Ads by Google X

رواية زواج في الظل الفصل السابع عشر 17 - بقلم ياسمين عطيه

الصفحة الرئيسية

 رواية زواج في الظل الفصل السابع عشر 17 - بقلم ياسمين عطيه

الكاتبه ياسمين عطيه 
البارت ال١٧
زواج في الظل 
صلاح عينه كانت بتلمع وهو بيتأمل أركان، قال بصوت هادي لكنه مليان بغموض:
"ما كنتش متوقع إنك قوي للدرجة دي… جلال الطحاوي قال لي إن عندي كنز، ولازم أستغله. من هنا ورايح، انت دراعي اليمين، ومعايا في كل خطوة هتحركها. هتبقى السواق بتاعي، وعلى رأس كل شغل وكل عملية هنقوم بيها، وهتبقى معانا وإحنا بنخطط في المكتب بتاعنا."
سكت لحظة وهو بيدقق في ملامحه، قبل ما يكمل بصوت تقيل:
"كمان… لو أثبت لي إنك تستاهل المكانة اللي أنا حطيتك فيها دلوقتي."
أركان المفروض إنه يطير من الفرحة في اللحظة دي، ده كان هدفه من البداية، إنه يوصل للمرحلة دي عشان يحقق مهمته. لكنه كان حاسس بحاجة غريبة، كأن مشاعره مش في مكانها، كأن فيه حاجة تانية شغلاه أكتر… وليلى هي الحاجة دي.
شد على نفسه، وسيطر على كل اللي جواه، وبفرحة حاول يمثلها، قال بصوت متخبط وهو بيحاول يخلي أداؤه طبيعي:
"أنا… أنا؟! ده شرف ليا والله، إن شاء الله أبقى عند حسن ظنك، وأعمل كل اللي تطلبه مني!"
حنى رأسه بإذعان، وكأن اللحظة دي كانت البداية الحقيقية… بس مش للمهمة، إنما لحاجة تانية خالص، هو نفسه لسه مش قادر يحددها.
الجو كان متوتر في الصالون، وكل واحد رد فعله كان مختلف.
فيه اللي كان مش فارق معاه، كأنه مجرد خبر عابر، وفيه اللي كان متضايق، واللي غيران… 
أول ما الحاج صلاح خرج من الصالون، خليل اتحرك بعصبية وقال بصوت عالي وهو بيبص لأخوه فؤاد:
"شفت أبوك يا فؤاد؟! عايز يخلي حتة بواب كبير علينا!"
فؤاد ملامحه كانت مليانة استهزاء وهو بيقول:
"إديك لسه قايم حتة بواب… لا راح ولا جه، هو عشان ضرب له كام عيل بقى بطل؟!"
ضحك بسخرية وزود بصوت تقيل:
"يا عم كبيره، يومين وباباك يزهق منه، ويرميه من فوق زي ما طلَّعه!"
صباح بتأكيد: فعلا هو دا اللى هيحصل
ــــــــــ&ـــــــــ
أسماء كانت ماشية بسرعة ناحية أوضة ليلى، . خبطت على الباب كذا مرة، لكن ما جاش أي رد. قلقها زاد، ففضلت تخبط بقوة وهي بتنادي:
"هنيه ! افتحي يا حبيبتي! أنا أسماء!"
لكن مفيش رد. قلبها كان بيخبط بعنف في صدرها، حسّت إن في حاجة غلط. فجأة، الباب اتفتح ببطء، وظهرت ليلى قدامها.
منظرها كان يوّجع القلب... عينيها حمراء ومنتفخة من كتر العياط، وشها شاحب، وملامحها كلها بتعبر عن وجع كبير. أول ما شافت أسماء، ما قدرتش تتحكم في نفسها، اترمت في حضنها وهي منهارة تمامًا، بتعيط بحرقة، كأنها بتفضي كل اللي جواها من ألم.
أسماء حسّت إن جسمها بيتنفض من عياط ليلى، ودموعها نزلت معاها بدون وعي، ضمتها أكتر وهي بتمسح على ضهرها:
"هششش... هنيه، أنا معاكي. احكي لي، إيه اللي حصل؟ حد أذاكي؟"
لكن ليلى فضلت تعيط بس، ما نطقتش ولا كلمة. أسماء حسّت بالعجز، بس حاولت تهديها، وبهدوء شالتها من على الأرض ودخلتها جوه الأوضة، قعدت على السرير، وفضلت قاعدة جنبها، ماسكة إيديها بتطبطب عليها.
في اللحظة دي، كان أركان واقف عند الباب، عيونه مترقبة، وقلبه بيتوجع أكتر مع كل دمعة بتنزل من عيون ليلى. حس بجرح عميق وندم مميت على كل كلمة قالها، وكل تصرف عمله. بس كان شايف إنه لازم يقسى عليها، عشان يبعدها، عشان يحميها من اللي جاي، ومنه هو كمان. حاول يقنع نفسه إن ده الأفضل... إن بعد المهمة كل واحد هيرجع لحياته.
قبل ما يمشي، جمع شجاعته، خبط على الباب بخفة. أسماء فتحت له، ملامحها مستنكرة ومتسائلة:
"سعيد... هنيه مالها فيها ايه ؟"
هو كان واقف زي التمثال، بس عينيه كانت بتحكي حكايات. بصوت مليان تناقض بين البرود والندم، قال لها:
" خلي بالك عليها، بلاش تسيبيها لوحدها النهاردة. لو ينفع تباتي معاها، يبقى أحسن."
أسماء كانت بتحاول تفهم اللي بيحصل، حاسة إن في حاجة كبيرة مخبية بينهم. لكن قبل ما ترد، هو كمل بنفس النبرة الجامدة:
"أنا هنام عند البوابة."
لف ضهره بسرعة، وخرج قبل ما يضعف ويجري عليها، قبل ما يحسسه نظرها أكتر إنه خذلها. أسماء كانت واقفة، عيونها بتلاحقه وهو ماشي، ودماغها مليان أسئلة مالهاش إجابات. بصت لليلى اللي لسه بتترجف من العياط، وساعتها قررت إنها مش هتسيبها لوحدها الليلة دي، مهما حصل.
أسماء وهي حضنة ليلى، بتحاول تهديها، صوتها كان كله حنية وقلق:
"مالك يا حبيبتي؟ فيكِ إيه؟"
ليلى كانت بتترجف في حضنها، دموعها بتنزل بدون توقف، رفعت إيدها بخفة، وخبطت على صدرها مكان قلبها، صوتها كان مهزوز وضعيف:
"قلبي... وجعني قوي يا أسماء..."
أسماء حسّت إن الكلام ده دخل جوه قلبها زي السهم، نظرتها لليلى كانت مليانة وجع عليها. بدون تفكير، عملت حركة أي حد يشوفها قلبه يهتز ليها...
ميلت وباست على نفس المكان اللي ليلى كانت بتشاور عليه، وبصت لها بعيون كلها حب ودفا، وهمست بصوت فيه كل الحنية:
"سلامة قلبك من أي وجع يا حبيبتي."
ليلى رفعت عيونها لأسماء، الدموع كانت لسه بتلمع فيهم، بس وسط كل الحزن، كان في لمعة صغيرة... كأن كلام أسماء قدر يلمّس وجعها ولو للحظة.
ليلى كانت لسه بتترجف، دموعها بتنزل بغزارة، وأسماء ماسكاها كأنها بتحاول تاخد جزء من وجعها. مسحت على شعرها بحنية، وهمست تاني:
"أنا معاكي يا هنيه، مهما كان اللي وجعك، مش هسيبك لوحدك... احكي لي، قولي لي مين زعلك؟"
ليلى غمضت عنيها بقوة، كأنها بتحاول تمسح الصورة اللي بتطاردها، بس مافيش فايدة. شهقت بين دموعها، وصوتها طلع مكسور:
"مش قادرة أتكلم يا أسماء... مش قادرة أنطق..."
أسماء شدت نفس طويل، كانت حاسة إن الموضوع كبير، وإن ليلى في حالة مش طبيعية. سحبتها من إيديها، وخلتها تقعد على السرير، قعدت جنبها ومسكت إيديها بين إيديها بحنان:
"طب خلاص، مش لازم تتكلمي دلوقتي... بس أنا مش هسيبك لوحدك، الليلة دي أنا هنا معاكي، مش هنام غير لما تهدي."
ليلى رفعت عيونها الغرقانة بالدموع وبصت لأسماء، وكأنها بتحاول تلاقي في عيونها طاقة أمان وسط الضلمة اللي حساها جواها. همست بصوت ضعيف:
"أنا تعبانة قوي يا أسماء..."
أسماء مسحت دموعها بإيديها، وضمتها لحضنها تاني، تهمس بحنية:
"هتعدي يا هنيه... أي وجع في الدنيا بيعدي، وأنا جنبك لحد ما يروح."
وفي اللحظة دي، عند باب الأوضة، كان فيه عينين شايفة كل حاجة، وقلب بيوجعه الندم...
أركان كان واقف في الضلمة، شايف ليلى وهي مكسورة، حاسس بندم عمره ما حسه قبل كده. شدّ نفسه بالعافية، وقاوم رغبته إنه يدخل ويطمن عليها. كان لازم يقسى، لازم يفضل بعيد... ولازم يقنع نفسه إنه عمل الصح، حتى لو قلبه بيقوله عكس كده تمامًا.
ليلى رفعت عيونها بتعب، كانت شبه مستسلمة، كأنها فقدت طاقتها على المقاومة. قربت أكتر من أسماء، وبعد لحظة، رمت راسها على صدرها، كأنها بتدور على أمان وسط العاصفة اللي جواها.
أسماء حضنتها بحنية، وهي بتتمتم بكلام هادي، كلمات بسيطة لكن كلها دفء:
"نامي يا حبيبتي، ارتاحي... كل حاجة هتعدي."
**ليلى كانت لسه بتحس بوجع في قلبها، بس وسط دفء حضن أسماء، حسّت لأول مرة إنها مش لوحدها... دموعها فضلت تنزل بهدوء لحد ما جفّت، وأنفاسها بدأت تبقى أهدى. وشها كان مدفون في حضن أسماء، والهدوء
أشعة الشمس بدأت تتسلل من بين ستائر الفيلا، بتنور المكان بهدوء، معلنة عن بداية يوم جديد. الجو كان هادي، بس كان فيه توتر غريب في الأجواء، كأن اللي حصل امبارح سايب أثره على الكل.
في أوضة ليلى، كانت لسه نايمة،في حضن أسماء اللي فضلت جنبها طول الليل. أسماء فتحت عينيها ببطء، أول ما حسّت بالحركة البسيطة اللي عملتها ليلى وهي بتغير وضع نومها. بصّت لها بحنان، لمست جبينها بخفة كأنها بتطمن إنها كويسة.
أما بره، في الجنينة، أركان كان واقف عند البوابة، شكله مرهق كأنه ما نامش طول الليل. عيناه كانت مثبتة على الأفق، عقله مليان أفكار مش مترتبة، وكلها بتلف حوالين حاجة واحدة... ليلى. بس كل ما يحاول يهدى نفسه، يحس بندم بيضغط على قلبه.
جوه الفيلا، عند السفرة، العيلة بدأت تتجمع على الفطار. صباح كانت قاعدة بتبص حواليها بنظرات متفحصة، نوال جنبها بتتكلم عن حاجات تافهة
الحاج صلاح دخل السفرة، بص حوالينه بسرعة، وسأل بصوته الرخيم:
"هو سعيد فين؟"
فؤاد رد وهو بيشرب شايه بهدوء:
"كان نايم بره عند البوابة، واضح إنه واخد الدور على محمل الجد."
الحاج صلاح ابتسم ابتسامة صغيرة، بس كانت مليانة معاني. بص للكل، كأنه بيشوف رد فعلهم، وبعدها قال بغموض:
"كويس... الأيام الجاية هي اللي هتثبت إذا كان يستحق المكان اللي حطيته فيه ولا لأ."
ـــــ$$$
مروا أسبوعين... أسبوعين اتغيرت فيهم حاجات كتير، وأركان كان بيتغلغل أكتر في عالمهم، بيشوف بعينه إزاي الناس دي بتفكر، إزاي بيحركوا اللعبة، وإزاي كل حاجة محسوبة بدقة حتى أصغر تفصيلة.
اكتشف إن الشغل هنا مش مجرد تجارة سلاح أو مخدرات، لا... ده نظام متكامل، شبكة محكمة، كل خطوة فيها متخطط لها من قبلها بفترة، الكبار بس هم اللي بيرسموا السيناريو، والباقي مجرد أدوات بتتحرك حسب الخطة.
المفاجأة الأكبر؟ إن اللي بيحرك اللعبة مش مجرد مجموعة عصابات محلية، لا... فيه منظمة أكبر، كذا رئيس عصابة بيتجمعوا تحتها، بيتعاونوا، وبيستشيروا خبراء أمريكان في التخطيط والإدارة، بياخدوا منهم البضاعة، وبيبيعوا بأسلوب يضمن لهم إنهم دايمًا سابقين أي محاولة للإيقاع بيهم.
وأركان؟ كان في قلب كل ده، شايف، سامع، وبيتعلم... بس في نفس الوقت، كان بيدوّن في عقله كل معلومة، كل حركة، عشان لما ييجي الوقت المناسب، يقدر يقلب الطاولة على الكل.
في اللحظة دي، كانت عيون الكل مترقبة، وكل واحد فيهم بيحاول يفهم إزاي سعيد البواب اللي كانوا شايفينه مجرد واحد غلبان، بقى فجأة حديث الحاج صلاح، والذراع اليمين اللي ناوي يعتمد عليه.
لكنهم أكبر غلطة ارتكبوها لما استقلّوا بقوة أركان...
هما ما يعرفوش هو يقدر يعمل إيه ويوصل لفين.
كانوا فاكرينه مجرد بواب جديد، حطوه تحت الاختبار، بس اللي ما يعرفوش إن الاختبار الحقيقي كان هو اللي حاطه ليهم، مش العكس. كل خطوة كان بيخطط لها، كل كلمة كان بيقولها بحساب، وكل موقف كان بيثبّت مكانه أكتر في وسطهم .
بص حواليه، كل واحد فيهم كان عنده رد فعل مختلف...
مروان كان قاعد ومش قادر يبلع اللي بيحصل، الحقد في عينه بيزيد كل لحظة.
فؤاد كان متحفظ، مش مبين أي مشاعر، بس عقله بيدور في احتمالات كتير.
نوال وصباح كانوا مش قادرين يصدقوا إن "البواب" بقى شريك في كل حاجة.
أما ليلى، فكانت علاقتها بأركان شبه معدومة... كانت شاغلة كل باله، كل ذرة في قلبه، بس هو ماكانش قادر يشوفها، أو حتى يحاول يقرب منها.
أصبح ذراع صلاح اليمين، معاه في كل خطوة، طول الليل برا، وسط التخطيطات والاجتماعات، وسط عالم السلاح والمخدرات، والوشوش اللي كلها خداع. يرجع الصبح منهك، ينام كام ساعة، ويدخل دوامة جديدة، في حين إن ليلى كانت بتتجنبه تمامًا.
بعد اللي حصل بينهم، مابقاش فيه تعامل خالص، لا نظرة، لا كلمة، لا حتى صدفة تجمعهم. هي هربت منه، وهو سايبها تهرب، مش لأنه عايز كده، بس لأنه مش عارف يتعامل مع اللي جواه. كل مرة يحاول يقنع نفسه إن البعد ده الصح، وإنه لازم يقسى عليها عشانه وعشانها، يلاقيها بتسيطر على تفكيره أكتر، بتلاحقه في أحلامه، في لحظاته الساكتة، في كل مرة بيسمع اسمها حتى لو كان بالصدفة.
ليلى كانت بتحاول تعيش... تحاول تنسى، تحاول تتجاهل، لكنها كانت بتكذب على نفسها.
في الأول، أقنعت نفسها إن البعد عنه هو الحل، وإنها لازم تنساه، بس الحقيقة؟ مافيش لحظة عدّت من غير ما تحس بوجوده حتى لو مش قدامها. كانت بتشوفه في كل تفصيلة حواليها، في الأماكن ، في النظرات اللي كان بيرميها عليها زمان، في صوت خطواته لما يرجع الفجر وهي بتسمعه من بعيد، حتى في نفسها اللي كان بيضيق كل مرة تحس إنه قريب بس بعيد في نفس الوقت.
حاولت تشغل نفسها، تتعامل كأنه مش موجود، لكنها كانت أضعف من إنها تنجح في ده. كل مرة بتسمع حد بيحكي عن اللي بيعمله، عن قوته وسط العصابة ونجاحه، عن إزاي بقى واحد منهم فعلاً
كانت بتفتكر آخر لحظة بينهم... آخر لمسة، آخر كلمة... والوجع كان بيزيد. بس حتى مع الألم، كانت مصممة إنها متورّيش ضعفها.
ليلى بقت نسخة تانية، أقوى من بره، بس مكسورة من جوه، مابين قلبها اللي مش قادر ينسى، وعقلها اللي بيحاول يقنعها إن النهاية خلاص تحددت، وإن أركان بقى في طريق تاني... طريق هي عمرها ما هتقدر تمشي فيه.
رغم كل حاجة حصلت، ليلى كانت بتحاول تعيش، ووجود أسماء جنبها كان أكبر دعم ليها.
الصداقة بينهم كبرت وبقت أقوى من أي وقت فات، مبقوش يسيبوا بعض لحظة. أسماء كانت الحتة الوحيدة اللي ليلى بتحس فيها بالأمان، اللي تقدر تضحك قدامها من قلبها حتى لو جوّاها وجع. كانت بتسألها كتير عن اليوم اللي اتخطفت فيه، عن اللي حصل، لكن ليلى كانت بترفض تحكي، مش قادرة حتى تفكر في اللي حصل، فكانت كل مرة تهرب من الكلام وتغيّر الموضوع.
أسماء فهمت إنها مش عايزة تتكلم، فقررت تكون الدعم اللي ليلى محتاجاه من غير ضغط، وبدل ما تسأل، كانت بتحاول تهوّن عليها، تضحّكها، تخرّجها من الجو الكئيب اللي كانت فيه.
بقت كل لحظة بينهم مليانة هزار وضحك، يخرجوا الجنينة سوا، يتحكوا على مواقف بتحصل في البيت، وأسماء بقت تحاول تجرّ ليلى لأي حاجة تخليها تبتسم حتى لو للحظات بسيطة. كانوا الاتنين زي روح واحدة في جسمين، ولو لا أسماء، كان زمان ليلى غرقت أكتر في وجعها.
وفي يوم في اوضه ليلي
أسماء وهي ماسكة طبق السوشي ومبسوطة:
– يلا بقى  يا هنية، بطلي غلاسة وضوئي هيفتح نفسك والله مش انت بقى لك يومين مش عارفه تاكلي بتقولي نفسك مسدوده!
ليلى وهي بتبص للأكل بريبة واستغراب:
– يا بنتي ده شكله لوحده غريب، بلا سوشي بلا بوشي! أنا مش هاكل البتاع ده، ريحي نفسك.
أسماء وهي بتعمل عيونها زي عيون القطط وبتترجاها:
– طب دوقي حتة واحدة بس عشان خاطري، مش هخسرك حاجة!
ليلى بتنهد باستسلام، وهي ماسكة قطعة سوشي، قربتها من بقها وأخدت منها حتة صغيرة جدًا، فجأة ملامحها اتغيرت، عينيها اتسعت، ووشها كله تعبر عن الصدمة... مقدرتش تبلعها، قامت جريت على الحمام بسرعة، رجعت 
أسماء كانت قاعدة على السرير وبتضحك لدرجة إنها وقعت من كتر الضحك وهي ماسكة بطنها:
– يا لهوي عليكِ يا ليلى! هو إيه ده؟ دي كانت تجربة علمية فاشلة ولا إيه؟!
ليلى وهي بتحاول تستوعب اللي حصل:
– أنا قلتلك من الأول! بلا سوشي بلا بوشي، ده اللي المفروض يفتح نفسي ده سد نفسي اكتر!
أسماء وهي بتحاول تكتم ضحكتها:
– بس شكلك كان يضحّك وانتِ بتجربيه، لو كنتي شوفتي نفسك! كنتي زي الأطفال أول مرة يدوقوا ليمون!
ليلى وهي بتبعد الطبق عنها بسرعة وملامحها متقرفة:
– خديه بعيد عني يا أسماء، أنا مش طايقة  ريحته!
أسماء بتضحك :
– يلا نرقص طالما مافيش أكل
على اغنيه بونبونايه على حتة توت، خلاص يا بطه هطق، هموت!
راحت مشغلة الأغنية ورفعت إيديها ناحية ليلى تشجعها تقوم ترقص معاها،اول ما ليلي قامت حست إن الدنيا كلها بتلف حواليها، الألوان بقت مشوشة والصوت بقى بعيد... ثواني معدودة وقبل ما تقدر تستوعب إيه اللي بيحصل، الدنيا اسودّت قدامها ووقعت على الأرض مغمى عليها.
صرخة مدوية خرجت من أسماء، كانت مليانة رعب، هزت البيت كله.
في نفس اللحظة، كان أركان واقف بيتكلم مع عبد الحق في الجنينه، أول ما سمع الصرخة، قلبه وقع في رجله. بدون تفكير، جرى ناحية الصوت، وعبد الحق بحكم طبيعته الحذرة طلع السلاح فورًا ومشى وراه بسرعة، مستعد لأي حاجة.
بطه اللي كانت قريبة، رمت كل حاجة من إيديها وطلعت تجري ناحية الأوضة، قلبها كان مقبوض، وخوفها زاد لما شافت أركان بيجري بالسرعة دي.
أركان دخل الأوضة زي العاصفة، وعينيه على ليلى الملقاة على الأرض، لونها كان باهت بشكل مرعب، وأسماء كانت جنبها بتحاول تفوقها وهي بتعيط.
ركع أركان على ركبته جنبها بسرعة، صوته كان مليان قلق وهو بيمسك وشها ويحاول يصحيها:
– ليلى! ليلى فوقي!
لكنها ما ردتش، ما كانش فيها أي استجابة... قلبه دق بجنون، وملامحه تشدت، حس برعب عمره ما حسه قبل كده.
أسماء وهي بتحاول تشرح بصوت مختنق من البكاء:
– كانت كويسة، فجأة ووقعت... أنا ما لحقتش أعمل حاجة!
عبد الحق وهو بيبص بسرعة على المشهد وسلاحه لسه في إيده، قال بصوت قاطع وحاسم:
– هتصل بدكتور، شكلها مش بسيط!
أركان بدون تفكير، شال ليلى في حضنه حطها على السرير، كان قلبه بيدق بجنون، ومخه ما كانش قادر يستوعب فكرة إنها ممكن تكون في خطر حقيقي...
وبعد دقائق معدودة لكن طويلة بالنسبه ليهم الدكتور وصل 
الدكتور أخد نفس عميق وقال بهدوء وهو بيبص ليهم :.......
لا اله الا الله 
اللهم ارحم ابي واغفر له واسكنه الفردوس الاعلى 
صلوا على النبي 

google-playkhamsatmostaqltradent