Ads by Google X

رواية قيود العشق (2) الفصل السادس 6 - بقلم سيليا البحيري

الصفحة الرئيسية

 رواية قيود العشق (2) الفصل السادس 6 - بقلم سيليا البحيري 

فصل 6
بعد عدة أيام ، لم تتغير الأمور كثيرا ، جاد لازال مقيم في مصر و استمر بتجاهل سيليا و الأولاد ، زين يفكر في تلك الفتاة التي خطفت عقله و قلبه ، رائد لم يفاتح والدته بأمر خطوبته من كارما ، تميم يرهق نفسه بالعمل ، عائلة البحيري كل واحد مشغول بأعماله و لكن سيليا لم تخرج من بالهم أبدا 
******************
في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ، تجلس تلك الشابة التي يبدو عليها الحقد و الكره 
سمر(بشر): لازم اخطط كويس عشان ارجع لأحمد ، مش هفضل طول عمري في الفقر 
شاهي (بمكر): وأنتي فاكرة أنه هياخدك بالحضن بعد اللي عملتيه 
سمر(بخبث): عيلة و غلطت يا شاهي ، مش مستاهلة كل ده ، أحمد عبيط و أنا هضحك عليه بكلمتين حلوين ، متشغليش بالك أنتي 
شاهي (وهي تضحك بمياعة):  ودي أشوفك بتضحكي عليه فعلاً، سمر. بس لازم تكوني ذكية، ما تجيبيش على نفسك شبهة العاطفة. أحمد مش غبي، هو صح  طيب، وأنا بحب لما حد يوقعه في فخه. لو لعبتي صح، هتلاقيه في حضنك بسرعة، لكن خلي بالك من الخطوات الجاية... الدنيا كلها في يدك لو عرفتي تتلاعبين صح.
سمر ( بشر): ومش  سمر اللي بتخاف ، أنا عارفة ازاي هخليه زي الخاتم في صوباعي ، و وقتها هتصير كل أملاك البحيري ليا أنا و بس 
لتكمل سمر و شاهي ضحكاتهما الخبيثة غافلتين عن الذي كان يستمع لكل شيء 
*********************
في فيلا ليلى الألفي ، كانت سيليا تحاول الاتصال بجاد للمرة المليون ،  لكنه كنسل عليها في المرة الأخيرة ، مما اثار غضب سيليا 
سيليا ( بجنون): أنا هوريك يا جاد ، هوريك مين هي سيليا البحيري ، سامع يا جاااااااد 

ارتعب الأولاد من صراخ والدتهم ، في حين جاءت ليلى مسرعة نحوها بعد أن سمعت صراخها 
ليلى ( بخوف): حصل ايه يا بنتي ، انطقي ، في ايه يا سيليا 
سيليا ( بتصميم): أنا هخلع جاد يا عمتو ، و هسيب الأولاد ، من حقي أني اعيش حياتي ، أنا لسه صغيرة و مش هدفن نفسي بالحيا 
ليلى ( بشهقة): استهدي بالله يا بنتي ، المشاكل متتحلش كده ، عندك ثريا هانم و كريم بيه واقفين بصفك 
سيليا ( بسخرية): اها ، اظهري على حقيقتك يا عمتو ، عايزة بعتيني لجاد عشان الفلوس مش كده 
ليلى (بغضب مخفي وراء الهدوء): سيليا، مش معقول كلامك ده! أنا مش عايزة أبيعك  لحد عشان فلوس، بس عايزة مصلحتك، وده مش معناه إني ضدك. جاد مش كل حاجة، والأولاد مش مجرد أداة للانتقام. لو كنتِ بتفكري كويس، كنتِ فهمتي إن الحياة مش بتقف عنده، ولا عند فلوسه. الفوضى دي هتأذيك أكتر من أي حاجة تانية
سيليا ( بعناد):  وأنا مش هوقف حياتي عند جاد ده ، هخلعه و  اسيب  الاولاد و ارجع للجزائر ، أنا تعبت حقيقي 
كادت سيليا أن تذهب ، لكن استوقفتها ليلى قائلة بخبث 
ليلى: استني عندك يا سيليا 
سيليا ( بغضب): في ايه تاني ؟
ليلى ( بخبث): فكري كويس ، انتي دلوقتي لو سبتي ولادك لجاد ، و اتطلقتي منه ، هياخد ولاده و يسافر لدبي ، و يتجوز واحدة حرباية ، تاخد ولادك و تكرههم فيكي ، و انتي اولدي و اتعبي و ادفني نفسك بالحيا عشان خاطر اللورد جاد  و السنيورة تاخد كل حاجة عالجاهز كده 
ثم اكملت قائلة بجدية 
ليلى ( بحب صادق) : سيليا ، انتي بنتي اللي مخلفتهاش ، اللي انقذتها من الموت فآخر لحظة ، صدقيني لو كنت أعرف حقيقة جاد مكنتش وافقت على الجوازة دي من الأساس حتى لو كلفني ده خسارة صديقتي الوحيدة ثريا ، بس لسه عندنا وقت عشان نصلح اللي فات ، خدي ولادك فحضنك و اتطلقي من جاد و عيشي حياتك ، أنتي لسه مكملتيش 22 سنة يا بنتي ، و لسه عمر طويل قدامك عشان تعيشيه ، اسمعي الكلام يا سيليا ، و أنا و رائد مش هنسيبك أبدا 
سيليا (بتأثر واضح): عمتو... أنا حقيقي تعبت، ومش قادرة أستحمل أكتر من كده. جاد دمرني، خلاني أحس إني مجرد لعبة، ودايماً محسسني إني مش مهمة. بس كلامك صح... مش هقدر أسيب ولادي، مش هقدر أسيبهم لواحدة تانية تربّيهم وتكرههم فيّ.

(تتوقف للحظة وتتنفس بعمق)

سيليا (بصوت مليء بالعزم): بس أنا مش هفضل مستسلمة. هسمع كلامك يا عمتو، هاخد ولادي وأبدأ من جديد. أنا مش ضعيفة، ولازم أفكر في مستقبلي ومستقبلهم. شكراً إنك دايماً جنبي... ما كنتش هعرف أعمل ده لوحدي
ليلى (بحنان): يا حبيبتي، أنا معاك دايماً، مش هسيبك أبداً. إنتي أقوى بكتير مما بتتصوري، وده أول خطوة إنك ترجعي لنفسك وتعيشي حياتك زي ما تستحقي. ولادك محتاجينك، وأنا ورائد جنبك في كل خطوة.

(تضع يدها على كتف سيليا)

ليلى (بابتسامة دافئة): إحنا عيلة، والعيلة مش بتتخلى عن بعضها. هتعدي الأزمة دي، وهتبدأي صفحة جديدة، وصدقيني الأيام الجاية هتكون أحسن بكتير.

في غرفة الأطفال، جلس زياد ومازن معًا على السرير، يحدقان في بعضهما البعض بحيرة. كانت لينا نائمة بجانبهما، بينما كان الصمت يعم المكان، إلا من صوت أنفاسهما.

زياد (وهو ينظر إلى مازن بحزن): ليه بابا مش بيحبنا زي ما رائد بيحبنا؟

مازن (بصوت خافت): ما بعرفش يا زياد... رائد دايمًا بيضحك معانا، بيلعب معانا، بس بابا مش كده. هو مش دايمًا بيكون هنا.

زياد (بتساؤل): يعني هو مش بيحبنا زي رائد؟

مازن (بحزن): بابا مبيجيش إلا لما يبقى عنده وقت، بس رائد كان دايمًا موجود، بيلعب معانا، بيحكي لنا قصص... بابا مبيعملش كده.

زياد (بصوت منخفض): ليه بابا كده؟ هو مش مهتم بينا؟ ليه مبيشوفناش زي رائد؟

مازن (بصوت ضعيف): مفيش حد زي رائد يا زياد. رائد دايمًا معانا، بيحسسنا أننا ولاده، لكن بابا مش بيحس بينا زي كده.

زياد (بصرامة): إحنا مش غلطنا في حاجة، صح؟ رائد مش بابا، بس هو دايمًا معانا.

مازن (بحزن): عارف... بس أنا مش فاهم ليه بابا مش بيقعد معانا زي رائد. رائد يعاملنا كأننا أولاده، لكن بابا مش بيبقى معانا كده.

زياد (بتصميم): مش هنسكت. أنا هحاول مع بابا، عشان هو لازم يحس بينا زي ما رائد بيحس بينا.

مازن (بابتسامة خافتة): وأنا معاك يا زياد. يمكن لو حاولنا مع بعض، بابا يغير رأيه.

كانت الكلمات بين زياد ومازن مليئة بحزنهما وبراءتهما، وتوضح الفرق بين المعاملة الدافئة التي كانا يحصلان عليها من رائد، وبين تجاهل والدهما جاد.

في هذه اللحظات كان رائد يستمع لكلام الأطفال و شعر بالحزن على حالتهم 
رائد (في نفسه، وهو يراقب الأطفال بصمت): "هم دول مش أولادك، جاد... هما مش أولادك. إزاي تقدر تتجاهلهم كده؟ إزاي تقدر تتركهم في حالة من الحيرة والضياع؟"

(رائد يتنهد بمرارة)

رائد (بتوعد وغل في قلبه): "أنا مش هسمح لك تضرهم تاني يا جاد. مهما حاولت، مهما عملت، أنا مش هسيبك تبقى بعيد عنهم... الأطفال دول، زي أولادي تمامًا، وأنا مش هخلي حد يفرّق بينهم وبين الحق اللي هما عايشين فيه. أنت مش هتعرف تحس بيهم إلا لما تفقدهم، ومش هتقدر تقرب منهم تاني."

(رائد يغلق قبضته في غضب)

رائد (بصوت خافت): "أنت مش هتقدر تسيطر عليهم زي ما كنت فكر. ليك يوم، يا جاد، يوم هتشوف فيه من معاملة الناس ليك قد إيه كانت فارغة. يوم هتندم على كل لحظة تجاهلت فيها العائلة دي، وخصوصًا أولادك. هخليك تدفع الثمن."

(يتوقف ليتنهد ثم يواصل)

رائد (بتصميم): "مش هتخليهم يعيشوا في ظل شخص مش قادر يكون أب حقيقي. أنا هخليهم يعرفوا مين اللي كان موجود ليهم وقت ما كنت إنت غايب. لو كان فيه حد يستحق التقدير والاحترام، فهو الناس دول. وأنا مش هسمح لأي حد يحطمهم. هتبقى أسوأ لحظة في حياتك لما تعرف إنك فقدت كل حاجة لأنك مش قادر تكون الأب اللي المفروض تكونه."

(يبتسم رائد ابتسامة مريرة وهو ينظر نحو الأطفال، وعيناه مليئة بالعزم على الانتقام من جاد)
************************

كانت الساعة قربت على منتصف الليل، والفيلا هادية جدًا ما عدا صوت خطوات زين وهو داخل من الباب الكبير. النور الضعيف في الصالة كان بيخلي الظلال تظهر على الحيطان البيضا. كانت هناء، والدته، قعدة على الكنبة، عينيها شاردة في الفراغ، مستنياه زي كل مرة. لما شافها، وقف في المدخل لحظة صمت طويلة قبل ما يتكلم.

زين (بغضب مكبوت):
"إنتِ هنا؟ مستنياه في الوقت ده؟ عايزة مني إيه؟"

هناء (مظهرة هدوء مش طبيعي):
"كنت مستنيك ترجع... اتأخرت كتير. كنت عايزة أتكلم معاك."

زين (بصوت منخفض وحاد، وهو بيقرب منها):
"بتتكلمي؟ بعد كل السنين دي؟ هتقوليلي إيه؟ في مبرر للي عملتيه؟ بتفتكري الكلام ده هيرجع حاجة؟"

هناء (تنهدت، بتحاول تتحكم في مشاعرها):
"زين، أنا عارفة اللي حصل، وعارفة إن اللي عملته كان غلط. لكن كنت لسه صغير وقتها... كان عندك عشر سنين، ومش عايزة تفضل الذكرة دي بتمشي وراك."

زين (يقرب منها أكتر، وعينيه متوهجة من الغضب):
"ما تستخفّيش بيا. عشت كل يوم في حياتي وأنا شايف صورتك في دماغي، فاكر كيف خنتِ أبويا قدامي. وإنتِ بتقولي لي كنت صغير؟ كنت عايز أبويا في اللحظة دي، وأنتِ قتلتيه. أيوة، قتلتيه! مات بسببك."

هناء (بصت له، حاولت تبين بعض الندم، لكن عينيها مليانة ضعف):
"أنا... أنا غلطت. مش بطلب منك تسامحني، لكن عايزة تعرف إنني ندمانة على كل حاجة."

زين (بصوت متقطع، مليان وجع وحقد):
"ندمتِ؟ والندم ده هيرجع أبويا؟ هيرجع السنين اللي راحت من حياتي؟ هيرجع لي كرامتي اللي أهنتيها؟"

هناء (قربت منه شوية، وعينيها مليانة دموع):
"أرجوك يا زين، أنا أمك. مش قادرة أعيش في الصمت ده أكتر. عارفة إنك بتكرهني، لكن مش قادرة أعيش وأنا حاسة إنك بترفضني."

زين (ابتعد عنها بشكل مفاجئ، وكأن كلامها ما وصلش لقلبه):
"إنتِ مش أمي! أمي كانت حاجة تانية، كانت واحدة بتحبنا وتحترمنا. إنتِ مجرد واحدة مش تستاهل تتسمى أم. لو كنتي فاكرة إن كل حاجة هترجع زي ما كانت، إنتِ غلطانة. اللي بينا خلص من زمان."

وقف شوية، خد نفس عميق، وبعدين قال وهو ملتفت ناحية الباب:
"مش عايز أشوفك تاني. مفيش مكان ليكِ في حياتي. هاجي هنا بس عشان أطمن على البيت... ده كل حاجة."

قفل الباب وراءه ببطء، وتركها في الصالة، لوحدها، مع ذكرياتها المظلمة اللي مش هتقدر تتخلص منها أبداً

 •تابع الفصل التالي "رواية قيود العشق (2)" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent