وضغط عليها برفق، وكأنه بيحاول يطمنها، وقال بصوت ثابت وواضح "يعني حب… اللي حصل ده مش بيدل غير على حاجة واحدة، وهي الحب."
شهقت بهدوء وهي بتحاول تستوعب كلماته، عيونها كانت مليانة اضطراب، قلبها بيخبط في صدرها، مش قادرة تستوعب اللي سمعته، حاولت تسحب إيديها، لكنه ماسكها بإصرار ممزوج بحنان.
قالت بصوت مهزوز "يوسف… إنت بتقول إيه؟"
بصلها بعمق، كأنه شايف جوة قلبها أكتر منها، وقال بنبرة مفيهاش تردد "أنا بقول الحقيقة، نور… إحنا الاتنين عارفين ده، مهما حاولتي تهربي، مش هتقدري تغيّري اللي بينا."
نزلت عيونها للأرض، مش قادرة تواجه نظرته اللي كلها يقين، عقلها كان مشوش، بس قلبها كان بيرفرف بخوف… وخجل.
رفع وشها وبص لعينيها، عيونه مكنش فيها غير الصدق، وضغط على إيديها أكتر، وقال بصوت دافي لكنه حاسم "أنا بحبك يا نور."

 •تابع الفصل التالي "رواية نصيبي في الحب" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent