Ads by Google X

رواية دلال و الشيخ الفصل الثاني عشر 12 - بقلم شيماء سعيد

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية دلال و الشيخ الفصل الثاني عشر 12 - بقلم شيماء سعيد 

دلال_والشيخ 
الحلقة الثانية عشر 
........
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 😍 
كم من أناس على مدارِ التاريخ ظنّوا في أنفسهم مقدرةً على مجاراة الكون في سننه، أو مصارعته في ثوابته، فصنعوا بذلك أفخاخهم بأفعالهم، وكانت نهايتهم الحتمية هي الدليل الكافي على بلاهتهم وسوء صنيعهم.
......
تلونت زينب تلك الأفعى باللون الأسود مثل قلبها، لتبث سمومها إلى سفيان وأخبرته بصٖاعقة نزلت على قلبه فأهلكته . وهى إن أخته الصغيرة خاٖنت أختها  مع زوجها من اجل الحب .

إنها حقا مصيبة جعلت مقلتى سفيان أن تخرج من عينيه وتيبس جسده وشعر بناٖر تخرج من رأسه وقال بعدم تصديق: أنتِ بتخرفى تقولى إيه يا ولية أنتِ..!

 لم يعجبها زينب ما تلفظ به فاستنكرت: ولية يا ابن إبتهال.

 ماشى مهو لما العيب لما يطلع من أهل العيب ميتسماش عيب .
عشان عارفة إبتهال هتجيب إيه يعنى غير ناس أنجاٖس زيك وزى أختك.
فصاح سفيان بإنفعال: إمسكى لسانك عن أمى يا ولية أنتِ وإلا والله أقطعهولك .
تشنجت زينب وحركت يديها فى الهواء قائلة: أنت بتقولى أنا الكلام ده !! 
والله لأندمك يا سفيان .
وروح يا شملول لم أختك وعرضك اللى فوق، وربنا يكفينا شر الفضايح.

فاسرع سفيان إلى أعلى يدعو الله أن تكون تلك العجوز الشمطاء كاذبة.

 فصغيرته أسماء لا يمكن أن تفعل ذلك به وبأختها وتضع رأسهم فى الطين .

ولكن كلما اقترب من شقتهم، شعر بالإختناق وكأن الهواء نفذ من حوله، حتى وجد أنهار تقف منهارة تبكى على باب شقة أشجان الذى تركته أشجان مفتوح سهوا منها، عندما استمعت لآخر كلمات شفيق:
_ أنا هصلح غلطتى واتجوزك يا أسماء وهطلق أشجان بالتلاتة، مبقتش تلزمنى.

أنا بحبك أنتِ يا أسماء.

رأى  سفيان أخته أنهار على هذا النحو، فتوقف وشعر أن قدميه أصبحت كالهلام لا يستطيع الوقوف عليها من الصدمة .

ولكن صوت أنهار الباكى أخرجه من صدمته عندما قالت بقهر: _أسماء يا سفيان كسرٖت أشجان وكسٖرتنا كلنا ومش هنقدر نرفع راسنا فى وش حد بعد كده ..

فصاح سفيان بصوت زلزل أركان المنزل ووصل إلى مسامع أسماء فارتجفت من الذعر وقامت على أثره أشجان تتأوه ألما ولكن الألم النفسى أقوى وأشد،زلزل كيانها من الداخل وودت أن لو ماتت قبل أن ترى أختها بين أحضان زوجها .

_ معش على الدنيا اللى يكسرنا يا أنهار لسه .
_إفردى طولك وارفعى رأسك عشان هغسل عارى بإيدى دلوقتى وبعد ما أخلص عايزك تزغرطى .

ثم ولج للداخل كالثور الهائج وعينيه تطلق شرار من شأنه يٖحرق الذى أمامه .

وعندما رأته أسماء إرتجفت وتراجعت للوراء وقالت بذعر:
_ لا يا أخويا صدقنى مش أنا اللى أعمل كده، ده هو اللى ضحك عليه، منه لله .

أما شفيق فتراجع بقدميه للخلف خوفا من بطش سفيان، ثم أسرع بالركض للأسفل يحتمى بوالدته .

التى زينت وجهها بابتسامة النصر عندما رأته فقالت:
_ ها خلص عليها ابن ابتهال ولا لسه عشان أبلغ ويروح فى ستين داهية .

ويتقهر سليمان وإبتهال عليهم وأشوف الكسرة والحزن فى عينيهم، ياه كنت بتمنى اليوم ده من زمان.

 ثم وضعت يدها على كتفه وقالت بإمتنان:
_تعيش يا ابنى اللى نولتلى اليوم ده، أنا كده بردت نارى خلاص .
......
 أطلقت عين سفيان نار محرقة وصاح بقسوة: وأنتِ صدقتيه وخونتى نفسك قبل ما تخونى أختك.

ثم إستطرد بإنكسار:
ليه كده يا أسماء، ده أنتِ بنتى ومربيكِ على أيدى..!

بكت أسماء بقهر وحاولت الدفاع عن نفسها: 
_والله ما عملت حاجة، أنا مظلومة، هو اللى ...

قاطع حديثها سفيان بإنفعال: مش عايز أسمع ولا كلمة، ثم إنقض عليه، وحاوط عنقها بيديها وصاح: 
_مفيش حاجة هتغفر اللى عملتيه ده غير موتك وموته برده على إيدى .

أطبق سفيان يده على عنٖق أسماء  بقوة فتلون وجهها بالزرقة واتسعت عينيها وأخذت تلهث.
لم تتحمل أنهار رؤية أختها تموتٖ  أمام عينيها،فصٖرخت واقتربت منهم لتنقذها من يده وحاولت نزع يده التى تحيط بعنق أسماء وترجته: 
_سبها يا سفيان، دى أسماء حبيبتك .

سبها وربنا سبحانه وتعالى هو اللى هيحاسبها لكن أنت حرام تروح بذنبها .

فنهرها سفيان: أقسم بالله لو مبعدتيش إيدك لأكون مخلص عليكِ وراها .

فبكت أنهار وهى ترى أختها تموت أمام أعينها ولا تستطيع فعل لها شىء .

أما أشجان التى كانت شاردة ولا تعى ما حولها من الصدمة إستفاقت على صوت صراخ أسماء فأدرات وجهها لترى سفيان على هذا النحو.

فلم تتحمل ووقفت رغم ما بها من ألم وكسرة نفس وأسرعت إليه تترجاه:
_ لا يا خويا عشان خاطرى، يهون عليك أختك تموٖتها بايدك وتعيش ندمان العمر كله يا اخويا .

لا سبها، أرجوك دى أسماء بنتك مش أختك وبس .

سبها وخلى ذنبها بينها وبين ربنا ومأظنش أن فيه عقاب أكبر من إنها تجوز شفيق عشان يستر عليها .

ربنا معاها ده أنا مشفقة عليها والله، سبها يا خويا أبوس إيدك.

فدمعت عين سفيان بالدموع ونظر إلى أشجان بشفقة وقال:
_ أنتِ اللى بتقولى كده يا أشجان، ده أنتِ اللى مفروض تخٖنقيها بايدك.

أشجان بغصة مريرة: دى أختى ومهما عملت قلبى ميقساش عليها ويسامحها .

فترك سفيان اسماء تلهث بشدة لتستعيد أنفاسها .

إمتلىء قلب زينب بالفرحة لما حدث بعد أن ظنت إنها أخيرا انتصرت على سليمان وقضت على أعز ما يملك انتقاما منه .

زينب بتشفى: تعال ورايا يا شفيق نشوف سفيان خلص ولا لسه، عشان نتصل بالبوليس وتبقى الفٖضيحة على عينك يا تاجر .

شفيق برعب: لا مقدرش أطلع ده، لو شافنى هيقتٖلنى زى أسماء .

 فصاحت زينب: يقٖتل مين !
ميقدرش حد يمس شعرة منك وأنا موجودة، هى سايبه ولا ايه .

تعال ورايا بقول، فاستمع شفيق لها رغما عنه وخطة بخطى سلحفية من ورائها وتعالت نبضات قلبه من الخوف .

حتى وصل إلى شقته، فدلفت زينب للداخل وعلى وجهها إبتسامة مشرقة، لتتفاجىء بما لم تتوقعه.

حيث رأت أشجان وأنهار يطوقان أسماء بذراعيهم وعيونهم تشع بالحب والحنو نحوها .

وقد حدثتها أنهار: خدى نفسك يا أسماء وحدة وحدة، وقومى معايا ريحى على السرير .

ورأت سفيان يضع يده على رأسه وعينيه تمتلىء بالدموع .

فتعاظم الحقد فى قلبها وصاحت بغل:
_ كويس عملت بنصحيتى يا سفيان ومخلصتش عليها، بس يعنى لا مؤاخذة هتمشى موطى رأسك بين الناس، يلا معلش مسير الأيام تعدى والناس تنسى .

ثم استطردت بتهكم:
بس ياعينى هتقعد جمب أمها عشان مش هتلاقى حد يجوزها بعد عملتها السودة دى .

فقبض سفيان على يديه بقوة وضرب الحائط وتلونت عينيه ببرٖاكين الغضب ثم إستدار الى زينب وصاح:
_ مهو أنتِ لو عرفتى تربى إبنك مكنش ده حصل .
لأنه مفروض هو راجل وهى بنت عمه يعنى دمه وشرفه وهو اكتر واحد مفروض يحافظ عليه .

فهاجمته زينب وقالت بحدة: هو ده اللى قدرت تقوله يا ابن إبتهال، سبت الحمار وبتشطر على البردعة .

ده أنا كنت بحسبك راجل وهتخلص عليها عشان ترفع راسك بين الناس بس إظاهر أخرك كلمتين ملهمش لزمة .

ثم استطردت بجمود:
_ويلا اتفضلوا من غير مطرود، وخد أختك الخاطية معاك.
واياك تجيب سيرة ابنى على لسانك تانى .

ده راجل يا حبيبى، مهما عمل اسمه راجل، أما العيب فعلى أختك اللى جتله برجليها لما عرفت أن اختها مش موجودة.

فصاحت أسماء بغصة مريرة: كدب كدب، هو اللى اتصل بيه وقال أجى عشان أراضى أشجان ومتسبش بيتها ولما جيت شربنى عصير ومدرتش بنفسى ساعتها وفوقت على المصيبة دى.

ثم أخذت تضرب وجهها بيديها وتصرخ بألم، فطالعها سفيان بحزن ولوهلة شعر إنها صادقة فيما تقوله.

 فالتفت إلى شفيق وغابت عينيه بقتامة وانقض عليه يمسك بعنقه فصرخت زينب وقالت:
_ سيب ابنى يا مجرم واتشطر على أختك .

 صاح سفيان به: عملت كده ليه يا شفيق، أنت ايه شيطان، معندكش اى ذرة ضمير .
هان عليك بنت عمك تضيع مستقبلها وهى لسه عيلة .

حاول شفيق إخراج صوته بصعوبة وقال:
_لحظة شيطان يا سفيان، بس هصلح غلطتى وهطلق أشجان واتجوزها .

وقعت تلك الكلمات على قلب زينب كالجمر فصاحت بغل:
_ تجوز مين يا زفت، تجوز واحدة فرطت فى نفسها يا نطع .
يستحيل ده يحصل .

فردد شفيق: لا يا حاجة معلش عشان خاطرى دى بنت عمى برده .

صمت زينب على أسنانها بغيظ: مهى أشجان برده بنت عمك وأم عيالك يا نطع .

شفيق: لا أشجان راحت عليها وهى طالق منى بالتلاتة وهتجوز أسماء .

سرى فى جسد  أشجان  الفرحة وأطلقت زغرودة ابتهاجا بطلاقها وخلاصها من هذا اللعين.

ولكنها نظرت إلى أسماء بشفقة وهمست: 
يا عينى عليكِ يا أسماء منه ومن أمه وأنتِ لسه عودك طرى يا قلب أختك .

فحدقت أسماء شفيق وزينب بغضب وأقسمت أن تنتقم منهم مما فعلوه بها .

ترك سفيان شفيق ونظر إلى أسماء بحزن قائلا: 
_مبروك عليكِ شفيق يا أسماء، ثم نظر إلى أشجان بشفقة قائلا:
_ لم هدومك وهدوم عيالك وهاتى أختك وحصلينى على بيت أبوكِ يا أشجان .

ثم غادر سريعا، لتضم أنهار أشجان إلى صدرها وتبكى، فبكت أشجان حتى تعالت شهقهاتها .

أما أسماء فوقفت وانضمت إليهم باكية ثم قالت مشيرة إلى أشجان: 
_وحياة دمعتك الغالية دى يا أشجان، لهاخد حقك من شفيق وأمه .

ثم بكت بمرارة وتابعت:
_أما أنا فربنا يتولانى برحمته ودى جزاتى عشان مكنتش بفكر غير فى الوجهة الاجتماعية والجاه، ادينى فى الأخر هاخد شفيق .
........
استمعت همت لأذان الظهر فأخذت تردد من ورائه ثم قالت بعد الإنتهاء : «اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته).

فسألتها دلال: ليه يا حجة بتقولى ورا الآذان كده وايه الدعاء ده ..؟

ابتسمت همت وقالت: عشان يا بنتى، سيدنا محمد أمرنا بكده وأنه سبب فى دخول الجنة وقال فى الحديث 
(لن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو) .

فرددت دلال: صلى الله عليه وسلم، أنا أول مرة اعرف .
شكلى هتعلم حجات حلوة كتير من حضرتك .

همت: ياريت عشان أخد أجر وأحس إنى عملت حاجة مفيدة ربنا يغفر بيها ذنبى قبل ما أموت .

دلال: بعد الشر عليكِ.

همت: لكل أجل كتاب يا بنتى وهاتى يلا مية اتوضى واتوضى أنتِ كمان عشان تصلى بيه جماعة،وياريت تسندينى أقعد .

 ابتسمت دلال: عيونى .

ثم استطردت بحرج: بس أنا مبعرفش أصلى، متعلمتش للأسف 
وقليل لما كنت أشوف أمى بتصلى.

فاستغفرت همت؛ استغفر الله العظيم، ليه كده بس يا بنتى .

على العموم ملحوقة، وأنا هعلمك كل حاجة .
بس هاتى ورقة وقلم هكتب ليكِ الفاتحة وسورة قصيرة، عشان تقرييهم وأنتِ بتصلى لغاية ما تحفظيهم .
ولما اتوضى بصى عليه بعمل ايه واعملى زييى .

فاومئت دلال لها وذهبت لإحضار الماء، وتوضئت همت ثم فعلت مثلها، وقامت لتصلى وهى تقرء الفاتحة من الورقة ومع كل كلمة كان ينبض قلبها بشدة، وعند السجود وجدت نفسها تبكى وتدعو لوالدتها بالشفاء وان يلهمها الله الخير ويغفر لها ولم تنسى أحمد فدعت الله أن يجمعها به .

انتهت دلال من صلاتها فنظرت إليها همت والإبتسامة تزين ثغرها: 
_ماشاء الله بتتعلمى بسرعة ذكية يا بنتى .

وبصى كده على شكلك بالحجاب فى المراية زى القمر إزاى .

فذهبت دلال مسرعة إلى المرآة لتنظر إلى نفسها، فابتسمت وقالت: 
_فعلا شكلى حلو، بس صراحة فكرة انى أعطى شعرى دى صعبة عليه وحاسه الحجاب بيخنقنى .

همت: كل حاجة فى البداية صعبة وبنتعود عليها، وأنا مش هغصبك، هسيبك لما تيجى تقولى عايزة أتحجب بنفسك .
لأن الحجاب نعمة وستر للبنت يا دلال ويحفظك من العيون .

أدركت دلال  حقيقة ما قالت وأنها بالفعل تعرضت الأذى كثيرا بسبب ملابسها الكاشفة.
ولكن لم يكن عندها الجرأة لتتخذ هذه الخطوة بعد .
......
ولجت أشجان بطفليها إلى بيت أبيها والحزن قد أطفىء وجهها وكأنها فى الستين من العمر وليست سبعة وعشرون عاما اى مازالت فى ريعان شبابها.

ومن ورائها أسماء تتخبط فى مشيتها وقد تلونت عينيها بالحمرة من كثرة الدموع ولم ترى أمامها سوى سواد يحيط بكل الاتجاهات.

ويتقدمهم سفيان الذى صاح بقهر، كل وحدة فيكم على اوضتها ، ومتخرجش منها والأكل والشرب هيطلع ليكم فوق.

استمع سليمان وإبتهال لما قاله سفيان فخرجوا مسرعين .

صاح سليمان: فيه إيه حصل يا سفيان يا ابنى وملهم أخواتك .

وأشجان داخلة بشنطة هدومها ليه؟

إيه مفيش فايدة من شفيق مد ايده عليها تانى؟

 لم تتحمل إبتهال صمته فصاحت بذعر: ما تكلم يا ابنى، وأسماء ملها هى كمان.؟

فحاول سفيان استنشاق الهواء بعد إحساسه أنه قد شارف على الإختناق فخرجت حروفه بصعوبه :
ماما، بابا 
شفيق طلق أشجان لانه بيحب أسماء وعايز يتجوزها وهى موافقة .

تيبس جسد سليمان من المفاچاة ولم يشعر بجسده فهوى به على المقعد الذى من ورائه.
أما إبتهال فصرخت ونفت ذلك قائلة:
_ ايه الجنان اللى بتقوله ده يا سفيان، طلق مين وعايز يجوز مين ، قول كلام يتعقل .

أخفض سفيان رأسه بخزى وردد: 
_هو ده اللى حصل وهيجى بكرة عشان يدى أشجان حقوقها ويتكلم على أسماء .

 إنفعلت إبتهال: هو لعب عيال يسيب دى وياخد دى .
طيب طلق أشجان فى داهية خلصنا منه ومن أرفه.

 لكن يجوز أسماء ويعمل فيها اللى عمله مع أشجان لا ده يستحيل.

وكمان أسماء لسه صغيرة ولسه بتتعلم .

فصاح سفيان بغضب: بس هى موفقة وتقدرى تسئليها .

ثم إستدار سريعا قبل أن تلاحظ تلك الدمعة التى هربت من جفنيه.

ولكن سليمان رآها وشعر إنها جمرة نار نزلت فى قلبه فأحرٖقت جسده، وفطن لما حدث وأدرك أن زينب قد انتقمت منه فى أعز ما يملك .

فوضع يده على وجهه وأخذ يردد: لا حول ولا قوه الا بالله.
ياريتها كانت خدت حقها منى أنا وبناتى لااااااا.

ثم وقف متصلبا وسار نحو سفيان ووضع يده على كتفه وقال بعين مقهورة تتمنى أن ينفى ما يدور بخالده .

ـ حصل اللى بفكر فيه يا سفيان ..؟

إرتجف سفيان وتوقفت الكلمات فى حنجرته ولكن بكى وتعالت شهقاته .

فلم يستطيع سليمان التحمل وخطى خطواته للخارج متوجها نحو زينب .
...

فى تلك اللحظة كانت زينب فى غرفتها تدور حول نفسها وتضع يدها على رأسها فى محاولة تخفيف ذلك الألم الذى ينهش بها بعد ارتفاع ضغط الدم عليها جراء عصيان شفيق لها وزواجه من تلك الأفعى الصغيرة التى أهانتها من قبل.

وخسارتها أمام سليمان بزواج شفيق من أسماء بعد أن أرادت لها الموٖت على يد شقيقها، ثم حبسه وبهكذا تكون إنتقمت من سليمان وردت له الصاع صاعين ولكن إنهارت كل أحلامها بزواج شفيق من أسماء .

وبينما هى كذلك استمعت لصوت من ورائها تعلمه جيدا، صوت مازال يحرك قلبها رغم مرور كل تلك السنوات .

صاح سليمان بصوت حزين مقهور على فلذة كبده التى استحوذ عليها الشيطان شفيق واستحل عرضها وهدم حياتها وأحلامها:
_ إرتحتى دلوقتى يا زينب، وهديتى وإنتقمتى لنفسك .

استدارت زينب له وأخذت تطالع تقاسيم وجهه بحب، فبرغم تلك الخطوط التى نقشت وجهه ببراعة من أثر الزمن لكن ما يزال وسيما كما رأته أول مرة .

ابتسمت زينب واقتربت منه كثيرا حتى أصبح لا شىء يفصل بينهم واختلطت أنفاسهم.

فقالت بنعومة: مفيش حاجه أبدا هتريحنى يا سليمان غير إنك تكون معايا.

ثم حاولت لمس وجهه قائلة بلهفة وشوق: 
_أنا لسه بحبك يا سليمان وعايزك، ودلوقتى اللى كان بينا راح، وممكن نجوز ونعوض اللى راح فى الباقى من حياتنا .

فدفع سليمان يدها بقوة ألمتها وصاح بغضب: 
_أنتِ إتجننتى يا زينب، عايزة بعد العمر ده كله أتجوز على ابتهال حب عمرى وعشرة السنين ومن مين..!
_ من اكتر ست بكرهها فى الدنيا .

أنا عمرى ما حبيتك بالعكس شيفك أنتِ والشيطان واحد، ومش بس كده يا زينب عشان افتريتى بزيادة من أول اللى عملتيه فى شمس لغاية اللى عملتيه فى احمد ودلوقتى بنتى .

وحاسس أن قريب اوى ربنا هتشوفى نتيجة أفعالك عشان ربنا سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل .

قال كلماته تلك وتركها غادر وهو يردد( حسبى الله ونعم الوكيل) وأخذ يكررها كثيرا حتى شعرت زينب بألم ينتاب قلبها وأن قدميها لم تعد تحملها فتراجعت للوراء حتى سقطت على التخت، فالتقطت الهاتف لتتصل لشفيق وهى تلهث: 
_إلحقنى يا شفيق بسرعة بدكتور.

شفيق بذعر: مالك يا حجة فيكِ ايه ..؟

ولكنها لم تجبه بعد دخولها فى إغماءة.

فأسرع شفيق إليها بقلب يرتجف وعندما رآها على هذا النحو، حملها وأسرع بها إلى المستشفى ومنها إلى غرفة العناية المركزة وعندما خرج الطبيب .

أسرع إليه شفيق وشاهين الذى جاء مسرعا بعد محادثة شفيق له .

شاهين: أمى عاملة ايه يا دكتور دلوقتى, طمنى الله يخليك .

الطبيب: الحجة عندها للأسف عندها قصور فى الشريان التاجى ومحتاجة تدخل جراحى سريع عشان ننقذ حياتها وجيت أخد منكم إقرار بالموافقة .

شفيق: موافقين طبعا، بس تقوم بالسلامة .
الطبيب: دعواتكم .

شاهين: ربنا كريم .

لتمر ساعتين وخرجت زينب نحو العناية المركزة مرة أخرى.

أقبل شاهين يسئل الطبيب عن حالتها.

الطبيب: هى حاليا فى حالة حرجة، بس بإذن الله مع الوقت هتتعافى .

شفيق: يعنى هتقدر تخرج إمتى يا دكتور ؟

الطبيب: مش قبل اسبوع ان شاء الله.
.......
وجود شخص واحد فى حياتك يحبك بصدق قادر على تخفيف كل ما تعانيه بكلمة واحدة أو لمسة حانية .
ولج سفيان إلى غرفته محمل بالهموم، مبعثر الهيئة وكأنها أصبح كهلا فى الستين من العمر .

صدمت شهيرة من هيئته، فأسرعت إليه قائلة بلهفة: سفيان مالك فيه إيه ؟

سفيان بجمود: مفيش حاجة، أنا محتاج استريح بس، هاخد حمام واطلع أنام، وعندما استدار ليسير نحو المرحاض وجد من تحتضن خصره من الخلف، فاغمض عينيه مستسلمة لهذه المشاعر الضارية التى افتقدها كثيرا معها .

 همست شهيرة بعشق: لما تكون مضايق مش هتلاقى أحسن من حضنى ترمى فيه همومك.

فالتفت لها سفيان يطالعها بحب قائلا: بجد يا شهيرة..!

 يعنى أقدر أدفن نفسى فى حضنك وألاقى الراحة اللى كنت بتمناها من زمان .

فاومئت له شهيرة، فاختضنها بقوة ثم شعرت بسائل على كتفها، فنظرت فإذا هى دموعه، فدق قلبها بشدة وأخذت تمسح على خصلات شعره بحنو قائلة:
_ إهدى يا حبيبى وكل مشكلة ليها حل باذن الله.

 تنهد سفيان: ياريت بس خلاص اللى حصل .

ابتعدت عنه قليلا شهيرة وتسائلت: بس قولى حصل إيه يمكن أقدر أساعدك .

فضمها سفيان  سريعا وقال: هششش أنا مش عايزة حاجة دلوقتى غير حضنك ده انسى بيه العالم كله .
......

عاد أحمد إلى منزل عمه فى تلك الليلة وعينيه تلمع بالسعادة لأول مرة بعد كل تلك الليالى الذى نام به والدموع تبلل وسادته من الحزن .

فأخيرا سيكون له شأن بين رجال الأعمال، فما أجمل عوض الله الذى جاء على يد صديقه شيكو .

وعندما دلف للداخل وجد زوجة عمه قد انكمشت ملامحها حزنا وتضع يدها على إحدى وجنتيها ولسانها ينهج لذكر الله:
استغفر الله العظيم، ولا حول ولا قوه الا بالله، يارب افرجها على بناتى .

فتعجب أحمد وجلس بجانبها وقال بصوت رجولى أجش به حنو: خير يا مرات عمى، مالك قاعدة زعلانة كده ؟

تنهدت ابتهال بغصة مريرة قائلة: أشجان يا ابنى اخوك الله يسامحه طلقها عشان ياخد أسماء قال إيه بيحبها.

يا عينى عليكى يا أشجان مش كفاية شافت المرار معاه السنين دى كلها واتحملت الضرب والإهانة عشان خاطر عيالها.
يجى فى الأخر يطلقها وكمان يجوز أختها .

فتدلى فك أحمد بآسى وهو يستمع إليها غير مصدق ما تقول، فكيف يكون شفيق بكل تلك القسوة .

ولكن لا عجب من ذلك فهو ابن من ؟ ابن زينب .

زفر  أحمد بضيق: لا حول ولا قوه الا بالله.
مقدرش أقولك غير الكلمة اللى بتطبطب على النفس وهى ( لعله خير ) يا مرات عمى.

مش يمكن ربنا حب يرفع عنها البلاء ويعوضها براجل تانى يقدرها .

فاومئت إبتهال برأسها واستطردت: ياريت يا ابنى .
بس تفتكر مين اللى ياخد واحدة مطلقة بعيالها، صعب يا ابنى فى مجتمعنا ده .

أحمد مفيش حاجة تصعب على ربنا سبحانه وتعالى ومفيش فى ايدينا غير نقول يارب .

ابتهال: يارب .

عقد أحمد حاجبيه واستطرد بإندهاش: بس إزاى يجوز أسماء !!
أسماء أكيد مش هتوافق وهى عارفة طبعه واللى عمله فى أشجان.

حركت إبتهال رأسها بإستياء: لا يا ابنى موافقة وده اللى هيجننى، معرفش ازاى تقبل على نفسها كده .

تعجب أحمد وهمس : معقول تكون هى كمان بتحبه .
بس ازاى، الموضوع ده فى إنّ.

إبتهال: ياريت يا ابنى تدعلهم وانت بتصلى ربنا ينور بصيرتهم.

احمد: حاضر عيونى .
..........

لم تفتر أشجان عن الدموع طوال الليل حتى تعالت شهاقتها متمتمة: يارب الصبر من عندك، عشان تعبت اوى واتظلمت كتير وضاع عمرى من غير ما أحس بيه وخلاص كده انكتب عليه العمر كله أعيش ودمعتى على خدى، ووظيفتى أربى عيالى وبس، منك لله يا شفيق.

وبينما هى تبكى، مر أحمد أمام غرفتها ففزع من صوت بكاؤها، فطرق الباب قائلا بهمس: 
_أنتِ كويسة يا أشجان، فيك حاجة تعبانة، أكلم سفيان ونوديكِ للدكتور .

تلفظت أشجان اسمه بعذوبة " أحمد" ودبت قشعريرة فى جسدها  ثم وضعت حجابها بغير أحكام وأسرعت لفتح الباب .

وأخذت تطالعه بحب ، فأخفض رأسه حياءا.

دفعة من الاردينالين المتحمس تدفقت فى دمائها لرؤيته فقالت : بقيت كويسة لما شوفتك يا أحمد .

خجل أحمد من كلماتها الجريئة، فهو منذ وقت طويل يشعر فى عينيها الكثير نحوه وكلما حاول أن ينهرها عن ذلك فهى زوجة أخيه، تماسك وكتم ذلك مبررا:
_ كفاية اللى بيعمله فيها شفيق، مش هكمل عليها أنا طول ما هى متخطتش حدودها معايا وربنا يهديها .

ثم حاول أن يلهيها عنه وقال: أشجان أنا عرفت اللى حصل ومش عايزك تزعلى، وفكرى فى اللى جى وفى ولادك .

وادعى ربنا يعوضك براجل يستاهلك ويكون حنين على ولادك .

فحدقت أشجان النظر به وهمست: ياااه لو كان العوض هو انت يا أحمد 🤭
...يتبع 
يا ترى هيحصل ايه تانى ؟
يارب تكون الحلقة عجبتكم يا قمرات وأشوف تفاعل حلو 

نختم بدعاء جميل ❤️ 
اللهم انا نعوذ بك من ضياع السعى بسبب نية فاسدة .. ونعوذ بك من الرياء الخفى. والعمل من أجل الظهور لا من أجلك ياربى ونعوذ بك من قلة الاخلاص وفقدان الدليل..
ام فاطمة ❤️ روايات شيماء سعيد

 •تابع الفصل التالي "رواية دلال و الشيخ" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent