Ads by Google X

رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن و الخمسون 58 - بقلم ليلة عادل

الصفحة الرئيسية

       

 رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن و الخمسون 58 -  بقلم ليلة عادل

  [بعنوان: خيبة قلب ]
وسط زغاريد الجميع، ارتدت سلوى الشبكة، بينما كان مكي يقترب بوجه ثابت لا يُقرأ.
اتسعت عينا ماسة حين رأته، فالتفتت بسرعة إلى سليم قائلة بقلق، سليم، إلحق مكي
نظر سليم نحو المكان الذي أشارت إليه ماسة، ثم زفر بضيق وهو يزم شفتيه.
على الجانب الآخر، تقدم مكي حتى وقف أمام سلوى، التي رفعت عينيها نحوه، فاتسعت في ارتباك. نظرت سريعًا إلى صالح، ثم إلى جميع الحاضرين، وأخيرًا إليه بتوتر… فتذكرت
((فلاش باااك))
في أحد المحلات، كانت سلوى تشتري حذاء الخطوبة، وبرفقتها إحدى صديقاتها. لم تكن تعلم أن مكي كان يراقبها عن كثب..لاحقًا، صعدت إلى سيارتها بعد ان ودعت صديقتها، لكن قبل أن تتحرك، فوجئت بمكي يفتح الباب ويجلس بجوارها من الجهة الأخرى. شهقت في صدمة وهي تحدق به
سلوى: في إيه…؟! إنت!
تجاهل دهشتها، ونظر للأمام بجمود: عم أشرف، انزل.
سلوى برفض: لا متنزلش.
مكي كـرر بحزم: يلا يا أشرف.
تردد السائق للحظة، لكنه أطاع أوامر مكي وهبط من السيارة. حاولت سلوى فتح الباب، لكن مكي ضغط على زر الإغلاق، فاحتجزها معه داخل السيارة
سلوى بغضب: إنت اتجننت رسمي.
مكي بهدوء قاتل نظر لها: الفيلم البايخ اللي إنتِ عاملاه ده لازم ينتهي، خطوبتك بعد بُكرة مش هتتم
سلوى بعناد وإصرار: هتتم والله العظيم هتتم.
مكي بضجر: هو عند وخلاص؟
سلوى بثبات: لا، ده ما اسموش عند اسمه إني عايزة أكمل مع الراجل اللي اخترته، ولو سمحت انزل، ملكش دعوة بيا تاني.
زفر مكي ومسح وجهه بكفه، ثم قال بنبرة مشحونة: يا سلوى، إنتِ ماشية في سكة غلط، ومش هينوبك غير الندم. لازم توقفي اللي بتعمليه ده.
سلوى بحدة: غلط؟ صح؟ أنا حرة أعمل اللي أنا عايزاه، وأنا اللي هدفع الثمن. لو طلع اختياري غلط لصالح، مش مشكلة هاتعلم وهتفادى الأخطاء دي المرة الجاية، ولو طلع صح، يبقى كسبت إنسان حبني بجد.
جز مكي على أسنانه بحدة: يعني مفيش فايدة؟
سلوى بحسم: مفيش ولو حاولت تاني، أنا هقول لسليم.
تصلبت ملامح مكي للحظة، ثم اقترب منها هامسًا بتحذير: طيب خليكي عارفة، لو الخطوبة دي تمت، أنا مش هعديها كده عادي.

سلوى تحدق به بثبات: اللي عندك اعمله، ده لو تعرف.
ضغط مكي على أسنانه بشدة، ثم صفع الزر وهبط من السيارة بعنف، مغلقًا الباب خلفه بقوة. انتفضت سلوى في مكانها، وعيناها تمتلئان بالدموع، لا تدري إن كانت تعاند نفسها أم تعانده، لكنها كانت تشعر أنها بهذه الأفعال تأخذ حقها.
عاد أشرف إلى السيارة، وقبل أن يحركها، همست سلوى بصوت مرتجف: عم أشرف، بعد كده تسمع كلامي أنا… فاهم؟
نظر إليها الرجل بأسف قائلا: ما تزعليش مني، يا بنتي، بس ده مكي… مقدرش.
تنهدت سلوى بضيق: طيب.، اطلع من فضلك.
((بااااك))
عاد الواقع ليصطدم بها من جديد. وقفت أمام مكي، تحاول أن تبقى متماسكة رغم العاصفة التي تعصف بقلبها
أما مكي، فكان وجهه عابسًا، عينيه تضجان بالغضب والانكسار، لكن صوته جاء ثابتًا: مبروك يا سلوى هانم
نظرت إليه سلوى بجمود ممزوج بتحد، تشعر أنها أخيرًا حققت انتقامها، وأذاقته نفس الوجع
تبسمت بانتصار، قائلة بنبرة ساخرة: الله يبارك فيك… عقبالك.
نظر إليها مكي طويلًا، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة تحمل في طياتها معاني كثيرة، قبل أن يرد بصوت هادئ واثق: إن شاء الله قريب جدًا… والعروسة؟ إنتِ عارفاها كويس.
ثم حول بصره إلى صالح، ومد يده قائلا: مبروك يا عريس.
صافحه صالح: الله يبارك فيك.
هز مكي رأسه وهو يمد وجهه قليلًا، ثم رمقها بنظرة سريعة قبل أن يلتفت. فور التفاته، وجد سليم يقف خلفه مباشرة بوجه متجمد، عابسًا مما فعله. نظر إليه مكي لثانية بتوتر، فبادله سليم النظرة بضيق، قبل أن يشير له بأصابعه بإشارة واضحة تعني: تعالى ورايا
تحرك سليم للخارج، وخلفه مكي، بينما راقبت ماسة وسلوى تحركاتهما بقلق
_في الحديقة
توقف سليم ومكي أمام بعضهما، وكان الغضب واضحًا على ملامح سليم

سليم بعتاب ممزوج بحدة: إيه اللي إنت عملته ده؟
مكي رفع حاجبيه متعجبًا: عملت إيه؟
نظر له سليم بضيق، شعر أن مكي يراوغه، وهذا أكثر شيء يثير غضبه: مكي، ما تستخدمش الأسلوب ده معايا
مكي، وما زال محافظًا على هدوئه، تساءل: أنهي أسلوب؟ أنا مش فاهم بتتكلم عن إيه؟ تقصد علشان سلمت على سلوى؟! إيه المشكلة لما أسلم عليها وأبارك لها؟
سليم نفخ بضيق: إنت مش ناوي تعقل، القصة انتهت يا مكي و…
قبل أن يكمل، نظر له مكي بتعب، لا يريد الاستماع لأي نصائح الآن أو حتى الحديث، أشار بيده قائلا:
لو سمحت، بلاش نتكلم في الموضوع ده، أنا عملت اللي حسيته وبس. سليم، أنا عايز آخد إجازة يومين تلاتة، أسافر، محتاج أهدى
نظر له سليم باستغراب: للدرجة؟
أجابه مكي سريعًا: آه، ماعشتش التفاصيل، عارف، وفات سنين، بس أتمنى تحترموا مشاعري
زفر بضيق، ثم أضاف: أنا هامشي عشري معاك
أنهى كلماته واندفع خارج الحديقة كأن الشياطين تطارده، تاركًا سليم ينظر خلفه متعجبًا، لا يعرف ماذا يفعل من أجله
عاد سليم وجلس بجانب ماسة، لكنه لم يكن راضيًا عن تصرف مكي. أكملوا الحفل، وبعد انتهائه، توجه سليم وماسة إلى فيلتهما. لكن سليم لاحظ أن ماسة لم تتفوه بكلمة معه طوال الطريق، كان وجهها عابسًا نوعًا ما
♥️ــــــــــــ بقلمي_ليلةعادل ـــــــــــــــ ♥️
فيلا سليم وماسة الثانية عشر صباحاً
غرفة النوم
دخلت ماسة إلى الغرفة وسليم خلفها، كانت خطواتها بطيئة وملامحها جامدة، جلست على مقعد التسريحة وبدأت بخلع إكسسواراتها ومسح أحمر الشفاه. على الفراش، جلس سليم يراقبها بصمت، تعلو وجهه علامات الاستفهام. كان يشعر أنها ليست بخير، لكن صمتها يثقل الجو من حولهما.
سليم بلطف، محاولًا كسر الجليد: قطعة السكر مالها؟

رفعت ماسة عينيها إليه، ثم عقدت حاجبيها بتعجب، وقالت بصوت هادئ لكن بارد: مالي؟
سليم: مكشرة ليه؟
هزت رأسها نافية، وعادت لما تفعله: خالص.
تأملها سليم بعمق، لم يصدق كلامها، ثم قال: الحفلة كانت جميلة.
نهضت ماسة وفتحت خزانة الملابس، أخرجت منها ملابس النوم، كانت عينا سليم معلقتين بها، لكنها لم تلتفت إليه، فقط تمتمت بجمود: أممم… كانت حلوة.
راقبها وهو يراها تستبدل ثيابها، لكن عقله لم يكن في تلك اللحظة، بل كان يقرأ تصرفاتها. وقف مستندًا على عكازه، ثم تحرك نحوها حتى وقف أمامها مباشرة، مد يده ووضعها أسفل ذقنها، رفع وجهها برفق لتلتقي عيناها بعينيه.
سليم بصوت دافئ، لكنه يحمل القلق: مالك يا عشقي؟ فيه حاجة حصلت وزعلتك؟
حاولت ماسة الهروب بعينيها، تمتمت: لا طبعًا… ها أزعل ليه؟ حد يزعل يوم خطوبة أخته الوحيدة؟ يمكن إرهاق.
سليم وهو يتفحصها بشك: متأكدة؟
ساد صمت للحظة قبل أن تتنهد ماسة ببطء، قالت بصوت بدا وكأنه يحمل مرارة دفينة: أممم… كانت حلوة الخطوبة، مش كده؟
سليم بإيماءة بسيطة: امممم.
رفعت ماسة عينيها إليه ببطء، كان هناك شيء ما في نظرتها، لوم، عتاب، وخيبة أمل، نظرت إليه بنوع من الضيق وهي تقول بصوت يملؤه العتاب:
تخيل… دي أول مرة أشوف فيها فستانها، وشبكتها، وكل حاجة… حتى العريس!
ثم قلبت وجهها بضجر، امتزج الحزن بالتعجب في ملامحها، وعيناها لمعتا بالدموع، أضافت بصوت مختنق:
مستحيل كنت أتخيل ييجي يوم زي ده ومشاركش أختي الوحيدة اللحظات دي.
تنهدت بعمق قبل أن تختم حديثها بصوت خافت، كأن الكلمات تخرج من قلبها المثقل: أنا هاروح أنام.
حاولت التحرك، لكن يد سليم أمسكت بذراعها، سحبها نحوه قائلاً بضيق:
بلاش التلميحات السخيفة دي، ده لا طبعك ولا أسلوبك، وأظن إننا اتكلمنا في الموضوع ده بما فيه الكفاية، لدرجة إنك روحتي ونمتي في أوضة تانية وقفلتي الباب عليكي.

سحبت ماسة يدها من قبضته، نظرت إليه بحزم وعيناها تشعان بالألم:
صح، بس أنا مش مقتنعة، ولا هاقتنع، إللي عملته كان عشان حبي ليك وبس، لكن بصراحة، أنا مش قادرة أسامحك، لإنك حرمتني أعيش وأشارك أختي الوحيدة أسعد لحظات حياتها. وخلتها تحس إنها وحيدة، ما لاقتش حد يبقى جنبها.
سليم ببرود يخفي خلفه انزعاجه: لو بتحبك، هتتفهم الوضع.
تنهدت ماسة بإمتعاض، وقلبت وجهها بعدم اقتناع، وكأنها ملت من قناعاته التي لا تتغير، ثم قالت: طيب… هنام. تصبح على خير.
زفر سليم بضيق: هو إحنا هنفضل في النكد ده كتير؟
نظرت إليه ماسة بحزن: هو مش من حقي أعبر عن حزني؟
سليم بحدّة: عبّري زي ما تحبي، بس بلاش تحسسيني بالذنب أو تأنبيني بالكلام، إحنا سبق واتكلمنا، وشرحت لك السبب. ولولا الوضع ده، كان مستحيل أمنعك.
تنهّدت ماسة بتعب، استسلمت لنبرته الجامدة وقالت بهدوء: حاضر.. ممكن أنام بقى؟
نظر إليها سليم بضيق دون أن يرد، ثم خرج من الغرفة بغضب، أغلق الباب خلفه بعنف خفيف، وكأنه يحاول السيطرة على غضبه.
فور خروجه، تمددت ماسة على الفراش، أغمضت عينيها محاولة تهدئة أنفاسها المتلاحقة، لكن شيئًا ثقيلًا كان جاثمًا على قلبها. جلست ببطء، وضعت كفها على فمها وهي تشهق بصمت، دموعها انسابت دون صوت، وكأنها تبكي وحدتها… وحزنها… وحبها الذي صار قيدًا على قلبها.
على جانب آخر…
كان سليم يجلس على الأرجوحة في الحديقة، يدخن سيجارة ببطء، بينما تتأرجح الأرجوحة تحت ثقل جسده بحركة خفيفة، متناغمة مع أنفاسه العميقة والغاضبة. الهواء الليلي البارد لم يكن كافيًا لإخماد نيران التوتر التي تتأجج داخله، فكل ما دار بينه وبين ماسة لا يزال يرن في رأسه.
زفر بضيق، أخرج هاتفه من جيبه، ثم ضغط على رقم محفوظ لديه، وما إن جاءه الرد من الطرف الآخر حتى تحدث بالإيطالية بصوت منخفض لكنه حاد:
ألو… ماركو، كيف حالك؟
جاءه الرد من الطرف الآخر بصوت هادئ: بخير، وأنت؟
سليم تنهدت باقضتاب: بخير… تقريبًا.

صمت للحظة، ثم اكمل بحزم: أحتاج مساعدتك. أريدك أن تساعدني في الوصول إلى مدبّر الحادثة اريدك أن تبحث خلف اريك وتيمو.
ماركو بتردد: سليم… مرّت سنوات على هذا الأمر، لقد جلسنا على الطاولة وتعهدوا أنهم لم يقوموا بالانتقام.
سليم بإصرار، وصوته يصبح أكثر حدة: “أعلم ذلك، لكني أريد إعادة البحث. ربما كانوا هم من فعلوها، وربما لم أبحث في المكان الصحيح.
ساد الصمت للحظات على الطرف الآخر، قبل أن يجيب ماركو باستسلام: حسنًا، سأبدأ بجمع المعلومات.
أنهى المكالمة دون أن ينتظر رد ماركو، ثم أنزل الهاتف ببطء وهو يتأمل الدخان المتصاعد من سيجارته. عيناه كانتا تلمعان بتصميم قاتم، لم يكن يريد سوى شيء واحد… أن يصل إلى من دبّر الحادثة. أن ينهي هذا الأمر العالق، ويغلق هذا الفصل القاتم من حياته.
كل ما يريده… هو أن يستعيد هدوءه، أن يعود إلى ماسة بلا أشباح تطاردهما في كل زاوية. لكن السؤال الذي يطارده دائمًا… هل سيصل للحقيقة حقًا؟ أم أن هذه اللعبة لم تنتهِ بعد؟
في فيلا عائلة ماسة الثانية عشر صباحاً.
توقفت سلوى أمام المرآة، تمسح بقايا مكياجها بحركات بطيئة، وكأنها تمحو أثر يوم طويل. بدّلت ملابسها لشيء أكثر راحة، ثم تقدمت نحو النافذة، سحبت الستائر قليلًا قبل أن تخطو إلى الشرفة. استنشقت الهواء العليل، تبحث عن لحظة صفاء وسط ضجيج أفكارها.
لكن أنفاسها تعلقت في حلقها وتجمدت عينيها، عندما وقع بصرها علي مكي واقفًا على التلة، تمامًا كما كان يفعل دائمًا… المكان الذي شهد أول دقات لقلبيهما. عيناه متسمرة عليها، ثابتة، لا تخشى المواجهة نظراته كانت مزيجًا من التحدي والحب، بينما نظرتها المرتبكة فضحت صراعًا داخليًا بين الحنين والهروب.
دام الصمت بينهما للحظات طويلة، كأن الزمن قرر التوقف احترامًا لما كان. ثم دون كلمة، تحرك مكي، استدار نحو سيارته، صعد إليها، وانطلق مبتعدًا، تاركًا خلفه صمتًا أثقل من الكلام.
لم تفارق سلوى مكانها ظلت في مكانها، تراقب أضواء السيارة وهي تختفي في الظلام. في عينيها حزن خافت، لكن لم تستسلم له. أغمضت عينيها لوهلة، وتذكرت شيئاً
-الليفينج روم
-كانت تجلس سلوى تشاهد التلفاز بمفردها بعد قليل دخل سليم عليها الغرفة.

سليم بابتسامة: مساء الخير.
رفعت سلوى عينيها نحوه: مساء النور.
جلس سليم على مقعد بجوارها تساءل وهو ينظر من حوله: فين الناس؟.
سلوى: عمار ويوسف خرجوا وماما وبابا نامو، وماسة بتعملنا شاي.
سليم: تمام ..عامل ايه كويسة؟
سلوى: تمام.
سليم بتهذب: هو انا ممكن اقتحم خصوصيتك وأسألك إنتي ليه مش عايزه تدي فرصة لمكي؟
سلوى بترقب: إنت عرفت؟
سليم: عارف من زمان.
سلوى بفضول: وانت ايه رأيك.
سليم: المهم رأيك.
سلوى عدلت جلستها تسألت: لا، محتاجة أسمع رأيك من راجل حب واتحدى العالم كلة عشان يفوز بحبه ده، بس خليك منصف مش عشان صاحبك.
تبسم سليم قال بعقلانية وأخوة: بصي يا سلوى أنا كنت معارض مكي لما أخد القرار ده، ومازلت شايف إنه غلطان، وإنه كان لازم على الأقل يفهمك، بس خلاص غلطة ولازم نعديها، ليه ماتخديش الجانب الإيجابي إنه فاكرك وعايزك فكري فيها من الجانب ده، صدقيني مكي إنسان كويس، ولو كنت شاكك في حبه وصدقه كنت بعدته عنك.
نظرت له سلوي لوهلة بصمت موجع قالت بعقلانية وتوضيح: بص يا سليم أنا فضلت شهور موجوعة وكاتمة جوايا حتى عن أختي، لأني متأكدة لو كنت قولتلها كانت حكتلك ووقتها هتحصل مشكلة بسببي لأن ماسة مابتتحملش عليا النسمة، ففضلت السكوت، انا فضلت سنين بفكر في سؤال واحد هو أنا للدرجة دى ماستحقش أتحب! أمال هو كان ايه؟ طب قرب مني ليه؟ ومشي ليه؟
بدأت الدموع تتغلغل بعيونها بوجع وضعف اكملت:

حسيت نفسي قليلة أوي يا سليم كأني لعبة واحد لعب بيها شوية ولما زهق رماها ومشي، كل الأحلام و الخيال اللي عشته اتهد وبقى سراب هو أخد قرار وهو مقتنع بيه خلاص بقى عايز مني إيه؟؟
سليم بعقلانية: بصي يا سلوى انتي غاليةعندي بس إنتي كمان غلطتي، هتسمعي كلامي كأخ وبصراحة والا أزوق.
سلوى: لا بصراحة.
سليم بعقلانية: انتي غلطتي لما عشمتي نفسك وحلمتي بحاجة مش موجودة، عشان بس واحد قالك كلمة حلوة ولا جابلك هدية؟ إنتي ماينفعش تحلمي وتتعشمي وتبني آمال مع واحد معملش عشانك أي خطوة جدية ولا صرح باي حاجة، صدقيني الغلط من عندك لأنه مقالش، حتى لو قالك بحبك وحلف على القرآن إنه بيحبك مينفعش تتعشمي، مابالك بقى إنه أصلاً ماقلش، إنتي بقى تروحي تحلمي وتتمني! ده غلط، لازم تتعلمي وتتعودي إن الكلام ده مش بس مقتصر على علاقة الارتباط، لا،وكل حاجة، بس نصيحة مني، العلاقة الوحيدة اللي تدي فيها ربع اللى بتاخديه هي علاقتك براجل، طول مافيش حاجة رسمي،لأن الرجل لما بيحب بجد أول حاجة بيفكر فيها إن العلاقة تكون جدية وقصاد كل النااس.
سلوى: معنى كدة صاحبك كان بيلعب بيا
سليم بنفي: لا طبعاً هو كان في البداية معجب مش مكنتش هو عايز ايه، ولما عرف وتأكد من حقيقة مشاعره، حب إنك تختاري بنضج زي ما قالك،
أثناء حديثهما دخلت ماسة وهي تحمل صينية عليها أكواب من الشاي
ماسة بمزاح: ايه بتنمو على مين وضعت الصينية وجلست بجانب سلوى
سليم: بحاول أقنعها تدي فرصة للراجل الغلبان.
ماسة: بضجر: الصراحة انتي مأفورة أوي. في ايه يا سلوى لكل ده!!هو ولا عشمك ولا قالك حاجة أصلاً مكنتش عروسة وكام كوبايه عصير قصب ومانجة.
سليم بلطف؛ بالراحة يا ماسة سلوى واضح إنها انسانة حساسه أوي ومرهفة المشاعر.
ماسة بضجر؛ مشاعر ايه يابني والله حوارهم مكملش ٣ شهور.
سلوى بدافع: يا سلام طب لو كان سليم عملها معاكي كنتي هتعملي ايه هتسامحيه.
ماسة بعقلانية: أنا عمري ماعشمت نفسي بسليم، برغم اني عشت معاه حاجات أكتر ألف مرة من اللي عشتيها مع مكي، كان أقصى طموحي إنه ياخدني معاه مصر أشتغل عنده او لو اتجوز، غلط أعشم نفسي بحاجة هو مقالهاش عشان بس عمل كام حاجة حلوة.

سليم: لسه كنت بقولها كدة.
ماسة: مكي عنده حق انتي زمان كنتي فرحانة بشوية الإهتمام ونفسك تتجوزي عن حب
انتي معرفتيش مكي لسه ولا حبيته لشخصه انتي حبيتي بس اللي كان بيدلهولك بس لو دورتي جواكي هتلاقي نفسك متعرفهوش.
سليم: دى حقيقة اعرفيه الأول كويس يمكن أصلاً موضوعكم ميكملش.
ماسة بعقلانية: انتي كل هدفك تتتجوزي زيي عن حب وبس، وانا للأسف كنت صغيرة معرفتش أنصحك وأوعيكي أنا غلطت في حقك، بس الحمدلله هو طلع راجل وبعد قبل اى حاجة على الأقل مخلكيش تحبيه وكسرلك قلبك، انتي مشكلتك إنك مفهمتيش قرب وبعد عنك ليه، وأديكي أهو فهمتي وأنا معاه مش ضده هو صح، اختاري بنضح مش بمراهقة … وصدقيني و وقتها كنتي هتختاري مراهقة هو صح، سلوي والله انتي بجد مأفورة الموضوع، تصدقي أنا هقول لمكي اصرف نظر عنها هي لسه هبلة مافيش نضوج عندها.
سلوى بضجر وتعجب: دي كرامة، ايه المفروض اول ما يرجع أقوله أهلاً وسهلا وحشتني وأفتح دراعي، ايه مصدقت مافيش غيره.
سليم يمازحها: أنا كنت بقول سلوى أذكى من ماسة وشرانية طلعتي بيضا خالص عصفورة دي ماسة شرانية عنك.
سلوى؛ دي حقيقة ماسة تبان طيبة وغلبانة بس قلبتها وحشة.
سليم بمزاح: عارف دي بتنيمني على الأرض في الشتا.
ضحكوا جميعا.
سليم بجدية: سلوى انتي مقتنعة بصالح والا لا.
نظرت لهل لوهله قالت سلوى بتأكيد كاذب: ايوه ما هو الوحيد اللي وافقت عليه لأنه محترم وأهله ناس كويسة وطموح وخلاص انا دلوقت حاسة اني كبرت سبوني أجرب.
ماسة: قرار نهائي.
سلوى نظرت أمامها بهروب: اها لو سمحت يا سليم خلى مكي يبعد عني.
سليم: حاضر.

تبادل سليم وماسة النظرات بيأس
(باااااك)
عادت سلوى من ذكرياتها، مسحت على وجهها وأخرجت نفسًا عميقًا، وكأنها تتحدى قلبها ألا يضعف مرة أخرى. فتحت عينيها وقالت بحزم وكأنها تواجههم جميعًا: انتوا غلط، وأنا اللي صح.. واللي بعمله ده مش تهور.
💞________________بقلمي_ليلةعادل
فيلا سليم وماسة الثانية صباحًا
ظل سليم جالسًا في الحديقة لساعات، يحاول تهدئة نفسه واستيعاب كل ما يحدث. لم يكن الغضب موجّهًا نحو ماسة، بل كان على كل شيء يمرّون به. يعلم أنها تتحمل كثيرًا من أجله، وأنه مهما حاول، يظل سببًا فيما يحدث.
بعد أن هدأ قليلًا، نهض متجهًا إلى غرفته. ما إن فتح الباب حتى وجد ماسة نائمة، ملامحها الهادئة تحمل أثار التعب والضيق. اقترب منها، تأملها بنظرة عتاب ممزوجة بحب خالص. لم يكن حزينا منها، بل حزينا عليها. تنهد بهدوء، سحب الغطاء ليغطيها جيدًا، ثم طبع قبلة دافئة على خدها. حاول النهوض، لكن يدها امتدت إليه، أمسكت بيده وكأنها تستشعر وجوده حتى في نومها.
فتحت عينيها ببطء، نظرت إليه بنظرة حملت كل شيء… الحب، الحزن، والعتاب الصامت. لم يحتمل سليم تلك النظرة، فابتسم قليلًا وهو يمسح على يدها بحنان. نهضت ماسة ببطء، ولم تفكر، فقط اندفعت إلى حضنه. كانت تحتاجه، وتعلم أنه يحتاجها، مهما حدث. دفنت رأسها في كتفه، وشعرت به يضمها بقوة، وكأنه يحاول أن يمحي بين ذراعيه كل لحظة زعل بينهما. لحظات طويلة قضياها في هذا الاحتضان، بلا كلمات، فقط نبضاتهما التي تتحدث بدلًا عنهما.
همس سليم أخيرًا وهو يمرر يده على شعرها: مش عايزك تزعلي مني
رفعت ماسة رأسها لتنظر إليه: وأنا كمان مش عايزاك تزعل مني… أنا آسفة.
هزّ سليم رأسه نافيًا وهو يمسك وجهها بين يديه: ما تتأسفيش، أنا فهمك…ومقدّر. بس اصبري عليا شوية.
تنهدت ماسة بخفوت، ثم همست: حاضر…
قبل أن تشده من يده ليقترب أكثر. تعالى نام وارتاح شوية… هتروح بكرة المجموعة؟

ابتسم سليم وهو يمسح على شعرها: هقعد معاكي… ياسين وهبة جايين يقضوا معانا اليوم.
اتسعت ابتسامتها بحماس: بجد؟ وحشتني أوي!
ثم دفعته برفق: طب قوم غير هدومك.
ضحك بخفوت ونهض عن الفراش، بينما ماسة، ظلت تراقبه وهو يبدل ملابسه، وسعادتها تملأ عينيها. دقائق قليلة حتى عاد ليجلس على الفراش مجددًا، فتح ذراعيه فاقتربت منه، استلقت بجواره، أسندت رأسها على صدره، بينما هو وضع يده على شعرها، يسند رأسه على رأسها برفق.
همست ماسة بعد لحظات: شكل صالح ده محترم، وأهله كمان… كنت خايفة مكي يعمل حاجة.
ضحك سليم بسخرية: مكي عاقل، هو كان بيوجه رسالة لسلوى، إنه مهما حاولت تهرب، هو موجود.
تنهدت ماسة بخفوت: على قد ما أنا متضايقة، بس على قد ما أنا فرحانة إن أختي في حد بيحبها كده، وإنها هاتعيش قصة حب حلوة، مع حد يحبها قوي…
صمتت قليلًا قبل أن تضيف بتردد: عارف؟ ممكن تقول عليا مجنونة، بس أنا حاسة إن سلوى ومكي هيبقوا مع بعض في الآخر.
هزّ سليم رأسه بثقة: أنا بقى متأكد، عشان عارف صاحبي كويس.
قهقهت ماسة بخفوت وهي ترفع رأسها لتنظر له: طبعًا! انت ومكي مجانين… وحياة ربنا بحس إن إنت ومكي فولة واتقسمت نصين بس هو أهدى وأعقل.
سليم بمزاح: طبعاً مين يشهد له غيرك ما هو عاجبك اللي عمله.
ماسة: طبعاً خليك إنت في صف سلوى وانا هبقى في صف الراجل الغلبان ده.
ضحكا معا، ثم مرر سليم يده على شعرها بحنان، يشعر بكل شيء بداخلها، يتفهمها رغم كل شيء، ويعلم أنه مهما حدث، ستظل دائمًا في حضنه، المكان الوحيد الذي تنتمي إليه.
💞_______________بقلمي_ليلة عادل ⁦(⁠ʘ⁠ᴗ⁠ʘ⁠✿⁠)⁩
_في مدينة الإسكندرية…
سافر مكي إلى الإسكندرية في نفس الليلة، هاربًا من زخم مشاعره، محاولًا أن يجد في البحر ملاذًا يخفف عنه عذابات قلبه. أغلق هاتفه، قرر أن يعزل نفسه عن كل شيء، آملاً أن يمنحه البعد قليلًا من السلام، أن يجد في أمواج البحر إجابة تداوي أنين قلبه الموجوع.

لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أن الهروب لن يغير شيئًا… فذكرياته مع سلوى كانت حاضرة في كل لحظة، تطارده في صمت الليل، وترافقه في صدى الأمواج التي تضرب الشاطئ برفق.
جلس على الرمال، ممددًا ساقيه، يراقب الأمواج المتلاطمة وكأنها مرآة تعكس اضطرابه. استند برأسه إلى راحتي يديه وأغمض عينيه، مستسلمًا لصوت البحر، متمنيًا لو يحمل إليه جوابًا واحدًا… هل يستطيع العودة إليها؟ هل لا تزال تفكر به كما يفكر بها؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامة مريرة وهو يتذكر صوتها، ضحكتها، وحتى كلماتها الأخيرة التي غرست في قلبه جرحًا لم يلتئم بعد. سأل نفسه بصوت خافت، بالكاد يسمعه هو ذاته:
“هل ما زالت تفكر بي؟ هل يمكن أن تسامحني؟ هل ما فعلته صحيحاً؟! ”
شعر بحاجة ملحّة إلى إخراج كل ما يثقل صدره، إلى أن يقول لها كل شيء، لكنه كان يدرك أنها لن تستمع إليه الآن. لذا، قرر أن يكتب لها رسالة، رسالة لن يرسلها، لكنه أراد أن يسطر كلماته على الورق، كأنها طريقة يواجه بها حزنه.
أخرج دفترًا صغيرًا من حقيبته، وتحت ضوء القمر بدأ يخط كلمات من قلبه، كلمات لم يكن قادرًا على قولها بصوت مسموع بشجن:
سلوى… منذ رحيلك وأنا أبحث عنك في كل شيء، في ملامح الغرباء، في ضوء القمر، وفي صوت الأمواج. أحتاجك كما يحتاج الظمآن قطرة ماء، وكما يحتاج الليل نجمًا يهديه. أخطأت في حقك، لكن قلبي لم يخطئ في حبك. هل ستمنحيني فرصة أخرى؟
توقفت يده عن الكتابة عندما امتلأت عيناه بالدموع، فتنهد بعمق، وكأن هذا النفس الطويل محاولة لطرد الألم بعيدًا عنه. أغلق الدفتر ببطء، حدق في البحر طويلًا قبل أن ينهض، يدفن قدميه في الرمال الرطبة وهو يسير بمحاذاة الشاطئ.
كان مترددًا… بين العودة إليها والقتال من أجلها، أو ترك الأمور للقدر، لكن فكرة واحدة ظلت تؤرقه:
ربما كانت تنتظر مني خطوة… وربما فات الأوان.
ـ القاهرة
في أحد المطاعم الكبرى
في مطعم هادئ، الرابعة مساءً

يجلس صالح وسلوى على إحدى الطاولات وسط أجواء دافئة وصوت موسيقى خافتة في الخلفية. كانت سلوى تجلس على طرف الطاولة، تشبك أصابعها ببعضها، بينما كان صالح ينظر إليها بابتسامة هادئة، يحاول كسر الجمود بينهما.
صالح بابتسامة مشجعة: “كيد إحنا هنتعود على بعض مع الوقت، مش كده؟
سلوى تبتسم بتردد، تخفض رأسها قليلًا وهي تقول: إن شاء الله… بس لسة بحس إني مش متعودة على فكرة إننا بقينا مخطوبين. يعني، كل حاجة لسة جديدة.
ضحك صالح بخفة، محاولًا أن يجعلها تشعر براحة أكبر: أنا عارف، وده طبيعي. إحنا هنا علشان نعرف بعض أكتر، مش لازم نقلق من الحاجات دي.
لاحظ ترددها فقرر تغيير الموضوع بلطف: طب قوليلي، إيه أكتر الألوان اللي بتحبيها؟
رفعت سلوى عينيها إليه للحظة قبل أن تجيب: بحب الألوان الهادية، زي الأزرق السماوي والبيج… وكمان درجات الأخضر الفاتح.
صالح وهو يهز رأسه بتفهم: أمم، واضح إنك بتحبي الألوان اللي تدي إحساس بالراحة. وطب بالنسبة للأكل؟ إيه أكتر أكلات بتحبيها؟
ابتسمت سلوى قليلاً: بحب الأكلات الشرقية، خصوصًا المحشي والملوخية… وكمان بحب الأكلات الإيطالية زي الباستا.
ضحك صالح: محشي وملوخية؟ يبقى أكيد في البيت عندكم الأكل كله بيبقى تحفة!
سلوى امم: طبعاً انت ناسي ان احنا اصلا من الأرياف وكنا بنخدم في قصر منصور قريب سليم.
صالح باهتمام: لا منستش، طب إنتِ ناوية تدخلي كلية إيه؟
سلوى بثقة: حقوق.
رفع صالح حاجبيه بدهشة طفيفة: حقوق؟ ما توقعتش… ليه اخترتيها؟
نظرت إليه سلوى بحماس: لأني عايزة أدافع عن المظلومين والمقهورين. بحس إن العدل حاجة مقدسة، وعايزة أكون صوت للناس اللي حقهم ضايع.
ابتسم صالح بإعجاب وهو يومئ برأسه: فكرة عظيمة بصراحة… عندك هدف واضح، وده شيء مش عند كل الناس.
مال للأمام قليلًا وقال بلطف: بصي، كلميني شوية عن نفسك… إحنا ما عرفناش نتكلم مع بعض خالص قبل كده، وعايز أعرف عنك أكتر. يعني ارتبطتي قبل كده.
نظرت إليه سلوى للحظة، ثم أخذت نفسًا عميقًا وقالت بصوت هادئ: لا، في ناس جت اتقدمت بس ماكانش بيحصل نصيب.
نظر صالح إليها من أعلى لأسفل بتعجب: عايزه تفهميني إن أنا أول واحد في حياتك؟

رفعت سلوى رأسها بسرعة، قالت بثبات: كان في مشروع ارتباط بس الموضوع ما كملش. ثم رفعت حاجبها وسألته: وأنت؟
صالح: ارتبطت مرتين، مرة وأنا في الجامعة، ومرة في الشغل، بس برضه الموضوع ما كملش.
ساد بينهما لحظة صمت قصيرة، قبل أن يبتسم صالح محاولًا تخفيف الأجواء: يعني تقريبًا إحنا متعادلين.
ابتسمت سلوى بخفة، وبدأ التوتر يتلاشى تدريجيًا، وكأن الحديث بينهما أصبح أكثر راحة، والحواجز التي كانت تفصل بينهما بدأت تذوب ببطء.
💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
مجموعة الراوي الواحدة مساءً
مكتب صافيناز
صافيناز جالسة خلف مكتبها، بينما عماد يجلس أمامها ويتبادلان الأحاديث كان يبدو على ملامح صافيناز عدم التصديق والاستغراب.
عماد: أنا مسافر عشان أخلص شغل لبابا، لازم أكون هناك في أسرع وقت، هسافر النهارده وهاجي كمان يومين.
أخذت صافيناز تنقر بأصابعها على سطح المكتب ببطء، نظرتها تحمل شكًا خفيًا: بقيت تسافر كتير أوي، الفترة دي! مش كده؟
عماد بابتسامة هادئة: لا، ما إنتِ عارفة إن أنا إللي بخلص شغل بابا وبابا عنده مشروع هناك.
حدقت صافيناز به لثوانٍ، ثم مالت بجسدها للأمام قليلًا، قبل أن تستقيم وترد بهدوء مخفي خلفه الريبة: ماشي تروح وتيجي بالسلامة، هتتاخر؟!
عماد: بس يومين.
نهض من مقعده، عدل ياقة قميصه ونظر إليها:
لازم أتحرك دلوقتي، عندي تحضيرات قبل ما أطلع على المطار.
حركت رأسها بإيجاب دون أن تنطق، راقبته وهو يخرج من المكتب، ظلت صامتة للحظات، ثم رفعت هاتفها واتصلت بشخص ما.
صافيناز بصوت حازم: عايزاك تراقب لي عماد حالًا… هو خارج دلوقتي من المجموعة، تكون وراه خطوة بخطوة، أوعى يحس بيك، هيطلع على المطار تطلع وراه وتسافر وراه دبي، ازاي ماعرفش، فاهم!!
أنهت المكالمة، ثم اتصلت برقم آخر، انتظرت ثواني حتى يجيب الطرف الآخر.

إسماعيل باستغراب: ألو؟ صافي؟! أهلا، في حاجة؟
صافيناز بهدوء لكن بحزم: لا، مافيش حاجة… بس عايزة منك طلب.
إسماعيل: قولي.
صافيناز: عايزاك تجيب لي كل مكالمات عماد في الفترة الأخيرة.
إسماعيل متعجباً: في حاجة؟
صافيناز بصوت قاطع: مافيش حاجة، اسمع الكلام ونفذ من غير أسئلة… الكلام ده بيني وبينك بس.
أنهت المكالمة،أسندت ظهرها إلى الكرسي وأغمضت عينيها للحظة،ثم فتحتها بنظرة جامدة
صافيناز بهمس لنفسها: لو اللي في دماغي صح ياعماد هحرقك
خارج المجموعة
عماد يخرج من المجموعة، لا ينتبه في البداية أن هناك سيارة تراقبه. يقود سيارته بتلقائية ويتوجه إلى سوبر ماركت صغير، يدخل ليشتري بعض الأشياء، ثم خرج وتوجه إلى بيت عائلته. بعد دقائق، عاد لسيارته، وعندما نظر في المرآة، لاحظ شيئًا غريبًا.
حرك نظراته سريعًا، ليرى السيارة التي كانت خلفه في المجموعة لا تزال قريبة. حاول تجاهل الأمر، لكن عندما بدأ في القيادة من جديد، لاحظ أن السيارة تم استبدالها بأخرى، لكنه متأكد أن هناك من يراقبه.
بدأ التصرف بحذر، غير طريقه أكثر من مرة، ثم عاد إلى القصر ليأخذ بعض الملابس، ثم خرج مجددًا. بعد دقائق، أدرك أن المراقبة مستمرة، فقرر التصرف بحذر أكبر. دخل إلى المطار، قطع التذكرة، ثم جلس في أحد المقاهي وطلب قهوة.
أمسك بهاتفه واتصل بسارة.
عماد: إيه يا سارة، بقول لك إيه، أنا مش هعرف أجي لك، صافي بتراقبني.
سارة بقلق: طب وهتعمل إيه؟
عماد تبسم بخبث: هقول لك هعمل إيه…

💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
– فيلا سليم وماسة – الخامسه مساءً
نرى سليم وماسة في الهول يرحبان بياسين وهبة بحفاوة واضحة، تعلو وجوههم الابتسامات.
سليم وهو يصافح هبة بابتسامة دافئة: إزيك يا هبة؟ عاملة إيه؟
هبة بفرحة: أنا الحمد لله، إنت إللي عامل إيه؟ طمني عليك؟
سليم ببساطة: الحمد لله تمام.
ياسين بابتسامة وهو ينظر لماسة: إزيك يا ماسة؟ أخبارك إيه؟
ماسة بحماس: الحمد لله يا ياسين، إنت أخبارك إيه؟
ياسين: كله تمام.
تقترب ماسة من هبة سريعًا وتعانقها بشوق، تضمها بقوة قائلة بصوت دافئ: وحشتيني وحشتيني أوي، طمنيني عليكي.
هبة وهي تضمها بنفس الشوق: وإنتي كمان والله وحشتيني أوي، عامله إيه؟!
ماسة بسعادة: الحمد لله يا حبيبتي.
وضعت يديها على بطنها بحنان وهي تسأل بفضول: القمر بتاعنا عامل إيه؟ ما شاء الله، الله أكبر، بقيتي في الشهر الكام؟
هبة: في الثامن، بس والله تعبانة يا ماسة.
ماسة بحنان: يا ما شاء الله، ربنا يقومك بالسلامة، معلش هو من آخر السابع بتحسي إن نفسك تقل وجسمك كمان.
دقق سليم النظر إلى بطنها وقال باستغراب: إنتي حامل؟
هبة بتعجب: إيه ده، إنت ماتعرفش؟
هز سليم رأسه بلا، بينما ماسة أوضحت بابتسامة خفيفة: أصل هبة كانت حامل لما إنت كنت في بداية الغيبوبة، كانت تقريبًا في الثالث، وطبعًا مر وقت.
تبسم سليم: ربنا يقومك بالسلامة، خد بالك منها، ما تزعلهاش، لو زعلك تعالي قولي لي وأنا هاعرف إزاي أجيب لك حقك.

ياسين بمزاح: أنا إللي ما أزعلهاش؟ قولها هي ماتزعلنيش، دي مفترية.
هبة بضحكة: براحتي
سليم وهو يومئ بموافقة: طبعًا براحِتك.
هبة بسعادة: أيوة كده، ربنا يخليك ليا يا سليم، أخويا الكبير فاقلك وهياخد حقي منك.
ماسة وهي تشير إلى المقاعد: هتفضلوا واقفين؟ تفضلوا اقعدوا.
جلس الجميع على المقاعد، والحديث مستمر وسط جو من الألفة.
هبة بحماس وصدق: والله العظيم أنا كنت عايزة أجيلك من بدري، بس عرفت إنك رافض أي زيارة.
سليم بابتسامة هادئة وكأنه يريد إنهاء الحديث عن تلك الفترة: سيبكِ من الموضوع ده، قوليلي.. بنت ولا ولد؟
هبة تضع يدها على بطنها بسعادة: بنوتة..
أكملت بتلقائية .. عقبالكم بقى يا سليم، اتجدعنوا وهاتوا نونو بسرعة، عشان يلعب مع بنتي اللي مش عارفة أختار لها اسم.
سليم ينظر لها بابتسامة تحمل بين طياتها الكثير من الأسى، يحاول إخفاءها، لكن عينيه تفضحان وجعه العميق. لوهلة، شرد وكأن ذكرى مؤلمة سحبت قلبه بعيدًا. فقد أصبح حلم الإنجاب صعبًا بعد تلك الحادثة، وهذا يؤلمه بشدة.
ماسة التي اعتادت قراءة ملامح وجهه، تبتسم بلطف، لكنها تخفي ببراعة نفس الوجع في قلبها. بطرف عينها، تتفحصه محاولة استشفاف مدى تأثره بتلك الكلمات. وبهدوء، امتدت يدها لتقبض على كفه، تضغط عليه برقة كرسالة دعم صامتة. سليم شعر بلمستها، فبادلها الابتسامة رغم الألم، وكأنه يخبرها أنا بخير” بينما هو أبعد ما يكون عن ذلك.
ياسين يرمق هبة بنظرة تحمل معنى: إيه إللي قولتيه ده؟!
لكنها ترد عليه بنظرة سريعة: تعني ماكنتش أقصد..
كل ذلك يحدث في جزء من الثانية، قبل أن يسارع ياسين إلى تغيير الموضوع لإنقاذ الموقف.
ياسين بسرعة وهو يحاول لمّ الموضوع: إيه يا سليم.. هترجعوا القصر ولا؟

سليم يعدل جلسته ويجيب باقتضاب: آها، هنرجع كمان يومين، يكون الجناح جهز.
هبة بفرحة: أحسن، أنا حاسة إني لوحدي، والدكتور مانعني من الحركة.
ماسة بفضول: هتولدي قيصري؟
هبة تبتسم بخبث: اممم.. بقولك إيه، تعالي نقعد سوا ونسيبهم.
ماسة تتوقف لثانية قبل أن تبتسم وتتحرك مع هبة: يلا.. تشرب إيه يا ياسين؟
ياسين بمزاح؛ لا، أنا جاي على غدا، (يضحك) بس قهوة.
ماسة تهز رأسها بعناد خفيف: لا، عصير لحد ما الغدا يجهز. ها أبلغ ماري.
تتحرك هبة وماسة إلى الحديقة بعد أن طلبت ماسة من الخادمة العصائر. سليم وياسين يبقيان وحدهما، والأجواء تصبح أكثر جدية.
توجها الى الحديقة
جلسا ماسة وهبة على مقاعد، والحديث بينهما يدور في سياق مختلف.
الهول – داخل الفيلا
ياسين يخفض صوته قليلًا وهو يتحدث بجدية: وصلت لحاجة؟
سليم بضيق، يهز رأسه بلا وهو يعود بظهره إلى الأريكة بيأس: صفر.
ياسين يشد على قبضة يده بغيظ: أنا هتجنن! مين ممكن يكون وراها؟ سليم، ما تحاول تفتكر.. لو كنت عملت مع حد حاجة، ممكن يكون بينتقم منك؟
سليم بإرهاق، يمرر يده في شعره وهو يزفر ببطء: أنا سايب كل الشغل اللي فيه مشاكل من زمان.
ياسين يهز رأسه في إحباط: المشكلة إننا دورنا ورا ولاد الصياد والشعراوي وعامر وسالي، وطبعًا إريك وتيمو.. لإن دول آخر ناس كنت عامل معاهم مشاكل. الباشا بنفسه دور وراهم، حتى ماركو وريمون دوروا، بس مش هما.
سليم بحيرة وقلق: أنا شاكك في إريك وتيمو، هما أكتر ناس ممكن يعملوها. كلمت ماركو يدور وراهم بس لسة ماوصلناش لحاجة. بس ليه بعد كل السنين دي يستنوا لحد ما مراتي تبقى حامل علشان ينتقموا؟

ياسين يحرك رأسه بتوتر: ماهو ده اللي هيجننا.. مين؟
سليم بصوت هادئ لكنه يحمل يقينًا: ماسة بتقول يمكن حد مش عايز ينتقم، حد عايز يخلص مني لإن وجودي مصدر خطر. لو تخلصوا مني، هيقدروا يوقعوا المجموعة، وعملوا كدة علشان نتوهم إنه انتقام.
ياسين بتفكير: ممكن.. بس لو حقيقي، ليه ماظهرش لحد دلوقتي؟ إنت فضلت أربع شهور ونص في غيبوبة، وشهرين بعد مافوقت، ماحصلش أي حاجة، بالعكس، إحنا اشتغلنا كويس جدًا.
سليم بشبه شرود: تفتكر انتقام من ربنا؟
ياسين بتعجب: انتقام من ربنا؟
سليم بعين غامقة بدموع يحاول حبسها: اممم.. لإنّي كنت السبب في قتلهم حتى لو مش بإيدي، بس كنت السبب، وإن ربنا بيعقبني علشان حياتي زمان كانت كلها قتل وحرام في حرام.
ياسين بنبرة هادئة عقلانية: بس إنت بعيد من أكتر من خمس سنين، وعملت عمرة وتوبت. حتى الباشا بقى يشتغل قليل جدًا، كل فين وفين لو باع مقبرة، وهو مركز أكتر في الدهب والألماظ، وإنت ما تفكرش في كدة، ربنا غفور، وإنت توبت من سنين. ده مش عقاب من ربنا، أنا متأكد.
سليم يمسح عينيه بأصابعه بتعب: أمال؟
ياسين بعقلانية: ريّح دماغك دلوقتي وركز في علاجك الطبيعي، ده أهم. ها، أخبار الرعشة إيه؟
سليم: راحت، بس لو مسكت حاجة لفترة بترعش شوية، الدكتور قال لي مسألة وقت. بقولك، أنا عايز أقعد مع الظابط اللي ماسك القضية.
ياسين متعجبا: ليه؟
سليم: يمكن يقول أي معلومة.
ياسين: تمام.
ربت على قدمه وهو يقول بابتسامة خفيفة: روّق كدة.
الحديقة.

هبة بقلق: طمنيني عليكي يا ماسة، إنتي كويسة؟
ماسة بابتسامة هادئة: آه يا حبيبتي، أنا كويسة.
هبة وهي تدقق النظر إليها: حاسة فيكي حاجة، قولي.. إحنا مش أصحاب؟
ماسة بنبرة صادقة: طبعًا إنتِ صاحبتي الوحيدة يا هبة، ربنا يعلم معزتك عندي. مافيش، سليم بس أصدر قرارات جديدة بمنعي من الخروج برة الفيلا حتى لما نرجع القصر. تخيّلي، حتى رفض إني أكون مع أختي وهي بتحضر لخطوبتها.
هبة مستنكرة: وإيه أسبابه؟
ماسة: خايف عليّا.
هبة بحزم: سليم لازم يروح لثربيست، ماينفعش تسيبوه كدة، من زمان وأنا قايلة لكِ الموضوع ده.
ماسة بتنهد: عارفة، بس مستنية شوية. سليم بقى حساس أوي الفترة دي، الكلمة بحساب.
هبة بابتسامة داعمة: إن شاء الله هيكون كويس، إنتوا الاتنين محتاجين لبعض، إنتوا أكبر دعم لبعض الفترة دي.
ماسة بتنهد وهي تحاول إخفاء قلقها: والله بحاول أستوعبه. المهم، إنتِ كويسة؟ الدنيا معاكي تمام في القصر؟
هبة: اممم.. يعني، إنتِ بقى ارجعي، علشان بجد زهقت من غيرك.
ماسة بابتسامة: هو سليم قال لي كلها يومين وهنرجع، ما تقلقيش. صالحتي سلوى؟
هبة وهي تفكر: أنا هاروح لها لحد عندها مخصوص وأصالحها. ليها حق تزعل، بس والله العظيم يومها جاني مغص، ما قدرتش أنزل بعد ملبست وياسين قعد معايا.
ماسة، حصل خير، سلوى قلبها أبيض.
وقضى وقتا ممتعاً مع بعضهما تبادلون الاحاديث اللطيفه في جو اخوي حميم
♥️_________بقلمي_ليلةعادل ___________ ♥️
مطار القاهرة الدولي الخامسة مساءً
من اللحظة التي دخل فيها عماد المطار، كانت كل خطوة محسوبة بدقة. تحدث في الهاتف، أعطى آخر التعليمات لموظفيه، ثم صعد إلى الطائرة بهدوء، كأنها مجرد رحلة عمل أخرى لإنهاء مشاريع والده. عند وصوله إلى دبي، خرج من المطار بثقة، قابل رجال أعمال، زار مشاريع والده كما هو متوقع، لم يفعل شيئًا مشبوهًا، لم يترك أي أثر يمكن أن يثير الشك. حتى في السهرات التي حضرها، كان مجرد رجل أعمال يقضي وقتًا طبيعيًا.

لكنه لم يكن في دبي من أجل العمل فقط، بل من أجل سارة كما نعلم.فهو اختار دبي بعناية لأنها المكان الذي يمكنه رؤيتها بحرية تامة دون إثارة أي ريبة فوجود استثمارات زيدان هناك جعله يسافر إليها باستمرار، وإذا سأل أحد عن السبب، فالإجابة ستكون واضحة: إنه يسافر من أجل العمل. عماد كان ذكيًا، وكل خطوة يخطوها كانت محسوبة بدقة.
((بعد يوم))
نرى المراقب يتابع كل تحركات عماد عن كثب، ثم التقط صورًا وأرسل تقاريره إلى صافيناز التي كانت تجلس في غرفتها في القصر يبدو عليها التوتر، فهي لن تقتنع بسهولة.
صافيناز سألت بشك واضح: يعني مافيش أي حاجة؟ ما بيقابلش ستات؟ أي حاجة غريبة؟
أجابها المراقب الذي كان يتوقف عن بعد وهو يرى عماد يجلس بمفرده في كافيه يحتسي فنجان من القهوة يقول: لا يا هانم، كل حاجة تمام، عماد بيه في الفندق، في الاجتماعات، في أماكن الشغل، بيرجع للفندق، ممكن يسهر شوية، لكن مفيش حاجة غريبة
نظرت صافيناز إلى الصور التي أرسلها المراقب، كانت متتابعة وواضحة،عماد في الاجتماعات، في الفندق، في أماكن العمل، كل شيء بدا طبيعيًا تمامًا.
حاولت طرد الشكوك من رأسها لكنها لم تستطع التخلص من الإحساس بأن هناك شيئًا خفيًا
صافيناز: عموما خلي عينك عليه، فاهم.
المراقب: أمرك.
أغلقت الهاتف لكن عينيها مازالت تحمل الشك.
♥️_________بقلمي_ليلةعادل_________ ♥️
في أحد المطاعم الكبيرة، الخامسة مساءً.
جلس سليم على الأريكة، يدخن سيجارته ويحتسي قهوته، شاردًا في أفكاره. بعد لحظات، اقترب منه الضابط حسني، المكلف بالتحقيق في قضيته.
حسني باحترام: مساء الخير يا سليم بيه.
سليم يرفع عينيه باحترام: أهلاً بحضرتك، تفضل اقعد.

جلس حسني على الأريكة المقابلة، وأشار سليم بيده للجرسون ليقترب.
سليم: هات لي فنجان قهوة زي ده. شوف الأستاذ يحب يشرب إيه؟
حسني: ممكن شاي.
تحرك الجرسون لتنفيذ الطلب، بينما اعتدل حسني في جلسته.
حسني باحترام: حمد لله على السلامة، ومبروك عودتك.
سليم بإبتسامة صغيرة: أشكرك. كنت حابب أسألك شوية أسئلة بخصوص القضية.
حسني بهدوء: قضيتك اتقفلت بسرعة، الباشا والد حضرتك أمر بإغلاقها بعد شهر.
سليم تسال بدهاء: لكن أكيد خلال الشهر ده وصلتم لأي معلومات، حتى لو بسيطة؟
حسني بأسف: للأسف، ماقدرناش نوصل لأي خيط واضح. الجماعة كانوا مخططين لكل حاجة بدقة. اختاروا مكان الحادث بعناية، مكان مافيهوش كاميرات. حتى سائق العربية النقل اللي نفذ العملية، لقيناه مقتول. أرقام العربية نفسها كانت لعربية خردة مرمية على الطريق الصحراوي. ده شغل تنظيمات كبيرة، مش مجرد شغل محلي، بس استوقفنا حاجة.
سليم: إيه هي؟
حسني: ليه اختاروا يهاجموا العربية في الأول، ما ضربوش عليك رصاص على طول؟
سليم: يمكن كانوا عايزين يظهروا الموضوع كأنه حادثة عادية. ولما خرجنا سالمين، قرروا يتبعوا خطة تانية. واضح إنهم مجهزين أكتر من سيناريو.
توقف حسني قليلاً: الغريب إن مدام ماسة ووالد حضرتك قالوا إن ده ماكانش خط سيرك الأصلي. حضرتك كنت رايح اجتماع، وفجأة غيرت وجهتك. وما حدش كان يعرف بتغييرك ده إلا الحارس الشخصي وأخوك.
سليم يفكر بعمق: بتأكيد كانوا عاملين كمين تاني على طريق الاجتماع. الاجتماع مكانه وميعاده كانوا معروفين، لإن فيه أكتر من مستثمر مصري وأجنبي كانوا هايقبلوا الوزير علشان مناقصة جديدة. مش صعب يوصلوا للمعلومات.
حسني: بالضبط. زي ما قلت لحضرتك، الموضوع أكبر من مجرد عداوة داخلية.

سليم بتأمل: طيب، مافيش أي حاجة لفتت نظرك؟ أي معلومة، حتى لو كانت بسيطة؟ ممكن كلمة واحدة تغير كل حاجة.
حسني بعقلانية: حضرتك اللي لازم تجاوب على السؤال ده يا سليم بيه. عندك عداوة مع حد، سواء قديمة أو جديدة، ممكن توصل إنه يحاول يقتلك؟
سليم يتنهد: لا مسح وجهه بخيبت أمل.
حسني بلطف: بصراحة، أنا عارف إن اللي حصل مأثر عليك جدًا، خصوصًا بعد اللي حصل للمدام والجنين. لكن خليني أقول لك نصيحة من واحد شغال في الشغلانة دي من سنين، مهما طال الوقت أو اتخفت الأدلة، هايجي يوم والحقيقة تظهر. دايمًا بيكون فيه نقطة ضعف، حد يخون أو يبيع، أو حتى غلطة صغيرة تفضح الكل مافيش جريمه كامله.
سليم بتركيز، إنت عايز تقول إن الموضوع الحادثه مش هيتحل إلا لو حد فيهم قرر يتكلم؟
حسني: بالضبط. لو كان فيه دليل واضح، كنا وصلنا له من زمان. عارف إنك مش لوحدك، معاك ناس تقيلة، ظباط محترفين، ووالدك ليه نفوذ كبير. ومع ذلك، الجماعة دول مش زي أي حد، دي منظمات كبيرة ومتمرسة. ولو كان فيه دليل مباشر، كان ظهر من زمان.
سليم بهدوء:. شكرًا، وأسف لو عطلتك.
حسني بإخلاص، مافيش تعطيل يا باشا. لو احتجت أي حاجة، أنا موجود.
نهض سليم، صافح حسني، ثم غادر المطعم وهو يفكر بعمق. الكلمات التي سمعها من حسني تركت أثرًا واضحًا عليه، لكن عينيه أظهرت إصرارًا على مواصلة البحث عن الحقيقة، مهما كان الثمن
في أحد البارات الفاخرة الواحدة صباحاً.
أضواء خافتة، موسيقى هادئة في الخلفية. رشدي جالس على البار، يلف سيجارة بين أصابعه بينما يحتسي كأسه بهدوء.يلمح فتاة جذابة، نيلي، تقترب منه بخطوات واثقة بملابس مثيرة، عيناها تحملان مزيجًا من الإغراء والتحدي.
نيللي بابتسامة مغرية: أول مرة أشوفك هنا؟
رشدي يرفع حاجبه: يمكن مش أول مرة، يمكن إنتي اللي ماخدتيش بالك.
نيللي تضحك بخفة: احتمال… بس دلوقتي أخدت بالي.

تجلس بجانبه، تتأمل الكأس في يده قبل أن ترفع نظرها إليه، تحدّق في عينيه بنظرة جريئة.
نيللي: أنا نيللي، وإنت؟
رشدي يعقد حاجبيه: متعرفيش بجد؟
نيللي تميل للأمام قليلًا: إنت من المشاهير ولا إيه؟
رشدي يضحك بسخرية: يعني… أنا رشدي الراوي.
نيللي تتسع عيناها باندهاش مصطنع: واو، ده كدة أنا بقيت في حماية جامدة.
رشدي يضحك وهو يميل برأسه للخلف قليلًا: أُمم… بالظبط.
نيللي تهمس وهي تميل عليه أكثر: بس بجد… إنت قمر أوي، أحلى من الصور وأحلى من كل إخواتك.
رشدي يبتسم بنصف فم، نظراته تبقى ثابتة عليها دون رد.
نيللي تضع يدها على يده: تحب الرقص؟
رشدي بابتسامة جانبية: بحب حاجات كتير، بس الرقص مش أوّلهم.
نيللي تميل ناحيته: طب جرّب معايا، الرقص الأول يمكن يعجبك بعدين نشوف الحاجات التانية.
ينهض رشدي ويمد يده لها. تأخذها بسلاسة، ويسيران معًا نحو ساحة الرقص. تتداخل الأضواء الملونة مع حركتهما، جسدها يقترب منه بشكل واضح، لكن ملامحه تبقى جامدة، عيناه تتابعانها دون أن تفصح عن شيء.
بعد انتهاء الرقص، يجلسان على طاولة منعزلة. فجأة تظهر زيري، تراقب المشهد بنظرة ضيقة قبل أن تقترب.
زيري بحدة خفيفة: مين دي؟
رشدي بلامبالاة وهو يرتشف كأسه: نيلي…اتعرفت عليها حالًا.
زيري تنظر له بريبة: مش هتبطل رمرمة؟
رشدي يبتسم ابتسامة ساخرة وهو يضع قبلة خفيفة على خدها: بتغيري؟ إنتي اللي في القلب.

تنظر له زيري للحظة قبل أن تستدير وتبتعد، بينما يراقبها رشدي بنظرة متأملة.
نيللي تهمس بابتسامة: حبيبتك زعلت.
رشدي يحتسي كأسه بلا مبالاة: مش حبيبتي…صاحبتي. رشدي الراوي لا يعرف الحب لقلبه طريق.
ضحكت نيللي وهي تقترب منه أكثر، تهمس عند أذنه بكلمات غير واضحة، يضحك، فينهض معها ويتجهان للخارج.
شقة نيلي/ غرفة النوم
إضاءة خافتة، صوت موسيقى منخفض. رشدي يجلس على طرف السرير عاري الصدر بينما تتحرك نيلي برشاقة وهي ترتدي قميص نوم، تسكب كأسًا جديدًا وتضع فيه قليلًا من المسحوق الأبيض، ثم تقترب منه وتقدم له الكأس.
نيللي بصوت ناعم: ده بقى مشروبي المفضل…حاجة كدة تخليك تروح وما ترجعش ( تضحك.) جرب… مش هتخسر حاجة.
رشدي ينظر للكأس ببرود: مش ليا في الكلام ده.
نيللي تميل أكثر، همسها يزداد إغراءً: بتخاف؟
رشدي ينظر لها نظرة مستقيمة، صوته ثابت: لا، بس ماليش فيه.
نيللي تضغط أكثر وهي تحرك الكأس أمامه: جرّب بس مرة واحدة، وحياتي.
رشدي ينهض، يلتقط قميصه ويرتديه بلا اهتمام: قلت لك لأ.
تراقبه نيللي وهو يتحرك نحو الباب ، فقط خرج دون أن يلتفت.
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتحرك نحو الباب، خرج من الشقة دون أن يلتفت.
بمجرد أن أغلق الباب، التقطت نيللي هاتفها، ضغطت على رقم ما ووضعته على أذنها، صوتها خرج بإحباط لكنه يحمل نغمة خبث خفية.
نيللي: اتعرفنا، مخدش في إيدي دقيقة، معرفتش أعمل حاجة..
الصوت على الهاتف: طبيعي، مش من أول مرة هيوافق… المهم إنك خدتِ رقمه؟
نيللي ابتسمت وهي تلقي نظرة على الهاتف حيث يظهر رقم رشدي محفوظًا عندها: أكيد.

الصوت: تمام، استني التعليمات.
أنهت المكالمة ونظرت للباب، ابتسامة غامضة ظهرت على شفتيها.
💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
((بعد يومين))
عاد عماد من دبي، تصرف بهدوء كعادته، لم يظهر عليه أي شيء يثير الريبة، لكنه لم يذهب إلى القصر مباشرة، بل توجه إلى كافيه راقٍ في منطقة هادئة، جلس على طاولة بعيدة عن الأنظار، وكأنه ينتظر أحدًا.
في أحد الكافيهات، الثانية عشر ظهراً.
دخلت امرأة أنيقة، صافحها عماد بذوق، وجلسا أمام بعضهما.
المرأة بابتسامة خفيفة: إيه الأخبار؟
عماد بهدوء: الحمد لله.
نظرت المرأة إليه قائلة بنبرة هادئة: أخيرًا عرفنا نتقابل.
ابتسم عماد قائلا: للأسف الشديد، الفترة اللي فاتت كنت مشغول جدًا،حضرتك مستعدة؟
بدأ الحديث بينهما بنبرة طبيعية، لكنها لم تدم طويلًا قبل أن يظهر ظل خلف عماد، صوت أنثوي قوي اخترق اللحظة.
صافيناز بحدة: حمد لله على سلامتك يا عماد، مش كنت تقول لي بقى؟ أنا صافيناز عزت الراوي، تخوني مع دي؟!
توقف عماد، ارتبكت المرأة ولم تفهم شيئًا،
عماد متعجباً: انتي فهمه إيه يا مجنونة ؟!
لكن صافيناز لم تمنحها الفرصة للتحدث. نظرت إلى عماد بعينين مشتعلة، ثم قالت بسخرية: فهمت كل حاجة إيه، وحشتك؟ ماقدرتش تستنى تروح البيت وبعدين تقابلها؟
المرأة بدت منزعجة: على فكرة، أنا مش فاهمة حاجة هو في ايه.

ردت عليها صافيناز بحدة: ماتتكلميش خالص، إنتي تخرسي، حسابك بعدين!
حاول عماد تهدئة الموقف قائلا بهدوء: صافيناز، إنتي فاهمة غلط، اهدي، احنا في مكان عام.
ضحكت صافيناز بسخرية: وإنت ليه مافكرتش بقى إننا في مكان عام قبل ماتيجي تقابلها؟ وان ممكن حد يصورك معاها ويقول إنك بتخون صافيناز الراوي؟ مين دي؟
المذيعة بقوة: لو سمحتي اتكلمي بأدب
صافيناز بشدة: هو أنا مش قولتلك تخرسى خالص والا تحبي أخلي الحرس هم اللي يردوا عليكي.
عماد بنبرة جادة: صافيناز بس بقى، دي مذيعة، وبقالها فترة بتحاول تتكلم معايا بخصوص البرنامج الجديد بتاعك لأنها بتحاول تتصل بيكي وحضرتك ما بترديش.، فقبلتها النهارده لأن الفترة الجاية هكون مشغول.
نظرت المذيعة إلى صافيناز ثم إلى عماد، تحاول استيعاب المشهد الفوضوي الذي وجدت نفسها فيه.
المذيعة: حقيقي حضرتك فهمتي غلط.
نظر عماد إليها بجدية: آسف جدًا على اللي حصل… صافيناز هانم أهي معاكي، لو عايزة تعملي معاها أي مقابلة، أنا مليش علاقة تاني.
حاول عماد المغادرة، لكن صافيناز أمسكت معصمه بشدة.
صافيناز بغضب مكتوم: استنى هنا…إنت فاكرني صدقت الشويتين دول؟ وريني بقى الكارنيه بتاعها!
تبادل عماد والمذيعة النظرات، ثم أخرجت الكارنيه المهني الخاص بها بصمت، ومدّته إلى صافيناز.
صافيناز نظرت إلى الكارنيه للحظات، تراجعت قليلاً، شعرت بالإحراج…لكنها لم تكن مستعدة للاعتراف بخطئها.
عماد راقبها بسخرية خفية: اقتنعتي؟
ظلّت صافيناز صامتة، عيناها متردّدتان، بينما يتحرك عماد متجهًا للخارج. على ملامحه حزن مصطنع، لكنه أخفى ابتسامة خبيثة…كل شيء يسير وفق خطته. حاولت مناداته، لكنه لم يلتفت. شعرت بوخزة ندم، ترددت لحظة، ثم لحقت به سريعًا، ركبت سيارتها وانطلقت خلفه.
فيلا سليم وماسة الواحدة ظهراً
كان سليم واقفًا بجوار السرير وهو يرتدي ساعته، ثم التفت نحو ماسّة وقال بهدوء:

بكرة هنرجع القصر.
رفعت ماسّة عينيها إليه، ملامحها جامدة لا تعكس شيئًا، لكنها ردّت بنفس الهدوء:
ماشي.. هخلي سحر تجهّز كل حاجة هنا.
ثم توقف للحظة قبل أن يسأل: هتضايقي هناك؟
تأملته ماسّة قليلًا، ثم هزّت كتفيها بخفة:
هتضايق من إيه بالعكس هبة هتبقى هناك بدل ما أقعد هنا لوحدي؟! هو انت أصلاً نازل متأخر ليه؟؟ أنا قلت مش هتروح.
اقترب منها قليلًا، طبع قبلة خفيفة على خدها، ثم قال بصوت هادئ: أنا عندي اجتماع مهم في المجموعة.
أومأت برأسها وهي ترد بنفس النبرة الرتيبة:
خلاص، ماشي.. خد بالك من نفسك وماتتعبش نفسك.
راقبها للحظة أخرى قبل أن يستدير ويغادر الغرفة، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا.
وقفت ماسّة في مكانها، تنفست بعمق وهي تلقي نظرة سريعة حولها، لا شيء جديد، لا شيء مثير. شعرت بالملل يتسلل إليها، وكأن اليوم أطول مما يجب. استدارت نحو الباب، نادت بصوت هادئ:
سحر، حضّري كل حاجة عشان هنرجع القصر بكرة.
جاءها صوت سحر من بعيد يؤكد الاستجابة، لكنها لم تعلّق، فقط استدارت باتجاه المكتب. ولكن فجأة شهقت بخفة، واضعة يدها تلقائيًا على بطنها مع إحساس مفاجئ بألم حاد اخترقها للحظة.
انعقد حاجباها بضيق، حاولت تجاهل الإحساس، لكن الألم لم يختفِ سريعًا كما توقعت. مدت يدها إلى درج الكومود، أخرجت منه شريطًا من المسكنات، ابتلعت قرصًا مع رشفة ماء، ثم جلست أمام الكمبيوتر تحاول إشغال نفسها، لكن عقلها كان في مكان آخر تمامًا.
قصر الراوي الثانية مساءً
جناح صافيناز و عماد.

بعد العاصفة التي حدثت في الكافيه، عاد عماد وصافيناز إلى القصر. كان الجو مشحونًا بالصمت، وصافيناز تسير خلفه بخطوات غاضبة بينما هو يتجه مباشرة إلى غرفته.
بمجرد أن أغلق الباب، استدار نحوها بعصبية: إيه بقى اللي حصل ده يا صافيناز؟!
صافيناز رفعت حاجبها بسخرية: هو أنا اللي غلطانة دلوقتي؟! أنا اللي المفروض أسكت وأسيبك تقابل أي واحدة براحتك؟!
اقترب عماد منها، نظراته تحمل غضبًا مكبوتًا: أنتِ ازاي تشكي فيا؟! أنتِ عارفة أنا بحبك قد إيه! أنا عملت كل حاجة عشانك… سبت أهلي وعيلتي عشان أفضل جنبك وأخليك توصلي للكرسي اللي نفسك فيه! مش بس بعدت عنهم… أنا كمان بغامر بحياتي!
رفع صوته قليلًا، وصافيناز تراجعت خطوة للخلف، لكنه أكمل بصوت منخفض مليء بالقهر: أنتي عارفة لو سليم عرف؟ او لو الباشا عرف احنا عملنا إيه؟ هيحصل ايه ؟! أنا اللي هروح في الرجلين، مش أنتِ! مش هيقدروا يلمسوكِ، لكن أنا؟ أنا اللي هاكون الضحية الأولى! ..
انا أصلاً مش هستفيد أي حاجة لما تقعدي على الكرسي هبقى مجرد جوز صافيناز الراوي بس لأني لقيت نفسك أوي في الكرسي ده حاربت عشانك انتي..
متعجباً بعتاب وكأنه ظلم؛
في الآخر جاية تتهميني بالخيانة برغم إنك عارفة إني مستحيل أعملها واللي أنتي بتتهميني معها دي كنت معها عشان شغلك يا هانم.
صافيناز نظرت إليه بارتباك، لم تتوقع رد فعله بهذا الشكل قالت: أنا… أنا بس اتجننت لما حسيت إنك بتسافر كتير، بتخرج كتير، قلت يمكن…
نظر إليها بحدة: يمكن إيه؟ في واحدة تانية في حياتي؟!
أشاحت وجهها عنه، كأنها تحاول التهرب من المواجهة، لكنه لم يمنحها الفرصة قال بخبث فهو يعلم ان تلك الجملة ستجعلها تجن: يعني شايفة نفسك ماتمليش عيني، يا صافيناز؟
نظرت صافيناز له وهزت رأسها بسرعة: لا، طبعًا! أنا أملا عين أي حد، بس طبيعي كل الرجالة كده…
ضحك بسخرية، ثم جلس على الأريكة، يمرر يده في شعره بانفعال: ظلمتيني…حقيقي أنا زعلت للدرجة دي مابتثقيش فيا.
نظرت إليه بحيرة، وكأنها تحاول استيعاب كلماته، لكنها لم تجد ردًا مناسبًا. اقتربت منه بخطوات بطيئة، ثم قالت بصوت منخفض: أنا آسفة والله بثق فيك، بس ده من حبي.

عماد كان لا يزال ينظر إلى الفراغ، بينما صافيناز اقتربت منه بخطوات هادئة، ثم جلست بجانبه ولمست يده بلطف: حقك عليا… إنت عارف إني بحبك، وإني مجنونة وغيورة جدًا.
نظر إليها عماد أخيرًا، عينيه تحملان بقايا الغضب لكنه لم يستطع منع نفسه من التخفيف من حدته: صافيناز… أنا بحبك، مستحيل أبص لواحدة غيرك، لازم تفهمي ده! كل حاجة بعملها عشانك، عشان ترضي، عشان تبقي مبسوطة.
صافيناز ابتسمت بحنان وربتت على كتفه: أنا عارفة والله… سوري.
ثم اقتربت لتطبع قبلة على وجنته قبل أن تبتعد قليلًا: هعمل لك قهوة من إيدي، بقالي كتير ما عملتهاش ليك!
حاولت تخفيف الأجواء بابتسامة، لكنها عندما لاحظت أنه لا يزال ينظر إليها بصمت، ضحكت: خلاص بقى… اضحك بلاش رخامة!
أخيرًا، ابتسم عماد بخفة وهز رأسه: ماشي، روحي اعمليلي القهوة.
غادرت صافيناز الغرفة باتجاه المطبخ، بينما ظل هو جالسًا للحظات، يتأمل الفراغ، بدأ يتذكر…
فلاش باك – لقاء المراقب
ليلًا، كان المراقب جالسًا داخل سيارته يراقب عماد عن بعد، لكن فجأة، فُتح باب السيارة بسرعة، ودخل عماد من الجهة الأخرى وجلس بجواره بهدوء شديد.
المراقب تجمد للحظة، لكن عماد لم يمنحه فرصة لاستعادة توازنه، إذ قال بصوت بارد: إنت تبع مين؟
المراقب ابتلع ريقه وقال بتوتر: أنا مش تبع حد…
عماد أخرج مسدسه بسرعة ووضعه على رأس الرجل، ثم تمتم بسخرية: “مش هسألك تاني… الرصاصة بـ2 جنيه، أرخص من علبة سجاير كليوباترا، فمش هغليها عليك… ها، تبع صافيناز هانم، صح؟”
المراقب ارتبك للحظات، ثم أومأ برأسه: آه…
عماد ابتسم بسخرية وهو يخفض المسدس قليلًا: حلو وجميل… بص بقى، أنا هديك فلوس أكتر من اللي صافيناز هتديها لك. هتتصل باللي بعتك … مين؟ شاكر؟
المراقب تردد قليلًا، لكنه سرعان ما أومأ: آه، شاكر.
عماد جلس في وضعية أكثر راحة وهو يقول: تمام، هتكلمه دلوقتي، وهتقول له بالحرف: عماد بيه ما بيعملش أي حاجة غلط. وهتصورني كمان صورتين كده، علشان نخلص!

المراقب لم يجد خيارًا آخر، أخرج هاتفه واتصل بشاكر، وبمجرد أن رد الأخير، قال بصوت ثابت: عماد بيه نظيف… ما بيعملش أي حاجة غلط.
شاكر ظل صامتًا لثوانٍ، قبل أن يرد: خلاص، هتواصل مع صافيناز هانم.
أنهى عماد المكالمة بهدوء، ثم ألقى بحزمة من الأموال في حجر المراقب: لو فكرت تقول له حاجة غير اللي قلتها، صدقني رقبتك اللي هتبقى تمام. يلا غور من هنا.
– عودة إلى عماد في القصر
عماد كان لا يزال جالسًا، الابتسامة بدأت تظهر على وجهه، وهو يشعر بالانتصار. لكن لم يمضِ سوى لحظات حتى عاد إلى ذكرى أخرى…
فلاش باك آخر – مكالمة المذيعة
كان يجلس في سيارته، ممسكًا بهاتفه، وقال بصوت هادئ لكنه جاد: أنا جاهز أقابلك بكرة. راجع الساعة عشرة صباحاً، نتقابل ١٢ في الكافيه. هبعت لك اللوكيشن.
فلاش باك – الاتفاق مع المخبر في مصر
داخل السيارة، جلس عماد مع أحد رجاله، وألقى عليه نظرة باردة قبل أن يقول: هتكلم دلوقتي صافيناز، وهتقول لها: عماد بيه قاعد مع واحدة شكلها حلو أوي، وحاسس من طريقة كلامهم إن في حاجة بينهم.
الرجل ابتسم: وبعدين؟
عماد ضحك وهو يشعل سيجارته: مافيش بعدين… هي هتيجي لك على طول، ابعث لها العنوان وخلاص.
أومأ الرجل وأخرج هاتفه: أمرك يا عماد بيه.
فلاش بااك
– لقاء عماد وسارة في دبي
داخل جناح فخم في أحد فنادق دبي، يجلس عماد على الأريكة، بينما سارة تقف عند النافذة، تنظر إلى أفق المدينة المضيء. كانت تمسك بكأس عصير، تهزه ببطء و تتحدث:
سارة بقلق: طب إنت هتعمل إيه دلوقتي مدام هي بتشك فيك؟
عماد بهدوء الواثق: ولا حاجة… ما أنا معاكي أهو. بس إنتِ لازم تنزلي مصر قريب، المرة دي عرفنا نخرج منها بسهولة، المرة الجاية مش هيبقى كده.

التفتت سارة له، عبست قليلًا، ثم وضعت كأسها على الطاولة واقتربت منه: تمام، بس إنت فعلاً لازم تاخد بالك، الحكاية بقت مش سهلة. بس الحركة اللي إنت عملتها دي… بجد في الجول!
عماد ابتسم بخفة، وهو يميل للخلف مستمتعًا بكلمتها، ثم قال بثقة: دايمًا كده، بتعلمي بسرعة. المهم، دلوقتي نخلص اللي ورانا هنا، وبعدين كل واحد فينا يرجع مكانه… عشان لما نتحرك تاني، نتحرك صح.
*********************
نعود إلى الحاضر، حيث يجلس عماد في القصر، يتذكر كل شيء بينما يحتسي القهوة التي أحضرتها صافيناز، وابتسامة خفيفة تتلاعب على شفتيه.
بينما كانت صافيناز تبدّل ملابسها، استغل عماد اللحظة. أخرج هاتفه بهدوء من تحت الطاولة، وكتب رسالة قصيرة: كل حاجة تمت.
بعثها لجهة الاتصال المسجلة باسم “بابا”، ثم أعاد الهاتف لمكانه كما لو لم يحدث شيء.
لم يمر وقت طويل حتى اهتز الجهاز بإشعار جديد. فتحه بسرعة وقرأ:
خد بالك، صافي مش سهلة. حتى لو اعتذرت وعيطت وصدقت الفيلم اللي عملته، هتفضل حاطاك تحت عينها. خد بالك منها.
ابتسم بسخرية وردّ مختصرًا: متخافيش. ثم، دون تردد، مسح المحادثة بالكامل وكأنها لم تكن.
بعد لحظات، عادت صافيناز وقد هدأت ملامحها قليلًا. لم يتكلم، فقط فتح ذراعيه وجذبها إليه بحركة طبيعية، ليضمها بين أحضانه، بينما في داخله كان يبتسم بانتصار.
طبع قبلة دافئة على رأسها، ثم همس بصوت منخفض يحمل مزيجًا من الحنان والاهتمام:
قولي لي بقى يا حبيبتي… عاملة إيه؟ في أي حاجة جديدة؟
بينما كان يحتضن صافيناز، شعر بالانتصار، لكن كلمات سارة عادت إلى ذهنه: صافي مش سهلة. ورغم هدوء الأجواء، لن يستبعد أن تستمر بمراقبته. ابتسم بخفة، لكنه ظل متيقظًا هل حان وقت خطوة جديد
مجموعة الراوي الثانية مساءً
مكتب سليم
نرى سليم وماركو يجلسان على مقعدين متقابلين، وأمامهما مجموعة من الوثائق التي تم جمعها، بينما يطغى القلق على الجو المحيط تبادلون الاحاديث بالايطالية.

سليم بصوت منخفض، مع شعور بالضغط وهو يعبث بالقلم في يده: هل من جديد؟ هل تمكنت من الوصول إلى أي معلومات بخصوص الحادثة؟
ماركو ينظر إليه بأسف: الحقيقة، سليم، حاولنا كما اتفقنا. تواصلنا مع أشخاص قد يكون لهم صلة بالحادثة، لكن الأمور معقدة. إيريك وتيمو لا يبدو أنهما مرتبطان بما حدث. كل الأدلة تشير إلى أنهما ليسا وراء الحادثة.
سليم يضغط بأسنانه على شفتيه: إذن، هل تقول إننا لا نملك أي دليل؟
ماركو يميل إلى الخلف قال بأسف: نعم، للأسف. قلت لك، سليم، ليسوا هم قبل أن تتحدث معي وتطلب مساعدتي في البحث عن الجناة. قمت بهذا الأمر عندما كنت في الغيبوبة، وكان معي ريمون وبعض من أعضاء الطاولة. سليم، حتى لو كنت ابتعدت عن العمل معنا، فأنت صديقي، وتعاوننا معًا في الأيام السابقة. عزت طلب من الجميع مساعدتك، وإيريك أذكى من أن يقوم بفعل هذا الشيء فهو له خسبات أخرى لم يخسر مقعده من اجل الثأر صوتك وقلت هذا الكلمات لياسين.
سليم يعقد حاجبيه: ماذا يعني هذا؟ هل نحن، ضائعون في دائرة لا نهاية لها؟
ماركو بنبرة مطمئنة: لا، لسنا ضائعين. لكن الحقيقة أن الأمور أكبر من أن تكون مرتبطة بهم فقط. هناك شيء غامض وراء كل ما يحدث، ونحن بحاجة إلى المزيد من الوقت لفهم الصورة بشكل كامل.
سليم برجاء: ابقَ يقظًا، ماركو. إذا كان هناك أي شيء مهم، يجب أن نكتشفه في أقرب وقت. لكن لا تفقد تركيزك، الأمور قد تكون أكثر تعقيدًا مما نتصور.
ماركو يحاول ان يطمئنه: سأبقى على اتصال، سليم. إذا اكتشفت أي شيء جديد، ستعلم بذلك فورًا. أهدأ قليلاً، سنكتشف الفاعلين وسنسحقهم.
سليم يضحك بسخرية، لكن عينيه تومضان بالغضب : أهدأ؟ لقد قاموا بطعن زوجتي وقتلوا الجنين في بطنها. قتلوا طفلي، ، أُطلِقَت عليَّ ثلاثُ رصاصات.
خرجت اثنتان، وبقيت واحدة. أصبحت حياتي مهددة بالموت في أي لحظة. أصبحت عقيمًا، جعلوني عاجزًا عن أداء مهامي بشكل صحيح، وتريد مني أن أهدأ؟ كيف ماركو كيف؟! مازالت لم أتمكن من معرفة الفاعلين حتى الآن، هل هذا يجعل العقل يهدأ؟ بل يجعل العقل يجن من الغضب. لا أحد يشعر بما أشعر به، لا أحد!
ماركو ينظر إليه نظرة تفهم قال بهدوء وهو يشير بيده: سليم، أنا أعلم كل شيء، وأشعر بما تشعر به جيدا. انتظر قليلاً، فقط استرخي لكي تفكر بشكل صحيح.
سليم يمسح وجهه بكفه اخرج انفاس عميقه: لكنني مازلت أشعر بالغضب، ماركو. أنا متأكد أن تيمو وإريك هما من فعلا ذلك. لا أحد يستطيع أن ينفذ هذا بهذه القدرة والوحشية والبراعة، وعدم ترك أثر خلفه، إلا هما. أريد فقط ورقة واحدة، دليل واحد، وسأقوم بقتلهما.
ماركو ينظر إليه بجدية: لا تفكر بمفردك، سليم. نعم، أنت الآن قوي، ولكن إريك وأمثاله يريدونك أن تفكر بهذا الشكل. دع الجميع يشعرون بغضبك، لكن لا تدع هذا يدمرك. الجميع معك، حتى إن كنت ابتعدت عن العمل معنا منذ سنوات، لكننا جميعًا معك. قل لي، هل أنت بخير؟ تلك الرصاصة، لن تجد لها حلًا لإخراجها؟

سليم يتنهد: هناك حل، لكن ربما أفقد حياتي أو أصاب بالشلل. الأطباء قالوا إنني قد أحتاج إلى عملية بعد عام، لكن ما زلت أفكر.
يبتسم سليم بامتنان خفيف: أريد أن أشكرك على قدومك إلى مصر للتحدث معي.
ماركو يبتسم بدوره: سليم، أنت صديقي، لا تقل هذا. نحن هنا من أجل بعضنا البعض.
تبسم سليم له بشكر وعرفان.
💞________________بقلمي_ليلةعادل◉⁠‿⁠◉
على هضبة المقطم الثامنة مساءً
يعم الهدوء المكان. ضوء السيارة الوحيد هو مايكسر ظلام الليل، حيث يقف سليم وعرفان في مواجهة بعضهما البعض.
عرفان بابتسامة خفيفة وهو يهز رأسه: عاش من شافك يا سليم بيه.
سليم بهدوء وهو يضع يده في جيب بنطاله: ميرسي.
نظر عرفان حوله بحذر: كنت عايز أجيلك، بس مكي قال لي ماينفعش أظهر.
سليم بنظرة ثابتة: أنا قلت لك… إحنا مانعرفش بعض، ولا بنشتغل مع بعض. ماحدش ينفع يعرف بأي حاجة تخصك. عارف ليه؟ إنت هتبقى من رجّالتي الأشباح، مش القوات الخاصة عندكم… فيه فرق. محدش يعرف عنهم حاجة. انت هتبقى كده… الشبح بتاعي.
هز عرفان رأسه بإعجاب وضحك بخفة: فهمت.
سليم بنبرة عملية وهو يشعل سيجارة: قولي… إيه الأخبار؟
اتكأ عرفان على سيارته بثقة: عملت لي كام صفقة كده… مش ناوي بقى تمتعنا بصفقاتك يا باشا؟
سليم ينفث دخان سيجارته: انت عارف… أنا بعدت عن الحاجات دي من زمان. انت موجود للطوارئ أنا مامنعتكش تشتغل مع أي حد، بس أنا عارف إن إيدك أطول.
عرفان بجدية: وأنا تحت أمرك في أي وقت، يا سليم بيه. بعدين، من ساعة مابقينا مع بعض، عمري ماخنتك وعمري ماهخونك، انت جميلك عليّ كبير، يا باشا. على فكرة، أنا حاولت أدور عند معارفي برده. الموضوع ده مش محلي الصنع… عصابات بره، يا باشا. ممكن يكون ليه علاقة بالراجل بتاع المخدرات الإيطالي اللي اتقتل بالغلط.
ضيق سليم عينيه وفكر للحظة، ثم تحدث بتركيز شديد: ماينفعش أفتح سكة الانتقام مع حد من عصابات المافيا، خصوصًا اللي قاعدين على ترابيزة الاتفاق…إلا وأنا معايا أدلة. بس بنسبة 95%، هما .. اصل ماينفعش تكون مظبوطة قوي كده، ومافيش ولا غلطة… غير لو كانوا هم.

عرفان: احنا مش محتاجين أدلة… نعمل هجمتنا وكأننا مش احنا، ونخليها بنفس المقاس زيهم… يعني سليم الراوي هتخاف.
سليم بحزم: مش هغامر بمراتي
عرفان ينظر له بتمعن: تفتكر حد ساندهم؟
سليم حرك رأسه ببطء، وكأنه يفكر بصوت عالٍ: ده أكيد… مش مجرد صدفة. عموماً، أنا عايزك تبقى العين التالتة بتاعتي… تزبط مراقباتك على كل الناس، أي حاجة تحسها مش مظبوطة… تعرفني فورًا.
أخرج سليم من جيبه مبلغًا كبيرا من الدولارات، وناوله لعرفان بخفة دون أن ينظر إليه مباشرة.
سليم بهدوء: امسك دول… حاجة بسيطة،حلاوة رجوعي.
عرفان أخذ المبلغ بابتسامة خفيفة: مقبولة يا باشا.
نظر سليم إليه نظرة أخيرة واستدار نحو سيارته: سلام.
غمز عرفان بعينه بخفة وهو يركب سيارته: سلام يا باشا.
أدار كلاهما محركات سياراتهما، وصوت المحركات القوية يكسر سكون الليل، قبل أن ينطلق كل منهما في اتجاه مختلف.
قصر الراوي – السفرة/ السابعة مساءً.
نرى جميع أفراد العائلة حول طاولة الطعام، ومعهم ماسة وسليم، فهي المرة الأولى التي يجتمعون فيها منذ تلك الحادثة فقد عاد سليم الي القصر مرة اخرى بعد غياب سنوات.
عزت ينظر إلى سليم بسعادة، يتحدث بنبرة آمرة لكن فيها لمحة أبوية: اعمل حسابك، مفيش خروج تاني من القصر.
يهز سليم رأسه موافقًا بينما يمضغ طعامه بصمت.
عزت يوجه حديثه إلى ماسة: قولي لي يا ماسة، عاملة إيه؟
تبتسم ماسة بلطف، ترد باقتضاب: الحمد لله.
يأخذ عزت نفسًا، ثم يسأل باهتمام: هتنضمي لسليم في المجموعة ولا قررتوا تعملوا إيه؟

تتغير ملامح فايزة، نظراتها مليئة بالتوجس. لا تريد أن تعود ماسة إلى المجموعة، بل ترغب في استعادة الأسهم التي كانت ملكًا لها بالأصل، وبسببها دبرت تلك الحادثة.
فايزة بحدة مغلفة بالمنطق: ترجع ليه؟ مادام سليم خلاص رجع، هو اللي يدير لها الأسهم. هي مش عاملة له توكيل؟ وكل شوية تعطلنا ونبعت لها حد من السكرتارية عشان ياخد توقيعها!
قبل أن ترد ماسة، يسبقها سليم بالكلام. نبرته هادئة لكنها قاطعة، ونظراته مثبتة عليها بقوة:
ماسة هتفضل هنا في القصر، ومش هاخد منها حق الإدارة. الأوراق اللي هحتاج توقيعها، هعرف أخليها تمضي عليها بمعرفتي. وبعدين، مش أنتم خلاص اديتوني حق الإدارة؟ يبقى مالكوش دعوة أنا هتصرف إزاي؟!
تحاول فايزة تلطيف حدة اعتراضها بابتسامة ضيقة، لكن صوتها يحمل سخرية خفية:
وليه يعني؟ مادام كده كده مش هتكون في المجموعة؟
يجيبها سليم بنبرة صارمة كعادته حين يحسم الأمور:
ده وضع مؤقت… لحد ما أوصل للي أنا عايزه. بعدها، ماسة هيكون ليها مكتب خاص تدير منه أملاكها.
يتبسم وهو ينظر إلى ماسة، يمسك كفها برقة، يقبله قائلا: هي أثبتت إنها شاطرة فعلًا وقد ثقتي.
فايزة بسخرية: شاطرة جدًا لدرجة إنها خسرتنا ملايين بسبب قفلها للمنجم.
ماسة ترد دون تردد: أنا ماعملتش حاجة غلط، أنا عملت اللي يمليه عليا ضميري.
سليم بدعم واضح: وأنا كمان شايف كده.
رشدي يقاطع الحديث، نبرته عملية ومباشرة:
طيب بما إنكم مش هتفتحوا المنجم ده تاني، نبيعه. هيجيب لنا ملايين، وأنا جالي عرض بمبلغ كويس جدًا.
عزت يؤيد رأي رشدي وهو يشير بيده مؤكدًا:
فعلا.
توترت ماسة ونظرت إلى سليم بتوجس، فهي لا تريد بيع المنجم حتى لا يتحمل ذنب ما قد يحدث للعاملين إذا وقعت كارثة. قالت بقلق:

سليم، بلاش. لو بعته وحصل حاجة لأي حد، هتشيل ذنب الناس، لإنك عارف إنه فيه مشكلة وبعته.
سليم يرد بحسم: هو ده اللي أنا هعمله.
يمرر عينيه بحدة على الموجودين قبل أن يقول بصرامة: المنجم ده مش هيتباع ولا هيتفتح تاني. انسوه. وبعدين، هو جاب لنا ملايين، ما شبعتوش؟
أنهى حديثه بنظرة حادة وعاد إلى تناول طعامه. لم يهتم أحد بإكمال الحديث، لكن فايزة، رشدي، صافيناز، ومنى كانوا الأكثر ضيقًا واستفزازًا.
سألت هبة بفضول: طب سليم، مش ناوي تخرج ماسة من القصر؟
رد سليم بنبرة هادئة لكن حاسمة:
خايف عليها يا هبة. مش مرتاح، هنا هي في أمان.
اعترض ياسين مباشرة: بس ده مش حل يا سليم.
بينما كان سليم يحتسي الماء، رد بثقة: ده لوضع مؤقت لحد ما نوصل للعصابه.
أيد عزت كلامه بحزم: أنا كمان مع سليم، فعلاً إحنا لسه ما وصلناش لأي معلومة، حتى لو صغيرة. الأفضل إنها تفضل هنا لحد ما نوصل لحاجة.
نظر إليه عماد بخبث وهو يتناول طعامه، ثم قال بنبرة ساخرة: ويا ترى وصلت لحاجة؟
رفع سليم نظره إليه قال بحسم: لسه، بس هوصل.
ثم أضاف بنبرة أكثر حدة، تتخللها شرارة انتقام:
وساعتها، هحرقه هو وكل عيلته أحياء. هاعملهم إبادة جماعية من السجلات.
ساد صمت مشحون. نظرات عماد ومنى ورشدي وفايزة وصافيناز امتلأت بالتوتر، لكنهم حاولوا إخفاء ذلك ببراعة. كانوا يشعرون بالرعب من حديث سليم، خائفين من أن يكتشف أي شيء.
عماد محاولًا ضبط أعصابه: طبعًا، ده أقل شيء ممكن تعمله.
شعر طه بالفرح من حديث سليم، فهو يتمنى أن يصل إليهم وينتقم، خاصة من رشدي الذي يواصل تهديده لهم بأبنائهم. قال بثقة:
إن شاء الله هتوصل يا سليم، وكل واحد هايدفع الثمن. وإحنا معاك، كلنا في ظهرك.

ابتسمت ماسة بلطف: على فكرة يا سليم، طه كان أكتر حد في إخواتك بييجي يزورك.
ثم نظرت إلى فريدة بابتسامة خفيفة وأضافت
سوري يافريدة، يمكن حتى أكتر منك إنتِ وياسين.
رفعت فايزة حاجبيها باستغراب: كان بييجي كل يوم؟ إزاي وأنا فين؟
أوضحت ماسة: كان بييجي وحضرتك نايمة. كان بييجي متأخر جدًا، يقعد مع سليم ساعة وبعدين يمشي.
نظرت منى نحو طه بغضب، وكأنها تعني: مش ناوي تعقل؟ أما رشدي، فكانت نظرته تحذيرية شديدة.
لكن طه لم يهتم بنظراتهم، أكمل طعامه بهدوء، فبوجود سليم يشعر بالراحة والأمان.
أكملوا طعامهم، وكل واحد منهم يحمل في قلبه ضغينة. كانوا منقسمين، منهم من يريد قتل سليم وماسة من أجل.
♥️ــــــــــــ بقلمي_ليلةعادل ـــــــــــــــ ♥️
((بعد وقت))
مكتب سليم
جلس سليم خلف مكتبه، مال قليلًا إلى الأمام بينما كان إسماعيل وعشري يجلسان أمامه، منتظرين أوامره. الجو في الغرفة كان هادئا، لكن الهيمنة واضحة في نبرة سليم.
عشري يتحدث بثقة: مسحت لك الجناح والمكتب، حتى مكتبك في المجموعة، ومكتب الباشا هنا وفي المجموعة، كله نظيف تمامًا.
رد سليم بنبرة حازمة، مافيش ميكروفونات، كاميرات، أي حاجة؟
عشري بلا تردد: لا، يا ملك. كله تحت السيطرة.
حسم سليم الأمر بسرعة: تمام. كل 3 أيام تعمل نفس الموضوع من غير ماحد يحس. أنت ومكي مسؤولين عن ده، مفهوم؟
أحنى عشري رأسه باحترام، مفهوم يا باشا.
حول سليم نظره إلى إسماعيل: التليفونات؟ بتاعتي وبتاعة الهانم؟

إسماعيل يرد بثقة: نظيفة مافيش اي اختراق ولا تجسس.
أعطى سليم أمره المباشر: برضه، كل يومين تلاتة تعمل فحص جديد.
إسماعيل مؤكدا: تحت أمرك، يا باشا.
نظر سليم إلى إسماعيل بتركيز، بصوت حاسم ولا يقبل الجدل:
عايزك تركب لي كاميرات في المطبخ، ماحدش يعرف عنها حاجة غير إحنا وبس. الكاميرات تبقى مخفية، والميكروفونات تتحط في أماكن ماتخطرش على بال إبليس.
إسماعيل هز رأسه بثقة: تمام، اعتبره حصل.
تدخل عشري ونظر لسليم بريبة انت شاكك، في حد من الخدامين؟
وضع يده على سلاحه بحركة لا إرادية، تعني نقتلهم
لكن سليم رد بثبات: لا، أنا مش شاكك في حد، بس الاحتياط واجب. كده كده مش هخلي غير سحر بس هي اللي تاخد بالها من ماسة، من أكلها وشربها، ممنوع حد تاني يعمل لها أي حاجة، أنا بثق في سحر.
إسماعيل رفع حاجبه قليلًا: ممكن تهددها؟
سليم رد بنبرة واثقة: مش محتاج أهددها.
أومأ عشري برأسه: تمام، في حاجة تاني؟
هز سليم رأسه وهو يميل للخلف في مقعده: لا، ممكن تروح. لو حصل أي حاجة، عرفوني فورًا.
نهض عشري وإسماعيل عن مقعديهما، وانصرفا في صمت بينما بقي سليم في مكانه، عيناه تلمعان بحدة وهو يراقب الباب يُغلق خلفهما.
الصالون
نرى عماد، صافيناز، ورشدي يجلسون معًا في الصالون، الأجواء يملؤها التوتر والترقب، وتخيم على الجلسة هالة من الريبة. فناجين القهوة موضوعة أمامهم، يتبادلون الأحاديث بنوايا خفية، وتكسوهم ملامح الشر.
صافيناز تحدثت بسخرية: سليم جه خلاص، عشان ده أكتر مكان بيحس فيه بالأمان على مراته.

هز عماد رأسه بتفكير: من غير تريقة، لازم يفضل حاسس بالأمان، ماينفعش يتحرك من هنا. لازم نعرف هو بيفكر في إيه بالضبط.
حك رشدي ذقنه وتحدث بصوت منخفض، بينما عيناه تتحركان بحذر في الأرجاء: من كام يوم، شفت عشري طالع من جناح سليم. لما سألته، قال لي إنه كان بيجيب له حاجات، بس أنا ماصدقتوش. سليم مابيدخلش رجالته أوضة نومه، حتى مكي ممنوع. دايمًا بيبعت سحر لو محتاج حاجة، وماحدش يقولي جنده سحر؟! سحر دي مجايب مكي وبتحب ماسة، بتعتبرها زي بنتها. عشان هي ماعندهاش عيال، وجوزها مات، وماعندهاش حاجة تخاف عليها ولا تتهدد بيها.
عماد قطب جبينه وقال بصوت ثقيل: معنى كده إنه كان بيكشف على الأوضة، بيشوف لو فيها ميكروفونات أو كاميرات .. عارفين ده معناه إيه؟! سليم شاكك فينا.
صافيناز ابتسمت بسخرية وقالت بدهاء: أصلاً أول حاجة كانت هتيجي في دماغه بعد اللي الهانم عملته، إن سليم هيشك فينا وهيدور ورانا. دي بديهية، لازم كنت تفكر فيها من بدري، لأنه هيفكر: اشمعنا دلوقتي الهانم حولت له الأسهم دي، برغم رفضها الشديد إنها تدي لماسة اي صلاحيات في المجموعة؟ خد بالك، الكلمتين اللي الهانم قالتهم على السفرة هيخلوا سليم يشغل دماغه جامد، لأن معناهم إنها لسه رافضة إن ماسة يكون لها مكان في المجموعة ف ازاي ببساطة كدة تنقله الأسهم.
ضيق عماد عينيه ومال للأمام، صوته كان حادًا: بس مستحيل يشك إننا وراء الحادثة. لو عنده مجرد واحد في المية شك، والله كان هيذبحنا.
رشدي أومأ ببطء، نبرته واثقة: أنا بقول لكم هدوا اللعب وخلونا نستنى، عشان عارف إنها قربت، بس محتاجة تخطيط على كبير.
صافيناز نقرت بأصابعها على الطاولة بإيقاع بطيء وقالت: مش هينفع نعمل أي حاجة فعلاً دلوقتي. لازم ننبه على منى، العيون متفتحة علينا من كل الاتجاهات. من سليم، ومن بابا، ومن الهانم. حركة مامي خلت العيون تتفتح علينا اكتر، لازم نكون حذرين. يمكن يخترقوا تليفوناتنا، ويمكن يركبوا لنا ميكروفونات وكاميرات في مكاتبنا.
رشدي بتأكيد: بالضبط. مش هينفع نقعد مع بعض كتير. خلينا نجيب أرقام ماحدش يعرفها، مش بأسامينا أصلاً. لما نيجي نقعد مع بعض، نخليها جلسة عادية، وما نقعدش كتير. لازم نكون حذرين على قد مانقدر، وقبل مانتكلم في أي حاجة، نبص حوالينا كويس.
عماد هز رأسه ببطء: في جهاز كده هبعت أجيبه، بيبين لو في ميكروفونات محطوطة. بيعمل زي نوع ذبذبة كده.
رشدي نظر له بسخرية: هات لنا تلاتة أربعة كده.
في هذه اللحظة، دخلت فايزة فجأة، نظراتها كانت حادة، وكأنها تخترق عقولهم. وقفت بثبات، عيناها تتحرك بين الثلاثة، ثم قالت بلهجة صارمة:
مابتقعدوش القعدة دي غير لما تكونوا بتتكلموا عن سليم!
رشدي بسخرية: وماسة.

فايزة: انت بتستظرف، دمك تقيل يا رشدي.
نظرت لهم بحدة، ثم أشارت بأصابعها وأضافت بتحذير صريح: أسمعوا، أوعوا تفتكروا إن أنا هسمح إن أي حاجة تحصل لسليم. أنا صاحيالكم!
وقفت صافيناز حاولت التملص، فتحدثت بنبرة هادئة: احنا ما بنتكلمش عن سليم.
فايزة اقتربت منها، نظراتها تزداد شراسة:حتى ماعندِكِيش الشجاعة إنك تقولي الحقيقة؟ كذابة!
تنفست بعمق، ثم قالت بوضوح، كلماتها خرجت كالسكاكين: أنا بطلت أثق فيكم… أنتم بلايا متنقلة، أوغاد، ممكن تعملوا أي حاجة عشان توصلوا لأهدافكم الدنيئة.
ثم أضافت بنبرة تحذير شديدة:
بس لو حصل أي حاجة لسليم، صدقوني مش هافكر مرتين قبل ما أخد قرار بنقل كل الأسهم اللي تخصني لسليم، ومش هاخد وقت طويل علشان أقنع عزت يعمل زيه.
نظرت إليهم بحدة، نبرة التهديد كانت واضحة في صوتها: أي مشكلة هتحصل، سواء كنتم السبب أو لأ، هاعتبركم المسؤولين عنها، وهاقول لعزت كل حاجة، حتى لو كلفني ده حياتي. المهم، ماسمحش لسليم يتئذى بسببكم مرة تانية. غلطت مرة يوم ماسمعت كلام شيطاني وكرهي لماسة عماني، ونسيت إنكم أغبياء وقلوبكم سودا، ممكن تعملوا أي حاجة علشان خاطر تاخدوا مكانه على الكرسي.
توقفت لحظة، عيناها تمسح وجوههم التي اكتسى بعضها بالخوف، وبعضها بالغضب المكبوت، ثم تابعت بنبرة ساخرة لكنها محملة بالتهديد:
إنتم حاولتم تسرقوا الأوراق وفشلتم، زي ما دايمًا بتفشلوا… أنا عرفت إنكم كنتوا بتفكروا تسرقوا الأوراق، كنتوا ناويين تعملوا إيه؟ تزوروا؟ وتقفوا في وش عزت؟
ضحكت ضحكة جانبية صغيرة بسخرية:
شكلكم نسيتوا مين هو عزت الراوي…
تفتكروا محاولة زي دي عقابها ممكن يكون إيه؟ أخد نسبة من أسهمكم؟
توقفت للحظة وهي تنظر إلى وجوههم التي بدت عليها علامات الارتباك، ثم أكملت:
المشكلة إن خطوة زي دي ممكن تخلي عزت يشك فيكم أكتر… إيه رأيكم نخليه يشك؟! أنا بحاول أبعد الشك عنكم، بس انتم…
راقبت ملامح صافيناز ورشدي التي أخفاها التوتر والخوف، ثم أضافت بتحذير أخير:
دي آخر فرصة ليكم. والله لو أي حاجة حصلت لسليم، حتى لو شكة دبوس، هاعتبر إنكم السبب والمسؤولين عنها، وساعتها مش هتلحقوا حتى تندموا.

كادت أن تتحرك، لكنها توقفت فجأة، نظرت إليهم من أعلى لأسفل، ثم قالت بحدة:
وإنت يا رشدي، إياك أسمعك بتهدد طه تاني. إياك!
خرجت فايزة من الصالون، تاركة الثلاثة في حالة من الغضب والجنون.
رشدي يحاول تهدئة الوضع: صافيناز، أنا شايف إننا نهدى بجد.
صافيناز بصوت منخفض ومرتعش: خوفت… المرة دي فعلاً خوفت.
رشدي بصوت متوتر: بدأنا نفقد السيطرة.
صافيناز تحدثت بصوت خافت: إحنا كده كده مش هينفع نعمل حاجة… كل العيون علينا.
عماد قال بحزم: احنا مش هينفع نخسر الهانم. لازم بجد نهدي، ونبطل نقعد كتير مع بعض زي ما اتفقنا.
نظر إلى صافيناز وأكمل:
أنا وانتي يا صافي طبيعي نقعد مع بعض لأننا متجوزين،
إنما انت يا رشدي، صافي هتبلغك بأي حاجة. غير كده، مش هينفع نتجمع إحنا التلاتة. لازم الكلام ده يوصل لمنى.
هز الجميع رأسه بإيجاب، لكن التوتر ظل يخيم على المكان.
– على اتجاه اخر في الحديقة الفيلا
كانت ماسة جالسة في حديقة الفيلا، تستنشق الهواء بهدوء. بعد قليل، اقتربت فايزة منها، تبحث بعينيها عن شخص معين.
فايزة: أمال فين سليم؟
رفعت ماسة رأسها ونظرت نحو الداخل: دخل جوه بيجيب لنا حاجة نشربها اسماعيل وعشري مشيه.
فايزة بتعجب: مش في خدامين يعملوا الحاجات دي؟
ماسة بابتسامة خفيفة: والله عندك ابنك، ممكن تسأليه ليه هو أصر يعملها بإيديه.
فايزة بحدة: سليم تعبان، بلاش بقى شغل الدلع بتاعك ده… المفروض تمنعيه يتعب نفسه.

توقفت ماسة أمامها، تنظر إليها بثبات: مش إنتِ اللي هتقولي لي إزاي أتعامل مع سليم، أنا عارفة إزاي أتعامل معاه كويس… إنتي آخر واحدة ممكن تقوليلي أتعامل معاه إزاي.
فايزة باستغراب: إنتِ اللي بتقولي كده؟
ماسة بثقة: “أيوه، أنا اللي بقول كده… إذا كنت قولت كلمتين في حقك قبل كده، فده كان شهادة حق، مش أكتر…حاجة شفتها بعيني.لكن أنا عرفت من سليم وفهمت سبب بعده عنكم، رغم إني كنت فاهمة من زمان مش محتاجة يقول لي، بس فهمت قد إيه الوجع والخذلان اللي ساكن جواه منكم.
فايزة محذّرة: أوعي تتحديني يا ماسة، لأنك هتخسري.
ماسة بهدوء: يا ستي،أنا لا عايزة أتحداكي ولا عايزة أدخل معاكي في حرب، أنا عايزة أعيش أنا وجوزي حياة صحية من غير مشاكل، كفاية علينا اللي حصل.
ثم نظرت إليها بعينين ثابتتين وأضافت:
وأوعي تفتكري إني نسيت القلم اللي إديتِهولي ومعايرتك ليا. أنا ساكتة عشان خاطر سليم وبس، مش عشان خاطرك، ولا خوف منك.
فايزة بابتسامة غامضة: مش بقولك، إنتِ ماطلعتِيش سهلة، ولا زي ما إحنا كنا متخيلين.
ماسة بابتسامة ساخرة: تربيتكم… طبيعي أبقى كده.
ثم نظرت بعيدًا فوجدت سليم يقترب، فابتسمت وغيرت الحديث وقالت بذكاء: قلت لكِ سليم هيرجع، حضرتك ما صدقتنيش.
نظرت فايزة بطرف عينها نحو سليم وتنهدت تبسمت بتصنع: عندِك حق يا ماسة… برافو عليكِ إنك قدرتِ تخليه يرجع، وأقوى من الأول كمان.
اقترب سليم، ممسكًا بصنيه عليها بكوبين من الهوت شوكليت، وهو يعجز على عكاز ويقول بابتسامة: مساء الخير.
ماسة بابتسامة دافئة: مساء النور، تأخرت كده ليه يا حبيبي؟
سليم: كنت بعمل لكِ الهوت شوكليت بإيدي ماسكه بايد واحده اهو كسبت التحدي..
ماسة بإبتسامة امسكت منه صنينه ووضعتها على طاولة: حبيب قلبي انا كنت واثقه فيك بس كنت بنغشك، وضعت قبله على خده.
فايزة باندهاش: مش في خدامين يعملوا الحاجات دي؟
سليم نظر إليها بثبات، مستندًا على عكازه: أنا أعمل كل حاجة زي ما أنا عايز… براحتي، ما حدش له دعوة.

فايزة بحذر: طب أنا عايزة أتكلم معاك لوحدنا.
ماسة بابتسامة خفيفة: طب عن إذنك يا حبيبي… أنا هحضّر الفشار ونشرب الهوت شوكليت سوا، ما تتأخرش، عشان نتفرج على الفيلم.
امسكت الصنينه كادت ان تتحرك لكن التفتت إلى فايزة بغيظ قالت: تحضري معانا الفيلم يا طنط؟ هنتفرج على نيمو.
نظرت له فايزة بضيق لكن حاولت التماسك: لا بنام بدري.
أخذت ماسة الصنينه وتوجهت إلى داخل الفيلا، تاركة سليم مع والدته.
جلست فايزة ونظرت لسليم: أقعد ارتاح.
سليم وهو يجلس باستقامة: أنا كويس، ماتقلقيش عليا.
فايزة بنبرة هادئة: ميرسي يا سليم إنك رجعت القصر.
نظر سليم إليها بثبات: بس أنا مارجعتش عشان إنتِ اللي قولتي لي، رجعت عشان ماسة، هتكون في أمان أكتر هنا.
فايزة بابتسامة جانبية: ودي شهادة كبيرة جدًا…إنك بنفسكِ تقول إن الأمان الوحيد اللي حسيت بيه هنا، في القصر يا سليم.
أكملت فايزة برجاء : سليم…أنا عايزة أرجّع علاقتي بيك، عايزة أكون الأم اللي تستحقها.
اقتربت منه، وضعت يدها على كتفه بلطف: لو سمحت…أديني فرصة، بلاش تقسّي قلبك.
نظر سليم إليها طويلاً قبل أن يقول بصوت هادئ: حضرتك ليه مصمّمة تعيدي نفس الكلام
فايزة بإصرار: لازم أعيد نفس الكلام… علاقتنا لازم تتحسن.
سليم بهدوء جليدي: العلاقات مابتتحسنش بالكلام يا فايزة هانم أو بطلب، العلاقات بتتحسن بالأفعال…بالمواقف. يعني أكيد لو حضرتكِ شايفة إن أفعالك معايا، ومواقفكِ مع ماسة بالذات، كويسة، ساعتها بس علاقتنا هتتحسن غير كدة لا… بس بردو مش بين يوم وليلة.
فايزة تنظر إليه بترقب: أفهم من كده إنك فاتح الباب؟
سليم بجدية: أنا عمري ما قفلت الباب بيني وبينكم…أنا لو قفلت الباب بيني وبين حد هنا، صدقيني العلاقة هتكون بشكل تاني خالص، وحضرتكِ أكيد عارفة ده.
نظر سليم إلى فايزة بتمعّن، صمته كان يحمل أكثر من سؤال، لكنه انتقى واحدًا فقط ليطرحه بصراحة:

سليم بدهاء: أنا عايز أسألك سؤال، وتردّي بصراحة… ولادك عملوا إيه عشان كده نقلتي الإدارة؟
لم يظهر على وجه فايزة أي ارتباك، أجابت بثبات: مفيش أي حاجة عملوها، الموضوع عادي خالص. أنا وعزت اتكلمنا وتناقشنا، وشوفنا إن ده الوقت المناسب. إنت تستحق إن يبقى معاك حق الإدارة رسمي، بدل ما تكون بتديرها فعليًا بس من غير صفة قانونية.
سليم بتفكير: يعني مفيش حاجة تانية؟
فايزة بابتسامة خفيفة: إيه اللي ممكن يكون حصل؟
سليم بهدوء لكن بتركيز: مش عارف، ممكن يكون فيه مشاريع فاشلة، مشكلة حصلت؟
فايزة بنفس الثبات: ولا أي حاجة من ده، وتفتكر لو كان في حاجة، مش كنت هتعرف بيها؟
مدّت يدها ولمست جانب رقبته بخفة، محاولةً تقليل حدة الحوار: صدقني يا سليم، أنا عملت كده عشانك، عشان أثبت لك قد إيه بحبك وبثق فيك… وعايزة علاقتنا تتحسن.
سليم بابتسامة ساخرة: بتشتري حبي بالفلوس؟
ضحكت فايزة رغم إدراكها لمغزى كلامه: ما أقصدش كده، بس أنا-
سليم مقاطعًا، بجدية: خلاص، عموماً زي ما قلت لك، أنا مش عايز مشاكل زي اللي حصلت زمان مع ماسة… ومش هسمح بده يتكرر اضاف بنظره حاده مبطنه بتهديد:
أنا رجعت القصر ةمش همشي منه بس لو حصل اي غلط .. اي غلط !! مش همشي .. بس انا هعرف ازاي ارمي اللي عمل كده بره مهما كان هو مين.
وقف من مكانه، أنهى الحديث وكأنه أغلق بابًا لا يريد فتحه مجددًا: بعد إذنك، هطلع أقعد مع مراتي شوية.
فايزة أومأت برأسها بصمت، راقبته وهو يبتعد، تدرك أن المسافة بينهما مازالت موجودة لكن ربما هذه المرة، يمكنها تقلّيصها.
💞ليلةعادل_______________⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
قصر الراوي الرابعة مساءً
الحديقة
سلوى بتنهيدة: يعني أنتِي كده مش هاتروحي الفيلا عندك تاني؟

ماسة بإبتسامة هادئة: لا، هانفضل هنا.
سلوى بتساؤل: ومافيش خروج تاني خالص، ولا حتى وهو معاكِي؟
ماسة مدت شفتيها: ماعرفش، بس واضح إنه حتى وهو معايا، مافيش خروج.
سلوى بتهكم: لاء يا شيخة! أكيد هايخرجك، بس هو هايبقى معاكم الحراس. يعني ممكن يكتر العدد. أكيد مش هايحبسك.
ماسة بجدية، تبتسم برفق: والله يا سلوى ما فارق معايا. هو عنده حق، إللي حصل لنا مش شوية. بيني وبينك، لما قعدت مع نفسي فكرت وحسيت إنه صح. أنا بس كان واجعني وعز عليا إني مش معاكي، مش مع أختي الوحيدة في أهم أيامها.
سلوى بحنان: والله العظيم، وأنا كمان كنت مفتقداكي. بس وجودك معايا على التليفون، وأمي معايا… مش ها أقول لك “عوض”، بس يعني… بلاش نتكلم في الموضوع ده.
ماسة تغير الموضوع: إيه أخبار صالح؟
سلوى بتنهد: تمام.
ماسة بفضول: تمام ازاي؟ يعني، إنتِم خرجتوا إمبارح؟ أبوكِي سمحلكِ تخرجي معاه؟ إزاي؟
سلوى بتردد: أبوكي مايعرفش إني خرجت معاه لوحدي. أمي بس هي إللي عارفة. إنتِي عارفة أبوكي، وإخواتك لو عرفوا هايعملوا مشاكل. قلت لهم إني في المكتبة. بس عارفة يا ماسة، حاسة إني مش مرتاحة.
ماسة بدهشة: مش مرتاحة إيه؟ يا بنتي، إنتِي لسة مخطوبة بقالك كام يوم؟ إنتِي عبيطة؟ بعدين مش إنتي عارفاه من الكورسات وكان فيه بينكم كلام؟
سلوى بتردد: أيوه بس مش زي ما إنتِي فاكرة، بصي هو كان بيحاول يكلمني كتير، وأنا كنت برفض. وبعدين قلت له: بقولك إيه، أنا ماليش في الكلام ده. لو فيه حاجة تعالى أتقدم لي، وهو وافق. وفعلاً، ده إللي خلاني أوافق عليه. حسيته جد مش بيلعب، وإللي خلاني أوافق عليه دونا عن إللي اتقدّموا، لإنه محترم، شكله كويس، وأهله ناس كويسين. الكام مرة إللي اتكلمنا فيها… حسيت إني متقبلة. لكن بعد ما اتخطبنا وخرجنا إمبارح، حسيت كدة إني مش مبسوطة أو إني مش مرتاحة، مش زي ما كنت مع مكي. أنا لما كنت مع مكي، كان إحساسي مختلف.
ماسة بتفهم، تهز رأسها: طبيعي يا سلوى. الإحساس ده طبيعي. إنتِي لسة مخطوبة، فالموضوع طبيعي.

سلوى بتأمل، بصوت منخفض: أنا عارفة إن الموضوع طبيعي، بس إللي حاسة بيه مش طبيعي، بعد ما عملت المقارنة.
ماسة بحزم، بنظرة جدية: قلت لك ماتستعجليش، قلت لك تدي مكي فرصة، بس إنتي إللي عنيدة.
سلوى بتنهد: أدي له فرصة بعد. طول السنين دي كلها وأوافق، علشان يحس إني كنت مستنيّة الأستاذ يحن عليا بكلمة؟ لا طبعًا.
ماسة بتنفس عميق، بلهجة غاضبة: لو رفضك لمكي علشان الحاجة دي، أحب أقول لك إنك غبية! ولسة عيلة ودماغك صغيرة.
سلوى بضيق: إنتِي ليه مش عايزة تفهميني؟
ماسة: أنا عايزة أفهمك حاجة واحدة، إنك ضيّعتي إنسان بيحبك بجد. بيحبك حب حقيقي، حرمك على قلبه وعلى نفسه علشان خاطر يسيبك تنضجي وتختاريه. مش بمجرد مشاعر مراهقة، من غير أنانية، وما تقوليش سليم عمل إيه وماعملش إيه، لإن سليم غير مكي.
سلوى: عموماً إحنا لسة في البداية. مش هاستعجل بعدين قلت له سنتين خطوبة طبعاً أبوكي قال له سنة بس، وأمك ست شهور. أمي عايزة تخلص مني بسرعة، بس أنا بقى سايبة الموضوع ده عليكي وعلى سليم تقنعي أبويا وأمي إنهم يخلوا الخطوبة تفضل سنتين.
نظرت لها ماسة بإختناق، أكملت سلوى وهي تنظر من حولها عليه : هو مكي فين؟
ماسة بتنهد، ثم تهز رأسها: سافر. خد له كم يوم كدة إجازة بعد خطوبتك. مخنوق.
سلوى بحزن: يا حرام مسكين. عنده مشاعر وأحاسيس. أحسن خليه يدوق من إللي دوقهولي زمان.
ماسة بتنهد، بجدية: والله العظيم، إنتِي مجنونة! المهم دلوقتي، سيبك من مكي. أنا عايزاكي تركزي مع صالح. الجواز حاجة تانية. عايزاكي تركزي معاه. شوفي نفسك، مرتاحة؟ مبسوطة؟ في بينكم لغة حوار؟ فاهمك؟عارف تفاصيلك بيسمعك؟ كلمته لازم تتنفذ؟ ولا ممكن تتناقشي؟ بيمد إيده ولا لا؟ أخباره في الغيرة اي! يعني أسألي كدة لو حصل موقف كذا إيه رد فعلك شوفي بيلجأ للعنف ولا بيلجأ للحوار لو زعلنا هاتعدي اليوم وإحنا متخاصمين ولا هانتصالح في نفس اليوم، بعد الجواز هاتبقى عامل إزاي أسالي في الكلام ده الخطوبة مش كلها حب ورومانسية وورد أحمر، فيه حاجات أهم وهي إللي بسببها تخلي الجواز يستمر أو يفشل.
سلوى بتأكيد: أكيد طبعاً هاخد بالي من كل ده. ماتقلقيش. هي هبة فين؟
ماسة بتنهد، ثم تتفكر: هنا في أوضتها، تعبانة خالص. يا عيني، الحمل تاعبها.
سلوى بتساؤل: ينفع نطلع نقعد معاها؟

ماسة بإبتسامة: أكيد ينفع. بس برده لازم نتصل نستأذن.
سلوى بابتسامة: كلميها. على فكرة، أنا قاعدة معاكي اليوم كله، علشان نشل فايزة.
ضحكت ماسة.
💞___________________بقلمي_ليلةعادل◉⁠‿⁠◉
منذ أيام ومكي غائب عن الجميع، قاطعًا كل وسائل الاتصال، تاركًا هاتفه مغلقًا رغم محاولات سليم ووالدته والآخرين الوصول إليه. لم يكن مستعدًا لسماع نصائح أو تدخل من أحد، فقط أراد مساحة يختلي بنفسه ويراجع كل حساباته.
قضى الأيام الماضية يتنقل بين شوارع الإسكندرية، يمشي لساعات طويلة بلا وجهة محددة، يتوقف أحيانًا في مقهى ليشرب قهوته ثم يعود للشارع مجددًا. البحر كان رفيقه الدائم، لكنه لم يمنحه إجابة. كلما ظن أنه استقر على قرار، عاد الشك ليطارده. هل يتركها تمضي؟ هل يقاتل من أجلها؟
ظل على هذا الحال حتى جاءت لحظة الحسم، لحظة أدرك فيها أن التردد لن يكون خياره بعد الآن. رفع رأسه، تنفس بعمق، وقرر العودة إلى القاهرة. لم يكن مستعدًا للسماح لهذه القصة بأن تنتهي هكذا. بل سيقاتل من أجل استعادة عشقه.
قصير الراوي السادسة مساءً
مكتب سليم
نرى ماسة تجلس على المقعد الأمامي للمكتب، توقع على بعض الأوراق بتركيز. كان سليم يجلس على المقعد المقابل لها.
بعد الإنتهاء، قالت: أنا خلصت.
سليم: تمام.
ماسة عادت بظهرها للمقعد: ماما هاتيجي بكرة تقضي اليوم معانا.
سليم: أخواتك وأهلك كلهم ييجوا في أي وقت، مافيش مشكلة.
ماسة بامتنان:ماشي ياكراملتي
وأثناء ذلك، دخل مكي بعد عودته من الإسكندرية واختفائه لأكثر من أسبوع.

مكي: مساء الخير.
رفع كل من ماسة وسليم عينيهما له، وقالوا معًا:مساء النور.
ماسة: عامل إيه يا هربان؟
جلس مكي على المقعد المقابل لماسة، بابتسامة: الحمد لله
ماسة: سليم قال إنك سافرت علشان مكتئب.
هز مكي رأسه بصمت.
ماسة بلطف: صدقني، أنا مقدرة مشاعرك، ومبسوطة إن أختي عندها شخص بيحبها بالشكل ده، لكن لازم برضه تقدر إحساسها، حقيقي أنا ما كنتش فاهمة لإنّها ماتكلمتش عن مشاعرها وقتها بشكل واضح. يعني في البداية زعلت شوية، وبعدها بقت عادي.
عادت بشعرها للخلف وهي تمد وجهها بحزن:
حقيقي، ماتوقعتش إنها تكون تأثرت للدرجة دي… هي كانت متأثرة شوية. إنت فجأة سبتها بطريقة مش فاهماها، حتى أنا وقتها اتضايقت منك وتعصبت. لكن لما فهمت احترمتك. هي هتاخد وقتها.
قاطعها مكي: تاخد وقتها إيه يا ماسة؟ وهي راحت اتخطبت!
ماسة بعقلانية: إيه يعني؟ الخِطبة مش نهاية العالم. (نهضت)
ها اسيبكم بقى قاعدين مع بعض، روقوا كدة. وأنا هاحاول أكلمها تاني.
هزّ مكي رأسه بإبتسامة إيجابية وقال: ميرسي يا ماسة.
ماسة بعقلانية: أنا مش بعمل كدة علشانك، أنا برده لسة متضايقة من إللي إنت عملته، حتى لو ما كنتش بتظهر ده قدام سلوى، بس طريقة حبك، وأسبابك، والحزن إللي أنا شايفاه في عيونك ده، هو إللي مخليني واقفة معاك. لإني مش ها ألاقي حد يحب أختي زي ما إنت بتحبها.
نظرت ماسة لسليم وسألته: حبيبي، عايز حاجة تانية.
أجاب سليم: لا يا عشقي بس من فضلك خليهم يعملوا لنا فنجانين قهوة مظبوطة.

ماسة بابتسامة: حاضر، أنا هاطلع فوق أقعد شوية ألعب على الكمبيوتر. ماشي؟ أو ها أتكلم في التليفون مع أصحابي، يعني ها أشوف.
أومأ سليم برأسه موافقًا.
خرجت ماسة، ونظر سليم في عيني مكي وقال:
هديت ولا لسة؟
مكي تنهد: يعني شوية.
سليم بعتاب: سبتني في أكتر وقت كنت محتاجك فيه، يا مكي.
مكي وهو يزم شفتيه: صدقني يا سليم، وقتها أنا ماكنتش قادر أركز، مشاعري كانت متحكمة فيا. إنت حبيت ودقت عذاب الحب، وأكيد هاتفهمني. بس دلوقتي أنا خلاص عرفت ها أعمل إيه.
سليم تساءل: هاتعمل إيه يا صاحبي؟
مكي بنبرة حازمة: ها أعمل الصح، ها أفضل وراها لحد ما أرجعها ليا زي ما ضيعتها. ماتقلقش، مش ها أخلي مشاعري مشوشة على تفكيري.
تساءل: ها وصلت لحاجة؟’
سليم بقلق: قبل ماقولك أنا وصلت لإيه، أنا عايزك تبقى كويس. مش حابب أشوفك كدة، أول مرة أشوفك بالضعف ده.
مكي تبسم: أنا كويس يا سليم، ماتقلقش. قول لي، مافيش أخبار؟
سليم: بعد ما سافرت، دورت ورا إيريك وتيمو.
ماركو جه هنا علشان نفكر شوية مين يكون وراها، مد وجهه بيأس: بس للأسف… حتى أيريك اتصل وقال لي: أنا مش ها أعمل حاجة، عندي أهداف وحاجات أهم، مستحيل أخسرها علشان إنتقام غبي.
مكي بعقلانية: طب ما أنا قلت لك إن إحنا دورنا وراه بمساعدة ماركو وريمون والباشا ماوصلناش لحاجة الناس دي مابيحسبوهاش زينا مابيفكروش بالعواطف بيفكروا بالعقل أبوهم كان ليه مكان كبير على الترابيزة ومستحيل يخاطروا بيه.
تنهد سليم بتعب وهو يعود بظهره للخلف: أنا تعبت يا مكي، حقيقي تعبت، عايز أضرب دماغي في الحيطة. عايز أوصل للي عمل فيا كدة، بأي تمن بأي طريقة.

مكي: هنوصل يا سليم، بس أهدى علشان تعرف تفكر صح.
هز سليم رأسه موافقًا: أنا هاعمل كده، هابعد تركيزي عنه دلوقتي، وهاركز في الشغل، وهاحاول أهدى. المهم، عايزك تراقب إخواتي وعماد ومنى… كل إخواتي بلا استثناء، حتى فايزة والباشا. مافيش حد هايخرج برة دائرة الشك. بس الكلام ده بيني وبينك، حتى عشري مايعرفش عنه حاجة.”(بحزم) أنا وأنت وبس.
أشار بيده باتساع عينه بحسم:
وها أدور ورا كل الرجالة، هاتراقب تليفوناتهم، واللي تليفونه يتغير خلال الفترة دي، أو يقول لك: ‘رقمي اتغير’ أو ‘تليفوني ضاع’، توديه على المخزن فورًا. حتى إسماعيل، هاتفتش وراه… تدور في السجلات المكالمات قبل الحادثة بشهر أو شهرين. هاتبص في كل حساب لكل واحد فيهم، طبيعي ولا مش طبيعي؟ عندهم حسابات برا ولا لأ؟ وسارة، مرات عماد، كمان تراقب تحركاتها. أوعى تستثني حد، وأي حاجة تحسها مش طبيعية، حتى لو كانت تفصيلة صغيرة، ماتعديهاش اهاليهم تبصي في حساباتهم لانهم ممكن يكونوا كاتبين الحسابات بتاعتهم باسامي اهاليهم او بيوت او عربيات فاهم.
مكي متعجبًا: إنت شاكك في حد منهم يا سليم؟
سليم بعينين متسعتين من الشك: موضوع فايزة مش مريحني… فايزة من ساعة ما عرفت إن ماسة بقت ليها الأحقية في قبول أو رفض أي مشروع أو صفقة تخص المجموعة، وهي متعصبة ومتضايقة. الموضوع ده مجننها، ومستحيل تعديه بالساهل.
مكي أمال رأسه قليلًا وقال بعقلانية: الصراحة، تحليلي للموضوع إنه كله نابع من حبهم ليك. بيحاولوا يعوضوك عن اللي خسرته، عن اللي إنت وماسة تعرضتوله… يعني خسرت بنتك، واتعرضت لتعب شديد، غيبوبة، ورصاصة في ظهرك، وموضوع الخلفة… ورجلك… نفسيتك متدمرة أصلًا. فشايفين إنهم ممكن يعوضوك ولو شوية… نوع من أنواع التعويض، مش أكتر
هز راسه كانه غير مقتنع وهو يحرك يده اكمل:
وبعدين، دي حاجة تخصك إنت… إيه دخل إخواتك في الموضوع لمجرد إنها كتبت لك حاجة؟ تفتكر إنها تكون عارفة أو شكة وساكتة؟ استحالة.
سليم بنبرة حازمة: يعني إنت مش شاكك إن إخواتي ممكن يعملوها؟”
مكي بصوت هادئ وعقلانية بتحليل: بص يا سليم، فريدة هانم وياسين مستحيل يعملوها، حتى هبة مراته وإبراهيم جوز فريدة. أما رشدي، فهو جبان وغبي… دماغه ماتوصلش إنه يخطط بالشكل ده. حتى عماد وصافيناز، دول آخرهم يروحوا يتفقوا مع حد علشان يبوظوا صفقة، ياخدوا شوية فلوس ويحولوها، يعملوا صفقة شمال، كل ده بس علشان يبينوا نفسهم قدام الباشا… علشان ياخدوا مكانك زي زمان منى بقى متعرفش تعمل اي حاجة غير أنها تعلب في دماغ طه يديها فلوس يكتبلها ارض.

سليم، مشيرًا بيده بتنبيه مال جسده للإمام: أوعى تستصغر حد… صدقني، دايمًا اللي بتستصغره هو اللي بيطعنك في ظهرك. دور وراهم، ماتستصغرش حد مها كان.
مكي هز رأسه بإيجاب: أمرك يا ملك، اللي إنت عايزه… بس أوعى أكون في القايمة.
سليم، بابتسامة واثقة تمامًا: أنا لو ذراعي الشمال خاني، مستحيل أصدق إنك تخوني.
مكي تبسم وهو ينظر إلى سليم بحنان: وأنا قد ثقتك يا خويا… ها، الأمور ماشية تمام مع ماسة ولا متضايقة؟
سليم، بابتسامة خفيفة لكن بنبرة حازمة: لا، مش متضايقة. هاتتعود، ولو ما تعودتش، تتعود غصب عنها. الدلع بتاع زمان ماينفعش. إحنا دلوقتي في مصيبة، ولازم تتحمل المسؤولية.
مكي، وهو يهز رأسه برفق وعيناه تعكسان تعاطفه: بس بالراحة عليها، بلاش تقسى عليها.
سليم، يبتسم ابتسامة باهتة، ثم يقول بنبرة مليئة بالصدق والمحبة: هو أنا بعرف أقسى عليها يا مكي؟ ولا عمري قسيت عليها… إنت عارف، أنا لو قسيت على الدنيا كلها، ماقدرش أقسى عليها ثانية واحدة.
مجموعة الراوي
مكتب صافيناز الثالثه عصراً
داخل مكتب صافيناز، كانت جالسة وسط الأوراق، تتفحصها بدقة بينما إسماعيل يجلس أمامها. رفعت عينيها إليه بضيق:
صافيناز: تأخرت ليه كده؟؟ عماد رجع من يومين.
إسماعيل وهو يسند ظهره للكرسي: إنتِ طلبتي مكالمات ست شهور كاملة، ده غير إن كان عندي مأموريات… في حاجة شاكة فيها؟
نظرت له صافيناز قليلاً قبل أن تفتح درج مكتبها، تسحب منه مبلغًا من الدولارات، تمده نحوه وهي تقول بصوت خافت: ملكش دعوة… الكلام ده سرّ بيني وبينك، الباشا وسليم مايعرفوش عنه حاجة.
أخذ إسماعيل المال دون تعليق، وهز رأسه موافقًا: تمام… عموماً، عماد سجلّه نضيف.
ابتسمت صافيناز بثقة: أنا واثقة في جوزي.
إسماعيل وهو يهز رأسه بسخريه مبطنه: وهو يستاهل الثقة…الصراحة، ماشفناش منه أي حاجة… غير بس زمان قوي، لما عكّ الدنيا هو ومنى، لكن بعدها مشي مظبوط.

صافيناز بإشارة من يدها: طيب… ماشي، روح إنت.
نهض إسماعيل وخرج، بينما بقيت صافيناز تتفحص الأوراق، لكن لم تجد أي شيء مثير للاهتمام.
في هذه اللحظة، كان عماد جالسًا في مكتبه، واضعًا سماعات في أذنه، يبتسم بسخرية، ثم همس لنفسه: سارة طلع عندها حق.
فهو يضع سماعات ميكروفون ويقوم بالتصنط عليها
في الخارج ،أثناء خروج إسماعيل تصادف مع وجود سليم، فتبادلا التحية سريعًا.
سليم: انت جاي ليه؟
إسماعيل: كنت جاي أدي صافي الأوراق…زي ما اتفقنا.
سليم وهو يراقبه بنظرة ثابتة: عملت إيه في موضوع عماد؟
إسماعيل بهدوء: “زي ما أمرت… غطّيت عليه، بس لحد إمتى هتفضل مغطي عليه في موضوع جوازه من سارة؟
سليم بابتسامة غامضة: عشان أنا متأكد إن الورقة دي ليها ميعادها لعزت ولا صافيناز ولا اي حد ينفع يعرف ان عماد متجوز على سارة.
تحرك سليم نحو سيارته، فسأله إسماعيل: إنت رايح فين؟
سليم: مروّح البيت.. وإنت؟
إسماعيل ضاحكًا: وأنا كمان، بس أختك بخيلة قوي، أديتني 500 دولار بس.
ضحك سليم وهو يربت على كتفه: أنا هعوضك… سلام.
صعد كل منهما سيارته، وغادرا في اتجاهين مختلفين.
💞____________بقلمي_ليلةعادل。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。
منزل إسماعيل الخامسة مساءً
تظهر عبير، زوجته التي تم خطفها في أول أحداث الرواية من قبل سليم.
وهي تحضّر السفرة ببساطة. وضعت الأطباق على الطاولة وهي تبتسم عندما رأت إسماعيل يقترب مرتديًا نفس ملابسه منذ الصباحيه.

عبير بحب: إسماعيل! ماغيرتش هدومك ليه؟ تعبان؟
إسماعيل بصوت مرهق: آه.. اليوم كان طويل أوي قولت أكل لاول.
عبير وهي تصب له كوب ماء: سلمتك يا حبيبي .
جلس إسماعيل على الطاولة، التقط الملعقة وبدأ في تناول الطعام، بينما كانت عبير تراقبه بحذر قبل أن تتكلم.
عبير: كنت عايزة أقولك على حاجة كده.. تيم محتاج شوية فلوس للمدرسة، المصاريف زادت السنة دي، والمدرسين عايزين دروس زيادة.
إسماعيل وهو يضع الملعقة: ماتقلقيش، هظبط كل حاجة.
عبير بحماس: وكمان الأرض اللي قلت لك عليها، بصراحة دي فرصة مش هتتعوض، الموقع ممتاز والسعر لسه معقول. لو أخدناها دلوقتي، بعد سنة هتبقى ضعف التمن!
إسماعيل بعد تفكير: عندك حق اعتبريها بتعتنا ومن غير مندفع جينه.
عبير بتردد بسيط ونبرة مداعبة: ما تنساش برضه موضوع الشاليه بتاع الجونة.. بقالنا فترة مأجلين القسط بتاعته، ولا إيه؟
ابتسم إسماعيل وهز رأسه، ثم مال للأمام وأمسك يدها برفق.
إسماعيل: ماتقلقيش، كل حاجة هتتعمل. بس إنتي سيبيني أرتبها بالطريقة الصح.
عبير بابتسامة راضية: عارفة إنك مش بتتأخر عني في حاجة.. بس بحب أفكرك.
ابتسم إسماعيل وأكمل طعامه، بينما كانت عبير تراقبه بنظرة ممتنة.
في البار الفاخر الواحدة صباحاً
حيث اعتاد رشدي قضاء سهراته، جلس يحتسي الخمر ويقضم بعض المكسرات ببطء. لم يكن له مزاج للحديث، لكن الأجواء حوله كانت تضج بالحياة..
بعد قليل،اقتربت منه الفتاة المثيرة نيللي، بخطواتها الواثقة، وعيناها تلمعان بدهاء. يبدو أنها لم تأتِ مصادفة، بل أُرسلت إليه…لكن من أرسلها؟ ولماذا؟
نيللي بإغراء: Hello رشدي.
رفع عينيه إليها ببرود، ثم رد دون اهتمام: Hello.

سحبت كرسياً وجلست بجانبه دون استئذان، نظراتها تتفحصه بجرأة قبل أن تتابع:
يعني بعد ما مشيت، ولا كلمتني ولا حتى رديت على مكالماتي؟
رشدي، وهو يحرك كأسه بين يديه: ما اتعودتش أقرب من حد بالسرعة دي…مش عشان اللي حصل تفتكري خلاص بقينا أصحاب.
نيللي، بابتسامة جانبية: وإيه يعني لما نبقى أصحاب؟
رفع حاجبه متسائلًا: إيه الحكاية بالضبط؟
نيللي بهدوء: مفيش حكاية… كل الحكاية إني عايزة أكون من حريم رشدي الراوي.
ابتسم بسخرية، ارتشف من كأسه، ثم قال: هو مش انتي ماكنتيش عارفاني؟
نيللي، وهي تميل نحوه قليلًا: أنا عيني عليك من زمان، بحاول أقربلك لكن ما كنتش واخد بالك… تملي مركز مع الست زيزي وشاهندة!”
رشدي، وهو يتأملها بتركيز: وبعدين؟
نيللي، بابتسامة مغرية: عايزة أبقى من حريم رشدي الراوي، زي ما قلت لك… إيه المشكلة؟ ما عجبتكش؟
رفع رشدي الكأس إلى شفتيه وأخذ رشفة طويلة قبل أن يضعه على الطاولة. نظر إليها نظرة طويلة قبل أن يقول بهدوء: هفكر.
نهض من مقعده، استعدادًا للمغادرة، لكنها أوقفته بعبارة مباغتة:
نيللي: بقولك إيه، ليك في سباق العربيات؟ والا ياسين بس اللي مجنون بالحاجات دي؟
التفت إليها، فعادت تكمل بثقة: بيقولوا إنك أحسن منه… وأنا عايزة أشوف بعيني، هو ولا أنت.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه، لكنه لم يعلق. اقتربت أكثر، وهمست: في سباق قريب ناس صحابي عاملينه، تيجي؟
تراجع خطوة للوراء، نظر إليها نظرة عميقة قبل أن يقول بنفس البرود المعتاد: هفكر.
نيللي، وهي تمسك هاتفها: هابعَت لك اللوكيشن والدعوة… بس عايزة أعرف، هتيجي؟
رشدي، وهو يتحرك مبتعدًا: قلت لك… هشوف.
نيللي بثقه: هتيجي.

رشدي وهو يتحرك؛ هشوف.
نيللي بإصرار: هتيجي.
خرج من البار دون أن ينظر خلفه، تاركًا نيللي تتابعه بنظرة مليئة بالتحدي كأنها واثقة أنه سيأتي..
قصر الراوي – الليفنج روم – الثانية صباحًا
كانت ماسة جالسة بمفردها أمام التلفاز، تتناول بعض الحلويات وتضحك على مشهد ما. في تلك اللحظة، دخل رشدي إلى الغرفة، فاستوقفته ضحكتها، تبسم تلقائيًا وهو يقترب منها.
رشدي، بنبرة مرحة: Hello يا ست الحُسن.
رفعت حاجبيها ونظرت إليه بسخرية: والله العظيم، إنت مش هتهدى غير لما سليم يذبحك.
ضحك رشدي وجلس على الكرسي بجانبها، التقط قطعة من الشيبسي ووضعها في فمه.
رشدي، وهو ينظر من حوله ببحث: هو فين الأمير الصغير صحيح؟
ماسة، وهي تأكل قطعة أخرى من الحلوى: ما أنت عارف بينام بدري.
رشدي: وانتِ ما بتناميش بدري ليه؟
ماسة، وهي تنظر له بنصف عين: يعني بقيت بنام متأخر شوية وأصحى متأخر شوية… بقيت فاشلة زيّك.
ضحك رشدي وهو يومئ برأسه: ماشي يا سِتّي!
عاد بنظره نحو التلفاز، يتابع المشهد لبعض الوقت، لكنه كان يراقبها أكثر مما يشاهد. كل ضحكة منها كانت تجذبه دون وعي، وأفكاره بدأت تتجول في مقارنات لا تنتهي. كم كان يتمنى لو كانت الفتاة التي بجانبه له… أو على الأقل، لو عرف واحدة تشبهها. الغيرة كانت تلتهم قلبه دون أن يدرك.
رشدي، وهو يقطع الصمت: قولي لي يا ماسة… ما فكرتيش تخرجي وتغيري الروتين ده؟
ماسة، وهي ترفع حاجبها: مش فاهمة… قصدك إيه؟
رشدي: يعني تخرجي، تسهري، تغيّري حياتك شوية.

ماسة، وهي تنظر له بتمعن: أنا حاسة إنك تقصد إنّي أسهر في أماكن زي بتاعتك؟
هزّ رأسه بإيجاب، فتابعت ماسة بحزم: معلش، حياتك دي ما تستهونيش.
رشدي، وهو يتكئ للخلف: وبعدين؟
ماسة، بثقة: بعدين إنّ الخمرة حرام، والأماكن اللي بتروحها مليانة حاجات غلط.
ضحك رشدي وهو يهز رأسه، لكن قبل أن يتكلم، أكملت ماسة:
وبعدين يا رشدي، أنا مش حاسة بأي ملل ولا خنقة زي ما انت متخيل. أنا خرجت قبل كده، شفت، وعشت حاجات مع سليم تجنن غير حياتك الغلط دي. لو كانت حياتك دي كويسة، مكنتش قدرت اخلي سليم يبعد عنها. بس دلوقتي الوضع مختلف. صحيح الفترة دي سليم مانعني من الخروج،بس السبب ده مش مخليني حاسة بالملل..أنا تمام.
رشدي، بابتسامة: أنا عارف إنك تمام، بس على فكرة… بس الحياة اللي بتتكلمي عنها حلوة انت بس اللي ما عشتهاش بالشكل اللي يخليك تحبيها..
ماسة، بنظرة حاسمة بإصرار: تؤ حلوة عشان الشيطان هو اللي مخلّيها حلوة في عينك، بس انت لو جربت تبعد عنها وتعمل حاجات تانية، صدقني هتشوف الحلاوة الحقيقية.
توقف رشدي عند كلماتها، تأملها للحظة وهو لا يجد ردًا جاهزًا. لأول مرة منذ زمن، شعر وكأن أحدهم يلقي إليه بحقيقة لم يجرؤ على مواجهتها. لكن ليس لديه “ماسة” لكي تخرجه من تلك الحياة كما أخرجت سليم.
فماذا فعل سليم ليعيش كل تلك النعم؟ زوجة يتمناها الكثير، حتى لو كانت في الحقيقة خادمة… نجاح في أعماله… تميز بين أشقائه… كل شيء متاح له.
مسح رشدي وجهه بغيرة ونهض وهو يقول بنبرة خافتة: ما تحاوليش تسهري كتير، خليكي زي ما انتي…ماسة اللي عرفتها.
غمز لها وتحرك للخارج. نظرت ماسة خلفه لثوانٍ باستغراب، لكنها لم تعلّق، فقط أكملت المشاهدة لبعض الوقت. وبعد قليل، صعدت إلى جناحها، بدّلت ملابسها، واستلقت بين أحضان سليم، حيث تنتمي.
مكتبة دار الكتب، العاشرة صباحاً.
مظهر عام لذلك المبنى العريق من الداخل والخارج، وآلاف الكتب مصفوفة في الأرفف والطاولات، ثم نشاهد سلوى وصالح يجلسان على إحدى الطاولات ويقرآن أحد الكتب بتركيز… وأثناء ذلك دخل مكي الذي لا يتركها بمفردها للحظة واحدة. اقترب منهما وتصنع الصدفة.

مكي توقف أمام طاولتهما وهز رأسه بتحية: سلوى هانم، إيه الصدفة دي؟ إزيك؟ إزيك يا أستاذ صالح؟
رفعت سلوى عينيها نحو مكي بإستغراب وقالت:إيه ده إنت هنا ليه؟
مكي، وهو ينظر من حوله، قال: عايز أثقف نفسي، سليم أجازة، و أنا قاعد في البيت لوحدي زهقان، وإنتِي عارفة إني وحيد، وماما مسافرة عند خالتي، قولت أجي أعلي من ثقافتي شوية.
نظرت سلوى له بعدم تصديق برفعة حاجب: يا سلام تمام.. ثم أشارت بيديها إلى صالح قالت ده أستاذ مكي.
قاطعها مكي وهو يتك على الكلمة: أستاذ!!
مسح فمه وكأنه يريد أن يعطيها لكمة من غضبه من طريقتها المستفزة تلك.
أكملت سلوى بإستفزاز أكبر: أستاذ مكي يبقى الحارس الشخصي لجوز أختي سليم الراوي.
مكي: مش بس كدة، أنا صديقه الأنتيم كمان، وصديق العيلة.
صالح قال بإحترام: أنا شفتك في الخطوبة.
مكي: آه، ما أنا جيت فعلاً.. طيب بعد إذنكم بقى، أنا جنبكم، لو احتجتوا حاجة.
سلوى برخامه: أكيد مش هانحتاج حاجة، ولو احتجنا حاجة هانقدر نتصرف.
نظر لها مكي من أعلى لأسفل دون رد ببرود
ثم جلس على الطاولة المجاورة له وننتبه إنه يستمع جيدا لحديثهما.
جلست سلوى وصالح مرة أخرى، وقال صالح
بإستغراب: إنتِي بتتكلمي معاه كدة ليه؟
سلوى متعجبة: المفروض أكلمه إزاي يعني؟
صالح: عادي، حسيت إنك كنتِي بتكلميه بطريقة ناشفة شوية، كأنك متضايقة منه.
سلوى بإرتباك: ولا متضايقة ولا حاجة.

صالح أخرج شفتيه: مش عارف، بقول لك إيه، سيبك بقى من القراءة. تعالي نخرج، نروح أي مطعم نأكل نشرب حاجة.
أمسك يديها فجأة قال بغزل: نحب في بعض.
سحبت سلوى يديها من بين يديه، وهي تشعر بالضيق: صالح قلت لك لو سمحت ما تعملش كدة تاني.
صالح بضجر: بس أنا ماعملتش حاجة، إنتِي خطيبتي.
سلوى: أه خطيبتك، بس أنا لسه ماخدتش عليك، وحاسة إن ده ما ينفعش.
صالح، متعجبًا: إيه اللي ما ينفعش؟ أنا با أقولك تعالي معايا الشقة، أنا بمسك إيدك.
رفعت سلوى عينيها بهدوء ووضعت الكتاب على الطاولة بنبرة جاده: صالح، لو سمحت، خد بالك من كلامك.
توقفت لبرهة ثم أضافت: يلا نروح.
صالح، بنبرة ممتعضة: إنتِ هاتزعلي وتبقي نكدية ولا إيه؟
سلوى بنبرة ثابتة: من فضلك، خلينا نمشي.
كان مكي يستمع للحوار عن بعد، وتظهر على ملامحه علامات الضيق والغيرة. بدا كأنه يرغب في التدخل، لكنه قرر كتم مشاعره.
خرجت سلوى برفقة صالح، بينما تبعهم مكي على مسافة بعد بضع ثوانٍ.
وعند وصولهم إلى السيارة، وقفت سلوى قبل أن تصعد.
صالح: ماتزعليش، أنا ماكنتش أقصد حاجة. إحنا مخطوبين، فقولت عادي.
سلوى، بإبتسامة خفيفة: معلش، بالنسبة لي ماينفعش.
صالح: المهم، ماتزعليش.
ابتسمت سلوى وقالت: خلاص، مش زعلانة.
ابتسم لها بدوره: هاكلمك في التليفون.
فتح لها باب السيارة بحرص، لتصعد وهي ترد بابتسامة مقتضبة.

تحركت السيارة، وما إن وصلت سلوى الفيلا حتى وجدت مكي واقفًا أمام سيارتها، كأنه ينتظرها.
نظرت إليه باستغراب دون أن تعطيه أي اهتمام، ونزلت من السيارة بهدوء.
حينما اقتربت منه، رفع مكي عينيه نحوها ونظر بضيق واضح يعلو وجهه. توقف أمامها وقال بلهجة جادة: الولد مش كويس .
سلوى متعجبة: ولد مين؟!
مكي: خطيبك.
سلوى بسخرية: ليه هو انت مش عملت تحرياتك و طلع محترم وأهله ناس كويسة وكل الكلام ده
بعدين أسمه صالح مش ولد.
مكي بهدوء مفسرا: أيوة دي الأسئلة العادية لما واحد بيروح يتقدم لواحدة بيتعرف، لكن الحاجات التانية لا وده بان في طريقته معاكي ما كانش محترم وبيعدي حدوده.
سلوى بشده: تعرف تخليك في حالك تعرف مالكش دعوة تعرف ماتتدخلش.
حاولت التحرك لكنه أعاق تحركها قال بشدة: أسمعي الكلام وبطلي عند.
سلوى ردت عليه بنبرة حازمة: دي حياتي، وأنا عارفة أنا بعمل إيه؟! وبعدين، إنت مالك؟ مالكش حق تتدخل.
مكي: أنا مش بتدخل، أنا بنبهك.
سلوى ببرود: شكراً على النصيحة بس مش ها أقولك تاني خليك في حالك.
دفعت كتفه بيدها لتكمل طريقها إلى داخل الفيلا، بينما ظل مكي واقفًا في مكانه، يراقبها وهي تمضي مبتعدة. قبض على كفه بإحكام وضغط على أسنانه بغضب مكبوت، كأنه يحاول أن يسيطر على مشاعره التي تفلت منه شيئًا فشيئًا.
خلال شهرٍ كامل، استمر سليم في البحث عن المتسببين في الحادث دون جدوى، بينما كان مكي يواصل البحث خلف آثار أشقاء سليم كما طلب منه. أما ماسة، فظلت حبيسة في القصر، لا تذهب إلى أي مكان حتى إلى والدتها كما اعتادت في السنوات الأولى من زواجها. كانت تقضي وقتها في قراءة الكتب استعدادًا للجامعة، وبدأت تتعلم لغات جديدة بعد أن أتقنت الفرنسية والتركية والإنجليزية في السنوات السابقة. كانت تتعامل مع قرارات سليم بشكل طبيعي وكأن شيئًا لم يحدث.
من جهة أخرى، كانت سلوى تحاول التفاهم مع صالح والتقرب منه، بينما كان مكي يواصل مراقبتها عن كثب. أما العائلة، فقد أصبحوا لا يفعلون شيئًا سوى التركيز على أعمالهم كما في السنوات الأخيرة، خوفًا من أن يصل سليم إلى أي معلومات حساسة عنهم، خاصة بعد أن بدأ في مراقبتهم عن كثب.

في إحدى المستشفيات الخاصة
كان ياسين وعزت يقفان في الممر، يبدو عليهما القلق والتوتر كان كل منهما ينظر إلى الباب المغلق لغرفة العمليات بترقب، بينما كانت دقات قلبهما تتسارع مع مرور الوقت. بعد دقائق طويلة من الانتظار، خرج الطبيب من الغرفة وهو يلهث بشدة، ووجهه شاحب من القلق. نظر إلى ياسين وعزت وقال بصوت مرتعش…

يتبع…. 
google-playkhamsatmostaqltradent