رواية قيود العشق (2) الفصل السادس عشر 16 - بقلم سيليا البحيري
قيود_العشق2
فصل 16
بعد لحظة من الصمت على طاولة العشاء، زياد، الطفل البالغ من العمر 4 سنوات، يتوقف عن اللعب مع أخويه وينظر إلى والده جاد. ينهض من كرسيه الصغير ويتجه نحو جاد بخطوات صغيرة لكنها واثقة. الجميع يلاحظ تصرفه، وكأنهم ينتظرون ما سيقوله
زياد: (بنبرة جادة لا تناسب عمره) بابا... ممكن أسألك سؤال؟
جاد يرفع عينه ببطء وينظر لزياد بدهشة خفيفة، يحاول إخفاء استغرابه بابتسامة ساخرة
جاد: (بتصنع) طبعاً يا زياد، قول يا بطل.
زياد: (بنظرة بريئة لكنها مليانة عتاب) ليه مش بتحبنا؟
الجميع يندهش من كلام زياد، وسيليا تحاول تتدخل بهدوء
سيليا: (بلطف) زياد، حبيبي...
زياد: (مقاطعاً والدته) لأ، يا ماما. أنا عايز أعرف. هو بابا ليه مش بيقعد معانا زي جدو كريم و خالو رائد؟ ليه مش بيلعب معايا زي ما صحابي بيلعبو معا باباهم؟
ثريا تضع يدها على فمها محاولة كتمان دموعها، وكريم ينظر لجاد بنظرة تأنيب
جاد: (مرتبكاً قليلاً) إيه الكلام ده، يا زياد؟ طبعاً أنا بحبك... بس الشغل كتير.
زياد: (يهز رأسه) لا... جدو برضه بيشتغل، بس بيلاقي وقت يلعب معايا. حتى خالو رائد بيقعد معانا. إنت دايماً بتقول مشغول... حتى لما بنبقى في نفس المكان، إنت مش بتتكلم معايا.
جاد يحاول يبتسم لكنه يفشل في إخفاء توتره
جاد: (بتلعثم) أصل... أصل الشغل مهم علشانكم، علشان مستقبلكم.
زياد: (ببراءة قاتلة) بس إنت مفيش مرة قلتلي إني وحشتك... أو إني ولد شاطر. حتى لما كنت برسم في الحضانة، ما جيتش تبص على رسمي زي ما جدو عمل.
سيليا تبكي بصمت وهي تنظر لزياد، بينما ثريا تضع يدها على قلبها من التأثر. رائد يراقب الموقف بصمت لكنه يبتسم بفخر لصراحة زياد
زياد: (يكمل بنبرة حزينة) بابا، أنا كنت نفسي تبقى زينا... بس شكلك مش عايز.
زياد يلف ويرجع لطاولته الصغيرة، ويجلس بهدوء. الجميع يظل صامتاً، وجاد يبقى مذهولاً للحظات، يحاول الكلام لكنه يعجز. كريم يضع كوبه بهدوء على الطاولة وينظر لجاد بحزم
كريم: (بهدوء) أعتقد إنك سمعت اللي زياد قاله... لو عندك أي رد، إحنا كلنا بنسمعك.
جاد ينظر للجميع، ثم يخفض رأسه في صمت، غير قادر على الرد. سيليا تنظر لزياد بفخر ودموعها لا تزال تملأ عينيها، وتبتسم له بحنان
بعد لحظة من صمت الأطفال، ينظر مازن بعينيه البريئتين إلى والده جاد. يمسك بلعبته الصغيرة، ويقترب بخطوات مترددة، لكنه يتوقف فجأة في منتصف الطريق، ويقول بصوت خافت لكنه مليء بالوضوح الطفولي
مازن: (بنبرة حزينة) بابا... أنا مش بحبك.
الجميع على الطاولة يتجمد في مكانه، ينظرون إلى الطفل الصغير بدهشة ممزوجة بالحزن. جاد يرفع حاجبيه بتعجب، لكن بدلاً من الشعور بالذنب، يظهر تأففه المعتاد
جاد: (ببرود) مازن، إنت بتقول إيه؟
مازن: (ينظر إلى والده بجرأة طفولية) بقولك إني مش بحبك... بحب خالو رائد أكتر. هو دايماً بيلعب معايا وبيحضني، لكن إنت دايماً بعيد.
زياد ينظر إلى أخيه بدهشة، بينما سيليا تضغط شفتيها بقوة لتمنع دموعها من الانهمار. رائد ينظر إلى جاد بنظرة تعبر عن مزيج من الغضب والأسف
جاد: (بتنهيدة ثقيلة وتأفف) مازن، ما تبقاش درامي كده. أنا أبوك، يعني لازم تحبني، ده الطبيعي.
مازن: (ببراءة حزينة) مش لازم. الحب بيجي لوحده. وإنت عمرك ما حاولت تخلي حد يحبك، حتى ماما...
كلمات مازن الصغيرة تضرب الجميع كالصاعقة. ثريا تضع يدها على فمها مصدومة، بينما كريم يهز رأسه بخيبة أمل. جيسي تنظر إلى أخيها جاد بتوتر، غير قادرة على التدخل. سيليا تمسك بيد ابنها بلطف، ثم تقف بجانبه وكأنها درعه الحامي
سيليا: (بهدوء) جاد، مازن مش بيبالغ. الحقيقة واضحة في عيون الأطفال، وأظن كلامه دليل كفاية على اللي عملته فينا السنين اللي فاتت.
جاد ينظر إلى الجميع، ثم يهز رأسه بلا مبالاة ويقف من على الكرسي
جاد: (بصوت متأفف ومستفز) خلاص، زهقت من الدراما دي. لما تخلصوا تقلبوا العشا لحفلة مشاعر، ابقوا قولولي.
جاد يخرج من الغرفة دون أن يلتفت إلى الوراء، تاركاً الجميع في حالة من الصدمة الصامتة. مازن يمسك بيد أمه بشدة، بينما زياد يربت على كتفه بحنان، وكأنهم معاً أقوى من غياب والدهم العاطفي. ثريا تقترب من الأطفال وتضمهم بحنان، محاولة تخفيف الألم الذي زرعه ابنها في قلوبهم
ثريا: (بحزن) حقكم عليا، يا حبايبي... إحنا هنا عشانكم.
سيليا تنظر لأطفالها بحب وتصميم، وتهمس لنفسها بهدوء وكأنها تعدهم بمستقبل أفضل
جيسي تجلس على الطاولة، ملاحظة ما حدث للتو، وتبدأ تضحك بسخرية، بينما تراها سيليا بتوتر. جيسي تحاول فرض سطوتها، غير مكترثة بمشاعر أحد
جيسي: (ساخرة) بجد يا سيليا؟ جايبالي الولاد دول يشتكوا من أبوهم قدامنا؟ بقى لهم عقل دلوقتي؟ ده أكيد أنتِ اللي مليتي دماغهم بكلام فارغ. إيه يعني لو جاد مش بيهتم بيهم؟ هما مش محتاجين حب ولا اهتمام، دول عندهم ألعاب ولبس جديد وخلاص!
سيليا تحاول أن تظل هادئة، لكنها تكاد تشتعل من الداخل. جيسي تواصل في سخريتها، غير مهتمة بالأجواء المحبطة التي سادت بين الجميع
جيسي: (بتعالي) مش عارفة ليه مش قادرين تتقبلوا الحقيقة! جاد مش غلطان، هو مش ملزم يكون بطل عاطفي. أنتم اللي لسه متعلقين بفكرة الأب المثالي اللي في أفلام الخيال.
ثريا تبتسم ابتسامة متوترة، لكنها لا تستطيع أن تقاوم، فتقف فجأة من مكانها لتواجه جيسي بحزم
ثريا: (بغضب خفيف ولكن بحزم) جيسي، مش دي الطريقة اللي هنتعامل بيها مع الأطفال دول. أنتِ لو فاكرة إن الكلام ده يمر من غير حساب، تبقى غلطانة. سيليا مش ناقصة تعليقاتك السخيفة.
جيسي تتنهد بتكبر وتحدق في ثريا، لكنها لا ترد مباشرة، بل تدير وجهها بحقد
جيسي: (بسخرية) آه، طبعاً، فالأطفال دول أصبحوا معصومين من الخطأ دلوقتي، مش كده؟ لكن لو كنتِ شايفة إن كلامي مش صحيح، ليه أنتم عايشين في نفس البيت مع اللي حصل؟
ثريا: (بغضب) أنا مش هسمح لك تهيني أولاد سيليا قدامنا، ولا حتى تسخري منهم. نضوجهم مش من حقك تحكمي عليه. سيليا حرة في تربية أولادها بالطريقة اللي تشوفها مناسبة.
جيسي تحاول أن ترد، لكن كلام ثريا كان حاسماً جداً. ثريا تنظر إلى سيليا وتطمئنها بنظرة داعمة، بينما تلتفت جيسي بحنق إلى جانب آخر من الغرفة
جيسي: (بهمس مستفز) آه، طبعاً، كلكم ضدي.
ثم تترك الجميع في الجو المشحون، بينما سيليا تشد يدي أولادها برفق، مع نظرة مليئة بالحزم والثقة، تدرك أن الأمور لن تعود كما كانت. كريم يراقب الموقف بصمت، ثم ينظر إلى ثريا ويهمس لها بابتسامة حزينة
كريم: (بهمس) الأمور هتتحسن، بس لازم نكون جنبهم أكتر.
ثريا تبتسم برقة، وتربت على كتف سيليا، وهي تعلم أن دعمها لهم هو المفتاح للمستقبل
الجميع في غرفة الجلوس بعد العشاء، ومازن، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، يجلس على ركبتي سيليا، وهو يتحدث ببراءة وهو يلوح بيديه
مازن: (ببراءة، وهو يبتسم) ماما، خالو ريان طيب جداً!
سيليا تبتسم بحنان وتضع يدها على رأسه
سيليا: (بلطف) إيه اللي عمله خالك ريان علشان تحبه كده؟
مازن: (بحماس) خالو ريان بيحكي لي قصص حلوة قوي! دايماً بيضحك معايا وبيخليني ألعب معاه، وهو مش زي بابا جاد... بابا جاد مش بيبص عليا ولا على زياد، بس خالو ريان دايماً معايا... (يتوقف للحظة ثم يواصل) خالو ريان بيقول لي إني شاطر!
سيليا تشعر بألم في قلبها ولكنها تخفيه بابتسامة، بينما جاد وأسرته يبدو عليهم الاستغراب، خاصة جيسي التي ترفع حاجبها في دهشة
جاد: (بدهشة، بنبرة متعالية) خالك ريان؟! مين ريان ده؟
سيليا تنظر إلى جاد بنظرة هادئة، لكنها تختار ألا ترد مباشرة على سؤاله. ثم تنظر إلى مازن وتبتسم له بحنان
سيليا: (بلطف) ريان هو أخويا، يا حبيبي، وهو إنسان طيب قوي.
جيسي تدخل في الحديث بتعجب، وعلامات الاستفهام تظهر على وجهها
جيسي: (بحقد وكأنها لا تصدق) أخوكي؟! يعني ريان ده، شقيقك؟! ده إزاي؟!
الجميع يتبادل النظرات في حالة من الاستغراب، بينما مازن يظل جالسًا مبتسمًا، غير مدرك لتأثير حديثه على المحيطين
مازن: (ببراءة) أيوة! خالو ريان هو دايماً معايا!
ثريا تتدخل، محاولة أن تكون مهذبة رغم استغرابها
ثريا: (بلطف) بس هو مش في مصر، مش كده؟ ليه ما سمعناش عن ريان ده قبل كده؟
سيليا تشعر بالحرج من الأسئلة ولكنها تظل ثابتة في إجاباتها، تبتسم بشكل هادئ
سيليا: (بهدوء) ريان ساكن في مكان بعيد عنكم، بس هو قريب مني.
الجميع يظل في حالة صمت، يستوعبون ما قالته سيليا، وجاد يبدو عليه الغضب المختلط بالاستفهام. جيسي لا تستطيع أن تخفي دهشتها
جاد: (بتهكم) يعني عندك أخ اسمه ريان ومحدش فينا يعرفه؟ دي أول مرة نسمع عنه.
سيليا تشعر بأن الأمور بدأت تصبح معقدة أكثر، ولكنها تبقى هادئة ومتماسكة
سيليا: (بتحفظ) ريان كان في مكان بعيد، وده مش وقت الحديث عن الماضي، أنا هنا دلوقتي مع أولادي.
الموقف يصبح محملاً بالشكوك والدهشة، والجميع يبادل بعضهم النظرات الحائرة
الجميع في الغرفة يشعر بالحرج والاستغراب بعد حديث مازن عن ريان. كريم، والد جاد، يلاحظ الجو المشحون في الغرفة ويحاول تهدئة الأجواء
كريم: (بتفهم، وهو ينظر إلى جاد وجيسي) كفاية كده، يا جماعة، لازم نهدأ شوية. يمكن الموضوع مش زي ما إحنا فاكرين.
ثريا: (بابتسامة هادئة، محاولة تغيير الموضوع) صحيح، يمكن يكون في سوء فهم. مش لازم نضغط على سيليا دلوقتي.
كريم يلتفت إلى سيليا بتعبير طيب وحنون
كريم: (بمودة) سيليا، إحنا عارفين إنك مررتي بظروف صعبة، ودايماً كان عندنا نية طيبة معاكِ ومع الأولاد. موضوع ريان ده ممكن نتكلم عنه في وقت تاني لما تكوني مستعدة.
جيسي تنظر إليهم باستهزاء، ثم تلتفت إلى سيليا بعينين مشككتين
جيسي: (بتنفس ساخر) أوكي، يعني الموضوع كله ملوش علاقة لنا، صح؟ ريان ده جاي منين يعني؟ ياريت تحترمي ذكائنا شوية.
لكن كريم يتدخل بسرعة لتهدئة الموقف
كريم: (بصوت هادئ) جيسي، كفاية. مش وقته نفتح مواضيع مؤلمة. سيليا تحت ضغط كفاية.
ثريا تضع يدها برفق على يد جيسي، محاولة تهدئتها
ثريا: (بهدوء) جيسي، بلاش تعقيد الأمور. الموضوع ده ممكن يكون له تفسير آخر، وكل واحد فينا عنده أسرار وخصوصيات.
سيليا تشعر ببعض الراحة بعد أن تتدخل ثريا وكريم وتخففان التوتر، لكنها تبقى صامتة، غير راغبة في الخوض أكثر في الموضوع الآن
سيليا: (بهدوء) شكراً ليكم يا عمو كريم و طنط ثريا. أنا مش جاهزة دلوقتي للحديث عن كل التفاصيل.
الجميع يبقى في صمت لحظات، يحاولون استيعاب الموقف والتفكير فيما سيحدث بعد ذلك
كريم: (بابتسامة خفيفة) طيب، خلونا نوقف هنا دلوقتي. وإحنا كلنا معاكِ يا سيليا. دايمًا حابين نكون بجانبك.
ثريا: (بلطف) أكيد، مش لازم نتسرع في كل حاجة. المهم إنك لسه معانا.
جيسي تظل صامتة للحظة، ثم تلتفت بنظرة غاضبة إلى سيليا، لكنها تجلس على الكرسي دون أن تتكلم
جيسي: (بهمس) زي ما تحبوا.
المحادثة تتوقف، وكل واحد يشعر بمشاعر متناقضة. الجو في الغرفة يصبح هادئًا، لكن التوتر لا يزال موجودًا في الهواء
**********************
في فيلا جليل البحيري ، في غرفة تميم و ليديا، كان تميم قاعد على الأريكة جنب مراته ليديا، وسيلين الصغيرة كانت بتلعب على الأرض جنبهم. الغرفة كانت منورة بضوء خفيف من لمبة الطاولة، وده خلق جو دافيء وهادي في المكان. تميم بصة ليديا بابتسامة هادية، لكن كانت عينيه مليانة حزن.
تميم: (بصوت هادي) "أوقات بحس إني في حلم... حلم بعيد عن الواقع."
ليديا: (بتبتسم برقة وبتقعد جنبه) "يعني إيه الكلام ده، تميم؟"
تميم: (بياخد نفس عميق) "إنتِ عارفة إني فقدت حاجات كتير... بس مش قادر أبطل أفكر في سيليا... في اللحظة اللي كان المفروض أكون فيها جنبها عشان أحميها."
ليديا: (حطت إيدها على إيده وبصت في عينيه) "إنت كنت هناك علشاننا كلنا. لو ما كنتش رحت في اللحظة دي، مكنش عندنا السلام اللي إحنا فيه دلوقتي. إنت ضابط مخابرات، ولولا ده، كانت حياتنا هتتغير."
تميم: (بهمسات) "بس احنا خسرناها للأبد "
ليديا: (بتحاول تهديه) "وأنت دلوقتي معانا، ده المهم. مش هنعيش في الماضي، تميم. إحنا عايشين دلوقتي علشان سيلين."
تميم: (بص على سيلين، وبعدين رجع يبص على ليديا) "سيلين... شبه سيليا جدًا، مش كده؟"
ليديا: (بتبتسم وبتلمس شعر سيلين برفق) "أيوه، شبهها قوي. لكن في عينيها كمان بحس بحبنا، وسلامنا."
تميم: (بصوت حزين) "أوقات، بحس إن في وجه سيلين ملامح من سيليا، وبحس إني بعيش لحظات ضايعة."
ليديا: (بتحتضن إيده بحنية) "لكن مش هنخلي الماضي يتحكم فينا، صح؟ إحنا عايشين في الحاضر، وبنسعى علشان المستقبل."
تميم: (بص ليها بعينين مليانين حب وامتنان) "إنتِ صح، ليديا. وإنتِ السبب في قوتي النهاردة. بحبك."
ليديا: (بتبتسم، وبتحط راسها على كتفه) "وأنا بحبك. مع بعض، هنواجه كل حاجة."
في اللحظة دي، حس تميم بحياة جديدة بدأت تدخل قلبه. رغم كل الألم والماضي المظلم، كان عنده دلوقتي عيلة بيحبها، وهو مستعد يحمى عيلته مهما كانت التحديات.
********************
في فيلا فؤاد البحيري ، كان ريان قاعد على الأريكة في غرفة الجلوس، بيفكر في عيون والده فؤاد. كان التوتر مالي قلبه، وأفكاره بتجري بسرعة بين الماضي والحاضر. بعد شوية من الصمت، قرر يسأل السؤال اللي كان شاغل باله من ساعة ما اكتشف الحقيقة.
ريان (بصوت واطي ومتردد):
"بابا... أنت عندك أخت؟"
فؤاد (مستغرب ورافع حاجبيه):
"أخت؟... يعني إيه؟ ما عنديش أخت."
ريان (مستغرب شوية، وبيحاول يخفي توتره في صوته):
"يعني مفيش واحدة من العيلة... كنت فكرت إنك ممكن يكون عندك أخت أو حاجة زي كده؟"
فؤاد (بص له مش فاهم، وبعدين هز راسه):
"لا... مفيش أخت. عندي أخويا جليل وأنت عارف ده كويس. ليه بتسأل؟"
ريان (بيحاول يتظاهر إنه مش مهتم، لكن عينيه بتكشف قلقه):
"لا... كنت بفكر في حاجة... ممكن يكون سؤال غريب. مفيش حاجة."
فؤاد (تنهد شوية، وبعدين ابتسم بابتسامة هادية):
"ممكن تكون متوتر بسبب حاجات تانية. ما تشيلش هم. كله تمام."
ريّان ابتسم ابتسامة خفيفة، وبعدين طأطأ راسه شوية وهو بيحاول يتمالك نفسه. لكن جواه، كان قلبه بيدق بسرعة
بعد فترة قصيرة، كان يوسف قاعد مع ريان فأوضته. الجو كان مشحون بالتوتر، والضوء الخافت كان بينعكس على وشوشهم، وريان قاعد بيبص في موبايله من غير ما يظهر عليه أي اهتمام، بينما يوسف كان بيراقب توتره. من كام يوم، كان ريان باين عليه حاجة غريبة، وكل ما يوسف يحاول يسأله، كان بيتهرب من الإجابة. لكن النهاردة، قرر يوسف إنه مش هيسكت لحد ما يعرف الحقيقة.
يوسف (بصوت جاد، وبص له بتوجس):
"ريان... في حاجة مش طبيعية معاك، أنا عارفك كويس، وعمرك ما كنت كده. ليه أنت متوتر؟ في حاجة مقلقاك؟"
ريان (بيحاول يظهر هادي، لكن مش قادر يخبي توتره):
"مفيش حاجة، يوسف... أنا كويس، يمكن الشغل والمشاكل اليومية اللي بتتراكم."
يوسف (ينحني للأمام، عينيه متثبتة في عيون ريان):
"أنت مش كويس، وأنا عارف. مش زيك... دايمًا كنت بتقول لي كل حاجة. إيه اللي بيحصل؟"
ريان (بيبتسم بحزن، وبعدين بيحط الموبايل جنب):
"يوسف... أرجوك، خلي الموضوع يعدي. مفيش داعي تدور على حاجات ما ليهاش قيمة."
يوسف (بعناد، صوته بيزيد إصرار):
"ريان، أنا أخوك، مش غريب عليك. لو في حاجة... لازم تقولي. مفيش حاجة لازم تحتفظ بيها جواك."
ريان (بيغمض عينيه لحظة، وبعدين بيأخذ نفس عميق، بيقرر يواجه الحقيقة):
"يوسف... في حاجة كبيرة... حاجة مش سهلة أقولك عليها."
يوسف (باندهاش، مش قادر يخبّي قلقه):
"إيه فيها؟ قول لي... مفيش حاجة في الدنيا تستاهل إنك تحملها لوحدك."
ريان (بينفخ بعمق، وبعدين بيبص في عيني يوسف):
"سيليا... هي... لسه عايشة."
يوسف (مفاجأ، فمه بيفتح من الصدمة، ويقوم فجأة):
"إيه؟! إزاي؟! إزاي... إزاي هي لسه عايشة؟"
ريان (بيخفض رأسه شوية، وحاسس بتأنيب الضمير):
"أنا وعدتها إني ما أقولش لحد... لكن هي ما ماتتش، يوسف. هي موجودة."
يوسف (رجف، مشاعره متداخلة بين الدهشة والألم):
"لكن... إزاي؟... إزاي؟ هي كانت... كانت ميتة... إزاي عاشت؟"
ريان (بيبص للأرض، وحاسس إن يوسف مش عارف كل حاجة):
"كانت مؤامرة، يوسف... الأمور معقدة قوي. وهي دلوقتي... في مكان تاني. لكني وعدتها إني هاسكت."
يوسف (وقف مش قادر يتكلم لحظة، صدمته ملياها، وبعدين همس بصوت واطي):
"لكن... ليه؟ ليه؟... إزاي هي عايشة هناك؟ وإزاي... إزاي قدرت تتحمل وحدها كل السنين دي؟"
ريان وقف جمب يوسف، وتنهد، وهو حاسس إن السر ثقيل عليه جدًا، ويوسف فضل في حالة صدمة، مش قادر يستوعب اللي سمعه، وعينيه بتسأل عن المستقبل، وعن الألم اللي مروا بيه كلهم طول الست سنين اللي فاتت.
ريان (بيحاول يهدّيه، حط إيده على كتفه):
"هي عايشة، يوسف... هي كانت عايشة طول السنين دي. لكن كان لازم أخبي عنك كل حاجة. وعدتها."
يوسف (بصوت مرتجف، أخد نفس عميق وبعدين قام فجأة):
"لو هي عايشة... ليه ما قولتناش؟ ليه ما خبرتنيش؟ كان ممكن أكون جنبها! ليه كل ده؟!"
ريان (خفض رأسه، بصوت حزين):
"كان لازم ألتزم بوعدي، يوسف. هي كانت في خطر، وكل حاجة كانت عشان تحميها. ما كانش لازم يعرف حد."
يوسف (شعر بفرحة شديدة فجأة، وعينيه لامعة):
"لكن هي عايشة! ده الأهم! هي عايشة! أنا... مش قادر أصدق، ريان، مش قادر أصدق. لازم أخدني ليها، لازم أشوفها، لازم أكون جنبها بعد كل اللي حصل."
ريان (بتردد، باين عليه الصراع الداخلي):
"ما ينفعش تروح لها، يوسف. وعدتها إني ما أخبرش حد... وما كانش لازم هي تكون في خطر."
يوسف (وعينيه مليانة رجاء):
"لكن ممكن أشوفها، صح؟ ممكن تخليني أشوفها؟ مش قادر أعيش وأنا مش عارف هي إزاي! في أي طريقة؟"
ريان (بصوت واطي، حاسس بثقل الموقف):
"في فرصة... يوم من الأيام لما تروح الكلية... أنا معيد هناك. ممكن تشوفها من بعيد."
يوسف (ابتسم، وقلبه بيدق فرحة وأمل):
"على الأقل ده حاجة... شكراً يا ريان، شكراً."
يوسف ابتسم لأول مرة من سنين، كأن جزء من قلبه رجع للحياة، لكنه عارف إن لقاؤه بسيليا هيكون محاط بالقيود. ريّان فضّل ساكت، بيحاول يسيطر على مشاعره، لأنه مش قادر يكسر وعده رغم رغبته العميقة إنه يشوف أخته ويسمع صوتها تاني.
********************
في مقر للمخابرات ، كان تميم يخطو بسرعة نحو مكتب أدهم ملامحه مشدودة وتعب وجهه من قلة النوم. دخل المكتب ووجد أدهم جالسًا على مكتبه، يراجع بعض الأوراق.
تميم، بتوتر، سأل:
– أدهم، فين زين؟
أدهم رفع رأسه من الأوراق، وقال بصوت هادئ:
– زين في مهمة ميدانية، مش هنا دلوقتي.
تميم، محاولًا إخفاء القلق في صوته، رد سريعًا:
– مهمة؟ طيب، هيرجع امتا؟
أدهم نظر إليه للحظة، ثم قال بحذر:
– ما عنديش فكرة عن الوقت، المهمات دي غالبًا بتأخذ وقت طويل.
ثم، بشكل غير متوقع، زل لسان أدهم وقال:
– بس لو كنت بتسأل عن سيليا، فهي لسه عايشة.
تميم تجمد في مكانه، وعينيه اتسعت في صدمة غير قابلة للتصديق. كانت الكلمات التي خرجت من أدهم كالصاعقة التي ضربت رأسه، ولم يستطع استيعاب ما سمعه.
– إزاي؟ سيليا... لسه عايشة؟
أدهم، الذي أدرك الآن خطأه الفادح، حاول أن يشرح بسرعة:
– تميم، أنا آسف... ما كانش لازم أقول كده. بس زين اكتشف إنها لسه حية.
تميم، وقد بدأ قلبه يخفق بسرعة، ابتعد خطوة إلى الوراء، وعينيه مليئة بالدهشة:
– ازاي؟ اختفت ليه؟ و ليه ما حدش قال لنا؟
أدهم، في محاولة لتوضيح الموقف، قال:
– التفاصيل مش واضحة، بس الحقيقة إنها عايشة. زين كان بيدور عليها و لقاها.
تميم ظل في مكانه، عقلها مشوشًا، جسده شبه متجمد من وقع المفاجأة. بعد لحظات من الصمت، همس تميم بصوت مكسور:
– سيليا... لسه عايشة...
•تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية