رواية قيود العشق (2) الفصل الثاني 2 - بقلم سيليا البحيري
قيود_العشق2
فصل 2
**في فيلا ليلى الألفي ،كانت سيليا تجلس على الكرسي في الحديقة وهي تحاول الاتصال بزوجها جاد ، الذي رفض مكالمتها بعد أن اتصلت به مرات عديدة
سيليا (بتوعد): ماشي يا سي جاد ، أنا هوريك مين هي سيليا البحيري
**لتزفر بضيق ، وتتجه نحو غرفتها لتنام قليلا ، فهي لم تنم منذ عدة أيام
********************
**في فيلا البحيري ، كان فؤاد و زوجته نجلاء قد عادا من المقبرة بعد أن قاما بزيارة قبر ابنتهما ، كانت نجلاء منهارة فرغم مرور عدة سنوات على وفاة ابنتها إلا أنها لم تتخطى الصدمة بعد
فؤاد (بدموع متحجرة): خلاص يا نجلاء ، حالتك دي بتقطع قلبي
نجلاء (بإنهيار): هعيش إزاي يا فؤاد؟ كل يوم بيعدي كإني بموتها من تاني، ما عداش يوم من غير ما أحس بفقدانها، كإن روحي راحت معاها
فؤاد (بحسرة): عارف يا نجلاء إن فقدانها كسرنا، بس ولادنا التانيين محتاجيننا. لازم نفضل معاهم، همّ كمان فقدوا أختهم وحاسين بالألم زيّنا. مش هقدر أعوض مكانها، بس إحنا لسه عندنا اللي نعيش عشانه
نجلاء: عارفة يا فؤاد، عارفة إن ولادنا محتاجيننا، بس قلبي مش قادر، كل ما ببص في وشهم بشوفها فيهم. كانت آخر العنقود، وروحي راحت معاها. مش عارفة أعيش من غيرها
**فؤاد مد إيده بحنية، يمسح دموع نجلاء اللي ما بطلتش، وبعدها حضنها بهدوء كأنه بيحاول يشيل معاها الحمل اللي كاسرها. ما اتكلموش تاني، بس السكون بينهم كان بيقول كل حاجة، الحزن، الفقدان، والحب اللي مخلّيهم متماسكين وسط الألم
************************
**في دبي ، جاد وجيسي يجلسان في غرفة المعيشة الواسعة في منزل والدهما، حيث الأثاث التقليدي الأنيق والأرائك الجلدية. تضيء الأضواء الدافئة الغرفة، وتزين الجدران صور عائلية تعكس ذكريات الطفولة. من النافذة، تظهر حديقة المنزل المزدهرة. جاد يستند إلى الكرسي بتهكم، بينما جيسي تجلس على الأريكة، تضحك بسخرية على حديثه
جاد وهو يضحك بتهكم: عارفة يا جيسي؟ كأنها لوحة جميلة معلّقة على الحائط، بس مافيهاش روح. جمالها مش بيكفي، كل يوم بحس إني متجوزة فراغ
جيسي بابتسامة ساخرة: وأنا بقول، إيه الفايدة من الجمال لو مافيش عقل ولا شخصية؟ مجرد ديكور
جاد وهو بيتكلم مع جيسي بسخرية: تخيلي، سافرت علشان ولادة مازن، ولما وصلت، سيليا كانت مشغولة بالولادة ورعاية الأولاد، وأنا كنت بقول لنفسي: 'فين المتعة في كل ده؟' كأنها قاعدة تخوض معركة عائلية وأنا بس ضيف عندها
جيسي بتضحك بسخرية: آه، أكيد هي مش فارقة معها! هي بس مركزه على الأولاد ومسؤولياتها، ونسيت إنك موجود. كأنها مش شايفة قد إيه أنت محتاج اهتمام. بس ما تقلقش، في النهاية، هي مش هتغير، دي هي شخصيتها
**قطع حديثهما الجارح بحق سيليا دخول والدتهما ثريا و على وجهها علامات الغضب
ثريا وهي ، تدخل الغرفة بصوت عالي: يا ولاد، مش شايفين سيليا قد إيه بتتعب وبتضحي عشانكم وعشان ولادها؟ جاد، لو عايز تسخر من مراتك الطيبة، أنا هطلقها منك و مش هاسمح لحد يجرحها أو يقلل من قيمتها! كفاية بقى
جاد، وهو يرد على والدته بنبرة متوترة: ماما، مش أنا اللي بسخر منها! هي اللي مش فاهمةني ومش شايفة غير الأولاد. أنا بحاول أكون موجود، لكن كل اللي يشغلها هو البيت والأطفال. أنا مش حاسس إن في مكان ليه في حياتها
ثريا، وهي تتنهد بأسى: جاد، إنت مش فاهم إن سيليا قاعدة لوحدها مع الأولاد طول السنة؟ إنت مش موجود غير مرتين في السنة، وهي اللي بتتحمل كل المسؤولية. مش معقول إنك تظلمها وتقول إنها مش مهتمة بيك! هي بتضحي بحياتها عشان تربي الأولاد، وأنت بس عايز تضحك وتستمتع من غير ما تشوف تعبها، يا خسارة تربيتي فيك يا ابن بطني ، يا خسارة
**لتتركه و تذهب بخيبة أمل في ابنها، ليلحق بها جاد وهو يحاول أن يراضيها تحت نظرات الحقد من جيسي تجاه سيليا
****************
**في مصر ، في صالة الرياضة ، كان رائد يمارس الرياضة بنشاط و حيوية ، لكن استوقفه دخول سيليا وهي بحالة مزرية و كانت الدموع تتلألأ بعينيها الزرقاوتين الجميلتين ، فزع رائد لمظهرها و اتجه نحوها بهلع و خوف
رائد (بهلع): سيليا حبيبتي ، حصل ايه يا قلب اخوكي؟
سيليا (بإنهيار): تعبت يا رائد ، تعبت والله
رائد ( وهو يمسح على شعرها بحنان و يضمها نحوه): احكيلي يا قلب رائد متخبيش عليا
سيليا ( وهي تمسح دموعها): اتصلت بجاد النهاردة عشان أطلب منه يجي لي ولو مرة، بس ماردش على اتصالاتي، كأني مش موجودة في حياته، حاسة بالوحدة والألم، وكأني عايشة في سجن بعيد عن عائلتي
**شعر رائد بأن الدماء تغلي في عروقه ، و حمل جاد المسؤولية الكاملة لحالة سيليا ،وتوعد له بالأسوء
رائد( بحزم): أنا مش هسمح لجاد إنه يتجاهلك كده، وإنتي مش لوحدك. أنا هنا عشان أساندك، وحقك تكوني مرتاحة وسعيدة. لازم تحسي إن في حد يهتم بيكي وبولادك، وأنا و ماما هنكون معاكي دايما و مش هنسيبك أبدا
**ما إن انهى رائد كلامه حتى انهارت سيليا بالبكاء و بعد لحظات فقدت الوعي بين احضانه**
رائد (بهلع): سيليا! إنتي كويسة؟! فتحي عينيكي، أنا هنا جنبك، مش هسيبك. استني شوية، هجبلك مساعدة، يا كارما ، كارما
**كان رائد يصيح بأعلى صوته مما جعل المدربة الشابة كارما تأتي بسرعة و التي فزعت من منظر رائد و سيليا الفاقدة للوعي بين احضانه
كارما (بفزع): نهارك اسود يا رائد ، هببت إيه ؟
رائد (بحنق): اقفلي بوقك ده يا كارما ، و يلا ساعدني عشان نوديها المشفى
كارما (وهي تومئ له): حاضر ، حاضر
**لتذهب بسرعة و تحضر السيارة و يأخذوا سيليا للمشفى
**********************
**بعد ساعة أو أقل وصلوا للمشفى ،أبواب الطوارئ بتفتح بسرعة، ورائد بيقتحم المكان شايل سيليا بين دراعاته، وملامح الخوف والتوتر باينة على وشه. جنبه كارما، وهي شايلة شنطتها وماشية بسرعة معاه. سيليا، اللي انهارت فجأة في الجيم بعد كلام تقيل عن إهمال جوزها ليها، باينة شاحبة قوي بين دراعاته، وكأن الحياة بتهرب منها شوية بشوية
رائد (بصوت مرتجف وهو داخل بسرعة): "محتاج مساعدة فورًا! هي فقدت وعيها فجأة، مش عارف إيه اللي حصل!"
الطاقم الطبي بيجرى عليهما، ودكتور بيشاور له يحط سيليا على النقالة. رائد واقف للحظة، مش قادر يبص بعيد عن وشها المتعب.
الدكتور (بصوت مطمئن): "حطها هنا، هنفحصها على طول."
رائد بيحط سيليا بحذر على النقالة، ويمسك إيدها بلطف، كأنها هتضيع منه. كارما بتتقدم خطوة لقدام، بتراقب الموقف وهي هادية، بس القلق على صاحبتها باين عليها.
رائد (بصوت مكسور): "دي اختي الصغيرة... كانت في حالة وحشة قبل ما تفقد الوعي"
الممرضة (بلطف وهي بتحاول تهدي رائد): "فاهمة قلقك، بس سيبنا نعمل شغلنا دلوقتي. هنفحصها كويس."
رائد بيتراجع شوية، بس عنيه لسه متعلقة بـ سيليا اللي بترتعش بين لحظات الوعي واللاوعي. لسه ماسك إيدها، مش قادر يسيبها خالص.
الدكتور (بيتكلم مع رائد): "كانت بتشتكي من أي أمراض مزمنة؟ أو مرت بضغط كبير مؤخرًا؟"
رائد (بيهز راسه بألم): "لأ، مفيش أي أمراض. بس الضغط النفسي.... جات لي النهاردة وهي مدمرة من جواها. كانت نفسيتها أكتر من اللي تقدر تستحمله."
الدكتور بيسجل المعلومات وبيوجه الممرضين يعملوا الفحوصات اللازمة. رائد بيتراجع شوية، بيعدي إيده على وشه، وقلبه بينبض بخوف كبير.
رائد (بصوت منخفض وهو بيبص لـ سيليا): "سيليا، ما تسيبينيش. إنتي قوية، كل حاجة هتبقى كويسة، أنا هنا معاكي..."
كارما (بتحط إيدها على كتفه عشان تدعمه): "هي محظوظة إنك موجود جنبها، رائد. هي فعلاً محتاجة حد يهتم بيها."
جهاز المراقبة بيصدر أصوات ثابتة، ورائد بيحس براحة شوية لما بيشوف سيليا تستقر على سرير المستشفى. بيقعد على الكرسي جنبها، ماسك إيدها بلطف.
الممرضة (بتقرب): "حالها استقرت دلوقتي، محتاجة ترتاح. هنراقبها ونتابع حالتها."
رائد (بيتنهّد بارتياح): "الحمد لله... شكرًا ليكم."
بيبص تاني على سيليا، وبعدها بيتلفت لـ كارما بابتسامة صغيرة.
رائد (بصوت هادي): "كنتي دايمًا قوية يا سيليا، وهتعدي منها أقوى من أي وقت فات."
كارما (بابتسامة دافية): "ومادام إنت جنبها، عمرها ما هتبقى لوحدها."
رائد بعد ما سمع كلام كارما واطمأن إن سيليا حالتها استقرت، اتحول وجهه من القلق للغضب المكبوت. عينيه كانت مليانة نار، وحاجبه انعقد بشدة. مسك إيد سيليا برفق، وبعدين بص بعيد، كأنه بيكلم نفسه لكنه بصوت مسموع.
رائد (بصوت غاضب ومكبوت):
"جاد ده...، هو اللي وصلها لكده. مش قادر أصدق إن إنسان ممكن يهمل مراته بالشكل ده ويخلّيها توصل للانهيار."
كارما واقفة جنبه، بتراقب ملامحه اللي بتحول من الحزن للغضب الشديد. حسّت بالتوتر، لكن فاهمة كويس مشاعر رائد العميقة تجاه سيليا.
كارما (بصوت هادي تحاول تهديه):
"رائد، أنا فاهمة إنك غضبان، بس سيليا محتاجة منك تكون قوي دلوقتي. مش لازم نركز على جاد دلوقتي، المهم إنها تتحسن."
رائد (بنبرة حادة وغاضبة):
"كارما، مش هقدر أسيب الموضوع كده. سيليا مش مجرد حد أعرفه... هي زي أختي. جاد أهملها، كسرها، وخلّى حياتها جحيم. إزاي كان يقدر يعيش بعيد عنها بالشكل ده؟! ولادها كمان؟! ازاي سابهم؟! مش هسامحه أبدًا."
سكت شوية، وأيده بتشد على إيد سيليا اللي نايمة قدامه. الغضب بقى واضح أكتر، ووشه بقى مليان كراهية تجاه جاد.
رائد (بحقد واضح):
"لو قابلته... مش هرحمه. هو السبب في كل ده، ولو فكر يرجع أو يتعامل معاها بنفس الطريقة، أنا اللي هتدخل. سيليا مش هتبقى لوحدها تاني، وأنا مش هسمح له يضرها أو يكسرها تاني."
كارما (بنبرة قلق):
"رائد، أنا عارفة إنك بتحبها وبتعتبرها أختك، بس خلي بالك. الغضب مش هيساعد دلوقتي. لازم نبقى هاديين عشان نقدر نساعد سيليا فعلاً."
رائد (بإصرار):
"أنا هادي يا كارما... لكن مش هسكت. جاد لازم يدفع تمن اللي عمله، واللي عمله في ولاده كمان. لو كان فاكر إنه بعيد في دبي ومش هيتحاسب، يبقى غلطان. أنا مش هسيبه يعيش مرتاح وهو السبب في اللي حصل لسيليا."
كارما (بتحاول تتفهم):
"خلاص، خليك معاها دلوقتي، هي محتاجاك. بس خلي بالك من نفسك كمان، ما تخليش الغضب يسيطر عليك."
رائد (بصوت منخفض لكنه مليان غضب):
"الغضب هو اللي مخليني واقف على رجلي دلوقتي. وصدقيني، مش هسكت غير لما أخد حق سيليا."
جلس على الكرسي جنب سيليا تاني، وعينيه بتلمع بالغضب والإصرار. في داخله، كان عارف إنه مش هيسيب جاد يهرب من اللي عمله.
********************
**في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ،داخل غرفة في مركز للمخابرات المصرية، زين يجلس على مكتب يملأه بعض الملفات السرية. يحدق إلى نقطة بعيدة، غارقًا في تفكير عميق، تسيطر على ملامحه الجدية والقلق. يسمع خطوات خفيفة تقترب بسرعة، ويقطع هذا الهدوء دخول تميم، صديقه وزميله المقرب، بابتسامته المعتادة التي لا تفارقه**
تميم (مبتسمًا وهو يدخل):
"أقول لك، يا زين، لما تكون غرقان في التفكير كده، شكلك بيبقى زي فيلم أكشن من غير صوت!"
زين (بجدية دون أن ينظر إليه):
"كل حاجة عندك سهلة، مش كده يا تميم؟"
تميم (يجلس أمامه ويرفع حاجبيه بمرح):
"مش سهلة، يا صاحبي، بس الحياة فيها مساحة للضحك وسط كل ده. أنت متخيل إنه لو فكرت كتير هتلاقي الحل؟"
زين (بنبرة متأملة):
"الحياة مش لعبة، تميم. في حاجات كبيرة على المحك... حاجات بتحدد مصيرنا ومصير غيرنا."
تميم (يبتسم بثقة ويميل بظهره إلى الوراء):
"عارف، عارف. بس خليني أقول لك حاجة: الكتمان الزايد والتفكير الزايد مش بيجيب نتيجة. إحنا هنا مش عشان نحل كل مشاكل العالم في راسنا. في شغل، بنعمله وبنتحمل مسؤولية قراراتنا. بس ده ما يمنعش إننا نضحك شوية."
زين (يتنهد ويخفض عينيه):
"أحيانًا بفتكر إني مش هقدر أكمل. الضغوط كتير والمسؤولية أكبر."
تميم (يضع يده على كتف زين ويقول بلطف):
"زين، إنت أقوى من كده. إحنا اتدربنا عشان اللحظات دي. كل واحد فينا عنده لحظاته اللي بيحس فيها إنه تعبان. بس أهم حاجة ما تنساش، إنت مش لوحدك."
زين (بنبرة أخف قليلًا):
"عارف إنك دايمًا موجود، يا تميم."
تميم (يبتسم):
"أكيد. ودايمًا موجود لأفكرك إنك تسيب شوية جدية على جنب وتستمتع باللحظة."
زين (يبتسم أخيرًا):
"أنت دايمًا كده، تميم. مش هتعرف تكون جدي أبدًا."
تميم (بضحكة):
"لو بقيت زيك، الدنيا هتبقى كئيبة جدًا. خلينا نكون فريق متوازن."
زين (يتنهد ولكن بنبرة أخف):
"يمكن عندك حق."
تميم (بمرح وهو يقوم من مكانه):
"أكيد عندي حق! هيا بينا نخلص اللي ورانا ونشوف إيه الجديد."
يخرج تميم بضحكة خفيفة، ويعود زين إلى أوراقه، ولكن هذه المرة بروح أقل توترًا، وقد زرع فيه تميم قليلًا من الراحة التي كان يحتاجها
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
•تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية