Ads by Google X

رواية زواج في الظل الفصل الاول 1 - بقلم ياسمين عطيه

الصفحة الرئيسية

  رواية زواج في الظل كاملة بقلم ياسمين عطيه عبر مدونة دليل الروايات

رواية زواج في الظل الفصل الاول 1

جلست ليلى في زاوية الغرفة، ضامة ركبتيها إلى صدرها، وعقلها يدور بأقصى سرعة. عينها شردت في الحائط، لكن في الحقيقة، لم تكن ترى شيئًا. كانت ترى ماضيها، ترى أمها المنهكة بعد يوم شاق في المصنع، يديها المتشققة وهي تمسح عرقها بحافة طرحتها البالية، وترى أختها التي تزوجت منذ عام وما زالت غارقة في الديون. “إيه يا ليلى، هتفضلي طول عمرك كده؟ بتبيعي مناديل وبتستخبي في بطانية مهلهلة؟” حست بقلبها يدق بسرعة وهي تبلع ريقها بصعوبة، إدراكها بدأ يتغير. المهمة دي خطر، مش مجرد كلام مرعب من عدلي، سنة كاملة وسط أخطر عصابة في البلد ولو اتكشفت ممكن يصفوها، سنه هتختفي فيها عن اهلها وعن حياتها وهترجع وهي مطلقه، سنه هتبقى لوحدها مش هينفع تقول لاي حد اي حاجه بس لو قبلت… كل حاجة هتتغير. فلاااش باك القاعة كانت واسعة، بس فيها برودة غريبة، مش برودة التكييف، لا.. برودة المكان نفسه، كأن الجدران مابتعرفش الرحمة. الكرسي المعدني اللي قاعدة عليه ليلى كان مخلي ضهرها متشنج، وإيديها متشابكة في محاولة تهدئة نفسها، بس عقلها كان شغال بأقصى سرعته. الباب اتفتح بهدوء، عكس التوتر اللي في الجو. راجل في منتصف الأربعينات دخل، نظراته حادة، وهيبته مابتحتاجش تعريف. كان عدلي، المسؤول الكبير هنا. ليلى بخوف، وهي بتبص حوالين المكان: “إنتو جايبني هنا ليه يا باشا؟ أنا ما عملتش حاجة، أنا بنت غلبانة ببيع مناديل في الإشارة… لو ده ممنوع، والله ما تشوفوا وشي تاني!” عدلي وهو بيقعد قدامها:طبعا لازم تسألي نفسك إيه اللي جابك هنا. ليلى بصوت مهزوز ممزوج ببعض المرح: ماظنش إنكم بتلموا الناس الغلابة عشان تسألوا عن أحوالهم. عدلي بابتسامة خفيفة: دمك خفيف.. حلو، لإنه هينفعك. ليلى وهي بتبلع ريقها: يعني إيه؟ عدلي وهو بيحط ملف قدامه: ليلى صلاح..٢٢ سنة.. بنت مكافحة.. أمك ست عظيمة، وأختك متجوزة ومزنوقة في ديون. شغالة في كذا حاجة عشان تصرفوا، بس الغُلب مش سايبكم. ليلى بصوت ضعيف: عايز مني إيه؟ عدلي وهو بيقرب لها: عايزينك في مهمة.. خطيرة جدًا. ليلى وهي بتضحك بسخرية: آه طبعًا، أنا جاسوسة كبيرة وأخطر من جيمس بوند. عدلي وهو بيتجاهل تهكمها: فيه عملية كبيرة، والعنصر النسائي اللي يدخل فيها لازم يكون عنده مواصفاتك. ليلى: مواصفاتي؟ عدلي وهو بيقفل الملف: دمك الخفيف.. قدرتك على التعامل مع أي حد.. والأهم إن مافيش أي ملف إجرامي عليك، يعني مش هتشكي فيكي العصابة اللي عايزينك تتجسسي عليهم. ليلى وهي بتشد نفسها للخلف: لا لا لا.. أنتم أكيد بتهزروا! أنا مالي بالكلام ده؟ عدلي وهو بيرمي ورقة قدامها: نص مليون جنيه في حسابك.. بيت ملك.. تأمين لأهلك.. والمهمة مدتها سنة واحدة بس. الرقم كان صادم.. عقلها دار بسرعة، سنة واحدة؟ مبلغ زي ده؟ أختها تخلص من الديون، أمها تعيش في بيت بدل الايجار، بس في نفس الوقت، دي مخاطرة بحياتها. ليلى وهي بتهمس: لو رفضت؟ عدلي وهو بيتراجع في كرسيه: محدش بيرفض. لحظة صمت خيمت على المكان، ليلى خدت نفس عميق، حست إنها في مفترق طرق، بس صوت الباب وهو بيتفتح قطع تفكيرها. كان أركان. طويل، وسيم، جذاب عنده قوة حضوره، عيونه باردة، مابتظهرش أي مشاعر، كأنه مش مهتم بأي حاجة… جسمها انتفض، عيونها اتفتحت على آخرها من هبته، أول مرة تشوف حد بالجاذبية دي. عملت صوت تصفيرة ببقها غصب عنها وقالت باندهاش: “ايه الجمال ده كله يا بت يا ليلي دا انا ما كنتش بشوف رجاله قبل كده أركان بصوت هز المكان: “اسكتي! مش عايز أسمع صوتك!” ليلى بسرعة: “انت تؤمر يا باشا!” أركان وهو بيبص لعدلي بحدة: “إنت قلت لها المفروض تعمل إيه؟” عدلي بضحكة: هي مدياني فرصة يا أركان، دي ما بطلتش رغـي!” أركان بجدية وهو بيبصلها: “بصي، عندك فرصة ذهبية، بس لو ضيعتيها، تبقي أغبى من ما باين عليكي” عدلي بجدية: “المهمة دي مدتها سنة، هتختفي عن أهلك تمامًا، هتعيشي دور مزيف كزوجة لواحد من رجالتي…” ليلى بسرعة وهي بتغمز لأركان: “لو إنت، أنا موافقة!” أركان بحدة: “لمي نفسك يا بت عدلي بنفاد صبر: احنا مش بنهزردي عصابة مخدرات وسلاح، أخطر ناس في البلد، وإنتي وأركان هتدخلوا في وسطهم دي فرصتك تغيري حياتك وحياة أهلك للأبد!” ليلى تحت تأثير الصدمة عقلها كان بيحاول يستوعب الكلام اللي سمعته… الموت؟ خطر؟ دي مش لعبة… دي مش شغلانة سهلة، بس… البيت؟ أمها؟ دين أختها؟ ليلى بتوتر: “واحدة واحدة يا باشا… اللي بتقوله ده… ده أكبر مني بكتير!” عدلي بقوة: “بالعكس! انتي بنت ذكية وعندك مهارة التعامل مع الناس، ودي فرصة مش هتتكرر!” ليلى وهي بتحاول تستوعب: “طب ولو رفضت؟” عدلي ببرود: “هترجعي لحياتك، تبيعي مناديل، تشوفي أمك بتتعب كل يوم، وأختك تسدد في دينها سنين طويلة… انتي اللي بتحددي مصيرك!” ليلى تقرر بشروطها عينها اتفتحت وهي بتفكر… سنة واحدة، في مقابل حياة جديدة تمامًا؟ بلعت ريقها، حسّت بدقات قلبها بتعلى… وفجأة، أخدت نفس عميق وقالت بحزم: “موافقة… بس ليّ شرط!” عدلي: “شرط؟” ليلى بثقة وهي تبص لأركان: “أنا بنت غلبانة، ومهما كان، أمي ليها حق تفرح ببنتها بيوم زي ده… عاوزة فرح حقيقي، الناس كلها تتكلم عنه!” أركان باندهاش: “إنتي جاية تحققي أحلامك هنا؟!” ليلى بضحكة خفيفة: “أمي الست الغلبانة، تستاهل تفرح بيا يوم واحد قبل ما أختفي سنه والله اعلم هرجع لها عايشه ولا لا!” عدلي وهو بيبتسم بثقة: “تمام… عندك 12 ساعة تفكري، الصبح هتكوني قدام المقر وإديني قرارك الأخير اللي انا عارف هو ايه كل حاجه واضحه قدامك يا تقبلي المهمة، يا.. ليلى قاطعته بسرعة وخوف: يا إما إيه؟ هتقتلوني؟ أركان وهو بيرمقها بنظرة جانبية: لا.. بس هتكملي حياتك في زنزانة، مع اتهام ممكن تخليكي ما تشوفيش الشمس تاني ليلى حست بقلبها بيدق بسرعة، الموقف كان أكبر منها، بس الحلول كانت محدودة جدًا. أخذت نفسًا عميقًا، وبصوت منخفض: هو انتم كده المفروض مديني حريه الاختيار ولا هاجي ولا هروح بكره يا باشا وزي ما انت قلت كل حاجه واضحه انا هعمل كل اللي انتم هتطلبوا مني وفي المقابل لازم تجبروا بخاطرامي بكره تيجي حضرتك وابنك وتطلبوني من مامتي اكنها جوازه طبيعيه طبعا انا هحاول افهمها ان احنا مستعجلين عشان انت مسافر بسبب ظروف شغلك واني هسافر معاك بشنطه هدومي بس لان المكان اللي انت بتشتغل فيه مديينك شقه فيها كل حاجه وجاهزه من مجاميعه عشان ما تقوليش ايه الجوازه البيعه والشروه دي امي وانا عارفاها هتحس ان الموضوع مش طبيعي والجوازه دي وراها حاجه ثانيه يا رب يدخل عليها الموضوع وصح تبقى قل لامي ان انت شفتني في اشاره المرور من فتره واعجبت بيا بس انت كنت مستني ظروف شغلك تستقر عدلي بتأكيد وحسم: برافو عليك، دماغك شغالة صح تمام استنينا بكره الساعه 5:00 وعايزك تقولي لمامتك ان الفرح هيبقى بعده بكره بالكتير ليلى بحزن وبتريقه :مش كتير قوي يومين عدلي ما فيش وقت احنا كده متاخرين انا لو اعرف ادخلكم بكره في المهمه انا هعمل كده (في مكتب عدلي بعد مغادرة ليلى) أركان وهو بيقف قدام عدلي وإيديه في جيوبه: مافيش غيري؟ عدلي وهو بيزفر ببطء: مافيش غيرك ينفع للمهمة دي، وأنت أكتر واحد كفء ليها. أركان بصوت بارد: وأنت عارف إنك بتعطل حياتي الشخصية؟ عدلي وهو بيحاول يخفف التوتر: عارف إنك بتحب يارا بنت عمك، وعارف إن الخطوة دي هتبقى صعبة عليك، بس هحاول أتكلم معاها وأفهمها إن الجواز ده مجرد شغل.. على الورق بس. أركان : مافيش حاجة اسمها على الورق.. في الآخر كل حاجة بتسيب أثر. عدلي وهو بيحاول يبرر: شوفها من ناحية تانية.. سنة وهتخلص، وهترجع لحياتك، وهتبقى الأفضل. أركان وهو بيمسح وشه بإيده: أتمنى الكلام ده يكون صح.
في فيلا فخمة لعائلة أركان، قاعة استقبال أنيقة. الجو مشحون بتوتر واضح، وفريدة واقفة بثبات، لكن عينيها مليانة غضب وقلق. فريدة بصوت حاد وهي تبص لعدلي بحدة: “إنت بتستهبل يا عدلي؟ إنت عايز ابني الوحيد يتجوز واحدة من الشارع عشان مهمة؟!” عدلي بنبرة هادية لكن حازمة: “أنتِ عارفة إن دي مش جوازة حقيقية، ده تمويه عشان نقدر نوصل للعصابة دي!” فريدة بصوت متحشرج من الغضب: “تمويه! بتهزر؟! أربيه وأكبره وأحافظ عليه، وفي الآخر أكتشف إنك واخده في لعبة قذرة زي دي؟!” أركان بحزم: “ماما، اسمعيني… دي مش لعبة، دي شغلي، وأنا مش هتهرب منه!” فريدة بصدمة وهي تبص له: “يعني إنت موافق على الجنون ده؟!” أركان بتنهد وهو بيحاول يسيطر على غضبه: “ماما، الموضوع أكبر من مجرد زواج شكلي، دي قضية أمن قومي، وحياتي كلها شغل زي ده، مش جديد عليكي!” فريدة بانفعال وهي تتوجه ناحية عدلي: “أنتَ استغليت إخلاصه ليك، وعارف إنه مش هيرفضلك طلب! لكن إنت عارف كمان إن ليه خطيبة… حبيبة عمره! كده بتخرب بيته بيدك!” عدلي وهو بيحاول يوضح بهدوء: “أنا مقدر ده، بس يارا لازم تفهم إن أركان مش راجل عادي… هو ظابط في جهاز حساس، حياته مش زي حياة أي شخص تاني.” فريدة بصوت مرتعش، لأول مرة تظهر ضعفها: “أنا ربيت ابني على الشرف والمسؤولية، بس مش على حساب حياته! دي مخاطرة مش مضمونة، ولو حصل له حاجة…؟!” عدلي بنبرة جادة: “أنا بوعدك إنه هيرجع لك سالم، لكن البلد محتاجاه في المهمة دي!” فريدة وهي تحاول تسيطر على مشاعرها: “وإيه المقابل؟ تبعده عن خطيبته؟ تحطه في وسط ناس مجرمين؟ وتطلب منه يمثل الحب والزواج؟!” أركان بجدية: “ماما، أنا مش بحب غير يارا، وده مش هيتغير، دي مجرد ورقة وقضية هخلصها وارجع.” فريدة بعد لحظة صمت وهي تبص في عينه: “وإنت ضامن؟ ضامن إنك مش هتتعلق بالحياة اللي هتعيشها؟ بالبنت اللي هتبقى معاك في كل لحظة؟ ولا هي مجرد ورقة على الورق، ولما تيجي لحظة الحقيقة هتلاقي نفسك مش قادر تمشي؟” أركان بتوتر وهو يحاول يهرب من نظرتها: “أنا عارف نفسي!” فريدة بمرارة: “أنا مش موافقة… ولو يارا عرفت، مش هتسامحك!” عدلي وهو يحاول يخفف من حدة التوتر: “خدي وقتك، بس في الآخر، القرار مش بتاع حد غير أركان!” فريدة بصوت ضعيف لكنه مليان حزن: “ربنا يكون في عونك يا ابني، بس لما ترجع… هتكون نفس الشخص؟ ولا هتكون حد تاني؟!” المشهد ينتهي بصمت ثقيل، وأركان واقف بين نظرات أمه القلقة، وصوت عدلي العقلاني، وقلبه اللي بدأ يحس بثقل المهمة أكتر من أي وقت فات… ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في كافيه هادئ، إضاءة خافتة، وزحمة خفيفة حوالين الترابيزات. أركان قاعد في ركن بعيد، عينه على الباب وهو مستني يارا توصل. قلبه مش مرتاح، لأول مرة يحس إنه هيدخل في حرب مش متأكد إنه هيخرج منها بنفسه. يارا بتدخل بخطوات سريعة، ملامحها جميلة لكن فيها لمحة توتر: “أركان، مالك؟ صوتك في التليفون ما كانش مطمّن خالص!” أركان وهو بياخد نفس عميق، وعينه ثابتة عليها: “يارا، أنا عايزك تسمعيني للآخر، مهما كان اللي هقوله صعب.” يارا بتتراجع بخوف، نبرة صوته مش طبيعية: “إيه في إيه؟ متخوفنيش، قول بسرعة!” أركان وهو بيشاور للنادل يجيب لها حاجة تشربها، كأنه بيحاول يطول الوقت: “الموضوع حساس… وعايزك تبقي هادية.” يارا بقلق: “أركان، اتكلم! إنت بترعبني!” أركان بعد لحظة صمت: “في مهمه جديدة… ولازم أبقى متجوز عشان أدخل فيها.” يارا بتضحك بصدمة، كأنها سمعت حاجة مستحيلة: “إيه؟ متجوز؟ قصدك إيه يا أركان؟!” أركان بصوت هادي لكن حاسم: “يا يارا، دي مهمة سرية… لازم أظهر كراجل متجوز… وهيكون جواز على الورق بس.” يارا بصوت عالي وهي بتسحب إيدها بعيد عنه: “جواز على الورق؟! إنت بتهزر؟ دي حياتي! أنا خطيبتك! إزاي تفكر في حاجة زي كده؟!” أركان بحزن، وهو ماسك أعصابه: “يارا، دي مش بإيدي، ده شغلي، وأنا عمري ما اخترت حياتي زي أي حد تاني.” يارا وهي بتحاول تستوعب: “وهي مين البنت دي؟!” أركان وهو بيبلع ريقه: “بنت… من الشارع، عشان المهمة.” يارا بعينين مليانة دموع وصدمة: “يعني مش بس هتتجوز، دي كمان بنت من الشارع؟!” أركان بيحاول يهديها: “يارا، أنا بحبك إنتي، ودي مجرد خطة، بعد سنة كل حاجة هترجع زي ما هي.” يارا وهي تهز رأسها بعدم تصديق: “زي ما هي؟ يعني إنت متخيل إني هستنى سنة، وأنت متجوز على الورق من بنت غيري؟ وهي هتعيش معاك؟!” أركان بصوت متحشرج لأول مرة يحس إنه مش قادر يلاقي رد مقنع: “يارا، أنا مضطر، ومش عايز أخسرك.” يارا بضحكة فيها مرارة: “مش عايز تخسرني؟ خلاص يا أركان، أنا هساعدك… هريحك من القرار ده وأقولك أنا مش موجودة في حياتك بعد النهارده!” أركان وهو بيقف بسرعة ويمسك إيدها يحاول يهديها: “يارا، استني، أنا بحبك، وكل ده مؤقت!” يارا بعينين مغرقة بالدموع وهي بتسحب إيدها بعنف: “مؤقت بالنسبة لك، بس بالنسبة لي… ده انهيار لكل حاجة بنيتها معاك! مع السلامة يا أركان!” يارا بتطلع بسرعة من الكافيه، ودموعها بتجري على خدها، وأركان واقف مكانه، عارف إنه خسر جزء كبير من حياته، بس في نفس الوقت… ما كانش عنده اختيار!

في فيلا عائلة يارا، غرفة المعيشة. الساعة تجاوزت منتصف الليل، والبيت في هدوء غريب. باب الفيلا اتفتح بعنف، ويارا دخلت وهي مكحولة الدموع، عيونها حمرا ووشها شاحب، بتاخد أنفاس متقطعة من كتر البكاء. غادة (شهقت بخوف وهي بتجري عليها): يارا! مالك يا بنتي؟ إيه اللي حصل؟! يارا (بصوت مخنوق، وهي بترمي نفسها في حضن أمها وبتنهار في بكاء هستيري): ماما.. مش قادرة.. مش قادرة أصدق! غادة (بتحاول تهديها، لكن قلبها مقبوض من شكلها): في إيه؟ حد ضايقك؟ أركان عملك حاجة؟ يارا (رفعت راسها بحدة وهي بتصرخ): أركان خلاص.. مش ليا يا ماما! غادة (اتسعت عيونها بعدم استيعاب): إيه؟! بتتكلمي عن إيه؟ قبل ما يارا ترد، صوت رجولي هادي لكنه قاطع جه من عند السلم. عماد (بهدوء وحزم وهو بيتقدم ناحيتهم): يارا، اهدي شوية.. وخلينا نتكلم بعقل. غادة (بغضب وهي بتبص له بشك): إنت عارف حاجة؟! يارا (نظرت له بعيون مليانة ألم واتهام): بابا.. انت كنت عارف، مش كده؟! عارف إنه هيسيبني عشان المهمة دي، وعارف إنه هيجوز بنت تانية؟ غادة (شهقت بدهشة وهي بتبص لجوزها باستنكار): جواز؟! أركان هيتجوز؟! يارا (بمرارة وهي تمسح دموعها بعنف): آه يا ماما.. وهيفضل سنة كاملة بعيد عني، مع واحدة تانية! غادة (بصوت مليان غضب ورفض): إنت مستحيل تكون وافقت على حاجة زي دي، مش كده؟! عماد (تنهد بثقل، وحاول يفضل هادي وهو يقعد على الكنبة قدامهم): اسمعيني الأول، وبعدين احكموا. غادة (بصوت عالي وانفعال واضح): تحكم في إيه؟دي بنتك وده ابن اخوك ، والمفروض يبقى جوازه عن حب، مش عشان شغل! يارا (بصوت متهدج، وهي بتحاول تستوعب الموضوع): ليه ما اخترتونيش أنا؟ أنا كنت هدخل المهمة معاه، كنت هعمل أي حاجة، بس ماكنتش هسيبه! عماد (هز راسه بأسف): المهمة دي مش مجرد تمثيلية، دي خطر حقيقي. الناس اللي هيروح لهم مجرمين، وأي غلطة هتبقى حياتكم تمنها. انتي بنتي، ومستحيل أوافق تدخلي في حاجة زي دي. غادة (بعصبية وهي تهز راسها): وولاد الناس تدخل؟! البنت دي أهلها راضيين؟! عماد (بهدوء لكنه صارم): ليلى ما عندهاش حد يمنعها، وما عندهاش حاجة تخسرها.. وده اللي بيخليها المرشح المثالي. المهمة دي محتاجة حد يكون مش ملفت للنظر، حد محدش يشك فيه، حد يقدر يندمج وسط العصابة من غير ما يثير أي ريبة.. وده ما كانش هيحصل لو يارا دخلت، لأن العصابة دي هتكتشف بسهولة إنك مختلفة بنت غنية متربية على الراحة والأمان. يارا (بهمس مليان وجع): بس أنا بحبه، وأنا وهو مخططين لحياتنا مع بعض! عماد (تنهد وحط إيده على كتفها بحنان): وده اللي أركان أكيد حاسس بيه أكتر منك. بس للأسف، فيه حاجات أكبر مننا، أكبر من مشاعرنا.. المهمة دي لازم تتم، ودي الطريقة الوحيدة اللي نقدر نوصل بيها للعصابة دي. غادة (بغضب وهي تبعد يده عنها): أنا مش موافقة، مش هقبل إنو يتجوز واحدة تانية غير بنتي حتى لو كان تمثيل! يارا (همست بصوت مكسور وهي تبص في الأرض): ولا أنا.. بس شكلي ماليش رأي في الموضوع، صح؟ عماد (بهدوء لكنه جاد): عندكِ 12 شهر تفكري.. وبعدها، لو لسه عايزة تبقي في حياته، محدش هيمنعك. بس دلوقتي، لازم تسيبيه يعمل شغله. يارا قعدت على الكنبة، حاسة إن روحها بتتسحب منها. أما غادة، فبصت لجوزها بنظرة مليانة رفض، وخرجت من الأوضة وهي بتتمتم بغضب. أما عماد، ففضل قاعد، عارف إن الأيام اللي جاية هتكون أصعب، مش بس على أركان.. لكن على يارا كمان.

(حياة أركان) أركان كان غير عادي في كل حاجة. وسيم بشكل مش طبيعي، جذاب لدرجة إن أي مكان يدخل فيه يبقى مركز الانتباه. وجهه زي تمثال منحوت بعناية، عيونه مش عادية، فيها سحر غريب بيخلي أي حد يتوه فيها، شعره الأسود المرتب على طول كان بيزيده وسامة، وحركاته في كل مكان كانت أنيقة، بسيطة، لكنها مليانة ثقة. جسمه رياضي، مفتول العضلات، وكأن الحياة ما بخلتش عليه بحاجة. لكن أكتر حاجة تميزته كانت شخصيته القوية، هو مش مجرد جمال شكلي، لا، هو شخص عنده حضور بيخلي الناس تنظرله بإعجاب، وأحيانا حتى بخوف. أما عن عيلته، فهي من أقدم وأغنى العائلات في مصر، جده كان وزير، بس هو مش من النوع اللي يعتمد على اسم عيلته، هو بدأ من الصفر، وعرف يثبت نفسه في جهاز الأمن الوطني بجدارة وخد مكانة كبيرة. أركان مفيش حاجة تخليه يتنازل عن قيمه. النجاح بالنسبة له مش رفاهية، ده فرض. كان معتمد على نفسه. درس بره، اشتغل على نفسه كويس، ماكنش عايش حياة مدللة، كان دايمًا عنده حاجة يثبتها، وده اللي خلاه متميز. بس ليلى؟ دي حاجة مختلفة تمامًا عن عالمه. (حياة ليلى) • ليلى كانت بنت بسيطة، دمها خفيف، ورغم كل اللي عانته في حياتها، كانت دايمًا بتضحك. ضحكتها كانت تخفي وجع السنين، لأنها اتربت في بيئة صعبة. أمها كانت شقيانة وأختها متجوزة على الضيق، وهي كانت المسؤولة عنهم. ما كانش عندها رفاهية الرفض، والفلوس اللي ممكن تغير حياتها من الظلام للنور كانت مغرية، لكن الثمن؟ كان أغلى بكتير مما تخيلت.جمالها مش واضح من أول نظرة. شعرها الطويل كان زي خيوط العسل، لكن مع الحجاب، ما كانش يبان منها غير عيونها اللي كانوا بيشعوا مع كل ضحكة، حتى لو كانت خفيفة، مش قادرة تغطي همومها. ملامحها عادية، مش حاجة تميزها لو شفتها في الشارع، لكن لو شفتها في بيتها، هتحس إن فيها حاجة مختلفة، سحر مش قادر تفسره. (أصدقاء أركان) وسط كل ده، فيه ناس دايمًا حواليه، منهم عمر، صديقه المقرب، اللي كان عارف عنه كل حاجة لانه صاحب طفولته شبابه ورافيقه في شغله الاثنين شغالين في امن الدوله عمر وهو بيضحك وبيغمز: يعني هتتجوز على الورق بس؟ متأكد؟ مش خايف تبقى القصة كلها مجرد إجراء رسمي؟ أركان : عمر، ده مش وقت الهزار. عمر وهو بينزل إيده باستسلام: خلاص، خلاص، طب هتعمل إيه مع يارا؟ أركان وهو بيتمالك نفسه: الموضوع مش زي ما أنت فاكر. حتى لو الجواز “على ورق”، يارا مش هتتقبل ده بسهولة. عمر وهو بيعبس: يعني إيه؟ كنت متوقع إنها هتقتنع؟ انا عارف إن يارا مش زي كل البنات. أركان وهو بيأخذ نفس عميق: مش عايز أقول إنها صعبة، بس يارا مش واحدة بتقبل أي حاجة بسهولة. الموضوع بالنسبة لها مش سهل زي ما هو بالنسبة لي. عمر وهو بيرتفع حاجبه: طيب، لو مش قادر تقنعها بالكلام، هتعمل إيه؟ هتكمل في الجواز ده كده؟ أركان وهو بيهز رأسه: انت عارف يا عمر ما فيش وقت وانا مش قادر أقنعها دلوقتي ويارا محتاجه شويه وقت اسيبها تهدى انا متاكد ان هي تتفهم الوضع بس دلوقتي لازم نركز في الحاجة الأكبر، الموضوع ده أكبر من مجرد “توقيع ورق”.
كل واحد داخل على المعركة بتاعته، ليلى مع خطر أكبر من اللي متوقعة، وأركان مع صراع بين شغله وحبيبته، واللي جاي؟ أخطر بكتير مما حد يتخيل. انتهى البارت الأول.. والبداية لسه مابدأتش!
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

 


google-playkhamsatmostaqltradent