رواية قيود العشق (2) الفصل الثالث عشر 13 - بقلم سيليا البحيري
قيود_العشق2
فصل 13
سيليا تقف من مكانها ببطء، تنظر إلى ريان نظرة خليط بين التحدي والألم. القاعة كلها في حالة صدمة، والطلاب يهمسون فيما بينهم عن سبب هذا التوتر الغريب بين المعيد والطالبة
سيليا (ببرود وهدوء): "إيه؟ مش مصدق؟ فكرت إن لما تدفن جثة وتبكي عليها خلاص تبقى أنهيت الموضوع؟"
ريان (بنبرة مختلطة بين الذهول والندم): "سيليا... أنا... إحنا كنا بندور عليكِ... ما كناش عارفين... ما كناش نقدر نصدق إنك حية..."
سيليا (تقاطعه بصوت عالٍ ولكن مشحون بالوجع): "كفاية يا ريان! أنتوا دفنتوني وأنا حية. أنا متت من ست سنين... متت لما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تسألوني أو تسمعوني. لما حطيتوني في موقف ما ينحطش فيه حد!"
ريان يتقدم نحوها خطوة، والدموع تملأ عينيه. يحاول أن يتحدث ولكن صوته يخونه. سيليا تشير إليه بإصبعها بنبرة حادة
سيليا: "ما تقربش! أنا مش هنا عشان أتصالح معاكم أو أسمع تبريرات. أنا هنا عشان أكمل حياتي، أدرس، أربي ولادي، وأبني مستقبلي بعيد عن الماضي اللي دمرته أنت وأهلي!"
ريان (بصوت متهدج): "سيليا... أنا فاهم وجعك، أنا... إحنا ندمنا، ندمنا بكل معنى الكلمة... بس كنا مغيبين، كنا خايفين... سامحينا، سيليا. أعطينا فرصة نعوضك."
(سيليا تهز رأسها بقوة، تبتسم بسخرية مليئة بالحزن.)
سيليا: "سامح؟ كلمة سهلة يا ريان، لكن مش بقدر أنسى إنكم شككتوا في شرفي. شرفي! وبدل ما تحموني، سلّمتوني للعالم وأنا لوحدي!"
(ريان ينحني رأسه، يشعر بعجزه أمام كلماتها التي تحمل وجع السنوات. الطلاب ينظرون إليهما في صمت، يشعرون بثقل اللحظة.)
سيليا: "دلوقتي أنا مش أختك يا ريان. أنا مجرد طالبة. شوفني كده... معيد وطالبة. ولا كلمة أكتر ولا كلمة أقل."
(سيليا تمسك حقيبتها وتستدير لتغادر القاعة. ريان يحاول أن يناديها، ولكن صوته يختنق.)
ريان (بهمس): "سيليا... أرجوكِ..."
(تتوقف سيليا عند باب القاعة، تستدير ببطء وتنظر إليه نظرة أخيرة، مليئة بالوجع والتحدي.)
سيليا: "الكلام ده انتهى من زمان يا ريان. أنا مش محتاجة حاجة منكم. ولا حتى عذر."
تغادر القاعة بخطوات ثابتة، تاركة ريان ودموعه تنهمر أمام طلابه الذين لا يزالون في حالة ذهول
**********************
ريان لم يستطع تحمل فكرة مغادرة سيليا بهذه الطريقة. ترك القاعة على عجل وسط همسات الطلاب المندهشين. وجدها في الممر خارج القاعة، تسير بخطوات سريعة وواثقة، ولكن عينيها مليئة بالدموع
ريان (يناديها بهدوء): "سيليا... استني، من فضلك."
تتوقف سيليا للحظة، تأخذ نفسًا عميقًا وكأنها تحاول السيطرة على مشاعرها، ثم تستدير ببطء نحوه، عيناها مليئتان بالحذر
سيليا (ببرود): "عايز إيه يا ريان؟ مش قلنا كل حاجة جوه؟"
ريان (بصوت خافت): "لا، ما قلناش كل حاجة. سيليا، أرجوك... اديني فرصة أتكلم معاكي، فرصة أوضح... فرصة أطلب السماح."
سيليا تنظر إليه لثوانٍ طويلة، ثم تشير إلى زاوية هادئة بعيدًا عن الممر الرئيسي
سيليا (بهدوء): "ماشي، نتكلم هنا. لكن أوعى تتوقع مني حاجة غير اللي سمعته."
يجلسان على مقعد في الزاوية، ريان يبدو متوترًا ويداه ترتعشان قليلاً. بينما سيليا تحافظ على جمودها، عيناها تخفيان بحرًا من المشاعر
ريان (بصوت مكسور): "سيليا... عارفة إن كل كلمة أقولها مش هتعوضك عن اللي حصل، لكن والله العظيم كنا ضايعين وقتها. لما حصلت الحكاية دي، حسينا إن العالم كله انهار. كنا مغيبين... غبيين... ما كناش بنفكر."
سيليا (بحدة ولكن بصوت منخفض): "ما كنتوش بتفكروا؟ ما كنتوش بتفكروا إن عندكم بنت صغيرة محتاجة دعمكم بدل ما تحكموا عليها؟ كنتوا عيلتي، أقرب ناس لي، ومع ذلك اخترتوا تصدقوا الكذب بدل ما تسألوني حتى سؤال واحد!"
ريان (ينظر إلى الأرض، صوته مليء بالندم): "عندك حق... كل كلمة بتقوليها صح. إحنا ظلمناكي، ما عنديش أي تبرير غير إننا كنا خايبين. لحظة الشك كانت أكبر من أي حاجة، وعارف إننا فقدنا حقنا نطلب منك السماح."
سيليا (بصوت مرتجف): "ريان، فاكر آخر مرة شفتوني فيها؟ فاكر الإهانة؟ فاكر نظراتكم لي؟ فاكر كلامك وكلام أحمد ومراد و يوسف و سامر و اهانات بابا و نظرة الكسرة في عيون ماما؟"
ريان يهز رأسه، عيناه تلمعان بالدموع
ريان: "فاكر، ومش قادر أنساه، حتى لو حاولت. الكلام ده قتلني من يومها، سيليا. لما عرفنا الحقيقة، كل واحد فينا كان عايز يموت. عشنا ست سنين بنلوم نفسنا، بنعاقب نفسنا كل يوم. بس عارف إن ده مش كفاية."
سيليا تصمت للحظات، ثم تبتسم بسخرية
سيليا: "وأنا؟ أنا دفعت تمن غلطتكم. تهجرت، خسرت عيلتي، دُمرت حياتي. حتى لما لقيت فرصة أعيش، كل لحظة كان فيها ألم الذكريات. تعرف إيه هو أكتر شيء كان يوجعني؟ مش إنكم صدقتوا الكذبة... لكن إنكم ما صدقتوش أنا."
ريان ينظر إليها بعجز، وكأنه يبحث عن كلمات مناسبة ولكنه يعجز عن قول أي شيء. أخيرًا، يرفع رأسه
ريان: "أنا ما أقدرش أغير الماضي، سيليا. لكني مستعد أعمل أي حاجة عشان أكفر عن اللي عملناه. إحنا فقدناكي مرة، بس مش مستعدين نفقدك تاني. حتى لو مش هتسامحينا، ارجعي لعيلتك. ارجعي ليهم... خلي ولادك يعرفوا إنهم عندهم عيلة بتحبهم."
سيليا تبتسم ابتسامة حزينة، تهز رأسها بخفة
سيليا: "رجوعي مش ليكم، ريان. رجوعي لأولادي. ولادي اللي أستحقوا يعرفوا جدهم وتيتتهم وأخوالهم. لكن مسامحتي ليكم... ما أظنش إنها حاجة أقدر أقدمها."
ريان يحاول الرد، لكن سيليا ترفع يدها لتوقفه
سيليا: "مش دلوقتي. يمكن يومًا ما. لكن دلوقتي، خليني أحاول أكمل حياتي من غير ما أرجع أدفع تمن الماضي."
سيليا تقف، تنظر إليه نظرة أخيرة قبل أن تبتعد. ريان يبقى في مكانه، عينيه تتابعانها وهي تمشي بعيدًا، وكل خطوة من خطواتها تمثل له ثقل الذنب الذي سيحمله دائمًا
************************
ريان كان مصدومًا من كلمات سيليا السابقة، لكن شيء في حديثها الأخير جذب انتباهه بشكل أكبر. وقف فجأة ونظر إليها بعيون متسعة، وكأنه يحاول استيعاب ما قالته للتو
ريان (بصوت متردد ومصدوم): "أولاد؟ إنتِ... عندك أولاد يا سيليا؟"
سيليا توقفت عن المشي، تنفست بعمق، ثم التفتت إليه ببطء. نظرت إليه بنظرة تجمع بين الحذر والتحدي
سيليا (بهدوء): "أيوة. عندي تلاتة."
ريان شعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميه. وضع يده على صدره وكأنه يحاول أن يلتقط أنفاسه
ريان (بصدمة): "تلاتة؟! إنتِ... إنتِ أم؟! إزاي؟ مين... مين أبوهم؟"
سيليا عبست قليلًا وهي تنظر إليه ببرود
سيليا: "مش موضوعك، ريان. حياتي بقت بعيدة عنكم من زمان. إنت آخر واحد ليه حق يسألني عن حاجة تخصني."
ريان شعر بمزيج من الغيرة، الغضب، والحزن. اقترب خطوة منها، لكن عيونه كانت مليئة بالتوسل
ريان: "سيليا، أنا مش بسأل عشان أتدخل... أنا بس مش قادر أصدق. بعد كل اللي حصل، كنت فاكر إنك... إنك لو رجعتي، حياتك هتكون متوقفة عند اللي فات. لكن دلوقتي... عندك حياة جديدة، عيلة جديدة..."
سيليا نظرت إليه بعينين حادتين، وكأنها تحاول أن تُبعد كل المشاعر التي تحاول التسلل إلى قلبها
سيليا: "عيلة جديدة؟ عيلتي هي أولادي وبس، ريان. لو كنتوا موجودين وقتها، لو كنتوا صدقتوني، كان ممكن تكونوا جزء من حياتي. لكن ده ما حصلش. عيلتي القديمة ماتت يوم ما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تصدقوني."
ريان ابتلع ريقه بصعوبة، يشعر بعجز لا يوصف
ريان: "سيليا، أرجوكِ... حتى لو مش هتسامحينا، حتى لو شايفة إننا ما نستحقش. بس أنا... أنا أخوكي. ما أقدرش أتخيل إنك عايشة حياة كاملة وأنا مش عارف عنها حاجة."
سيليا شعرت بارتعاش طفيف في يدها، لكنها سرعان ما تمالكت نفسها
سيليا (بحزم): "ريان، في حاجات لازم تبقى مجهولة بالنسبة ليك. أولادي مش هيدخلوا حياتكم إلا لما أقرر أنا كده. ومش هسمح لأي حد يأذيهم زي ما أنا تأذيت."
ريان شعر بشيء ينكسر داخله، لكنه لم يستطع الرد. سيليا تنهدت وبدأت تمشي مبتعدة عنه، تاركة إياه واقفًا في مكانه، يحاول استيعاب الحقيقة الجديدة التي قلبت كيانه رأسًا على عقب
***********************
سيليا حاولت المشي سريعًا بعيدًا عن ريان، لكن خطواته كانت قريبة منها صوته المرتجف ملاً أذنيها، وكلماته كانت كالسكاكين التي تقطع قلبها شيئا فشيئا.
ريان (يتوسل، وصوته مليء بالندم): "سيليا، أرجوك... ما تمشيش. أنا عارف إني ما أستحقش منك حتى نظرة، بس ما تقدريش تسيبيني كده. أنا تعذبت ست سنين... ست سنين، سيليا، وأنا بعيش كل لحظة فيها بلوم نفسي على اللي حصل !"
سيليا توقفت فجأة أنفاسها كانت متسارعة، لكنها لم تستدر. حاولت أن تظل قوية، لكن كلمات ريان ضربت أضعف نقطة في قلبها.
ریان( بصوت مكسور ):"سيليا، أنا ما نسيتش صوتك... ما نسيتش ضحكتك... ما نسيتش حتى أيامك معانا كل يوم كنت أفتكر إننا السبب في إنك رحتي من حياتنا. لو كنت تعرفي كم مرة تمنيت أموت بدل ما أشوف اليوم اللي دفناك فيه !"
سيليا بدأت تشعر بتأثير كلامه. عيناها بدأت تلمع بالدموع، لكنها حاولت كتمانها استدارت أخيرًا، ونظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن والغضب.
سيليا بصوت متقطع: "ريان... انتو... انتو خنتوني خنتوا ثقتي فيكم. أنا كنت بنتكم..... أختكم.... كنت حبيبتكم إزاي قدرتوا تصدقوا الكذب عني ؟ إزاي ؟!"
ریان اقترب بخطوات بطيئة، لكنه كان منهارًا تماما. سقط على ركبتيه أمامها، وعيناه مملوءتان بالدموع
ريان: "لأننا كنا أغبياء... لأننا ما كناش نستحقك. لكن سيليا، أنا... أنا مستعد أعمل أي حاجة عشان أرجعك. سامحيني... حتى لو مش هتسامحي الباقي... سامحيني أنا سيليا. أنا اللي وعدتك يوم ما كنت صغيرة إني هكون سندك دايمًا، وخنت الوعد."
سيليا شعرت بأن جدرانها تنهار صوت بكاء ريان وكلماته المكسورة، وندمه الصادق... كل هذا حطم الحاجز الذي بنته حول قلبها دون أن تدرك الدموع بدأت تتساقط بغزارة على وجهها.
سيليا تصرخ وهي تبكي: "ريان! أنا تعبت... تعبت من كل حاجة ست سنين وأنا لوحدي، ست سنين وأنا بحاول أكون قوية، بس أنا مش قوية زي ما فكرت!"
ريان وقف بسرعة، ومد يده لها بتردد. حين رأى انهيارها، لم يستطع منع نفسه من احتضانها بقوة.
ریان بصوت متهدج: "سيليا، أنا آسف... آسف على كل حاجة ما كنتش المفروض أسمح لشيء يأذيكي. سامحيني، أرجوك."
سيليا أخيرًا استسلمت وانهارت في حضنه. بكاؤها كان مثل عاصفة، لكنه كان عاصفة طال انتظارها. لأول مرة منذ سنوات، شعرت بأن هناك من يحتضن ألمها ويفهمه.
سيليا وهي تبكي في حضنه: "ريان.... أنا وحشتني عيلتي... بس أنا لسه موجوعة... لسه مش قادرة أنسى."
ریان بصوت حنون: مش مهم تنسي سيليا. المهم إنك هنا، وأنا مش هسيبك تاني مهما حصل، أنا معاك، زي ما المفروض أكون من البداية."
ظلا على هذا الحال لبضع دقائق، بينما كانت الشمس تشرق عبر النوافذ، وكأنها ترحب بعودة الأخت والأخ بعد سنوات طويلة من الألم والفراق.
**********************
كان الطريق إلى فيلا ليلى هادئًا على السطح، لكن داخل السيارة كان التوتر يملأ الجو. سيليا كانت تقود بهدوء، بينما ريان بجانبها يجلس في حالة من الصدمة والارتباك. ظل يحدق في وجهها بين الحين والآخر وكأنه يحاول التأكد من أن ما يحدث حقيقي
ريان (ينظر إليها بدهشة): "سيليا... مش قادر أصدق. إنتي فعلاً قدامي... بتتكلمي... وعايشة. أنا طول السنين دي عشت وأنا فاكر إنكِ... إنكِ ميتة."
سيليا (بهدوء مشوب بالمرارة): "ميتة؟ أيوه، بالنسبة لكم كنت ميتة، لكن الحقيقة كانت أصعب من كده بكتير."
ريان يحاول أن يفهم كلماتها، لكن صوته يخرج متقطعًا
ريان: "إيه... إيه اللي حصل؟ أنا مش قادر أفهم حاجة. إنتي هربتي؟ وبعدين... ازاي؟... الجثة؟ إحنا شفناكي، دفناكي، سيليا!"
تتنهد سيليا بعمق، ويدها تشد على المقود
سيليا (بهدوء ممزوج بالألم): "الجثة اللي دفنتوها مش أنا. دي كانت مؤامرة... الإرهابيين اللي كانوا بيطاردوا تميم خطفوني. كنت مجرد ورقة ضغط بالنسبالهم."
ريان (بصدمة): "إرهابيين؟! مستحيل... مستحيل ده كله يكون حقيقي."
سيليا: "صدق أو لا تصدق يا ريان، دي الحقيقة. كنت هكون ميتة لو ما ظهرتش عمتنا ليلى... اللي أنتو ما كنتوش تعرفوا إنها موجودة. هي وابنها رائد أنقذوني من الموت."
ريان (بعيون متسعة): "عمتنا؟... ليلى؟! إحنا عندنا عمة؟!"
سيليا (تهز رأسها): "أيوه. شقيقة بابا وعمنا جليل. بس الجد أبوهم قطع علاقته بيها من زمان لأنه خان تيتا و اتجوز أم عمتو ليلى
ريان (يحاول استيعاب): "طب... ليه ما قالتش لبابا؟ ليه ما رجعتش البيت؟"
سيليا (بصوت منخفض): "رجعتلكم... لكن مش زي ما كنتِ تتوقع. لما رجعت، كنتوا كلكم مصدقين إني... إني شرفي راح. كنتوا كلكم ضدي، ريان. عمرك تتخيل وجع إنكِ تكوني بريئة وكل اللي بتحبيهم يتخلوا عنكِ؟"
ريان يضع يديه على وجهه، وعيناه تلمع بالدموع
ريان (بصوت مختنق): "سيليا... إحنا... كنا أغبياء. إحنا صدقنا حاجة ما كانش المفروض نصدقها أبدًا. سامحيني، بالله عليكِ سامحيني!"
سيليا (بصوت ثابت ولكن متألم): "سامحتك يا ريان. بس اللي حصل بعد كده، كان النهاية بالنسبالي. لما كنتوا بتدوروا عليّ، كانوا الإرهابيين سلموني ليكم... محروقة."
ريان (يهتز من صدمة كلماتها): "محروقة؟! الجثة اللي دفناها؟!"
سيليا (تومئ): "كانت حيلة منهم عشان يبعدوا أي شكوك. بس زي ما قلتلك، ليلى ورائد أنقذوني في آخر لحظة. أخدوني عندهم، ودوني حياة جديدة."
ريان يهز رأسه ببطء، يحاول جمع كل ما سمعه، لكنه يفشل
ريان (بصوت مختنق): "ومع جاد؟... إزاي حصل ده؟"
سيليا (بابتسامة مريرة): "كان جزء من حياتي الجديدة، لكنه كان أسوأ قرار في حياتي. جاد مش إنسان، كان مجرد وهم. و دلوقتي، أنا مش بس بحاول أعيش... أنا بحاول أحمي ولادي منه."
ريان يبقى صامتًا للحظة، يحاول السيطرة على مشاعره المتضاربة. ثم يضع يده على يدها التي تمسك المقود
ريان (بصوت مرتجف): "سيليا، ما كنتش موجود لما احتجتيني، لكن دلوقتي... أنا هنا. مهما حصل، مش هسيبكِ تاني."
سيليا تنظر إليه للحظة، ثم تهز رأسها بخفة، وعيناها تلمع بالدموع. السيارة تتابع طريقها، لكن شعورًا جديدًا من الأمل يلوح في الأفق
*******************
ريان يحاول تهدئة نفسه بعد كل الصدمات التي سمعها، لكن مع كل كلمة كانت سيليا تقولها، كان غضبه يزداد. قبضته تشددت على ركبته، وعيناه تمتلئان بالغضب
ريان (بصوت هادئ لكنه مليء بالتهديد): "سيليا... جاد ده... هو السبب في كل اللي انتي بتعانيه دلوقتي؟"
سيليا (بنبرة هادئة ومرة): "مش بس هو، يا ريان. جاد دمرني بعد كل اللي حصل. كنت فاكرة إني ببدأ من جديد لما تزوجته، لكنه كان أسوأ كوابيسي. أنا عشت معاه حياة كلها إهمال، خيانة، وظلم. لو ما كانش أولادي موجودين، يمكن ما كنتش هبقى عايشة لحد دلوقتي."
ريان يضغط بفكه بقوة، ويشعر بالغليان داخله. عينيه تضيقان وكأنهما تحاولان رسم صورة لجاد في ذهنه
ريان (بصوت خفيض مليء بالغضب): "سيليا، احكيلي أكتر. عايز أعرف كل حاجة عن جاد... كل حاجة عملها فيكي."
سيليا (تنظر إليه بتردد): "ريان، ما تضغطش على نفسك. أنا خلاص قررت أنهي العلاقة دي وأبعد عنه تمامًا. المحكمة هتاخد حقي."
ريان (بصوت غاضب وقاطع): "محكمة؟! انتي متخيلة إن واحد زي ده ممكن يفلت من اللي عمله بس لأنه طلقك؟! لا، يا سيليا، ده مش كفاية. الراجل ده لازم يدفع تمن كل لحظة وجع عاشتيها بسببه. أنا مش هسمح لواحد زيه يعيش مرتاح وهو دمر حياتك."
سيليا (بقلق): "ريان، مش عايزة مشاكل. جاد عنده نفوذ وفلوس، و..."
ريان (يقاطعها بغضب): "ونفوذه ده مش هيحميه مني. سيليا، أنا أخوكي. كان المفروض أكون جنبك من الأول وما حصلش. دلوقتي دوري إني أحميك، وأنتقم لكل لحظة ألم عشتيها بسببه."
ريان يمرر يده على وجهه، يحاول استعادة السيطرة على غضبه، لكنه يفشل
ريان (بإصرار): "احكيلي كل حاجة عن جاد. مكان شغله، بيته، أي حاجة ممكن تخليه يندم إنه قابل أختي في حياته."
سيليا (بنبرة هادئة): "ريان، أنا مش عايزاك تعمل حاجة تندم عليها. أولادي هما الأهم، وعايزاك تكون موجود عشاني وعشانهم."
ريان ينظر إليها، والغضب في عينيه يبدأ يتلاشى قليلاً، لكن تصميمه يظل واضحًا
ريان (بصوت أكثر هدوءًا): "أولادك هما أولادي، سيليا. مش هسمح لحد يهدد حياتك أو حياتهم. بس صدقيني... جاد مش هيهرب من الحساب. سواء على إيدي أو على إيد القانون."
سيليا تنظر إلى ريان، ثم تبتسم بخفة، تمسح دمعة تسللت إلى وجنتها
سيليا: "ما كنتش أعرف إنك لسه قادر على إنك تكون الأخ الكبير اللي بحتمي فيه."
ريان (يبتسم بخفة): "دايمًا كنت كده، سيليا. بس أنا اللي غلطت. ودلوقتي دوري أصلح كل حاجة."
السيارة تصل إلى الفيلا، وقرار ريان واضح في عقله: جاد سيدفع الثمن، بأي طريقة كانت
**********************
وصلت السيارة أمام بوابة الفيلا الهادئة، توقفت سيليا قليلاً قبل أن تنزل. تنهدت بخفة، ثم استجمعت شجاعتها، ونظرت إلى ريان بجانبها
سيليا: "مستعد؟ مشهد الترحيب هنا بيبقى صاخب شويتين."
ريان (بابتسامة متوترة): "لو هما زي ما قلتي، يبقى أكيد هيتقبلوني، حتى لو أنا مش قادر أستوعب كل اللي بيحصل."
تفتح سيليا الباب، وتركض نحوها ثلاثة ظلال صغيرة. زياد ومازن يقفزان باتجاهها، بينما لينا تمد يديها الصغيرة من بعيد
زياد (بحماس): "ماما! ماما!"
مازن: "جبتيلي حاجة؟!"
تضحك سيليا بينما تنحني لتحضنهم جميعًا دفعة واحدة
سيليا (بحب): "أيوه يا رجالتنا، بس دلوقتي في مفاجأة كمان."
زياد ينظر إلى ريان الذي يقف بجانب السيارة بتوتر، عيناه الصغيرة مليئة بالفضول
زياد (بصوت خافت): "مين ده يا ماما؟"
مازن يتشبث بسيليا وهو ينظر إلى ريان بحذر، بينما لينا تضرب يديها الصغيرة معبرة عن حماسها دون أن تفهم شيئًا
سيليا: "ده خالكم يا حبايبي. اسمه ريان."
ريان (بصوت هادئ وابتسامة): "أهلاً يا أبطال."
زياد (بدهشة): "خالنا؟ إحنا عندنا خال؟"
مازن (بتذمر): "أنا كنت عايز لعبة مش خال!"
سيليا تضحك بخفة وتربت على رأس مازن
سيليا: "مازن، مش عيب كده؟ قول مرحبًا لخالك."
قبل أن يكمل الأطفال دهشتهم، تظهر ليلى من باب الفيلا، تنظر إلى المشهد غير مصدقة. خلفها يظهر رائد، عابسًا قليلاً من المفاجأة
ليلى (بصدمة): "ريان؟! إنت هنا؟"
ريان (بصوت مفعم بالندم): "حضرتك ليلى؟ عمتنا ؟"
ليلى (تتقدم نحوه بخطى مترددة): "أيوه... بس إيه اللي جابك؟ وإزاي... إزاي قابلت سيليا؟"
رائد يعبر بخطوات أسرع، يقف أمام ريان مباشرة، ونظراته مليئة بالريبة والحذر
رائد: "إنت مين بالضبط؟ وإيه اللي جابك عندنا؟"
( ملحوظة .....رائد لم يكن يعرف شكل إخوة سيليا)
سيليا تتدخل بسرعة، تضع يدها على ذراع رائد لتهدئته
سيليا: "رائد، ده أخويا ريان. احنا كنا في الجامعة، واتقابلنا صدفة."
يهدأ رائد قليلاً، لكن الحذر لا يزول من عينيه
رائد: "ريان، أظن إنك كنت واحد من الناس اللي..."
سيليا (تقاطعه بلطف): "رائد، كفاية. ريان معايا دلوقتي. خلينا نحاول نبدأ صفحة جديدة."
زياد ينظر إلى ريان ثم يسأل ببراءة
زياد: "هو خالنا هيبقى معانا على طول؟"
ريان (بابتسامة): "لو مامتك موافقة، أكيد. هبقى موجود عشانكم."
مازن ينظر إلى ريان بفضول
مازن: "إنت بتلعب بلاي ستيشن؟"
ريان (يضحك): "ممكن أتعلم عشان ألعب معاك."
تقترب ليلى من سيليا وتمسك بيدها بخفة
ليلى (بحنان): "أهم حاجة إنك مرتاحة، يا بنتي."
سيليا (بابتسامة صغيرة): "أيوه يا عمتو، مرتاحة أكتر مما كنت متخيلة."
يتقدم الجميع نحو داخل الفيلا، بينما ريان ينظر حوله، يحاول استيعاب المشاعر المتداخلة بين الذنب والفرح لرؤية شقيقته مرة أخرى
**********************
بينما يدخل الجميع إلى الفيلا، تجلس سيليا على الأريكة، تحمل لينا بين ذراعيها. الرضيعة تنظر إلى ريان بفضول شديد، تمد يديها الصغيرة نحوه وهي تصدر أصواتًا عشوائية مليئة بالحماس
لينا: "دا... دا...!"
ريان ينظر إلى الصغيرة بابتسامة دافئة، يتردد للحظة، ثم يجلس على ركبتيه ليكون بمستواها
ريان (بلطف): "إيه يا أميرة؟ بتندهيني؟"
تمد لينا يدها وتمسك بأنف ريان فجأة، ثم تضحك بصوت عالٍ
ريان (يضحك بخفة): "آه يا مشاغبة! أنف خالك مِلكِكِ رسميًا؟"
سيليا (تضحك وهي تهز رأسها): "متستغربش، لينا لازم تسيب بصمتها على كل حد جديد في حياتها."
لينا (تصدر صوت فرح): "دااا!"
تحاول أن تزحف نحو ريان بين ذراعي سيليا، مما يجعل سيليا تسلمها له
سيليا: "اتفضل يا خالو، دي طلباك."
يحمل ريان لينا بحذر، يبدو عليه التوتر في البداية، لكن ابتسامتها الصغيرة تزيل أي حرج. تبدأ الصغيرة بلمس وجهه وتمد يدها إلى شعره
ريان (بمزاح): "إيه؟ شكلي عجبك يا شقية؟"
رائد (من الخلف وهو يضحك): "أظن إنك اتقبلت رسميًا في نادي الأطفال هنا."
زياد (ينظر إلى لينا بغيرة طفولية): "ليه هي اللي تلعب مع خالو الأول؟ أنا الكبير!"
ريان (يبتسم لزياد): "أنت الكبير فعلاً، لكن الصغار ليهم حقوق برضه. أول ما تخلص لينا، الدور عليك."
مازن (متذمر): "وأنا؟"
ريان: "أكيد يا مازن، مش هنسيبك."
لينا تصدر صوتًا آخر وتضرب بيدها الصغيرة على صدر ريان، مما يجعله يضحك بخفة
ريان (ينظر إلى سيليا): "أطفالكِ... هم النعمة اللي ما كنتش عارف إنهم موجودين في حياتنا. يا خسارة على الوقت اللي راح."
سيليا (بحب وحنان): "لسه في وقت، يا ريان. أهم حاجة إنك هنا دلوقتي."
لينا تصدر صوتًا يشبه الضحك، وتضرب يديها الصغيرتين بحماس، مما يثير موجة ضحك بين الجميع
ليلى: "شايفة؟ الصغيرة عارفة إنها جمعت العيلة النهارده."
يتبادلون النظرات المليئة بالحب والأمل، بينما لينا تظل مركز الاهتمام بين ذراعي ريان
•تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية