رواية الماسة المكسورة الفصل السادس و الخمسون 56 - بقلم ليلة عادل
[بعنوان: مازال القلب ينزف]
سلوى بابتسامة مستفزة ونبرة أعلى قليلًا كي يسمعها مكي: بس العريس ده قمر أوي… محاسب في بنك.
فور أن التقطت أذنا مكي كلماتها، تجمد مكانه فجأة، اتسعت عيناه قليلًا، وابتلع ريقه بصمت. التفت برأسه ببطء نحوها، نظراته غامضة لا تُقرأ، وكأنه يحاول استيعاب ما سمعه. رفعت سلوى طرف عينيها نحوه، تراقب رد فعله في صمت، بينما نظرت ماسة إليه بارتباك، تشعر بشيء غريب في الأجواء.
مرر مكي بصره بينهما للحظات، ثم زفر أنفاسه بهدوء، واستدار ليغادر دون أن ينبس بكلمة. تبادلت ماسة نظراتها مع سلوى، ثم سألتها بابتسامة خفيفة:
ماسة متعجبة: ده عرفتيه منين؟
سلوى بنبرة متعمدة الارتفاع: من كورس الفرنش… وبيموت فيا.
ماسة بتعجب وهي تميل نحوها: بتعلي صوتك ليه؟
نظرت سلوى ناحية مخرج مكي، ثم قالت بنبرة خافتة ولكن واضحة: كنت بسمّعه.
ماسة عقدت حاجبيها باستغراب: وتسمّعيه ليه؟ موضوعكم مقفول من سنين، إنتي لسة بتفكري في مكي؟
هزت سلوى رأسها نفيًا، ثم مررت يدها بين خصلات شعرها قائلة بصوت هادئ: نسيت… وأكيد نسيت المشاعر، بس لسة فاكرة الطريقة اللي سابني بيها وأنا مش فاهمة حاجة. وبعدين… هو أصلاً فتح الموضوع من جديد، بس أنا ماكنتش عارفة أقولك.
ماسة نظرت لها باستغراب: فتح معاكي إيه؟
سلوى تنهدت وهي تتذكر: هافهمك… لما سليم كان لسه في المستشفى بعد ما فاق، مكي طلب يقابلني، وطبعًا رفضت، بس لما رفضت جالي لحد الفيلا وأصرّ إني لازم أسمعه، فضل يلحّ عليا لحد ما وافقت واتكلمنا.
رفعت ماسة حاجبها بفضول، فأكملت سلوى بنبرة هادئة: فهمت إنه قرر يسيبني وقتها علشان كنت صغيرة، وإنه لو كان ارتبط بيا في السن ده كان هيبقى أناني جدًا، لإنه مش هايبقى عندي فرصة أتعرف على ناس تانية وأقارن، كان عايزني أكبر، أشوف وأعرف، ولما أختاره يبقى بعقلي قبل قلبي، لإنه وقتها هايكون واثق إني اخترته عن اقتناع مش عن انبهار، وده في نظره كان القرار الصح.
سكتت للحظة ثم أكملت ببطء: ولما رفضت أسامحه وأرجع له، قالي إنه مش هيتراجع، وإنه هيحاول ويستنى، ومش هييأس غير لما أرجع له… علشان هو عارف إني رفضاه بسبب زعلي منه مش علشان عنده مشاكل!
ماسة بابتسامة: طب دي حاجة حلوة! زعلانة ليه؟ ده طلع بيحبك جدًا يا سلوى.
سلوى باستغراب: بيحبني إزاي يعني؟
ماسة هزت رأسها بإيجاب وقالت بحكمة: طبعًا بيحبك، لإنه بالرغم من إنه كان عايزك، داس على قلبه ومشاعره واشتياقه، وفضل يشوفك من بعيد علشان يسيبك تختاريه بكامل إرادتك من غير أي مؤثرات أو انبهارات. إنتي زعلانة ليه؟! أنا بصراحة مش معاكي خالص، من رأيي لازم تديه فرصة وتبدأي معاه من جديد… لو لسة حاسة إن فيه مشاعر ناحيته، أو قلبك لسه فيه حاجة ليه، لكن ترفضي علشان زعلانة من اللي عمله زمان؟ لا. وأنا حاسة إن لسة فيه مشاعر، أصلًا لو ماكانش فيه، ماكنتيش اهتميتِ تسمعيه.
سلوى بتعجب: طب ما سليم اتجوزك وإنتي صغيرة، وماسابكيش تشوفي ولا تعرفي حد! بعدين إنتي محسساني إن إحنا كنا في قوقعة وماشفناش حد! ما إحنا شفنا كتير وكنا واعيين وعاقلين… مثلًا، لو كان رشدي طلبك، كنتي هاتوافقي؟ أكيد لا، لإنك عارفة وواعية إنه إنسان مش كويس، برغم إنه ابن الباشا.
ماسة بإعتراض عقلاني، لكن بنبرة هادئة ومحاولة لإقناعها: بس إحنا ما شفناش حد يا سلوى، الحياة مع الراجل مش سهلة زي ما بتشوفيها من بعيد، إنك تفهمي شخصيته، وتعيشي معاه حالاته وتقلباته، ده تحدي كبير. إن يبقى في حد بيحبك وبتحبيه، ومسؤولين من بعض، حاجة مختلفة تمامًا وصعبة، إحنا عمرنا ما كنا قريبين من أي راجل، أقصى تعاملنا كان عامل إيه يا بيه وخلاص. سليم الوحيد اللي كلمنا بجد، ما تنسيش ده، حتى ياسين كان بيتكلم معانا، بس مش بنفس الشكل.
سكتت لحظة، ثم أكملت بثقة: أنا بتكلم معاكِ من جوة الحياة دي، وبقولك، هو كان صح. تفكيره كان في محله، واللي عمله كان الصح. كان هايبقى أناني جداً لو كان اتجوزك وقتها، لإنك كنتي هاتتجوزيه لإنك منبهرة بالحالة إللي هو معيشك فيها، لإنك ماتعرفيش غيره، ولا شفتي غيره وماتعرفيش هو الأصلح والا غيره هو الأصلح، برغم حبه ليكي، داس على قلبه، وسابك تختاري بإرادتك من غير مايعمل شوية حاجات تخليكي توافقي، إنتي وقتها كنتي هاتوفقي، لإنك فاكرة إن هو ده الحب، وإن هو ده الراجل إللي مافيش زيه، لكن في الحقيقة، ممكن يكون فيه وأحسن كمان، وده مش هتعرفيه غير لما تتعاملي مع ناس أكتر، تفهمي الحلو من الوحش، اللي ينفعك من اللي ما ينفعكيش.
ابتسمت ماسة بحب، وعيناها تلمعان: مش معنى كلامي إن سليم كان أناني، أو إنه وحش، أو حتى إني ندمانة… بالعكس، سليم أجمل حاجة حصلت في حياتي، أنا بموت فيه، ولو رجع بيا الزمن، هختاره برضه في نفس السن، لأنه مختلف. عنده عيوب؟ أيوه، بس بيعرف يغيرها، يعرف بيعرف يسيطر عليها، بيعرف يغير من نفسه علشان يسعدك ومايخسركيش، وأنا ما أعرفش هل مكي زي سليم والا لاء، أنا أصلاً متأكدة إن مافيش حد زي سليم، رغم إني ماتعاملتش مع رجالة كتير يعني أخوات سليم وإخواتي بس، لكن بالعقل كدة، السنين أللي عاشرتهم فيها خلتني متأكدة إنهم ماعندهمش استعداد إنهم يتغيروا، هما هما من يوم ماعرفتهم، لكن سليم اتغير كتير وللأحسن،يمكن دلوقتي بيمر بأزمة، بس عادي طبيعي كل الناس بيحصلها كدة واجب إني أتحمل، وها اتحمل بكل حب.
ثم نظرت لسلوى بجدية: أنا إللي عايزة أقوله أكيد مكي عارف نفسه، إنه لو كان اتجوزك في نفس الفترة دي، ماكنش هايقدر يسعدك ويحتويكي، مش هاينفع نجرب، هو كان صح، الناس مختلفة في طريقة تفكيرها ياسلوى، مكي علشان عارف نفسه كويس، أخد القرار ده، وبعدين فعلاً إنتي لازم تشوفي وتقابلي كتير علشان يوم ماتختاري! تختاري صح، إنتي لسة أصلاً ماشوفتيش حد، حتى لو بتنزلي كورسات، وبتروحي النادي وحياتك مفتوحة عن حياتي المقفولة، وبقى ليكي أصحاب وحياة تانية عني، بس أنا من رأيي تستني لحد الجامعة حتى العريس ده ماتقبليهوش، وبالنسبة لمكي، أنا حابة إنك تدي له فرصة، بصراحة موقفه، عجبني وخلاني أحترمه أكتر.
سلوى بعقلانية ممزوجة بضيق: بس كان لازم يقولي… كان لازم يفهمني إنه مش عايز يبقى أناني، مش عايزني أختاره بس علشان أنا منبهرة بيه، كان لازم يقول إنه عايزني أكون واثقة وأنا باختاره، أكون بحبه بعقلي وقلبي مع بعض.
ماسة مدت شفتيها بتفكير عقلاني: يمكن لو كان قالك كده، كنتي هاتتمسكي بيه أكتر، وكان هيكبر في نظرك، وهاتقولي له مش مهم، وده كان هيبقى ضد اللي هو عايزه أصلاً.
سلوى بتأييد، مع نظرة سرحان: فعلاً… كنت هعمل كده… بس ماكنتش هصر يعني.
ماسة ابتسمت بحنان وأمسكت يدها، نظرت داخل عينيها بتمعن قبل أن تتساءل بنبرة هادئة: هو إنتِ فكرتي ليه، بعد أربع سنين ونص، لسه مكي بيفكر فيكي؟ لسه مستني اللحظة اللي يقدر يقولك فيها كل حاجة في قلبه؟ مع إنكم ماعشتوش حاجة سوا يفضل عايش عليها؟ وأكيد بيقابل بنات كتير، بس بالرغم من ده، لسه متمسك بيكي… وأكيد هو اللي كان بيبعتلك الرسائل والهدايا.
سلوى زفرت ببطء، قبل أن ترد بنبرة مترددة: أكيد فكرت… بس أنا دلوقتي عندي 20 سنة، كان ممكن يعترفلي وأنا 18 ولا 19.
ماسة هزت رأسها بهدوء: يا ستي ما فرقتش، ما إنتي برضه وقتها كنتي صغيرة، يمكن كان مستني لما تخلصي ثانوي، علشان تكوني فهمتي الدنيا شوية أكتر.
سلوى مسحت على جبينها بحيرة وتعب، وهي تتنهد: أنا مش عارفة أعمل إيه؟
ماسة نظرت لها بتركيز وسألتها مباشرة: هو سؤال واحد… إنتي لسه حاسة إن فيه مشاعر ناحية مكي؟
سلوى نظرت داخل عينيها بصمت للحظات، وكأنها تحاول أن تجد الإجابة، ثم همست بصوت خافت: مش عارف.
ماسة بتعجب: يعني إيه مش عارفة؟ إنتي مافرحتيش لما عرفتي إنه لسه بعد كل السنين دي بيحبك؟
سلوى تبسمت وهي تهز رأسها بإيجاب، بعفوية: بصراحة… آه.
ماسة بنبرة مؤكدة: طيب يبقى لسه فيه مشاعر، بس إنتي زعلانة ومتعصبة. يبقى العريس ده أرفضيه، وأدي لنفسك وقت… وأدي له فرصة.
سلوى بعند، وهي تعقد ذراعيها: أمك أصلاً مش راضية، عمالة تقول لي “أصبري لما تدخلي الجامعة يمكن تقعي في واحد زي سليم”، بس لا… أنا هأوافق، مش علشان هو عايزني أقارن، لا، علشان أنا عايزة أشوف… لإن أنا ماعرفتش حد.
ماسة بضجر وهي ترفع يديها: يخربيت العند!
سلوى تنهض وهي تلتقط حقيبتها: بقولك إيه… أنا هامشي، قبل ما سليم يصحى ويتضايق من وجودي.
ماسة وقفت أمامها، تزم شفتيها بحزن: كان نفسي أقولك أقعدي معايا، بس بصراحة… تعبت من صوته العالي وزعيقه على أتفه الأسباب.
سلوى وهي تضمها بحنان: معلش يا حبيبتي… هي مسألة وقت وهاتعدي، خليكي معاه، وإحنا مش متضايقين، والله… إحنا نفسنا يرجع زي زمان.
ماسة وهي تزفر ببطء: وإنتي فكري في موضوع مكي تاني… سيبك بقى من العريس ده، إحنا فضلنا نتكلم عنه ونسينا العريس أصلاً!
سلوى بابتسامة جانبية: يا ستي ولا أي حاجة، هو حد محترم، شغال محاسب في بنك، عنده 26 سنة، اتعرفت عليه في كورس الفرنش، كان عايز يتقدم لي، فاتحت بابا وماما، ووافقوا… وهايجي يوم الخميس. لازم تكوني موجودة.
ماسة بصدمة: الخميس اللي هو بعد يومين؟
سلوى بتحذير وهي تشير بإصبعها: أوعي تقولي مش هاجي! أو تقولي “سليم مش موافق”! أقسم بالله أزعل منك.
ماسة تتنهد وهي تعقد ذراعيها: هأحاول… يا رب يوافق، ده بقى ماسك فيا زي الطفل اللي شبطان في أمه، مش عايزها تتحرك.
سلوى وهي تضحك: ربنا يشفيه… يلا سلام.
تحركتا حتى الباب، ثم خرجت سلوى إلى الخارج… حيث كان مكي في انتظارها.
_الحديقة / عند سيارة سلوى.
صعدت سلوى السيارة من الباب الخلفي، وقبل أن يصعد السائق الخاص بها، توقف مكي أمامه وقال بنبرة آمرة: عم أشرف، خليك إنت، أنا ها أوصل سلوى هانم.
هز السائق رأسه بإيجاب، بينما نظرت له سلوى بدهشة وقالت بحدة: عم اشرف فين؟!
مكي بجفاء وهو يفتح باب السائق ويجلس مكانه: بعته مشوار هوصلك أنا، اركبي.
نظرت له سلوى بشك لكنها لم تعلق، أشاحت بوجهها بعيدًا ونظرت عبر النافذة، بينما أدار مكي المحرك وتحرك بالسيارة بصمت مشحون. بعد دقائق، أدركت أن الطريق الذي يسلكه ليس طريق منزلها، فالتفتت له وقالت باستغراب:
سلوى: إنت رايح فين؟ ده مش طريق البيت!
مكي دون أن ينظر لها: ما تقلقيش، مش هخطفك.
سلوى بحدة: واقف العربية!
مكي ببرود: هوقفها بس مش هنا.
سلوى بانفعال وهي تحاول فتح الباب: بقول لك وقف بدل ما أرمي نفسي منها!
مكي بحدة وبصوت رجولي صارم: وأنا قولت لك هوقف، بس مش هنا.
توترت سلوى قليلًا من طريقته تلك، جزّت على أسنانها وأشاحت بوجهها في اتجاه آخر، لكن أنفاسها الثائرة كانت تكشف عن غضبها. بعد قليل، توقف مكي أمام أحد الكافيهات، نزل من السيارة وتوجه نحو بابها وفتحه.
مكي بأمر: انزلي.
سلوى دون أن تنظر إليه، وبصوت متصلب: مش نازلة.
مكي هذه المرة بنبرة أكثر هدوءًا لكنها لا تخلو من الأمر: سلوى، من فضلك، انزلي.
سلوى بعناد أكثر، نطقت من بين أسنانها وهي لا تزال تنظر للأمام: قولت لك مش نازلة.
زفر مكي بحدة، ثم مد يده وسحبها من كتفها بشيء من القوة، جعلها تلتفت له بصدمة وهي تصيح بغضب: إنت اتجننت؟! أوعى كده، مش نازلة!
لم يرد عليها، فقط شدّها للخارج حتى أصبحت أمامه تمامًا، نظرت له بعينين متسعتين من الغضب، وقالت بحدة وهي تحاول الإفلات منه: والله العظيم لأقول لسليم على إللي بتعمله ده وأخليه يشوف له صرفة معاك!
حاولت التحرك من أمامه، لكنه أمسكها من كتفيها وسحبها نحوه حتى أوقفها عند باب السيارة وحاصرها بجسده. التقت نظراتهما، كانت عيناها تضج بالغضب، بينما عيناه ممتلئتان بمشاعر متشابكة.
مكي بصوت خافت لكنه مشحون بالانفعال: إنتي اللي عنيدة، ما بتسمعيش الكلام، وعمالة تتصرفي تصرفات غريبة… خلينا نتكلم.
سلوى نظرت له بحدة وقالت بصرامة: قولت لك مش عايزة أتكلم معاك، أنا حرة!
مكي بنبرة أكثر هدوءًا لكنه يحمل إصرارًا واضحًا: لو سمحتي، خلينا ندخل نتكلم جوة بشكل حضاري.
ضحكت سلوى بسخرية وهي تهز رأسها بعدم تصديق: حضاري؟ بعد كل اللي إنت عملته؟ وتقول لي نتكلم بشكل حضاري؟!
مكي بجمود: إنتي اللي أجبرتيني، ولإني متأكد إنك هترفضي، ماكنتش جبتك هنا على طول.
سلوى بازدراء: أنا مش عايزة أتكلم معاك، لا بشكل حضاري ولا غير حضاري، وبعدين هنتكلم في إيه؟! إنت قولت اللي عندك، وأنا قولت اللي عندي، خلاص بقى.
استدارت سريعًا محاولة صعود السيارة، لكنه سبقها، أمسك الباب وأغلقه بقوة جعلتها تنتفض. التفتت له بصدمة، لكنه لم يكن ينظر إلا لعينيها مباشرة وهو يقول بحسم: إنتي مش هتوافقي على العريس ده.
سلوى ضغطت على أسنانها بقوة، يديها تحولت لقبضتين، ثم قالت بتهكم: وإنت مالك حاجة ماتخصكش.
مكي بصوت ثابت، لكن عيناه كانت تتحدث بلغة أخرى، لغة لم تفهمها أو ربما لم تريد أن تفهمها: لا، يخصني ياسلوى.
سلوى بنبرة غاضبه: يخصك في إيه! هو إنت مجنون؟ مش إنت قولتلي روحي وشوفي وقارني علشان لما تيجي تختاريني تختاريني بعقلك! فأنا أهو بشوف وبدور علشان أختار بعقلي، أنا بنفذ نظريتك إيه بقى المشكلة؟
مكي بجدية: واشمعنا دلوقتي؟
سلوى ببرود: ولو إنه مايخصكش, بس ها أقولك، لإنه ده أفضل واحد اتقدم لي من فترة، يعني محاسب في بنك شكله حلو إبن ناس بكالوريوس تجارة عنده شقة تمليك يعني عريس مناسب جداً، إحنا بقالنا فترة نعرف بعض وهو عاجبني حابة أعرفه أكتر،وده طبعاً مش هاينفع غير عن طريق حاجة رسمية خلاص.
مكي بإهتزاز: يعني إنتي معجبة بيه؟
سلوى بجديه تنظر داخل عينه بهتزاز: أيوة معجبة بيه، ممكن بقى تسيبني أمشي.
مكي يضغط على أسنانه قبل أن يقول: أنا مش عارف ليه حاسس إن إنتي بتعملي كدة بس علشان تاخدي بتارك مني، عرفتيه إمتى، أنا أصلا متابعك وعارف كل تحركاتك، أوعي تقولي إنه الواد الطري ده إللي إنتي شربتي معاه عصير في الكافتيريا بتاعت المركز، وإداكي كتب وورق و إللي بعتي عمار أخذ منه ورق وجبلك هدية في المكتبه.
عدلت سلوى من وقفتها نظرت له بتعجب قالت: إنت بتتجسس عليا؟
مكي وهو يهز رأسه بنفي: ده مش تجسس أنا بس بعرف أخبارك ومتابعك ها جوبي.
سلوى بنبرة استفزاز: اها هو العيل الطري أللي إنت بتقول عليه ده عجبني، وبعدين ده مش طري ولا حاجة ده إنسان محترم لازم يعني يكون بيمسك سلاح ويلبس أسود في أسود علشان يبقى راجل، أكيد يعني إنت عارف إن الإحترام مش بالسلاح إللي إنت حاطه على وسطك ده ولا بشخصية المجرمين إللي إنت دايما لابسها.
مال مكي برأسه وهو يهمس بسخرية: شخصية المجرمين؟! لا، أنا مش مجرم، أنا بس شغلي حساس وصعب، لازم أكون كده، أنا مش بأمّن على ملاهي، أنا بأمّن على حياة بني آدمين.
سلوى بضيق: مش موضوعنا.
مكي بحدة: لا، موضوعنا يا سلوى، أنا بحبك، بحبك وعايزك تبطلي عناد بقى، بطلي تعاقبيني على حاجة أنا عملتها عشان خاطر أحافظ عليكي.
سلوى بثبات: مكي، إنت قلت إنك سبتني زمان علشان تخليني أقارن وأشوف وأختارك بعقلي، صح؟
هز مكي رأسه بإيجاب، فأكملت سلوى بثقة:
وأنا لسه ما عرفتش حد ..وبما إنك بقى بتتجسس عليا وبتراقبني، أكيد إنت عارف إن أنا ما كانش ليا أصحاب كتير، وكلهم بنات، والكورس والجيم والكم حاجة اللي اشتركت فيهم، ماتعرفتش على حد، لأني كنت بدخل الأماكن الخاصة بالبنات، الفرصة ما جتش إني أقابل شباب وأعرفهم وأختار، صالح هو أول شاب أعرفه، وأكيد إنت برضو عارف ده، سيبني بقى أشوف وأختار وأقارن.
مكي بحدة: بس مش بالطريقة دي.
سلوى بتحدي: أمال بأنهي طريقة؟
مكي بانفعال، وهو يمرر يده في شعره بضيق: مش عارف، أنا من وقت ما عرفت بالعريس وأنا هتجنن! مجرد ماعرفت إنك موافقة، وأنا غيران ومخنوق، وفيه نار جوايا.
سلوى ببرود: إنت اللي قررت ده، خليك قد مسؤولية قرارك.
وأضافت بنبرة أهدأ وحسم:
دلوقتي، الموضوع مش مجرد إعجاب أو هالة زي ماكنت بحس معاك زمان، تؤ دلوقتي أنا عرفت إيه الصح وإيه الغلط، عرفت إزاي أميز بين شخص حقيقي بيحبني وبين شخص بيحاول يبيع لي كلام. يعني، أنا دلوقتي قادره أميز. لو كنا بنحكي عن الزمن اللي فات، كان ممكن يكون ليك الحق في إنك تقول الكلام ده، بس دلوقتي ده مش بيأثر عليّ زي الأول
مكي وهو يحدق بها بعينين متوهجتين: إنتِ عايزة كده يعني؟
سلوى بحزم: آه، وكفاية بقى.
مكي بابتسامة ميتة: حاضر… اتفضلي أوصلك.
سلوى بحدة: قلتلك… طريقنا مش واحد.
تحركت من أمامه بخطوات ثابتة، وأشارت لأحد التاكسيات، أوقفته بسرعة وصعدت به دون أن تلتفت إليه.
ظل مكي يراقبها وهي تبتعد، ثم نظر لأعلى بضيق وهو يجزّ على أسنانه بشدة، أخرج أنفاسًا ثقيلة دفعة واحدة، ثم مسح وجهه بيده في إحباط، قبل أن يصعد إلى سيارته وينطلق بها بعنف.
💞ــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
ــ فيلا سليم وماسة،٤م
ـ غرفة سليم وماسة.
ـ نشاهد سليم يغط في سبات عميق على أحد جانبيه، بعد ثواني فتحت ماسة باب الغرفة، توقفت عنده، وهي وعينيها تتنقلان على ملامحه المنهكة. ارتسمت على شفتيها ابتسامة جميلة، لكنها كانت تحمل في طياتها حبًا كبيرًا ممزوجًا بحسرة دفينة.ط، بعد ثواني تقدمت نحوه وجلست على الفراش أمامه، أخذت تمعن النظر به بعين لا ترمش بعشق، مالت بنصفها العلوي عليه دون ملامسة،أخذت تمرر ظهر أصابع يدها على وجهه ولحيته بنعومة، كانت عينيها تقول ما يود لسانها النطق به وما تشعر به بداخلها، من حزن وألم على الحالة التي وصل إليها، لكنها عاجزة عن البوح بها، أخرجت أنفاسا طويلة متعبة، بدأت دموعها تملأ عينيها بقهر، ثم تحدثت بنبرة هامسة مقهورة.
ماسة بألم خنق صوتها وهي تزم شفتيها: إيه يا كراميل، هتفضل لحد إمتى كدة !؟ أنا موجوعة عليك، نفسي ترجع زي زمان، سليم حبيبي القوي، إللي بيقدر يقف في وش أصعب ريح، سليم إللي أتعلمت منه إزاي أكون قوية، وشجاعة، وما أخفش من أي حاجة مهما كانت، إزاي يكون بالضعف ده؟! عارفة ومقدرة إن تصرفاتك دي بسبب إللي حصلك، بس كفاية، كفاية بقى ..
رفعت عينيها إلى السقف، كأنها تحاول التماسك، ثم أعادت نظرها إليه بابتسامة صغيرة رغم الدموع التي لم تجف تمامًا، همست بصوت دافئ رغم الحزن الذي يحمله: بس إن شاء الله هتمر وتعدي… أنا متأكدة إنك مستحيل تفضل مستسلم، لازم ترجعلي يا سليم، لأني محتاجالك أوي.
اقتربت منه أكثر، ووضعت قبلة خفيفة على خده، ثم على جبينه، ثم على رقبته، ثم على كفه، ثم على قدمه، وكأنها تحاول أن تبث فيه الحياة من جديد. تبسمت بحزن وهي تتنهد، ثم نهضت ببطء، وتحركت إلى الخارج، لكن قلبها بقي معه، مع رجل لم يعد كما كان، ورغم ذلك، لا تزال تحبه أكثر من أي شيء آخر.
وأثناء مرورها في الهول، توقفت عند الدرج. رفعت عينيها نحو درجاته بشتات، تشعر بأنها أمام مفترق طرق داخل روحها. تريد أن تصعد، لكنها لا تملك الشجاعة لمواجهة ذلك الطابق الذي يحمل بين جدرانه ذكرى تنزف كلما اقتربت منها. أغمضت عينيها للحظات، تحاول الثبات، تحاول إقناع نفسها أن عليها المواجهة، لكنها خائفة… خائفة من أن تنكسر أكثر مما هي عليه الآن.
وقفت مترددة، تتساءل في داخلها: هل تصعد وتواجه الألم؟ أم تنتظر قليلاً حتى تمتلك القوة؟ تنهدت بقوة، كأنها تحاول جمع شتات نفسها، ثم رفعت قدمها الأولى على أولى درجات السلم، كأنها تقتحم شيئًا محرمًا عليها. خطوة تلو الأخرى، تصعد ببطء، بكل ثقل الذكريات التي تسحبها للخلف، بكل الأمل الذي تحاول أن تتشبث به رغم هشاشته.
وأخيرًا، وصلت إلى الطابق الثاني. تحركت في الممر بخطوات بطيئة، حتى وصلت إلى باب غرفة نومها هي وسليم. فتحت الباب، دخلت بهدوء، وأخذت تمرر عينيها على أركانها، كأنها تراها للمرة الأولى بعد زمن طويل. كل شيء كما هو، كما تركته يوم الحادث، حتى الهواء داخل الغرفة يبدو وكأنه يحمل آثار أنفاسها القديمة.
بدأت أنفاسها تتسارع قليلاً، وشعرت بذلك الألم القديم يعود لينخر صدرها من جديد. عينيها بدأت تملؤها الدموع، لكنها لم تبكِ بعد، فقط وقفت هناك، تسترجع الصور المتقطعة لذاك اليوم. تتذكر نفسها وهي تحضر ملابسها للذهاب إلى الطبيبة، كم كانت متحمسة لمعرفة موعد ولادتها، وكأنها كانت على بعد خطوة من تحقيق الحلم الذي انتظرته طويلًا. تتذكر كيف كانت تتحدث في الهاتف مع سليم، تخبره بأنها ستخرج الآن، كانت تتمنى لو كان معها، لكنها لم تكن تعلم أن الأقدار كانت تخبئ لها ما هو أسوأ من مجرد غيابه في ذلك اليوم.
ابتسمت… ابتسامة حزينة موجوعة، مسحت دموعها سريعًا، وكأنها لا تريد الاستسلام للبكاء، ثم أغمضت عينيها للحظة وهي تبتلع تلك الغصة التي تشكلت في حلقها، وأخرجت أنفاسًا ثقيلة متعبة دفعة واحدة، كأنها تطرد معها بعضًا من الألم العالق في صدرها.
ثم وقعت عيناها على ذلك الفراش الصغير لحديثي الولادة، ذلك السرير الذي اختارته بحب، وزينته بالألعاب الصغيرة، والمطرز بالدانتيل الوردي الذي تحبه. ظلت تحدق فيه، تقترب منه ببطء، وكأنها تقترب من شيء مقدس. مدت يديها، حركت أصابعها داخله برفق، ثم عادت برأسها للخلف وأغمضت عينيها. في تلك اللحظة… تذكرت شيئًا
💞ـــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
(فلاش بااااك)
– نشاهد سليم يحيط خصر ماسة بذراعه ويضع كفه على بطنها، ويده الأخرى يضعها على عينيها، بينما كانت تمسك ماسة بيده التي على بطنها، أخذا يتحركان داخل الهول، ثم صعد بها سليم الدرج بإبتسامة جميلة ترتسم على شفتيهما.
ماسة معلقة بمزاح: سليم أوعى توقعني.
سليم بلطف: ماتقلقيش ياروح قلبي، على مهلك، ماتخافيش أنا ماسكك كويس. يلا أطلعي، ها كمان.
ماسة: طب خلينا نطلع فوق، بعدين حط إيدك على عينيا براحتك.
سليم بإعتراض لطيف: قلت لا، يلا فاضل كام سلمة بس يا عشقي.
ماسة تبسمت: طب أوعى توقعني، كفاية عليا بنتك إللي نازلة ضرب فيا من الصبح.
تبسم سليم وهو يمسح على بطنها قال بحب: بطلي تزعلي مامي ياحوريتي ها، مش عايز شقاوة، سلامتك ياقلبي، إنتي مش بتثقي فيا ولا إيه.
ماسة: طبعاً بأثق.
سليم: طب خلاص.
وضع قبلة على خدها، أخذا يتحركان حتى غرفة النوم، فتح سليم الباب وأكملا التحرك بها، حتى توقفا أمام ذلك الفراش الصغير.
سليم بمرح: aşkım مستعدة.
ماسة بدلال: مستعدة ياحبوبي.
سليم: ها أعد من 1/3وبعدين هاأشيل إيدي ماشي.
ماسة بحماس: يلا.
سليم بنبرة حماس: واحد، أتنين، أثنين ونص، ثلاثة.
سحب يديه من على عينيها فور انتهاء العد وقعت عينا ماسة على ذلك الفراش، أتسعت عينيها بإبتسامة عريضة ترتسم على ملامح وجهها بالكامل
وضعت ماسة يديها على الفراش وقالت بسعادة:
ــ الله ياسليم ده حلو أوي، زي ما أنا تخيلت بالظبط، نفس شكل الأجراس، إللي بتعمل صوت، والدانتيل ولونه، ياروحي عليه، قمر أوي، أحلى كمان من إللي تخيلته.
وجهت نظراتها إلي سليم بسعادة مدت ذراعيها وأحاطت رقبته، حاولت أن تضمه، لكنها لم تعرف بسبب علو بطنها، عبس وجهها بتذمر، تبسم سليم وعدل من وقفته وساعدها حيث قرب رأسها إلى صدره وقام بضمها، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيعان بها ضم بعض.
ماسة وهي بين أحضانه: كلها شهر وأعرف أحضنك براحتي وحشني حضنك أوي.
مسح سليم على ظهرها بحنان بكف يديه وهو يقول بنبرة عاشقة: وهانعمل كل حاجة إحنا عايزينها ياروح قلبي.
ابتعدت ماسة وهي تنظر مرة أخرى إلى الفراش وقالت بتساؤل: هو إنت جبت واحد تاني ليه؟ ما أحنا عندنا واحد، تقريباً خلصنا كل حاجة في الأوضة، اللي بنجيبهم زيادات.
سليم تبسم بتوضيح: أول حاجة عشان هو ده الشكل إللي إنتي كنتي عايزاه، وتاني حاجة علشان السرير ده هايبقى هنا في أوضتنا، علشان تنام معانا، لإني مش حابب إنها تبقى بعيدة عننا، خليها جنبنا أول فترة، كمان علشان ماتتعبيش يا روحي، كل ماتسمعي صوتها في جهاز المراقبة، بتعيط تضطري تقومي تروحي لها أوضتها، تعب عليكي، كدة أفضل كمان لأنك مش هاتقدري تبعدي عنها وكمان ممكن تسبيني.
ماسة بمزاح: قول بقى جبته علشان منمش في أوضة تانية بعيد عن حضنك.
سليم وهو يقرصها من خدها بمداعبة: ما أنامش هأنكر ده، طبعاً مستحيل أسمح إن في حاجة تفرقنا حتى لو بنتنا، بس هو سبب من ضمن أسباب كتير زي مافهمتك.
ضحكت ماسة: عارفة ياقلبي بس بحب أنغشك، بس بجد يا كراميل إنت كدة مش هاتعرف تنام، علشان شغلك لإن البيبهات أول فترة بيبقوا زنانين أوي.
سليم هو بيمسح على كتفيها بحنان: عادي مافيش مشكلة كله يهون علشان خاطركم، بعدين إنتي نسيتي إن إحنا هانقسم اليوم علينا، هاتفضل معاكي طول ما أنا في الشغل وبالليل أنا إللي هاخد بالي منها، والأيام بس إللي عندي فيها اجتماع هتاخدي بالك منها، قولتلك أنا عايز أشارك في كل حاجة تخصها، كل حاجة وأي حاجة، غيارها أكلها رضعتها السهر بيها، لإن ده الصح، وده المفروض يتعمل، حتى لو عندي شغل وها أصحى بدري شغلي ده علشانكم، ماينفعش أسيبلك كل الحمل لوحدك، كفاية التسع شهور إللي شلتيها وتحملتي مسئوليتها لوحدك، وتوجعتي لوحدك،، لازم بقى أشيل عنك شوية أمال ها استهال كلمة أب إزاي.
نظرت له ماسة بحب وهي تمسح على يده التي على كتفها قالت بعشق: ربنا يخليك لينا ياحبيبي ومايحرمناش منك أبداً، يا أحلى وأحن وأطيب بابا في العالم كله.
مدت وجهها لأعلى وضعت قبلة على خده ابتعدت وهي تنظر للفراش المرصوص عليه شنط وهدايا، قالت متسائلة: إنت جبت إيه تاني وريني كده!
بدأت بفتح الشنط والهدايا التي داخل الفراش وأخرجت ما بها وجدت شخشيخة أخذت تلوح بها في الهواء وتخرج ذلك الصوت وتضحك ببراءة وطفولة عليه: الله عسل أوي.
سليم وهو يمسكها منها ويقوم بهزها: علشان الانتباه وتركز معانا، وبرده علشان لما تعيط تسمع الصوت وتسكت.
ماسة وهى تلعب بها بطفولة: جميلة، شكلي أنا إللي ها ألعب بيها هههه مش حور.
سليم وهو يقرصها من أنفها بمداعبة: ألعبي بيها ما أنت لسه طفلة يا قطعة السكر.
أخرج سليم من أحد الشنط دب صغير أكمل: ده بقى علشان ننيمها بيه ده لو عرفنا أصلاً وهانسميه كلابالا.
ماسة بإستغراب: اشمعنا كالابالا؟
سليم وهو يخرج شفتيه السفلية للخارج: مش عارف بس هو عاجبني.
ماسة: ماشي كالابالا.
أخرج سليم فستان من أحد الشنط باللون الأزرق السماوي وأكمل قائلا:
ـ بصي كمان الفستان ده علشان يوم السبوع، إيه رأيك حلو؟
مررت ماسة عينيها على الفستان وقالت بإنبهار: شكله جميل أوي..أمسكته منه، أخذت تدقق النظر في تطريزه المبهر ثم قالت معلقة بخبث: أشمعنا بقى جبته باللون ده؟
تبسم سليم بجاذبية وهو يمرر يديه على خدها مرورا بعينيها قال بغزل: علشان أنا متأكد إن عينيها هاتبقى شبه عينك إللي بموت فيهم ياعشقي الأبدي.
ثم وضع قبلة علي أحد عينيها بنعومة.
تبسمت ماسة: طب جبتلها إيه تاني؟
أخرج سليم سالوبت وعضاضة: جبتلها السلوبتة دي علشان أول ما تتولد، والعضاضة دي عجبتني.
ماسة: حلوين أوي، تسلم إيدك يا حبيبي. وضعت قبلة على خده.
سليم بعشق: وطبعاً مستحيل أنسى ماستي الحلوة قطعة السكر..أخرج من الكيس فستان شبه لون عينيها وشبه لون فستان حور أضاف:
ــ ده علشان تلبسيه يوم السبوع.
ماسة بإبتسامة عريضة بعين اغرورقت بالدموع من التأثر:
حتى أنا مانستنيش، أنا بحبك وبموت فيك، روحي إنت ..
اقتربت منه وضمته مسح سليم على شعرها وهو يضع قبلة علي شعرها وبين رقبتها بحب وحنان بعد ثواني ابتعدت ماسة قائلة: شبه بتاع حور.
هز سليم رأسه بإعجاب: اممم أنا كنت قاصد ده.
ماسة: خلاص إنت كمان البس زينا.
سليم هز رأسه بنعم: طلباتك أوامر يا أحلى قطعة سكر.
أصدرت ماسة صوتاً بألم وضعت يديها على بطنها: آاه.. تبسمت وواصلت وهي تنظر إلى بطنها:
ــ إيه ياحور إنتي فرحانة بالحاجات إللي بابي جابهالك!
تبسم سليم وهبط عينه على بطنها، أمسكت ماسة يديه وضعتها محل شعورها بتحرك الجنين،
تحركت مرة أخرى أسفل يد سليم، أتسعت أعينهما بإبتسامة جميلة، شعر سليم بتلك التحركات، التي جعلت قلبه يرقص فرحا.
سليم بعين تترقرق بدموع الفرحة قال: يا روح قلب بابا،، إنتي مبسوطة، عجبتك الحاجة إللي بابا جابهالك؟! أنا لسة ها أجيبلك حاجات ثانية كتير أوي، وأي حاجة هاتطلبيها هاتلاقيها، إنتي بس تؤمري وأنا عليا أنفذ، طلباتك إنتي وماما أوامر عندي، يا روح قلبي.
هبط وجلس على قدمه جلسة ( القرفصاء) قام وضع قبلة على بطن ماسة ثم وضع رأسه عليها بلطف وقام بلف ذراعيه حول خصرها، أخذت ماسة تمسح على شعره بنعومة.
ماسة بسعادة:حاسس بيها وهي بتتحرك ؟ النهاردة مش مبطلة حركة.سامع الصوت؟؟
هز سليم رأسه بنعم: أحلى صوت سمعته في حياتي حلو أوي.
وضع قبلة مرة أخرى وقام بضمها بشدة أكبر ولكن بحنان وهو يقول: يلا بقى تعالي بابا عايز ياخدك في حضنه ( تحركت للأسفل نظر لها قائلا) وإنتي كمان، عايزة تشوفيني، مستنيكي يا روحي، أنا ومامي مستنينك على نار، (وضع رأسه مرة أخرى وهو يقول) عشقي عايز أفضل كدة شوية ممكن.
هزت ماسة رأسها بإيجاب بابتسامة جميلةو بعينين تترقرق بدموع الفرح.
💞ــــــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
(باااك)
عادت من تلك الذاكرة والدموع تهبط بشدة على وجنتيها وهي تعود بشعرها إلى الخلف أخذت تحاول تهدئة وجعها ولا تتذكر ذلك اليوم، لكنها لم تستطع، هزت رأسها برفض عدة مرات فهي مازالت غير قادرة على تلك المواجهة بعد، إنسحبت مسرعة من تلك الغرفة وخرجت إلى الخارج ..
وأثناء تحركها في الممر، مرت أمام غرفة حور. توقفت فجأة، كأن يدًا خفية تشبثت بها، تمنعها من المضي قدمًا، تُثبِّتها في مكانها، تفرض عليها مواجهة ما تحاول الهروب منه. حاولت أن تتجاهل إحساسها، أن تكمل طريقها دون أن تستسلم لضعفها، لكنها لم تستطع… شيء ما بداخلها كان أقوى من مقاومتها.
ببطء، استدارت نحو الباب، وقعت عيناها على تلك الورقة المعلقة عليه، تلك الورقة التي خطّت عليها بيدها ذات يوم، بفرح كان يملأ قلبها، دون أن تعلم أن الأيام ستسرق منها ذلك الفرح. كانت الجملة مكتوبة بخط واضح يخطف الأنظار:
“لن تُفتح إلا يوم الولادة.”
وقفت تحدق فيها، كأنها تقرأها للمرة الأولى، وكأن الكلمات تنبض أمامها بالحياة، تُذكِّرها بما كانت تنتظره، بما كانت تحلم به، بما لن يعود أبدًا. دون أن تشعر، بدأت دموعها تتساقط بغزارة، كأنها كانت تحبسها منذ زمن، كأن كل وجعها القديم قرر الانفجار في هذه اللحظة تحديدًا. وضعت يديها على فمها، محاولة كتم شهقاتها، محاولة تهدئة الألم الذي تمزق جسدها كله، لكنها لم تستطع. أغمضت عينيها بقوة، وعادت الذكريات تنهال عليها بلا رحمة…
تذكرت تلك الطعنات التي سرقت منها طفلتها… وضعت يديها على أعلى بطنها، حيث كانت آثار الجروح لا تزال محفورة، ليست فقط في جسدها، بل في روحها أيضًا. للحظة، شعرت أن الأرض تهتز تحت قدميها، فقدت توازنها للحظة، لكنها تشبثت بجدار الممر، كأنها تتشبث ببقايا قوتها. أخذت أنفاسًا قوية مزيفة، تحاول إقناع نفسها أنها قادرة على الاحتمال، لكنها تعرف أنها تخدع نفسها.
مدت يدها المرتجفة نحو مقبض الباب… ترددت للحظة، ثم فتحته، وكأنها تفتح على نفسها أبواب العذاب. شعرت بتيار من الذكريات يجتاحها، بوجع لا يوصف ينهش قلبها، لكنها رغم ذلك دخلت.
تحركت بخطوات بطيئة داخل الغرفة، وقفت في المنتصف، عيناها تجولان في كل زاوية، كل رف، كل لعبة. كل شيء بقي كما هو، كأن الزمن توقف عند تلك اللحظة التي كانت تُجهِّز فيها الغرفة لطفلتها، كأن أحدًا لم يجرؤ على لمس شيء. حاولت التماسك، مسحت دموعها، لكنها لم تستطع كبح الألم الذي كان يعصف بقلبها.
اقتربت من أحد الأرفف، مررت أصابعها برفق على الألعاب الصغيرة، التقطت شخشيخة، ثم دبًا صغيرًا كانت قد اشترته بنفسها، ضغطت عليه برفق، فصدر منه صوت خافت، كأنه صدى لضحكة لم تُسمع أبدًا. ابتسمت بألم، نظرت نحو السرير الصغير، حيث تعلقت ألعاب موسيقية تُصدر ألحانًا للأطفال، مدت يدها إليه، حرّكته قليلًا، فصدر صوت ناعم، جعل دموعها تسقط من جديد.
لكن ما حطَّمها حقًا… كان ذلك الحائط.
وقعت عيناها عليه، حيث علقت صور السونار الثمانية، كل صورة بجانب الأخرى، مُرتَّبة بالأرقام من واحد إلى ثمانية، توثق كل شهر مر من عمر طفلتها وهي داخلها. اقتربت منه ببطء، بخطوات مهتزة، حتى توقفت أمامه. رفعت يدها، ومررت أصابعها على الصور، واحدة تلو الأخرى، كأنها تحاول أن تستشعر وجود طفلتها، كأنها تحاول أن تستعيدها ولو للحظة.
ابتسمت… ابتسامة مشروخة، ثم همست بصوت مرتجف، بالكاد مسموع:
“حور… كنتِ هنا… كنتِ هنا، وبقيتِ هنا بس… في الصور، في قلبي، في كل حاجة… بس مش في حضني.
انهارت أخيرًا، سقطت على ركبتيها، واحتضنت بطنها الفارغة، وكأنها تحاول أن تستعيد ما فقدته، لكن الفراغ كان أقوى منها، أقسى منها، تمامًا كما كان الألم.
💕ــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل (◕ᴗ◕✿)
(فلاش باااك)
نشاهد ماسة ترتدي فستانا ملونا بإبتسامة عريضة تقف أمام ذلك الحائط، وكان سليم يضمها من الخلف، ومحاوط بطنها بأحد ذراعيه، والأخرى أعلى صدرها، وهو يسند رأسه بين حنايا رقبتها، بإبتسامة جميلة، وهما ينظران إلى ذلك الحائط بشوق.
سليم بشغف: فاضل صورة واحدة
ماسة بإعتراض: تؤ، اثنين، صورة الشهر التاسع إللي هناخدها بكرة، وبعد 10 أيام أو أسبوع صورة حور بشحمها ولحمها، علشان نعرف ملامحها بقى، ياترى هاتبقى عاملة إزاي؟ عارف إن دي أكتر حاجة نفسي فيها، ها اتجنن وأعرف شكلها, وأشم ريحتها وأخدها في حضني، وألمس جلدها، اااها ياسليم إمتى بقى.
سليم بعشق: إن شاء الله قريب ياروحي خلاص فات كتير ..
وهو يمسح على بطنها بحنان أضاف:
ــ وحور هاتيجي تنور علينا حياتنا، أكيد هاتبقى زي القمر شبهك، أنا بفكر فكرة حلوة، إيه رأيك كل شهر لمدة سنة نصورها صورة، ونعلقها هنا، ويبقى الحيطة دي كلها عبارة عن صورها، وكل سنة يوم عيد ميلادها نصورها صورة ونعلقها جنب إخواتها، ونشوف ملامحها وهي بتكبر وبتتغير، كل سنة،ها إيه رأيك؟
ركزت ماسة النظر في ذاك الحائط و تتخيل تلك الصور وهي بجانب بعضها ارتسمت على شفتيها ابتسامة عريضة قالت بحماس: والله هاتبقى فكرة حلوة أوي، ماشي موافقة.
مدت يدها وضعتها في ذلك الفراغ الذي سيتم وضع صورة السونار الأخير به وقالت: بكرة هانحط آخر سونار ليها.
رفع سليم يده التي كانت على أعلى صدرها ومدها ووضعها على يديها التي على الحائط وقال بإعتراض: بس بعد كدة هاتبقى صورها هي، بملامحها من غير خيال، ولحد ماتكبر ونجوزها هانفضل نعلق صورها، هتبقى الحيطة دي كلها خاصة بصور حور هانم سليم الراوي، وماسة هانم مجاهد المسيري.
استدارت ماسة بإبتسامة جميلة مشرقة: وكل لما نجيب بيبي هانعمل معاه كدة، علشان مايزعلوش من بعض.
سليم وهو يمسح على خدها بحنان: ده أكيد.
ضمها إلى قلبه بحب.
عادت ماسة من تلك الذكرى المؤلمة، وهي تشعر أن قلبها يتفتت تحت وطأة الوجع. دموعها كانت تهبط بغزارة على وجنتيها، حتى أصبح لون عينيها أحمر متورمًا من البكاء. لم تعد قادرة على الاحتمال، لم تعد تملك القوة لتتصرف بعقلانية… كان الألم أقوى منها، كان الفقد يمزقها من الداخل بلا رحمة.
أخذت تبكي بنهنهة، شهقاتها تتعالى في الغرفة الصامتة، وكأنها وحدها في هذا العالم، وحدها مع ذكرياتها وأحلامها التي تحطمت أمامها. حدقت في الصور، تلك الصور التي كانت توثق رحلة عمر لم يكتمل، لحياة سُلبت منها قبل أن تبدأ. شعرت وكأنها لا تحتمل مجرد النظر إليها… فجأة، جزّت على أسنانها بقهر، غضب، وجع، ومدّت يدها بعنف، بدأت تمزق الصور واحدة تلو الأخرى، تنزعها من الحائط، ترميها على الأرض بقوة، وكأنها تحاول أن تمحو الحقيقة التي تؤلمها، وكأنها تحاول أن تمزق القدر نفسه.
كانت تصرخ بجنون، بنبرة مبحوحة، كأنها فقدت القدرة على التحكم في صوتها:
مافيش حاجة هاتتحقق! خلاص… كل حاجة راحت، كل حاجة انتهت! مافيش صور، مافيش أحلام، كله راح… حور راحت! راحت ومش هاترجع تاني!
سقطت على ركبتيها بين الأوراق الممزقة، بين شتات أحلامها التي مزقتها بيديها، لكنها لم تتوقف، لم تستطع أن تتوقف. ضربت الأرض بيديها، شعرت أن العالم كله ينهار فوق رأسها، أن لا شيء يمكن أن يعيد إليها ما فقدته. شهقت بعنف، وعادت تصرخ:
“راحت! من غير ما تكمل صورها… من غير ما أعرف شكلها… من غير ما أخدها جوة حضني ولو للحظة! راحت من غير وداع! راحت وأخدت معاها كل الفرحة… وأخدت قلبي معاها! كله راح… راح خلاص!
في لحظة جنون، نهضت بعنف، وبدأت تكسر كل شيء في الغرفة، بعشوائية، بانهيار تام. جذبت الألعاب من أماكنها، حطمت الرفوف، قلبت السرير، ألقت بكل شيء في طريقها أرضًا، وكأنها تحاول أن تمحو أي أثر للوجع الذي يمزقها.
كانت تصرخ بلا وعي: خلاص! راحت! راحت وسابتني… خلاص!
ثم وقعت على الأرض وهي تنتحب بحرقة بقلب يتفتت من الألم،.. وبعد وقت بدأت تهدأ وتأخذ أنفاسها مسحت وجهها وعينيها وأسفل أنفها، نهضت وتحركت مسرعة حتى غرفتها هي وسليم، قامت بدفع الباب بقوة وهي تنظر إلى ذلك الفراش بقهر وغضب ،جزت على أسنانها تقدمت نحو الفراش، وسحبته للخارج، وضعته في الممر، دخلت إلى غرفة حور مرة أخرى، ثم توجهت إلى الشرفة وهي تبحث بعينيها عن أحد الحرس، وقعت عيناها على أحدهم ونادت عليه.
ماسة: إنت يا إنت ..ثم قامت بالتصفير له.
انتبه لها الحارس تقدم مسرعاً وتوقف أسفل الشرفة وقال: أفندم يا هانم؟
ماسة: شوف مين عندك مكي والا عشري وابعتهولي بسرعة.
هز الحارس رأسه وقال أمرك.
دخلت ماسة مرة أخرى إلى الغرفة أخذت تنظر لها بضياع وتضع يديها على جبينها ..
وبعد قليل جاء عشري مسرعاً فور دخوله، أخذ ينظر إلى الغرفة والأشياء الملقاة على الأرض ومكسورة بتعجب.
عشري: خير يا ماسة هانم تؤمري بإيه؟
ماسة بطريقة تشبه سليم: عشري أبعت حد يلم الحاجات دي في الكراتين، فضي الأوضة كلها مش عايزة فيها أي حاجة، تدوها للأيتام والا تولعوا فيها مش فارق معايا
وهي تشير بيديها إلى إلخارج قالت بحدة:
خصوصا السرير إللي برة ده، مش عايزة أشوفه، نص ساعة، وكل حاجة تكون انتهت، وعايزة دهان للحيطة باللون الأسود، بالفرشة، نص ساعة وكل حاجة تبقى عندي، ماشي، ها أنزل أشرب فنجان قهوة مجرد ما أخلصها، تقولي كل حاجة خلصت الأوضة بقت فاضية تمام.
هز عشري رأسه بنعم بصمت.
تحركت ماسة وخرجت إلى الخارج توقف عشري في المنتصف وهو ينظر من حوله بأسف، ثم قام بعمل مكالمة …
💞ــــــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
نشاهد ماسة تهبط الدرج تقابلت مع إحدى الخادمات..
ماسة بالإنجليزية: ماريا أريد فنجانا من القهوة السادة.
ماريا: أمرك.
ماسة: هل سليم بيه مازال نائما.
ماريا: نعم.
ماسة هزت رأسها بإيجاب: تمام، أنا في الحديقة.
وبالفعل توجهت ماسة إلى الحديقة جلست أمام حمام السباحة، بحزن وقهر وهي تحاول محاربة تلك المشاعر لكي لا يراها سليم في هذا الضعف ويحزن عليها.
بعد قليل، نشاهد ماسة تدخل الغرفة وقام الحراس بإخراج الكراتين إلى الخارج فور دخولها كانت الغرفة فارغة من كل محتوياتها وكان يوجد جردل ورول على الأرض.
اقترب عشري: الأوضة فضناها زي ما أمرتي يا هانم، وده لون الدهان إللي حضرتك طلبتيه والفرشة
ماسة بلطف: شكرا يا عشري اتفضل إنت ومن فضلك قول لسحر لو سليم صحي تناديني على طول.
عشري: حاضر، مش محتاجة مساعدة يا هانم.
هزّت رأسها بلا بصمت، خرج عشري إلى الخارج. نظرت ماسة إلى أركان الغرفة الفارغة، ثم تنهدت ورفعت شعرها إلى أعلى وقامت بلمّه. فتحت الجردل، وضعت الرول فيه، ثم بدأت بدهن الحائط باللون الأسود، كأنها تعلن الحداد. أخيرًا، سمحت لتلك المشاعر المكبوتة من حزن وغضب أن تخرج.
(بعد وقت)
ــ غرفة نوم سليم وماسة في الطابق الأول.
ــ نشاهد سليم بدأ يحرك جسده على الفراش فتح عينه ونظر من حوله باحثاً عن ماسة تنهد ونادى بنبرة متحشرجة من أثر النوم: aşkım،
جلس على الفراش مسح وجهه مد يده وأمسك العكاز المركون بجانب الكومودينه بدأ بالتحرك وهو مازال ينظر من حوله باحثا عن ماسته حتى خرج إلى الحديقة
ـ- الحديقة٧م
نشاهد سليم وهو يخرج من باب الحديقة وهو ينظر من حوله وقعت عيناه على تلك الكراتين وهذان الفراشان بتعجب.، فور أن شاهده عشري تقدم نحوه مسرعاً.
عشري: مساء الخير يا ملك.
سليم تساءل متعجباً: إيه الكراتين دي يا عشري؟ وإيه إللي نزل السراير دي هنا!؟
عشري: ماسة هانم إللي أمرت بكدة.
نظر له سليم وهو يعقد حاجبيه تساءل متعجباً: ماسة إللي طلبت كدة!
هز عشري رأسه بإيجاب: طلبت مني أنزل كل حاجة في الأوضة واتبرع بيهم لدار أيتام أو أحرقهم مش فارق معاها.
شعر سليم بمدى وجعها الذي تشعر به وتكتمه داخلها، زم شفتيه وهز رأسه بإيجاب وهو يقول بنبرة مكتومة: وهي فين دلوقتي؟
عشري: في أوضتها، سليم ماسة شكلها تعبانة ماكنتش في وضع كويس.
سليم هز رأسه بنعم بتأثر: تمام
وقعت عينا سليم على الكرتونة التي بداخلها صور السونار، تقدم نحوها وأحنى ظهره وقام بمسكهم وأخذ يدقق النظر بهم كان البعض منها مقطوع لكن ليس بشكل كبير من الممكن إصلاحهم، أخذ يدق النظر بهم وهو يمرر أصابع يديه على تلك النقاط التي يبدو إنها حور، وضع يديه على قلبه الذي شعر بألم داخله أخذ يمرر عينه على تلك الكراتين شاهد ذلك الدب وتلك الشخشيخة وتلك الببرونة أخذهم ووضعهم على الطاولة.
سليم: عشري شوفلي صندوق صغير.
هز عشري رأسه بإيجاب وأخذ يبحث في الكراتين.
توقف سليم وهو مازال يبحث بعينيه وقعت عينيه على ذلك الشراب التريكو تبسم قام بأخذه بابتسامة عريضة حزينة.
(فلاش باااك)
ــ قصر الراوي
ــ جناح سليم وماسة
نشاهد سليم وماسة يجلسان بجانب بعض على الأريكة، وكان سليم يمسك بين يديه عصيان التريكو ويقوم بصنع شيء كانت ماسة تركز معه وتقوم بتعليمه وبعد وقت انتهى سليم من عمل شراب صغير الذي كان يمسكه..
سليم بسعادة وكأنه فاز بمناقصة كبيرة قال: مكنتش متخيل هايطلع في الآخر بالجمال ده.
ماسة بتشجيع: أنت أصلاً شطور يا كراميل.
سليم: إنتي إللي معلمة شاطرة. أكمل بحماس: أنا عايز أتعلم حاجات كتير وأعملها لها بإيدي، علشان أفضل أقول لها بابا إللي عاملهملك يا روح قلب بابا.
ماسة: إيه رأيك تعملها آيس كاب.
سليم: خلاص ماشي.
(باااك)
عاد سليم من ذكرياته بعين اغرورقت بالدموع،
اقترب منه عشري مسح سليم بأصابع يده دموعه
عشري وهو يقدم له صندوق متوسط خشبي: اتفضل يا ملك،
أخذ سليم الصندوق ةوضع به الشخشيخى والشراب والدب الصغير والببرونة، أمسك الصور وهو ينظر لها مرة أخرى بذلك الاشتياق وذلك الوجع ثم قال: عشري مين إللي فحص العربية بتاعتي يوم الحادثة
عشري: مكي وإسماعيل.
سليم: كان فيه صور زي دي أخر صور سونار لماسة كانت موجودة في العربية.
عشري: مكي حط كل حاجة في الخزنة…
هز سليم رأسه بإيجاب أكمل: سليم نعمل إيه في الحاجة دي؟
سليم: حطهم فى المخزن أنا طالع فوق.
عشري: أساعدك.
سليم بحدة: حد قالك إني عاجز محتاج مساعدة
عشري: أسف يا ملك.
وضع سليم الصور داخل الصندوق وتوجه إلى المكتب.
ــ مكتب سليم
ــ دخل سليم إلى المكتب وتوجه نحو الخزنة،
فتح الخزنة، وبالفعل وجد آخر سونار وفحص لماسة أمامه، مد يديه بحزن وأسف وأخذ ذلك الملف، وفتحه أخذ السونار الأخير، أخذ يدقق النظر به، وهو يمرر أطراف أصابع يديه عليها، ابتلع تلك الغصة التي تكونت في حلقه، ثم قرب تلك الصورة إلى شفتيه، وضع قبلة طويلة عليها، ثم وضعها عند قلبه وهو يربت عليها بإبتسامة حزن وقال: مش ها ارتاح غير لما أخد حقك وأحرق كل واحد كان السبب في حرماني منك.
تنهد ثم وضعها في ذلك الصندوق ثم وضعهم في الخزنة وأغلقها.
توجه إلى الخارج وتوقف أسفل الدرج فهو يود الصعود لماسة ليعرف ما أصابها، لكنه يعلم أن هذا سيشعره بألم شديد، لكنه لم يهتم فهي أهم من آلامه، تنهد وصعد الدرج، وكان هذا الصعود شاق عليه بشدة، أسند سليم يديه على الترابزين لكي يساعده في الصعود، أخذ يصعد ببطء متحملا الألم الذي يكاد يفتك به، أخيرا وصل للدور الثاني، مسح على فمه وابتلع ريقه من شدة الألم، ثم تحرك في الممر وتوقف أمام غرفة حور، التي كانت مفتوحة، وكانت تقف بها ماسة وهي تقوم بدهانها باللون الأسود ..
أخذ يشاهدها بحزن شديد على الحالة التي وصلت لها بعد ذلك الحادث الأليم، فهو لم يكن ساذجاً أو غبياً لا يشعر بها، بل كان يشعر بها جيداً، يشعر بكل الوجع والأسى الذي تعيش بداخله، وتحاول كتمه، وتبتسم بكذب أمامه لكي لا تحزنه، مسح تلك الدمعة التي خانته وتساقطت على وجنتيه.
تقدم نحوها وقال بنبرة مكتومة متسائلا بوجع:
يا رب تكون النار إللي جواكي همدت، وارتحتي من أوجاعك.
فور استماعها لتلك الجملة التي قالها سليم ، اتسعت عينا ماسة والتفتت له مسرعة وقالت بصدمة: سليم!!
ألقت بالفرشة على الأرض وركضت نحوه مسرعة حتى توقفت أمامه وهي تلامس وجهة وقدمه وجسده بقلق: إنت كويس؟ إنت إزاي تطلع هنا.
أمسك سليم يدها بإبتسامة جميلة ليطمنها: عشقي أنا كويس، بس إنتي إللي مش كويسة.
ماسة بتعجب: كويس إزاي بس؟ إنت غلط عليك تطلع السلم ده، كمان تطلع لوحدك!!
بتلقائية نظرت من حولها باحثة عن مقعد لكن وجدتها فارغة عادت إلى رشدها نظرت له وهي تمسكه من كتفه: تعالى نخرج بره، تعالى ارتاح.
سليم وهو يربت على يدها التى تمسكه بحنان: صدقيني أنا كويس، مش حاسس بألم يعني لو حتى حاسس مش هايبقى أكبر من ألمك.
ماسة برجاء: طب علشان خاطري تعالى نتكلم في أوضتنا، وإنت قاعد، مش هاينفع نتكلم وإنت كدة وحياتي عندك.
هز سليم رأسه بالموافقة بصمت فهو في وضع لا يجعله قادرا على الرفض أو العناد، سحبته ماسة من كتفه وتوجهت به إلى غرفتهما.
💞ــــــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
ــ غرفة ماسةوسليم
ــ دخلت ماسة وهي تسند سليم ساعدته على الجلوس على الفراش.
رفع سليم عينه لها وقال وهو يمسك يدها: ردي عليا وقولي لي نارك خمدت ولا لسة؟.
نظرت له ماسة بصمت وهزت رأسها بنفي وقالت بوجع: لا ماخمدتش ..
جلست على ركبتيها، وأكملت بضعف وبنبرة مخنوقة بيد مرتعشة:
ـ كنت فاكرة إني ها ارتاح، مجرد ماهشيل كل حاجة في الأوضة، وأشوفها فاضية سودا، هارتاح! بس مارتحتش، هبقى بكذب عليك لو قولتلك إني حسيت بأي تغيير، أنا لما طلعت هنا، كنت عايزة أواجه خوفي، وأتخلص منه، قولت هايحصل إيه يعني؟! كدة ولا كدة هايجي وقت وها أطلع هنا، أنا أتغلبت على إللي أصعب منه، بس اكتشفت إني ضعيفة طلعت بكذب على نفسي طلعت موهومة.
أمسك سليم يديها بحب وهو يركز النظر في ملامحها قال بهدوء: علشان إنتي كنتي كاتمة جواكي الوجع، ماتكتميش وجعك جواكي يا ماسة، أصرخي، قولي كل حاجة حاسة بيها، قولي أنا تعبانة، أنا مش قادرة، إعلانك عن ضعفك قوة، منتهى القوة أوعي تكوني فاكراني مش واخد بالي، ومش حاسس بيكي، ومش فاهم إللي بيدور جواكي، أنا حاسس بيكي يا ماسة..
وضع يديه على خديها ، قرب وجهه من وجهها وهو يركز النظر في ملامحها أكمل بتأثر:
ــ عشقي، أنا عارف إن إللي مريتي بيه صعب ويكسر القلب، خصوصاً، إنك كنتي لوحدك وأنا مش معاكي،
عشتي أربع شهور ونص في عذاب وإن اللي حكيتيه صفر على الشمال من حقيقة مشاعرك ومن إللي حاسة بيه..
أمسك يدها ووضعها على قلبه أكمل بتأثر أكبر: كل إللي حاسة بيه، أنا حاسس بيه هنا، هنا بالظبط، وجعك واهاتك،آلامك، كل حاجة نارك إللي قايدة جواكي قايدة فيا أنا كمان.
نظرت له ماسة بوجع ودموع رمت نفسها بين أحضانه بضعف أحاط سليم ظهرها بيده بشدة وهى تدفن رأسها بين حنايا رقبته وتبكي.
ماسة بضعف: تعبانة أوي يا سليم تعبانة ومحتجالك أوي.
سليم بحب: أنا جنبك يا قلب سليم، جنبك في أي وقت.
ماسة بعتاب: بس إنت بقيت عصبي أوي مش عارفة أتكلم معاك.
سليم بإعتذار: حقك عليا ياماسة، صدقيني بيبقى غصب عني.
ابتعدت ماسة وقالت بتوضيح: ما أقصدش والله العظيم، أنا عارفة إنه غصب عنك أنا بس اا..
صمتت وهى تنظر له وتحرك عينيها، فهي أصبحت حتى لا تستطيع شرح ما تمر به من ألم لكنه يفهم جيداً كل شيء تشعر به كأنه داخله و تبادله تلك النظرة المؤلمة.
مسح سليم دموعها قال بطلب: خلاص وحياتك عندي، مش قادر أشوف دموعك وأنا السبب فيهم، بس صدقيني ها أجيبلك حقك وحقها لو ثمنها حياتي هاجيب حقكم.
اتسعت عينا ماسة وتساقطت منها الدموع، برعشة هزت كيانها قالت مسرعة: بعد الشر عليك لو حقنا هايجي بخسارتك بلاش إنت عندي أهم أوعى ياسليم أنا ما أقدرش أعيش من غيرك والله،
ضمته مرة أخرى بشدة
أخذا يضمان بعضهما بشدة كأنهما يريدان زرع الآخر بداخله بدأ سليم يضع قبلات متقطعة على خدها مرورا بشفتيها، تبادلا القبلة، ساعد سليم ماسة على الوقوف والجلوس بجانبه ومازالا يقبلان بعضهما بشوق مالت بظهرها على الفراش مال هو بجسده عليها وأخذا يتبادلان تلك القبلة العاشقة المشتاقة التى من الممكن أن تخمد نيران عذاب جروحهما..
بعد قليل ابتعد سليم وهو يأخذ نفسه فهو يعلم انها لا يستطيع أن يفعلها الأن بسبب تعبه.
ماسة بقلق: سليم إنت كويس رجلك وجعاك؟
نظر لها سليم بضيق وعدل من جلسته وأجابها بعصبية: ماسة أنا كويس بطلي تقولي الكلمة دي.
ابتلعت ماسة ريقها حاولت لم الموقف مسرعة: ما اقصدش والله با أطمن عليك.
أغمض سليم عينه محاولا لجم غضبه قال بضيق من نفسه ممزوج بلوم: بردو اتعصبت عليكي تاني.
تبسمت ماسة واقتربت منه ضمته من ظهره وقالت بحب ممزوج بمزاح محبب: أنا بموت في عصبيتك بس متاخدش علي كدة علشان والله با أخاف منك،، عليك نظرة ترعش والله.
ألتفت سليم لها ووضع يده علي خدها ووجهه قريب من وجهها قال بغزل: ترعش، ماشي يا ماسة حلو كدة
ماسة بمرح: لا دي كدة قمر وتاخد بوسة هههههه
سليم بشوق: تعرفي إنك وحشتيني أوي ومحتاج أعيش معاكي ده أوي حاسس إني ممكن أهدي من جنوني ده.
ماسة: وإنت وحشتني بس الدكتور قال مش قبل شهرين.
ارتسمت على شفتي سليم نصف ابتسامة حزينة سحب يده من على خدها قائلا بتعديل: تقصدي قال لما حالتك تتحسن، يعني ممكن الشهرين يبقوا تلاتة او ستة أو سنة، ده غير التنبيهات اللي قال عليها والحاجات الممنوعة.
ماسة وهي تهز رأسها عدة مرات بنفي: ماقلش على حاجة ممنوعة، ولا حتى نبه على حاجة.
سليم: لا قال فيه بعض الأوضاع ممنوعة، وبلاش مجهود زيادة.
ماسة تبسمت بدعم: مش مهم، وموضوع التحسن أنا متأكدة إنه شهرين بالكتير، إنت أهو دلوقتي أحسن بكتير، بكرة هاتبقى عال العال بطل تشاؤم يا كراميل.
تبسمت بحب وضمته بحب.
ضمها سليم إلى قلبه وهو يشم رائحة شعرها الذي يعشقه: أنا بحبك أوي ياماسة.
ماسة: وأنا بموت فيك ياسليم، خليني في حضنك شوية مش بهدى ولا بكون كويسة، غير وأنا جواه.
تبسم سليم ووضع قبلة بجانب جبنيها وضمها بشدة.
💞ـــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل (◕ᴗ◕✿)
ــ منزل مكي ٨م
ــ الريسبشن
ــ نشاهد مكي يجلس على الأريكة وهو شارد وكانت تجلس والدته ليلى بجانبه وهي تشاهد التلفاز، كانت من حين لأخر تسرق النظر له بإستغراب على ذلك الشرود قاطعت ذلك الصمت ليلى قالت.
ليلى: سليم عامل إيه يا مكي؟
لكنه غير منتبه لها شاردا ويتذكر حديث سلوى معه وعدم مسامحتها له وإعطاءه فرصة، أخذ يفكر هل كان خاطئا حين أخذ هذا القرار أم صحيحاً فهو مشتت بشدة … قامت رغدة بالنداء عليه مرة أخرى.
ليلى: مكي .. بصوت أعلى قليلا: يا مكي.
انتبه لها نظر لها مكي: فيه حاجة يا أمي؟
ليلى: إنت مش معايا خالص بنادي عليك من بدري خير سليم لسة تعبان؟
مكي: لا الحمد لله في تحسن علشان كدة بقيت بعرف أخد إجازاتي.
ليلى: ربنا يكمل شفاه على خير، بطل عصبية والا ايه؟
مكي: مش أوي.
ليلى: الله يكون في عون مراته ويقويها .
مكي: ماسة بتحبه وبتعرف تتعامل معاه.
ليلى: طب طيب مدام سليم الحمد لله كويس، إنت مالك مش عاجبني.
مكي: مافيش لسه بندور على إللي عمل كدة في سليم مش عارفين نوصل لحاجة كأنه شبح.
ليلى: إن شاء الله هاتوصلو له المهم إنت خد بالك من نفسك كويس أوعى توجع قلبي عليك يا مكي أنا ما حيلتيش غيرك ..
هز مكي رأسه بإيجاب، دققت ليلى النظر به فهي تشعر إن هناك خطب ما به غير موضوع سليم، نهضت وجلست على الأريكة بجانبه وضعت يديها على قدمه وتساءلت.
ليلى بحنان الأم: قولي بقى مالك فيه حاجة مزعلاك؟
نظر لها مكي قائلا: سلوى.
ليلى: مالها، وهي دلوقتي كم سنة؟
مكي: 20 سنة،
ليلى: طب إيه هي المشكلة؟
تنهد مكي مد يده أخذ علبة السجائر التي أمامه وأخرج منها سيجارة وقام بإشعالها أخذ منها نفسا وأخرجه بتعب وقال: المشكلة إنها مش عايزة تسامحني شايفة إن أنا جرحتها إن أنا سبتها من غير حتى ما أفهمها إيه إللي حصل حتى بعد ما حكيت لها كل حاجه وفهمتها أقصد إيه مش متقبلة خالص، ورايحة توافق على العريس عند فيا.
ليلى: إنت بتقول إنها وافقت على العريس ده بس لما إنت حاولت تفهمها إللي حصل زمان؟
هز مكي رأسه بإيجاب أكملت: ده مؤشر يبين إنها بتعاندك، والست لما بتعاند راجل يبقى في دماغها، يبقى فيه فرصة، إنت بس حاول، بس أهم حاجة يا مكي وإنت بتحاول أوعى توعد بحاجة إنت مش قدها، يعني ما تقولهاش بحبك قول لها أنا في حاجة جوايا وعايز اتأكد منها.
مكي: أنا فاهم بس أنا ما ليش في الحاجات بتاعة الشباب الرومانسية دي.
ليلى تبسمت: كل الرجالة بتقول كدة بس مجرد ما تحب أو تبقى عايز بنت بتتحول، العشق بيغير الإنسان وبيحوله لشخص ثاني هو ما يعرفوش.
دلوقتي يا مكي مادام نويت تدخل واحدة حياتك تبقى مسؤولة منك شغلك مع سليم في الحراسه لازم ينتهي.
نظر لها مكي بإعتراض: يستحيل مش قبل ما أوصل للي عمل فيه كدة، سليم دلوقتي محتاجني أكثر من الأول نرجع بس يا ماما وبعدين نشوف موضوع الشغل.
💞ــــــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي_ليلةعادل(◔‿◔)
الشارع المقابل لفيلا سليم ، العاشرة صباحا
وقف شابان بجوار موتوسيكل في زاوية بعيدة عن الأنظار، حيث لا يمكن للحراس رؤيتهم بسهولة. أحدهما كان يرتدي نظارة معظمة، يتفحص بها المكان بدقة، بينما الآخر يحمل كاميرا ديجيتال، يلتقط صورًا واضحة للفيلا من زوايا مختلفة، حريصًا على تسجيل كل التفاصيل.
بعد دقائق من التصوير، أنزل الشاب الأول النظارة وأخرج هاتفه، ثم تحدث بصوت منخفض:
– ألو، أيه يا باشا؟ صورتلك الفيلا، عاملين حراسة تقيلة أوي، بس كل حاجة واضحة.
انتظر قليلًا ليستمع إلى الرد، ثم قال بنبرة مطمئنة:
– تمام، زي ما اتفقنا، تصاريح الكشك هتطلع، وأنا هبدأ الشغل.
أغلق الهاتف بسرعة، ثم ضغط على زر الإرسال، لينقل الصور إلى جهة مجهولة. بعد ثوانٍ، التفت إلى زميله وقال بهدوء:
– يلا نتحرك قبل ما حد ياخد باله.
استدارا بهدوء، دون استعجال، كأنهما لم يكونا هنا أبدًا.
ــ المجموعة الراوي
ــ مكتب عزت١١ص
ــ كان عزت يجلس خلف مكتبه ويرتدي نظارة القراءة، ويقرأ في ملف بتركيز شديد، فتح الباب دخلت فايزة وهي تحمل بين يديها ملف رفع عينه نحوها بإستغراب تقدمت حتى جلست على المقعد الأمامي للمكتب.
فايزة وهى تضع قدما فوق قدم: لسة ماجهزتش!
عزت: تؤ، خلاص، فاضل 10 دقائق إنتي جاهزة، احنا لازم ناخد المناقصة دي.
فايزة بثقة: أنا جاهزة وأكيد هناخدها ..
حركت أطراف أصابع يديها على المكتب لثواني ثم نظرت له بتركيز وقالت بجدية:عزت أنا أخذت قرار، ولازم تكون معايا فيه.
نظر لها عزت بإستغراب: قرار إيه؟
مدت فايزة يديها بالملف وأعطته له، فأخذه منها وهو ينظر إليها باستغراب. فتحه ونظر داخل الأوراق وبدأ يقرأ ما بها. كانت فايزة تنظر إليه لتعرف مدى تأثير ما قرأه عليه. بعد ثوانٍ، رفع عزت عينيه نحوها مستغربًا بشدة وهو يقول: إنتي متأكدة من إللي إنتي عايزة تعمليه ده؟
هزت فايزة رأسها بإيجاب: أيوة متأكدة إحنا الأثنين أختارنا سليم، يكون وريث العرش، ومراسم تتويجه قربت أوي، وبعدين ده مش بيع بشكل نهائي، إحنا بس هانخليه ليه حق الإدارة وإحنا هانبقى موجودين بشكل صوري.
عاد عزت بظهره وأسنده على ظهر المقعد وقال بجديةوحسم: أنا مختار سليم بشكل نهائي يافايزة، ولو كنت بقول للأولاد إن إللي هايشتغل على نفسه أكثر ويثبت وجوده هايقغد على كرسي العرش وهايبقى الإمبراطور الجديد لعيلة الراوي، وإني عامل منافسة ما بينهم، ده مجرد كلام بس علشان مايزعلوش، ومايقولوش إن أنا بميز سليم عنهم، لكن أنا حسمت أمر في اختيار سليم إنه يقعد مكاني من سنين، لإني على يقين، إن ماحدش غيره يستحق، غير إني متأكد إنه مش هايظلم إخواته، لكن هما هايبقوا عاملين زي الديابة هياكلوا في بعض، لكن سليم هايوقف كل واحد عند حده من غير ظلم، (بتأثر)وبعدين إللي دفعه مش قليل يا فايزة، سليم دفع حياته وبنته، ومراته كمان كان ممكن تموت، أنا متأكد إن إللي عمل كدة، كان عايز يتخلص من سليم، علشان يحرق قلبي عليه، ويحرق الإمبراطورية، لأنه واثق إنه الشخص الوحيد الجدير بالمكانة دي وهوالقادر يكمل مسيرتي من بعدي.
فايزة: وعشان كدة آن الأوان إن إحنا نقدم خطوات حاسمة وواضحة لتتويجه.
عزت بإعتراض وهو يهز رأسه بلا: أنا من رأيي، بلاش دلوقتي نعلن، خليها ما بينا وبين بعض حاسمين الأمر، خلي التتويج وعمل مراسم الاحتفال ونقل كرسي العرش لسليم بعدين.
فايزة بحسم: لا أنا عايزة دلوقتي، بعدين إحنا مش هنعمل حاجة، إحنا بس هاننقل له حق الإدارة مش أكتر لكن نقل الأسهم ليه بعدين.
ضيق عزت عينه متفحصا لها بتركيز متسائلا بمكر فهو يشعر أن هناك سبب قوي جعلها تصمم على ذلك: أولادك عملوا إيه يا فايزة وعايزة تربيهم؟
فايزة بمرواغة لكن بثبات: عايزاهم يشتغلوا كويس يعرفوا إننا بندي الثقة لسليم بشكل أكبر ويبدأوا يشتغلوا صح بقى، بدل اللعب إللي هم فيه كفاية وكله لمصلحة المجموعة.
نظر لها عزت بطرف عينه بعدم تصديق: متأكدة.
فايزة بتعجب: ممكن يكون إيه يعني.
عزت بدهاء: يعني حاسس إن فيه حاجة بتم من ورايا.
فايزة: لا مافيش أي حاجة.
عزت مستغربا: بس مش غريبة تاخدي القرار ده بعد ماسليم أدى ماسة كل نسبته وأخد مني حق الإدارة غير إن بعد ما حور ماتت نسبتها راحت لماسة.
نظرت له فايزة من طرف عينيها قالت بأرستقراطية بغرور يليق بها: مش ماسة إللي أعملها حساب، دي ولا حاجة، بإشارة واحدة من صباعي أمحيها ولو كنت ساكتة وقابلة بكل المهازل إللي بتحصل وإللي حصلت فده بس علشان خاطر سليم، بعدين ده مجرد توكيل بحق الإدارة بنسبتنا هايعمل بيه إيه ولا حاجة هو بس زي ما قلت لك إعلان منا إننا بنسبة 99% اخترنا سليم ما فاضلش لهم غير1% يبدأوا بقى يشتغلو على نفسهم يمكن يمكن يفلحوا في حاجة، بعدين أنا محتاجة أعيد لسليم ثقته في نفسه والقوة إنت عارف سليم وهو صغير بيحب جداً إللي يقدره.
عزت: تمام موافق بس الضباع أولادك مش هايسكتوا.
فايزة بقوة وشر: سيبهملي أنا المهم تمضي على الأوراق، علشان أول يوم يرجع فيه سليم هانستقبله بالمفاجأة دي.
نظر لها عزت وهز رأسه بالموافقة.
كل هذا وكان أحدهم يتوقف ويستمع لهم خلف الباب …..
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الماسة المكسورة) اسم الرواية