رواية بين طيات الماضي الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم منة الله مجدي
لايك قبل القراءة وكومنت بعدها ❤
الفصل الحادي والعشرون
في صباح اليوم التالي
فتحت مليكة عيناها بوهن تشعر بجفاف قاتل في حلقها وظمأ يكاد يخنقها
جابت ببصرها في ربوع الغرفة حتي رأته....سليم
كان نائماً في هدوء علي أحد المقاعد بجوارها
يستند بنصفه العلوي علي الفراش
خفق قلبها بعنف إثر رؤيته بتلك الهيئة..... يرقد مسالماً كطفل صغير..........تمنت من كل قلبها لو أن بقاؤه هنا يكون بدافع الحب وليس شفقة أو حتي واجب أو أي شئ اخر...... حب.......وَله وقلق
فقط هكذا
ولكن تلك ليست شيمه أو يمكننا القول أنها ليست شيمه معها هي علي الأخص......تألم قلبها بشدة لتلك الخاطرة التي مرت ببالها ولكنها نفضت رأسها في هدوء وهي تمد يدها لتلتقط كوب الماء الموضوع بجوارها بعدما قررت نسيان كل شئ و الإستمتاع باللحظة
فتح سليم عيناه بذعر حينما سمع صوت تأوهها الذي خرج من شفتاها بألم حينما ضغطت بيدها علي موضع الجرح دون أن تقصد متخللاً قلبه لينتفض من مكانه.........وقف يحاول أن يلملم شتات نفسه مستوعباً ما يحدث حوله
إنفرجت شفتاه بصوت رخيم إثر نومه
سليم: إنتِ كويسة يا مليكة
أومأت برأسها في آلم متمتمة في أسف
مليكة: أسفة علشان صحيتك......أنا بس كنت عاوزة أشرب
إنتفض قلبه قبل جسده لنبرتها وما هي إلا لحظات حتي إمتدت يده للكوب بجواره ووضع الماصة عند شفتاها ولا تزال يده تمسك بالكوب
إقتربت هي ببطء وأخذت ترتشف الماء بروية تروي به ظمأها بينما وقف هو يطالعها بآلم فبالتأكيد أنه هو السبب في ما جري لها الآن
لم يتركها تشرب الكثير طبقاً لتعليمات الطبيب
فأبعد الكوب واضعاً إياه علي الطاولة بجوارها
وإتجه جالساً علي المقعد المقابل لفراشها
رمقها بهدوء ثم أردف سائلاً
سليم: فاكرة أي حاجة
طالعته بعدم فهم..... فلاحظت أصابعه القابضة علي يد المقعد حتي إبيضت مفاصله
سليم: الحيوان دا مقالش أي حاجة
تمتم مليكة بخفوت
مليكة: سألني إن كنت مراتك ولا لا..... وأنا قولت أه....... بعد كدة..... بعد كدة محستش غير بوجع وعرفت إنه ضربني بالسكينه
سمعته يتمتم بغضب ببعض الشتائم بالإسبانيه بينما تشتد قبضتاه أكثر وأكثر علي يد المقعد حتي شعرت بأنه كاد أن يكسرهما
وماهي عدة دقائق حتي هب واقفاً كمن لدغه عقرب وإقترب منها فإنمكشت هي علي نفسها في الفراش بينما إرتفع رجيفها خوفاً من هيئته
ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح حينما إنفرجت شفتاه عن نبرة رخيمة تمتم بها في كبرياء سلبها أنفاسها
سليم : أنا أسف... أسف جداً يا مليكة لأني مقدرتش أحميكي بس أوعدك إني هجيبلك حقك
همت بالتحدث فاوقفها بإشارة من يده
سليم: أنا عارف إن أي كلام دلوقتي ملوش لزوم بس لازم تعرفي إني مش هسيب الحيوان الي عمل كدة أبداً
ثم تركها......تركها وذهب وكأنه لم يكن من الأساس
تركها ورحل في هدوء....... لم يعطها حتي الفرصة لإخباره بمدي حماقته.... كيف لم يستطع حمايتها وهو فارسها الوحيد وبطلها الشجاع.....أنها تفتخر بكونها إمرأته.......ولتكن أكثر دقة بأنها زوجته
دلفت بعده نورسين وظلت جوارها بضع الوقت
تسألها عما حدث وتحكي لها كيف كان سليم قلقاً ومذعوراً في اليومين السابقين
إبتسمت بداخلها .......نعم إبتسمت وبقوة
كيف لا وهي تسمع الآن ما يطرب الأنثي بداخلها ولولا هذا الجرح اللعين الذي يعيق حركتها وبشدة لكانت رقصت فرحاً
هي فقط تتذكر بعضاً من صراخه يومها وبضع كلمات حثيثة سمعتها أثناء غيبوبتها في السيارة في طريقهم لهنا
***************************
في الخارج
جلسا ياسر وسليم في الكافيتيريا الموجودة بالمستشفي
فأخبره ياسر عما تنوي جدته في إيجاز
هتف سليم بدهشة
سليم: يعني إنت عاوز تقولي إن الغرباوية هيوافقوا أردف ياسر بقلق
ياسر: أني مش خايف غير من عيلة عمك سليمان
دول اللي واخدين الوضوع علي صدرهم أوي
أردف سليم ساخراً
سليم: بيحبوا الخير زي عنيهم
إستطرد ياسر بجدية
ياسر: ستك كانت عاوزاك تبقي موجود
رفع سليم كتفيه بقلة حيلة وهو يجوب ببصره في ربوع المكان ثم إستطرد بأسي
سليم: والله كان نفسي بس أديك شايف
أومأ ياسر برأسه بتفهم
ياسر: ربنا يشفيها ويكون في عونك
أنا لازم أسافر البلد علي بالليل بالكتير علشان نشوف هنعمل إيه بالظبط مع بقيت الغرباوية
آبتسم سليم
سليم: إن شاء الله خير متقلقش...... إنتو بس خليكوا حازمين من الأول علشان ميسوقوش فيها
وخصوصاً إن دا الحق ولو حصل أي حاجة كلمني وانا هكون عندك فوراً
أومأ ياسر برأسه في هدوء
ياسر: ربك يسترها
***************************
ما هي إلا بضع أيام حتي خرجت مليكة من المستشفي مع تعليمات الطبيب لها بالراحة التامة والإقلال من الحركة قدر المستطاع
عادت الي المنزل وسليم بجوارها فرأت مراد يركض ناحيتهما بسعادة بالغة فهو قد إشتاق لوالديه اللذان سافرا لأمر ضروري لهذا لم يستطيعا أخذه كما أخبره سليم
همت بحمله ولكن سليم أخذه منها بسبب جرحها يداعبه ويؤرجحه ويستمع الي حكاياته المثيرة مع أميرة المربية
*************************
في الصعيد
هاتف مهران جميع رجال الغرباوية بالحضور للدوار الكبير بعد بضع ساعات
وبالفعل ما هي إلا ساعات قليلة حتي دلف رجال الغرباوية الواحد تلو الآخر للدوار وبالخارج يقف أهالي الكفر تعلوهم الدهشة ويحملهم القلق ويضعهم في توجس
تري ما سبب هذا الإجتماع.....أ هو خير أم أنها ستكون بداية النيران التي ستستعر في النجع حتي تحيله الي رماد
وبعد عدة ساعات أخري من النقاش والمناورات حتي أنها وصلت للمشادات الكلامية في بعض الأحيان......أذعن أعتي الرجال لكلمات سليم التي قصها عليهم في الهاتف......كيف لا وهو كبيرهم الذي يحترمونه ويقدرونه علي الرغم من صغر سنه
فله الكثير والكثير من الأفضال علي الكبير منهم قبل الصغير ........إنقضي الأمر وأُعلن عن إنعقاد عشاء كبير لعيلة الراوي بقصر الغرباوية الكبير
*************************
بعد مرور يومان
بعد صلاة الظهر
وقفت ثلاث سيارات تخص عائلة الراوي أمام قصر الغرباوية الذي إصطف حوله أهالي النجع في توجس....... فقد دخلت السيدات ومعهم الأطفال داخل المنازل والمحلات وأُغلقت الأبواب والنوافذ جيداً بينما وقفن يسترقن السمع يدعون بداخلهم أن يمر هذا اليوم علي خير
أما الرجال فوقفوا في قارعة الطريق في قلق يتسائلن بريبة
تري ما سر تلك الزيارة...... أ ستشتعل نيران الحرب بين العائلتين مرة آخري....... هل ستخلد تلك الليلة في ذكري الجميع ولن يقدر أحد علي نسيانها .......أ ستكون هي بداية النيران التي ستستعر في أرجاء النجع حتي تحيله هشيماً تذروه الرياح....... أم ستكون بداية لفجر جديد بين عائلتي الراوي والغرباوية وتكون تلك هي بداية جمهعم سوياً كالسابق......لا أحد يعرف
هبط من السيارة الأولي
أمجد الراوي ومعه زوجته نورهان ........بينما هبط من السيارة الآخري حسام الراوي ومعه والداه قدري الراوي و سمية الراوي
أما السيارة الثالثة فركض منها الأطفال
-أيهم وجوري- لجديهما
بينما هبطا عاصم ونورسين الذين حضرا في الصباح الباكر
وقف الرجال يراقبوا ماذا سيحدث بالتحديد
بينما حبست النساء أنفاسهن يتضرعن للمولي
حتي شاهدا مهران وبجواره شاهين وياسر يخرجوا لإستقبال ضيوفهم بترحاب شديد
فتنفس الكل الصعداء وعاد صراخ الأطفال يملأ المكان وخرجت النساء وتوجه الرجال لما كانوا يفعلونه
دلف الرجال ليجلسوا في صحن القصر يتبادلون الأحاديث كلاً منهم في تحفز للأخر علي أتم إستعداد لبداية الحرب ولكن مهران وياسر بحكمتهما إستطاعا السيطرة علي مجري الحديث وتحويله للمجال العملي والودي أكثر
بينما إتجهت النساء للمقعد الكبير في الجزء الغربي من القصر بصحبة خيرية ووداد وقمر اللاتي عرفن جيداً كيف يسيطرن علي الوضع بحكمة
فقد كانت خيرية تراقب ابنتها عبير في تحفز لتقطع عليها أي فرصة لنشب الخلافات.......هي تعرفها وتعرف مدي شعورها بالضيق
أما نورهان وبثينه فقد كانتا تشعران وبشدة بتلك الأجواء المشحونة وخصوصاً نورهان فهي جالسة الأن مع غريمتها تتشاركان نفس الأريكية وها هي تجلس بأريحية شديدة علي عكس عبير تماماً
التي أخذت تطالعها بنظرات نارية تنم عما يعتمر جوفها
كيف يتوقع منها أؤلئك القوم أنها ستجلس في غرفة واحدة مع غريمتها بكل هدوء ....... لا ليست حتي نفس الغرفة بل أنها تشاركها الأريكة......تشاركها الهواء الموجود في الغرفة
ولكن يجب عليها.........يجب عليها التحلي بكل مخزونها من الهدوء لأن أي تصرف خاطئ يصدر منها الليلة سيقيم بحور من الدماء لن تنهي حتي أبد الآبدين
أتمني الفصل يعجبكوا يا فرولاتي ❤😍🌸
•تابع الفصل التالي "رواية بين طيات الماضي" اضغط على اسم الرواية