رواية دلال و الشيخ الفصل العاشر 10 - بقلم شيماء سعيد
دلال_والشيخ
الحلقة العاشرة
.............
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️
في رئة كُل امرأة أكسجين رجلٍ واحد هو من يختار نوعه إن أراد أن يكون شهيقاً أم زفيراً
.................
تمٖزق قلب تقى بعد رفض تميم محاولاتها فى التقرب منه وانهالت دموعها على وجهها وهمست بنحيب:
كده يا تميم تكسٖر قلبى اللى بيحبك وعشان مين أسماء اللى بتلعب بالبيضة والحجر.
بس صدقنى هتندم عشان عمرك ما هتلاقى قلب زى قلبى اللى بيحبك .
لتتعالى شهقاتها، فرأفت بحالها عفاف التى استمعت لحوارهما منذ البداية.
وهمست: خسارة يا تميم البنت فعلا بتحبك وصراحة أخلاق وانا مربياها على أيدى وطيبة وهبلة عشان تعترفلك بحبها كده وانت أهبل برده وترفضها .
عشان قلبك متعلق بأسماء بس أسماء متنفعكش عشان دلوعة وشايفة نفسها وعارفة كويس إنها عمرها مهتبصلك عشان عينيها ديما بتبص لفوق .
ففتحت الباب وطلعت تقى بحزن ولكن تقى عندما رأتها استدارت خجلا أن ترى دموعها .
عفاف: ازيك يا تقى؟
تقى بخفوت: الحمد لله يا خالتى .
عفاف بنصح: يا بنتى عايزة أقولك نصيحة منة هتتقبليها.
فأزالت تقى دموعها والتفتت لها قائلة بحزن يمزق قلبها : اه طبعا يا خالتى.
إقتربت منها عفاف وربتت على كتفها بحنو وقالت: مين يا بنتى اللى بإيده القلوب .
تقى: سبحانه وتعالى يا خالتى.
عفاف: عليكِ نور يا بنتى .
عشان كده نكلم ربنا سبحانه وتعالى مش العبد ونسلم أمرنا لله ولو فيه خير قادر ربنا يغير القلب فى لحظة ويكرمك بلى بتتمنيه .
تقى بحرج: خالتى أنتِ فاهمة ..؟
ابتسمت عفاف وأكدت: عارفة وحاسه بيكِ يا بنتى وبقول يارب أنا كمان ينور بصيرته يا بنتى لان لو لف الدنيا كلها مش هيلاقى زيك .
لمعت عين تقى وابتسمت واحتضنت عفاف قائلة: تعيشى يا خالتى وربنا يطمن قلبك وأنا هعمل بنصيحتك مش هكلمه تانى وهكلم ربنا سبحانه وتعالى فى كل سجدة يكون من نصيبى .
......
إختيار واحد خاطىء كفيل أن يحول حياتك إلى جحيٖم.
ارتجفت دلال من تلك الدٖماء التى تفور من رأس متولى وعلمت أنه هالك لا محاله
دلال: ده شكله مات يا ماما وهنروح فى ستين داهية، يعنى حى ميت بيأذينا، نروح ونيجى منين دلوقتى ..!
_إحنا لازم نهرب يا ماما حالا، وبسرعة أنا هدخل ألم هدومنا .
وعندما بدئت دلال التحرك جذبتها والدتها من معصمها، قائلة بحقيقة مؤكدة:
_مفيش هروب من المكتوب يا بنتى.
وهنهرب نروح فين بس واحنا لينا حد، وحتى لو لينا مين هيتحملنا وهنعيش ازاى..؟
_أنا لازم أسلم نفسى .
فصٖرخت دلال: لا يا أمى، مش هتستحملى قرف السجن وأنتِ صحتك تعبانة .
وان كان ولابد يبقى أنا اللى أسلم نفسى، أنا كده كده حياتى ضيعة .
تحسرت عليها والدتها وقالت: لا يا بنتى يستحيل تضيعى عمرك وأنتِ لسه فى عز شبابك وكفايا اللى ضاع منك كده.
أنا اللى هتحمل ده ذنبى وياريت كنت عملت كده من زمان .
_وبوصيكِ بنفسك يا دلال وخلاص بعد موت الظالم ده مفيش شغل كبريهات تانى واشتغلى اى شغلانة حلال لغاية ما ربنا يكرمك براجل صالح يحبك ويقدرك يا بنتى .
فبكت دلال بقدر الألم الذى عاشته واحتضنت والدتها التى على وشك خسارتها، فكيف ستعيش بدونها وهى كل عائلتها.
ابتعدت والدتها قائلة: يلا يا بنتى اتصلى بالبوليس قبل ما ريحته تطلع الكلب ده .
ارتجفت يد دلال وهى تحاول الإتصال ثم نظرت إلى والدتها بإرتباك قائلة:
_ مش هاين عليه يا ماما .
فجذبته منها قائلة: خايبة زى أمك، هاتى أنا هتصل .
فاتصلت بين دموع دلال التى لم تتوقف، خوفا عليها أن يصيبها مكروه بين غيبات السجن .
لتأتى الشرطة مع سيارة الإسعاف لنقل جثة متولى إلى المشرحة .
ظهر الفزع والرعب على وجه دلال حين سئلها الضابط:
مين فيكم اللى قٖتله؟
ولا انتم مشتركين مع بعض فى الجريمة.
تعلثمت دلال...اناااا
لتسرع والدتها فى الإجابة بثبات:
_ أنا يا باشا اللى قتٖلته ولو رجعت الدنيا تانى بيه هٖقتله تانى وتالت.
حدقها الضابط بنظرات ثاقبة مستفهما:
_ممكن أفهم ايه السبب..؟
فسارعت دلال بقولها : أمى كانت بتدافع عنى يا باشا عشان كان عايز يٖعتدى عليه .
فأكدت الأم: ايوه يا باشا كان عايز يعتٖدى على بنتى، ده غير اللى عمله معايا زمان .
كان بيلف ورايا فى الريحة والجاية بعد ما عرف إن جوزى مات وانا كنت بصده فى الأول بس بعد كده ضعفت لما قلى بحبك وعايزك فى الحلال وبنتك فى عينيه وأنا صدقته وعديت أهلى بسببه واتاريه اتجوزنى طمع فى ورث جوزى الله يرحمه وخده لنفسه بعد ما عملت ليه توكيل.
وبعدها رمانى سنين مكنتش لاقية أكل فيها ولو عيش حاف أسد بيه جوعى وجوع بنتى .
وطلعت ساعتها أشتغل فى البيوت عشان أكل بنتى وأجبلها كل اللى هى عايزاه.
وقعدت كده سنين يا باشا لغاية ما نسيته وفجأة معرفش إتحدف عليه من اى ناحية .
ورجع رسم عليه نفس الأسطوانة وإنه ندمان وكانت لحظة شيطان وانا لسه بحبك وعشان تصدقينى .
الورق ده فيها تنازل منى عن الورث اللى أخدته منك ومش محتاج عشان يرجعلك إلا إمضة منك.
ففرحت يا باشا ورحت ماضية من غير ما أعرف الورق ده فيه إيه عشان لا مؤاخذة مش بعرف أقرء ولا أكتب .
ومضيت وأتارى بين الورق كمبيلات يا باشا عشان يخلينى أشغل البت بعد ما كبرت واحلوت فى عينيه غصب فى الكباريه، وخيرنى يا الشغل يا الحبس .
فاضطريت أوافق غصبا عنى وكل يوم كانت بتنزل كنت بحط ايدى على قلبى عشان ترجعلى سليمة.
لكن يجى فى الأخر كمان ويضيع مستقبلها لا يا باشا.
يبقى الموت أهون عشان كده قتٖلته فاحبسونى ولا اعدمونى مش فارقة، المهم بنتى تعيش .
فنظر لها الضابط بشفقة وهمس: قلب الأم فى النهاية بيغلب .
ولو بإيدى كنت سبتك لكن للأسف لازم العدالة تاخد مجراها وتتحبسى على ذمة التحقيق.
فتم القبض عليها بين صٖرخات دلال التى لا تنتهى، حتى كاد قلبها أن يتوقف خوفا عليها .
ثم تذكرت المنياوى فولجت للداخل واتصلت به على وجه السرعة .
أجاب المنياوى ساخرا:
_مش معقول لحقت، أوحشك يا دولى.
دلال بلهفة: إلحقنى يا باشا، أمى قتلٖت متولى لما حاول يعتٖدى عليه والبوليس خدها دلوقتى ومش عارفه أعمل ايه.
إلحقنى بالله عليك أنا خايفة امى تروح منى، ده أنا مليش غيرها .
فحاول تهدئتها بقوله : طيب اهدى بس وفهمينى حصل ايه بالظبط عشان أعرف أتصرف وخدوها قسم ايه وأنا هبعت ليها محامى حالا .
ومتخافيش هتتحل باذن الله .
دلال: يارب يا باشا، ان شاء الله يخليك وميوقعكش فى ضيقة أبدا .
ثم بدئت تقص عليه منذ دخولها إلى المنزل وما فعله متولى حتى ضربه من قبل والدتها ومجىء الشرطة والقبض عليها وترحيلها إلى قسم المنيرة .
المنياوى: تمام متقلقيش الموضوع بسيط وحتى لو خدت حكم هيكون بسيط عشان ده كان دفاع عن النفس .
دلال: ربنا بطمنك يا باشا، بس الله يخليك عايزة أشوفها وأطمن عليها .
منياوى: هكلم المحامى الأول وهو هيتابع القضية ويطلب زيارة فى أقرب فرصة ان شاء الله.
........
كانت خطوات أحمد فى الطريق الى والدته ثقيلة محملة بالهموم، فكيف له أن يكتشف فى هذا العمر أن زينب ليست بوالدته وإنما هى شمس.
تلك التى غاب عنها عقلها بسبب زينب،لمجرد أنها فعلت ما لم تستطيع هى فعله وأمدته بالحب والحنو والرعاية التى إفتقدها مع زينب فكان جزؤاها فى النهاية الجنون .
طرق سفيان باب عمته، لتسارع فى فتحه، فابتسمت بوهن، والحزن يملىء وجهها وقالت بحبور:
_أهلا يا حبايبى اتفضلوا.
فولجوا للداخل، فقابلهم تميم فرحب بهم .
وقام بمساعدة أحمد على الجلوس، ثم بدء بملاحظة عينيه التى بدئت تدور حول المكان يبحث عنها .
فنظر تميم الى والدته، التى حركت رأسها بعدم فهم .
ليقطع الصمت سفيان قائلا:
عمتى.. أحمد عرف النهاردة من مرات عمى الحقيقة وإنه ابن شمس وعشان كده احنا جينا عشان يشوفها .
ومش بس كده ده، دى حرمته من الميراث كمان هو وشهيرة.
بحلقت عفاف بعينيها ثم صاحت بغضب: ولية قادرة طول عمرها، منها لله .
هقول ايه حسبنا الله ونعم،ربنا ينتقم منها .
ثم طالعت أحمد بحنو وقالت بهدوء:
_ياه يا أحمد يا ابنى على قد ما كنت قلقانة من اليوم اللى تعرف فيه أن مش زينب اللى أمك وشمس اللى أمك، على قد ما كنت بتمناه، عارف ليه .؟
لمعت عين احمد بالدموع وسئل:
ليه يا عمتى..؟ وهى فين مش سامع صوتها زى زمان لما كنت بجيلك .
عفاف: عشان أنت الحاجة الوحيدة اللى شمس عرفاك، دونا عن كل الناس وعن اى حاجة أصلا.
هى غايبة عن الدنيا وكأن فى عينيها سواد وانت بس شعاع النور الوحيد فى عينيها ومش بتردد غير إسمك من ساعة اللى حصل، مفيش على لسانها غير: أحمد، أحمد .
رغم إنها مش مدركة إنك ابنها اوى، لكن إحساس الأم بيغلب رغم كل اللى هى فيه .
فحاول أحمد الوقوف، فأسرع تميم لمساعدته، رغم ما يخفيه بداخله فهو غريمه فى قلب أسماء ولكن رغم ذلك يعلم أنه ليس له دخل فى ذلك لإنه يدرك أخلاق أحمد جيدا.
ويكاد يجزم إنه لا يراها لانه يخفض عينيه دائما عنها ويعلم أن سر انجذابها له هو مكانته لكن هو مجرد عامل فى ورشة .
ناشده أحمد برجاء: عايز أشوفها أرجوك .
تفهم تميم ولكن حذره بقوله:
_حاضر يا أحمد هدخلك بس أرجوك تماسك شوية خصوصا قدمها عشان حالتها بتسوء وبتأذى نفسها لما بتشوف حد بيبكى قدامها.
فأومأ له أحمد رغم إدراكه جيدا أنه لن يستطيع السيطرة على أعصابه .
فوقف سفيان حتى لا يتركه فى هذا الموقف بمفرده ولكنه وجده بشير إليه بالجلوس قائلا:
_معلش يا سفيان خليك أنت مرتاح، أنا محتاج أكون معاها لوحدى .
فأطبق سفيان على شفتيه وحرك رأسه بتفهم واومأ له وجلس .
ليخطو أحمد مع تميم للداخل حتى وصل إلى باب غرفتها، ففتح الباب تميم.
واطل أحمد برأسه ليرى ملاكه الغائب عنه من سنوات تجلس على التخت تلاعب عروسة صغيرة، وتضمها مرة لصدرها ثم تبعدها وتقبلها .
ثم تارة تضحك بصوت عالى ومرة تبكى وكل ذلك فى آن واحد .
فتمٖزق قلب احمد إلى أشلٖاء وشعر بمرارة فى جوفه وأخذ يقترب منها وجاهد فى إخراج صوته وقال بحنو: أمى .
فرفعت بصرها إليه وأخذت تحدق به كثيرا ، ثم وجدها تبتسم فابتسم لها واقترب أكثر من وجهها ولكنها فاجأته بإن نبشت بأظافرها وجهه ثم صرٖخت فأغمض أحمد عينيه بألم ولم يستطيع السيطرة على نفسه فبكى وتعالت شهقاته.
فوجدها تهمس بإسمه: أحمد أحمد .
فعناقها أحمد وأخذ يربت على ظهرها حتى شعر بثقل رأسها على كتفه .
فاندهش تميم وعلق بقوله:
_ معقول ده أنا مش مصدق إنها نامت على كتفك يا أحمد، دى مش بتنام غير كل يوم ساعة أو ساعتين فى اليوم وبالمهدىء كمان .
لكن تنام كده لوحدها زى ما تكون صح حست بيك وارتاحت لما حضنتها .
رغم اللى عملته فى الأول بس مش عارف معناه ايه ومتزعلش لإنها مش فى وعيها .
أبتعد أحمد عنها برفق ودموعه لا تتوقف ، واضعا يده حول ظهرها كى لا تسقط منه وهى نائمة ثم وضعها برفق على التخت ودثرها جيدا وطبع قبلة دافئة على جبينها .
ثم أعتدل واقفا ونظر إلى تميم:بس أنا عارف عملت كده ليه.
فطالعه تميم بدهشة .
فاستطرد أحمد: هى عرفتنى بقلبها وكانت عايزة تحس إنى بجد قدمها وتلمس وشى وتتأكد انى موجود فضغطت بزيادة ودون وعى منها إنها بتأذينى وعشان كده بكت لما شافتنى انجرحت .
فابتسم تميم ورد: فعلا إحتمال كبير ده اللى حصل فعلا .
ويلا تعال أرتاح بره شوية، عشان نعرف نكلم ونسبها تنام ترتاح .
فخرج معه أحمد وجلس بصعوبة ثم صاح بإنفعال وعين يتطاير منها الشر وقال مشيرا إلى عمته:
_ ممكن تحكيلى إزاى ده حصل، لإى ممكن أسكت على ميراثى تشبع بيه لكن مش هسكت ابدا عن حق أمى وأنا شايفها قدامى بالمنظر ده .
حدثه عفاف بتريث: با ابنى هدى نفسك مش كده .
وانٖتقام ايه اللى بتقول عليه ده يا شيخ أحمد هتروح تقٖتلها ولا تسلط عليهاٖ بلطٖجية زى ما عملت مع أمك .
هو أنت بتاع كده وتودى نفسك فى داهية .
لا يا شيخ أحمد أنت بتاع ربنا يا حبيبي، واللى مع ربنا عمره ما يخيب أبدا وبيكون متأكد أن ربنا هينصره على اللى ظلمه مهما طال الوقت وهيشوف بعينيه حقه بيتردله بس الصبر يا ابنى وفات الكتير وأظن قرب وقت رد الدين لأن لما تحس إنها ضاقت اوى كده، تعرف إن الفرج قريب .
وأقرب مثال وقت الفجر الدنيا بتبقى مضلمة اوى بزيادة وشوية وتلاقى الدنيا بدئت تنور وحدة وحدة .
يا ابنى أنا بفهمك على قدى لكن أنت فاهم أحسن منى ومتعلم ومتنور ولا ايه يا دكتور .
أزال احمد تلك العبرات العالقة فى اهدابه وقال:
_ونعم بالله يا عمتى، وأنا عارف كل ده ومؤمن بيه، بس لما شوفتها قدامى مقدرتش أتحمل .
عفاف: قدرها يا ابنى وربنا هيعوضها فى الجنة.
دى يا بختها والله، ده أنا بحسدها هتروح نضيفة لربنا ومش هتتحاسب زينا .
فانشرح صدر أحمد وردد: الحمد لله على كل حال .
عفاف: ايوه كده يا دكتور، هو مفيش غير إننا نحمد ربنا وهو هيراضينا .
أخفض أحمد رأسه بإنكسار وقال بخفوت: بطلوا تقولوا يا دكتور، لأن خلاص مبقاش ينفع أكمل بعد اللى حصل .
صدم سفيان من حديثه وعاتبه: أنت بتقول ايه يا أحمد، ليه مش هتنفع تكمل وتتخلى عن حلمك وتعب السنين لغاية ما وصلت .
لمعت عين أحمد بالدموع وبرر ذلك بقوله:
_النصيب يا سفيان ومش بايدى، الكلية عايزة مصاريف كتير وأنا دلوقتى زى ما أنت عارف مش حيلتى غير الهدوم اللى عليا.
سفيان: أنت بتقول ايه يا أحمد وأنا روحت فين، ده أنت قبل ما تكون ابن عمى، أنت اخويا وصاحبى .
نظر له أحمد بإمتنان وقال:
_عارف بس سامحنى، مش هقدر أقبل ولو جنيه واحد من اى حد.
والحاجة الوحيدة اللى تقدروا تساعدونى فيها من النهاردة أو معلش كمان اسبوعين كده تتحملونى أكون فكيت الجبس .
إنى اشتغل اى حاجة فى المحل عندكم أو المصنع .
فعارضه سفيان: المحلات والمصنع تحت أمرك يا أحمد، بس ميهونش عليه تسيب كليتك .
قاطعه أحمد: أرجوك يا سفيان ده قرار نهائى مش عايز حد يرجعنى فيه، وأنا وقتى كله هيكون للشغل وبس .
...
ليكون له ما يريد و بالفعل بدء العمل فى أحد محلات عمه لقطع غيارات السيارات بعدما تعافى جسده وخلع عنه ما يقيده .
وهكذا بدء أحمد مشواره من الصفر وكأنه لم يكن ابن الجمال، الرجل الثرى الذى تربى فى حجره منعم ولكن هكذا هو حال الدنيا .
وصدق قوله تعالى( كل يوم هو فى شأن) .
وهذا التغير فى حياة أحمد جعل أسماء تصرف النظر عنه وأصبحت لا تبالى به بعد أن تجرد من ماله ومكانته كطبيب وأصبح مجرد عامل .
وليست هى فقط بل أيضا بسمة التى كانت تريده من أجل ماله ومكانته أنصرفت عن التفكير به .
......
أما دلال فجلست وحيدة تبكى كل ليلة على والدتها التى تم الحكم عليها بسنتين وهذا كان حكم مخفف بسبب الدفاع عن النفس ..
_ وبعدين يا يا دلال هتفضلى حاطه إيديك على خدك كده..؟
والفلوس اللى معاكِ قربت تخلص، طيب هتعملى ايه وتكلى وتشربى وتعيشى ازاى ؟
لازم تنزلى تدورى على شغل حلال من بكرة، بس هشتغل إيه أنا معرفش أعمل حاجة .
- بس اه أشتغل اى حاجة إن شاء الله أخدم فى البيوت المهم بالحلال.
ايوه دى أسهل حاجة أعملها، وهفتح كده الفيس واكتب فى اى مجموعة إنى محتاجة شغل .
وعندما فتحت أحد المجموعات الخاصة بالوظائف
وجدت منشور يطلب به أحد الأشخاص:
( محتاج آنسة متفرغة بالنهار لرعاية سيدة مريضة طريحة الفراش بمبلغ شهرى****) .
وترك رقم هاتفه للأتصال.
قرئت دلال منشوره فظهر على وجهها الفرحة قائلة:
حلوة اوى الشغلانة دى، واهو ست كبيرة زى أمى أخد فيها ثواب .
لما اتصل بيه ..
الووووو حضرتك كنت كتبت إعلان عشان الست الوالدة.
آدم: ايوه فعلا .
دلال: أنا عندى إستعداد، أقدر أجى امتى؟
آدم: تمام بس ممكن اتعرف على إسم حضرتك الأول .
فأجابت: إسمى دلال .
آدم: تمام، هنتظرك الساعة تسعة الصبح وياريت متتأخريش عشان معاد شغلى والشغل لغاية الساعة سبعة بالليل يعنى حضرتك هتكونى يوميا من الساعة تسعة لغاية سبعة تمام .
دلال: تمام حضرتك .
ثم أغلق الخط، لتتنفس دلال بهدوء قائلة: يارب يطلع ابن ناس وصادق عشان أنا بقيت بخاف من خيالى .
........
قامت إبتهال بالنداء على أسماء لتساعدها فى قليلا فى ترتيب المنزل .
_يا أسماء، أنتِ يا آخرة صبرى.
فجاءت أسماء مسرعة قائلة: نعم يا ماما .
إبتهال: بقولك يا سمسمة، ادخلى يا بنتى نضفى أوضة أحمد.
فرصة وهو فى الشغل، عشان مش قادرة ضهرى وجعنى ولما تخلصى تعالى ساعدينى فى الطبيخ .
عقدت أسماء حاجبيها وقالت بتذمر:
_وأنا مالى بأوضة حضرته ما ينضفها بنفسه، مش كفاية قاعد شارب واكل عندنا .
ذمت إبتهال شفتيها وعاتبتها :
_ عيب يا بنتى، ده ابن عمك وراجل شقيان وتعبان طول النهار وكمان عنده عزة نفس مفيش زيها.
تصورى صمم يدفع جزء من مهيته نظير الأكل والشرب معانا .
أسماء بإستهزاء: لا نزيه اوى .
رفعت إبتهال حاجبيها بتعجب وسئلتها:
_ فيه إيه يا اسماء، مالك مش طيقاه كده..!!
مش ده أحمد اللى كنتى هتموتى عليه وكسفتى ابن عمتك اللى كان بيحبك بسببه .
رفعت أسماء أنفها وقالت بتكبر: ده كان زمان، دلوقتى خلاص، مبقاش يلزمنى
أخرجت إبتهال زفيرا حارا وتابعت:
_ ليه كده يا بنتى،مرة تميم ومرة أحمد اللى لو لفيتى الدنيا كلها مش هتلاقى زيهم.
يا بنتى البطران آخره قطران، خديها منى نصيحة .
تأففت أسماء وقالت بإستياء: يووه وأنا ايه ذنبى أخد حد أقل منى.
واحد ميكانيكى وواحد بعد ما كان دكتور بقا صبى فى محل .
فسخرت منها إبتهال : وانتِ يعنى يا شملولة ايه..!
ده أنتِ دى تالت سنة ليكِ فى الثانوية العامة ومش بينلها برده نجاح السنادى عشان مخك جزمة .
عقدت أسماء حاجبيها وضربت الأرض بقدميها قائلة:
كده يا ماما، لا أنا هنجح السنادى وهدخل الكلية وبكرة تقولى أسماء قالت .
إبتهال: لما نشوف، بس خشى انجرى يلا نضفى الاوضة زى ما قولتلك .
فسارت أسماء رغما عنها الى الغرفة وفتحتها، لتجدها تنبعث منها رائحة جميل وكل شىء مرتب فى مكانه ونظيفة.
فتعجبت وقامت بالنداء على والدتها التى ابتسمت حين رؤية الغرفة هكذا وقالت:
_ ماشاء الله عليك يا أحمد، إنسان جميل فى كل حاجة ونضيف حتى عنك، ده أوضتك أنتِ مقلب زبالة .
.......
ولج شفيق الى والدته فاستدات بوجهها عنه، فتقدم منها قائلا:
_ الحاجة زعلانة منى ولا ايه ؟
لا أنا مقدرش على كده .
زينب بحدة: متقدرش على كده.!
امال نسيت اللى عملته فيه بنت إبتهال وقولت هعمل واسوى ولا عملت حاجة ولا خدت بتارى منها.
شفيق: لا منستش بس كنت مستنى اللحظة المناسبة.
واهى جت، بوز النكد أشجان وهى واختها نازلين مع العيال يجيبوا لبس جديد عشان الشتا داخل .
والبيت هيفضى علينا وساعتها هتصل بيها واقولها إنى اتخنقت مع أشجان وهى مصممة تسيب البيت وياريت تيجى تهديها عشان خاطر العيال.
حركت زينب رأسها مستطردة بتهكم:
_وهى هتصدق دى بت مخها يوزن بلد، وممكن تتصل باختها عشان تتأكد .
شفيق: لا مش تعرف تتصل أكمنى حدفتها بيها وادشش، خسارة ياريت دماغها اللى دشدشت مش التليفون وخلصت .
وهتصدق متقلقيش .
زينب: لما نشوف .
وفعلا بعد خروج الأختين اتصل بها شفيق.
لترد أسماء بفتور:
_خير يا جوز اختى عملت ايه تانى ؟
شفيق: أنا برده ده أنا طيب واعجبك يا قمر، بس هى أشجان اللى مش عارفة تفهمنى وعشان كده بتعصب ومن غير ما أقصد بمد ايدى عليها .
بس خلاص أخر مرة بس هى مصممة تسيب البيت، يعجبك كده تخرب البيت، طيب والعيال ؟
أسماء بحنق: مهو من عمايلك السودة .
شفيق برجاء مصطنع: صدقينى أنا خلاص توبت وآخر مرة وعشان كده بكلمك عشان خاطر عيال أختك ، تعالى كلميها وحننى قلبها عليه شوية .
أسماء: ومع أنك متستهلهلش، بس عشان خاطر العيال، هاجى وامرى لله .
شفيق بمكر:فى انتظارك يا سمسم .
وهكذا وقعت أسماء فى المصيدة بسهولة ولم يأتى فى إدركها أى مكر أو خيانة، لذا صدقته على الفور واتجهت إلى منزلهم .
ليفتح لها ويرحب بها بحبور قائلا:
_ أهلا ببنت عمى الغالية، إدخلى يا قمر.
فولجت أسماء للداخل وقالت:
فين أشجان امال والعيال مش سامعة صوت .
شقيق: بتلبسهم ومصممة تمشى، هدخل أعرفها إنك هنا .
ثم ولج للمطبخ وأحضر عصير ووضع به منوم ثم خرج به وقدمه لها قائلا:
_خدى بلى ريقك عشان تقدر تكلمى معاها عشان ريقك هينشف .
فأخذت أسماء العصير وقربته من فمها وارتشفت بعضا منه لتشعر بثقل فى رأسها ثم بدء يختفى النور من أمامها ويحل مكانه السواد لتذهب فى عالم أخر وشفيق ينظر إليها بمكر ويتطلع إلى كل إنش فى جسدها برغبة وما أن ذهبت عن الوعى حتى حملها ودلف بها للداخل ووضعها على التخت برفق وأخذ يقبلها بلهفة ويده تزيل كل عائق بينهما .
لمعت عين شفيق من الرغبة: ايه الجمال ده ، ده أنا ياما شوفت بس أنتِ حاجة تانية ، حاجة مرسومة بحلاوة زيادة .
ليصل إلى مبتغاه ليتركها بعد أن رأى بعينيه أثار عفتها على الفراش، ليبتسم قائلا: أحلى تار خدته فى حياتى ده ولا ايه .
اه يا أسماء ده أنتِ طلعتى حتة جاتوه حلو ميتشبعش منه
.........
أستقل أحمد أحد الموصلات العامة من أجل الذهاب المحل الذى يعمل به.
وجلس يذكر الله طوال الطريق قائلا الباقيات الصالحات:
سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله .
حتى وجد من تشير إليه من مركبة كانت بجانبه ......
.....
يا ترى مين هى اللى بتشاور لأحمد ؟
وبيكون موقف أسماء ايه لما تصحى على المصيبة دى وكمان موقف أشجان ؟
......
يتبع
يارب تكون الحلقة عجبتكم وبتمنى تفاعل اكتر من كده
نختم بدعاء جميل ❤️
عسى ربّكم أَن يبدّل أحزانكم فرحاً قريباً وأرزاقاً لا تنفذ ورحماتٍ متتالية ورضاً واطمئنانً وسكِينة🤍.
ام فاطمة ❤️ روايات شيماء سعيد
•تابع الفصل التالي "رواية دلال و الشيخ" اضغط على اسم الرواية