رواية رهينة بين يدي منافق الفصل الثلاثون والاخير 30 - بقلم مريم محمد
كُلُّ الْحُرُوفِ إِذَا نُطَقْتْ بِاسْمِهِ ، قَامَتْ لَهُ مِنْ حُبَّهِ تَعْظِيمًا
هَذَا النَّبِيُّ الهَاشِمي مُحَمَّدٍ ، صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّوا تَسْلِيمًا
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
بقلم/مريم محمد عبد القادر
السلام عليكم ، ده هيكون آخر بارت من الرواية بإذن اللّٰه ، هو كبير شوية فهقسمه جزئين ، استمتعوا بالقراءه وقولولي رأيكم يا حلوين 🥰
___________________
بريهان في عربية يامن قاعدة في الكرسي اللي قدام جنبه وعماله تقلب في العربية، فتحت درج التابلوه بتشوف الحاجات اللي جواه، ويامن بيسوق بصمت وكل شوية يبص عليها بتعجب من تصرفاتها العشوائية، وبعد ما خلصت اللي بتعمله سألها : لقيتي حاجة يا حضرة الظابط !؟
بريهان بصتله باستفهام فهو وضح : يعني، شايفك عماله تقلبي في العربية كأنك بتفتشي على حاجة
بريهان بصت قدامها بملل وهي بتضغط على ميدالية مفاتيح في ايدها : مافيش، كنت بدور على اي حاجة تخص جاسم
يامن : عندي حاجات كتير بتاعته لو عايزاها
بريهان سندت راسها على ازاز العربية وبصت للشارع بره وهي بتهمس بضيق : مش عايزة حاجة منك
يامن اتنهد وسكت فهو كمان ماعندهوش طاقة يجادل قصادها، ركز في السواقه لحد ما وصل المستشفى، نزل من العربية وراح لغرفة أخته وبريهان ماشية وراه بصمت لحد ما دخل الأوضة فدخلت وراه بتردد وهي بتبص للمكان بتفحص وقلق، لحد ما شافت مليكة قاعدة على السرير جوه فاتنهدت براحه ودخلت
مليكة بصت لبريهان وبصت لأخوها باستفهام، فهو قعد قصادها وفسر : دييي
مليكة قاطعته : عارفاها
يامن باستغراب : عرفاها !؟
مليكة بصت لبريهان تاني : اه، ساعدتني مرة أخرج من بيت جاسم
بريهان قربت منها وخبطتها بصوباعها في جبهتها : وياريتك فلحتي
يامن حط ايده على راس أخته يمنع بريهان تلمسها تاني، فمليكة ضحكت بخفوت، وبريهان بصت ليامن بسخرية وراحت قعدت على كرسي في زاوية الغرفة وتجاهلت وجودهم
مليكة : طيب تعالي نتكلم سوى شوية
بريهات بصتلها : مش عايزة أتكلم معاكم، أنا أصلا جايه هنا غصب عني عشان مش عايزة أروح دلوقتى، كلها وقت وهمشي
سكتت شوية قبل ما تكمل : ممكن تعتبروني قاعدة معاكم عشان أنقل اخباركم لجاسم، ولما أخلص همشي تاني
قالت كلامها وخرجت فونها من جيبها بصت فيه، وسابت مليكة ويامن بيبصوا لبعض بذهول منها، بس مليكة حبت تخفف حدة الجو فابتسمت بلطف وقالت فجأة وهي بتبص ليامن : تيجي احلقلك !؟
يامن : تعملي اي !؟
مليكة مشت ايدها على دقنه اللي طولت عن العادي : احلقلك دقنك، شكلك ماحلقتهاش من فترة
يامن حط ايده على دقنه وافتكر إنه من ساعة ما دخل المصحة ماحلقش فعلا فبصلها وهي ابتسمت : قولت ايه !؟
يامن : ماشي، اللي أنتى عايزاه، أنا ماعنديش مانع
********
يوسف بعد ما مشي من المستشفى عند يامن ومليكة راح سوبر ماركت أشترى شوية حاجات حلوه لحبيبته ورجع تانى بيته، أول ما دخل العمارة وطالع لشقة مامته شاف في الدور الأول باب شقة جده مفتوح وبسنت قاعدة جوه وقدامها كل العيلة، فاخد نفس طويل ودخل بثبات لجوه وراح وقف قدام بسنت اللي أول ما شافته اتنهدت براحة
الجد سليمان بص ليوسف اللي واقف قصاده وسأل بحزم : هتقف قصادي عشانها !؟
يوسف ابتسم : هقف معاك عشانها، وأنت هتقف معايا عشانها برضه
سليمان : كده ثبتني يعني !؟
يوسف بجدية : جدي حضرتك عارف أنى مش هرجع في قراري فليه المجادلة بقى !؟
سليمان : عشان بتتصرف من دماغك وبتعصى اوامري، أنت خليفة سليمان الشيمي، إزاى تعصى أوامري !؟
يوسف : حضرتك وأنت في سني كنت بتسمع كلام حد !؟
الجد سكت فهو فعلا ماكانش بيسمع كلام حد وهو صغير، ويوسف ابتسم بانتصار فهو وصل للي عايزه : أنا خليفتك يا جدي يعني زيك وأنا مش بسمع كلام حد برضه زيك
بسنت قامت وقفت ومسكت دراع يوسف وهمست بصوت خافت جدا بالكاد سمعه : يوسف عيب كده
يوسف : اسكتي أنتى وسيبيني أتعامل
بسنت بصت للجد بقلق اللي كان بيبص ليوسف : هحرمك من الميراث
يوسف خرج من جيبه كل بطاقات الفيزا وحطهم على ترابيزة الانتريه : ربنا يطول في عمرك يا جدي أنا مش محتاج فلوس
سليمان بتعب : مش هتستسلم !؟
يوسف حرك راسه برفض فالجد قام وقف : أمشي من قدامي مش عايز أشوف وشك هنا
صفية قامت وقفت جنب ابنها بتحاول تحنن قلب والدها على ابنها : بابا ماتقولش كده
يوسف : ماشي يا جدي همشي، بس منين ماتحتاجني هتلاقيني عند أمي فوق
الجد سكت وده معناه إنه مش معترض على وجوده هو وبسنت معاهم، ويوسف اتنهد براحة فدي أول خطوة للنجاح وتقبل العيلة لبسنت، بصلها وابتسم ومسك ايدها وقف قدام جده : مراتي مافيش أحن منها يا جدي، بكره تتأكد بنفسك أنى أخترت صح
الجد بص لبسنت اللي باين على ملامحها الطيبة وبص ليوسف بصمت، وفي الآخر سابهم ودخل غرفته من غير ما يعلق على كلامه، ويوسف أخد بسنت ومامته وطلع على شقتهم، وساب مساحه لمامته تتعرف على بسنت أكتر والظاهر إنها بدأت ترتاحلها هي كمان
********
مليكة كانت قاعده على سريرها في المستشفى ويامن قاعد قصادها وبيبصلها بكل الحب اللي في الدنيا، ومليكة كانت حاطه بشكير كبير على رجليهم فوق البطانية وبتحلق ليامن دقنه برقتها المعتادة وقالت يتذمر : دقنك طويلة أوي يا يامن
يامن بشفقة : لو تعبتك أحلقها أنا
مليكة مسكت وشه بايدها : لأ، أنا عايزه احلقها خليني أجرب أعملها المرة دي
يامن ابتسم : اعملي كل اللي نفسك فيه يا حبيبتي
مليكة ابتسمت وكملت اللي بتعمله، ويامن بيبصلها وبيفتكر كل أيام العذاب اللي عاشها وهي بعيد عنه، ولسه عقله لحد دلوقتي مش مستوعب إنها خلاص رجعت تاني وأنها بخير، فاق على صوتها وهي بتقول بفخر : خلصت
يامن : حلو !؟
مليكة : قمر أوي
يامن مسك ايدها باسها ومليكة ضحكت : بتعمل ايه !؟
يامن : تسلم ايدك
مليكة ابتسمت وبصت لبريهان اللي لسه قاعدة في زاوية الغرفة بتبص عليهم بصمت : أخويا قمر صح !؟
بريهان بصراحة : لأ، شكله عادي يعني، جاسم أحلى منه بكتير
يامن ومليكة بصوا لبعض عشان مليكة تضحك ويامن رفع حواجبه باستنكار : بتضحكي ليه !؟
مليكة : مافيش، بضحك بس على صراحتها
يامن بص لبريهان وسأل : ما قولتليش بقى عرفتي جاسم ازاى وامتى !؟
بريهان : أعرفه من ٤ سنين ومالكش دعوة بينا أصلا
يامن اتنهد بضيق من البنت دي وقبل ما يقول أى حاجة الباب خبط فراح يشوف مين لقاه محمود فسلم عليه وقال لأخته تعدل حجابها عشان محمود يدخل، وفعلا خلال ثواني الاتنين دخلوا ويامن قعد جنب أخته على السرير أما محمود فوقف قدامها وبصلها بحب : حمد لله على السلامة يا مليكة هانم
مليكة بكسوف : الله يسلمك
يامن : مليكة ده الظابط محمود اللي ساعدني في القضية من أول اختفاءك لحد دلوقتي
بصله بامتنان : ولسه بيساعدني
مليكة حركت راسها بفهم وبصت لمحمود : حضرتك اللي رديت عليا على فوني !؟
محمود ابتسم وهو بيقعد على الكرسي اللي جنبه : ايوه حضرتي اللي رديت عليكي، عرفتي إزاى !؟
مليكة : صوتك، وكنت بسمعه في حلـ___
قطعت كلامها بسرعة لما استوعبت كانت هتقول ايه، وافتكرت لما كانت بتحلم بيامن وكل مرة تسمع صوت محمود في آخر الحلم بيطمنها، سكتت بإحراج ومحمود بصلها بفضول بس هي ابتسمت : لسه فاكره صوتك
محمود حرك راسه بفهم وخرج فونها من جيبه ومد ايده بيه : فونك
مليكة مدت ايدها أخدت الفون منه وبصتله بشكر : شكرا يا حضرة الظابط
محمود : لا شكر على واجب
سكت بس فضل باصصلها، وهي اتكسفت منه فنزلت راسها لتحت بصت على فونها اللي بين ايديها، ويامن قطع النظرات دي لما اتحمحم : عملت ايه يا محمود ماقولتليش !؟
محمود استجمع شتات نفسه بسرعة وبص ليامن : جاسم على الوضع الحالي هياخد من ١٠ سنين ل١٥ سنة سجن
مالحقش يكمل كلامه بسبب بريهان اللي قامت وقفت بسرعة زي العاصفة وهي بتتكلم بذهول : ١٥ ليه كل ده !؟
محمود بص وراه للبريهان اللي مايعرفهاش : وأنتى مين !؟
بريهان بتسرع : مرات جاسم
كلهم تنحوا وهي عدلت كلامها : المستقبلية يعني
قربت من محمود وسألت : هو ماينفعش يخرج منها !؟ يعني هما أخوات وممكن يحلوها ودي !!
محمود : بس هو مش عايز يخرج
كلهم بصوله وهو فسر : قبل ماجي هنا سألته لو عايز يخرج وهو رفض
يامن : وأنت تقدر تطلعه !؟
محمود اتنهد : لو أثبت إنه مريض نفسي هيتحجز في مصحة نفسية لحد ما يتعالج، غير كده لو هو أصر على قراره فتقارير الطب الشرعي بتقول إن جر.يمة القـ.تل مش حقيقية، شوية عرايس لعبة ود.م صناعي، والمخبرين اتأكدوا من حياة كل الخدم ودنيا كمان عايشة عند عمها، فده يعتبر بلاغ كاذب وتضليل للسلطات ودي عقوبتها متروكه للقاضي أكتر حاجة ممكن ياخدها سنة، إنما الخطـ.ف عقوبته مش أقل من عشر سنين ده لو ماوصلش لمؤبد، ودي بتاعتكم انتوا
يامن بص لمليكة اللي بتسمع بصمت وبصت ليامن : أنا ماعنديش مشكلة مع أي قرار أنت تاخده، شوف الأحسن وأعمله
محمود : أنا بقول نستنى حكم الطبيب النفسي الأول وبعدها هنعرف نتصرف، لأنه لو أكد إنه عقله معيب ساعتها الموضوع هيختلف
يامن بلهفة حاول يداريها : دكتورة مرام هي اللي هتحدد !؟
محمود : لأ ده دكتور تبع المحكمة
يامن حرك راسه بفهم ومحمود اتنهد وبص لمليكة : عاملة ايه بقى دلوقتى يا أستاذة !؟ يارب تكوني بخير
مليكة : الحمد لله بخير
محمود مد ايديه قدامه : يعني البهدلة اللي اتبهدلتها جت بفايده، ده أنا أخدت من اخوكي ضرب وشتيمه ماخدهاش ظابط قبلي
مليكة ضحكت عشان يامن يرد : مانت كمان هرتني ضرب فخلي قلبك أبيض بقى
محمود : أبيض يا خويا أبيض والله
كلهم ضحكوا وفي وقتها الباب خبط ودخلت بسمة بعد ما عرفت إن مليكة رجعت تاني، قربت منها ودموعها مغرقة وشها وراحت حضنتها جامد وعيطت بصوت عالي وهي بتتكلم من بين دموعها : كنت هموت من الخوف عليكي، ياريتني كنت أنا وأنتى لأ
مليكة ابتسمت وضمتها هي كمان : بعد الشر عليكي يا حبيبتي
بسمة بعدت عنها وكانت بتبصلها بتفحص تشوف حصلها ايه بس لقتها سليمة ومافيهاش حاجة فحمدت ربنا، ومليكة خبطت برقة على السرير جنبها عشان تقعد فقعدت واخدت بالها من يامن اللي قاعد على السرير الناحية التانية فاتكسفت وبصت بعيد عنه، فهو كان بيبصلها بتوعد
مليكة لاحظت النظرات دي فبصت لاخوها : أنت بتبصلها كده ليه !؟
يامن : هي عارفه انا ببصلها كده ليه، مش كده يا بسمة !؟
بسمة بصتله بأسف : غصب عني والله
يامن : أومال لو___
مليكة قاطعتهم باستفهام : عايزة أعرف في ايه !؟
محمود أتدخل في الكلام بهدوء : جاسم هد.دها تقول للشرطة إن يامن هو اللي اذاكي
مليكة بصت لبسمة اللي دموعها لمعت في عينيها : آسفه والله
مليكة ببساطة : ولا يهمك
يامن : ايه ده !! عادي كده !؟
مليكة : اه عادي، هي ما أذتناش يعني وبعدين بتقولك غصب عنها عايزني اعاقبها ليه !!
محمود : اه يا أبو قلب طيب أنت
كلهم ضحكوا على كلامه وقعدوا يتكلموا مع بعض ويهزروا، والقاعدة ماخلتش من نظرات الحب من محمود لمليكة ونظرات الإمتنان منها ليه
وفي زاوية الغرفة بريهان كانت قاعدة بحزن وهي بتراقبهم وبتفكر في جاسم اللي بدوره كان بيفكر فيها
مرت أيام وأيام، ومليكة صحتها اتحسنت كتير، والدكتور سمح ليها تخرج من المستشفى، ورجعت تاني مع أخوها بيتهم بعد ما يامن طلب من شركة تنظيف يروحوا ينضفوا البيت كله ويتخلصوا من أى حاجة تخص الحادثة أو الكام شهر اللي عدوا عموما، وطبعا بريهان روحت معاهم
********
في محافظة بور سعيد، تحديدا في بيت عيلة محمود في القرية-بقلم/مريم عبدالقادر-هاجر كانت قاعدة في حديقة السرايا وماسكه ورد في ايديها ووشها مطفي ومش بتتنططت ولا شقية زي عادتها
نجمة قربت منها وقعدت جنبها على الزرع وبصتلها : مالك يا جوجو مطفية كده ليه وزعلانه !؟
هاجر بخفوت : ماما وحشتني أوي، أنا كنت عايزاها تتجوز بابا سامح وكنت مبسوطة أوي بس ماكنتش عايزاها تسيبني كل ده
نجمة : كنتي مبسوطة !! يعني دلوقتى مش مبسوطة !؟
هاجر سابت الورد وبصتلها : لأ لسه مبسوطة بس عايزة أروح لماما بقى
نجمة ضمتها بحنية وطبطبت على ظهرها : ماتزعليش يا جوجو، كلها وقت قليل وهتروحيلها، ده إذا ماكانتش هي اللي هتيجي، أنتى عارفة عمتى منصورة ماتقدرش تبعد عنك
هاجر بصت في الأرض بحزن بس كل الحزن ده اتحول لضحكة وسعادة كبيرة لما سمعت صوت منصورة بتنادي عليها، فقامت بلهفة تدور حوليها لحد ما شافتها واقفة عند باب التراس فطلعت تجري واترمت في حضنها ودموع الفرحة نزلت من عينيها
ومنصورة ضمت هاجر جامد عايزة تدخلها جوه قلبها، كانت بتبوس راسها كذا مرة وبحب : وحشتيني أوي يا عين ماما
هاجر : وأنتى كمان وحشتيني أوي يا ماما، ليه اتأخرتي عليا كل ده !؟
منصورة : حقك عليا يا حبيبتي
هاجر كانت بتشهق بطفولة في حضن مامتها اللي كانت بتطبطب على شعرها بحنيه، قطع اللحظة دي سامح اللي قرب منهم : يعني منصورة بس اللي وحشتك يا جوجو !؟
هاجر خرجت من حضن مامتها وبصت لسامح بفرحة : بابا سامح
سامح ابتسم بلطف وفتح ايديه ليها عشان تحضنه جامد وهو كمان ضمها بشوق كبير، بنته الأولى اللي عوضته عن حرمان سنين : وحشتني أوي يا بابا، ماكانش ينفع تمشوا وتسيبوني كده
سامح : معاكي حق، إحنا كمان ماكناش عارفين نرتاح وأنتى بعيدة عن حضننا، وعشان كده جينا بنفسنا عشان ناخدك معانا
هاجر اتنطتت من الفرحة وهي ماسكه ايد سامح بايد وايد منصورة بايدها التانية وبتضحك، شاركها ضحكتها صوت محمود اللي قال بهزار : كده يا جوجو بعتي أبيه في لحظة
هاجر جرت بسرعة وحضنته : ابيه أنت جيت أنت كمان !؟
محمود : ايوه يا اوزعه جيت، ايه رايك في المفاجأة دي !؟
هاجر بسعادة : حلوة أوي يا ابيه، أنا فرحانه خالص
الجدة سناء : شوف إزاى، اللي يشوفك من دقيقتين مايشفكيش دلوقتى
هاجر ضحكت وكلهم سلموا على بعض، وسمية راحت حضنت محمود بشوق : كده يا محمود تغيب كل ده من غير ما تقول !؟
محمود : معلش يا أمي كان عندي شغل
محمد : مش قولتلكم رايح يصيع في مصر، الفاسد الضايع
محمود : أنت قولت كده !؟
محمد استخبى ورا نجمته وحرك حواجبه باستفزاز لمحمود اللي حرك ايده على دقنه : ماشي حسابك معايا
سناء : بطلوا مناقره بقى ياولاد، تعالي يا منصورة يا حبيبتي وأنت يا سامح يابنى يلا عشان تتغدوا
سمية مسكت ايده محمود : تعالا يا حبيبي أنت كمان، كفاية سفر بقى
محمود : لسه شوية يا أمي، لازم أخلص الشغل اللي هناك الأول
سمية بصتله بزعل وهو باس راسها : فرفشي كده يا سوما ابنك مش قادرين يستغنوا عنه هناك
سمية ضحكت وكلهم ضحكوا معاها عشان يتجمعوا كلهم في قاعدة لطيفة زي عادتهم
********
أما على الناحية التانية، بعد أيام قليلة، اتحددت جلسة النطق بالحكم على جاسم، الكل حضر وقعدوا في أماكنهم وبدأت المحكمة، وقف محامي الإدعاء قدام القاضي وبدأ مرافعة : حضرة القاضي حضرة السادة المستشارين، المتهم المجر.م جاسم خطـ.ف أخته بالتبني بالإكراه وحبسها في بيت معزول كأنه سجن، يعني بالبلدي كده عض الايد اللي اتمدتله وبدل ما يشكر الناس اللي رحموه من الشارع اذاهم
يامن ضغط جامد على ايده بغضب من كلام المدعي العام اللي كمل : ومش بس كده حضرتك سلب من شابه في عمر الزهور حريتها وروعها وتسببلها في ضرر نفسي لابد ليه من تعويض، ده غير ترويعه للأستاذ يامن وتلف أعصابه اللي تسبب بيه طول فترة اختفاء أخته
يامن بص لمحمود اللي قاعد جنبه : هو مين اللي طلب من الراجل ده بترافع، أنا ماطلبتش محامي
محمود مسك دراعه يهديه : أهدى شوية، ما هو عشان انت ماطلبتش محامي فالمحكمة وكلتلك محامي من عندهم، وبعدين القضية بسبب الصحافة اتعرفت والمدعي بيعمل كل ده عشان يكسب القضية عشان اسمه يتعرف أكتر
يامن بص على المدعي اللي كمل كلامه : أخيرا يا حضرة القاضي البلاغ الكيدي اللي تسبب فيه المتهم وضلل بيه السلطات بادعاء وجود جر.يمة قتـ.ل غير حقيقية واتهم بيها شخص بريئ
اتنهد ووقف باعتدال وانهى كلامه : لذا يا حضرة القاضي بطالب بتنفيذ أقصى عقوبة على المتهم جزاء ليه على جر.ايمه، شكرا
المدعى العام قعد والقاضي بص للمحامي : اتفضل دافع عن موكلك يا حضرة المحامي
المحامي قام وقف وبدأ يترافع هو كمان : موكلي يا حضرة القاضي يعتبر ضحية هو كمان، ضحية لمرض نفسي هو مالهوش يد فيه ومعايا الدليل على كده
المدعي رفع ايده : أعترض يا حضرة القاضي
القاضي : اعتراض موفوض، اتفضل أعرض دليلك يا متر
المحامي قرب منه وعرض أوراق التقرير الطبي بتاع الدكتور النفسي اللي بيأكد إن جاسم فعلا مريض نفسي واستدعوا الطبيب للمنصة يثبت الكلام ده، بعدها المحامي كمل مرافعة : وعليه سيادتكم موكلي يعتبر معيب وده بيفقد القضية ركن رئيسي فيها، فبطلب من حضرتك الرفق بحالته والحكم عليه بأقل حكم، وشكرا
قعد ومحامي الإدعاء رفع ايده فالقاضي سمحله يتكلم : أطلب من حضرتك مثول الضحية أمام القضاء للإدلاء بشاهدتها
يامن قام وقف برفض للي بيحصل بس مليكة بصتله تطمنه، والقاضي نادى عليها عشان تروح تقف قدامه ويبدأ المدعي بسؤالها : آنسه مليكة، حضرتك تعرفي المتهم !؟
مليكة : ايوه، أخويا اللي بابا تكفل بيه
المدعي : تنكري إنه خطـ.فك وأذاكي وسببلك ضرر نفسي !؟
مليكة بصت على جاسم اللي واقف في قفص الإتهام مش مهتم بأي حاجة بتحصل حوليه، وبصت تاني للمدعي، وسكتت شوية قبل ما تتكلم : ايوه أنكر
كلهم شهقوا بمفاجئة عشان هي تكمل : هي كانت مشكلة بينا كأسرة بس هو ماعملش اللي حضرتك بتقوله ده
يامن بهمس : مليكة
محامي الدفاع رفع ايده عشان يسأل والقاضي سمحله : آنسه مليكة معنى كلامك إنك بتنفي التهمة عن موكلي !؟
مليكة بصت في عين جاسم اللي كان بيلصلها باستغراب وجاوبت : ايوه حضرتك، أنا بكل قوايا العقلية بنفي التهمة عن جاسم
الإدعاء : أعترض يا حضرة القاضي، ممكن تكون الضحية تحت تهد.يد
القاضي : اعتراض موفوض، اتفضلي يا آنسه تقدري ترجعي مكانك
مليكة رجعت تاني جنب أخوها اللي مسك أيدها : ليه كده !؟
مليكة بصتله وابتسمت، والإدعاء طلب حضور يامن عشان يسأله زي أخته : حضرتك تقول ايه عن التهمة الملفقة ليك بأنك قتـ.لت الخدم بتوعك !؟
يامن : أنا عايز احاسب اللي لفقلي التهمة دي
كلهم اتصدموا بكلامه عشان هو يكمل : عايز يا حضرة القاضي حقي من الصحافة اللي حاولت تشوه سمعتي
الإدعاء : ده معناه إنك عايز تحاسب جاسم لأنه المتسبب في الشائعة دي !؟
يامن : ماعرفش جاسم عمل ايه، أنا كل اللي طالبه تكذيب للأخبار من الصحافة اللي نزلت الخبر وبس
محامي الدفاع : ده معناه إن حضرتك بتتنازل عن حقك وبتسحب بلاغك ضد موكلي !؟
يامن اتنهد بتعب فهو بيعمل كل ده عشان خاطر مليكة بس : ايوه حضرتك، انا بسحب البلاغ
المدعي حس بالغضب من اللي بيحصل ويامن رجع مكانه عشان المحامي يقف : حضرة القاضي، بعد تصريح الضحا.يا الآنسة مليكة والاستاذ يامن برفض أى بلاغ تجاه موكلي، فده بيتسبب في تقليل الحكم عليه، أتمنى حضرتك تنظر في حالته بعين الرأفة وبطالب بإحالته لمصحة نفسية يتعالج فيها وغرامة مالية للبلاغ الكاذب، شكرا لسيادتكم
القاضي بعد سماعه للادعاء والدفاع أتكلم بهدوء : الحكم بعد المداولة
مر وقت والكل مترقب لحد ما القاضي رجع تاني وقعد مكانه وبدأ يتكلم : "بعد مطالعة أوراق الدعوى، وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها من محاكمة علنية وسرية، وبعد سماع أقوال المتهم وطلبات النيابة العامة، ووفقا لقانون العقوبات المادة 303، حكمت المحكمة حضوريا بإجماع الآراء بالحكم على المتهم جاسم عزيز العزاوي بدفع غرامة مالية تبلغ ١٠ آلاف جنيه مصري، والسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وقد حكم أن يتم متابعته من خلال طبيب نفسي للإشراف على حالته النفسية تحت مراقبة عسكرية مشددة، رفعت الجلسة "
الكل اتنهد براحة بعد صدور الحكم فكده كل حاجة رجعت لمكانها، بريهان كانت حاضرة الجلسة وأول ما الحكم صدر دموعها نزلت وهي بتضم نفسها بحضن الفراشة وبتحمد ربنا إن جاسم مش هيدخل السجن، مش مهم يفضل في المصحة قد ما يفضل أهم حاجة أنه مش هيتسجن
بعد خروج القاضي من القاعة العساكر قربوا من جاسم واخدوه وخرجوا هما كمان وبدأ الحاضرين يمشوا واحد ورا التاني، وبريهان طلعت تجري بره المحكمة وصلت عند عربية الترحيلات اللي هتنقل جاسم للمصحة اللي هيتحجز فيها، وقبل ما يركب العربية بريهان مسكت دراعه وبصتله بدموع، وهو بصلها ببرود قبل ما العساكر يبعدوها ويطلعوه العربية اللي مشت واختفت من مجال رؤية بريهان اللي قعدت على الأرض تعيط
مليكة شافت بريهان بالشكل ده فقربت منها وقعدت جنبها على الأرض : أنا لو منك أدعمه مش أقعد اعيط بالشكل ده، كل ما يخف أسرع هيخرج اسرع
بريهان بصتلها وهي ابتسمت : صحيح أنا مش بحبه زيك وهو بالنسبالي واحد من العيلة بس، لكن ده ماينفيش إنك من حقك تدافعي عن حبك
بريهان زقتها لوا واتكلمت بحدة : ماتمثليش دور الملاك اللي بجناحات
قامت من مكانها ونفضت فستانها ومشت، ويامن قرب من أخته قومها من على الأرض وهو ضاممها لصدره بخوف عليها : مليكة أنتى كويسة !؟
مليكة بصتله بحزن : أنا كويسة ماتقلقش، أنا بس زعلانه عليهم
يامن طبطب على كتفها يخفف عنها : ماتزعليش يا لوكا
مليكة ابتسمت : وحشتني لوكا منك
يامن بحنية : مش هبطل اقولهالك يا لوكتي، تعالا نمشي يلا، أنتى لسه ماخفتيش ومحتاجة راحه أكتر
مليكة حركت راسها بموافقة فهي فعلا تعبت جدا من كل اللي حصل طول اليوم
أما بريهان فهي راحت ركبت عربية يامن بصمت فهي حاليا مش عايزة تروح فيلا أبوها، ولا عايزة تروح بيتها الخاص عشان رجالة أبوها ممكن يوصلولها تاني، فحاليا هي هتفضل عند يامن ومليكة تتحامى فيهم لحد ما تحدد هتعمل ايه في مستقبلها
********
مرت الأيام ومرام زياراتها لمليكة بتزيد يوم بعد يوم وعرفتها كمان على منى وبقوا التلاته أصحاب جدا، وفي يوم راحولها الفيلا وهي رحبت بيهم : أهلا بيكم اتأخرتوا ليه كده !؟
مرام : اسألي البنى آدمه اللي معايا دي، أقولها انجزي هنتأخر وهي كل همها تاكل قبل ما تنزل
مليكة بصت لمنى : مش قولنا هنتغدى سوى اكلتي ليه !؟
مرام ضحكت ومليكة استغربت ضحكها لحد ما منى اتكلمت : ما هو أنا هتغدى معاكم برضه
مرام طبطبت على كتف مليكة : يا بنتى دي مفجوعة
منى خبطها في كتفها وقربت من مليكة : ماعندكيش حاجة انقنق فيها شوية لحد معاد الغدا
الاتنين ضحكوا على منى وفي الوقت ده بريهان جت من بره فهي بتخرج كتير بتحاول تقابل جاسم في المصحة بس هو بيرفض، عدت من قدامهم فمليكة نادت عليها : تعالي يا بري اقعدي معانا شوية، أنتى على طول قاعدة لوحدك
بريهان اترددت شوية بس في الآخر وافقت وقعدت معاهم تراقب اللي بيعملوه وبيقولوه، وفي نص الكلام منى سألت مليكة عن الحادثة اللي حصلت : قوليلي بقى يا لوكا، عرفتي إزاى تطلعي من البيت اللي كنتي محبوسه فيه !؟
فبريهان زي عادتها دافعت عن جاسم باستمتاته ومرام بتراقب اللي بيحصل بتركيز، فمليكة كانت حكيالها كل تفاصيل الحادثة حتى اللي جاسم كان بيعمله في بريهان : وأنتى بتسألي ليه !! عايزة تشمتي في جاسم مش كده !؟ ولا ناوية تخليه هو تسلية القاعدة !؟
مرام ادخلت في الكلام بهدوء : مالك متعصبه كده ليه !؟ هي بس سألت ازاى عرفت تطلع من البيت ماجابتش سيرة جاسم
بريهان بعصبية : أصلا كلكم بتكرهوه وبتتمنوله الشر أنا الوحيدة اللي بحبه في الدنيا دي
مرام : اه حبك المرضي قصدك !؟ اللي مخليكي متعلقة بيه بالشكل ده !؟
بريهان قامت وقفت بضيق فمرام اتكلمت بسرعة : هتهربي !؟
بريهان بصتلها بشر ومرام كملت : صدقيني سواء كملتي بالشكل ده أو حاولتي تتعالجي فأنا مش هستفاد حاجة، بس أنا مابقدرش أشوف حد محتاج مساعدة وأنا أقدر اساعده واسيبه، نصيحة مني اتعالجي أنا أعرف دكتورة شاطرة جدا تقدر تساعدك
خرجت ورقه من شنطتها كتبت فيها رقم الدكتورة واسمها ومدت ايدها بيها، بس بريهان تجاهلتها ومشت ومرام اتكلمت بصوت عالي عشان تسمعها قبل ما تطلع فوق : هسيبلك الورقة على الترابيزة هنا، وماتنسيش بكرا جاسم يتعالج ويخرج من المصحة وأنتى اللي هتفضلي كده، لو أنتى واثقة في حبك ليه فعلا حاولي تتعالجي قبل ما يرجعلك تاني
بريهان بصتلها بجمود قبل ما تسيبها وتطلع غرفتها، ومليكة بصت لمرام بزعل : مش قسيتي عليها أوي !؟
مرام : لأ ده لمصلحتها وأنتى شجعيها عشان نفسها
سكتت شوية قبل ما تسأل : هو يامن فين صحيح !؟
الاتنين بصولها ومنى مستغربة الاهتمام ده، ومليكة : في شركته، الظابط محمود قاله هيساعده يرجع الشركة تاني، ويوسف كمان قال إنه هيعمل اللي يقدر عليه عشان يستردوها
مرام حركت راسها بفهم والتلاته كملوا كلام وهزار مع بعض، وبريهان فوق سامعه صوت ضحكهم وهي ماسكه فونها في ايدها بتبص على صورة جاسم وبتعيط
********
أما على الناحية التانية في شركة Tri_WP، يامن ومحمود وأمير ويوسف كانوا داخلين الشركة مع بعض، الموظفين أول ما شافوا يامن اندهشوا وقاموا وقفوا احترام ليه، وهو وقف في نص المكان ومرر بصره على الكل واتكلم بصوت بيحاول يطلعه ثابت وهادي على قد ما يقدر : السلام عليكم جميعا، بدون مقدمات وزي مانتوا شايفين كده أنا رجعت تاني، طبعا الفترة الأخيرة حصلت فيها حاجات كتير ومشاكل اكتر، بس مافيش مشاكل تاني بإذن اللّٰه وكل حاجة هترجع لمكانها الطبيعي
سكت لحظة قبل ما يبصلهم ويقول بتلميح : وطبعا كل حاجة حصلت في غيابي وكل كلمة اتقالت عني أو عن حد يخصني وصلتلي، وعارف كويس كل واحد قال ايه
بصلهم كلهم يشوف ردود أفعالهم وفعلا الناس اللي اتكلموا عليه وحش أو سرقوا شركته في غيابه ظهر على وشهم التوتر؛ فيامن ابتسم بسخرية وسابهم وراح ركب الاسانسير هو واللي معاه
أمير قرب من يامن بسرعة ومسك دراعه بمرح : كنت جامد أوي يابن عموتو
يامن ابتسم ومحمود ضحك بصوت عالي هو ويوسف، ومحمود ضرب أمير على كتفه بخفة : أنت خليته ابن عموتو هو كمان !؟
أمير : اه طبعا مش آكل معانا وبقى من الشلة، يبقى ابن عموتو على طول
محمود بضحك : طبعا مش آكل معانا، أهم حاجة الأكل
يوسف كان بيبص لمحمود وأمير وبيشوف هزارهم مع يامن كأنهم أصحاب من سنين وبيسأل نفسه امتى بعد أوي عن يامن بالشكل ده
أما محمود فهو كان بيبص على يامن اللي واقف بشموخ أول مرة يشوفه عليه، وكان بيكتفي بابتسامة صغيرة على الكلام المضحك اللي هو وأمير تعمدوا يقولوه عشان يخلوه يضحك شوية ويخففوا عنه حده الموقف، بس هو كان ثابت بطريقة غريبة وهادي جدا كأنه حد تاني أول مرة محمود يشوفه، اتنهد بتعب لما خمن إن يامن لسه بيفتكر الأيام والأحداث اللي فاتت وده اللي مخليه بالشكل ده
باب الاسانسير اتفتح ويامن خرج منه ويوسف وراه، وأمير بص لمحمود : هو ماله !؟
محمود : مش عارف
مشي هو كمان وأمير خرج وراه، وصلوا كلهم عند مكتب يامن اللي خبط على الباب بخفة ودخل، لقى ضياء وناصف البحراوي قاعدين جوه، والبحراوي أول ما شافه قام وقف : كنت متأكد إنك جاي النهاردة
يامن : ده من رجاحة تفكيرك أكيد
دخل وراح قعد على واحد من الكراسي قصاد مكتبه وحرك ايده عليه كأنه بيسلم على خشبه قبل ما يبص للبحراوي : اتفضل أقعد أكيد مش هنتكلم وأنت واقف كده
ناصف قعد حط رجل على رجل : معاك حق، المفروض انت اللي تقوم تقف وأنت بتكلمني
يامن ابتسم بهدوء : معلش بقى ركبي وجعاني مش هقدر اقف كل ده
أمير كتم ضحكته بصعوبه وناصف مستغرب هدوء يامن ده، فهو قبل كده كان بيتعمد يهينه عشان يشوف نظرة الانكسار في عينيه، ويامن طلع ورق من جيب البالطو بتاعه حطه قدام ناصف على المكتب : ده ورق ملكية شركتي اللي حضرة الرائد أمير اخده من كام يوم، وأنا هنا النهاردة عشان ارجعه تاني
كلهم استغربوا كلامه قبل ما هو يكمل ببساطه : زي ما هرجع شركتي تاني
ناصف بضيق : ده مش من حقك
يامن : أعتقد مافيش بند في عقد الشراكة بينا بينص إن اللي يتغيب لفترة التاني يستولى على شركته
ناصف كشر بضيق وقبل ما يتكلم يامن قاطعه بحدة : ولا أقول يسرق شركة التاني !! مش ده كان هدفك أصلا من البداية، تعمل مسابقة للشباب وبعد ما تحكم قبضتك عليهم وتحطهم تحت ضرسك تستولى على شركتهم وتبيعها في المزادات السوداء وتكوش على فلوسها من غير ما حد يعرف حاجه
يوسف كان بيبص ليامن بإعجاب من اللي بيقوله، وناصف أتكلم بجمود : أنت عايز ايه !؟
يامن بصله نظرة بريئة كأنه طفل وديع : عايز شركتي يا ناصف يا بحراوي، وأتمنى ده يكون بهدوء عشان لا أنا ولا أنت عايزين شوشرة في حياتنا، قولت ايه !؟
ناصف : وده اللي هو إزاى بقى !؟ أنت مش شايف بقالك قد ايه غايب وكمية الخساير اللي اتسببت فيها !!
يامن هرش في شعره بتفكير وبص ليوسف : مش فاكر، فكرني كده يا يوسف بالصفقات اللي مالهاش عدد بيني وبين ناصف
ناصف ضغط على ايديه بغضب واتكلم من بين أسنانه : ناصف حاف
يامن : اونكل ناصف
محمود ابتسم بإعجاب بشخصية يامن الجديدة، فالواضح إن زي ما الحادثة جرحته فهي قوته وغيرت شخصيته المتوترة وخلته إنسان جديد عارف يتحكم في أعصابه كويس
يامن : شوف يا بحراوي بيه، أنا لآخر لحظة اتعاملت معاك فيها كنت محترمك فيها لأقصى درجة، بس أنت اللي بدأت غدر الأول، أنا من البداية كنت عارف نيتك ومع ذلك جازفت وشاركتك، بعترف أنى ماحسبتهاش صح، قولت فرصة ومش هتتعوض وهحاول اتكيف مع العيوب
رفع راسه وبص في عينيه مباشر : فكرت في نقطة واحدة بس وماحسبتش الباقي، بس ده عدى خلاص إحنا ولاد النهاردة، واللي باظ قبل كده ممكن يتصلح دلوقتى عادي
ناصف : قصدك ايه !؟
يامن عدل كرسيه بحيث يواجه البحراوي وش لوش وشبك صوابعه تحت دقنه وسندهم على المكتب : جايلك بعرضين وأنت تختار، يا نرجع الشراكة بينا زي ما كنا بس بشروطي أنا، ياما تخرج من شركتي زي ما دخلتها بهدوء ومن غير ماتاخد أي حاجة معاك من هنا
البحراوي بغضب : أنت اتجننت !؟
يامن : بصراحة مش عارفه، بس أنا لسه خارج من مصحة نفسية من فترة قليلة
هنا أمير ماقدرش يكتم ضحته أكتر من كده وضحك لحد ما قعد على الكنبه الجلد اللي جنبه من كتر الضحك، ويامن بص البحراوي : قولت ايه !؟ شراكة ولا نفضها سيرة !؟
ناصف : الشراكة بشروطك !؟
يامن حرك راسه بتأكيد-بقلم/مريم عبدالقادر-وناصف : وايه هي شروطك بقى !؟
يامن : أولا أنا مش خدام تحت رجلك يعني طريقة التعامل الدونية دي بح وطريقة الأمر وأنا أنفذ وأنا ساكت برضه بح، ثانيا أي شغل بينا هنتناقش فيه زي أي اتنين متحضرين ويا أوافق يا أرفض ده حقي، ثالثا بقى وده الأهم أى ربح بينا هيكون بالنص
ناصف قام وقف بغضب وهو بيهبد على المكتب قدامه : لأ بقى أنت كده زودتها
يامن بصله وهو لسه محتفظ بثباته : ولا زودتها ولا حاجة ده لسه في شروط كمان، وبعدين أنا شايف إن ده حقي، معلش يعني واسمحلي أفكرك إنك أنت اللي محتاجني أكتر مانا محتاجك
ناصف : إزاى !؟
يامن ببساطة : هوفرلك كل البلاستيك اللي أنت محتاجة في صناعتك بأقل سعر وأحسن جودة، وده أكيد هيفرق كتير مع شركتك سواء من ناحية السمعة أو الإنتاج أو حتى رأس المال، ده غير أنى أعرف عنك كتير
ناصف قاطعة : أنت بتهددني !؟
يامن : لأ حاشا لله أنا بس بقولك إني بير غويض يحفظ السر
وكمل بجمود وعيونه مضلمه تماما : وبرضه يغرق لو حد حاول بغدر بيه
يوسف كان مذهول من يامن وطريقة كلامه ونبرة صوته الجامدة، بلع ريقة وحاول يتدخل : أنا بقول والله إن كلنا مستفادين من الشراكة في الآخر، فممكن كل واحد يحط شروطه ونحاول نوصل لحل وسط يرضي كل الأطراف
يامن : أو ممكن نفض الشراكة وكل واحد يخرج منها زي ما دخل، وفلوسك يا بحراوي اللي عطهالي عشان المشروع اللي بينا موجودة، عايز تاخدهم هديهملك بزيادة اعتذار عن خلف وعدي معاك، عايز البلاستيك بتاعك وأنا اشك في ده ماعنديش مشكلة تاخده وهدفع كمان الشرط الجزائي لفسخ العقد
سكت شوية قبل ما يكمل : بس ده مش هيكون حلو في حقي أنى خلفت وعد مع حد، ده كده يشوه سمعتي، فعشان كده أنا عن نفسي أفضل الشراكة
وابتسم بسخرية : حتى يكون ليك فرصة تخطت براحتك جوه الشركة
ناصف : أنت عايز تعمل ايه بالظبط !؟
يامن : مالكش حق تدخل في حياتي يا بحراوي بيه، زي ما أنا مش بتدخل في حياتك، يعني مثلا ماحاسبتكش على جوازك على مراتك من بنت اصغر من أصغر ابن عندك يادوب مكملة العشرين سنة، فحضرتك كمان مالكش تتدخل في حياتي
كل الموجودين ذهلوا من كلام يامن وناصف مش قادر يستوعب إزاى يامن عرف عن جوازه، ويامن سأل بهدوء : ها اخترت ايه !؟
___________يتبع
بقلم/مريم محمد عبد القادر
يامن سأل بهدوء : ها اخترت ايه !؟
البحراوي قعد بتهالك على الكرسي وبص ليامن بكره، فهو ابتسم : صدقني أنا مش بحب اذي حد، أنا بس عايز اضمن حقي، أنا ماليش غير الشركة دي، رزقي منها وأحلامي فيها
ناصف كان بيبص ليامن فدي أول مرة يشوفه بكل القوة دي، كأنه شخص تاني مش نفس الشاب اللي كان قاعد قصاده من كام شهر بس، اتنهد بتعب واتكلم : موافق بس التنصيص لأ
يامن : لالأ أعذرني، كله إلا دي
يامن وناصف كانوا بيبصوا لبعض بتحدي وكل واحد مصر على رأيه، قطع الصمت ده صوت فون يوسف بيرن فابتسم ببلاهة ورد كانت بسنت، كلمها شوية وفي آخر الكلام ضحك وقالها بهزار : يا بت ماتخافيش، ده أنتى مرات يوسف الشيمي بنفسه
ناصف ذهل من اللي سمعه وماكانش مستوعب إن يوسف يبقى ابن الشيمي أكبر عائلات مصر واغناهم، ويوسف قفل مع مراته وهو بيبتسم بحب واستغرب لما رفع راسه لقى الكل بيبصله فهمس : في ايه !؟
ناصف : أنت ابن عيلة الشيمي بجد !؟
يوسف حرك راسه بتأكيد فناصف سكت وفضل يفكر شوية قبل ما يبص للواقفين حوليه، محمود وأمير ويامن واخيرا ابن الشيمي فاتنهد وهو بيبص ليامن : موافق
يامن : بكل شروطي !؟
ناصف : موافق، بس تعوضني الأول عن كل الفترة اللي فاتت دي، وعلى حسابك الشخصي
يامن : موافق
قعد الكل يتفقوا على كل حاجة ويحاولوا يوصلوا لحلول ترضي كل الأطراف، وبعد وقت طويل رجع يامن واللي معاها للفيلا وهما بيضحكوا ويهزروا طول الطريق
يامن خبط على الباب ومليكة هي اللي فتحتله وابتسمت لما شافته : حمد لله على السلامة
يامن ضمها بابتسامة خلاها تتكسف من الموجودين وهمس : محضرلك مفاجأة
بعد عنها وهي سألت : مفاجأة ايه !؟
يامن عدل وقفته جنب صحابه اللي كانوا مبتسمين وواقفين كأنهم بيخبوا حاجة وراهم، فمليكة سألت بفضول وهي بتحاول تبص وراهم : في ايه وراكم !؟
الأربعة بعدوا من قدامها عشان تشوف اللي واقفه وراهم فقالت بلهفة : دادة صباح
صباح بدموع : مليكة حبيبتي
مليكة قربت منها وحضنتها جامد وصباح ضمتها هي كمان بحب واطمنت عليها، وقعدوا كلهم مع بعض في قعدة هادية بعد ما صباح حكتلهم على اللي حصل معاهم يوم الحادثه، لما دخل عليهم المطبخ ناس ملثمين خوفوهم واخدوهم غصب عنهم لدرجة أنهم كانوا بيصرخوا من الخوف
وجنب مليكة يامن كان قاعد بيبص لمرام اللي بتتجنب تبصله من الكسوف فهمس : مالك قاعدة ساكته ليه كده مش عادتك !؟
مرام بصتله : وايه عادتي بقى !؟
يامن بابتسامة : رغاية وهبلة وبتاكلي العيال
مرام بضيق : والله !!
يامن : لأ، أى نعم أنتي رغاية وهبلة بس مش بتاكلي العيال
مرام : يا شيخ
الاتنين ضحكوا بخفوت ودخلوا في الكلام مع مليكة وصباح، وأمير كان قاعد بيبص على منى فدي تالت مرة يقابلها صدفة، ويوسف بيكلم بسنت على الواتس
صباح قامت وقفت : خليني احضرلكم الغدا، وحشني المطبخ هنا
مليكة : سبقتك أنا يا دادة وعملت الغدا من بدري، فاضل بس يتسخن
صباح بفخر : تربيتي، تعالي نحضره، يلا يا بنات قدامي
البنات ضحكوا فشكل صباح هتمارس عليهم دور الأم المصرية، ومنى ماكانتش تتوصى فأول ما سمعت اسم الأكل قامت بسرعة ضحكت الكل عليها
بعد وقت كلهم كانوا متجمعين على السفرة بياكلوا، محمود كان قاعد على كرسي جنب يامن ، بص لمليكة واتكلم بهدوء : تسلم ايدك الأكل تحفة
كلهم بصوا للاتنين ومليكة اتكسفت فبصت في طبقها : بالهنا عليكم كلكم
محمود ابتسم ويامن بيتابع اللي بيحصل، ومن غير ما محمود يدرك داس على رجله جامد من تحت الترابيزة-بقلم/مريم عبدالقادر-محمود بهمس : ايه يا عم فرمت رجلي
يامن : لم عينك يا صاحبي، دي أختي
محمود شد رجله من تحت رجل يامن وهو بيتوجع : يا عم وهو أنا عملت حاجة، أنا بس بابدي إعجابي بالاكل
يامن بسخرية : يا راجل !! شكلي فهمتك غلط يا حرام
محمود : شوفت بقى، ربنا على الظالم والمفتري
يامن : بس يا ولد
محمود شهق بدراما : أنا ولد !! حضرة الظابط المقدم محمود البدري باشا يتقاله ولد
يامن وأمير : ارحمنا يا رب
كلهم ضحكوا وكملوا قعدتهم في جو لطيف لا يخلوا من نظرات الحب بين يامن ومرام، ومحمود ومليكة، أما يوسف فهو كان قاعد بصمت، وأمير بينقل نظراته بين الكل وبيتكلم مع صباح بمرح، وطبعا بياكل كأنه بياكل في آخر زاده
ومنى هي كمان بتاكل زي عادتها، مدت ايدها عشان تاخد واحدة محشي ورق عنب بس أمير كان سبقها ومسك نفس واحدة المحشي، الاتنين رفعوا وشهم وبصوا لبعض، منى بتهديد : ايدك يا عسل
أمير : أنا اللي مسكتها الأول
منى : ماليش فيه، سيب يا ولد المحشاية
مليكة : منى حبيبتي في كتير ماتخليش عقلك صغير
مرام بضحك : هاه دي تموت يابنتي لو حد اخد أكلها، ده زي اللي بياخد ابنها كده
منى استغلت تركيز أمير في الكلام وشدت المحشي من ايده واكلتها كلها على مرة واحدة وابتسمت بانتصار
مر الوقت والكل مندمج في الكلام ومنى وأمير بيتخانقوا مين هياخد الأكل الأول
.
وبعد القاعدة اللطيفة دي كلهم مشوا وماتبقاش غير يامن ومليكة وصباح اللي بصتلها : تعالي طمنيني عليكي، ده أنا قلبي كان هيقف من الخوف عليكي يا بنتي
مليكة حضنتها بلطف : بعد الشر عليكي يا صبوحتي
بعدت عنها كأنها افتكرت حاجه : يالهوي ده أنا نسيت بري خالص، دي ماكلتش حاجة من الصبح
بصت لصباح باعتذار : ثواني يا دادة هطلع لبريهان الأكل وهرجعلك تاني نتكلم طول اليوم
راحت المطبخ وصباح بصت ليامن باستفهام : تعالي احكيلك دي قصة طويلة
الاتنين قعدوا يتكلموا ومليكة أخدت صينيه الأكل وطلعت لبريهان، خبطت ودخلت وحطت الأكل قدامها : زمانك جعانه من بدري ماكلتيش
بريهان بصت جنبها : مش عايزة آكل
مليكة قربت منها وضمتها بحنية وباست راسها وطبطبت على شعرها الناعم : ماتزعليش أنتى جميلة أوي وبكره كل حاجة هتتصلح
بعدت عنها بهدوء وبصتلها بابتسامة وبريهان بتحاول تمنع دموعها، ومليكة خرجت ورقه من جيبها حطتها على السرير جنبها : ده رقم الدكتورة اللي مرام سابته، لو ماحدش في الدنيا واثق فيكي فأنا واثقة فيكي جدا، وعارفه إنك كويسة وصادقه في حبك، ومتأكدة إنك هتختاري القرار الصح
قالت كلامها وسابتها تفكر مع نفسها، مسكت الورقة ودموعها نزلت بصمت وهمست : أنا محتاجاك جنبي أوي يا جاسم
********
أما على الناحية التانية مرام ومنى وصلوا البيت، ومرام دخلت غرفتها عشان تغير لبسها، بس قبل ما تعمل أي حاجة لقت منى جنبها اتعلقت في دراعها : بت اعترافي حالا وفورا والآن، عايزة تفسير للي حصل عند مليكة ده، اعترفي اعترفي يا متهمة
مرام : أعترف بايه يا بت انتي !؟
منى بتحاول تقلد صوت مرام وطريقة كلامها : هو يامن فين صحيح !؟ بتسألي عن يامن ليه يا كتكوتة !؟
مرام بتحاول تتهرب : اااه عادي يعني، كنت يسأل عادي يعني، يعني مالقتهوش موجود فسألت، فضول يعني عادي
منى : يا شيخة، بعد كل عادي يعني والكدب ده عايزاني اصدقك
نطتت على ظهرها وهي بتخنق فيها بهزار : اعترفي يا بت وإلا هخنقك
مرام عافرت قصادها كتير بس في الآخر استسلمت قدام زنها الكتير ماعترفتلها بحبها ليامن والمشاعر اللي بتحس بيها في وجوده
منى : أشعر بخيبة أمل كشمعة أحرقت نفسها لتضيء غرفة شخص أعمى
مرام بصتلها برفعة حاجب، ومنى : بقى يا جزمة الجزم يا كلبة البحر كل ده حصل وماتقليش، اخس على الأخوات
سكتت شوية وبعدها بصتلها بمكر ومرام قلبت عينيها بملل فده اللي كانت خايفة منه، منى : ياعيني على الحلو لما تبهدله الأيام، مرام عدوة الجواز والحب غرقانه لشوشتها، ياااا دي الدنيا دواره بصحيح
مرام : بس يا بت
منى : مانا قولتلك اعملي لليوم ده وبلاش تشمتي فيا عشان هيجيلك يوم
مرام مسكت المخدة من على سريرها ورمتها في وش منى اللي بدورها مسكت مخده هي كمان وفضلوا يضربوا في بعض، وعلى الباب كانت واقفة هناء بتتفرج عليهم وهي بتتنهد : وأنا اللي قولت عقلتوا الكام يوم اللي فاتوا دول
سكتت وبعدها ابتسمت بحب وهي شيفاهم بيجروا ورا بعض وبيضحكوا بمرح وسعادة
********
مرت الأيام والشهور ورجعت الحياة لطبيعتها من تاني، يامن رجع شركته مع يوسف، وهاجر رجعت تاني تعيش مع منصورة وسامح، ومليكة رجعت لحياتها تاني، ومحمود بيتنقل بين بلده والقاهر وبيتحجج يروح ليامن كل شوية عشان بس يشوف مليكة ويتكلم معها شوية وده قربهم جدا من بعض وولد مشاعر لطيفة بينهم
وفي يوم محمود كان في قسم القاهرة اللي كان شغال فيه، قابل زمايلة واللواء وبعدها راح السجن ووقف قدام زنزانه معينه وبص للي جواها : تؤ تؤ تؤ كده برضه يا طروقه تدخل الحبس وماتقوليش، اخس ده حتى بينا عيش___
سكت وهو بيهرش في شعره بتذكر قبل ما يبتسم ببلاهة : ماكانش بينا عيش وملح بس أنا هعتبره كان عشان قلبي شمعة فله منورة
الشويش اللي كان قاعد على مكتبه كتم ضحكته على طريقة كلام محمود اللي قرب من باب الزنزانة واتكلم بجدية : مش قولتلك هنتقابل في المحاكم، أهو اللي قولته حصل وكل مذنب أخد جزائه، سلام بقى يا طروقة
سابع بيغلي ومشي وهو بيأدي التحية للشويش وبعدها خرج من القسم وراح فيلا يامن، ركن عربيته ونزل شاف مليكة جايه من بعيد بالعربية بتاعتها فابتسم بتسليه للي بيفكر فيه
ومليكة ركنت قدام الفيلا، وبصت جنبها لأكياس الطلبات اللي اشترتها وقبل ما تاخدهم وتنزل لقت حد بيخبط على ازاز العربية، بصت جنبها لقت محمود واقف ففتحت الازاز وابتسمت بهدوء : حضرة الظابط، ازيك !؟
محمود : بخير الحمد لله
مد ايده قدامها فهي استغربت، وهو حرك صوابعه بحركة معروفة بمعنى هاتي وهو بيقول : الرخص يا هانم
مليكة ضحكت بعدم تصديق : وحضرتك عايز الرخص ليه !؟
محمود : هو كده، طلعيهم فكراني بهزر ولا ايه !؟ الرخص يلا
مليكة كانت هتطلع الرخص فعلا بس تراجعت وبصتله : بس أنت مش ظابط مرور أصلا
محمود رفع حاجبه وفتح باب العربية وهو بيبتسم باستفزاز : أنزلي
مليكة بصتله بعدم تصديق للي بيحصل ونزلت، لقته بيطلع الكلبشات من جيبه وحطها في ايدها الشمال وحط التاني في ايده اليمين وشدها وراه : تعالي هعرفك غلطك براحة ماتخافيش
مليكة بذهول : أنت بتعمل ايه !؟ وبعدين غلط ايه !؟ أنا ماعملتش حاجة غلط
محمود : لأ عملتي وهعمل فيكي بلاغ كمان
مليكة : وده بتهمة ايه بقى !؟
محمود بصلها : السواقة من غير رقمي يا حضرة الدكتورة
مليكة كانت مندهشة وعقلها مش مستوعب السخافة اللي هو بيقولها، وصلوا الاتنين قدام باب الفيلا من جوه ومحمود خبط فيامن هو اللي فتحله واستغراب من الوضع اللي هما فيه : ايه ده !؟
محمود : أهو جيت للي هيعرف ياخد حقي منك
دخل وهو لسه بيشدها وراه وبص ليامن : جبتهالك متلبسه أهي
يامن : متلبسة ايه مش فاهم !؟ هي عملت ايه !!
محمود بصلها : اقوله عملتي ايه ولا استر عليكي !؟
مليكة اضايقت من كل اللي بيحصل وشدت ايدها جامد فهو قرب منها غصب عنه : ممكن تفك ايدي لو سمحت
محمود فك الكلبشات من ايدها وبص ليامن وهو بيفك ايده هو كمان : اختك قفشتها وهي بتسوق من غير رقمي
يامن : ده على اساس إن رقمك ده رخصة مثلا !؟ وبعدين هي يكون معاها رقمك ليه كنت من بقية أهلها !؟
محمود : ولد اتأدب وأنت بتتكلم مع حضرة المقدم محمود
يامن : ياعم فلقتنا بقى بأم الترقية دي، في ايه !؟
محمود : في أنى عايز حقي من أختك ودلوقتى
يامن برفعة حاجب : عايزها تاخد رقمك مثلا !! مش هيحصل طبعا
محمود بابتسامة : لا تاخد اسمي
بص لمليكة بمشاغبة : زي ما هي أخدت قلبي
يامن وقف قدام أخته وهي خبت وشها في كتفه بإحراج : يادي البجاحة اللي بقت في الناس، ماتلم نفسك يا أخ أنت واحترم النسور اللي على كتافك دي
محمود فرد ظهره بغروره المعتاد واتكلم برفعة مناخير : ما هو عشان أنا محترم النسور بكلمك بالذوق زي باقي الخلق، إنما لو عليا اخدها بالكلبشات زي ما عملت من شوية كده وأروح على اقرب مأذون واكتب عليها، بس تواضعا مني ورأفة باللي مش مقدمين اللي زيك قولت اجي على نفسي واطلب منك
يامن بيخبط كف على كف : لا حول ولا قوة إلا بالله، روح يابني ربنا يحنن عليك، ايه ياربي الاصطباحة دي، شكل عقلك خف من كتر الشغل
محمود بجدية : أنا بتكلم جد والله، أنا فعلا عايز اتجوز أختك
يامن بصله : طيب نتكلم جوه بدل وقفتنا على الباب كده
وفعلا الاتنين دخلوا للصالون ومحمود أتقدم لمليكة، ويامن قاله هياخد رأيها ويرد عليه، وبعد مرور يومين رد عليه بالموافقة عشان يتفقوا مع بعض على ميعاد للخطوبة
********
جاسم بعد ما اتحكم عليه بالحكم المخفف اتنقل للمصحة عشان يقضي مدة علاجه هناك، كان قاعد باستسلام تام لدرجة إن الممرضين المسؤولين عنه كانوا مستغربين جدا هدوءه فكل اللي في المصحة عارفين قصته كلها، وأول ما وصل كان عصبي جدا وطول الوقت بيزعق ورافض الوضع اللي هو فيه، حتى كان رافض العلاج النفسي والدكتور بتاعه كان بيتعب معاه كتير جدا في كل جلسه، وبعد شهور طويلة بقى هادي جدا بالشكل ده
جاسم كان لوحدة في غرفته بيبص على السماء اللي باينه من الشباك الصغير اللي في الغرفة وبيفكر في بريهان اللي فعلا وحشته، هو كان متعود على وجودها دايما جنبه لسنين طويلة من غير ما تمل أو تبعد، فعلا الإنسان مابيحسش باللي في ايده غير لما يضيع منه، وبريهان دلوقتى بعد ما ضاعت من جاسم بقى نفسه يشوفها حتى لو من بعيد، هو معقول يكون بيحبها فعلا ولا ده مجرد تعلق مرضي زي باقي الأمراض النفسية اللي بيتعالج منها !؟
جاسم فاق من شروده على صوت عسكري الأمن اللي بيقف على الباب بيفتحه ودخل الغرفة : المريض جاسم عندك زيارة
جاسم بصله بهدوء : مين !؟
العسكري بجهل : ماعرفش والله تعالا اوديك غرفة الزيارة وشوف مين جايلك
جاسم حرك راسه بموافقة وقام معاه، دخل غرفة الزيارة واتفاجئ ببريهان هي اللي جت تزوره بعد شهور كتير من اختفاءها، قرب بخطوات متردده وقعد قصادها : فكرتك موتي
بريهان بابتسامة : ما أنا قولتلك مش هموت لوحدي
رفعت صباعها قدامه بمشاغبة : لو موت هاخدك معايا
جاسم ابتسم فطريقتها وحشته فعلا : كنتي فين كل المدة دي !؟
بريهان : كنت بتعالج
جاسم بصلها باستفهام فهي فسرت : الدكتورة مرام كانت بتيجي كتير تقعد مع مليكة واتكلمت معايا كذا مرة وقالتلي أنى مريضة بحبك، حب مرضي وده اللي كان مخليني متعلقة بيك بالشكل ده، ونصحتني اتعالج ورشحتلي دكتورة كويسة جدا اروحلها
جاسم بخوف من اللي جاي : اه، واتعالجتي !؟
بريهان حركت راسها بتأكيد، فهو بلع ريقه بغصة في قلبه فآخر حد كان بيحبه ومتمسك بيه فقده هو كمان، بص في الأرض بشرود عشان يفوق على صوتها : مش هتسألنى عملت ايه بعد ما اتعالجت !؟
جاسم بصلها : عملتي ايه !؟
بريهان بابتسامة : حبيتك أكتر
جاسم ضغط جامد على ايديه وهو بيمنع دموعه تنزل وهي كملت بحب حقيقي، حب نابع من قلبها النقي اللي ما حبش غير واحد بس وماتخلاش عنه رغم كل حاجة : كل يوم بيعدي كنت بتأكد أنى ماحبتش غيرك في الدنيا دي، وآخر لما خلصت علاجي النفسي الدكتورة سألتني دلوقتى حاسه بيه ناحية جاسم، قولتلها أنى برضه بحبك بس مش بالطريقة نفسها، حبيت جاسم الحنين اللي ماحدش يعرف عنه غيري، اللي كان بيساعدني ويعمل نفسه مش قاصد، جاسم حبيبي اللي عايزة اتجوزه وأعيش معاه بموده واحترام وحب، نبني أسرة صغيرة كلها دفئ ونعوض بعض عن قسوة الدنيا والناس
جاسم بحزن : أنا لسه قدامي وقت على ما اخرج من هنا
بريهان : قولي أنت بس إنك عايزني جنبك وأنا هستناك، لو عمري كله هستناك يا جاسم
جاسم بصلها ودموعه نزلت لأول مرة في حياته قدام حد : بحبك
بريهان اتنهدت براحه، أخيرا أعترف وقالها، رفعت ايدها ومسحت دموعه عشان هو يكمل : ماكنتش قادر ارتاح وأنتى مش قريبه مني، وفكرتك خلاص لقيتي غيري
بريهان : عمري ماقدر استغنى عنك، عشان كده ارجعلي بسرعة
الشويش اللي واقف على الباب اتحمحم وهو بيتكلم بهدوء : الزيارة خلصت
جاسم بصله وحرك راسه بموافقة ورجع بص لبريهان في عيونها بحب : هتستنيني !؟
بريهان : حتى تحترق النجوم وحتى تفنى العوالم، حتى تتصادم الكواكب وتذبل الشموس، وحتى ينطفئ القمر وتجف البِحار والأنهار، حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي، حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك، حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة
جاسم ضحك بخفة : بريهان الهبلة بقت بتقرأ لأحمد خالد توفيق
بريهان : عشان أنت كنت بتحب تقرأله
جاسم ابتسم وماكانش عايز يسيبها ويمشي وهي كمان ماكانتش عايزة تمشي، والشويش واقف بيبص عليهم وماكانش عايز يفرقهم عن بعض بس مضطر
جاسم : أنا لازم أرجع مكاني
بريهان حركت راسها بفهم وهي لسه بصه في عينيه وهو سأل : هتروحي !؟
بريهان حركت راسها تاني وهو : عايشة فين دلوقتي !؟
بريهان بابتسامة : في بيتك
جاسم باستغراب : بيتي !؟
بريهان : أول مكان اتقابلنا فيه
جاسم : بس
بريهان قاطعته بسرعة : أنت عندك بيوت كتير هتبخل عليا بواحد !؟
جاسم بابتسامة : أنتى بتحسديني !؟
بريهان حركت راسها برفض : لأ أصل أنت دلوقتى ماعندكش غير بيت واحد بس، أنا بعت بيت الشجر وبيتك الكئيب اللي كنت معلق فيه الصور ومافاضلش غير بيتك اللي الكل عارفه، بيتي أنا وأنت اللي هنعيش فيه بعد ما تخرج من هنا
جاسم بصلها بامتنان وهي بصتله بحب : هجيلك كتير أوي، كل ما يبقى ليك زيارة هتلاقيني عندك
جاسم : هستناكي
بريهان ابتسمت وحركت راسها بموافقة : وأنا كمان هستناك
الشويش قرب منهم وهو بيبص في ساعته : اخدتوا عشر دقايق زيادة كفاية كده ولا ايه !؟
بريهان : مش كفاية يا حضرة الظابط بس عموما شكرا ليك
الشويش حرك راسه بعملية واخد جاسم رجعه غرفته، وجاسم كان راجع بقلب غير اللي خرج بيه، ونية إنه يحارب نفسه عشان يخرج من هنا إنسان جديد يستاهل قلب أبيض زي قلب بريهان
********
في واحدة من قاعات الأفراح الفخمة الزينة في كل مكان وكل الحبايب موجودين عيلة محمود وأمير وأهله، مرام وباباها ومامتها اللي اتعرفوا على يامن ومليكة وبقوا بيعتبروهم أولادهم ومنى، صباح ومنصورة وهاجر وسامح، ويوسف وبسنت الحامل، واخيرا بسمة، فالنهاردة كتب كتاب محمود ومليكة اللي أصر بكل قوته إنه يعمله مع الخطوبة عشان يكون براحته مع حبيبة قلبه
محمود كان قاعد على الكوشة وبيحرك راسه مع الأغنية اللي شغالة، بص لمليكة وسأل : قولتيلي اسمها ايه الطبلة دي !؟
مليكة كأنها بتعلم طفل صغير : اسمه دوف مش طبلة
محمود حرك راسه بفهم وبعدها سأل : هما فين أهلكم صحيح !؟ يعني نتعرف وكده
مليكة : بابا كان وحيد أهله، وماما أهلها مسافرين السويد، عايشين هناك يعني
محمود : مش بيجوا مصر خالص !؟
مليكة : يعني مرة في السنة كده ولا حاجة
محمود حرك راسه بفهم : مش مشكلة أهلي هما أهلكم، وهما بيحبوكم أوي
مليكة ابتسمت فهي فعلا بتحب عيلته جدا، وهو حب يغير الموضوع ويفرفشها شوية فمسك ايدها وقال بطريقة مضحكة : أقولك سر !؟
مليكة : سر ايه !؟
محمود بهمس : رقمك معايا
ضحك بصوت عالي عشان مليكة تضحك هي كمان على ضحكته : فلقتنى بالرقم ده والله
محمود : هو معايا أصلا من أول يوم، بس عشان أنا شاب محترم ماحبتش أرن عليكي غير وأنتى حلالي
مليكة وشها ورد بخجل وهو غمز : أوعى الفراولة
مليكة ابتسمت بحب وكسوف وهو ابتسم معاها، أما على الناحية التانية عند البوفية منى كانت واقفة بتاكل زي عادتها، أمير كان واقف هو كمان عند البوفية وبيتحرك وهو بيبص على الأكل يشوف هياكل ايه بعد ما يخلص اللي في ايده، خبط في منى بالغلط فبصتله بشر : مش تحاسب يا أخينا، ايه ده حديد مسلح خبط فيا !!
أمير رفع ايده قدام وشها : حاسبي عينك، أعوذ بالله من الحسد
منى بصتله بلا مبالاة وهو : أنتى البنت الحلوة صاحبة الدكتورة، أنا فاكرك بتاعت محشي ورق العنب
منى تجاهلت كلامه وبصت في طبقها تاني اللي كان فيه أكل كتير، وأمير هو كمان بص على طبقها ومد ايده أخد واحدة ماكرون أكلها : الله جبتيها منين القرص الملونة دي !؟ أنا بحبها اوي
منى كانت بتهوش بايدها قدامه : وسع كده سيب أكلي
أمير وهو بشاور على الطبق اللي مليان على آخره آكل : هتاكلي كل ده لوحدك !؟ وبعدين حد يحط الحلويات جنب الكفته كده !؟
منى : مالكش دعوة، وبعدين مش لما بتاكل كله بيروح في معدة واحدة ولا أنت عندك معدتين !؟
قالت كلامها وراحت قعدت على ترابيزة تاكل وسابت أمير بيفكر في كلامها : تصدقي كلامك صح والله
بص حوليه لحد ما شافها فأخد أكله وراح قعد قصادها : استنى كده يا صاحبة الدكتورة
منى : اسمى منى على فكرة مش صاحبة الدكتورة
أمير بابتسامة جميلة : اسمك حلو زيك وعيونك كمان حلوين أوي
منى اتكسفت وماعرفتش ترد عليه فبصت في طبقها تكمل أكل بصمت، وأمير بيبص عليها بابتسامة وهمس مع نفسه : أنا شكلي لقيت نصي التاني ولا ايه !!
منى بصتله باستفهام فهي سمعته بيهمس، وهو ابتسم : كلي كلي، تاخدي كباب !؟
منى أخدته منه والاتنين بياكلوا وهما بيتبادلوا نظرات لطيفة وابتسامات صغيرة
.
أما يامن فهو كان واقف قريب من كوشة العرسان بيبص على مليكة ومحمود اللي بيهزروا ويضحكوا مع بعض وابتسم برضا؛ فهو مش هيقدر يطمن على مليكة من بعده غير مع محمود
مرام قربت منه ووقفت جنبه تبص على العرسان هي كمان : مبروك يا اخو العروسة
يامن : الله يبارك فيكي، عقبالك يا دكتورة المجانين
مرام بصت قدامها بصمت فهو سأل : هو كلام ماما طلع صح ولا ايه !؟
مرام بصتله : كلام ايه !؟
يامن : أصل ماما قالتلي إنك رافضة تتجوزي
مرام همست بغيظ : كده يا ماما بتطفشي الراجل مني
بصتله بتبرير : هو أنا ما قولتلكش أنى بس مستنية من أرضا دينه وخلقه
يامن حرك بفهم : تفتكري لو حد مجنون مثلا ممكن حد يرضا دينه وخلقه !؟
مرام ابتسمت وحركت راسها بتأكيد، فيامن سأل تاني : يعني لو اتقدملك حد مجنون توافقي عادي !؟
مرام بابتسامة واسعة : هو أنا ما قولتلكش أنى أصلا مجنونة كمان
يامن ابتسم وهو بيهمس : طيب كويس
الاتنين كانوا بيبصوا لبعض بحب ونظراتهم بتحكي كل المشاعر الجميلة اللي جواهم، فأخيرا كل واحد لقى الشخص اللي كان بيتمناه، ومش فاضل غير يوثقوا الحب ده بجوازهم اللي يامن كان مصمم جدا داخل نفسه إنه حان الوقت للخطوة دي، ورد مرام عليه اكدله إنها فعلا موافقة تتجوزه
********
بعد مرور شهر منى كانت في كليتها خارجه من آخر امتحان ليها، مدت ايديها لفوق بعد ما خرجت من مبنى الكلية واخدت نفس طويل : أخير رسميًا خلصت الدراسة وبقيت خريجة قد الدنيا
ابتسمت بسمة واسعة جميلة وقبل ما تمشي لقت آخر حد عايزة تشوفه تاني في حياتها، عمار : مبروك يا منى، ولا أقول دكتورة منى
منى بجمود : مش فارقه يا دكتور
عمار بإرتباك : أنا كنت عايز أكلمك عن الموضوع اللي اتكلمنا عنه آخر مرة
منى : موضوع ايه مش فاكرة !؟
عمار بزهق : ارتباطنا
منى وهي بتبص على حاجة بعيد : ارتباط ايه يا دكتور !! ما خلاص شطبنا
عمار : يعني ايه شطبنا !؟
منى بصت في عينه وقالت بوضوح تام تنهي الموضوع ده : يعني كان في وخلص، يمكن فعلا كنت معجبه بيك قبل كده، بس ده كان مجرد إعجاب وراح لحالة وأنا اتأكدت من ده مع أول اختبار لينا، وحاليا أنا خلاص هتخطب
عمار بذهول : هتتخطبي !! امتى ومين !؟ ده أنتى ماتعرفيش حد خالص في الجامعة وطول الوقت لوحدك
منى : اه ما هو مش من الجامعة أصلا، أهو وصل
رفعت ايدها وهي لتشاور لحد واقف ورا عمار، ونادت بلهفة حقيقية : أمير أنا هنا
أمير قرب منها وهو مكشر تكشيرة مصطنعة ووقف جنبها وبص لعمار واتكلم بهدوء غير عادته : مين ده !؟ بيضايقك !؟
عمار بلع ريقه بتوتر وهو شايف ملامح أمير الجامدة وبدلة الظابط اللي لابسها فرجع خطوة لورا : أنا دكتور عمار، دكتور الآنسة، وكنت بس بباركلها على التخرج
أمير بص لمنى ببلاهة : هو أنتى اتخرجتي !؟
منى بهمس : باعتبار ما سيكون يعني النهاردة كان آخر امتحان
أمير حرك راسه بفهم وبص لعمار : وباركت يا دكتور !؟
عمار : اه، اااا مبروك تاني، اكيد أنت خطيبها، مبروك عليكم الخطوبة
أمير ذهل وبص لمنى باستفهام، وهي بصت في الأرض تداري وشها منه بإحراج، وهو بص تاني لعمار : الله يبارك فيك، عن إذنك بقى هاخد خطيبتي وامشي
منى بهمس : أهو الهبل هيشتغل
أمير سمعها وكتم ضحكته بمهارة وقال باستفزاز : مش يلا يا خطيبتي !!
منى بصتله بابتسامة رخمة : يلا يا خطيبي
الاتنين مشوا وأول ما بعدوا شوية من الكلية، منى رفعت ايدها بتهويش : ابعد كده، أنت مقرب مني كده ليه !؟ ده أنت شوية وتلزق فيا
أمير : مالك بس يا عروسة، ده أنا حتى خطيبك وبكره ابقى جوزك
منى : ماتهزرش، أنا بس اضطريت أقول كده عشان يبعد عني ويطلعني من دماغه مش أكتر
أمير حرك راسه بفهم وحط ايده على مسدسه اللي في جرابه يبينه : بلاغ كاذب يعني !؟
منى بلعت ريقها وابتسمت بتكلف وهي بتبص على المسدس : هه بلاغ كاذب ايه بس يا باشا !؟ أنا بس استعنت بيك، مش الشرطة في خدمة الشعب برضه !؟
أمير أخيرا اتخلى عن جمودة المزيف وضحك : لأ شاطرة عرفتي تفلتي منها، بس هو مين ده !؟ كأنكم كنتوا تعرفوا بعض من زمان
منى ملامحها بهتت وفضلت ساكته شوية قبل ما تبصله : كنت بتعمل ايه هنا يا حضرة الظابط !؟ مش انت برضه من بور سعيد !؟
أمير احترم رغبتها في رفضها للكلام-بقلم/مريم عبدالقادر-ورفع ايده اللي كان ماسك فيها كيس فيه غدا : مهمة خاصة في منتهى السرية يا دكتورة، قبضت على ساندوتشات الشاورما الغارقة في التومية
منى ضحكت وهو خرج ساندوتش من الكيس : تاكلي !؟
منى أخدت الساندوتش منه : وهو واحد هيكفي !؟
أمير ضم الكيس لحضنه بحماية : عايزة ايه يا طفسه !؟ مش كفاية أنى بعزم عليكي
منى : أنت بتديني الساندوتش وعينك فيه
أمير حرك راسه بتأكيد عشان منى تضحك وهو كمان ضحك، وقعدوا الاتنين على الرصيف ياكلوا سوى ومنى سألت تاني : أنت جيت هنا عشان ساندوتشات الشاورما بجد !؟
أمير : محمود كان جاي يزور خطيبته فجيت معاه ادورلي على عروسة أنا كمان
منى : ايه ده بجد !؟ ماعندكمش بنات في بلدكم !؟
أمير : مانا اتقدمت لكل البنات في بلدي وكلهم رفضوني
بصلها بهبل : تفتكري ليه !؟ يمكن مثلا عشان باكل صينيه الضيافة لوحدي وبطلب تاني، مش عارف ايه الناس البخيلة دي ماكانوش تلات أربع أطباق جاتوه وكام كباية عصير يعني
منى ضحكت وهي حاطه ايديها على بوءها تكتم صوتها : أنت مفجوع بجد
أمير ابتسم ابتسامة لطيفة وقال فجأة : ايه رأيك تتجوزيني !؟ انتى الوحيدة اللي فاهمة حبي للأكل وبتحبيه زيي
منى كانت متنحه وهو كمل ببساطة : أنا من آخر مرة وأنتى شاغله بالي فخليت محمود يسأل خطيبته عنك، وعرفت انك في الكلية دي ومعاد امتحانك وجيت هنا مخصوص عشان أشوفك تاني، بعترف
منى : بس أنت ماتعرفنيش كويس
أمير : ايوه ماعرفكيش فعلا، بس أنا شايف إن القبول بينا يكفي حاليا، ممكن نعمل خطوبة نتعرف على بعض لو اتفقنا نتجوز لو لأ خلاص كل حي يروح لحاله، قولتي ايه !؟
منى بصتله شوية قبل ما تبص في الأرض : ااا، يعنييي، كلم بابا الأول وهو يحدد، أنا أصلا مش من القاهرة بس جيت هنا عشان الكلية، بابا من دمياط
أمير : ايه ده جيران يعني، اومال ايه اللي جابك القاهرة !؟
منى : عادي، عمي ناصر عايش هنا عشان شغله، وأنا كان نفسي اجي القاهرة أشوف الدنيا هنا فقدمت صيدلة القاهرة واتقبلت
أمير حرك راسه بفهم وقام وقف : تعالي يلا اروحك عشان ماتتأخريش واكلم عمك بالمرة في موضوعنا
منى قامت هي كمان ومشت معاه بصمت وهي بتسمع كلامه عن نفسه بيعرفها بيه طول الطريق للبيت
********
بعد يومين يامن أخيرا راح لأهل مرام عشان يتقدم رسمي لمرام وحددوا معاد الخطوبة، وفي يوم الخطوبة الصبح بدري مرام صحيت من سريرها بعد ما فشلت إنها تنام بكل الطرق من التوتر، قعدت عند شباك غرفتها وبصت للسما اللي بدأت تنور واخدت نفس طويل من هوا الصبح البارد عشان تهدى شوية
منى من وراها : شفطي الهوا كله
مرام : بقولك ايه والله مش نقصاكي النهاردة أنتى كمان
منى باستفزاز : يا عيني على الحلو
مرام بصتلها : أنتى لسه هنا ليه يا بت !؟ مش خلصتي كليتك والمفروض تروحي البلد بقى !؟
منى قامت من السرير وهي بتفرد دراعها براحه : قعدت عشان أحضر خطوبتك يا عروسة
قالت كلامها وقربت منها تزغزع فيها عشان تضحك شوية وتقلل توترها اللي باين عليها، وفعلا مرام اندمجت معاها في الهزار، ووقت الظهر منى قعدت مع مرام تجهيزها لخطوبتها بعد ما مليكة انضمتلهم وسط جو من المرح
وآخر اليوم يامن وصل للبيت بعد ما مرام طلبت الخطوبة تكون صغيرة في البيت وسط الحبايب، تعالت الزغاريد مع دخول يامن للبيت وانهالت الترحيبات بيه، وبعد شوية مرام خرجت هي كمان من غرفتها بفستانها الرقيق والخجل باين على وشها الجميل
بعد وقت من الفرحة لبس العرسان الدبل وهما بيبصوا لبعض بحب متبادل، ويامن طلب من ناصر بعد الحفلة يخرج شوية مع مرام وهو وافق على مضض بعد ما منى قالت إنها هتروح معاها، وكمان أمير لما لقى منى هتروح معاهم حشر نفسه في الخروجه، ومحمود انضمله واخد مليكة معاه
كلهم نزلوا من البيت ووقفوا مع بعض بيشوفوا هيركبوا إزاى في عربية واحدة، يامن : لازم نكون في عربية واحدة يعني !؟ كده هنتحشر
محمود مسك ايد مليكة وشبك صوابعه في صوابعها وهي اتكسفت أوي من أخوها اللي كان بيبص عليهم، ومحمود ابتسم باستفزاز : ايه !؟
يامن بغيرة : أختى
محمود : مراتي، عندك خطيبتك اهي روح اكتب كتابك زينا وأمسك ايدها براحتك
مرام اتكسفت وأمير ضحك : يا محمود يا جامد
محمود رفع راسه بغرور وكمل : وبما إن جميلة الجميلات تبقى مراتي المصون فأنا هاخدها معايا في عربيتي وانتوا اتحشروا في عربية لوحدكم
بص لمليكة بحب وحنية : يلا يا حبيبتي !؟
يامن قرب منهم وفك ايديهم من بعض وشد مليكة ورا ظهره بغيرة عليها، وهو ومحمود مسكوا في بعض بهزار زي عادتهم وكل واحد فيهم بيحاول ياخد مليكة جنبه وسط ضحكات الكل
.
وبعيد عنهم شوية كان واقف شخص بيراقب اللي بيحصل بصمت، مليكة ومحمود، يامن ومرام، منى وأمير، اتنهد بارتياح لما شاف الكل سعيد وبدأوا حياة جديدة كلها حب وسعادة : الظاهر أنى فعلا كنت الغلط الوحيد بينكم
لقى اللي بتمسك ايده وبتبصله : يمكن كنت غلط بينهم بس وجودك جنبي هو الصح يا جاسم
جاسم بص لبريهان حبيبته وابتسم : يمكن كلامك صح
بص على يامن تاني لآخر مرة قبل ما يبص لبريهان : يلا نمشي
بريهان : لسه فاضل حاجة واحدة بس محتاج تصلحها عشان نبدأ حياتنا الجديدة
جاسم بصلها باستفهام عشان هي توضح : دنيا، أنت غلطت جامد في حقها ولازم تصلح الوضع ده
جاسم اتنهد بتعب فهو بقاله شهر كامل خارج من المصحة بعد ماتعالج، ومن ساعتها وهو بيحاول يصلح الأخطاء اللي عملها بس مش بيخلصوا وهو تعب فعلا، بريهان مسكت ايده بدعم : أنا معاك ماتقلقش، كل ما تحس إنك تعبان تقدر تسند عليا
جاسم بصلها بامتنان فوجودها جنبه فعلا فرق كتير، وهي بصتله مستنيه رده فهو ابتسم : موافق، يلا بينا
بريهان : يلا
مشوا مع بعض وهما بيتكلموا، وعلى بعد منهم يامن شاف جاسم وهو ماشي فاتنهد براحة وابتسم فكده كل شئ اتصلح تقريبا، ومن هنا نقدر نقول ابتدت قصة عشاق جديدة بعد ما عدت بصعوبات ومواقف مؤلمة، بس كانت هي السبب في جمع القلوب مع بعض.
_____تمت بحمد الله_____
رأيكم يهمني جدا في الرواية
أراكم في عمل جديد بإذن اللّٰه
مع تحياتي/مريم محمد عبد القادر
كل عام وانتم بخير
رمضان مبارك 🤍🤍
•لقراءة و متابعة روايات جديده و حصريه:- اضغط هنا
•تابع الفصل التالي "رواية رهينة بين يدي منافق" اضغط على اسم الرواية