رواية عناد الحب الفصل السادس 6 - بقلم اسماء الاباصيري
6. هدنة
بداخل غرفته نراه يكاد يموت غيظاًً من تصرفات مزعجته الصغيرة ... كيف جاءتها الجرأة لانهاء حديثهما و المغادرة تاركة اياه ينظر بغضب فى اثرها ... بل وتقبل دعوة السيد طارق بدون الرجوع له اولاً ...اه مهلاً هو طارق فقط وليس سيد طارق ..... فيزيد غضبه عند تذكره نطقها لإسمه مجرداً وكأنه شيء اعتادت علي فعله ... وما يتلف اعصابه حقاً غضبه الغير مبرر من هذا الامر ... فما شأنه هو بها او بهذا الاحمق ؟ لما يهتم من الاساس ؟..... انهى حيرته تلك بنهوضه ليأخذ حمام بارد عله يهديء اعصابه هذه قبل هذا الحفل اللعين
وعلى الجهة الاخري نجد حال بطلتنا على العكس تماماً .... الابتسامة الواسعة مرسومة على ثغرها فرحاً برؤية صديقتها اخيراً بعد ثلاثة اشهر عانت فيها من افتقادها
أسيل : مش قادرة اصدق انك هنا قدامى .. اخيراً رضيتي عنى و قبلتى تسمعى الكلام و تنزلى مصر .... انا شوية وكنت هتجنن خلاص .. مش لاقية حد اناكف فيه.... محدش مستحملنى ولا فاهمنى زي ما انتى بتفهميني
كارول بتفاخر : طب كويس اوى عشان تعرفي قيمتى و اللى بعانيه من الصحوبية دي ... قولتيها بنفسك محدش بيتحملك غيري
أسيل بغضب طفولى : متتكلميش كأني بلوة و محدش بيطيقنى كل الموضوع اننا اتعودنا على بعض و شبه بعض فى حاجات كتير و ده مش بيحصل بين اى اتنين بسهولة زى مانتى عارفة
كارول بجدية مصطنعة : حبيبتي انا مقولتش انك متطاقيش انا بقول بس انك مجنونة
تصنعت أسيل انها تذكرت امراً هام لتجيب
أسيل : اااه صحيح هو انا مقولتلكيش ؟
كارول بإهتمام : ايه؟
أسيل بضحك : مش انا عقلت
كارول بإنزعاج : ايوة فعلاً و دمك بقى زي السم .... اخدت بالي
لتنفجر كلتاهما ضاحكتين ويعاودا احتضان بعضهما البعض للمرة ..... السادسة ربما ؟؟
وبدأت كلاً منهما فى سرد ما لديها من احداث فى الفترة التى قضتها وحيدة لتدمع اعين أسيل عند ذكر وفاة اخيها وما تلى ذلك من اشاعات ثم تتحول ملامحها من الحزن الى الانزعاج عند ذكر معتز لتتحول مرة اخرى الى الغضب عند ذكر بعضاً من مواقفها مع آدم لتنفجر كارول ضاحكةً و هذه المرة لم تشاركها أسيل لكن بعد وقت قليل ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة لتتوقف صديقتها عن الضحك وتنظر لها بإستغراب
كارول بخبث : وايه الضحكة دى بقى ده انا افتكرتك متضايقة منه ولا انا غلطانة؟
أسيل بقليل من الارتباك : لا طبعاً مش غلطانة انا مش متضايقة منه بس لا ده انا مش طيقاه
كارول بخبث : ايوة ايوة طبعاً واضح واضح
لتعود الى سلسة ضحكاتها ولكن هذه المرة على ما جال فى خاطرها بخصوص صديقتها وشريكها هذا .. فَرِحة لصديقتها متمنية لها السعادة .. فيما كانت الجالسة امامها تهتف بها ان تتوقف عن الضحك و السخرية منها
استمر حالهم هذا لفترة حتى استأذت أسيل للمغادرة بسبب الحفلة وتواعدتا ان يتقابلا مرة اخرى
عادت أسيل الى غرفتها لتتجهز للحفل ... ارتدت فستان بسيط ولم تهتم بتصفيف شعرها بشكل مبالغ فيه بل اسدلته فقط على كتفاها ووضعت بعض اللمسات البسيطة من المكياج لتبدو جاهزة للذهاب
فى حين ارتدي آدم ملابس كاجوال ووضع من عطره الرجولى الفرنسي ومن ثم استعد للذهاب
فتح كلاً منهما باب غرفته فى نفس اللحظة لينظرا الى بعضهما البعض و يغفلان للحظة عن شجارهم منذ قليل ... يسرح كلاً منهما فى الاخر
ولكن هيهات فقد اتى مُفسد اللحظات السعيدة ..السيد طارق .. لاصطحابهما خصيصاً .. يكاد يطير فرحاً لحضور أسيل وبالطبع لم ينسى ان يثني على اناقتها وبساطتها اما نحن يا سادة فلم ننسي صديقنا آدم والذي كان على وشك الاشتعال غيظاً من هذا الأرعن ولكنه كالعادة استطاع ضبط ملامحه حتى لا ينكشف ما بداخله
انشغل طارق بضيوفه طوال الحفل منصرفاً عن ابطالنا دون ارداة منه لا يعود اليهم الا للحظات و سرعان ما يسحبه احد الضيوف بحوار هام ...... لولا ذلك لأوشك احدهم على إرتكاب جريمة ولن يستطيع اياً كان لومه ... فأسلوب طارق المبالغ فيه ازعج أسيل نفسها وجعلها هى ايضاً على وشك الانفجار ... بداخلها تقسم انه ان لم يكن عميل مهم لكانت تناولت سلاح آلى من احد افراد الأمن هنا وافرغت الرصاصات جميعها بصدره ولربما ايضاً اخدت قليل من النبيذ تسكبه عليه مدعية انه دون قصد ومن ثم تطلب من آدم قداحته - والذي لن يتأخر عنها لحظة -نظراً لإتفاقهم ولاول مرة على هدف واحد - لتتم جريمتها وتشعل به النار
ولكنها بالطبع فتاة رقيقة ليست ذا تفكير اجرامي لتفعل هذا ... لذا فستظل صامدة وتتحمل هذا الكائن السمج .. اخذت تسترسل فى افكارها البريئة تلك قبل ان تستقيظ على صوت آدم يحدثها
آدم محاولا انشاء حوار ينسيه هذا الطارق :خير ؟ شكلك مش هنا خالص ... بتفكري فى ايه؟
أسيل بتلقائية : كنت بفكر فى كلام استاذ طارق النهاردة
آدم بغيظ : اكيد طبعاً ... هو في غيره
أسيل باستغراب : قصدك ايه ؟
آدم بغيظ و حدة : اقصد انك مبتفكريش غير فى الاستاذ طارق و كلام الاستاذ طارق
أسيل بغضب : قصدك ايه بكلامك ده ؟ ... اه صحيح انت لمحت لحاجة زي دي قبل كده .... ما تقول انت تقصد ايه من غير لف و دوران
آدم بغضب : انا لا بلف و لا بدور و بعدين لو كنتي استنيتي تسمعى كلامى قبل ما تمشي و تسيبينى واقف مكانى كان زمانك فهمتى انا اقصد ايه .. لكن انتى هربتي من الحوار كله لانك مش هتقدري تلاقي مبرر لموقفك
أسيل بحدة : انا مش محتاجة ابررلك اى حاجة .... اللى عاوزة اعمله هعمله و من غير اي تفسير .... ثم اردفت بسخرية ..... و بعدين انا مش فاهمة انت مهتم بتصرفاتي و علاقاتى كده ليه .. ايه ... بتغير ؟؟؟؟
آدم : سبق و قولتهالك قبل كده لكن واضح ان ذاكرتك زي ذاكرة السمك ..... ثم اكمل حديثه ببطء شديد ........ انتي مش من نوع الستات اللى يدخل دماغي ..... فمتديش لنفسك اهمية زيادة .... طفلة زيك مش هي اللي افكر فيها حتى مجرد تفكير
اتبع حديثه هذا بنظرة استحقار شملتها من رأسها لاخمص قدميها وتركها مغادراً القاعة بأكملها
تركها مازالت تستوعب كلامه لا تصدق كونه بهذه الحقارة لكن ما بداخلها ليس بغضب بل حزن ..... حزن عميق وجرح سبَّبَهُ كلامه لها .... شعرت بلسعة بعينيها لتذهب من فورها الى الحمام تنظر للمرآة فتري دموع حبيسة فى مقلتيها ... تبكى !!!! ... تبكى بسببه وبسبب حديثه لها !!!! زاد بكاءها حزناً على حالها و ضعفها امامه .
لمَ أثر فيها كلامه لهذه الدرجة!!!!!! ليست بأول مرة يُحدثها بتلك القسوة ... اذاً
لمَ تهتم !!!!!
ظلت تبكي فترة ليست بالقصيرة حتى هدأت قليلاً لتغسل وجهها بالماء مغادرة الحمام والحفل بأكمله.
فى طريقها لغرفتها وقبل ان تفتح الباب سمعت صوت تكسير وتحطم زجاج صادر من غرفة آدم لتفزع وتهرول ناحيته .. تطرق الباب بحدة فتسمع صراخه الغاضب .. ابتلعت ريقها قبل ان تدير مقبض الباب وتدخل فتراه يقف بمنتصف الحجرة يوليها ظهره ... حركة كتفاه تدل على تنفسه الغير منتظم لترمي نظرة سريعة على الغرفة فتجد جميع ما قابل للكسر فيها محطم بالكامل
خرج صوتها ضعيفاً هاتفاً بإسمه ليبدو وكأنه لم يسمعها ... كررت ندائها ليلتفت اليها و ليته لم يفعل .. لأول مرة ترتعب من نظراته الحادة الغاضبة فلقد كان فى اقصى حالات عصبيته وانفعاله ، ملامحه مكفهرة يشوبها الغضب والالم و
الحزن ؟؟؟ حزن عميق .... ظل هكذا لبعض الوقت حتى هدأت ملامحه قليلاً وان كان مازال يبدو عليه الغضب لينطق بآخر كلمة توقعت ان تصدر منه
آدم : آسف
لتتسع عينيها فى دهشة وترمش عدة مرات ليردف
آدم : اتعديت حدودي معاكي فى الكلام فى الحفلة ..... اسف ... مقصدتش ان ده يحصل
أسيل بصوت منخفض ومازالت تسيطر عليها الدهشة : تمام محصلش حاجة خلاص .... قبلت اعتذارك
ساد صمت مخيف بعدها ليكمل
آدم بابتسامة غريبة : خلينا نآخذ هدنة ممكن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
................
يتبع ............
•تابع الفصل التالي "رواية عناد الحب" اضغط على اسم الرواية