Ads by Google X

رواية راما الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم اسماعيل موسى

الصفحة الرئيسية

   

  رواية راما الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم اسماعيل موسى

الليل كان ثقيلاً، مثل جدار أسود يطبق على صدرها. الألم لم يكن مجرد إحساس عابر، كان موجات من التقلصات الحادة تشتد مع كل نفس، تذكرت فجأة.
هذا الألم لم يكن جديدًا عليها.
لكنها لم تواجهه وحدها من قبل.
كان هناك طبيب أخبرها ذات يوم، بنبرة حيادية، أن فرصها في الإنجاب ضئيلة، إن لم تكن معدومة، كان الأمر أشبه بحكم نهائي، بلا استئناف.
“حالتكِ تجعل فرص الحمل شبه مستحيلة. سيكون هناك ألم، بعض الأعراض ستشتد تحت الضغط والتوتر. لكن بخلاف ذلك… لا شيء يستدعي القلق.”
لا شيء يستدعي القلق؟
كيف يمكن لشيء كهذا ألا يكون مدعاة للقلق؟
رفعت يدها المرتجفة إلى بطنها، تحاول تهدئة الألم، تحاول أن تتجاهل الحقيقة التي كانت تعرفها دائمًا لكنها لم تجرؤ على مواجهتها.
كانت دائمًا ترى الأطفال في الشوارع، تراقبهم من بعيد، لم تكن تحلم بأمومة تقليدية، لم تكن تتخيل نفسها تحتضن طفلاً في الليل وتغني له، لكن فكرة أنها لا تملك هذا الخيار على الإطلاق؟
كانت مثل باب مغلق بإحكام أمامها.
لكن الليلة، وحدها في شقتها الباردة، مع الألم الذي يفتك بها، شعرت بكل شيء يسقط فوقها دفعة واحدة.
ضغط العمل، الوحدة، راما، آدم، المرض، المستقبل الذي لم تستطع رؤيته بوضوح.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم زفرت ببطء، محاولة استجماع قواها.
لا مجال للانهيار الآن.
بصعوبة، تحاملت على نفسها، بحثت عن هاتفها واتصلت بأقرب مستشفى، لم تكن تريد الذهاب، لكنها لم تكن تملك رفاهية الرفض.
بعد أقل من ساعة، كانت مستلقية على سرير المشفى، الضوء الأبيض الحاد فوقها يعميها قليلاً، وجهاز مراقبة ضربات القلب ينبض بإيقاع ثابت بجانبها.
“الإجهاد الزائد تسبب في تفاقم حالتكِ.” قالت الطبيبة وهي تفحص ملفها. “أنتِ بحاجة إلى الراحة.”
الراحة؟
كادت تضحك.
لكنها لم تقل شيئًا.
أغمضت عينيها للحظة، ثم سألَت بصوت خافت:
“هذا لن يزداد سوءًا، صحيح؟”
التزمت الطبيبة الصمت لوهلة.

“الأمر يعتمد عليكِ. إن لم تهتمي بصحتكِ، فقد تصبح الأمور أكثر تعقيدًا.”
جين أومأت بصمت، ولم تسأل المزيد
اتسمحى لى بفحصك؟
همس طبيب تراه جين لأول مره
انا اعرف حالتى جيدا ولا فائده لمزيد من الفحوصات قالت جين وهى تنهض
اعرف !! قال الطبيب، لكن انا متشكك من امر اخر
نهضت جين، شكرآ لك لا مزيد من الفحوصات.
كان الطبيب يتأمل التغضينات اسفل عين جين وعندما لمحها خارجه، هذا رقم هاتفى اذا عاودك الوجع قبل اسبوع لا ترددى فى مهاتفتى…
شكرته جين كانت تعرف انها لن تتصل به ولا مزيد من التجارب الفأرنيه
القت بطاقة الطبيب فى سلة المهملات وعندما استدارت وجدته ينظر نحوها
شعرت جين بالخجل تناولت البطاقه مره اخرى وضعتها فى حقيبتها ثم رحلت.
عندما خرجت من المشفى في صباح اليوم التالي، كان الهواء باردًا، والسماء رمادية.
سارت ببطء، يداها في جيوب معطفها، تفكر.
كانت تعرف أنها لا تستطيع الاستمرار بهذا الشكل. الضغط، الوحدة، الخوف، كل شيء كان يستهلكها ببطء.
لكن العودة لم تكن خيارًا.
لأول مرة منذ فترة، سمحت لنفسها بالتفكير في المستقبل.
ماذا لو لم تستطع الاحتفاظ بوظيفتها؟ ماذا لو لم تجد مكانًا تنتمي إليه؟
وماذا لو استمرت الأمور بالتدهور؟
رفعت رأسها، زفرت بخارًا في الهواء البارد

ادم……
كانت تحاول ألا تفكر به.
أن تبقيه بعيدًا كما أبقاها بعيدًا.
لكن في لحظات الوهن، عندما كان جسدها يرتجف من الحمى والمعدة تتلوى كأنها تمزقت من الداخل، لم تستطع منع نفسها من التمسك بالفكرة الوحيدة التي بدت وكأنها طوق نجاة:
“ماذا لو اتصلت به؟”
لم تكن تريد الاعتراف بهذا الضعف. لكنها كانت مرهقة، وحيدة، مرعوبة.
نظرت إلى هاتفها، أناملها ترتجف وهي تبحث عن اسمه بين قائمة الأسماء.
كان لا يزال هناك. كما تركته.
ضغطت على الرقم.
ظل الهاتف يرن… ويرن…
ثم توقف.
لا رد.
انتظرت، وعقلها يصرخ: ربما لم يسمع… ربما كان مشغولًا…
لكن لا شيء.
مرت دقائق، ثم ساعة.
ولم يأتِ شيء.
لا رسالة. لا اتصال. لا سؤال عمّا أرادته.
كأنها لم تكن شيئًا أبدًا.

كأنها لم تكن جزءًا من حياته يومًا.
وضعت الهاتف بجانبها، عيناها تحدقان في السقف، والدموع الساخنة تنزلق بصمت.
لم تبكِ بصوت مسموع.
لم تكن هناك فائدة من ذلك.
كانت تعرف الآن يقينًا، بدون شك، أن آدم تخلّى عنها تمامًا. ليس لأنه غاضب. ليس لأنه مشغول.
بل لأنه لم يعد يهتم.
وذاك كان أسوأ من أي شيء آخر.
المرض والوحدة
مع مرور الأيام، أصبح جسدها أضعف.
لم تعد تستطيع النهوض بسهولة. لم تعد قادرة على الخروج إلى العمل.
المطبخ كان على بعد خطوات، لكنها كانت تحتاج إلى قوة لم تعد تملكها للوصول إليه.
كل شيء أصبح معركة.
مجرد النهوض من الفراش كان كأنه صعود جبل.
الحمى كانت تأتيها على شكل موجات، تجرفها بعيدًا، تجعلها تهلوس بأصوات الماضي، بذكريات لم تعد تعرف إن كانت حقيقية أو مجرد أوهام صنعها عقلها المتعب.
راما، آدم، المنزل القديم، الأيام التي لم تكن تعاني فيها… كلها تداخلت في ذهنها، حتى لم تعد تعرف أين كانت ومتى كانت.
لكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير، الشيء الذي كان يقف في مواجهة كل هذه الفوضى، هو الفراغ الذي يحيط بها.
لا أحد يطرق الباب.
لا أحد يسأل إن كانت بخير.

لا أحد يعرف حتى أنها تمرض وحدها، في غرفة باردة، في شقة بالكاد تستطيع دفع إيجارها.
في النهاية، كان هذا أسوأ شيء على الإطلاق.
ليس المرض.
ليس الضعف.
بل الوحدة.
الوحدة التي التهمتها ببطء، دون رحمة.
…….
كانت جين تعرف أن بإمكانها الاتصال بلورين،أختها الوحيدة. الشخص الوحيد الذي قد يأتيها دون سؤال، دون تردد.
لكنها لم تفعل.
لم تسمح لنفسها بذلك.
كانت لورين غارقة في دراستها، بالكاد تجد وقتًا لنفسها بين المحاضرات والعمل. كانت توازن حياتها بصعوبة، تحاول إثبات نفسها في جامعة لم تكن ترحم المتأخرين، في مدينة لم تكن تمنح الفرص بسهولة.
كانت جين تعرف ذلك.
كانت تعرف أن مجرد مكالمة منها ستشغلها، ستقلقها، ستجعلها تشعر بأنها يجب أن تترك كل شيء وتركض إليها.
وجين لم تكن مستعدة لأن تكون عبئًا.
حتى وهي تترنح بسبب المرض، حتى وهي تعاني من الوحدة التي بدت وكأنها تزداد يومًا بعد يوم، حتى عندما كان الجوع يقرص معدتها، لم تستطع أن ترفع هاتفها وتطلب المساعدة.
لأنها كانت تعرف أن لورين ستأتي، وستكون هذه أنانية منها.
بعد ايام، وبينما كانت تحاول أن تنهض من السرير لتسخّن كوبًا من الحساء البارد، تهاوى جسدها فجأة، ارتطم ركبها بالأرض، وارتعش جسدها بالكامل من الحمى.

زحفَت حتى الجدار، أسندت ظهرها عليه، وسمحت لنفسها أن تغلق عينيها للحظة.
فكرت في لورين.
فكرت في أن ترسل لها رسالة قصيرة، فقط تخبرها أنها ليست بخير.
لكنها لم تفعل.
بدلًا من ذلك، أخذت نفسًا مرتعشًا، وحاولت أن تنهض مجددًا.
وحيدة.
كما اعتادت أن تكون.
تذكرت جين كلمات الطبيب، اذا عاودك الالم قبل اسبوع لا تتردى الاتصال بى
بصعوبه امسكت هاتفها وطلبت رقم الطبيب
الذى همس فورا كنت اعرف ذلك، لا تغادرى مكانك سأحضر فورا مع سيارة الإسعاف
نقلت سيارة الإسعاف إلى المشفى ثم إلى قسم الاشعه والتحاليل والفحوصات
ثم فجأه إلى غرفة العمليات، أخبرها الطبيب انها تحتاج لعمليه طارئه لا يمكن تأجيلها

 
  • يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية راما) اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent