رواية قيود العشق (2) الفصل التاسع والثلاثون 39 - بقلم سيليا البحيري
قيود_العشق2
فصل 39
في غرفة مراد في الفيلا، الأضواء خافتة والغرفة تغرق في هدوء ثقيل. مراد مستلقٍ على سريره، ينظر إلى السقف بشرود، يفكر في جالا وكل ما حدث. فجأة يُسمع صوت طرق خفيف على الباب، ثم تفتح والدته نجلاء الباب بحذر وتدخل بخطوات هادئة
نجلاء (بلطف):
"مراد... ممكن أدخل؟"
مراد (دون أن يلتفت إليها، وبصوت مبحوح):
"الدخول مش محتاج إذن يا ماما... تعالي."
تتقدم نجلاء وتجلس بجانبه على طرف السرير، تضع يدها على كتفه بحنان
نجلاء:
"قلبي مش قادر يشوفك بالحالة دي يا ابني. قوليلي إيه اللي زاعلك بالشكل ده؟"
مراد (بتنهيدة عميقة):
"ماما... بابا صدّق الشائعات. صدّق كلام الناس بدل ما يصدقني أنا. جالا ما عملتش حاجة تستاهل الإهانة اللي شافتها. وهي أكتر حد مخلص شفته في حياتي."
نجلاء (بحزن):
"عارفة يا مراد. عارفة إنك متألم، وإن جالا بريئة. بس أبوك... أحياناً بيكون عنيد وما بيشوف الحقيقة غير لما يهدأ."
مراد (ينظر إليها أخيرًا، عيونه مليئة بالحزن):
"بس يا ماما... ليه الطريقة دي؟ قدام الناس كلها! بابا ما فكرش حتى في كرامتها. أنا اللي كنت السبب إنها تتعرض للإهانة دي."
نجلاء (تربت على كتفه بحنان):
"إنت مش السبب، يا حبيبي. أبوك دايماً عنده طريقة خاصة للتعامل مع الأمور، بس ده ما يعني إنه مش بيحبك أو مش بيثق فيك. هو خايف على العيلة، وعلى صورتها قدام الناس."
مراد (ينهض ويجلس على حافة السرير، يمسك رأسه بيديه):
"ماما، أنا بحبها. يمكن أكتر مما كنت متخيل. وبابا خلاني أخسرها قدام عيني. مش عارف إزاي أقدر أصلح كل ده."
نجلاء (بهدوء وحكمة):
"لو حبك لجالا صادق، ما فيش حاجة هتمنعك إنك تكمل معها. أبوك يمكن غضبان دلوقتي، بس مع الوقت هيفهم. وأنا هساعدك، يا مراد. المهم دلوقتي، ما تخليش اليأس يسيطر عليك."
مراد (ينظر إليها بشكر، لكن الألم لا يزال واضحًا في عينيه):
"شكراً يا ماما. إنتي الوحيدة اللي فاهماني."
نجلاء (تبتسم وتضع يدها على وجهه بحنان):
"وأنا دايماً هنا عشانك، يا ابني. خلي إيمانك قوي، وإن شاء الله الأمور تتعدل."
تنهض نجلاء وتغطيه بالبطانية بلطف، ثم تخرج من الغرفة وهي تلقي نظرة أخيرة عليه، مليئة بالقلق. مراد يظل جالسًا، عيناه مثبتتان على الباب، وكأنه يتأمل الكلمات التي قالتها والدته
******************
مراد لا يزال جالسًا على حافة السرير بعد حديثه مع والدته. فجأة، يرن هاتفه الموضوع على الطاولة بجانبه. ينظر مراد إلى الشاشة ويرى اسم شقيقه الأصغر سامر. يلتقط الهاتف ويرد بتوتر.
مراد (بصوت منخفض):
"أيوه، سامر. خير؟"
سامر (بصوت مليء بالغضب والقلق):
"مراد... حصلت كارثة. لازم تعرف."
مراد (يشعر بالتوتر يتصاعد في صوته):
"إيه اللي حصل؟ سامر، اتكلم بسرعة!"
سامر (بتنهد عميق):
"بابا... بابا أهان جالا قدام كل العمال في الشركة. طردها بطريقة بشعة وقاسية، و... والناس كلها كانت بتتفرج."
(مراد يقفز من على السرير بغضب، يمرر يده في شعره بعصبية.)
مراد (بصوت مرتفع):
"إيه؟! سامر، انت بتقول إيه؟ بابا عمل كده فعلاً؟"
سامر (يحاول تهدئته):
"مراد، حاول تهدى... أنا عارف إنه الموضوع صعب، بس ما قدرتش أسكت. بابا ما سمعش مني ولا من أحمد. كان مصر على موقفه، وقال إنها لازم تمشي فوراً."
مراد (غاضبًا ومشتعلًا):
"ما كانش عنده حق يعمل كده! جالا ما تستحقش الإهانة دي! ليه يا سامر؟ ليه عمل كده قدام كل الناس؟"
سامر (بحزن):
"بابا كان غضبان... شايف إنها أساءت لسمعة العيلة، وإنك متورط معاها. ما استنى يسمع أي حد. إحنا حاولنا نتكلم معاه، بس... ما فيش فايدة."
(مراد يضرب الجدار بقبضة يده بغضب، أنفاسه سريعة وعيناه تلمعان بالضيق.)
مراد:
"أنا مش هسكت على ده. جالا مش لازم تتحمل كل ده بسببي. بابا تجاوز كل الحدود."
سامر (بلطف):
"مراد، أنا عارف إنك زعلان، بس فكر كويس قبل ما تعمل حاجة. بابا مش هيغير رأيه بسهولة، وأنت عارف ده."
مراد (بحزم):
"سامر، أنا مش هقف مكتوف الإيدين. جالا ما عملتش حاجة غلط، وهي مش لعبة في إيد حد. أنا هروح للشركة وهتكلم معاها، ولازم أصلح اللي حصل."
سامر (بقلق):
"مراد، خد بالك من نفسك. لو محتاج أي حاجة، أنا هنا."
مراد:
"شكراً يا سامر. أنا هتصرف."
يغلق مراد المكالمة ويقف لبضع لحظات، يحاول تهدئة نفسه، لكن الغضب يسيطر عليه. يلتقط معطفه بسرعة ويغادر الغرفة، عازمًا على فعل شيء ما
****************
في منزل ، جالا، في غرفة المعيشة، جالا تدخل من الباب وهي بالكاد تستطيع حمل نفسها، خطواتها ثقيلة، وعيناها تملؤها الدموع. والدها الطيب، يجلس على الأريكة يقرأ كتابًا، يرفع نظره نحوها فور دخولها. وجهه يكسوه القلق
والد جالا (ينهض بسرعة):
"جالا! مالك يا بنتي؟ ليه شكلك كده؟ إيه اللي حصل؟"
(تضع جالا حقيبتها على الأرض وتجلس على الأريكة، تخفي وجهها بين يديها وتبدأ بالبكاء.)
جالا (بصوت متقطع):
"بابا... بابا، أنا... أنا اتطردت من شغلي... فؤاد بيه طردني قدام كل العمال... قال كلام قاسي... كلام مش حقيقي..."
والد جالا (بصدمة):
"طردك؟ وليه يا بنتي؟ إيه اللي حصل؟ أنتِ شغلك هناك كان كويس وما حدش اشتكى منك قبل كده!"
جالا (تمسح دموعها، تحاول التماسك):
"بابا، فؤاد بيه قال إني... إني أسأت لسمعة الشركة، وإني استغليت مراد بيه... اتهمني قدام الكل، وأنا ما عملتش حاجة! والله ما عملت حاجة!"
(والد جالا يجلس بجانبها، يضع يده على كتفها ليهدئها.)
والد جالا (بحنان):
"هدي نفسك يا جالا. أنا عارف بنتي وعارف تربيتها. محدش يقدر يشكك في أخلاقك وطيبتك. اللي حصل ده ظلم، وأنا متأكد إن الحق هيظهر في يوم من الأيام."
جالا (بحزن):
"بس يا بابا، كلامه كان جارح جدًا... حسيت إني ما ليش كرامة قدام الناس. ما قدرتش أرد عليه، كنت واقفة زي التايهة."
والد جالا (بنبرة مطمئنة):
"يا بنتي، الكرامة مش بتضيع من كلام الناس. الكرامة في أفعالك، وأنتِ طول عمرك محترمة وجدعة. اللي حصل ده اختبار من ربنا، ولازم تصبري وتكوني قوية."
جالا (بدموع جديدة):
"بس يا بابا، أنا ما أقدرش أرجع هناك تاني. حتى لو اتصلوا فيا. خلاص، كفاية اللي شفته النهارده."
والد جالا (بحزم):
"ما حدش يقدر يجبرك على حاجة يا بنتي. وإذا هم ما قدروش قيمتك، فأنتِ أهم وأغلى من أي شغل. اللي أهم دلوقتي إنك ترتاحي، وأنا هنا جنبك دايمًا."
(جالا تميل برأسها على كتف والدها، تحاول أن تجد في حضنه السكينة التي فقدتها. والدها يربت على ظهرها بحب وحنان.)
والد جالا (بهدوء):
"خدي وقتك يا جالا، وكل شيء بيعدي. وأنا واثق إن الأيام الجاية هتكون أحسن، وربنا هيعوضك خير."
المشهد ينتهي على لقطة لجالا وهي تمسح دموعها، وتحاول أن تستمد القوة من كلمات والدها، بينما هو يجلس بجانبها، يمنحها شعورًا بالأمان
*******************
في مكتب فؤاد في الشركة. فؤاد يجلس على كرسي المكتب الكبير، وجهه متجهم وغاضب. أحمد يجلس على كرسي جانبي، وسامر يقف بجانبه، متكئًا على الطاولة. الجو مشحون بالتوتر، وفؤاد يتحدث بنبرة حادة
فؤاد (بغضب):
"الشركة دي شقي عمري، مش هاسمح لحد، وأقصد أي حد، إنه يعبث بسمعتها أو بمكانتها، خصوصًا مش واحدة زي جالا! عارفة إن وجودها هنا كان أكبر غلطة عملتها في حياتي."
أحمد (بحذر):
"بابا، أنا فاهم غضبك، بس مش يمكن اللي حصل كان مجرد سوء تفاهم؟ جالا طول عمرها شغالة بضمير، وما شوفناش منها حاجة وحشة قبل كده."
فؤاد (يقاطع بغضب):
"سوء تفاهم؟ أنت شايف اللي حصل ده سوء تفاهم يا أحمد؟ سمعة الشركة كلها على المحك، وأنا مش هقبل إن واحدة زيها تلوثها! خلصنا منها، ودي خطوة أولى. لازم نعيد تنظيم الشركة من جديد، ونشوف مين اللي يستحق يبقى هنا ومين اللي ما يستحقش."
سامر (يحاول التهدئة):
"بابا، أنا مش بدافع عنها، لكن يمكن إحنا استعجلنا. الشائعات دي ممكن تكون مش حقيقية. مراد أكيد له رأي في الموضوع ده، وهو ما قالش إنها غلطت."
فؤاد (بانفعال):
"مراد؟ مراد هو السبب في اللي حصل! ضعفه وقلة حسمه مع السكرتيرة دي هو اللي أدى للمشكلة. ما كانش المفروض يسمح لها تأخذ مساحة أكبر من اللي تستحقه. الشركة دي لازم تدار بحزم، واللي مش عاجبه يمشي!"
أحمد (بنبرة جدية):
"طيب، بابا، إيه خطتك لإعادة تنظيم الشركة؟ إزاي هتضمن إن المشاكل دي ما تتكررش؟"
فؤاد (بنبرة حاسمة):
"هنعيد ترتيب الإدارات. كل واحد فيكم هيتولى مسؤولية قسم، وأنا هراجع كل صغيرة وكبيرة. وهنعين مدير موارد بشرية جديد يقدر يفلتر الناس اللي شغالة هنا. ما فيش مجال لأي أخطاء تاني."
سامر (متردد):
"طيب، ومراد؟ هو مش المفروض يكون جزء من الخطة؟"
فؤاد (يصرخ):
"مراد يثبت نفسه الأول! دلوقتي مش وقته، خلي مراد يفكر في اللي عمله، وبعدين نتكلم. الشركة مش هتقف على حد، وأنا مش هاسمح إن اسمي يتوسخ بسبب شوية تصرفات غير مسؤولة."
أحمد (بهدوء):
"تمام، بابا. بس أرجوك، خليك عادل مع الكل. أحيانًا القرارات اللي بنأخذها في لحظة غضب بتكون عواقبها أكبر من المتوقع."
فؤاد (بحدة):
"أنا اللي عارف مصلحة الشركة، مش حد تاني. وأي حد مش عاجبه كلامي، الباب مفتوح!"
المشهد ينتهي بفؤاد وهو يفتح ملفًا على مكتبه، بينما أحمد وسامر يتبادلان نظرات قلقة. الجو يظل مشحونًا، والقلق يسيطر على المشهد
******************
أحمد وسامر ما زالا في المكان. فجأة تُفتح الباب بقوة، وتدخل سيليا، ملامحها غاضبة وعيناها تشتعلان بالنار. فؤاد يرفع رأسه نحوها باستغراب، بينما أحمد وسامر ينظران إليها بقلق
سيليا (بغضب):
"بابا! إيه اللي أنا سمعته؟! أنت فعلاً طردت جالا بالشكل ده قدام كل العمال؟"
فؤاد (بحدة):
"آه، طردتها! وما عنديش أي ندم. البنت دي مكانها مش في الشركة، واللي عملته ما يتسامحش."
سيليا (تتقدم نحوه):
"واللي عملته إيه؟! إيه التهمة اللي بتتهمها بيها؟ مجرد شائعات؟! شائعات من ناس حاقدة؟! ده اللي بقيت بتصدق فيه دلوقتي؟!"
فؤاد (ينظر إليها بغضب):
"سيليا، مش وقته الكلام ده. أنا مش هسمح لحد إنه يشوه سمعة الشركة، والموضوع ده مختلف. جالا مكانها مش هنا!"
سيليا (تصرخ):
"مختلف؟! مختلف إزاي يا بابا؟! مختلف عن إيه؟! مش ده بالظبط اللي حصل معايا من 7 سنين؟! لما صدقت كلام الناس وسمعت لشائعاتهم وشكيت في شرفي؟!"
(الصمت يسيطر على الغرفة. أحمد وسامر يلتفتان إلى فؤاد، الذي يبدو عليه الارتباك، لكن سيليا لا تتوقف.)
سيليا (بعينين دامعتين):
"فاكر يا بابا لما ضربتني قدام الكل؟ لما حرقت قلبي بكلامك واتهمتني إني وصمة عار للعيلة؟ لما هربت من البيت وأنت ما فكرتش حتى تسمعني؟! وفين انتهى بي الحال؟! جثة محروقة مرمية في الشارع! لو ما كانتش عمتي ليلى أنقذتني، كنت بقيت ميتة!"
فؤاد (يحاول التبرير):
"سيليا، أنا... أنا غلطت وقتها، وندمت. بس ده كان زمان، الوضع مختلف دلوقتي."
سيليا (تهز رأسها بقوة):
"مختلف إزاي؟! لأنك شايف إن مراد رجل وما يتأثرش زيي؟ أو لأنك شايف إن جالا أقل أهمية مني؟ نفس اللي عملته معايا بتعمله دلوقتي مع مراد وجالا. بتكرر نفس الغلطة! ليه يا بابا؟! ليه ما تتعلمش من اللي فات؟!"
فؤاد (يرفع صوته):
"سيليا، جالا بنت طموحاتها واضحة! هي مش زيك! أنا شفت كتير من النوع ده، اللي يستغلوا أي فرصة عشان يوصلوا."
سيليا (بغضب وحزن):
"ومين قالك إنها كده؟! مين أدالك الحق تحكم عليها بالشكل ده؟! أنت اللي علمتنا إننا نحكم على الناس بأفعالهم، مش بكلام غيرنا. وده اللي أنا بحذرك منه: يوم هتعرف الحقيقة، وهتعرف إنك ظلمتها زي ما ظلمتني، بس ساعتها يمكن يكون فات الأوان."
(فؤاد يتنهد بغضب، لكن كلامها يترك أثرًا واضحًا. أحمد ينظر إلى والده بحذر، وسامر يهز رأسه مؤيدًا سيليا.)
سامر (بهدوء):
"بابا، سيليا عندها حق. يمكن إحنا محتاجين نتحقق من الشائعات بدل ما نتسرع في الحكم."
فؤاد (بحزم):
"كفاية! قلت اللي عندي. القرار اتاخد، وجالا مش هترجع للشركة."
سيليا (تتراجع بخيبة أمل):
"خلاص يا بابا. بس تذكر كلامي كويس: الظلم دايمًا بيرجع على صاحبه، وأنا مش هقدر أشوفك ندمان تاني."
سيليا تخرج من المكتب غاضبة، وأحمد وسامر يتبادلان نظرات القلق. فؤاد يبقى جالسًا مكانه، يحاول أن يخفي التردد الذي بدأ يتسلل إلى قلبه
******************
منزل والد جالا، غرفة جالا. تجلس جالا على السرير، عيناها مليئتان بالدموع، بينما صوت الطرق على الباب يقطع أفكارها. ترفع رأسها ببطء، ووالدها ينادي من الخارج
والد جالا:
"جالا! افتحي الباب، حد هنا عايز يشوفك."
جالا (بصوت منخفض):
"مش عايزة أشوف حد يا بابا..."
والدها:
"افتحي يا بنتي، ده مراد."
(تتسع عينا جالا بصدمة، تتردد للحظة ثم تفتح الباب. والدها يقف بالخارج، وخلفه مراد. جالا تنظر إلى مراد بحدة، ودموعها تلمع في عينيها.)
جالا (بغضب):
"إيه اللي جايبك هنا؟ مش كفاية اللي حصل؟ أبوك أهانني قدام كل الناس وطردني كأني... كأني مجرمة!"
والد جالا (بتحذير):
"أنا كمان عايز أفهم يا مراد، إيه اللي جابك هنا؟ مش كفاية اللي عمله أبوك؟"
مراد (يأخذ نفسًا عميقًا، صوته هادئ لكنه يحمل تصميمًا):
"أنا جيت أطلب حاجة واحدة، وأنا مش هتحرك من هنا غير لما أسمع ردكم."
جالا (بدهشة):
"تطلب إيه؟! تطلب مني أرجع أشتغل في الشركة؟ خلاص، مش عايزة شغلكم ولا فلوسكم!"
مراد (يهز رأسه):
"مش شغلي اللي جاي أطلبه، جاي أطلبك إنتِ... جاي أطلب إيدك."
(الصمت يسيطر على الغرفة. جالا تنظر إليه بصدمة، ووالدها يعقد حاجبيه، غير مصدق لما سمعه.)
والد جالا:
"إيه اللي بتقوله ده يا مراد؟! أنت جاي تهزر ولا إيه؟"
مراد (ينظر إليه مباشرة، بصدق):
"مش بهزر يا عمي. أنا بحب جالا، ومن يوم ما شفتها وأنا عارف إنها مختلفة. أنا جيت هنا النهارده عشان أطلب إيدها وأوعدكم قدام ربنا إني هحافظ عليها وأصونها."
جالا (بصوت مهتز):
"مراد... بعد كل اللي حصل؟ بعد كل الإهانة دي؟"
مراد (يقترب منها):
"عارف إن اللي حصل صعب، وعارف إن أبويا غلط في حقك. بس اللي بيننا إحنا الاتنين ملوش علاقة بكلام الناس أو بشائعاتهم. أنا جيت هنا النهارده عشان أبدأ صفحة جديدة معاكي، وأثبتلك إني أستاهلك."
والد جالا (بتردد):
"بس يا مراد... أنت من عيلة كبيرة وغنية، والبنت دي بسيطة، حياتها كلها كانت شقا وتعب. أنت مستعد تتحمل ده؟"
مراد (بحزم):
"أنا مش شايف فرق بيني وبينها. جالا إنسانة عظيمة، ودي النوعية اللي تستاهل تتبني حياة كاملة عليها. لو هترفضوا عشان اللي حصل، أنا مش هزعل، لكن لو هترفضوا عشان كلام الناس، يبقى ظلمتوها وظلمتوني."
(والد جالا ينظر إلى ابنته، التي تبدو مترددة. عيناها تلمعان بدموع مختلطة بين الألم والأمل.)
جالا (بصوت منخفض):
"مراد... أنا مش عارفة إذا كنت أقدر أثق تاني. الإهانة كانت كبيرة."
مراد (بإصرار):
"وأنا مستعد أقضي حياتي كلها أعوضك عن أي كلمة سمعتها. المهم إنك تعرفي إن اللي بيننا حقيقي، وأنا مش هسمح لحد يكسره."
(والد جالا ينظر إلى مراد مطولًا، ثم يتنهد بخفة.)
والد جالا:
"بصراحة... شايف في كلامك صدق، وفي عيونك نية طيبة. لو جالا موافقة، أنا ما عنديش مانع."
(مراد ينظر إلى جالا بحماس، التي تخفض رأسها للحظة قبل أن ترفع عينيها إليه.)
جالا (بخجل):
"أنا... موافقة."
(مراد يبتسم بسعادة، ويقترب منها بخطوات ثابتة.)
مراد:
"وعد مني، مش هخذلك أبدًا."
والد جالا يضع يده على كتف ابنته بحنان، بينما جالا تنظر إلى مراد بعينين ممتلئتين بالأمل
******************
في المساء ، في فيلا عائلة فؤاد. الجميع متواجد في الصالة الكبيرة، الجو متوتر بسبب الشائعات التي طالت مراد وجالا. فؤاد يجلس على كرسيه الكبير، ووجهه عابس، بينما باقي أفراد العائلة يبدون قلقين. فجأة يُفتح الباب الرئيسي ويدخل مراد ممسكًا بيد جالا. الجميع ينظر إليهما بصدمة.
فؤاد (ينهض بغضب):
"إيه اللي أنت عامله ده يا مراد؟ إزاي تدخل الفيلا دي ومعاك البنت دي بعد اللي حصل؟!"
مراد (بنبرة هادئة لكنها حازمة):
"أدخل يا بابا لأني جيت أقدم جالا ليكم رسمي... مراتي."
الصدمة تعم المكان، نجلاء تضع يدها على فمها، بينما الإخوة يتبادلون النظرات غير مصدقين. جالا تخفض رأسها بحرج وخوف
فؤاد (بغضب شديد):
"مراتك؟! أنت تجننت يا مراد؟! تتجوز سكرتيرتك اللي طردتها قدام الكل؟ بعد كل اللي اتقال عنها؟!"
مراد (يتقدم خطوة للأمام، ممسكًا بيد جالا بقوة):
"كل اللي اتقال عنها كان كذب وافتراء، وأنا مش هسمح لأي حد، مهما كان، يهين مراتي أو يشكك فيها."
نجلاء (تحاول تهدئة الوضع):
"فؤاد، اهدى شويه، خلينا نسمع مراد."
فؤاد (يصرخ):
"مفيش حاجة نسمعها! الولد دا قرر يتصرف براسه ويتحدى عيلته كلها عشان بنت ماضيها مش نظيف!"
جالا (تتحدث لأول مرة، بصوت مليء بالحزن):
"حضرتك ظلمتني كفاية، وأنا مش هحاول أدافع عن نفسي تاني. اللي يصدقني أهلاً وسهلاً، واللي مش عايز يصدقني هو حر."
سيليا (تتقدم بحزم):
"بابا، كلامك ده مش مقبول. أنت غلطت في حقي زمان، ودفعت تمن شكك فيا، ودلوقتي بتعيد نفس الغلط مع جالا. هي إنسانة محترمة ومراد بيحبها، وده كفاية."
أحمد (بصوت جاد):
"بابا، مراد مش طفل عشان تقرر عنه. واضح إنه مقتنع باختياره."
فؤاد (بتحدٍ):
"ومين قال إني هقبل باللي حصل ده؟! الفيلا دي مش هتكون بيت للبنت دي!"
مراد (بصوت مرتفع لأول مرة):
"لو الفيلا دي مش هتقبل مراتي، يبقى أنا كمان مش هكون فيها! أنا عملت اللي شايفه صح، وجالا من النهارده جزء من حياتي."
نجلاء (تقاطع، بنبرة دافئة):
"فؤاد، كفاية. احنا عيلة، والمفروض نقف جنب بعض. مراد اتجوز البنت دي عن حب، وهي واضحة إنها محترمة. خلينا نديهم فرصة بدل ما نخسر ابننا تاني."
(الصمت يسيطر للحظات. فؤاد ينظر إلى مراد بحنق، ثم يشيح بوجهه بغضب، بينما جالا تبدو متوترة.)
نجلاء:
"أهلاً بيكي يا بنتي. البيت ده هيكون بيتك، وأنا هنا جنبك دايمًا."
مراد يبتسم لجالا، التي تبتسم بخجل
****************
الصالة الرئيسية في قصر العائلة. الجميع في حالة صدمة من تصرفات فؤاد. مراد يقف بجانب جالا، يمسك بيدها بحزم، بينما فؤاد يتحدث بغضب واضح. سيليا تقف إلى جانب مراد، ونجلاء تبدو مذعورة. باقي الإخوة يتبادلون النظرات في حيرة وقلق.
فؤاد (بنبرة حازمة وغاضبة):
"اسمعني كويس يا مراد... طالما اخترت تتحدى عيلتك وتتجوز البنت دي، يبقى ما فيش مكان ليك هنا! خدها واطلع برة القصر، ومن النهارده أنا مليش ابن اسمه مراد!"
الصدمة تعلو وجوه الجميع. جالا تخفض رأسها بحزن، ومراد ينظر إلى والده بعيون مليئة بالألم
مراد (بصوت قوي لكن مشحون بالحزن):
"لو ده قرارك يا بابا، فأنا مش هغير رأيي. أنا اخترت جالا، وهفضل أختارها حتى لو معناه إني أفقد عيلتي."
نجلاء (تقترب من فؤاد بقلق):
"فؤاد! إيه اللي بتقوله ده؟ ده ابنك، مش ممكن تتبرأ منه عشان قرار زي ده!"
فؤاد (ينظر إلى نجلاء بغضب):
"ما تدخليش يا نجلاء! ده قراري وأنا اللي هحافظ على اسم العيلة. اللي يعمل حاجة زي دي يستاهل يتعاقب."
سيليا (تتقدم فجأة، والغضب واضح على وجهها):
"كفاية يا بابا! كفاية ظلم! مش كفاية اللي عملته فيا زمان؟ مش كفاية إنك خسرتني لسنين؟ دلوقتي عايز تخسر مراد كمان؟!"
فؤاد (يلتفت إلى سيليا):
"سيليا، مالكش دعوة بالموضوع ده. أنا باتصرف لمصلحة العيلة!"
سيليا (تصرخ):
"لمصلحة العيلة؟! ده نفس الكلام اللي قلته زمان لما ظلمتني وطردتني، والنتيجة كانت إيه؟ ندمت ودفعت التمن غالي! ودلوقتي بتكرر نفس الغلط مع مراد!"
فؤاد (يحاول التماسك):
"الموضوع مختلف يا سيليا!"
سيليا (تقاطع بغضب):
"مش مختلف! هو نفس الظلم، نفس القسوة، ونفس العناد اللي ممكن يضيع كل حاجة! اسمعني كويس يا بابا، لو مراد وجالا خرجوا من القصر ده، أنا كمان همشي، وهاخد معايا أولادي، وزي ما خسرتني قبل كده هتخسرني للأبد!"
الجميع ينظر إلى سيليا بدهشة وصدمة. نجلاء تحاول تهدئة الوضع، بينما فؤاد يبدو متردداً لأول مرة
نجلاء (بحزن):
"فؤاد، مش كفاية اللي حصل فينا؟ هتكرر نفس الغلط وتكسر عيلتنا أكتر؟"
فؤاد (يتنهد بغضب):
"أنا... أنا مش عارف... كل اللي عايزه إن اسمي ما يتلوثش."
سيليا (تقرب منه وتنظر في عينيه):
"اسمك مش هيتلوث لو سامحت مراد وجالا. اسمك هيتلوث لما تبقى أب ظالم قاسي بيخسر أولاده واحد ورا التاني. القرار في إيدك يا بابا."
الصمت يسيطر على المكان، فؤاد ينظر إلى سيليا، ثم إلى مراد وجالا. يبدو عليه التردد والحيرة، لكنه لا ينطق بشيء. مراد يقترب من سيليا ويضع يده على كتفها
مراد (بصوت هادئ):
"سيليا، شكراً إنك وقفتِ جنبي، بس لو بابا مش عايزني هنا، أنا مش هفضل في مكان مش مرحب بيّ فيه. جالا أنا وهي هنبدأ حياتنا بعيد عن كل ده."
مراد يمسك يد جالا ويبدأ بالخروج. سيليا تتبعهما بنظرات مليئة بالحزن والتحدي. المشهد يُغلق على وجه فؤاد، الذي يبدو غارقاً في أفكاره ومشاعره المتضاربة
*******************
الجميع ما زالوا في الصالة، والتوتر يملأ الأجواء. مراد يمسك بيد جالا ويستعد للخروج، بينما سيليا تقف في وجه فؤاد، والغضب واضح على وجهها
فؤاد (ينظر إلى مراد بغضب):
"لو خرجت من هنا يا مراد، ماترجعش تاني! واللي عايز يمشي معاك يمشي، مش هغير رأيي!"
سيليا (تتقدم نحو فؤاد بخطوات ثابتة):
"خلاص يا بابا، أنا كمان همشي. هآخد أولادي وأبعد عن القصر ده زي ما بعدت قبله، بس المرة دي مش هرجع! مش هسامحك أبداً على اللي بتعمله دلوقتي."
نجلاء (مذعورة):
"سيليا! لا تقولي كده، فين هتروحي؟ وإنتِ وأولادك هتعملي إيه؟"
سيليا (بنبرة قوية):
"زي ما عشت بعيد عنكم 6 سنين، هعيش بعيد عنكم تاني. أنا وأولادي مش محتاجين حياة مليانة ظلم وقسوة. كفاية اللي شفته زمان!"
ريان (يتدخل فجأة):
"وأنا مع سيليا."
فؤاد (ينظر إلى ريان بصدمة):
"ريان؟ إنت كمان؟"
ريان (بهدوء، لكنه حازم):
"إيوة، مع سيليا. بابا، مش كل حاجة تنحل بالقسوة والعناد. مراد ما عملش حاجة غلط، وجالا بنت محترمة. لكن إنت بتقرر تعيد نفس الأخطاء اللي كادت تدمر عيلتنا قبل كده."
فؤاد (يحاول الدفاع عن موقفه):
"ريان، أنا بحافظ على اسم العيلة! مش عايز شائعات تضرنا!"
ريان (يرد بثقة):
"اسم العيلة مش هيتضر من مراد، لكن هيتضر أكتر لما الناس تشوف إننا عيلة قاسية، مش بنسامح، ومش بنعرف ندعم بعض. صدقني يا بابا، اللي بتعمله غلط."
سيليا (تقاطعه):
"ريان عنده حق. إحنا تعبنا من الظلم ده، ومن تكرار نفس الأخطاء. أنا مش هستنى لحد ما أولادي يدفعوا تمن قسوتك زي ما أنا دفعت."
نجلاء (تبدأ بالبكاء):
"فؤاد، شوف إنت بتعمل إيه! عيلتك بتتفكك قدام عينيك. هتفضل مكمل في الطريق ده؟"
فؤاد (ينظر حوله، مرتبكاً، لكنه يحاول التماسك):
"أنا... أنا مش غلطان. كل ده عشان مصلحة العيلة."
سيليا (بصوت مليء بالتحدي):
"لو دي مصلحة العيلة، يبقى أنا مش جزء منها. خد قراراتك لوحدك يا بابا، لكن من النهارده أنا وأولادي مش هنكون هنا. ريان، لو قررت تيجي معايا، أهلاً بيك."
ريان (ينظر إلى فؤاد):
"لو سيليا ماشية، أنا كمان همشي. إحنا مش هنفضل في بيت مليان ظلم وقسوة."
مراد ينظر إلى سيليا وريان بتقدير، بينما جالا تبكي بصمت. نجلاء تحاول تهدئة الموقف، لكن فؤاد يبقى واقفاً في مكانه، صامتاً، وعيناه مليئتان بالحيرة والتردد. سيليا تأخذ أولادها وتتجه نحو الباب، وريان يمسك حقيبته وينضم إليها. المشهد يُغلق على وجه فؤاد، الذي يبدو غارقاً في أفكاره وندمه الخفي
******************
بعد فترة قصيرة ، كانت سيليا حاملة شنطتها، وأولادها جمبها. ريان واقف جنبها مستعد للرحيل. المكان كله مليان توتر. فجأة، زياد، ابن سيليا اللي عنده أربع سنين، بدأ يمشي بخطوات صغيرة، ووقف قدام جده فؤاد، بيبص له بعينيه بريئة ومعاها غضب طفولي
زياد (بغضب طفولي):
"إنت جد وحش! أنا مش بحبك!"
فؤاد (مصدوم، بيبص لزياد):
"زياد! إنت بتقول إيه؟ ليه بتقول كده لجدو؟"
زياد (حاطت إيده على خصره وبيصرخ):
"إنت دايمًا بتزعّل ماما! وماما زعلانة عشانك! إنت مش بتحبنا!"
سيليا (بتحاول تهدي زياد):
"زياد، يا حبيبي، خلاص، ما تقولش كده."
زياد (بيصرخ بعناد وبيشير لفؤاد):
"لا! هو وحش! أنا مش عايز أعيش هنا! عايز نروح بعيد عنك!"
فؤاد (بيتراجع خطوة لورا، وكلامه بيتلعثم):
"زياد... أنا... أنا مش قصدي أزعلك أو أزعّل ماما..."
زياد (بيكمل بحماس طفولي وغضب):
"إنت دايمًا بتزعق للكل! وبتزعّل خالو مراد وخالو ريان! حتى طنط جالا اللي بحبها زي ماما كمان زعلانة منك!"
نجلاء (بتتدخل بصوت متوسل):
"فؤاد، بص ل حفيدك. هو طفل صغير بس حاسس بكل اللي بيحصل حوالينا. إنت كده بتأذي العيلة."
زياد (بيقترب أكتر من جده، وبنبرة حزينة أكتر):
"إنت مش بتحبنا... لو كنت بتحبنا، ما كنتش زعلت ماما."
صمت بيخيم على المكان، فؤاد حاسس بوجع في قلبه من كلام زياد. سيليا ماسكة يد زياد وبتحاول توديه بعيد، لكن زياد بيلتف تاني ويشاور على جده
زياد (بصوت واهن):
"أنا مش عايز أشوفك تاني..."
فؤاد بيبص لزياد بعينين مليانة ندم، لكنه مش قادر يقول حاجة. سيليا وريان بيخرجوا من الفيلا مع الأولاد، ومراد وجالا وراهم. الكاميرا بتقفل على وجه فؤاد اللي شكله مكسور وصامت، وصوت زياد الصغير لسه بيرن في ودنه
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
باقي 3 فصول و تكمل روايتنا ، أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات. رمضان كريم🕋✨
•تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية