رواية عشق لاذع الفصل الثالث و الاربعون 43 - بقلم سيلا وليد
الجزء الثاني من الفصل الثالث والاربعون
عند جنى
تحركت للأسفل وابتسامة سعيدة بعدما أخبرت عمها بوجودها مع زوجها، اتجهت إلى تلك الحقيبة لتخرج الشموع والورود الحمراء، بدأت تجهز ماتريده قبل وصوله، انتهت بعد قليل ، فتحركت إلى المطبخ تخرج الأطعمة التي احضرتها سمر، ضيقت عيناها توزع نظراتها عليها
-سمك، واو جمبري ، ايه دا ..ياي استكوزة، جمعتهم واتجهت إلى الثلاجة تضعهم بها وهي تبتسم
- آسفة ياسمر، بس جاسر مالوش في الحاجات دي ..أخرجت الجمبري وبعض السلطات إلى جانب انواع أخرى من الأسماك التي يميل إليها زوجها ، افلتت ضحكة عندما تذكرت تناولها الفسيخ وهروبه من الغرفة ..ظلت تضحك مع نفسها إلى أن انتهت من ترتيب المائدة
اتجهت تعد بعض سلطة الفواكه ببعض العصائر والحلويات كذلك..
مطت شفتيها تنظر لما فعلته بإعجاب ثم صعدت للأعلى سريعًا، خرجت بعض دقائق معدودة من الحمام ، توقفت أمام المرآة لتنهي زينتها، بعدما ارتدت ذاك القميص الناعم الذي جعل من طلتها أميرة خلابة تجذب القلوب
استمعت لصوت سيارة بالخارج، اتجهت تنظر من خلف ستارة النافذة، لمعت عيناها بالعشق بعدما وجدته يترجل من سيارة جيب ، متجهًا إلى الشالية، سحبت نفسًا لتوقف دقات قلبها العنيفة، ثم تحركت للأسفل بخطواتها الهادئة، ورغم هدوء هبوطها إلى أن قلبها يعزف سيمفونية باسمه، دلف للداخل ، توقف متسمرًا عندما قابلته رائحة البخور الممزوجة برائحة تلك الورود الفواحة، ناهيك عن رائحتها الأنثوية التي تسللت إلى رئتيه، رفع عيناه إلى الدرج ، ليجد حوريته متجهة إليه بخطواتها الناعمة
بحذائها العالي وفستانها القصير الذي يظهر معالم جمالها باناقة، تجولت عيناه على ملامحها كافة، وذاك الفستان مفتوح الصدر والظهر، ليظهر معالمها الأنثوية بسخاء
تحرك بعض الخطوات حتى اقترب منها..ارتفعت دقاتها بصخب كأنها تراه لأول مرة، هاج قلبه وارتفعت نبضاته
ليبسط كفيه إليها يرفع ذقنها ويرسمها برماديته..
"أنا مش بحلم صح"
لمعت عيناها بعشقه الدافئ، مقتربة منه تحاوط خصره
-وحشتني قوي اتأخرت ليه
لف ذراعيه يرفعها لتصبح بمقابلته ، يدفن رأسه بخصلاتها وآآه عميقة بعشق دفين كانت أبلغ عن أي شعور
-مفيش كلمة في قاموسي تعبر عن اشتياقي حبيبي
انزلها بهدوء ومازال ذراعيه يحاوط جسدها
-الجمال والدلال دا كتير على قلب حبيبك ياجنتي
طالعها بعيناه التي لم تغفو لحظة عن ملامحها الجميلة، واقترب من خاصتها ليعزف ثنايا عشقه عليها
تراجع يحتوي وجهها بعدما شعر باحتياجها للهواء قائلا
-مرسى مطروح نورت بوجودك حبيبي
وضعت رأسها على صدره
-منورة بوجود حبيبي فيها ..اتجه ببصره لتلك الطاولة الموضوعة بالمنتصف
-عملتي اكل كمان..هزت رأسها بالنفي وسحبت كفيه متجهة إليها
-لا دا سمر جبته، ثم أشارت إلى الطعام
-انا جهزته بس ، الباقي انت مالكش فيه ..خلل أنامله بأناملها وجذب مقعد يجلس فوق وأجلسها فوق ساقيه
-تعرفي أنا جعان جدا، يعتبر ماأكلتش من إمبارح
لمست وجنتيه
-ليه ياجاسر، ينفع كدا
قبل كفيها الذي تضعه على وجهه
-لا استنيت تيجي علشان نفسي تبقى مفتوحة واكل كل الأكل معاكي
انحنت تضع رأسها بحنايا عنقه تهمس بأنفاسها الناعمة
-ربنا مايحرمني منك ودايما مفرحني بكلامك دا حتى لو كذب
أخرجها من أحضانها ينظر إليها:
-بس دا حقيقي ياجنى، الأكل معاكي له لذة تاتية، رفع خصلاتها برقة يضعها خلف أذنيها وتابع مستأنفًا بابتسامته
-الحقيقة مش الأكل بس ، كل حاجة ياروحي ، ليها مذاق تاني
انحنت تطبع قبلة على خاصته، ثم استدارت للطعام وبدأت تفصص له بعض أنواع الأسماك لتطعمه بيديها، بعد فترةأنهوا طعامهم ، فتوقفت تجمع الطعام المتبقى وهو يساعدها إلى أن انتهوا، ليسحب كفيها الرقيق متحركًا اتجاه الحمام ويوقفها أمام حوض الغسيل يحاوطها بذراعيه ويقوم بغسل يديها وفمها، رفعت رأسها مستديرة تنظر لقربه بارتجافة شفتيها
-طفلة أنا علشان كدا ..مرر أنامله على خاصتها وعيناه تعانق عيناها
-إنتِ طفلة روحي وهتفضلي كدا طول عمرك..خانتها ساقيها من لمساته وهمسه، فتراجعت تستند عليه مغمضة العينين
-معقول ربنا بيحبني قوي كدا، علشان يرزقني بحبك دا ...انحنى يغسل ويديه لتعتدل تساعده تفعل معه مثلما فعل ..ازداد بريق العشق بعيناه، فتعلقت عيناه بشفتيها ،
انحنى ليطبع قبلة على فتحة ظهرها العاري أمامه
-"أنا اللي ربنا بحبني كتير قوي جنجونة قلبي ملكي وجوا حضني وعندي قطعة من روحي منها مبقتش عايز حاجة، قالها وهو ينحني ليحملها متجهًا إلى الخارج يغمز بعينيه
- الليلة ملكي وممنوع اعتراض على حاجة ..تنهدت بغرام أحيى قلبها بعد سنوات عجاف، لترفع أناملها تخللها بين خصلاتها تعبث بها قائلة
-أنا ملكك على طول ياجاسر مش الليلة بس
انزلها بهدوء وقام بتشغيل موسيقى رومانسية ثم بسط كفيه إليها
-ملكة قلبي تسمح لجوزها بالرقص، وضعت كفيها لتحتضن حنان كفيه وتقترب منه بفستان القصير تومأ بعيونها اللامعة
-حبيبة جوزها تسمح لجوزها بالدلال كله ..أطلق صفيرًا وهو يلفها لتدور بفستانها ترتفع ضحكاتها
-دوخت حرام عليك ..قهقه عليها يجذبها لأحضانه
-ألف سلامة !!..ضيقت عيناها تعانق رقبته قائلة:
-افهم من كدا انك بتتريق..أشار على نفسه بذهول أنا !! ابدا
حاوط خصرها وبدأ يتحرك معها على نغمات الموسيقى ومازالت ابتسامته اللاعوب عليها
تبسمت عيناها بمكر أنثوي ترفع نفسها تهمس بجوار شفتيه
-قولي ورا الضحكة دي ايه، وبلاش المكر دا
ارتفعت ضحكاته يرفعها من خصرها يضع جبينه فوق خاصتها:
-طيب اصبري نفسي ازاي واسيطر على قلبي ازاي وانا عايز التهمك دلوقتي
لكمته بخفة تضحك
-والله كنت عارفة انك بتخطط لحاجة
رسم العبوس ينزلها متراجعًا:
-دايمًا ظلماتي وواخدة فكرة مش كويسة عليا
تحركت تضع كفيها على فمها تمنع صوت ضحكاتها وتهز رأسها
-أيوة فعلا حبيبي مظلوم علشان انت مؤدب وأنا المفترية
رفع حاجبه يطالعها بسخرية:
-بتغلطي على فكرة، والغلط مش في صالحك، قالها وهو يتحرك يجذب بعض الفواكه التي احضرتها واتجه إلى الأريكة يشير إليها، استدارت متجهة للأعلى لبعض اللحظات، ظلت نظراتها عليها مستغرب صعودها، هبطت تحمل بكفيها ذاك الحذاء الصغير ، وجلست أمامه تستند على ركبتيها تشير إلى كفيه وهي تخبأ ذاك الحذاء خلف ظهرها، فتح كفيه قائلا بمزاح
-ايه ناوية تديني فلوس ولا أيه..وضعت الحذاء ثم أطبقت على كفيه وابتسمت بخفوت وشفتيها نقشت حروف عشقه على خاصته مبتعدة بعض السينتات لتهمس بجوار أذنيه
"ألف مبروك ياأحلى ابو كنان في الدنيا، هتبقى أب لولدين"
اعتدل بجسده ينظر لذاك الحذاء بذهول ثم نزل ببصره لبطنها ..ألجمته الصدمة مما فقد النطق ..فرت دمعة من عينيها تسيل فوق خديها من صدمته ونظراته المذهولة..هزت رأسها لتؤكد له ما يشعر به
-أيوة هيجلنا بابي كمان، فيه هنا حتة منك ممكن تكون بنت او ولد، كله اللي يجيبه ربنا راضية بيه، المهم تكون معانا ويكون بصحة جيدة
أغروقت عيناه بالدموع ليرتجف كفيه على بطنها عندما سحبها لأحضانه
-جنى أنتِ حامل ...هزت رأسها تقبله
"أيوة حبيبي هيبقى عندنا طفل كمان"
عصرها بأحضانه وآآه جياشة من أعماق روحه
-ياالله ..نهض يحملها ويدور بها وارتفعت ضحكاته حتى أدمعت عيونه يهتف من بين ضحكاته
-هيكون عندنا ولد كمان ...قالها وضحكات أنارت وجهه حتى نسي كل مايمر به ..انزلها بعدما صاحت به
-جاسر كفاية دوخت !!
انزلها يضمها ثم احتضن وجهها
-طيب هو فيه فرحة اكبر من كدا ياجنجون، قلبي بيرقص عايز اعمل كل حاجة..صمت وتوقفت نظراته عليها يضغط على خصرها
-يعني الاحتفال دا كله علشان البيبي مش علشان حبيبك
رفعت ذراعيها ترفع نفسها تدفن رأسها بعنقه تشتم رائحته تهمس بأنفاسها الناعمة لتزعزع ثباته قائلة
-الاحتفال علشانكم انتو الاتنين، بس هو اكتر ، لحسبة بسيطة ياحبيب جنى انك ابوه، دي بالنسبالي أعظم حاجة في الكون
لم تكمل حديثها عندما انحنى يضع ذراعيه تحت ساقيها ويرفعها لتصبح بأحضانه وتحاوط عنقه قائلا
-إنتِ احتفلتي على ذوقك وأنا كمان لازم احتفل وارحب بابني على ذوقي والله أو قالوا مصر بها حرب لازم احتفل وبعدها موافق يضربوني بصاروخ
ضحكت تضع رأسها بصدره خجلا من حديثه
-بس بقى ، انت على طول كدا
غمز إليها قائلا
-يابت افرحي علشان نبارك لبعض بالبيبي ، مكسوفة طيب اومال فرحانة انك حامل ازاي
ظلت تلكمه بضحكاتها
-نزلني ياجاسر، هزعل منك ..وضعها على الفراش يتجول بعيناها على الغرفة المزينة ثم اتجه لها
-ايه الجمال دا ..دا كله علشان البيبي ياجنى
توقفت تهز رأسها بالرفض
-لأ ..دي علشان جسور حبيب جنى، اللي تحت كان احتفال للنونو بس دي لجاسر بس لوحده
❈-❈-❈
هنا صمتت الألسنة وتوقفت عقارب الساعة ولم يستمع سوى سمفونية العذب الموسيقى بدرجات لهيب العشق
❈-❈-❈
باليوم الثاني على متن اليخت بالبحر، كان يستلقى بظهره يحاوطها بذراعيه
-من وقت مارجعنا من رحلة اثينا وكان نفسي نطلع سياحة في البحر ..كانت تستمع إليه تغمض عيناها وانامله تتحرك بعشوائية بخصلاتها:
-ايه رأيك بعد ماتولدي إن شاءالله نسافر روسيا، بابا وماما بيشكروا فيها قوي
-جاسر انت قضيت شهر العسل مع فيروز فين ..؟!
هزة عنيفة أصابت قلبه بعدما ذكرته بأسوأ ذكرياته ، فاعتدل يطالعها بصمت للحظات ثم رفع أنامله يزيح خصلاتها التي تتطاير بفعل الرياح واقترب يرتشف حزنها وهو ينثر عشقه على خاصتها ..لحظات امتص بها حزن قلبها قبل عيناها ليحتضن وجهها:
-جنى ممكن تحرقي الفترة دي من حياتك، اعتبريها محصلتش، انا مهما أعمل هتفضل ملزماني العمر كله، طيب قوليلي حبيبتي أعمل ايه علشان مشفش الحزن اللي في عيونك دا
وضعت رأسها على ساقيه متمددة ثم همست والغيرة تحرق قلبها :
-متعملش حاجة ياجاسر، انا بس افتكرت كلامها لما ذكرت روسيا ، رفعت رأسها ترمقه بنظرة :
-أصلها قالتلي انكوا قضيتوا شهر عسلكم بروسيا، وانت بتقولي ماما وبابا، مفيش داعي تكذب عليا حبيبي لو سمحت ، فيروز خلاص مبقتش موجودة..فبلاش تكذب عليا مهما حصل
تسطح يجذبها لأحضانه قائلًا:
-آسف..تمسحت بصدره قائلة:
-مالوش داعي الأسف، المهم أنا فين دلوقتي..ارتفعت امواج البحر لتقذفهم بالمياه..اعتدلت تنظر إلى جمالها وتناست بما كانوا يتحدثون ثم تحدثت:
-تعالى ننزل البحر شوية..نهض ينظر حوله ثم بسط كفيه إليها
تعالي ..قام بنزع كنزته ثم حملها متجها للبحر لبعض الوقت
عند راكان ظل يحاول الوصول إليه ولكنه لم يستطع إلى أن اتصل بمن عينه لمراقبته
-جاسر فين؟!
-في الشالية يافندم ومعاه المدام
جز على أسنانه ثم اغلق الهاتف يسبه
-غبي ياحضرة الظابط ناوي تموت نفسك ..ظل يدور بالغرفة كالمجنون يمسح على خصلاته بعنف ، ظل على هذا الحال فترة ثم امسك هاتفه لمهاتفته ..بعد خروجهم من البحر اتجهت إلى الفراش تلقي نفسها عليه
- انا اخدت شاور بصعوبة وعايزة انام مش قادرة حاسة جسمي كله مكسر عومنا كتير، ورغم كدا فرحانة البحر هنا جنان عن اسكندرية..قبل جبينها ثم دثرها بذاك المفرش الخفيف قائلًا:
- جميل علشان إنتِ فيه ياروحي هاخد شاور من مية البحر وجايلك..اومأت له دون حديث ..بعد فترة فتح عيناه على رنين هاتفه ..جذبه ليستمع إلى صرخات الآخر :
انت فين يابني انا قولت قتـ.لوك
اعتدل يمسح على وجهه..ينظر لزوجته الغافية بجواره، فهتف بصوت متحشرج من النوم:
-يافتاح ياعليم، خير!!
صمت راكان للحظة مستمع لصوت
امواج البحر
-إنت في البحر ؟!
-اه بصطاد سمك ابعت لك قرموط
اوعى تقولي فهمت صح
تهكم واجابه:
-هو انت مصحيني من النوم علشان تسألني على ذكائك ..عرفنا انك ذكي وفذة عصرك ، ممكن تسبني انام
- الله يخربيت برودك يامتخلف، لازم تنزل مصر حالا حالا
غبييييي..صرخ بها راكان يغلق هاتفه ملقيه بالأرض بقوة
اما الآخر تمدد على الفراش
-شوف مين هيسمع كلامك، دا كان المفروض يعينه على منصة الإعدام
-مين بيتصل حبيبي !!
-واحد بارد سيبك منه، قالها يجذبها لأحضانه، استمع الى رنين هاتفه مرة أخرى..زفر بغضب معتدلًا:
-راكان دا هموته علشان يبطل يطنطط عليا، رفع الهاتف وصرخ دون أن ينظر للمتصل
-بقولك انا خلقي ضيق اه عايز تعرف ايه ، مراتي معايا واحنا في البحر بعمل شهر عسل يارب تتهد وتبطل تزعجني، وخلي عندك دم ياخي انت عارف واحد ومراته مع بعض عايز منهم ايه
-جاسر..هب من مكانه معتدلا ، ثم ابتلع ريقه يتمتم بتقطع
-بابا..تنهد جواد ثم تحدث بهدوء رغم غضبه من ابنه ولكنه تحدث:
-هات جنى وتعالى مستنيكم ..قالها وأغلق الهاتف ينظر إلى باسم الصامت
توقف باسم من مكانه
-مكنش قدامنا حل غير كدا ياجواد، لازم جاسر يظهر مبقاش ينفع تخبي بعد حمل جنى وبعد مايجي هتعمل اجتماع عائلي وتفهمهم خطورة الوضع انا متأكد أنهم هيقفوا مع اخوهم
زفرة حارقة أخرجها على مراحل يهز رأسه:
-عملت ايه في طقم الخدم اللي هنا
نهض من مكانه
-غيرت الجميع وجبت دول من مدارس عسكرية متخفش مضمونين، وكمان عندك طقم حراسة على أعلى مستوى زي ماطلبت، أوس وعز تحت المراقبة ومن غير ماحد يشك، وكمان البوابة الإلكترونية اتجددت وجهزت بيت المزرعة اللي جنب بيت راكان وهيئته للطوارئ
وضع أمامه اسطوانة قائلًا:
-شوف دي جواد لسة جايباها فيها معلومات مهمة، عايز منك طلب حد يكون مع جاسر هناك غير يحيى، شوف ظابط متخرج وحاول تزرعه هناك ياباسم، انا مش هبعته بعد مالكل يعرف وفي الاخر يرجع مقتول واعيشهم الوجع مرتين، انا اتحملت ومستعد اتحمل تاني بس ولادي ومراتي مش هيتحملوا تاني ..ربت باسم على كتفه:
-وعد مني، وحياة أربعين سنة صداقة ياجواد لأعمل أقصى مابوسعي علشان احميه لو اضطريت ادافع عنه بروحي، متخفش انا المرة دي استعدت كويس، بدليل مراقب الكل اهو، انت اطمن وخلي بالك من صحتك، علشان توعدني بعد مانطمن على جاسر تعمل العملية
ابتسامة حزينة ظهرت بتجاعيد وجهه
-لسة في العمر بقية ياباسم، ليه اوجع نفسي بدل ليا سنوات مقدرة عند ربنا اهم حاجة عندي دلوقتي اطمن على ابني دا اهم حاجة بفكر فيها
قطع حديثهم دخول صهيب
-عاملين ايه..استدار جواد وابتسامة واسعة ظهرت على وجهه ليقترب منه يضمه
-ياااه ياصهيب اخيرا ..تراجع يدقق النظر إليه
-بقيت تمشي كويس اهو، اخيرا رجعت تدخل بيت اخوك تاني
حزن باسم من حزن جواد الذي يداريه بفرحة رجوع صهيب، فاقترب منهما
-مبروك ياصهيب ويارب دايما ماتحرمنا من شقاوتك يانمس
بالخارج ترجلت هنا من سيارتها تضع سماعتها بأذنها وتتحرك إلى منزلها ، توقف جواد أمامها ثم أشار بعينيه إلى السماعة، قامت بنزعها واقتربت مبتسمة:
-عامل ايه، فينك مختفي بقالك يومين
قبض على ذراعها بقوة
-اسمعي من الكلمتين دول علشان انا على اخري منك، امبارح شوفتك بحمام السباحة في بيت خالو صهيب ، ودا ممنوع عندي، اشوفك بتكلمي فارس أو أي ولد تاني بقلة حياء هضربك ومش هرحمك...أشار إلى ثيابها
-لبسك دا يتغير، بلاش اللي فوق الركبة والبناطيل المتقطعة دي، امسك خصلاتها يلفها حول كفيه ويقربها يهمس إليها:
-شعرك اللي فرحانة بيه دا يتغطى، بدل ماولعلك فيه، دا اخر كلام سمعتي ولا لا..وقبل ماتردي بلسانك الطويل دا
علشان خايف عليكي يابنت خالي ..مش علشان واقع في غرامك، ومتفكريش علشان الليلة إياها رفعت من روحك المعنوية يبقى بحبك ..أنتِ بنت خالي وبس ، لحد ما اشوفك تستاهلي جواد، غير كدا متلزمنيش
غضبت من أسلوبه المستفز، فاقتربت ترمقه بنظرات غاضبة:
-من إمتى ياحضرة الظابط
مط شفتيه ثم رمقها بنظرة لم تعلم مداها، وتحرك دون حديث ..
هرولت خلفه تجذبه من ذراعه صرخت به :
-بكلمك على الفكرة !!
-وأنا سمعت على فكرة وماليش مزاج ارد ..
طالعته بغضب متمتمة:
-على فكرة انت مستفز
-شكرا..قالها متحركًا
ضربت أقدامها بالأرض وهدرت غاضبة
-وبارد وانا دلوقتي عرفت انت كدا ليه، اقتربت بعد توقفه معلنة الحرب
-علشان قلبك دا فريزر يابني، دا الفريزر بيحس عنه
كور قبضته مستديرا إليها
-خلصتي كلامك ..انا مش هرد عليكي علشان انتِ عيلة هبلة ..قطع مشادتهم فارس عندما توقف بسيارته ثم ترجل منها، يوزع نظراته بينهما
-خير ..دقق النظر قائلًا :
-لا مش خير ..حك ذقنه مقتربا من جواد :
-والله يابني لو مكانك كنت طلقتها من قبل مااتجوزها، اقولك نصيحة ارمي عليها يمين الطلاق بتلاتة
ربت على كتفه يغمز إليه:
-اكتب على جبينك انك راهب للحب، بلا جواز بلا نيلة ..اقترب يهمس له
-هتشيلها في الاخر وضهرك يوجعك ..واقولك حاجة سبني انا اشيلها علشان الغضروف بتاعك ميتأثرش
-ماتسكت ياحيوان ..ايه اللي بتقوله دا
رفع حاجبه ساخرا:
-طيب اومال ليه عامل تقلان..قبض على كف هنا :
-تعالي يابت وانا اكتب عليكي بعقد عرفي..لكمه جواد بقوة :
-ماتحترم نفسك ياحيوان ..وضع كفيه مكان لكمته ينظر إلى هنا
-دا بيحبك يابت اقسم بالله ، بصي عايزك تمرمطيه، وانا اللي كنت زعلان عليه..متبقيش بنت سيف لو مش خلتيه يركع، دفع جواد واقترب من هنا
-شوفتي مين يابت ياهنا من بنات الألفي مركعوش اجوازهم ..ردي كرامتك ومتخافيش وعد من فارس الألفي الواد دا لو مش اتجوزك آخر السنة هتجوزك انا وياله امري لله هربيكي، تفحصها بنظراته قائلا
-هيجي منك ياهنون، سيبك منه ..جذب عنقها يهمس إليها:
-اوعي تصدقي كلامي في الجواز انا بس لازم اجب لك حقك
ابتسمت هنا إليه ..مما غلى الدم بعروق جواد يدفعه بقوة يسحب كفيها يجرها بعنف متجها إلى منزل سيف، ثم ألقاها بالداخل وصرخ بها :
-انا لسة بقول ايه يابت، مش بقولك ابعدي عن فارس الزفت، ايه شوية وهتبوسو بعض ..أشارت بسبباتها صارخة رغم فرحة قلبها بغيرته التي أحرقت قلبه لتخرج نيرانها من عينيه
-إنت ملكش دعوة بيا تمام، مش انا بت منفلتة ومش متربية، ابعد عني ، انا عرفت قيمة نفسي ومبقتش هجري وراك ..اقترب منها وهي تتراجع إلى أن اصطدمت بالحائط خلفها ليهتز جسدها قائلة:
-جواد ابعد عني ، انت بتقرب ليه
انحنى حتى اختلطت أنفاسهما يهمس بنيران الغيرة التي تأكل احشائه:
-عايز ابوسك مش إنتِ بتحبيني، هزة أصابت جسدها من اقترابه وحديثه ، لتهمس بتقطع :
-جواد ابعد انت مجنون، ايه اللي بتقوله دا ..لف ذراعيه يجذبها لأحضانه هامسًا بصوته الأجش الذي قضي على تماسكها لتنهار وتضعف وترتجف ساقيها فلم تشعر سوى بدموع عيناها على شخصًا عشقته وهو يلقيها دون رحمة ..دنى اكتر من المسموح
-بتحبيني ياهنا..قالها وهو يزيل عبراتها بأنامله ...هنا شعور طغى عليه حتى تمنى تذوق ثغرها الذي يرتجف أمامه من بكائها ..ظل يزيح عبراتها بأنامله ..وهو يحتضن ملامحها بعينه وهمس بصوته الأجش:
-بتحبيني..!! اومأت برأسها بعدما سقطت بغمرة عشقه لتصيبها بارتجافة لم تستطع السيطرة عليها..ليقترب أكثر حتى تلامست شفتيه وجنتيها يهمس لها :
- وأنا بحبك قوي ياروح جواد..قالها واستدار متحركا سريعا للخارج بعدما فقد سيطرته على مشاعره فلو ظل لدقائق أخرى لاقتنص كل مالها
هوت على المقعد بعدما خارت قواها بالكامل ولم تستطع سيقانها على حملها، ودقات صاخبة كادت أن تصم اذنيها، تضع أناملها على وجنتيها التي ضخت بحمرة تغمض عيناها تهمس لنفسها:
-قالي بيحبني..جواد بيحبني
صباح اليوم التالي بمنزل صهيب
دلفت جنى إلى والدها
-"بابا"استدار إليها يفحصها، وابتسم يشير إليها بعدما أغلق مصحفه:
-حمد الله على سلامتك يابابا، عمو قالي كان عندك جلسة علاج..سحب كفيها إلى أن اقتربت منه ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-حاسة بإيه دلوقتي ..رفعت نفسها تطبع قبلة على وجنتيه
-انا أسعد واحدة في الدنيا دي كلها..دارت حول نفسها قائلة:
-لو نفسك في حاجة دلوقتي هيكون ايه ..جذبها وتحرك جالسًا بالشرفة:
-نفسي حبيبة قلبي واميرتي ترجع تضحك تاني وتملا حياتي سعادة
-مش نفسك في حاجة تاني
ترقرت عيناه بالدموع :
-اللي نفسي فيه مينفعش يتحقق مهما تعملي ..تحرك جاسر بخطوات متمهلة يقف خلفهما ..وضعت رأسها على كتف والدها
-افهم من كلامك نفسك تشوف جاسر صح ..نظر للخارج وعيناه تبتعد عن نظراتها حتى لا يضعف بالبكاء، أدارت وجهه إليها
-حبيبي نفسك تشوف جاسر
احتضن وجهها وقبل جبينها وتحكم بعبراته :
-حبيبتي مش اتكلمنا في الموضوع دا، ليه راجعة تاني ياجنى بعد ماقولت الحمد لله
رفعت كفيه تقبله وكررت حديثها تاني
-حبيبي قولي اه نفسك تشوفه صح
-جنى ممكن ..قاطعه صوت جاسر خلفه :
-وحشتني ياصهيوب، ووحشني نقارك ليا ..صمت صهيب وكأن صوته يرواده من ذكراه، هز رأسه يستغفر ربه
قومي حبيبتي شوفي ماما ..اقترب جاسر أكثر منهما فرفعت جنى رأسها إليه ليشير إليها بالخروج ..اومأت متحركة للخارج ثم توقفت على باب الغرفة تنظر إلى والدها للحظات ثم تحركت بعدما أشار جاسر إليها ، بينما اقترب يضع كفيه على كتف صهيب
-عمو صهيب...!!
-عمو صهيب...!!
رجفة قوية أصابت جسده بالكامل حتى عجزت جميع أجهزة جسده لما يشعر به ، بعدما تيقن وجوده ، فاستدار جاسر إلى أن توقف أمامه يطالعه باشتياق وعيناه تتجول على ملامحه بالكامل
ابتلع ريقه ينظر إلى جاسر بأعين جمعت بها سحب الألم ، رفع كفيه يمررها على وجهه ليتأكد من وجوده.. حاول الحديث ولكنه شعر بثقل لسانه
رفع جاسر كفيه يقبله ثم رفع رأسه ينظر إليه !!
-عمو .. دقائق من الصمت وعقله يصفعه بقوة هل هذا عقله الباطني بتمنيه وجوده كما هتفت ابنته، ماذا يحدث امامه، تراجع بأحداث الأيام الأخيرة الى ابنته وصراخها باسمه ووجوده ، همس لنفسه
-..تراجع بجسده وهتف بتقطع
-سلامًا قولا من رب رحيم ..ايه اللي بيحصل دا ..رغم شعور جاسر بالحزن من صمته إلى أنه ضحك بصوت عالي
هنا تأكد من وجوده فكتم غيظه بداخله واردف :
-انا معنديش جن في البيت وياله انصرف ..هنا توقف جاسر وارتفعت ضحكاته يضرب كفيه مقتربا منه مرة أخرى
-ايه ياصهيب خايف من عفريتي
رمقه صهيب بغيظ ثم هتف :
- لو عفريتك ماانصرفش نشغله سورة البقرة، اكيد هيخزى على نفسه وينصرف، أما بقى لو غلس ولسانه طويل يبقى لازم اولع ورق كتير علشان اصرفه ..هوى جاسر امامه عندما فقد السيطرة على ضحكاته، يضع رأسه فوق ساق صهيب:
-اقسم بالله مكنش وحشني في البيت دا قدك، وكان نفسي اطلعلك عفريت فعلا علشان نضايق بعض
صمت صهيب يرسمه بعيناه، هل هو موجود بالفعل..رفرف قلبه بالسعادة وهو يجده أمامه وتذكر ما فعله جواد منذ ثلاثون عامًا، فكأن التاريخ يعيد نفسه
وضع كفيه على خصلاته يسبح فوقها
-حبيبي انت فعلا عايش صح، يعني مكنتش بتوهم بوجودك..رفع رأسه يحتضن كف عمه وانسابت عبراته
-آسف ياعمو، عارف سببتلك أذى كتير لكن غصب عني وكنت ..قاطعه حديثه عندما جذبه لأحضانه وارتفعت شهقاته
-فداك عمك ياروح عمك انت، ياحبيب قلبي ربنا يخليك ويطول في عمرك ولا يحرمنا منك أبدًا
بكى الأثنين بأحضان بعضهما للحظات، حتى أخرجه صهيب يحتضن وجهه يتفحص كل انش بوجهه
-إنت كويس ياحبيبي ، مفيش أذى ..ظل يفتش بجسده كأم تتفحص جنينها
قبل جبينه يضم رأسه:
-ااااااه..صاح بها صهيب ببكاؤه ثم هتف :
-اللهم لك الحمد ولك الشكر يارب ، احمدك واشكر فضلك يارب
ابتعد عنه يلوح بيديه
-لا دي نسجد شكر لربنا على رجوعك بينا تاني..طالعه جاسر مذهولا وهو يراه يسجد شكرًا لله وارتفع صوت بكائه أكثر وأكتر حتى لم يستطع رفع رأسه من السجود وهو يردد
"اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك "..ظل يكررها
جلس جاسر بجواره يضع كفيه على كتفه
-عمو..رفع جسده يحتضنه مرة أخرى
-حبيب عمك يابني ..قالها وهو يمرر أنامله على وجهه ..قبل جاسر كفيه مبتسمًا وشاكسه
-مكنتش اعرف اني غالي عندك كدا ياصهيوب اومال ليه كنت عاملي فيها عفريت العلبة
ضمه من عنقه يضع جبينه فوق خاصته:
-وحياة ربي لاخد حزن قلبي عليك يابن جواد
تراجع جاسر يقهقه ؛
-وبعدين بقى رجعنا بقى للنق..تذكر صهيب جواد وغزل فتسائل:
-قابلت ابوك وامك ..نهض من مكانه وأردف :
-قابلت بابا بس لسة ماما ..سلام وراجعلك تاني ..قالها غامزا وتحرك إلى أن توصل لبابا الغرفة
-صهيوب جهز عشا رومانسي علشاني انا ومراتي
ابتسم له صهيب ومازال ينظر إليه ليتأكد أن مارآه حقيقة..تحرك جاسر وفتح الباب ولكنه اصطدم بعز ، الذي تراجع للخلف يطالعه مذهولا :
-يعني الصوت اللي سمعته مش تهيئات
لكزه جاسر ضاحكًا:
-مالك ياله ، ايه هتعمل زي ابوك وبيجاد وتقول عفريت ولا ايه
تراجع للخلف يهز رأسه ، ينظر بصدمة
-إنت عايش، يعني اللي دفناه مش انت
اقترب منه ومازالت ابتسامته تتجلى بوجه
-مالك يالا، ماانا قدامك اهو وعايش ، ايه اضربك علشان تفوق
دفعه عز بغضب وهدر به:
-ابعد عني اياك تقرب مني، انت ايه ياخي، انت ايه ..قالها يصرخ به حتى خرج صهيب ينظر لابنه بصدمة من حديثه
-انا مش عايز اشوفك روح مثل انك ميت، امال بجسده مقتربا منه
-مثل واعمل انجازات على حساب وجع قلوبنا ياحضرة الظابط
-عز ..أردف بها صهيب ينظر لابنه بتحذير
-سلم على ابن عمك وقوله حمدالله على السلامة
استدار قائلًا:
-ابن عمي مات ودفنته واخدت عزاه، أما اللي قدامك دا ماليش علاقة بيه..قالها وتحرك سريعا وكأن هناك شيطان يطارده
توقف جاسر ينظر لمغادرته بحزن أدمى قلبه..ربت صهيب على كتفه
- اعذره حبيبي ، سيبه شوية مع نفسه، اكيد مش هقولك عز بيحبك ازاي، هو بس الصدمة مش عارف يتعامل ازاي
قبل كتف عمه وتحرك إلى منزل والده
دفع الباب وتحرك إلى غرفة المعيشة وجد أوس يتناول إفطاره بجوار ياسين وعاليا ..نظر ياسين إلى صحنه منتظر ردة فعل اوس من ظهور جاسر
نهضت عاليا هاتفه بصياح
-جاسر..رفعت ياسمينا تضيق عيناها متسائلة
-جاسر مين ..؟!..ألقى تحية الصباح وصلت جنى متوقفة بجواره وعانقت كفيه
-شوفوا مين اللي جه..تحرك ياسين إليه
-حبيبي حمدالله على سلامتك
ضم أخيه بحب اخوي واوما برأسه إلى عاليا
-عاملة ايه ؟!
هنا رفع أوس رأسه واستدار سريعا لصاحب الصوت..همس بتقطع
-جا..سر..قالها بصدمة يطالعه بها ومشاعر متضاربة تسيطر عليه، أخيه عايش وأمامه ، هل حقا عايش ..نظر إلى ياسين ليتحقق من وجوده ، هتف ياسين
-وصلت إمتى؟!
لسة من شوية عديت على عمك صهيب بس..هنا استدار أوس ينظر لصحنه ويتناول طعامه، بينما توقفت ياسمينا قائلة:
-جاسر !!..معقولة انت عايش
كانت نظرات أوس تحاصر جنى التي توقفت مبتسمة واردفت:
-طلعت مش مجنونة مش كدا
وضع أوس الطعام بفمه وأجابها:
-فعلا يابنت عمي إحنا اللي مجانين..
بس ياترى حضرة الظابط عرفك امتى انت وحضرة الظابط ياسين باشا
اقترب إلى أن توقف أمامه يطالعه بحزن
-لدرجة دي مش فارق وجودي ومش عايز تسلم عليا
وضع الطعام بفمه يمضغه بهدوء، ولم يكترث لحديثه، ثم دنى من ابنته يطعمها:
-افطري حبيبة بابي، نظر لزوجته
-ياسمينا شربي البنت اللبن
جذب جاسر المقعد وجلس أمامه
-طيب من الاحترام انا اخوك الكبير المفروض..استدار يرمقه ثم أشار بسبباته :
-اسكت مش عايز اسمع صوتك، اخويا الكبير دفنته من سنة واكتر
اخويا الكبير ميعملش فينا كدا، انا معرفكش ..ولو سمحت عايز افطر عندي اجتماع ..روح كمل مسرحيتك مع اللي بدأت معهم إنما أنا الغيني كأني انا اللي مت ياأخي
❈-❈-❈
-اوووووس ...صرخ بها صهيب ، واقترب منه يدفع طعامه بقوة ليتساقط على الأرض
-قوم يالا قدامي وسمعني قولت ايه
دفع المقعد واستدار الى عمه ..توقف جاسر أمام صهيب ..يشير إليه فاستدار إلى أوس عندما هتف أوس :
-ايه ياعمو، عمرك سمعت أن فيه ميت بيصحى، ولا ايه ..اقترب يغرز عيناه بعين جاسر ولكزه بقوة
-بس فعلا الكابتن مكنش ميت، الكابتن كان بيمثل علينا وسايبنا هنا نتقهر من الحزن..
-عايز اصقف له واقوله برافو عليك ، عرفت تلعب بينا ..دفع جاسر بغضب عندما تذكر مأساته بتلك الأيام
-عايز اخدك في حضني واقولك حمدالله على السلامة ..طيب مفكرتش مين خدني في حضنه وانا ببكي عليك الليالي دي كلها
دفعه بقوة حتى تراجع بجسده وانسابت عبراته وهو يرى تحول اوس
-ايه ياحضرة الظابط عايز تطلع على أكتاف وجع قلبي وانا حاسس اني بقيت يتيم من بعدك، جذبه من ياقته يدور به بغضب وكأن جاسر أخرج حزن تلك الأيام
-عايز تعرف قد ايه انا بكيت عليك، عايز تعرف قد ايه كنت بروح على مقبرتك ونفسي اهدمها وادعي ربنا بسري واقوله يارب دقيقة واحدة اخده في حضني، دقيقة واحدة أودعه فيها
دار به كالمجنونة وارتفع بكاء أوس حتى ارتجف جسده
-عايز تعرف كنت بهرب من ابنك ومبقدرش ابص في عيونه علشان ميسألنيش بابا هيجي امتى ياعمو..كنت بهرب من البيت علشان مشفش مراتك وهي كل اللي على لسانها انا جوزي عايش وممتش وانا من جوايا بنزف وبتمنى اموت ومتوجعش كدا
دفعه بقوة ليصطدم جسده بالجدار قائلًا:
-كنت مضطر اوافق على مهزلة جواز مراتك علشان ابنك لما يكبر يلاقي الحماية ..اضطرت أعصر قلبي وادفن وجعي علشان اعرف ابان قدام امي وابويا اني قوي ومفيش حاجة تكسرني ..بس أنا اتكسرت وتفتت لما مابقاش فيا حاجة حتى افرح بيها ، كنت بهرب وبهرب علشان بس اعاقب نفسي نفسي ازاي سبت اخوك للموت، ادخل البيت دا وضحكاتك تصم وداني، اهرب من الغدا علشان متخيلش هزارك معانا..قبض على كتفه
-من وقت مادفناك يامزيف ماحضنتش ابنك علشان ريحتك، علشان اهرب من ريحتك اللي في ابنك ..اكتر من سنة وأنا ادمرت وجاي توقف قدامي وتقولي مش فرحان برجوعي..لا ياحضرة الظابط مش فرحان اصل قلبي بقى لوح تلج مبيحسش
-أوس اسمعني ..استدار يجمع اشيائه
-انا مبقتش بسمع ولا ليا نفس اسمع حد..تحرك بعض الخطوات ثم توقف
-هروح ابكي على مقبرة المزيف اللي حضرتك مفكرتش غير في انجازات جاسر الألفي ..ماهو زمان جواد الألفي عملها مش بعيد على ابنه ..استدار برأسه قائلاً:
-ملعون ابو الشغل اللي يعجز امي وابويا ويقهر اخواتي ..قالها واتجه إلى سيارته يقودها بسرعة جنونية ...ربت صهيب على كتفه ..يشير إلى ياسين
-إلحق اخوك، ثم استدار إلى جاسر
-معلش ياحبيبي ، أنا متأكد أن فيه حاجات اقوى منك اضطريت تعملها..
قاطعهم وصول ربى تهرول بأقدامها الحافية وخصلاتها المبعثرة بعشوائية ناهيك عن منامتها الشفافة اقتربت توزع نظراتها على الجميع .. تهتف ببكاء:
-عز بيقول جاسر عايش، جاسر رجع ، هو فين ..ظلت تتجول بنظراتها إلى أن توقفت أمامه..رجفة أصابت جسدها للحظات ثم رفعت يديها تمررها على وجهه:
-اه والله هو جاسر، هو جاسر ..قالتها بقفزة تعانقه بقوة وصوت بكاؤها ارتفع بالمكان تصرخ وتبكي بآن واحد
-اخويا طلع عايش ..جسورة عايش
رفعها من خصرها ودار بها يضع رأسه بخصلاتها يستنشق رائحتها وانسابت عبراتها
انزلها بهدوء يحتضن وجهها ويزيل عبراتها
-روبي حبيبة قلبي..انحنى يطبع قبلة مطولة على جبينها
-جسور حبيبي وحشتني ..قالتها وهي تلقي نفسها مرة أخرى بأحضانه ..سحبها إلى الأريكة
جلست بأحضانه قائلة:
-آسفة ياجنى ..أنتِ بقالك كام يوم معاه، هو وحشني قوي ..قبل رأسها
تسائل صهيب :
انت جيت ازاي لهنا جنى قالت لي انك كنت في مرسى مطروح طيب وصلت ازاي !!
-راكان راح لي بطايرة خاصة، اومأ متفهما ثم هتف:
-طيب اجهز لأهم مواجهة ياعم، واه غنى جت هي كمان، لو ابوك عارف برجعوك يبقى هو اللي أقنع بيجاد
اومأ يمسح على وجهه ثم أردف:
-اعمل ايه في عز وأوس، دول
ربت صهيب على كتفه
-سبهم حبيبي شوية واعذرهم..اطلع لوالدتك قبل مااعمامك يوصلوا
هبط جواد للأسفل وجده يجلس بحزن ..سحب نفسًا عندما علم بنتيجة مواجهته مع أوس هو كان يعلم قسوة اوس، لذلك هرب من مواجهة الاثنين
-جاسر..رفع رأسه ونهض متجهًا لوالده
دققت ربى انظارها بردة فعل والدها
ضمتها جنى من أكتافها
-عمو جواد كان عارف بوجود جاسر، تحركت لوقوف والدها
-حضرتك كنت عارف أنه عايش ..قبل جواد رأسها واردف
-روبي روحي غيري هدومك واطلعي لغنى لحد ما جاسر يشوف والدتك
بالاعلى بغرفة غزل :
حبيب نانا هياكل الأكل دا كله علشان ينزل مع نٓانٓا تحت ..
صفق الصغير بيديه، ضمته لأحضانها تستنشق رائحته مغمضة العينين، فانسابت دموعها رغمًا عنها ..دلف جواد بخطوات ثقيلة وتوقف ينظر إلى مداعبتها لحفيدها فهمس:
-غزل ..رفعت عيناها إليه ثم اتجهت إلى كنان :
-ايه حبيبي ، هننزل اهو مش كدا حبيب نانا ..الولاد فطروا ولا لا ..اعمل ايه الكابتن كنان تعب نانا لحد مانام
-غزل فيه شخص عايز يشوفك
هزت رأسها بالرفض
-مش هقابل حد ياجواد، ياله حبيب تيتا ألبس الكوتش علشان ننزل نلعب تحت ..قالتها وهي تجمع ألعابه ..ولكنها توقفت وهزة عنيفة أصابت جسدها حتى شعرت بدقات صاخبة تكاد تخرج من صدرها عندما استمعت إلى همسه
-"ماما"
سقطت الالعاب من يديها واستدارت بهدوء، كأن هيئ لها صوته، ظلت تستدير بهدوء واضعة كفيها على صدرها ولا تعلم لماذا تنساب دموعها ..هرول الطفل يصفق ويهتف
-بابا بابا..جحظت عيناها وهي ترى كنان يسرع إليه .. انحنى يحمل كنان ثم طبع قبلة على جبينه ونظراته تحتضن والدته
دقيقة اثنين ثلاثة حتى هوت على الأرض حينما تلاشت ساقيها ولم تقو على حملها، او لم تستطع قبول الصدمة ..نظرات خلف نظرات وهي تحاول أن تستوعب الصدمة، هل هي جنت أم أنه بالفعل امامها، هل حقًا ابنها حي يرزق، كيف،وكيف وعشرات الأسئلة..كنان يحتضن والده، كنان يعرف والده ، كيف وهو الذي تركه ولم يكمل سنته الاولى، كيف تذكره، كيف ؟! ابني عايش وابنه يعلم بوجوده ..لماذا فعل هذا بها؟!
لماذا يحزن قلبها بتلك الطريقة؟؟..لا لا اكيد انا بتخيل ..أيوة ابني مات واندفن وزرته كمان، لا لا اكيد مش هو
ضحكت من بين دموعها
-اتجننتي ياغزل خلاص..ولكنها توقفت عن الحديث و
شعرت بتصلب جسدها عندما اقترب منها وجلس بمقابتها يحتضن كفيها
-ماما وحشتيني !!
حدجته بنظرات تقيمية، ثم رفعت كفيها المرتجف كحال جسدها، لتؤكد لنفسها أنه بالفعل هوى، همست بضياع وصوت متقطع :
-جواد إنت شايف اللي أنا شيفاه، ولا أنا اتجننت ..
تراجعت كالملسوعة عندما تيقنت من وجوده ..لأول مرة تعاني هكذا
لأول مرة تشعر بكم الجراح الذي يئن بها داخلها ..كيف ابنها حي يرزق
كيف بعد تلك المدة ،
تعثرت نبضاتها حينما اقترب يضمها بقوة وارتفع صوت بكائه
-حبيبتي متعمليش كدا، انا ابنك حبيبك
--ابني حبيبي..رددتها كالمعتوهة، طالعته بنظرات خالية من أي مشاعر..ثم اردفت
-إنت ابني ..أومأ يهز رأسه ببكاء عينيه..ظلت تردد كلماته
-ابني..توقفت متجهة إلى جواد تسحب كفيه
-إنت سامع وشايف اللي انا شيفاها، قولي اه ..قولي انك متتجنتيش ياغزل
-
نظرت إليه بصدمة وعيون جاحظة، حتى لم تشعر بنفسها لتهوى مرة أخرى على الأرض عندما وجدت صمته
ماما ..استدارت تدفعه بقوة تصرخ
-ابعد عني ابني مات، انا معرفكش
رفعت عيناها لزوجها
-أنت ساكت ليه ايه ، مبتتكلمش ليه ،
-مين دا ..قولي ياجواد مين دا
ابننا دفناه مش كدا
-ماما حبيبتي انا ابنك واللي اندفن مش انا
نهضت تستند على المقعد تدور حول نفسها كالذي مسها جنًا
-قال ابني ..ابني مين يابني، ابني اندفن من سنة، اه ..اندفن من سنة ولو مش مصدق تعالى اوديك قبره ..
كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء والحزن والألم يأكل احشائها غمغمت بحزن
--ابني مات استودعته عند ربنا، أيوة استودعته، هو راح لخاله ، وانا قعدت هنا حزينة ابكي عليه واحتسبته عند ربنا، حبيبي راح عريس وانا هنا ضيعت دموعي عليه
-ماما حبيبتي..قالها وهو يحتضن كفيها
لطمة قوية على وجهه بعدما سحبت كفيها بعنف ثم هدرت به :
-اخرص..انا مش امك، ابعد عني شوف انت كنت فين
بمقلتين تنساب عبراتها كزخات المطر
--ابني عمره مايفكر يقهر أمه كدا، سنة يبقى عايش وأمه مقهورة، لا لا مش جاسر ، طيب لو ياسين ولا أوس هقول اه، دول قاسين إنما جاسر دا الحنان والحب كله، تحركت وجلست على الأريكة تنظر بشرود ومازالت تتحدث بتيه:
-كنت عنده اهم حاجة ، مستحيل يعدي يوم من غير ما يكلمني حتى لو في الشغل وبينا مسافات يتصل ويقولي تصبحي على خير ياست الكل ..انت شكلك عبيط يابني علشان جاي توقف قدامي وتقولي انك جاسر..أمشي من هنا الله لايسيئك
جلس أمامها يضع رأسه على ساقيها والحزن يفتت قلبه كطائر حزين ذبح عنقه ، واه خفيضة أخرجها من ضلوعه ليشعر بتحطيم قفصه الصدري
غصب عني والله ياماما .. والله غصب عني انا مكنتش عايش
هبت من مكانها تتراجع للخلف فزعة وكأن ظهوره صدمة إصابتها بالجنون
-جوااااد قول للواد دا يطلع برة، مش عايزة اشوفه
اقترب جواد بعدما وجد انهيارها الذي توقعه
-غزل حبيبتي ممكن تهدي وتسمعيني
رفعت عيناها تتفحصه بنظراتها الاختراقية
-إنت كنت عارف أنه عايش صح
-لا ياماما محدش كان يعرف غير جنى
ظلت نظراتها على زوجها وابتسمت بسخرية
-كنت عارف صح ياجوادي، سبت مراتك تموت وانت عارف ان ابنك عايش وياترى ليه ياحضرة اللوا علشان يعيد حكاية أبوه زمان
جلس جواد بجوارها وجذبها من أكتافها لأحضانه..هبت من مكانها
-كنت عارف ياجواد بوجوده ..ماما بقولك محدش يعرف
-اسكت يالا..محدش طلب رأيك، ايه اتعلمت الكذب كمان ياحضرة الظابط
اقترب منها ونظرات مترجية لها
-ماما لو سمحتي اسمعيني
أشارت إليه
-خد ابوك واطلعوا برة مش عايزة اشوف حد فيكم
رفع جواد نظره بذهول قائلًا:
-بتطرديني من اوضتي ياغزل
-برة ياجواد، خد ابنك واطلع برة مش عايزة اشوف حد فيكم انتو الاتنين زي بعض واللي عملته زمان ابنك كرره بس ببراعة ومساعدة أبوه..عرفوا يقهروني ويموتوني
❈-❈-❈
نهض جواد واستدار متجهًا للخارج
-هنتحاسب بس مش دلوقتي ياغزل
بغرفة غنى
استمع بيجاد الى طرقات على باب الغرفة، فهو يعلم بوجود جاسر، واول من قابله بالصباح الباكر عند دخوله الحي عندما كان يقوم بعمل تمريناته الرياضية
فلاش قبل ساعات
ترجل من سيارة راكان واحتضن كف جنى وتحرك للداخل..كان جواد ينتظرهم ..ضم ابنه لأحضانه
-حمد الله على سلامتك حبيبي ، بدل راكان اللي جابك الدنيا امان
اومأ له مردفًا
-اه عربية مصفحة ودخلت البوابة وخرجت على طول ..تحرك يشير إليه
-ادخل لعمك سلم عليه وانا هستناك في البيت وخلي بالك مش هيتقبلوا رجعوك بسهولة، وخاصة والدتك وأوس
اومأ له ثم تحرك خلف جنى إذ به ينصدم ببيجاد الذي يهرول برياضته توقف بيجاد لسبه ، ولكنه تراجع مذهولا
-بسم الله سلام قولا من رب رحيم
انت مين ..انت الشبح اللي بسمع عنه
أفلت جاسر ضحكة مقتربا منه وبيجاد يتراجع يشير بيديه
-اقسم بالله لو قربت مني لاحرقك، انت عفريت صح
ارتفعت ضحكاته قائلا
-يخربيت فصلانك ياخي، هتفضحني
تسمر بوقوفه ..واقترب يحسس على جسده قائلا
-دا جسم حقيقي اقسم بالله مش عفريت..انت مين يالي شبه المرحوم
انت اخوه اللي تحت الارض ولا اللي في السما ولا شبيه الأربعين
قهقه جاسر يحضتنه قائلا
-يابني افصل هتفضحني يخربيت شيطانك ..ظل بيجاد بجسد مشدود وهو يقرأ قرآن
-انا ياعم مش عايز اموت دلوقتي ، انت جاي تاخدني ..تعرف انا مبحبكش روح خد اللي بيحبوك
جذبه جاسر للداخل عندما فقد سيطرته وبيجاد يبتعد عنه
-لا مش عايز اجي معاك ياعم، انا راضي بحياتي وصلت إليهم جنى
-جاسر اتأخرت ليه، قطعت حديثها عندما وجدت دموع جاسر من كثرة ضحكاته وانكماش بيجاد ..تحرك بيجاد إليها يشير إليه
-مين دا ..جاسر مين هو أنتِ بتخاوي عفاريت ..مرتحتيش غير لما جبتي عفريته الله يخربيتك ..قولي له ينصرف يابت
ضحكت جنى مع ضحكات جاسر الذي امسك بطنه
-والله عايز اربيك بس الوقت مش مناسب ياحلوف
أشار عليه ينظر إلى جنى
-هما العفاريت بيشتموا زينا ..دا بيقول حلوف
حاولت جنى فصل ضحكاتها ولكنها لم تقو فحضنها جاسر
-الواد دا هيوقف قلبي يابنتي، تعالي نمشي ..
ظل يطالعهم لبرهة ثم اقترب منه قائلا
-بت ياجنى مين دا يابت، دا عفريت جاسر ولا ايه يخربيتك دا لو حد شافه هيطب ساكت، وحياة ابوكي ياشيخة ابعديه عن هنا دا حمايا ممكن يموت، ولا حماتي، يالهوي على جنانك يابنت عمو صهيب..فصل جاسر ضحكاته
-بيجاد انا جاسر ياحلوف ممتش، عايش قدامك اهو
زوى حاجبيه
-ممتش..أشار بيديه
-اومال مين اللي مات..هو انت الشيخ صابر بتاع أسطورة العودة ..لا لا اكيد بتهزروا
ربت على كتفه فانتفض مبتعدا يشير إليه
-ابعد ماتلمسنيش يابني
سحب كف جنى ودلف للداخل وهو يضحك ..ظل بيجاد متوقفا يتمتم
-معقول الواد دا عايش ولا البت جنى من جنانها خاوت عفريته..يالهوي انا العيلة دي جننتني ..لا لازم ارجع بيتنا دلوقتي..تحرك سريعا الى منزل جواد دلف للداخل فاصطدم بجواد يصرخ
-بسم الله..نظر إليه بذهول
-مالك يالا ..أشار للخارج ثم توقف عندما لم يعلم ماذا يقول ..اقترب جواد منه
-بيجاد إنت كويس ..هز رأسه بالنفي
يشير للخارج
-شوفت عفريت جاسر مع جنى
ضحك جواد متحركا للأعلى قائلا
-ربنا يصبرني عليك هي كانت نقصاك
هرول بيجاد خلفه يمسك ذراعه
-عمو جواد البت جنى دي احجزوها في مستشفى الامراض العقلية بقت خطر، راحت جابت عفريت جاسر
رمقه جواد بنظرة لم يفهمها فهتف بصوت مرتفع
- اقسم بالله شوفت عفريت جاسر مع جنى المجنونة
توقف جواد أما غرفته يشير إليه بالصعود
-اطلع خد لك شاور وهيأ مراتك لمقابلة اخوها وبطل رغي وهبل ..وعامل سابع البرمبة
نظر إليه بذهول قائلا
-اخوها مين قصدك العفريت ..لكزه جواد وافلت ضحكة على مظهره قائلا
-جاسر ممتش عايش يابيجاد واللي شوفته جاسر يامجنون مش عفريته
اطلع ياله
-اطلع فين ..أشار للأعلى
-لمراتك ..أشار بيجاد إلى غرفة جواد قائلا
-مينفعش انام في حضنك دلوقتي ، اعتبرني مدام غزل
دلف جواد مستغفر ربه واغلق الباب بوجهه، توقف متسمر يتمتم
-هو قفل الباب ولا عفريت جاسر..هرول للأعلى
-جايلك ياغنون ..قالها بصوت ضعيف
خرج من شروده بعدما فتح جاسر الباب متسائلًا:
-غنى صحيت..اومأ له وتوقف أمامه
-الاول لازم تهدى انا مش عارف ردة فعلها هتكون ازاي، انا نفسي مقدرتش اتقبلها بسهولة
اومأ له فحديث والدته أدمى قلبه ولم يعد لديه القبول للحديث مع أحد آخر
تحرك بيجاد قائلاً:
غنى حبيبتي فيه ضيف عايز يشوفك ..تحركت تجذب وشاحها بسرعة عندما أردف بيجاد
-اظهر وبان عليك الامان
-بيجاد استنى انت مجنون، استنى ألبس حاجة..ولكنها توقفت عن الحديث تنظر بذهول للذي توقف أمامها يردد اسمها :
-غنون..سقط الذي بيديها تتحرك بجسد مرتجف
-إنت مين!!
رفعت عيناها إلى بيجاد
-حبيبي انت شايف وسامع زيي ولا أنا اللي مت ولا ايه
وضعت كفيها على وجهها تهز رأسها تتراجع بجسدها
-لا انا لسة عايشة، ثم أشارت عليه
-طيب دا ميت ازاي عايش..ارتفعت ضحكاتها تضرب كفيها ببعضهما
-يالهوي عليك يابيجاد جننتني، قولي عامل مقلب فيا ، اكيد دا مكياج لحد،..لوحت بكفيها
-لا لا استنى دا حد فكر يغير شكله وعجبه شكل اخويا ..بس انا مش عايزة وش اخويا على حد
ارتعش جسد بيجاد من حالة زوجته وضحكاتها وهي تهز رأسها كالمجنونة، وفجأة ارتفعت شهقاتها قائلة:
-والله حرام عليك يابيجاد انا مخصماك علشان بتوجع قلبي ..ياله قولي مين دا وليه تلعب بقلبي كدا وعلى فكرة عمري ما انسى اللي عملته دا ..
اقترب جاسر يطالعها بعينان تقطر حزن ثم همس اسمها
-"غنى"
وضعت كفيها على أذنها
-بااااااااااس..انت مين
جذبها بقوة يدفن رأسه بخصلاتها
-انا نصك التاني ياقلب اخوكي ..انا قدامك اهو عايش والله عايش، خطفوني ياغنون، وكنت فاقد الذاكرة وأول مافوقت جت لكم اهو ..عايزاني ارجع أنتِ كمان، لو عايزة ارجع وكأني ميت هرجع واعتبري انك حلمتي ولا كأني موجود بس بلاش تدبحيني بكلامك
هوت من بين ذراعيه وشهقات مرتفعة حتى شعرت بتوقف قلبها تنظر إليه ببحور عيناها
-جاسر انت عايش..يعني اللي اندفن دا مش انت صح
طيب قولي اي حاجة ، قولي حاجة ضم رأسها يضع جبينه فوق جبينها
-واحدة مجنونة كان هتخلي اخوها يموتها وهي بتقوله انا بحب حضرة اللوا وهتجوزه، وأخوها الغبي ضربها بالقلم وشد شعرها ورفع سلاحه عليها وهو ميعرفش أن دي روحه اللي اتخطفت من حضنه ستاشر سنة لحد مافقد طعم الفرحة، وفجأة عيون الغزال ترجع توقف قدام الكل وتقول أنا بحب الراجل دا والراجل يطلع ابوها وبعد ماابوها فقد انها تكون بنته وياخدها في حضنه يكتشف أنها مريضة كانسر ويشاء القدر علشان لذلك علشان يجمعها بينا وتاخد الأنسجة من ابوها وتعيش وتبقى مامي زي القمر وتوقف قدام اخوها وتهرب مراته لحد مااخوها الغبي اتعصب عليها وطردها من بيت ابوها، أصله غبي ويستاهل الموت فعلا
هزت راسها تضع كفيها على فمها وساحت عبراتها تلقي نفسها بأحضانها تعانقه بقوة كأنه سيختفي مرة أخرى
-اااااااه ياجاسر، اااااااااه ..اخرجتها من اعماق حزنها
-بعد الشر عليك ياحبيب غنى أن شالله غنى وانت لا ياحبيب قلبي
دلف جواد على صوت بكاؤها ، هنا ضعفت عيناها لتنفجر برك عيناه اخيرا بالدموع وهو يرى احتضان غنى إليه ووصول ربى تلقي نفسها بأحضانه هي كذلك ..ليلف ذراعه حول إخوته ويبكي على بكاؤهما
دفعت غزل الباب تصرخ بجواد
-"جواد طلقني"
الجزء الثاني من الفصل الثالث والاربعون
عند جنى
تحركت للأسفل وابتسامة سعيدة بعدما أخبرت عمها بوجودها مع زوجها، اتجهت إلى تلك الحقيبة لتخرج الشموع والورود الحمراء، بدأت تجهز ماتريده قبل وصوله، انتهت بعد قليل ، فتحركت إلى المطبخ تخرج الأطعمة التي احضرتها سمر، ضيقت عيناها توزع نظراتها عليها
-سمك، واو جمبري ، ايه دا ..ياي استكوزة، جمعتهم واتجهت إلى الثلاجة تضعهم بها وهي تبتسم
- آسفة ياسمر، بس جاسر مالوش في الحاجات دي ..أخرجت الجمبري وبعض السلطات إلى جانب انواع أخرى من الأسماك التي يميل إليها زوجها ، افلتت ضحكة عندما تذكرت تناولها الفسيخ وهروبه من الغرفة ..ظلت تضحك مع نفسها إلى أن انتهت من ترتيب المائدة
اتجهت تعد بعض سلطة الفواكه ببعض العصائر والحلويات كذلك..
مطت شفتيها تنظر لما فعلته بإعجاب ثم صعدت للأعلى سريعًا، خرجت بعض دقائق معدودة من الحمام ، توقفت أمام المرآة لتنهي زينتها، بعدما ارتدت ذاك القميص الناعم الذي جعل من طلتها أميرة خلابة تجذب القلوب
استمعت لصوت سيارة بالخارج، اتجهت تنظر من خلف ستارة النافذة، لمعت عيناها بالعشق بعدما وجدته يترجل من سيارة جيب ، متجهًا إلى الشالية، سحبت نفسًا لتوقف دقات قلبها العنيفة، ثم تحركت للأسفل بخطواتها الهادئة، ورغم هدوء هبوطها إلى أن قلبها يعزف سيمفونية باسمه، دلف للداخل ، توقف متسمرًا عندما قابلته رائحة البخور الممزوجة برائحة تلك الورود الفواحة، ناهيك عن رائحتها الأنثوية التي تسللت إلى رئتيه، رفع عيناه إلى الدرج ، ليجد حوريته متجهة إليه بخطواتها الناعمة
بحذائها العالي وفستانها القصير الذي يظهر معالم جمالها باناقة، تجولت عيناه على ملامحها كافة، وذاك الفستان مفتوح الصدر والظهر، ليظهر معالمها الأنثوية بسخاء
تحرك بعض الخطوات حتى اقترب منها..ارتفعت دقاتها بصخب كأنها تراه لأول مرة، هاج قلبه وارتفعت نبضاته
ليبسط كفيه إليها يرفع ذقنها ويرسمها برماديته..
"أنا مش بحلم صح"
لمعت عيناها بعشقه الدافئ، مقتربة منه تحاوط خصره
-وحشتني قوي اتأخرت ليه
لف ذراعيه يرفعها لتصبح بمقابلته ، يدفن رأسه بخصلاتها وآآه عميقة بعشق دفين كانت أبلغ عن أي شعور
-مفيش كلمة في قاموسي تعبر عن اشتياقي حبيبي
انزلها بهدوء ومازال ذراعيه يحاوط جسدها
-الجمال والدلال دا كتير على قلب حبيبك ياجنتي
طالعها بعيناه التي لم تغفو لحظة عن ملامحها الجميلة، واقترب من خاصتها ليعزف ثنايا عشقه عليها
تراجع يحتوي وجهها بعدما شعر باحتياجها للهواء قائلا
-مرسى مطروح نورت بوجودك حبيبي
وضعت رأسها على صدره
-منورة بوجود حبيبي فيها ..اتجه ببصره لتلك الطاولة الموضوعة بالمنتصف
-عملتي اكل كمان..هزت رأسها بالنفي وسحبت كفيه متجهة إليها
-لا دا سمر جبته، ثم أشارت إلى الطعام
-انا جهزته بس ، الباقي انت مالكش فيه ..خلل أنامله بأناملها وجذب مقعد يجلس فوق وأجلسها فوق ساقيه
-تعرفي أنا جعان جدا، يعتبر ماأكلتش من إمبارح
لمست وجنتيه
-ليه ياجاسر، ينفع كدا
قبل كفيها الذي تضعه على وجهه
-لا استنيت تيجي علشان نفسي تبقى مفتوحة واكل كل الأكل معاكي
انحنت تضع رأسها بحنايا عنقه تهمس بأنفاسها الناعمة
-ربنا مايحرمني منك ودايما مفرحني بكلامك دا حتى لو كذب
أخرجها من أحضانها ينظر إليها:
-بس دا حقيقي ياجنى، الأكل معاكي له لذة تاتية، رفع خصلاتها برقة يضعها خلف أذنيها وتابع مستأنفًا بابتسامته
-الحقيقة مش الأكل بس ، كل حاجة ياروحي ، ليها مذاق تاني
انحنت تطبع قبلة على خاصته، ثم استدارت للطعام وبدأت تفصص له بعض أنواع الأسماك لتطعمه بيديها، بعد فترةأنهوا طعامهم ، فتوقفت تجمع الطعام المتبقى وهو يساعدها إلى أن انتهوا، ليسحب كفيها الرقيق متحركًا اتجاه الحمام ويوقفها أمام حوض الغسيل يحاوطها بذراعيه ويقوم بغسل يديها وفمها، رفعت رأسها مستديرة تنظر لقربه بارتجافة شفتيها
-طفلة أنا علشان كدا ..مرر أنامله على خاصتها وعيناه تعانق عيناها
-إنتِ طفلة روحي وهتفضلي كدا طول عمرك..خانتها ساقيها من لمساته وهمسه، فتراجعت تستند عليه مغمضة العينين
-معقول ربنا بيحبني قوي كدا، علشان يرزقني بحبك دا ...انحنى يغسل ويديه لتعتدل تساعده تفعل معه مثلما فعل ..ازداد بريق العشق بعيناه، فتعلقت عيناه بشفتيها ،
انحنى ليطبع قبلة على فتحة ظهرها العاري أمامه
-"أنا اللي ربنا بحبني كتير قوي جنجونة قلبي ملكي وجوا حضني وعندي قطعة من روحي منها مبقتش عايز حاجة، قالها وهو ينحني ليحملها متجهًا إلى الخارج يغمز بعينيه
- الليلة ملكي وممنوع اعتراض على حاجة ..تنهدت بغرام أحيى قلبها بعد سنوات عجاف، لترفع أناملها تخللها بين خصلاتها تعبث بها قائلة
-أنا ملكك على طول ياجاسر مش الليلة بس
انزلها بهدوء وقام بتشغيل موسيقى رومانسية ثم بسط كفيه إليها
-ملكة قلبي تسمح لجوزها بالرقص، وضعت كفيها لتحتضن حنان كفيه وتقترب منه بفستان القصير تومأ بعيونها اللامعة
-حبيبة جوزها تسمح لجوزها بالدلال كله ..أطلق صفيرًا وهو يلفها لتدور بفستانها ترتفع ضحكاتها
-دوخت حرام عليك ..قهقه عليها يجذبها لأحضانه
-ألف سلامة !!..ضيقت عيناها تعانق رقبته قائلة:
-افهم من كدا انك بتتريق..أشار على نفسه بذهول أنا !! ابدا
حاوط خصرها وبدأ يتحرك معها على نغمات الموسيقى ومازالت ابتسامته اللاعوب عليها
تبسمت عيناها بمكر أنثوي ترفع نفسها تهمس بجوار شفتيه
-قولي ورا الضحكة دي ايه، وبلاش المكر دا
ارتفعت ضحكاته يرفعها من خصرها يضع جبينه فوق خاصتها:
-طيب اصبري نفسي ازاي واسيطر على قلبي ازاي وانا عايز التهمك دلوقتي
لكمته بخفة تضحك
-والله كنت عارفة انك بتخطط لحاجة
رسم العبوس ينزلها متراجعًا:
-دايمًا ظلماتي وواخدة فكرة مش كويسة عليا
تحركت تضع كفيها على فمها تمنع صوت ضحكاتها وتهز رأسها
-أيوة فعلا حبيبي مظلوم علشان انت مؤدب وأنا المفترية
رفع حاجبه يطالعها بسخرية:
-بتغلطي على فكرة، والغلط مش في صالحك، قالها وهو يتحرك يجذب بعض الفواكه التي احضرتها واتجه إلى الأريكة يشير إليها، استدارت متجهة للأعلى لبعض اللحظات، ظلت نظراتها عليها مستغرب صعودها، هبطت تحمل بكفيها ذاك الحذاء الصغير ، وجلست أمامه تستند على ركبتيها تشير إلى كفيه وهي تخبأ ذاك الحذاء خلف ظهرها، فتح كفيه قائلا بمزاح
-ايه ناوية تديني فلوس ولا أيه..وضعت الحذاء ثم أطبقت على كفيه وابتسمت بخفوت وشفتيها نقشت حروف عشقه على خاصته مبتعدة بعض السينتات لتهمس بجوار أذنيه
"ألف مبروك ياأحلى ابو كنان في الدنيا، هتبقى أب لولدين"
اعتدل بجسده ينظر لذاك الحذاء بذهول ثم نزل ببصره لبطنها ..ألجمته الصدمة مما فقد النطق ..فرت دمعة من عينيها تسيل فوق خديها من صدمته ونظراته المذهولة..هزت رأسها لتؤكد له ما يشعر به
-أيوة هيجلنا بابي كمان، فيه هنا حتة منك ممكن تكون بنت او ولد، كله اللي يجيبه ربنا راضية بيه، المهم تكون معانا ويكون بصحة جيدة
أغروقت عيناه بالدموع ليرتجف كفيه على بطنها عندما سحبها لأحضانه
-جنى أنتِ حامل ...هزت رأسها تقبله
"أيوة حبيبي هيبقى عندنا طفل كمان"
عصرها بأحضانه وآآه جياشة من أعماق روحه
-ياالله ..نهض يحملها ويدور بها وارتفعت ضحكاته حتى أدمعت عيونه يهتف من بين ضحكاته
-هيكون عندنا ولد كمان ...قالها وضحكات أنارت وجهه حتى نسي كل مايمر به ..انزلها بعدما صاحت به
-جاسر كفاية دوخت !!
انزلها يضمها ثم احتضن وجهها
-طيب هو فيه فرحة اكبر من كدا ياجنجون، قلبي بيرقص عايز اعمل كل حاجة..صمت وتوقفت نظراته عليها يضغط على خصرها
-يعني الاحتفال دا كله علشان البيبي مش علشان حبيبك
رفعت ذراعيها ترفع نفسها تدفن رأسها بعنقه تشتم رائحته تهمس بأنفاسها الناعمة لتزعزع ثباته قائلة
-الاحتفال علشانكم انتو الاتنين، بس هو اكتر ، لحسبة بسيطة ياحبيب جنى انك ابوه، دي بالنسبالي أعظم حاجة في الكون
لم تكمل حديثها عندما انحنى يضع ذراعيه تحت ساقيها ويرفعها لتصبح بأحضانه وتحاوط عنقه قائلا
-إنتِ احتفلتي على ذوقك وأنا كمان لازم احتفل وارحب بابني على ذوقي والله أو قالوا مصر بها حرب لازم احتفل وبعدها موافق يضربوني بصاروخ
ضحكت تضع رأسها بصدره خجلا من حديثه
-بس بقى ، انت على طول كدا
غمز إليها قائلا
-يابت افرحي علشان نبارك لبعض بالبيبي ، مكسوفة طيب اومال فرحانة انك حامل ازاي
ظلت تلكمه بضحكاتها
-نزلني ياجاسر، هزعل منك ..وضعها على الفراش يتجول بعيناها على الغرفة المزينة ثم اتجه لها
-ايه الجمال دا ..دا كله علشان البيبي ياجنى
توقفت تهز رأسها بالرفض
-لأ ..دي علشان جسور حبيب جنى، اللي تحت كان احتفال للنونو بس دي لجاسر بس لوحده
❈-❈-❈
هنا صمتت الألسنة وتوقفت عقارب الساعة ولم يستمع سوى سمفونية العذب الموسيقى بدرجات لهيب العشق
❈-❈-❈
باليوم الثاني على متن اليخت بالبحر، كان يستلقى بظهره يحاوطها بذراعيه
-من وقت مارجعنا من رحلة اثينا وكان نفسي نطلع سياحة في البحر ..كانت تستمع إليه تغمض عيناها وانامله تتحرك بعشوائية بخصلاتها:
-ايه رأيك بعد ماتولدي إن شاءالله نسافر روسيا، بابا وماما بيشكروا فيها قوي
-جاسر انت قضيت شهر العسل مع فيروز فين ..؟!
هزة عنيفة أصابت قلبه بعدما ذكرته بأسوأ ذكرياته ، فاعتدل يطالعها بصمت للحظات ثم رفع أنامله يزيح خصلاتها التي تتطاير بفعل الرياح واقترب يرتشف حزنها وهو ينثر عشقه على خاصتها ..لحظات امتص بها حزن قلبها قبل عيناها ليحتضن وجهها:
-جنى ممكن تحرقي الفترة دي من حياتك، اعتبريها محصلتش، انا مهما أعمل هتفضل ملزماني العمر كله، طيب قوليلي حبيبتي أعمل ايه علشان مشفش الحزن اللي في عيونك دا
وضعت رأسها على ساقيه متمددة ثم همست والغيرة تحرق قلبها :
-متعملش حاجة ياجاسر، انا بس افتكرت كلامها لما ذكرت روسيا ، رفعت رأسها ترمقه بنظرة :
-أصلها قالتلي انكوا قضيتوا شهر عسلكم بروسيا، وانت بتقولي ماما وبابا، مفيش داعي تكذب عليا حبيبي لو سمحت ، فيروز خلاص مبقتش موجودة..فبلاش تكذب عليا مهما حصل
تسطح يجذبها لأحضانه قائلًا:
-آسف..تمسحت بصدره قائلة:
-مالوش داعي الأسف، المهم أنا فين دلوقتي..ارتفعت امواج البحر لتقذفهم بالمياه..اعتدلت تنظر إلى جمالها وتناست بما كانوا يتحدثون ثم تحدثت:
-تعالى ننزل البحر شوية..نهض ينظر حوله ثم بسط كفيه إليها
تعالي ..قام بنزع كنزته ثم حملها متجها للبحر لبعض الوقت
عند راكان ظل يحاول الوصول إليه ولكنه لم يستطع إلى أن اتصل بمن عينه لمراقبته
-جاسر فين؟!
-في الشالية يافندم ومعاه المدام
جز على أسنانه ثم اغلق الهاتف يسبه
-غبي ياحضرة الظابط ناوي تموت نفسك ..ظل يدور بالغرفة كالمجنون يمسح على خصلاته بعنف ، ظل على هذا الحال فترة ثم امسك هاتفه لمهاتفته ..بعد خروجهم من البحر اتجهت إلى الفراش تلقي نفسها عليه
- انا اخدت شاور بصعوبة وعايزة انام مش قادرة حاسة جسمي كله مكسر عومنا كتير، ورغم كدا فرحانة البحر هنا جنان عن اسكندرية..قبل جبينها ثم دثرها بذاك المفرش الخفيف قائلًا:
- جميل علشان إنتِ فيه ياروحي هاخد شاور من مية البحر وجايلك..اومأت له دون حديث ..بعد فترة فتح عيناه على رنين هاتفه ..جذبه ليستمع إلى صرخات الآخر :
انت فين يابني انا قولت قتـ.لوك
اعتدل يمسح على وجهه..ينظر لزوجته الغافية بجواره، فهتف بصوت متحشرج من النوم:
-يافتاح ياعليم، خير!!
صمت راكان للحظة مستمع لصوت
امواج البحر
-إنت في البحر ؟!
-اه بصطاد سمك ابعت لك قرموط
اوعى تقولي فهمت صح
تهكم واجابه:
-هو انت مصحيني من النوم علشان تسألني على ذكائك ..عرفنا انك ذكي وفذة عصرك ، ممكن تسبني انام
- الله يخربيت برودك يامتخلف، لازم تنزل مصر حالا حالا
غبييييي..صرخ بها راكان يغلق هاتفه ملقيه بالأرض بقوة
اما الآخر تمدد على الفراش
-شوف مين هيسمع كلامك، دا كان المفروض يعينه على منصة الإعدام
-مين بيتصل حبيبي !!
-واحد بارد سيبك منه، قالها يجذبها لأحضانه، استمع الى رنين هاتفه مرة أخرى..زفر بغضب معتدلًا:
-راكان دا هموته علشان يبطل يطنطط عليا، رفع الهاتف وصرخ دون أن ينظر للمتصل
-بقولك انا خلقي ضيق اه عايز تعرف ايه ، مراتي معايا واحنا في البحر بعمل شهر عسل يارب تتهد وتبطل تزعجني، وخلي عندك دم ياخي انت عارف واحد ومراته مع بعض عايز منهم ايه
-جاسر..هب من مكانه معتدلا ، ثم ابتلع ريقه يتمتم بتقطع
-بابا..تنهد جواد ثم تحدث بهدوء رغم غضبه من ابنه ولكنه تحدث:
-هات جنى وتعالى مستنيكم ..قالها وأغلق الهاتف ينظر إلى باسم الصامت
توقف باسم من مكانه
-مكنش قدامنا حل غير كدا ياجواد، لازم جاسر يظهر مبقاش ينفع تخبي بعد حمل جنى وبعد مايجي هتعمل اجتماع عائلي وتفهمهم خطورة الوضع انا متأكد أنهم هيقفوا مع اخوهم
زفرة حارقة أخرجها على مراحل يهز رأسه:
-عملت ايه في طقم الخدم اللي هنا
نهض من مكانه
-غيرت الجميع وجبت دول من مدارس عسكرية متخفش مضمونين، وكمان عندك طقم حراسة على أعلى مستوى زي ماطلبت، أوس وعز تحت المراقبة ومن غير ماحد يشك، وكمان البوابة الإلكترونية اتجددت وجهزت بيت المزرعة اللي جنب بيت راكان وهيئته للطوارئ
وضع أمامه اسطوانة قائلًا:
-شوف دي جواد لسة جايباها فيها معلومات مهمة، عايز منك طلب حد يكون مع جاسر هناك غير يحيى، شوف ظابط متخرج وحاول تزرعه هناك ياباسم، انا مش هبعته بعد مالكل يعرف وفي الاخر يرجع مقتول واعيشهم الوجع مرتين، انا اتحملت ومستعد اتحمل تاني بس ولادي ومراتي مش هيتحملوا تاني ..ربت باسم على كتفه:
-وعد مني، وحياة أربعين سنة صداقة ياجواد لأعمل أقصى مابوسعي علشان احميه لو اضطريت ادافع عنه بروحي، متخفش انا المرة دي استعدت كويس، بدليل مراقب الكل اهو، انت اطمن وخلي بالك من صحتك، علشان توعدني بعد مانطمن على جاسر تعمل العملية
ابتسامة حزينة ظهرت بتجاعيد وجهه
-لسة في العمر بقية ياباسم، ليه اوجع نفسي بدل ليا سنوات مقدرة عند ربنا اهم حاجة عندي دلوقتي اطمن على ابني دا اهم حاجة بفكر فيها
قطع حديثهم دخول صهيب
-عاملين ايه..استدار جواد وابتسامة واسعة ظهرت على وجهه ليقترب منه يضمه
-ياااه ياصهيب اخيرا ..تراجع يدقق النظر إليه
-بقيت تمشي كويس اهو، اخيرا رجعت تدخل بيت اخوك تاني
حزن باسم من حزن جواد الذي يداريه بفرحة رجوع صهيب، فاقترب منهما
-مبروك ياصهيب ويارب دايما ماتحرمنا من شقاوتك يانمس
بالخارج ترجلت هنا من سيارتها تضع سماعتها بأذنها وتتحرك إلى منزلها ، توقف جواد أمامها ثم أشار بعينيه إلى السماعة، قامت بنزعها واقتربت مبتسمة:
-عامل ايه، فينك مختفي بقالك يومين
قبض على ذراعها بقوة
-اسمعي من الكلمتين دول علشان انا على اخري منك، امبارح شوفتك بحمام السباحة في بيت خالو صهيب ، ودا ممنوع عندي، اشوفك بتكلمي فارس أو أي ولد تاني بقلة حياء هضربك ومش هرحمك...أشار إلى ثيابها
-لبسك دا يتغير، بلاش اللي فوق الركبة والبناطيل المتقطعة دي، امسك خصلاتها يلفها حول كفيه ويقربها يهمس إليها:
-شعرك اللي فرحانة بيه دا يتغطى، بدل ماولعلك فيه، دا اخر كلام سمعتي ولا لا..وقبل ماتردي بلسانك الطويل دا
علشان خايف عليكي يابنت خالي ..مش علشان واقع في غرامك، ومتفكريش علشان الليلة إياها رفعت من روحك المعنوية يبقى بحبك ..أنتِ بنت خالي وبس ، لحد ما اشوفك تستاهلي جواد، غير كدا متلزمنيش
غضبت من أسلوبه المستفز، فاقتربت ترمقه بنظرات غاضبة:
-من إمتى ياحضرة الظابط
مط شفتيه ثم رمقها بنظرة لم تعلم مداها، وتحرك دون حديث ..
هرولت خلفه تجذبه من ذراعه صرخت به :
-بكلمك على الفكرة !!
-وأنا سمعت على فكرة وماليش مزاج ارد ..
طالعته بغضب متمتمة:
-على فكرة انت مستفز
-شكرا..قالها متحركًا
ضربت أقدامها بالأرض وهدرت غاضبة
-وبارد وانا دلوقتي عرفت انت كدا ليه، اقتربت بعد توقفه معلنة الحرب
-علشان قلبك دا فريزر يابني، دا الفريزر بيحس عنه
كور قبضته مستديرا إليها
-خلصتي كلامك ..انا مش هرد عليكي علشان انتِ عيلة هبلة ..قطع مشادتهم فارس عندما توقف بسيارته ثم ترجل منها، يوزع نظراته بينهما
-خير ..دقق النظر قائلًا :
-لا مش خير ..حك ذقنه مقتربا من جواد :
-والله يابني لو مكانك كنت طلقتها من قبل مااتجوزها، اقولك نصيحة ارمي عليها يمين الطلاق بتلاتة
ربت على كتفه يغمز إليه:
-اكتب على جبينك انك راهب للحب، بلا جواز بلا نيلة ..اقترب يهمس له
-هتشيلها في الاخر وضهرك يوجعك ..واقولك حاجة سبني انا اشيلها علشان الغضروف بتاعك ميتأثرش
-ماتسكت ياحيوان ..ايه اللي بتقوله دا
رفع حاجبه ساخرا:
-طيب اومال ليه عامل تقلان..قبض على كف هنا :
-تعالي يابت وانا اكتب عليكي بعقد عرفي..لكمه جواد بقوة :
-ماتحترم نفسك ياحيوان ..وضع كفيه مكان لكمته ينظر إلى هنا
-دا بيحبك يابت اقسم بالله ، بصي عايزك تمرمطيه، وانا اللي كنت زعلان عليه..متبقيش بنت سيف لو مش خلتيه يركع، دفع جواد واقترب من هنا
-شوفتي مين يابت ياهنا من بنات الألفي مركعوش اجوازهم ..ردي كرامتك ومتخافيش وعد من فارس الألفي الواد دا لو مش اتجوزك آخر السنة هتجوزك انا وياله امري لله هربيكي، تفحصها بنظراته قائلا
-هيجي منك ياهنون، سيبك منه ..جذب عنقها يهمس إليها:
-اوعي تصدقي كلامي في الجواز انا بس لازم اجب لك حقك
ابتسمت هنا إليه ..مما غلى الدم بعروق جواد يدفعه بقوة يسحب كفيها يجرها بعنف متجها إلى منزل سيف، ثم ألقاها بالداخل وصرخ بها :
-انا لسة بقول ايه يابت، مش بقولك ابعدي عن فارس الزفت، ايه شوية وهتبوسو بعض ..أشارت بسبباتها صارخة رغم فرحة قلبها بغيرته التي أحرقت قلبه لتخرج نيرانها من عينيه
-إنت ملكش دعوة بيا تمام، مش انا بت منفلتة ومش متربية، ابعد عني ، انا عرفت قيمة نفسي ومبقتش هجري وراك ..اقترب منها وهي تتراجع إلى أن اصطدمت بالحائط خلفها ليهتز جسدها قائلة:
-جواد ابعد عني ، انت بتقرب ليه
انحنى حتى اختلطت أنفاسهما يهمس بنيران الغيرة التي تأكل احشائه:
-عايز ابوسك مش إنتِ بتحبيني، هزة أصابت جسدها من اقترابه وحديثه ، لتهمس بتقطع :
-جواد ابعد انت مجنون، ايه اللي بتقوله دا ..لف ذراعيه يجذبها لأحضانه هامسًا بصوته الأجش الذي قضي على تماسكها لتنهار وتضعف وترتجف ساقيها فلم تشعر سوى بدموع عيناها على شخصًا عشقته وهو يلقيها دون رحمة ..دنى اكتر من المسموح
-بتحبيني ياهنا..قالها وهو يزيل عبراتها بأنامله ...هنا شعور طغى عليه حتى تمنى تذوق ثغرها الذي يرتجف أمامه من بكائها ..ظل يزيح عبراتها بأنامله ..وهو يحتضن ملامحها بعينه وهمس بصوته الأجش:
-بتحبيني..!! اومأت برأسها بعدما سقطت بغمرة عشقه لتصيبها بارتجافة لم تستطع السيطرة عليها..ليقترب أكثر حتى تلامست شفتيه وجنتيها يهمس لها :
- وأنا بحبك قوي ياروح جواد..قالها واستدار متحركا سريعا للخارج بعدما فقد سيطرته على مشاعره فلو ظل لدقائق أخرى لاقتنص كل مالها
هوت على المقعد بعدما خارت قواها بالكامل ولم تستطع سيقانها على حملها، ودقات صاخبة كادت أن تصم اذنيها، تضع أناملها على وجنتيها التي ضخت بحمرة تغمض عيناها تهمس لنفسها:
-قالي بيحبني..جواد بيحبني
صباح اليوم التالي بمنزل صهيب
دلفت جنى إلى والدها
-"بابا"استدار إليها يفحصها، وابتسم يشير إليها بعدما أغلق مصحفه:
-حمد الله على سلامتك يابابا، عمو قالي كان عندك جلسة علاج..سحب كفيها إلى أن اقتربت منه ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-حاسة بإيه دلوقتي ..رفعت نفسها تطبع قبلة على وجنتيه
-انا أسعد واحدة في الدنيا دي كلها..دارت حول نفسها قائلة:
-لو نفسك في حاجة دلوقتي هيكون ايه ..جذبها وتحرك جالسًا بالشرفة:
-نفسي حبيبة قلبي واميرتي ترجع تضحك تاني وتملا حياتي سعادة
-مش نفسك في حاجة تاني
ترقرت عيناه بالدموع :
-اللي نفسي فيه مينفعش يتحقق مهما تعملي ..تحرك جاسر بخطوات متمهلة يقف خلفهما ..وضعت رأسها على كتف والدها
-افهم من كلامك نفسك تشوف جاسر صح ..نظر للخارج وعيناه تبتعد عن نظراتها حتى لا يضعف بالبكاء، أدارت وجهه إليها
-حبيبي نفسك تشوف جاسر
احتضن وجهها وقبل جبينها وتحكم بعبراته :
-حبيبتي مش اتكلمنا في الموضوع دا، ليه راجعة تاني ياجنى بعد ماقولت الحمد لله
رفعت كفيه تقبله وكررت حديثها تاني
-حبيبي قولي اه نفسك تشوفه صح
-جنى ممكن ..قاطعه صوت جاسر خلفه :
-وحشتني ياصهيوب، ووحشني نقارك ليا ..صمت صهيب وكأن صوته يرواده من ذكراه، هز رأسه يستغفر ربه
قومي حبيبتي شوفي ماما ..اقترب جاسر أكثر منهما فرفعت جنى رأسها إليه ليشير إليها بالخروج ..اومأت متحركة للخارج ثم توقفت على باب الغرفة تنظر إلى والدها للحظات ثم تحركت بعدما أشار جاسر إليها ، بينما اقترب يضع كفيه على كتف صهيب
-عمو صهيب...!!
-عمو صهيب...!!
رجفة قوية أصابت جسده بالكامل حتى عجزت جميع أجهزة جسده لما يشعر به ، بعدما تيقن وجوده ، فاستدار جاسر إلى أن توقف أمامه يطالعه باشتياق وعيناه تتجول على ملامحه بالكامل
ابتلع ريقه ينظر إلى جاسر بأعين جمعت بها سحب الألم ، رفع كفيه يمررها على وجهه ليتأكد من وجوده.. حاول الحديث ولكنه شعر بثقل لسانه
رفع جاسر كفيه يقبله ثم رفع رأسه ينظر إليه !!
-عمو .. دقائق من الصمت وعقله يصفعه بقوة هل هذا عقله الباطني بتمنيه وجوده كما هتفت ابنته، ماذا يحدث امامه، تراجع بأحداث الأيام الأخيرة الى ابنته وصراخها باسمه ووجوده ، همس لنفسه
-..تراجع بجسده وهتف بتقطع
-سلامًا قولا من رب رحيم ..ايه اللي بيحصل دا ..رغم شعور جاسر بالحزن من صمته إلى أنه ضحك بصوت عالي
هنا تأكد من وجوده فكتم غيظه بداخله واردف :
-انا معنديش جن في البيت وياله انصرف ..هنا توقف جاسر وارتفعت ضحكاته يضرب كفيه مقتربا منه مرة أخرى
-ايه ياصهيب خايف من عفريتي
رمقه صهيب بغيظ ثم هتف :
- لو عفريتك ماانصرفش نشغله سورة البقرة، اكيد هيخزى على نفسه وينصرف، أما بقى لو غلس ولسانه طويل يبقى لازم اولع ورق كتير علشان اصرفه ..هوى جاسر امامه عندما فقد السيطرة على ضحكاته، يضع رأسه فوق ساق صهيب:
-اقسم بالله مكنش وحشني في البيت دا قدك، وكان نفسي اطلعلك عفريت فعلا علشان نضايق بعض
صمت صهيب يرسمه بعيناه، هل هو موجود بالفعل..رفرف قلبه بالسعادة وهو يجده أمامه وتذكر ما فعله جواد منذ ثلاثون عامًا، فكأن التاريخ يعيد نفسه
وضع كفيه على خصلاته يسبح فوقها
-حبيبي انت فعلا عايش صح، يعني مكنتش بتوهم بوجودك..رفع رأسه يحتضن كف عمه وانسابت عبراته
-آسف ياعمو، عارف سببتلك أذى كتير لكن غصب عني وكنت ..قاطعه حديثه عندما جذبه لأحضانه وارتفعت شهقاته
-فداك عمك ياروح عمك انت، ياحبيب قلبي ربنا يخليك ويطول في عمرك ولا يحرمنا منك أبدًا
بكى الأثنين بأحضان بعضهما للحظات، حتى أخرجه صهيب يحتضن وجهه يتفحص كل انش بوجهه
-إنت كويس ياحبيبي ، مفيش أذى ..ظل يفتش بجسده كأم تتفحص جنينها
قبل جبينه يضم رأسه:
-ااااااه..صاح بها صهيب ببكاؤه ثم هتف :
-اللهم لك الحمد ولك الشكر يارب ، احمدك واشكر فضلك يارب
ابتعد عنه يلوح بيديه
-لا دي نسجد شكر لربنا على رجوعك بينا تاني..طالعه جاسر مذهولا وهو يراه يسجد شكرًا لله وارتفع صوت بكائه أكثر وأكتر حتى لم يستطع رفع رأسه من السجود وهو يردد
"اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك "..ظل يكررها
جلس جاسر بجواره يضع كفيه على كتفه
-عمو..رفع جسده يحتضنه مرة أخرى
-حبيب عمك يابني ..قالها وهو يمرر أنامله على وجهه ..قبل جاسر كفيه مبتسمًا وشاكسه
-مكنتش اعرف اني غالي عندك كدا ياصهيوب اومال ليه كنت عاملي فيها عفريت العلبة
ضمه من عنقه يضع جبينه فوق خاصته:
-وحياة ربي لاخد حزن قلبي عليك يابن جواد
تراجع جاسر يقهقه ؛
-وبعدين بقى رجعنا بقى للنق..تذكر صهيب جواد وغزل فتسائل:
-قابلت ابوك وامك ..نهض من مكانه وأردف :
-قابلت بابا بس لسة ماما ..سلام وراجعلك تاني ..قالها غامزا وتحرك إلى أن توصل لبابا الغرفة
-صهيوب جهز عشا رومانسي علشاني انا ومراتي
ابتسم له صهيب ومازال ينظر إليه ليتأكد أن مارآه حقيقة..تحرك جاسر وفتح الباب ولكنه اصطدم بعز ، الذي تراجع للخلف يطالعه مذهولا :
-يعني الصوت اللي سمعته مش تهيئات
لكزه جاسر ضاحكًا:
-مالك ياله ، ايه هتعمل زي ابوك وبيجاد وتقول عفريت ولا ايه
تراجع للخلف يهز رأسه ، ينظر بصدمة
-إنت عايش، يعني اللي دفناه مش انت
اقترب منه ومازالت ابتسامته تتجلى بوجه
-مالك يالا، ماانا قدامك اهو وعايش ، ايه اضربك علشان تفوق
دفعه عز بغضب وهدر به:
-ابعد عني اياك تقرب مني، انت ايه ياخي، انت ايه ..قالها يصرخ به حتى خرج صهيب ينظر لابنه بصدمة من حديثه
-انا مش عايز اشوفك روح مثل انك ميت، امال بجسده مقتربا منه
-مثل واعمل انجازات على حساب وجع قلوبنا ياحضرة الظابط
-عز ..أردف بها صهيب ينظر لابنه بتحذير
-سلم على ابن عمك وقوله حمدالله على السلامة
استدار قائلًا:
-ابن عمي مات ودفنته واخدت عزاه، أما اللي قدامك دا ماليش علاقة بيه..قالها وتحرك سريعا وكأن هناك شيطان يطارده
توقف جاسر ينظر لمغادرته بحزن أدمى قلبه..ربت صهيب على كتفه
- اعذره حبيبي ، سيبه شوية مع نفسه، اكيد مش هقولك عز بيحبك ازاي، هو بس الصدمة مش عارف يتعامل ازاي
قبل كتف عمه وتحرك إلى منزل والده
دفع الباب وتحرك إلى غرفة المعيشة وجد أوس يتناول إفطاره بجوار ياسين وعاليا ..نظر ياسين إلى صحنه منتظر ردة فعل اوس من ظهور جاسر
نهضت عاليا هاتفه بصياح
-جاسر..رفعت ياسمينا تضيق عيناها متسائلة
-جاسر مين ..؟!..ألقى تحية الصباح وصلت جنى متوقفة بجواره وعانقت كفيه
-شوفوا مين اللي جه..تحرك ياسين إليه
-حبيبي حمدالله على سلامتك
ضم أخيه بحب اخوي واوما برأسه إلى عاليا
-عاملة ايه ؟!
هنا رفع أوس رأسه واستدار سريعا لصاحب الصوت..همس بتقطع
-جا..سر..قالها بصدمة يطالعه بها ومشاعر متضاربة تسيطر عليه، أخيه عايش وأمامه ، هل حقا عايش ..نظر إلى ياسين ليتحقق من وجوده ، هتف ياسين
-وصلت إمتى؟!
لسة من شوية عديت على عمك صهيب بس..هنا استدار أوس ينظر لصحنه ويتناول طعامه، بينما توقفت ياسمينا قائلة:
-جاسر !!..معقولة انت عايش
كانت نظرات أوس تحاصر جنى التي توقفت مبتسمة واردفت:
-طلعت مش مجنونة مش كدا
وضع أوس الطعام بفمه وأجابها:
-فعلا يابنت عمي إحنا اللي مجانين..
بس ياترى حضرة الظابط عرفك امتى انت وحضرة الظابط ياسين باشا
اقترب إلى أن توقف أمامه يطالعه بحزن
-لدرجة دي مش فارق وجودي ومش عايز تسلم عليا
وضع الطعام بفمه يمضغه بهدوء، ولم يكترث لحديثه، ثم دنى من ابنته يطعمها:
-افطري حبيبة بابي، نظر لزوجته
-ياسمينا شربي البنت اللبن
جذب جاسر المقعد وجلس أمامه
-طيب من الاحترام انا اخوك الكبير المفروض..استدار يرمقه ثم أشار بسبباته :
-اسكت مش عايز اسمع صوتك، اخويا الكبير دفنته من سنة واكتر
اخويا الكبير ميعملش فينا كدا، انا معرفكش ..ولو سمحت عايز افطر عندي اجتماع ..روح كمل مسرحيتك مع اللي بدأت معهم إنما أنا الغيني كأني انا اللي مت ياأخي
❈-❈-❈
-اوووووس ...صرخ بها صهيب ، واقترب منه يدفع طعامه بقوة ليتساقط على الأرض
-قوم يالا قدامي وسمعني قولت ايه
دفع المقعد واستدار الى عمه ..توقف جاسر أمام صهيب ..يشير إليه فاستدار إلى أوس عندما هتف أوس :
-ايه ياعمو، عمرك سمعت أن فيه ميت بيصحى، ولا ايه ..اقترب يغرز عيناه بعين جاسر ولكزه بقوة
-بس فعلا الكابتن مكنش ميت، الكابتن كان بيمثل علينا وسايبنا هنا نتقهر من الحزن..
-عايز اصقف له واقوله برافو عليك ، عرفت تلعب بينا ..دفع جاسر بغضب عندما تذكر مأساته بتلك الأيام
-عايز اخدك في حضني واقولك حمدالله على السلامة ..طيب مفكرتش مين خدني في حضنه وانا ببكي عليك الليالي دي كلها
دفعه بقوة حتى تراجع بجسده وانسابت عبراته وهو يرى تحول اوس
-ايه ياحضرة الظابط عايز تطلع على أكتاف وجع قلبي وانا حاسس اني بقيت يتيم من بعدك، جذبه من ياقته يدور به بغضب وكأن جاسر أخرج حزن تلك الأيام
-عايز تعرف قد ايه انا بكيت عليك، عايز تعرف قد ايه كنت بروح على مقبرتك ونفسي اهدمها وادعي ربنا بسري واقوله يارب دقيقة واحدة اخده في حضني، دقيقة واحدة أودعه فيها
دار به كالمجنونة وارتفع بكاء أوس حتى ارتجف جسده
-عايز تعرف كنت بهرب من ابنك ومبقدرش ابص في عيونه علشان ميسألنيش بابا هيجي امتى ياعمو..كنت بهرب من البيت علشان مشفش مراتك وهي كل اللي على لسانها انا جوزي عايش وممتش وانا من جوايا بنزف وبتمنى اموت ومتوجعش كدا
دفعه بقوة ليصطدم جسده بالجدار قائلًا:
-كنت مضطر اوافق على مهزلة جواز مراتك علشان ابنك لما يكبر يلاقي الحماية ..اضطرت أعصر قلبي وادفن وجعي علشان اعرف ابان قدام امي وابويا اني قوي ومفيش حاجة تكسرني ..بس أنا اتكسرت وتفتت لما مابقاش فيا حاجة حتى افرح بيها ، كنت بهرب وبهرب علشان بس اعاقب نفسي نفسي ازاي سبت اخوك للموت، ادخل البيت دا وضحكاتك تصم وداني، اهرب من الغدا علشان متخيلش هزارك معانا..قبض على كتفه
-من وقت مادفناك يامزيف ماحضنتش ابنك علشان ريحتك، علشان اهرب من ريحتك اللي في ابنك ..اكتر من سنة وأنا ادمرت وجاي توقف قدامي وتقولي مش فرحان برجوعي..لا ياحضرة الظابط مش فرحان اصل قلبي بقى لوح تلج مبيحسش
-أوس اسمعني ..استدار يجمع اشيائه
-انا مبقتش بسمع ولا ليا نفس اسمع حد..تحرك بعض الخطوات ثم توقف
-هروح ابكي على مقبرة المزيف اللي حضرتك مفكرتش غير في انجازات جاسر الألفي ..ماهو زمان جواد الألفي عملها مش بعيد على ابنه ..استدار برأسه قائلاً:
-ملعون ابو الشغل اللي يعجز امي وابويا ويقهر اخواتي ..قالها واتجه إلى سيارته يقودها بسرعة جنونية ...ربت صهيب على كتفه ..يشير إلى ياسين
-إلحق اخوك، ثم استدار إلى جاسر
-معلش ياحبيبي ، أنا متأكد أن فيه حاجات اقوى منك اضطريت تعملها..
قاطعهم وصول ربى تهرول بأقدامها الحافية وخصلاتها المبعثرة بعشوائية ناهيك عن منامتها الشفافة اقتربت توزع نظراتها على الجميع .. تهتف ببكاء:
-عز بيقول جاسر عايش، جاسر رجع ، هو فين ..ظلت تتجول بنظراتها إلى أن توقفت أمامه..رجفة أصابت جسدها للحظات ثم رفعت يديها تمررها على وجهه:
-اه والله هو جاسر، هو جاسر ..قالتها بقفزة تعانقه بقوة وصوت بكاؤها ارتفع بالمكان تصرخ وتبكي بآن واحد
-اخويا طلع عايش ..جسورة عايش
رفعها من خصرها ودار بها يضع رأسه بخصلاتها يستنشق رائحتها وانسابت عبراتها
انزلها بهدوء يحتضن وجهها ويزيل عبراتها
-روبي حبيبة قلبي..انحنى يطبع قبلة مطولة على جبينها
-جسور حبيبي وحشتني ..قالتها وهي تلقي نفسها مرة أخرى بأحضانه ..سحبها إلى الأريكة
جلست بأحضانه قائلة:
-آسفة ياجنى ..أنتِ بقالك كام يوم معاه، هو وحشني قوي ..قبل رأسها
تسائل صهيب :
انت جيت ازاي لهنا جنى قالت لي انك كنت في مرسى مطروح طيب وصلت ازاي !!
-راكان راح لي بطايرة خاصة، اومأ متفهما ثم هتف:
-طيب اجهز لأهم مواجهة ياعم، واه غنى جت هي كمان، لو ابوك عارف برجعوك يبقى هو اللي أقنع بيجاد
اومأ يمسح على وجهه ثم أردف:
-اعمل ايه في عز وأوس، دول
ربت صهيب على كتفه
-سبهم حبيبي شوية واعذرهم..اطلع لوالدتك قبل مااعمامك يوصلوا
هبط جواد للأسفل وجده يجلس بحزن ..سحب نفسًا عندما علم بنتيجة مواجهته مع أوس هو كان يعلم قسوة اوس، لذلك هرب من مواجهة الاثنين
-جاسر..رفع رأسه ونهض متجهًا لوالده
دققت ربى انظارها بردة فعل والدها
ضمتها جنى من أكتافها
-عمو جواد كان عارف بوجود جاسر، تحركت لوقوف والدها
-حضرتك كنت عارف أنه عايش ..قبل جواد رأسها واردف
-روبي روحي غيري هدومك واطلعي لغنى لحد ما جاسر يشوف والدتك
بالاعلى بغرفة غزل :
حبيب نانا هياكل الأكل دا كله علشان ينزل مع نٓانٓا تحت ..
صفق الصغير بيديه، ضمته لأحضانها تستنشق رائحته مغمضة العينين، فانسابت دموعها رغمًا عنها ..دلف جواد بخطوات ثقيلة وتوقف ينظر إلى مداعبتها لحفيدها فهمس:
-غزل ..رفعت عيناها إليه ثم اتجهت إلى كنان :
-ايه حبيبي ، هننزل اهو مش كدا حبيب نانا ..الولاد فطروا ولا لا ..اعمل ايه الكابتن كنان تعب نانا لحد مانام
-غزل فيه شخص عايز يشوفك
هزت رأسها بالرفض
-مش هقابل حد ياجواد، ياله حبيب تيتا ألبس الكوتش علشان ننزل نلعب تحت ..قالتها وهي تجمع ألعابه ..ولكنها توقفت وهزة عنيفة أصابت جسدها حتى شعرت بدقات صاخبة تكاد تخرج من صدرها عندما استمعت إلى همسه
-"ماما"
سقطت الالعاب من يديها واستدارت بهدوء، كأن هيئ لها صوته، ظلت تستدير بهدوء واضعة كفيها على صدرها ولا تعلم لماذا تنساب دموعها ..هرول الطفل يصفق ويهتف
-بابا بابا..جحظت عيناها وهي ترى كنان يسرع إليه .. انحنى يحمل كنان ثم طبع قبلة على جبينه ونظراته تحتضن والدته
دقيقة اثنين ثلاثة حتى هوت على الأرض حينما تلاشت ساقيها ولم تقو على حملها، او لم تستطع قبول الصدمة ..نظرات خلف نظرات وهي تحاول أن تستوعب الصدمة، هل هي جنت أم أنه بالفعل امامها، هل حقًا ابنها حي يرزق، كيف،وكيف وعشرات الأسئلة..كنان يحتضن والده، كنان يعرف والده ، كيف وهو الذي تركه ولم يكمل سنته الاولى، كيف تذكره، كيف ؟! ابني عايش وابنه يعلم بوجوده ..لماذا فعل هذا بها؟!
لماذا يحزن قلبها بتلك الطريقة؟؟..لا لا اكيد انا بتخيل ..أيوة ابني مات واندفن وزرته كمان، لا لا اكيد مش هو
ضحكت من بين دموعها
-اتجننتي ياغزل خلاص..ولكنها توقفت عن الحديث و
شعرت بتصلب جسدها عندما اقترب منها وجلس بمقابتها يحتضن كفيها
-ماما وحشتيني !!
حدجته بنظرات تقيمية، ثم رفعت كفيها المرتجف كحال جسدها، لتؤكد لنفسها أنه بالفعل هوى، همست بضياع وصوت متقطع :
-جواد إنت شايف اللي أنا شيفاه، ولا أنا اتجننت ..
تراجعت كالملسوعة عندما تيقنت من وجوده ..لأول مرة تعاني هكذا
لأول مرة تشعر بكم الجراح الذي يئن بها داخلها ..كيف ابنها حي يرزق
كيف بعد تلك المدة ،
تعثرت نبضاتها حينما اقترب يضمها بقوة وارتفع صوت بكائه
-حبيبتي متعمليش كدا، انا ابنك حبيبك
--ابني حبيبي..رددتها كالمعتوهة، طالعته بنظرات خالية من أي مشاعر..ثم اردفت
-إنت ابني ..أومأ يهز رأسه ببكاء عينيه..ظلت تردد كلماته
-ابني..توقفت متجهة إلى جواد تسحب كفيه
-إنت سامع وشايف اللي انا شيفاها، قولي اه ..قولي انك متتجنتيش ياغزل
-
نظرت إليه بصدمة وعيون جاحظة، حتى لم تشعر بنفسها لتهوى مرة أخرى على الأرض عندما وجدت صمته
ماما ..استدارت تدفعه بقوة تصرخ
-ابعد عني ابني مات، انا معرفكش
رفعت عيناها لزوجها
-أنت ساكت ليه ايه ، مبتتكلمش ليه ،
-مين دا ..قولي ياجواد مين دا
ابننا دفناه مش كدا
-ماما حبيبتي انا ابنك واللي اندفن مش انا
نهضت تستند على المقعد تدور حول نفسها كالذي مسها جنًا
-قال ابني ..ابني مين يابني، ابني اندفن من سنة، اه ..اندفن من سنة ولو مش مصدق تعالى اوديك قبره ..
كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء والحزن والألم يأكل احشائها غمغمت بحزن
--ابني مات استودعته عند ربنا، أيوة استودعته، هو راح لخاله ، وانا قعدت هنا حزينة ابكي عليه واحتسبته عند ربنا، حبيبي راح عريس وانا هنا ضيعت دموعي عليه
-ماما حبيبتي..قالها وهو يحتضن كفيها
لطمة قوية على وجهه بعدما سحبت كفيها بعنف ثم هدرت به :
-اخرص..انا مش امك، ابعد عني شوف انت كنت فين
بمقلتين تنساب عبراتها كزخات المطر
--ابني عمره مايفكر يقهر أمه كدا، سنة يبقى عايش وأمه مقهورة، لا لا مش جاسر ، طيب لو ياسين ولا أوس هقول اه، دول قاسين إنما جاسر دا الحنان والحب كله، تحركت وجلست على الأريكة تنظر بشرود ومازالت تتحدث بتيه:
-كنت عنده اهم حاجة ، مستحيل يعدي يوم من غير ما يكلمني حتى لو في الشغل وبينا مسافات يتصل ويقولي تصبحي على خير ياست الكل ..انت شكلك عبيط يابني علشان جاي توقف قدامي وتقولي انك جاسر..أمشي من هنا الله لايسيئك
جلس أمامها يضع رأسه على ساقيها والحزن يفتت قلبه كطائر حزين ذبح عنقه ، واه خفيضة أخرجها من ضلوعه ليشعر بتحطيم قفصه الصدري
غصب عني والله ياماما .. والله غصب عني انا مكنتش عايش
هبت من مكانها تتراجع للخلف فزعة وكأن ظهوره صدمة إصابتها بالجنون
-جوااااد قول للواد دا يطلع برة، مش عايزة اشوفه
اقترب جواد بعدما وجد انهيارها الذي توقعه
-غزل حبيبتي ممكن تهدي وتسمعيني
رفعت عيناها تتفحصه بنظراتها الاختراقية
-إنت كنت عارف أنه عايش صح
-لا ياماما محدش كان يعرف غير جنى
ظلت نظراتها على زوجها وابتسمت بسخرية
-كنت عارف صح ياجوادي، سبت مراتك تموت وانت عارف ان ابنك عايش وياترى ليه ياحضرة اللوا علشان يعيد حكاية أبوه زمان
جلس جواد بجوارها وجذبها من أكتافها لأحضانه..هبت من مكانها
-كنت عارف ياجواد بوجوده ..ماما بقولك محدش يعرف
-اسكت يالا..محدش طلب رأيك، ايه اتعلمت الكذب كمان ياحضرة الظابط
اقترب منها ونظرات مترجية لها
-ماما لو سمحتي اسمعيني
أشارت إليه
-خد ابوك واطلعوا برة مش عايزة اشوف حد فيكم
رفع جواد نظره بذهول قائلًا:
-بتطرديني من اوضتي ياغزل
-برة ياجواد، خد ابنك واطلع برة مش عايزة اشوف حد فيكم انتو الاتنين زي بعض واللي عملته زمان ابنك كرره بس ببراعة ومساعدة أبوه..عرفوا يقهروني ويموتوني
❈-❈-❈
نهض جواد واستدار متجهًا للخارج
-هنتحاسب بس مش دلوقتي ياغزل
بغرفة غنى
استمع بيجاد الى طرقات على باب الغرفة، فهو يعلم بوجود جاسر، واول من قابله بالصباح الباكر عند دخوله الحي عندما كان يقوم بعمل تمريناته الرياضية
فلاش قبل ساعات
ترجل من سيارة راكان واحتضن كف جنى وتحرك للداخل..كان جواد ينتظرهم ..ضم ابنه لأحضانه
-حمد الله على سلامتك حبيبي ، بدل راكان اللي جابك الدنيا امان
اومأ له مردفًا
-اه عربية مصفحة ودخلت البوابة وخرجت على طول ..تحرك يشير إليه
-ادخل لعمك سلم عليه وانا هستناك في البيت وخلي بالك مش هيتقبلوا رجعوك بسهولة، وخاصة والدتك وأوس
اومأ له ثم تحرك خلف جنى إذ به ينصدم ببيجاد الذي يهرول برياضته توقف بيجاد لسبه ، ولكنه تراجع مذهولا
-بسم الله سلام قولا من رب رحيم
انت مين ..انت الشبح اللي بسمع عنه
أفلت جاسر ضحكة مقتربا منه وبيجاد يتراجع يشير بيديه
-اقسم بالله لو قربت مني لاحرقك، انت عفريت صح
ارتفعت ضحكاته قائلا
-يخربيت فصلانك ياخي، هتفضحني
تسمر بوقوفه ..واقترب يحسس على جسده قائلا
-دا جسم حقيقي اقسم بالله مش عفريت..انت مين يالي شبه المرحوم
انت اخوه اللي تحت الارض ولا اللي في السما ولا شبيه الأربعين
قهقه جاسر يحضتنه قائلا
-يابني افصل هتفضحني يخربيت شيطانك ..ظل بيجاد بجسد مشدود وهو يقرأ قرآن
-انا ياعم مش عايز اموت دلوقتي ، انت جاي تاخدني ..تعرف انا مبحبكش روح خد اللي بيحبوك
جذبه جاسر للداخل عندما فقد سيطرته وبيجاد يبتعد عنه
-لا مش عايز اجي معاك ياعم، انا راضي بحياتي وصلت إليهم جنى
-جاسر اتأخرت ليه، قطعت حديثها عندما وجدت دموع جاسر من كثرة ضحكاته وانكماش بيجاد ..تحرك بيجاد إليها يشير إليه
-مين دا ..جاسر مين هو أنتِ بتخاوي عفاريت ..مرتحتيش غير لما جبتي عفريته الله يخربيتك ..قولي له ينصرف يابت
ضحكت جنى مع ضحكات جاسر الذي امسك بطنه
-والله عايز اربيك بس الوقت مش مناسب ياحلوف
أشار عليه ينظر إلى جنى
-هما العفاريت بيشتموا زينا ..دا بيقول حلوف
حاولت جنى فصل ضحكاتها ولكنها لم تقو فحضنها جاسر
-الواد دا هيوقف قلبي يابنتي، تعالي نمشي ..
ظل يطالعهم لبرهة ثم اقترب منه قائلا
-بت ياجنى مين دا يابت، دا عفريت جاسر ولا ايه يخربيتك دا لو حد شافه هيطب ساكت، وحياة ابوكي ياشيخة ابعديه عن هنا دا حمايا ممكن يموت، ولا حماتي، يالهوي على جنانك يابنت عمو صهيب..فصل جاسر ضحكاته
-بيجاد انا جاسر ياحلوف ممتش، عايش قدامك اهو
زوى حاجبيه
-ممتش..أشار بيديه
-اومال مين اللي مات..هو انت الشيخ صابر بتاع أسطورة العودة ..لا لا اكيد بتهزروا
ربت على كتفه فانتفض مبتعدا يشير إليه
-ابعد ماتلمسنيش يابني
سحب كف جنى ودلف للداخل وهو يضحك ..ظل بيجاد متوقفا يتمتم
-معقول الواد دا عايش ولا البت جنى من جنانها خاوت عفريته..يالهوي انا العيلة دي جننتني ..لا لازم ارجع بيتنا دلوقتي..تحرك سريعا الى منزل جواد دلف للداخل فاصطدم بجواد يصرخ
-بسم الله..نظر إليه بذهول
-مالك يالا ..أشار للخارج ثم توقف عندما لم يعلم ماذا يقول ..اقترب جواد منه
-بيجاد إنت كويس ..هز رأسه بالنفي
يشير للخارج
-شوفت عفريت جاسر مع جنى
ضحك جواد متحركا للأعلى قائلا
-ربنا يصبرني عليك هي كانت نقصاك
هرول بيجاد خلفه يمسك ذراعه
-عمو جواد البت جنى دي احجزوها في مستشفى الامراض العقلية بقت خطر، راحت جابت عفريت جاسر
رمقه جواد بنظرة لم يفهمها فهتف بصوت مرتفع
- اقسم بالله شوفت عفريت جاسر مع جنى المجنونة
توقف جواد أما غرفته يشير إليه بالصعود
-اطلع خد لك شاور وهيأ مراتك لمقابلة اخوها وبطل رغي وهبل ..وعامل سابع البرمبة
نظر إليه بذهول قائلا
-اخوها مين قصدك العفريت ..لكزه جواد وافلت ضحكة على مظهره قائلا
-جاسر ممتش عايش يابيجاد واللي شوفته جاسر يامجنون مش عفريته
اطلع ياله
-اطلع فين ..أشار للأعلى
-لمراتك ..أشار بيجاد إلى غرفة جواد قائلا
-مينفعش انام في حضنك دلوقتي ، اعتبرني مدام غزل
دلف جواد مستغفر ربه واغلق الباب بوجهه، توقف متسمر يتمتم
-هو قفل الباب ولا عفريت جاسر..هرول للأعلى
-جايلك ياغنون ..قالها بصوت ضعيف
خرج من شروده بعدما فتح جاسر الباب متسائلًا:
-غنى صحيت..اومأ له وتوقف أمامه
-الاول لازم تهدى انا مش عارف ردة فعلها هتكون ازاي، انا نفسي مقدرتش اتقبلها بسهولة
اومأ له فحديث والدته أدمى قلبه ولم يعد لديه القبول للحديث مع أحد آخر
تحرك بيجاد قائلاً:
غنى حبيبتي فيه ضيف عايز يشوفك ..تحركت تجذب وشاحها بسرعة عندما أردف بيجاد
-اظهر وبان عليك الامان
-بيجاد استنى انت مجنون، استنى ألبس حاجة..ولكنها توقفت عن الحديث تنظر بذهول للذي توقف أمامها يردد اسمها :
-غنون..سقط الذي بيديها تتحرك بجسد مرتجف
-إنت مين!!
رفعت عيناها إلى بيجاد
-حبيبي انت شايف وسامع زيي ولا أنا اللي مت ولا ايه
وضعت كفيها على وجهها تهز رأسها تتراجع بجسدها
-لا انا لسة عايشة، ثم أشارت عليه
-طيب دا ميت ازاي عايش..ارتفعت ضحكاتها تضرب كفيها ببعضهما
-يالهوي عليك يابيجاد جننتني، قولي عامل مقلب فيا ، اكيد دا مكياج لحد،..لوحت بكفيها
-لا لا استنى دا حد فكر يغير شكله وعجبه شكل اخويا ..بس انا مش عايزة وش اخويا على حد
ارتعش جسد بيجاد من حالة زوجته وضحكاتها وهي تهز رأسها كالمجنونة، وفجأة ارتفعت شهقاتها قائلة:
-والله حرام عليك يابيجاد انا مخصماك علشان بتوجع قلبي ..ياله قولي مين دا وليه تلعب بقلبي كدا وعلى فكرة عمري ما انسى اللي عملته دا ..
اقترب جاسر يطالعها بعينان تقطر حزن ثم همس اسمها
-"غنى"
وضعت كفيها على أذنها
-بااااااااااس..انت مين
جذبها بقوة يدفن رأسه بخصلاتها
-انا نصك التاني ياقلب اخوكي ..انا قدامك اهو عايش والله عايش، خطفوني ياغنون، وكنت فاقد الذاكرة وأول مافوقت جت لكم اهو ..عايزاني ارجع أنتِ كمان، لو عايزة ارجع وكأني ميت هرجع واعتبري انك حلمتي ولا كأني موجود بس بلاش تدبحيني بكلامك
هوت من بين ذراعيه وشهقات مرتفعة حتى شعرت بتوقف قلبها تنظر إليه ببحور عيناها
-جاسر انت عايش..يعني اللي اندفن دا مش انت صح
طيب قولي اي حاجة ، قولي حاجة ضم رأسها يضع جبينه فوق جبينها
-واحدة مجنونة كان هتخلي اخوها يموتها وهي بتقوله انا بحب حضرة اللوا وهتجوزه، وأخوها الغبي ضربها بالقلم وشد شعرها ورفع سلاحه عليها وهو ميعرفش أن دي روحه اللي اتخطفت من حضنه ستاشر سنة لحد مافقد طعم الفرحة، وفجأة عيون الغزال ترجع توقف قدام الكل وتقول أنا بحب الراجل دا والراجل يطلع ابوها وبعد ماابوها فقد انها تكون بنته وياخدها في حضنه يكتشف أنها مريضة كانسر ويشاء القدر علشان لذلك علشان يجمعها بينا وتاخد الأنسجة من ابوها وتعيش وتبقى مامي زي القمر وتوقف قدام اخوها وتهرب مراته لحد مااخوها الغبي اتعصب عليها وطردها من بيت ابوها، أصله غبي ويستاهل الموت فعلا
هزت راسها تضع كفيها على فمها وساحت عبراتها تلقي نفسها بأحضانها تعانقه بقوة كأنه سيختفي مرة أخرى
-اااااااه ياجاسر، اااااااااه ..اخرجتها من اعماق حزنها
-بعد الشر عليك ياحبيب غنى أن شالله غنى وانت لا ياحبيب قلبي
دلف جواد على صوت بكاؤها ، هنا ضعفت عيناها لتنفجر برك عيناه اخيرا بالدموع وهو يرى احتضان غنى إليه ووصول ربى تلقي نفسها بأحضانه هي كذلك ..ليلف ذراعه حول إخوته ويبكي على بكاؤهما
دفعت غزل الباب تصرخ بجواد
-"جواد طلقني"
•تابع الفصل التالي "رواية عشق لاذع" اضغط على اسم الرواية