رواية قيود العشق (2) الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم سيليا البحيري
قيود_العشق2
فصل 25
في مقر المخابرات ، يقف زين وتميم وأدهم أمام شاشة كبيرة تعرض خريطة عليها مواقع مشبوهة. الجو في الغرفة متوتر، وأصوات الأجهزة تحيط بهم. يضع زين يديه على الطاولة ويحدق في البيانات بينما ينقل أدهم التقارير. تميم يبدو عليه الانفعال الشديد، يتحرك ذهابًا وإيابًا بقلق.
أدهم (بصوت جاد):
"تمكنا من تحديد تحركاتهم خلال الـ48 ساعة اللي فاتت. الجماعة دي هي نفسها اللي كنت بتطاردهم زمان، يا تميم."
تميم (بغضب):
"الجماعة اللي دمرت حياتنا! واللي بسببهم فقدنا سيليا كل السنين دي؟!"
زين (يحاول تهدئته):
"تميم، لازم نركز. عندنا خيط مهم. كل الأدلة بتقول إنهم مازالوا في المنطقة دي."
تميم (يصرخ):
"كل دا بسبب إهمالنا! أنا كان لازم أخلص عليهم من 6 سنين!"
أدهم (يحاول أن يكون هادئًا):
"تميم، كلنا عايزين نلاقي سيليا. بس الغضب مش هيحل حاجة. عندنا فرصة دلوقتي نمسكهم ونرجعها."
تميم (يضرب الطاولة بعنف):
"مش بس نرجعها، لازم يدفعوا ثمن كل حاجة عملوها! كل ثانية ضاعت من حياتها!"
يرفع زين يده ليطلب الهدوء، ثم ينظر إلى تميم بحدة.
زين (بصوت حازم):
"تميم، اهدى. إحنا مش هنضيع وقت في غضب مالوش فايدة. سيليا محتاجانا نكون عقلانيين. عندنا خريطة بتحركاتهم. لازم نتصرف بحذر."
تميم (يكاد ينفجر):
"حذر؟! إزاي أكون حذر وهي في خطر؟! دي حياتها على المحك!"
يركل تميم كرسياً بجانبه في غضب، فتنقلب الأوراق والمعدات على الأرض. يتقدم أدهم نحوه ويحاول الإمساك به.
أدهم (بصوت جاد):
"تميم، أنا فاهم ألمك. بس لو فضلنا كده مش هننقذها. لازم نكون أذكى منهم."
زين (بهدوء وذكاء):
"إحنا أقرب دلوقتي من أي وقت تاني. عندنا خطة. هنحدد مكانهم بالضبط وننفذ عملية سريعة ونظيفة. سيليا هترجع، دي وعد."
تميم (يحاول تهدئة نفسه بصعوبة):
"لو حصل لها أي حاجة... أي حاجة... مش هسامح نفسي أبداً."
زين (بنبرة صادقة):
"مش هنسمح يحصل لها حاجة. هنرجعها. وثق فينا."
ينظر تميم إليهم بحزن وغضب مكبوت، ثم يجلس على الكرسي ويأخذ نفسًا عميقًا. يبدأ الجميع في التركيز مرة أخرى على وضع الخطة
*******************
في غرفة مظلمة في الحدود المصرية الفلسطينية ، تجلس سيليا على الأرض، مقيدة اليدين، ترتجف من البرد والخوف. عيناها ممتلئتان بالدموع، ووجهها شاحب. تسمع أصواتًا خافتة بالخارج لكنها لا تستطيع تمييز ما يجري. ترفع رأسها نحو السقف وتحاول أن تأخذ نفسًا عميقًا، لكن الخوف يشلها.
سيليا (بصوت متهدج):
"يا رب، احمِ أولادي... زياد، مازن، لينا... أنا مش قادرة أكون جنبكم دلوقتي. سامحوني يا حبايبي."
تمسح دموعها بصعوبة بكتفها المقيد، تتذكر وجوه أطفالها الصغيرة وابتساماتهم.
سيليا (تحدث نفسها بصوت منخفض):
"زياد، أنت قوي زي ما كنت دايمًا بتقول. مازن، حبيبي الصغير اللي بيخافش من حاجة... ولينا، ملاكي الصغير، ماما هترجعلكم مهما كان."
تتوقف قليلاً لتستجمع قوتها، ثم تنظر إلى الباب المغلق بإحكام.
سيليا (بنبرة متوسلة):
"يا رب، أنا محتاجة معجزة دلوقتي. محتاجة حد يساعدني. مش عايزة أولادي يكبروا من غيري... مش عايزة يتربوا في خوف."
تتذكر مواقفها مع أطفالها فتبتسم بخفة وسط دموعها.
سيليا (بصوت خافت):
"زياد، فاكر لما كنت بتقولي 'ماما، أنا الراجل اللي هيحميك'؟ يا رب، احمِ الراجل الصغير بتاعي. خليك جنبه وجنب إخواته."
تسمع صوت خطوات تقترب، فتعود الدموع إلى عينيها، لكنها تحاول أن تظهر قوية.
سيليا (بهمس):
"مهما عملتوا، مش هتاخدوا مني اللي بقى لي... مش هتنتصروا."
تتكور على نفسها في زاوية الغرفة، تتضرع بصمت، وتظل عيناها متعلقتين بالباب، مترقبة المجهول
فجأة يُفتح الباب بعنف، ويظهر حسن، زعيم الجماعة الإرهابية، بابتسامته الساخرة ونظراته المليئة بالخبث. يقف عند الباب، ينظر إليها بنظرة مليئة بالاحتقار.
حسن (بصوت ساخر):
"آدي البطلة اللي فاكراني نسيت! كنت فاكر إنك أذكى من كده يا سيليا... لكن شكلك نسيتي مين حسن."
سيليا (تحاول التماسك، بنبرة مليئة بالاشمئزاز):
"ما نسيتش... فاكرة كل حاجة. فاكرة خوفك مني، وفاكرة إزاي كنت أضعف من إنك تواجهني لوحدك."
حسن (يضحك بصوت عالٍ):
"خوف؟! أنا كنت أسيبك تموتي من زمان لو ما كانتش الست الحقيرة دي، عمتك ليلى، عملت نفسها بطلة زمانها و خلصتك مني ، لكن المرة دي مفيش حد ينقذك."
سيليا (بغضب مكبوت):
"الحقير الوحيد هنا هو أنت! ست سنين وأنت فاكر إنك انتصرت؟! لولا إن ربنا أنقذني، كنت بقيت ضحية تانية من ضحاياك."
حسن (يقترب منها بخطوات بطيئة):
"انتصرت أو ما انتصرتش، المهم إني هخلص منك دلوقتي... إنتِ الوحيدة اللي تعرفي كل حاجة عن شغلنا القديم، ومش هاسمح لحد زيك يبوّظ خططي."
سيليا (بنبرة مليئة بالتحدي):
"خططك؟! عارف إنك فاشل لدرجة إنك محتاج تقتل عشان تحس إنك قوي؟! لكن خليني أقولك حاجة... حقي هييجي، لو مش النهارده، هييجي بكرة. وزي ما ربنا أنقذني زمان، هيخلصني منك تاني."
حسن (يضحك بتهكم):
"حقك؟! شوفي حواليك، مفيش حد يقدر ينقذك دلوقتي. لو كنتِ ذكية، كنتِ عرفتي إن الحرب دي مش بتاعتك."
سيليا (تنظر إليه بثبات):
"الحرب دي مش حرب سلاح، دي حرب حق وباطل. وإنت عارف كويس إن الباطل عمره ما بينتصر."
حسن (يصفق بسخرية):
"برافو يا فيلسوفة! خليني أقولك حاجة... نهايتك قربت، وعيلتك كلها مش هتعرف تعمل حاجة عشانك."
سيليا (بابتسامة ساخرة رغم خوفها):
"ده اللي هنشوفه، حسن. إنت ضعيف، ودايمًا كنت ضعيف. وده اللي هيخلصك."
حسن (بنبرة غاضبة):
"هتشوفي قوتي قريب جدًا... وقريب جدًا هتبقي مجرد ذكرى."
يلتفت ويغادر الغرفة بغضب، يغلق الباب بعنف خلفه، بينما تظل سيليا في مكانها، تحاول الحفاظ على شجاعتها رغم خوفها
*******************
في فيلا ليلى ، يجلس الإخوة الخمسة حول طاولة كبيرة في غرفة مليئة بالتوتر. أحمد يقف بجانب النافذة، يعصر يديه بغضب، بينما مراد يجلس محاولًا الحفاظ على هدوئه. سامر يمسك هاتفه محاولًا الاتصال بمصادره، ويوسف ينظر إلى الطاولة بصمت بينما ريان يجلس بجانبه.
أحمد (بغضب):
"أنا مش هقدر أسامح نفسي لو حصلها حاجة... مش بعد اللي عملناه فيها زمان. أنا السبب في اللي هي فيه دلوقتي!"
مراد (بحزم):
"كفاية، أحمد. كلنا غلطنا، مش بس إنت. دلوقتي مش وقت الندم، دلوقتي لازم نلاقيها ونرجّعها."
سامر (ينظر إلى الشاشة بقلق):
"أنا اتصلت بكل المصادر اللي نعرفها، بس مفيش أي معلومة واضحة. الجماعة دي اتبخرت في الهوا."
يوسف (يتحدث لأول مرة، بصوت مليء بالندم):
"هي وثقت فيا لما قابلتها، رغم اللي عملناه فيها. سامحتني... وإحنا سبناها تتعرض للخطر تاني. مش ممكن نسامح نفسنا لو فشلنا ننقذها."
ريان (يحاول تهدئة يوسف):
"هنلاقيها، يوسف. هي قوية، أكتر مما تتخيل. لكن المرة دي، إحنا مش هنسيبها لوحدها."
أحمد (يلتفت بغضب):
"ريان، إنت كنت تعرف إنها حية وما قلتلناش؟! إزاي؟!"
ريان (يدافع عن نفسه):
"كنت محتاج أتاكد إنها فعلاً سيليا قبل ما أتكلم. لما واجهتها، كانت خايفة، وكانت محتاجة وقت عشان تستوعب اللي بيحصل. أنا آسف، لكن كنت بحاول أحميها."
مراد (يتدخل بحزم):
"اللوم مش هيغير حاجة دلوقتي. إحنا في معركة ضد ناس ما بيرحموش. لازم نخطط بعقل ونتحرك بسرعة."
سامر (يرفع رأسه فجأة):
"عندي فكرة... الجماعة دي ليها شبكات سرية بتتنقل فيها. لو قدرنا نخترق شبكة اتصالاتهم، ممكن نعرف مكانهم."
يوسف (بحماس):
"وأنا أعرف واحد ممكن يساعدنا في ده. لازم نتحرك فورًا."
أحمد (ينظر إلى الجميع):
"طيب، كل واحد فينا له دور. أنا ومراد هنروح نتكلم مع المصادر اللي لينا وسطهم. سامر، يوسف، وريان، اشتغلوا على خطة اختراق الشبكة. أي حد عنده معلومة يبلغ فورًا."
ريان (بإصرار):
"المرة دي، مش هنسامح نفسنا لو قصرنا. سيليا لازم ترجع... أياً كان الثمن."
ينظر الجميع لبعضهم البعض، عاقدين العزم على إنقاذ أختهم، متحدين كعائلة لأول مرة منذ سنوات طويلة
*****************
فأوضة لينا ، تجلس نجلاء على الأريكة، تحتضن الطفلة لينا التي تبكي بحرقة. وجهها شاحب من القلق والخوف على ابنتها سيليا. بجانبها، تحاول منار تهدئتها بينما تمسك بـمازن، الطفل البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي يجلس على ركبتها ويحدق بعينيه في وجه جدته.
لينا تواصل البكاء بصوت عالٍ، مما يجعل الجو مشحونًا أكثر.
نجلاء (بصوت مختنق بالبكاء):
"حبيبتي سيليا... يا رب احميها ورجعها لأولادها. لينا حاسة بيها، عشان كده بتعيط بالشكل ده. أنا مش قادرة أتحمل... مش بعد ما عرفنا إنها عايشة."
منار (تحاول التهدئة):
"إن شاء الله يا نجلاء ربنا هيحفظها. سيليا قوية، وإخوتها بيبذلوا كل جهدهم عشان يرجعوها."
مازن (يرفع رأسه فجأة):
"ماما فين؟ ليه ماما مش هنا؟"
نجلاء (تمسح دموعها وتحاول التماسك أمام مازن):
"ماما مسافرة يا حبيبي، لكنها هترجع قريب إن شاء الله."
مازن (ببراءة):
"بس أنا عايزها دلوقتي... عايزها تحكيلي قصة زي كل يوم."
منار (تربت على رأسه بحنان):
"وإحنا هنحكي لك قصص حلوة لحد ما ماما ترجع، مازن. صح يا لينا؟"
تدخل الأخوة الخمسة إلى الغرفة، ملامحهم متوترة وواضحة العزم. ريان يقترب من والدته أولاً، يركع أمامها ويمسك بيديها.
ريان (بصوت مليء بالندم):
"ماما، وعد إننا هنرجع سيليا. مش هنسمح لأي حاجة تحصلها."
نجلاء (تنظر إلى ابنها، ودموعها تنهمر):
"ريان، أنا عارفة إنكم بتحاولوا. بس قلبي... قلبي مش قادر يتحمل أكتر."
أحمد (يقف بجانبها بحزم):
"ماما، إحنا خلاص عرفنا مين ورا اللي حصل. الموضوع مسألة وقت بس، وهترجع سيليا لأولادها."
مراد (ينظر إلى لينا التي توقفت عن البكاء قليلاً):
"إحنا مش هنسيبها. مش مرة تانية."
يوسف (يقترب من مازن ويحمله بين ذراعيه):
"مازن، هتكون فخور بماما جدًا لما ترجع. هي أقوى من أي حد تعرفه."
مازن (ينظر إلى خاله):
"أنا بحب ماما... بس عايزها ترجع دلوقتي."
سامر (يحاول التخفيف):
"وهي هترجع يا بطل. إحنا كلنا هنا عشان نرجعها ليكم."
نجلاء (تنظر إلى أبنائها الخمسة):
"يا رب يحميكم كلكم. لو رجعتم أختكم... قلبي ممكن يهدى أخيرًا."
يومئ الجميع، متعاهدين بصمت أن يعيدوا سيليا إلى عائلتها مهما كلف الأمر
لينا تبدأ في البكاء بشدة، صوتها يعلو في الغرفة بشكل مفاجئ، مما يجذب انتباه الجميع. تهزها نجلاء بلطف في حضنها محاولة تهدئتها، لكن الطفلة لا تتوقف. عينا لينا حمراوتان ومتورمتان من البكاء المستمر.
نجلاء (بصوت قلق وهي تمسح على رأس لينا):
"يا حبيبتي، يا قلبي، مالك يا لينا؟ ليه بتعيطي كده؟"
ريان (يقترب بسرعة، عاقدًا حاجبيه):
"ماما، هي كويسة؟ عينيها... عينيها شكلها مش طبيعي!"
يوسف (ينحني ليقترب من الطفلة):
"يا ساتر... شكلها متورم جدًا! هي بتعيط من إمتى بالشكل ده؟"
نجلاء (بصوت مضطرب):
"من أول ما اتفرقنا من الصالون! يمكن حاسة بشيء... يمكن حاسة بخطر على أمها!"
مراد (يضع يده على كتف أمه):
"لازم نجيب لها دكتور حالًا. ما ينفعش نستنى."
أحمد (بحزم):
" ريان، اتصل بالدكتور."
ريان (يخرج هاتفه بسرعة):
"هتصل بدكتور الأطفال "مجدي" . لازم يشوفها فورًا."
سامر (يتنهد وهو ينظر إلى الطفلة):
"يا رب تكون حاجة بسيطة. البنت صغيرة جدًا عشان تتحمل أي شيء."
مازن (ينظر بعينيه القلقتين إلى أخته):
"هي مش كويسة؟ لينا تعبانة؟"
يوسف (يجلس بجانبه ويضع يده على كتفه):
"متخافش يا مازن. لينا هتبقى كويسة. إحنا هنا عشان نهتم بيها."
نجلاء (تحاول تهدئة لينا):
"يا رب، رجعلي بنتي قبل ما يحصل لأولادها أي حاجة. سيليا هي اللي تعرف تهديهم. يا رب ارحمنا."
ريان (بعد إنهاء المكالمة):
"مجدي هيكون هنا خلال نص ساعة."
أحمد (ينظر إلى إخوته بعينين مشحونتين بالغضب والعزم):
"الموضوع مش بس سيليا. حتى أولادها بيدفعوا الثمن. مش هنرتاح لحد ما نرجعها، ولازم نتصرف بسرعة."
سامر (يومئ):
"بإذن الله، هنرجعها. عيلتنا استحملت كتير، وآن الأوان نصلح كل شيء."
مراد (يمسك يد لينا الصغيرة):
"سيليا قوية، وزي ما قدرت تحمي أولادها طول السنين دي، إحنا هنكمل الطريق ونرجعها لهم."
يجلس الجميع حول نجلاء ولينا، شعورهم بالمسؤولية يزداد، بينما تستمر الطفلة في البكاء، كأنها تعبر عن ألم الجميع
*******************
فأوضة رائد ، فؤاد يجلس على كرسي بجانب النافذة، وجهه مرهق ومليء بالندم. شقيقه جليل يجلس على الأريكة مقابله، وليلى تقف بجانبه وتحاول تهدئته.
فؤاد (بصوت مبحوح وهو ينظر إلى الأرض):
"أنا السبب في كل ده... أنا اللي ظلمتها. ازاي صدقت الناس وشكيت فيها؟ كانت بنتي، لحمي ودمي، وأنا... أنا اللي كسرتها."
جليل (بنبرة هادئة وهو يميل للأمام):
"فؤاد، كلنا غلطنا. ما فيش حد فينا بريء. بس مش وقت نلوم نفسنا. سيليا محتاجة لنا دلوقتي أكتر من أي وقت مضى."
ليلى (بحزم وهي تضع يدها على كتف فؤاد):
"عذابك ده مفهوم، بس مش هيفيد دلوقتي. بدل ما تغرق في الندم، فكر في اللي لازم تعمله عشان تنقذ بنتك. سيليا قوية، وانت أبوها، لازم تكون قوي عشانها."
فؤاد (ينهض من كرسيه بغضب ويمشي في الغرفة):
"قوي؟ قوي إزاي؟ أنا اللي خليتها تعيش في الجحيم. أنا اللي خليتها تهرب وتفقد ثقتها فينا. دلوقتي؟ دلوقتي بعد ما رجعت، خطفوها تاني! ربنا بيعاقبني."
جليل (ينهض ويقف أمام فؤاد):
"مش عقاب، فؤاد. يمكن دي فرصة تانية. فرصة تصلح اللي حصل. ربنا بيدينا دايمًا بفرص نكفر بيها عن أخطائنا."
ليلى (تقاطعهما بحزم):
"سيليا كانت وما زالت بنتك. هي محتاجة تحس إنها مش لوحدها. وأنا متأكدة إنها بتحارب عشان ترجع لأولادها. إحنا كمان لازم نحارب معاها."
فؤاد (ينظر إلى ليلى بحزن):
"ليلى، أنت الوحيدة اللي وقفت جنبها لما الكل تخلى عنها. أنقذتيها، وأنا كنت السبب في كل ألم عاشته. ازاي أبص في عينيها لو رجعت؟"
ليلى (بعاطفة وهي تضع يدها على وجهه):
"هتبص في عينيها لما تشوفك واقف معاها. لما تحس إنك مستعد تعوضها عن كل حاجة فاتت. سيليا محتاجاك يا فؤاد."
جليل (يضع يده على كتف فؤاد):
"لازم نتحرك، فؤاد. تميم وزين شغالين على الخيوط اللي عندهم. وإحنا لازم نكون مستعدين نتحرك في أي لحظة."
فؤاد (يتنهد بعمق ويجلس على الأريكة):
"هعمل أي حاجة عشان أرجعها... أي حاجة."
ليلى (بابتسامة مشجعة):
"وده اللي سيليا محتاجاه. أب قوي واقف جنبها. مش واحد بيعيش في الندم."
تتبادل العائلة نظرات مليئة بالعزم، والجو يشحن بالعاطفة والإصرار. فؤاد يمسح دموعه، مستعدًا للمضي قدمًا من أجل ابنته
******************
فأوضة زياد، ليديا تجلس على السرير وتحاول تنويم طفلتها سيلين ذات الخمس سنوات. الغرفة مضاءة بإضاءة خافتة، وسيلين مستلقية على السرير لكنها ليست مستعدة للنوم، وتبدو مترددة ومليئة بالأسئلة.
سيلين (تتحرك قليلاً وتضم دميتها الصغيرة):
"ماما... ليه إحنا هنا؟ مين الناس دول؟ أنا مش فاهمة حاجة."
ليديا (بلطف وهي تجلس بجانبها وتمسح على شعرها):
"حبيبتي، إحنا هنا لأنهم عيلتنا. عيلة بابا. والموضوع مهم جداً."
سيلين (ببراءة وهي تنظر إلى وجه والدتها):
"بس أنا مش شفتهم قبل كده. ليه كلهم زعلانين؟ ليه ما فيش حد بيضحك؟"
ليديا (تتنهد وتبتسم بحزن):
"لأن في حاجة كبيرة بتحصل، حاجة صعبة. وأنتِ عارفة إن الكبار أحياناً بيكون عندهم مشاكل لازم يحلوها."
سيلين (تجلس وهي تضم دميتها بإحكام):
"إيه المشكلة؟ هي مشكلة كبيرة قوي؟"
ليديا (تحاول تبسيط الأمر):
"في واحدة اسمها سيليا... هي زي عمتو، وحصلت لها حاجة وحشة. والكل دلوقتي بيحاول يساعدها."
سيلين (بدهشة):
"سيليا؟ زي اسم العروسة بتاعتي! هي زعلانة؟"
ليديا (تبتسم بحنان):
"أيوة يا حبيبتي. هي محتاجة مساعدة، وبابا تميم دلوقتي شغال علشان ينقذها."
سيلين (بحماس):
"يعني بابا زي البطل اللي بيحارب الوحوش؟"
ليديا (تضحك بخفة):
"أيوة يا روحي، بابا بطل. وعلشان كده إحنا هنا، علشان نكون قريبين منه ونساعده بطريقتنا."
سيلين (تفكر قليلاً، ثم تنظر إلى والدتها بجدية):
"وأنا أقدر أساعد؟ ممكن أديها عروستي؟ يمكن تفرح."
ليديا (تدمع عيناها من شدة البراءة):
"أنتِ ملاك صغير، يا سيلين. لما ترجع سيليا، أكيد هتفرح لما تعرف إنك فكرتِ فيها."
سيلين (تضع رأسها على الوسادة):
"طيب، أنا هنام بسرعة علشان بابا يخلص شغله بسرعة كمان."
ليديا (تقبل جبينها):
"تصبحين على خير، يا حبيبة قلبي."
سيلين (بهمس):
"وتصبح سيليا بخير كمان."
تبتسم ليديا بحنان، وتجلس بجانب طفلتها وهي تراقبها تغفو ببطء، بينما تحمل في قلبها أملاً بأن تكون الأمور بخير قريباً
الغرفة مليئة بالألعاب والرسومات التي تعبّر عن عالم طفل صغير لكنه يبدو منظماً. ليديا تجلس بجانب سيلين التي بدأت تغفو على السرير، وفجأة يُفتح الباب بهدوء ويدخل زياد، طفل صغير لكنه يتمتع بحركات وملامح تُظهر نضجه. ينظر إلى ليديا بحذر ثم يتحدث بصوت منخفض.
زياد (بنبرة جادة بالنسبة لعمره):
"إيه اللي بتعمليه في أوضتي؟"
ليديا (مندهشة بلطف وهي تبتسم):
"آسفة يا زياد، سيلين كانت تعبانة شوية ونيمتها هنا. ما كنتش أعرف إنها أوضتك."
زياد (يقترب ببطء وينظر إلى سيلين):
"هي دي بنتك؟"
ليديا (تهز رأسها):
"أيوة، دي بنتي. اسمها سيلين."
زياد (بنبرة ناضجة):
"هي صغيرة ... بس شكلها هادية. أنا مش بحب الأطفال اللي بيعيطوا كتير."
ليديا (تضحك بخفة):
" اومال أنت إيه ؟؟، ما تقلقش، هي مش هتزعجك."
زياد (يجلس على كرسي صغير بجانب سريره):
"أنا عارف إنكم هنا علشان ماما. صح؟"
ليديا (تشعر بصدمة خفيفة من حديثه):
"أيوة، إحنا كلنا هنا علشان نساعد مامتك. وإحنا مش هنسيبها أبداً."
زياد (ينظر للأرض بتفكير):
"أنا عارف إن ماما قوية، بس هي لوحدها دلوقتي... مين هيحميها؟"
ليديا (تقترب منه وتنزل لمستوى عينيه):
"خالك تميم وكل الناس هنا بيحاولوا بكل طاقتهم يساعدوها. وإنت كمان بتساعدنا إنك تكون شجاع."
زياد (يرفع رأسه ويبدو مصمماً):
"أنا دايماً شجاع. ماما دايماً بتقول إني رجل البيت."
ليديا (تبتسم بحنان):
"وأنت فعلاً رجل البيت، زياد. بس تقدر تكون شجاع أكتر لو تساعدنا إنك تكون هادي وتحافظ على نفسك."
زياد (يومئ برأسه):
"طيب، أنا هحافظ على نفسي. بس وعدوني... ترجعوا ماما."
ليديا (تضع يدها على كتفه):
"وعد يا زياد. كلنا هنرجع مامتك، وإنت أول واحد هتشوفها."
زياد (يبتسم ابتسامة خفيفة ويجلس بجانب سريره):
"طيب، خلي بنتك تنام هنا. أنا هنام على الكنبة."
ليديا (تضحك):
"أنت كريم جداً يا زياد. تصبح على خير، يا بطل."
زياد (بثقة):
"تصبحوا على خير."
يجلس زياد على الكنبة الصغيرة في غرفته، بينما تنظر ليديا إليه بإعجاب وحنان، ثم تعود لتطمئن على سيلين التي تغفو بهدوء
في مقر المخابرات المصرية، تميم، زين، وأدهم يقفون حول طاولة كبيرة عليها خرائط وأوراق تتضمن تقارير استخباراتية. التوتر يملأ المكان، وكل واحد منهم يركز على الشاشة أو يتحدث عبر اللاسلكي.
تميم (بصوت حازم وهو يشير إلى الخريطة):
"هنا يا جماعة. التقارير الأخيرة بتقول إن الجماعة الإرهابية اتنقلت من موقعها القديم بعد العملية اللي نفذناها من ست سنين. المعلومة الأهم إن فيه إشارات بتأكد إنهم بيتحركوا في نطاق رفح."
زين (ينظر إلى شاشة جهازه):
"استناداً على البيانات اللي جمعناها من الأقمار الصناعية، فيه مخبأ كبير في المنطقة دي. الحرارة الناتجة عن المولدات الكهربائية بتدل إنه مش مجرد تجمع صغير."
أدهم (يُقلب في الأوراق ويشير إلى صورة):
"وده تقرير عن القائد الجديد للجماعة، حسن. واضح إنه رجع يظهر من جديد بعد ما اعتقدنا إنه اختفى. تحركاته كلها متوجهة لنفس النقطة اللي بنشتبه فيها."
تميم (غاضباً):
"حسن ده فاكر إن اللعبة لسه شغالة. المرة دي مش هنسيبه يهرب. سيليا معاهم، ولازم نتحرك قبل ما يفكروا يعملوا أي حاجة."
زين (يشير إلى شاشة تعرض صور الأقمار الصناعية):
"تميم، بص هنا. الشاحنات دي دخلت الموقع ده من يومين، وكل التقارير بتأكد إنهم بيستعدوا لحاجة كبيرة."
أدهم (يفحص الصور):
"فيه إشارات لاسلكية ظهرت قريب من الموقع ده، وده معناه إنهم بينسقوا لعملية. بس السؤال، هل العملية دي متعلقة بسيليا؟"
تميم (ينظر إلى زين بحدة):
"أكيد. مفيش سبب يخليهم يحتفظوا بيها كل المدة دي غير لو كانوا بيخططوا لاستغلالها. بس إحنا مش هنديهم الفرصة."
زين (يكتب بسرعة على لوحة المفاتيح):
"استني لحظة... وصلتني إحداثيات جديدة من فريق المراقبة. المكان المؤكد هو... هنا." (يشير إلى النقطة على الخريطة)
أدهم (بدهشة):
"ده على بعد 50 كيلومتر بس من المدينة. لو ده فعلاً موقعهم، إحنا قريبين جداً منهم."
تميم (يضرب الطاولة بقوة):
"كده عرفنا مكانهم! بلغوا الفريق، إحنا مش هنضيع ثانية. لازم نتحرك فوراً!"
زين (يلتقط اللاسلكي):
"تمام يا تميم. هنبدأ التجهيز حالاً." ثم أكمل لنفسه
"متقلقيش يا حبيبتي ، هنقذك"
تميم (ينظر بعزم):
"سيليا، استني... إحنا جايين ننقذك."
•تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية