رواية بين اللهو و الهوى الفصل الثاني 2 - بقلم بسمله جمال
---
كانت جالسة في أحضان زوجها، يجلسان على أريكة صغيرة، وأمامهما مسلسلها الكوري المفضل. أضواء خافتة تحيط بهما، مستمتعة بشعور الأمان الذي يجتاحها، أما هو فكان يشاركها مشاهدة المسلسل، لكنه بين الحين والآخر يخطف نظرة طويلة إليها، ثم يعيد نظره إلى الشاشة. لم يكن قادراً على وصف شعوره الآن، أهو دفء أم أمان أم حب؟ كل ما يريده في هذه اللحظة هو أن يتوقف الزمن.
أخرجها من شرودها عندما غلغل أصابعه داخل شعرها وهو يردف بشغف:
"أنا عايز بنت شبهك يا ديده."
نظرت إليه لحظات بتعجب، ثم ارتسمت على وجهها علامات الفرح، وهي تلتف إليه حتى تستقر جالسة على حجره:
"إشمعنا بنوتة ليه مش ولد؟"
ابتسم هو الآخر، لكنه بعد تفكير دام لثانية أردف بإصرار، وهو يحرك يده على ملامح وجهها:
"لا، أنا عايز بنوتة تاخد عيونك وشعرك، تاخد كل حاجة منك... عايز نسخ كتير منك حواليا."
"آه، وطبعًا هتدلّعها وتنساني، صح؟" قالتها وهي تقوس شفتيها بحزن مصطنع.
اقترب منها، وأحاط خصرها ليجذبها إليه أكثر، ثم قال بكلمات خرجت من قلبه:
"قبل ما البنت دي تيجي يا ديمه، لازم تعرفي إن كان عندي بنت قبلها."
ابتسم بحنين وهو ينظر في عينيها مباشرة:
"تعرفي إني كان عندي بنوتة جميلة، خدت كل مشاعري وحبي لوحدها؟"
احمرّ وجهها بخجل، وأخفت وجهها في صدره، مما جعله يضحك بصوت عالٍ، وهو يرى وجهها يتلون بجميع الألوان.
"طب مفيش بوسة بقى على الكلام الحلو ده ولا إيه؟"
شهقت بفزع وهي تنهض من حضنه وتهرول في أنحاء الغرفة كالمجنونة:
"ده بعينك لو لحقتني!"
ابتسم ابتسامة عابثة، ومعالم الخبث تتشكل على وجهه، حيث انطلق بسرعة البرق محاولًا ملاحقتها، بينما تملأ ضحكاتها أرجاء الغرفة.
صرخت بفزع عندما شعرت به يحملها على كتفه العريض، ثم مال بها إلى سريرهما، حيث أصبحت تحته، تنظر في جميع الاتجاهات ما عدا عينيه.
"عجبك يعني وإنتِ تحتي شبه الفأر المبلول كده؟"
ثم مال عليها، يظللها بجسده الضخم، ناظرًا إلى عينيها بابتسامة، قبل أن ينقل نظره إلى شفتيها، ولم يمنع نفسه من تقبيلها. كانت قبلة شغوفة، يبث فيها عشقه لها، وكان يعاملها بحنان كعادته، حتى فصل قبلتهما، مما جعلها تستنشق الهواء. دفن أنفه في عنقها، ثم أحاط خصرها بعناق دافئ.
"خلينا كده شوية يا ديدي... عايز أفضل في حضنك."
-------
"أنا مش عايز الصفقة دي تضيع مني!"
كان يقف أمام الزجاج الفاصل عن الخارج داخل منزله، يدير رأسه يمينًا ويسارًا، ليتأكد من أنها لا تستمع إليه بطريقة ما. ثم تنهد وهو يجيب بانفعال:
"هو انت الصفقات ما بتحلاش غير وأنا في بيتي؟ قلتلك ميت مرة ما أشوفش رقمك على موبايلي وأنا في البيت!"
أردف الشخص الذي كان على الجهة الأخرى:
"يا ريان باشا، أنا آسف، بس شحنة مهمة جاية من روسيا، وكان لازم أدي لحضرتك خبر."
حاول ريان تهدئة نفسه حتى لا يصرخ، كي لا تستيقظ زوجته، التي بالتأكيد لو سمعت ما يدور، لدخلت في صدمة.
"شحنة السلاح اللي وصلت امبارح، تروح المخازن اللي على طريق المقطم، وأما أبقى فاضي هكلمك."
لم يدع الطرف الآخر يجيب، حيث أغلق المكالمة، ثم أطفأ الهاتف تمامًا وألقاه بإهمال، قبل أن يتنهد بتعب وهو يلتفت إلى الخلف.
لكنه فور التفاته، اتسعت عيناه بصدمة وهو يراها تقف أمامه، ترتدي منامتها الحريرية، وعيناها حمراوان في محاولة لمنع بكائها. كانت تنظر إليه بشفاه مرتعشة، قبل أن تردف بصوت مهتز:
"سلاح إيه يا ريان؟!!"،
اتسعت عيناه بخوف. لأول مرة، يدق قلبه بهذه السرعة. كانت هي تقف أمامه، شعرها مشعث من آثار النوم، وعيناها مليئتان بالرعب والخوف. اقترب منها ف محاوله تهدائتها.
ارتعش جسدها من هول المفاجأة، قبل أن تصرخ بانفعال وهي تبتعد عنه:
"متقربش مني! أوعى تقرب!"
صدمه خوفها الملحوظ منه... أإلى هذه الدرجة؟ ماذا كان يتوقع عندما تكتشف حقيقته؟ هل كانت ستحتضنه وتقول له: "لا يهمني، فقط أحبك"؟
يالها من أحلام عابثة!
لأول مرة، ظهر عليه الانهزام. لأول مرة، خرج صوته مرتعشًا:
"لو هديتي، هحكيلك كل حاجة... كل حاجة يا ديمه."
كان يربت بيديه في الفراغ، محاولًا تهدئتها في محاولة فاشلة. سقطت عبراتها، وهي تبحث عن أي خيط يمحو الصورة التي اجتاحت تفكيرها:
"احكيلي يا ريان... قول أي حاجة!"
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول ببطء:
"من خمس سنين، قبل ما أنتي تظهري في حياتي، اتورطت مع تجار، وكان لازم أشتغل معاهم وإلا كنت هتق'تل، لأني كنت عارف عنهم حاجات كتير. في الأول مكنتش مرتاح، بس بعدين اتعودت، والشغل كان بيكبر، لحد ما من سنتين، بقيت رئيسهم... بقيت المسؤول عن تصدير الأسلحة للدول."
قالها محاولًا تلطيف الحديث، لكن الصدمة كانت واضحة على وجهها. أردف بتوتر محاولًا تغيير مجرى الحديث:
"لكن صدقيني، أول ما دخلتي حياتي، كنت ناوي أسيب الشغل ده وأعيش معاكِ حياة نظيفة، من غير دم، بس... انتي عرفتي قبلها."
هل كانت بهذه السذاجة؟ هل كانت متزوجة من مجرم لمدة عام كامل دون أن تعرف؟ هل كان كل ما عاشته معه كذبًا؟ هل كان حبه لها كذبًا أيضًا؟
عند هذه الفكرة، انفجرت بالبكاء، وهي تصرخ من أعماق قلبها:
"انت مين؟! فين ريان حبيبي؟! ريان حبيبي مش مجرم... انت مش ريان! أنا معرفكش!"
كم آلَمه حديثها، حيث أدخله في صدمة... الآن، يشعر وكأنه مسخ أمامها. حاول الاقتراب منها، لكنها صرخت وابتعدت عنه.
ركضت في أنحاء المنزل حتى نزلت الدرج، وكل ما يدور في مخيلتها هو أنها يجب أن تهرب الآن!
ركبت سيارتها بسرعة، واستعدت للانطلاق، بينما هو يطرق على نافذتها بجنون، يصرخ:
"أرجوكِ، ما تمشيش!"
لكنها لم تتوقف.
انطلق بسيارته خلفها، لكنها كانت تقود بتهور بالغ، حيث بلغت سرعتها 170 كم/س. حاول الاقتراب منها، وهو يصرخ:
"بطّئ، العربية هتتقلب! أرجوكي، عشان خاطري!"
لكنها لم تعد ترى شيئًا سوى خداعه لها.
وفجأة، ظهرت سيارة أمامها... حاولت تفاديها، مما أدى إلى انقلاب سيارتها مرات عدة على الطريق.
كان آخر ما سمعته قبل أن يغيب وعيها هو صراخه باسمها...
يترا اي الي هيحصل وكدا حكايتهم خلصت ولا لسه بتبتدي اكتبولي توقعاتكم
•تابع الفصل التالي "رواية بين اللهو و الهوى" اضغط على اسم الرواية