Ads by Google X

رواية وجوه في العتمة الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم منة ممدوح

الصفحة الرئيسية

    

رواية وجوه في العتمة الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم منة ممدوح

 
ءطلعت على أوضتها بسرعة من غير ما حد ياخد باله، كان ما زال فيه جلبة تحت بسبب اللي حصل، فاطمة اللي كانت بتصرخ باسم ابنها في حالة انهيار، عهود وزوجات اخواته وولاد عمه، اخواته اللي قلبوا الدنيا عشان يفهموا إيه اللي بيحصل
أما هي فكانت مشتتة تمامًا، جواها مشاعر متضاربة، قفلت الباب وسندت عليه بضهرها وهي بتتنفس بعنف، اتحركت وقعدت على السرير بتعب، شردت في الفراغ، صورته وهما واخدينه،
نظراته الشامخة،
صراخ فاطمة المستمر،
انفعال اخواته
صوت عربيات الشرطة
نظراته
عامر بيضيع
نظراته
شكله وهما واخدينه
و….
نظراته
حطت إيديها الاتنين على أذنها بملامح منكمشة، مش قادرة تتحمل كم الاصوات اللي في دماغها، الشتات اللي هي فيه مش متحملاه
ليه موجوعة وليه خايفة عليه!
هي كانت مستنية ده من زمان
هي جت عشان تنتقم منه واقسمت إنها هتدخله السجن
ليه موجوعة دلوقتي!
اتمددت على السرير وهي منكمشة في وضع الجنين وضامة نفسها، كل اللي في بالها هي صورته، لوهلة حست بإنهم بياخدوا جزء منها وماشيين
لوهلة حست بالبرودة لما بعد عنها
وكل ما تدرك إنها بقت في البيت لوحدها بتزداد الغصة في صدرها
البيت بالنسبالها كان وجود عامر!
****

وصلوا لقسم الشرطة، نزل عامر وحواليه رجال الشرطة، ووراه اخواته وولاد عمه وكمان أعمامه اللي كانوا بيلاحقوه بعربياتهم، بالنسبالهم عامر هو عمود العيلة الرئيسي
من غيره كلهم ضايعين!
دخل لجوا غير سامحين ليه بإنه يتكلم مع أي حد وكانوا متحفظين عليه، ومنها لغرفة وكيل النيابة، ووراه محامي العيلة اللي كلمه حمد
دخل عامر وقعد على الكرسي قدام وكيل النيابة اللي كان يعرفه فهو نفس الشخص اللي كان بيحاول يمسك عليه حاجة طول الفترة اللي فاتت خاصة يوم ما اتمسكت الشحنة وأنكر السائق علاقة عامر بيه
ريح ضهره على الكرسي وهو بيبصله بنظرات باردة استفزت التاني، ولكن حافظ على ابتسامته وهو بيقول_نورتنا يا عامر
اتمنى مكونش ضايقتك لما جيبتك هنا
رفع عامر نظره ليه وهو بيقول_أنتَ عارف إن اللي سويته هذا غلط مش كذه؟
زادت ابتسامة النائب وقال_أنتَ بالنسبالي واحد مشتبه بيه، فين الغلط في كده؟
أنا هنا بحقق القانون
انفلتت ضحكة عامر وهو بيشيح بنظره عنه، ثقته الزيادة وغروره كانوا مستفزين النائب
هو عارف كويس مين عامر الزيات وعارف هو إيه ولكن مكانش عارف يمسك عليه حاجة.
وقصاد الحرب الباردة اللي حاصلة في المكتب اتقدم المحامي وأعطى الكارنيه بتاعه للنائب وهو بيقول_عبدالرحمن حافظ
حاضر هنا لموكلي عامر سالم الزيات
شاور ليه النائب يقعد، فاتكلم المحامي_ممكن أعرف عامر هنا بتهمة إيش؟!
شبك النائب إيديه في بعض، وشاور لكاتب العدل اللي كان جنبه عشان يركز في النقاش اللي هيبدأ بينهم وقال_وصلتلي مصادر بتقول إن عامر متهم بحيازة الأسلحة الغير مرخصة، ده غير إنه متهم بالإتجار في المواد الممنوعة، وكمان متهم في قتل شخص لقيناه مدفون في الصحراء بدون اثباتات واللي بعدين وصلنا في البلاغ إنه المفروض واحد من رجالة عامر.
ضحك عامر بسخرية وكإنه مش فارق ليه كل اللي اتقال، اتوتر المحامي من أسلوبه اللي استفز النائب وقال_يا سيادة النائب هذي مجرد بلاغات كيدية، حضرتك عارف إن أعداء عامر بيه كتير، وأكيد مستنيينه يقع عشان ياخذوا السوق هما فعشان كذه قدموا هذي البلاغات الكيدية.

وجه النائب نظره للي كان قاعد مرتاح اكتر وحاطت رجل على رجل وكإنها مسرحية هزلية قدامه وقال_إيه قولك على الكلام ده يا عامر؟
ابتسم وقال_والله أنا قدامك أهو، عرفت تطلع مني بحاجة يبقى أنا محقوقلك
ابتسم النائب على كلامه ولكن كانت ابتسامة مليانة غيظ شديد من أسلوبه المتعالي
وابتدت التحقيقات اللي خدت وقت مش قليل، كان فيها بيتم إنكار كل المنسوب لعامر وكان المحامي بيقوم بواجبه على أكمل وجه.
لحد ما انتهى التحقيق بإنه يتم حبسه اربعة أيام على ذمة التحقيق
أدرك عامر في الوقت ده إن فيه حد مستقصده، والحد ده ليه كلمة كبيرة عشان كده الموضوع زاد عن حده
والغريب إن كل ده حصل بعد ما اكتشفوا موضوع سعد فأكيد هيتم الضغط عليه من ناحيته.
خرج عامر من المكتب بعد ما وضعوا الأصفاد في إيديه بصحبة اتنين عساكر ومعاهم المحامي،
كان برا واقف اخواته وعهود ده غير فاطمة اللي جت ويقين اللي أصرت تعرف إيه اللي بيحصل وجت بصحبة عهود، أما باقي العيلة ففضلوا واقفين برا القسم عشان الزحام
اتجمدوا كلهم لما شافوه مكبل بالأصفاد، فجريت عليه فاطمة وهي بتقول_عامر يا ولدي
إيش هيسووا فيك يا نور عيني!
منعها العساكر إنها تقرب منه، فاتكلم المحامي في الوقت ده مع العساكر وقال بتوسل_استأذنكم في خمس دقايق بس يطمن عيلته، أنتو شايفين إن أمه ست كبيرة مش حمل تعب!
بعد ما اتناقلوا النظرات بين بعض بتردد سابوه في الآخر ووقفوا قصادهم، فقربت فاطمة من عامر هي وعهود وضموه وهما بيبكوا، في حين كانت يقين واقفة بتتابعه بنظرات حزينة مترددة مليانة بالحيرة
طبع عامر قبلة على جبين أمه وعهود وهو بيقول_ما تقلقي ياما، شدة وتزول إن شاء الله ووقتها الله في سماه هندم الكلب اللي جاتله الجرأة يسوي فيا هذا الفصل.
اتكلم المحامي في الوقت ده_هيخلوا عامر عندهم اربع تيام على ذمة التحقيق، الظاهر إن اللي صار هذا متعوبله جامد لدرجة إنهم مهتمين كذه
عامر متهم في تجارة الممنوعات وأسلحة بدون ترخيص وكمان متهم في قضية قتل

شهقت فاطمة وعهود بهلع أما يقين فحست بغصة توسطت صدرها في الوقت ده ،فقال فارس_تفتكر مين اللي ورا البلاغات؟!
رد عامر بنظرات مظلمة_أكيد الكلاب اللي ورا سعد
زفر بضيق من الوضع اللي اتحط فيه ووجه كلامه لفارس وعايد_المهم أنتم خلوا بالكم من الدار، فتحوا عينكم كويس مش عاوز حاجة تتمسك علينا
أنا عارف أنكم قدها وقدود، عهود وأمي في أمانتكم وجواد مش هوصيكم عليه لحد ما أرجع
بكت فاطمة اللي كانت بتحاول تتماسك أما عهود فكانت شبه منهارة، ربت فارس على كتفه وهو بيقول بدعم_ما تقلق ياخوي، وإن شاء الله أنتَ اللي هتخرج وتاخذ بالك منهم ومننا كلنا، شدة وهتزول
ضم عامر شفايفه، ووجه نظره في الوقت ده ليقين اللي كانت واقفة وهي حاسة نفسها غريبة وسطهم ولكن قلقها على عامر مقدرتش تداريه، فضل باصصلها شوية واتبادلوا النظرات، كان واخد باله من وشها الباهت وعيونها الحمراء من الانفعال اللي بتحاول تداريه، ولكن قطع لحظتهم العساكر اللي جم عشان ياخدوا عامر بعد ما انتهت المدة، فاعترض عامر واتلفت لفارس وهو بيقول بصوت هامس_أخوي
يقين في أمانتك
ما تخلي حد يتعرضلها ولا يحزنها
سامعني
يقين في أمانتك أنتَ يا فارس
نهى كلامه وهو بيرميها بنظرة أخيرة وكإنه بيودعها، كانت سامعة هي كلامه اللي خلى قلبها ينتفض من مشاعرها اللي بتتصارع جواها، فهز فارس راسه وهو بيقوله_ما تقلق ياخوي
يقين كيف عهود، خليك بخير أنتَ وما تشيل هم
ابتسم عامر لما اتطمن من رد فارس، وفي الوقت ده اتلفت ومشي معاهم من غير معارضة، كان عايد بيحاول يهدي فاطمة وعهود اللي كانوا منهارين، في حين اتكلم المحامي_ما تقلق يا فارس بيه، إن شاء الله عامر بيه هيخرج، وحتى لو طال الموضوع هنحاول نخرجه بكفالة لحد ما تكمل التحقيقات.
اتكلم فارس وهو ضامم قبضته بغيظ شديد_المهم نوصل للكلب اللي ورا الموضوع

ومفيش غير سعد اللي عارف
بعد عايد فاطمة وعهود عن حضنه وهو بيقول_يلا ياما
يلا يا عهود لازم ترجعوا الدار
مسحت فاطمة دموعها بعنف، ورفعت وشها بكبر وهي بتقول بنبرة متحشرجة_مالي رايحة لمكان
طول ما عامر هنا هفضل أنا كمان، وأنتوا لازم تشوفوا حل وتخرجوا أخوكم من هنا وإلا هفضل غضبانة عليكم ليوم الدين!
اتدخل في الوقت ده فارس وحاول يهديها وهو بيقول_يلا بس ياما
العند ما هيفيدك بشي، صدقيني عامر هيطلع بس يلا أنتِ بس
أشارت بإيديها ناحيته وهي بتقول بأمر مش طلب_عامر هيخرج
هز فارس راسه وقال_هيخرج ياما، هيخرج ما تقلقي
بتأكيد رددت_هيخرج يا فارس
هز راسه بتأكيد ليها، عارف طباع أمه العنيدة ولكن مدرك كويس هي قد إيه بتحبهم وبتخاف عليهم.
وبالفعل اتحركوا عشان يمشوا، ولكن بمجرد ما لمحت فاطمة يقين حتى قربت منها وملامحها اتبدلت للشر والغضب وهي بتقول_أنـتِ
هي أنـتِ يا ملعونة مفيش غيـرك
تراجعت يقين للخلف لحد ما اصطدمت بالحائط من وراها وهي عاقدة حواجبها بصدمة من رد فعل فاطمة اللي كملت بإنفعال وحقد_هو مفيش غيرك
أنتِ اللي بلغتي عنه يا شيطـانـة
أنتِ اللي قولتي هتنتقمي مننا
هقتـلك يا مصرواية هقتـلك!
وقبل ما توصل إيديها ليقين وتخنقها كان فصل بينهم فارس اللي مسك أمه وهو بيقول_مش وقته ياما إحنا في القسم!
ولكن كانت فاطمة بتتحرك بعصبية عشان توصلها وهي بتقول_هقتلك يا يقين

أنتِ اللي ضيعتي ابني
أنتِ اللي بلغتي عنه!
أنتِ اللي كنتي عاوزة هذا اللي يصير!
هذي كانت غايتك من البداية، حاولتي تقتليه ولما منفعش عاوزة تخليه يموت في السجن من الحسرة!
هزت يقين راسها بالرفض واتملت عيونها بالدموع اللي أبت إنها تنزلهم، ضمت شفايفها بعجز للاتهام اللي بترميها ليه رغم إن معظم كلامه صح ولكنه وجعها!
ولكن فارس ضم أمه وهو بيقول_ياما مرت أخوي مالها ذنب
وجه كلامه ليقين وقال_معلش يا مرت أخوي اسبقينا لبرا
اتحركت برفقة عايد بالفعل لبرا وهي بتبص لفاطمة المنفعلة من وراها اللي دفعت فارس عنها وهي بتقول_صدقني هي اللي ورا اللي صار
هي قدم الشؤم من ساعت ما خطت الدار
احتوى فارس كتفها وقال_ياما
يقين مالها ذنب ياما وإلا مكانش أخوي وصاني عليها قبل ما ياخذوه
صدقيني هجيب اللي سواها وهخرج عامر بس اتجنبي مرت أخوي هذولا اليومين، مش عاوزين أخوي يتضايق في حبسه
دمعت فاطمة وهي بتقول_كلت بعقل أخوك حلاوة
اتمسكنت لحد ما اتمكنت
أخوك ميعرفش وش الحية الحقيقي
هي الملعونة هذي ورا كل اللي بيصير!
ضمها فارس وهو بيطبطت عليها وسند دقنه على مقدمة راسها وهو بيزفر بضيق وقلة حيلة أما فاطمة فكانت متشبثة فيه وهي بتبكي على ابنها.
مشيت يقين مع عايد اللي حاول يواسيها وقال_ما تاخذي بكلام أمي يا مرت أخوي
هي بتقول هذا الكلام من قهرتها، أنتِ متعرفيش عامر بالنسبالها إيش!

هزت يقين راسها بصمت، مكانتش قادرة على الكلام، مش بسبب فاطمة ولكن بسبب الموقف كله، مش قادرة تتخطى نظرات عامر ولا توصيته لاخوه إنه يخلي باله منها
حتى وهو في أزمته مش ناسيها
واللي مضايقها إنها مفرحتش دلوقتي عكس ما كانت متوقعة، هي كانت مستنية اللحظة دي من زمان، ليه متضايقة دلوقتي؟
ليه مش مبسوطة؟
ليه حاسة بغصة في صدرها والخوف ماليها؟
لاحظ عايد حالتها فوقف بتردد، بصتله هي بتعجب فقال_مرت أخوي…
فضل ساكت وكإنه مكسوف من اللي هيقوله، وبعد ما استوعبت يقين نظراته ضحكت بسخرية وقالت_متقلقش، مش أنا اللي بلغت عن اخوك
قالتها وسابته واقف يعض على شفايفه من الندم ومشيت، خرجت برا القسم فشافت معظم رجال العيلة هنا، اتخطت نظراتهم وراحت ركبت العربية اللي كانت جاية فيها وقفلت الزجاج اللي كان داكن مبيبينش مين اللي جواه وفضلت تبص عليهم من برا وهي بتدلك جيبنها بتعب
شافت عهود اللي جريت على حسن وهي منهارة اللي أخدها في حضنه وفضل يهدهدها زي الأطفال، ابتسمت لنفسها بسخرية، مرت عليها أسوأ الأيام وملقتش حد جنبها
ملقتش حد يديها الحضن ده!
خرج فارس بصحبة فاطمة والمحامي اللي خلص بقيت الاجراءات، وقبل ما يتحركوا عشان يرجعوا البيت كان ظهرت عدد من عربيات الشرطة، وقفوا كلهم يتابعوا اللي بيحصل بفضول فنزل العساكر من العربية ومعاهم عزيز، ووقفت عربية وراهم اللي كانت تخص صالح ومراته المنهارة من اللي حصل.
وقف فارس وعايد يتابعوا اللي قدامهم بصدمة، في حين مكانتش تقل صدمة عزيز عنهم لما شافهم هما كمان هنا، وفي اللحظة دي تمتم فارس بوجه مشدوه_يـا ولاد الملاعــين!
أدركوا كلهم في الوقت ده إن اللعبة كبيرة بالفعل، أكبر مما تصوروا، هما بالوضع ده عرفوا بإن عامر وعزيز اتفقوا فمكانش قدامهم غير إنهم يضيعوهم بعد ما اكتشفوا حقيقة اللي بيحصل..

****
كان مستقر عامر في الزنزانة مع عدد من المساجين التانيين واللي كانوا مسجلين خطر ووشوشهم باين عليها الإجرام، كان ساند ضهره على الحيطة وحاطت دراعه على ركبته اللي تنيها، من وقت للتاني بيبص بطرف عينه للي موجودين معاه في الزنزانة، ملاحظ نظراتهم الغريبة ناحيته وتركيزهم معاه وعارف إن فيه حاجة مقصودة هتحصل بس فضل ممثل الاستكانة.
اتفتحت الزنزانة في الوقت ده ودخل منها عزيز اللي فتح دراعه في الهوا وعلى وشه ابتسامة عريضة_السلام عليكم يا رجالة
متجمعين في الخير إن شاء الله
محدش رد عليه بل كانوا بيبصوله بنظرات صامتة إجرامية، أما عامر فكان باصصله بدهشة من وجوده لحد ما ابتسم بسخرية وظهر على وشه معالم الإدراك، دخل عزيز وهو بيتفرج على المكان لحد ما وقعت عينه على عامر، فاندهش وقال_يا نهار أبيض
أنا وعامر الزيات في زنزانة زاحدة!
هز عامر راسه بيأس، اتحرك عزيز وقعد جنبه وهو بيتأوه بألم، طلع عامر علبة سجايرة من جيبه وأعطى عزيز سيجارة وحط التانية بين شفايفه، واتكلم وهو بيولعها_لوهلة قولت إن أنتَ ورا اللي صار
جذب منه عزيز الولاعة الذهبية وولع سيجارته وقال وهو بينفث دخانها_عـيب!
أنا لسة قايلك أنتَ صديقي لحد ما نعرف مين اللي بيوقعنا
بعد كذه هبلغ عنك عادي
رمقه برفعة حاجب وبعدين زفر دخان سيجارته وقال بجمود_اللعب على المكشوف هذي المرة
هز عزيز راسه وقال_عرفوا إننا حطينا إيدنا في إيد بعض واتفقنا
كانوا بيلعبوا من تحت لتحت عشان نخلص إحنا على بعض بعيد عنهم ويفضالهم الجو، ولما انكشفوا بقى اللعب على المكشوف.
بصله عامر وقال بسخرية_أنتَ طلع عندك عقل وبتفكر كيفنا ولا إيش!
جاراه عزيز في مزاحه وقال_مش أنتَ لوحدك اللي بتفكر يا عامر يا زيات.

_اسكتوا بقى دوشتونا بقركم هذا!
صدع صوت اجرامي متحشرج قطع كلامه، وجه عامر نظره لصاحب الصوت اللي كان قاعد في ركن مرتدي قميص حمالات مقطع في الجو اللي كان شديد البرودة ووشه مليان أثار جروح قديمة، رفع عامر حاجبه وهو مدرك كويس إن دي بداية الحرب ولكن مهابش بل بالعكس شامخ زي ما هو، فرد بغلظة_مش عاجبك سد ودنك ومتصدعناش ولا شوفلك نصيبة تانية اقعد فيها.
قام وقف الراجل، بالأصح انتفض واتحرك بخطوات متعصبة ناحيتهم، وهو ماشي ضرب برجله وعاء بلاستيكي بقوة خبط في الحيطة جنب عامر فبص للوعاء بطرف عينه وبعدين وجه نظره للي وقف قدامه وقال_بتقول هذا الكلام لمين؟!
رمقه عامر من فوق لتحت بسخرية، في حين كان عزيز قاعد بيتفرج على اللي بيحصل باستمتاع، فرد عامر بقوة_هو فيه حد نطق غيرك ولا إيش؟!
بقول هذا الكلام لأبو قردان اللي قدامي
هات اللي عندك
اشتعلت عيون الشخص أكتر، وبدون تردد مال وجذب عامر من تلابيبه وهو بيسبه، سحب عامر نفس من السيجارة ورماها على الأرض وهو بينفس دخانها في وش الشخص، وبدون تردد لكمه بقوة في وشه خلاه اترمى على الأرض
وفي لحظات بعد حركته دي لقى عدد كبير من اللي موجودين في الزنزانة قاموا ومشيوا ناحيتهم وهما بيبصولهم بنظرات متوعدة، ابتسم عامر ووجه نظره لعزيز اللي طفى سيجارته وقام وقف ببرود هو كمان وردد_استعنى على الشقا بالله!
وفي لحظات قامت معركة دامية بينهم، كان عزيز وعامر بيتصدوا ليهم بل وبيتسببولهم بإصابات جامدة بسبب بنيتهم القوية وخصوصًا عامر
كانوا عارفين كويس إن اللي بيحصل ده مقصود، وحتى لو محصلش اشتباك بينهم وعامر رد عليهم كانوا هيتلككوا بأي شيء بس عشان مأجورين.
وفي وسط المعركة اتقدم أول شخص ناحية عامر وفي إيده سلاح أبيض، وقبل ما يطعنه كان عزيز أخد باله وهتف_حـاسـب يا عـامر!
وقبل ما عامر يتلفت كان عزيز دفعه وضرب الشخص ده بزجاجة اتهشمت فوق راسه بعنف لدرجة تناثرت شظاياها فوقع على الأرض وهو بينزف
بص عامر للملقى أرض وهو بيتنفس بعنف والعرق متصبب على جبهته، وبعدين وجه نظره لعزيز اللي كان بيلهث من المجهود وقال_كده متعادلين
ابتسم لما عرف إنه قاصد بإنه أنقذه من الاغتيال، فخدوا وضع الاستعداد وكملوا قتال مع الموجودين لحد ما اتغلبوا عليهم، ولكن بالطبع نالهم العديد من اللكمات والضرب اللي ساب أثر وجروح في وشهم، نفض عامر إيده وهو بيبصق على الأرض وبيمسح جبينه المتعرق والمكدوم، وبتعب اتجه ناحية الملقى أرضًا، جثى عليه ومسكه من تلابيبه يرفعه وقال_مين اللي باعتك؟!

كان التاني شبه مغمى عليه، فـ هزه عامر بعنف خلاه يتأوه بألم ووجه قطعه زجاج على رقبته فاتوسعت عين التاني برعب، قال بنبرة مرعبة_انطـق
بصوت مهتز من الألم_مـعرفش
جاتلنا أوامر نقتلكم أو ما توصلوا، وعطونا فلوس كتير
استشعر عامر الصدق في كلامه فدفعه على الأرض وصرخ التاني بألم، وبعدين اتحرك وهو بيمسح وشه وبينهج من عنف المجهود اللي عمله، واترمي على الأرض جنب عزيز اللي كان قاعد بيلهث، بصله عامر وقال_أنتَ طلعت بتعرف تتعارك أهو
أومال كنت بتتفرم مني ليش؟!
بصله عزيز بنظرات مغتاظة ومعلقش على كلامه، وجهوا نظرهم هما الاتنين للمرميين على الأرض وهما بيتألموا
فقال عزيز_الغريبة بعد المدعكة هذي مشوفتش واحد دخل علينا يفضها
رد عامر بضيق_هذا كله ملعوب، من أول البلاغات لحد دخولنا هنا
سكتوا هما الاتنين، فطلع عامر سيجارة واداها لعزيز وولعله وبعدين ولع لنفسه وفضلوا قاعدين مستنيين العساكر اللي هييجوا يكتشفوا اللي حصل..
****
فضلت طول اليومين دول بتتجنب النزول لتحت عشان متختلطش بفاطمة بعد مواجهتهم الأخيرة في القسم خاصة وأنها ما زالت شاكة فيها، خاصة وإن عامر مش موجود عشان يحميها ويدافع عنها
المرادي محدش هيلحقها من بطش فاطمة
عامر!
الغايب اللي لوهلة حست بفراغ كبير بيتمكن منها بسبب عدم وجوده، غصة في قلبها بتزداد مع الوقت وخاصة لما بتتخيل إنه ممكن يفضل في السجن.
وجهت نظرها لجواد اللي نايم جمبها، الوقت كان لسة مبكر ولكن هي اللي نومها غير منتظم بقالها يومين وكإنها حاسة المكان غريب عليها من غيره
وجواد فضل متمسك بيها بسبب غياب والده، يمكن كانت هي اللي محتاجاه مش هو
أو احتياج متبادل

هو عشان شايفها مامته
وهي…
علشان بيفكرها بيه مثلا!
مسدت على شعر جواد وهي بتتأمل ملامحه اللي نسخة مصغرة من عامر، مالت وطبعت قبلة عميقة على خده وهي بتستنشق ريحته بعمق.
وبعدين قامت وقفت قصاد زجاج البلكونة وهي ضامة نفسها وبتبص في الفراغ.
فيه حاجة غريبة مسببالها ألم، غيابه اللي مش متعودة عليه وهو اللي كان بيلاحقها في كل مكان ومش سايبها تلحق تتنفس من غيره.
لقت نفسها بتتجه ناحية البالطو بتاعه اللي خدته قبل كده، مسدت عليه بإيديها وبعدين رفعته وهي بتلبسه وبتضم نفسها جواه وهي بتستنشق ريحة عامر اللي ما زالت فيه وكإنه ضاممها.
لوهلة اتجمدت تمامًا من اللي عملته، انتفضت وهي بتقلع البالطو بسرعة ورمته على السرير وهي بتبصله بدهشة، مش مستوعبة إيه اللي بتعمله دلوقتي
مشاعرها جياشة ناحيته ليه؟!
شدت على خصلاتها وهي بتلف حوالين نفسها بتفتكر كل حاجة
بتفتكر اهتمامه بيها
نظراته
مدافعته عنها
حمايته ليها ولهفته عليها لما تعبت، الأكل اللي كان بيجيبهولها للفراش مخصوص وهي تعبانة، قربه منها أثناء تدريبه ليها بالسلاح، غيرتها عليه من ليلى
حزنها عليه لما مسك سعد، خوفها من إنه يرتكب جريمة، وأخيرًا لهفتها واشتياقها ليه.
وقفت قصاد المراية وهي ساندة بإيديها الاتنين على التسريحة وكانت باصة في الأرض
رفعت مرة واحدة عيونها اللي مليانة دموع وحمراء ككتلة من الدماء
كل اللي استوعبته دلوقتي إنها…

حبِّت عامر!
كل المشاعر اللي كانت بتتبني جواها دي حب من غير ما تحس!
حبت جلادها!
عند استيعابها للجملة دي اتنفضت وهي بتهز راسها بالرفض، الجملة بتتردد في دماغها
وكإن الاسئلة المتكررة في دماغها بقت ليهم إجابة واحدة
هي بتحب عامر!
شدت على خصلاتها وهي تلف حوالين نفسها في الأوضة وبتقول_لا لا لا لا
مش ممكن
استحالة
لأ!
وقفت مرة واحدة وهي بتحاول تفكر نفسها، عامر مهرب أسلحة خارج عن القانون، خطفها، حاول قتلها، حبسها، هددها بأهلها، اتجوزها بالإجبار
ولكن
حماها، كان حنين، متفاهم، بيخاف عليها وبيرد كرامتها، بيجيب حقها.
وكإن فيه خناقة جواها، ازداد الصراع جوا عقلها، نزلت دموعها بعنف من فرط اشمئزازها من نفسها من المشاعر اللي اتملكت منها.
بدون تردد اتجهت للدولاب غيرت ملابسها، وطلعت شنطتها القديمة، اتأكدت إن فيهم كل حاجتها وبعدين ألقت نظرة أخيرة على جواد قبل ما تخرج من الغرفة وهي بتتسلل لتحت.
شافها حمد فبصلها بتعجب وسأل_لوين بدري كذه يا مرت أخوي؟!
ردت وهي بتسبقه للعربية_خدني لعامر
بتردد قال_بس…

قاطعته بحدة أكبر_خـدني لعـامر
ودلوقتـي!
اتنهد باستسلام وصعد السيارة بالفعل بعد ما شاور لاتنين من الحرس اللي استقلوا عربية تانية وراهم كضمان للحماية
كان حمد بيبصلها من لحظة للتانية من مراية العربية، كانت شاردة، ملامحها باهتة عيونها محمرة ومن لحظة للتانية بتمسح دمعة عابرة بتخونها وتنزل على خدها
انتبهت على صوت حمد اللي قال_عامر بيه بيسأل عنك دايمًا
حست بغصة عنيفة في قلبها، فبصتله بعيون لامعة بعجز، فكمل حمد_أول واحدة بيتطمن عليها
بيسألنا إذا كنتي بخير، حد اتعرضلك، حد أذاكي، أو حد ضايقك
بيتطمن إذا كنتي بتاخذي علاجك بانتظام عشان جرحك، بتاكلي كويس و…
_كـفايـة
قاطعته بحدة وهي بتشيح بنظرها عنه، مش قادرة تسمع أي حاجة زيادة، بتحاول تجمد قلبها وتنفر المشاعر اللي اتمكنت منها، اتعجب حمد من حالتها ولكن قال قبل ما يسكت خالص ويكمل في الطريق_أنتِ غالية عند عامر بيه أوي يا مرت أخوي
غالية أوي..
غمضت عينيها تضغط على جفونها بعنف من اللي حاسة بيه، وأشاحت بنظرها وكإنها مسمعتوش..
خرج مع الحارس لأوضة وكيل النيابة بعد من اتنقل للحبس الانفرادي بسبب الخناقة اللي حصلت
كان بيحسب إنه حد من اخواته لما قالوله إن فيه زيارة جياله في الوقت ده، ولكنه اتجمد تمامًا وانتفض قلبه لما شافها هي اللي قاعدة قدامه.
اتلاقت نظراتهم في عناق كبير بعيونهم، عناق خدته نظرتهم بدل أجسادهم، كان مشتاق لها بشكل كبير، قلقان عليها، وحاسس بفراغ لأنه مش شايفها قدامه، مشتاق لمناقرتهم وعنادهم قصاد بعض، مشتاق لأي لحظة بتجمعهم!
كانت صامتة هي وبتراقبه بيتقدم منها، سرعان ما رمشت كذه مرة بخوف وبلعت غصة في حلقها لما شافت الكدمات اللي على وشه.
قعد قدامها على الكرسي، فكانت بتحاول تتحاشى بالنظر عنه عشان متسألهوش عن اللي حصله، وقالت_عامل إيه؟

رد وهو بيتأملها_عايش
ضمت شفايفها تحت نظراته اللي بتخترقها وقالت_عرفتوا مين اللي ورا اللي بيحصل؟
أصدر صوت من فمه دلالة على الرفض ورد_مش لاقيينلهم أثر، وسعد مش راضي يعترف
عضت على شفتيها وهي بتبصله من تحت وكإنها عندها استحياء من النظر ليه بعد ما اكتشفت فداحة مشاعرها، وبعدين قالت_هتفضل محبوس؟
رفع كتفه ورد_الله أعلم
هزت رجليها بعنف تحت نظراته اللي كان واخد باله من كل تصرفاتها، وبحذر قالت_لو قولتلك أنا اللي مبلغة عنك؟!
كإنها مستنية رده بفارغ الصبر، تشوف إذا كان واثق فيها، بص ليها بصمت شوية وهو بيجوب تفاصيلها بعينه، وأصدر صوت دلالة على الرفض وقال بثقة وتأكيد_مـش أنـتِ
سكتت تمامًا وألجمها رده وكإنه بيتكلم بثقة رغم إنها حاولت تثير شكه، اتعدل هو ومال ناحيتها، بص لعيونها مباشرة فارتكبت بشدة، حس هو إن وراها حاجة فقال بنبرة حذرة_قوليلي أنتِ يا يقين…
جاية ليش؟
_أنا عايزة اتطلق
اتجمدت عيونه عليها بل جحظت من المباغتة، عدلت هي من خصلاتها بإيديها اللي بترتجف، ورفعت عيونها لعيونه وبقوة قالت_يا تطلقني وتسيبني أمشي
يا هقول لوكيل النيابة على كل حاجة أعرفها عنك…


 
google-playkhamsatmostaqltradent