رواية بين طيات الماضي الفصل الثامن والثلاثون 38 - بقلم منة الله مجدي
لايك قبل القراءة وكومنت بعدها مانجاتي ❤😍
الفصل الثامن والثلاثون
في قصر سليم الغرباوي
جلس عاصم محتضناً شقيقته فرحاً بإستعادتها ذاكرتها......أما هي فكانت تحتضن نورسين بسعادة إثر شفائها
وأيهم وجوري يجلسان علي أقدام والديهما
مليكة: إنتِ مش هتتخيلي أنا فرحانة إزاي حمد لله علي سلامتك يا حبيبتي
ثم أردفت بأسي
كان نفسي أجي معاكي والله بس أديكي شوفتي بقي
ضربتها نورسين بخفة علي حماقتها و أردفت بحبور
نورسين: كفاية هطل بقي أهم حاجة إنك خفيتي
وبقيتي زي الفل
إبتسمت مليكة بإرتباك وأردفت
مليكة: الحمد لله
***************************
في قصر سليم الغرباوي
جلس سليم علي الأرجوحة المعلقة في الشرفة وهي علي قدميه متكورة بين ذراعيه واضعة رأسها علي صدره في هدوء كالطفلة الصغيرة التي تحتمي بوالدها بينما هو دافناً رأسه في خصلاتها الثائرة يستنشق رائحتهم التي تسلبه لُبه
فتح عيناه في هدوء بعدما رفع رأسه لتَحِل محلها أصابعه تمسد شعرها في حنو وكأنها طفلته
هامساً بها بصوته الأجش ......تلك البحة التي تذيبها.....ترشدها وكأنه ملاذها الوحيد
سليم : مليكة..... أنا عاوز أسألك علي حاجة
همهمت بتيه مما تفعله أصابعه بها فإبتسم متابعاً
سليم: إنتِ في حاجات كتير مفهمتيهانيش
إنكمشت ملامحها قلقاً ولكنها قررت البوح بكل شئ كي تريحه وتطوي تلك الصفحة من حياتها للأبد حتي يستطيعا البدء...... البدء من جديد والمُضي قدماً في حياتهما سوياً
رفعت عيناها ناحيته تراقب ملامحه وتمتمت في هدوء
مليكة: بص يا سليم بابي وعاصم سابونا وأنا صغيرة كان عمري حوالي 8 سنين كانت مامي وقتها حامل في تاليا بس مكنش لسة لا هو ولا هي يعرفوا.......هي عرفت بعد ما مشي بشهر المهم عدي الوقت ومامي خلفت تاليا وللأسف ماتت وتاليا مش كبيرة أوي يعني الإتنين ملحقوش يشبعوا ببعض بعد كدة روحنا قعدنا مع جدتنا في إسبانيا فضلنا قاعدين معاها لحد ما هي كمان ماتت وقتها كنت في الكلية فضلت أدرس وأشتغل لحد ما تاليا خلصت دراستها وكانت بتشغتل في مجال عرض الأزياء جمب الدراسة زيي يعني هي عجبها المجال دا وقررت تفضل فيه لحد ما في شركة مصرية مُعينة جابتهالها سلمي كانت عاورة تاليا تبقي العارضة الأساسية بتاعتهم وهتلف كذا بلد وبعدين يستقروا في مصر تاليا كانت صغيرة وعجبها الموضوع وبعد خناقات كتير إتفقنا أنا وهي إنها مش هتستقر في مصر و إنها هترجع إسبانيا أول ما تخلص الجولة بتاعتها وفعلاً فضلنا كدا وكنت كل ما أخد إجازة أروحلها
لحد ما في فترة كلمتني وقالتلي عندي ليكي مفاجأة لما تنزلي مصر طبعاً مكنتش أعرف أن المفاجاة هي جوازها بحازم اخوك ......وعدت أيام كتير والراجل اللي كنت شغاله عنده تعب وكان في أيامه الأخيرة فطبعاً مكنتش عارفة أنزل خالص لحد ما بعدها بحوالي عشر شهور كلمتني وأصرت إني أنزل وقالتلي إنها محضرالي مفاجاة تانية وإني لازم أنزل في أقرب وقت وفعلاً عرفت بالعافية بعد تلات أسابيع بس نزلت علي المستشفي كلموني في المطار وقالولي إن أختي في المستشفي......
تكونت العبرات في عيناها فأغلقتهما مُحَاولة بإستماتة ألا تُذرف أي دمعة من عيناها
بس لما روحت ملحقتهاش .....ملحقتهاش كانت ماتت قبل ما أوصل
وهنا لم تستطع الصمود أكثر فإنهمرت العبرات من عيناها في هدوء في محاولة من تلك العينان تَخفيف ذلك الألم الذريع الذي يشعر به ذاك القلب
الجريح .....لفقدان رفيقة عمرها.... طفلتها...... شقيقتها الصغري.....بهجة حياتها.....تذكرت حينها عندما أخبروها ذاك الخبر الذي قسم ظهرها فسَقَطت علي إثرهُ أرضاً جاثية علي ركبتيها تصرخ في وجع حتي إنجرحت حنجرتها.......حتي إنقطع صوتها.....كيف يخبروها بكل ذلك الهدوء أن شقيقتها قد رحلت ......تذكرت وقتها كم كان الألم مريع .......تذكرت كم صرخت....كم بكت حتي جفت دمعاتها......حتي أصبحت بلا قدرة علي ذرف المزيد ولكن بلا فائدة.....فكل ذلك الألم وكل تلك العَبرات لم تُعيد لها شقيقتها
شعر بعبراتها تُبلل صدره ويداها تنكمش ألماً علي خصره فضمها إليه بقوة أكبر كأنه يريد إحتوائها بداخله أكثر مربتا بحنو أكبر علي شعرها..... كيف لا وهو أكثر من يستطع الشعور بذلك الألم المريع الذي يُميت القلب.....يظلم الدنيا ويقضي علي ما تبقي من الحياة
همس بإشفاق
سليم: خلاص يا حبيبتي خلاص إهدي متكمليش
هزت رأسها رفضاً هامسة بألم
مليكة: وبعد ما فوقت أدوني مراد
إبتسمت بحبور وأردفت
كان هو النور اللي دخل حياتي علشان ينورها
كان زي الدوا اللي نزل علي قلبي علشان يداوي جرح موت تاليا وقتها كنت إتعرفت علي عائشة ومحمد لأنهم كانوا صحاب تاليا أصلاً وهما اللي إتصرفوا في الورق
عملوا شهادتين ميلاد واحدة إتقال فيها إني أنا الأم والتانية إتقال فيها الحقيقة إن تاليا هي الأم
وفضلت ماشية ببتاعتي بس التانية شلتها
وعيشنا علي كدة وكنت بقول لكل الناس إن أبو مراد مسافر وساعدني علي كدة شبه مراد بيا أكتر من تاليا نفسها......بس كدة دي كل حاجة ......كل حاجة متعرفهاش عرفتها.......عَليٰ رجيف قلبها وهي تسمعه يخبرها بأن هذا ليس كل شئ ولكن للأن هذا كل شئ .......هذا ما طمئنت به نفسها
******************************
في قصر عاصم الراوي
خلدا أيهم وجوري للنوم وجلس هو يشاهد التلفاز بعدما إطمأن عليهما
خرجت هي من المرحاض تسبقها رائحتها التي سلبت أنفاسه منذ الوهلة الأولي التي شاهدها فيها.......رائحة التوت البري
أغمض عيناه مستنشقاً رائحتها بِتَلذذ حتي فتح عيناه عليها وهي واقفة تمشط شعرها أمام المراءة ترتدي منامة باللون الأحمر القاني الذي يتنافي وبشدة مع لون بشرتها بكتف واحد تصل لأعلي فخذيها بقليل .....تنساب علي إنحناءات جسدها لتتفنن في إظهارها ببراعة
زفر بعمق وهو يحاول إلهاء نفسه وتلك الأفكار السوداء التي تجول بخاطره الأن
أسدلت شعرها علي جانب واحد وتوجهت ناحية الفراش لتجلس بجواره........ أزاحت ذراعه لتتوسد رأسها صدره
زفر بعمق وهو يحاول ألا يتنفس رائحتها وتلك الحمقاء تزيد النيران التي تستعر بقلبه أكثر وأكثر وهي تتمسح به كالقطة كي تخلد للنوم
إعتدل جالساً بضيق فسألت هي ببراءة
نورسين: مالك يا حبيبي إنتَ كويس
تمتم هو حارداً
عاصم: هبقي زفت إزاي وحضرتك جمبي كدا
برقت عيناها بدهشة وهي تسأله
نورسين: أنا مش فاهمة حاجة
ألقي وسادته بعنف وهي يتمتم بتذمر
عاصم: أعملي فيها بريئة ياختي.......إعملي فيها بريئة
كادت أن تبكي وهي لا تفهم شئ حتي سمعته يتمتم في حرد
عاصم: بصي أنا بصبر نفسي بالعافية عنك علشان كلام الزفت الدكتور
تعالي وجيفها سعادة ......وكيف لا وتلك الكلمات التي تخرج من فم زوجها الأن تُطربها حتي تكاد أن تجعل قلبها يرقص فرحاً....... ترضي غرور الأنثي بداخلها.....تطمئنها أن ذلك المحب لا يزال يراها محبوبته كما في السابق
شاهدها تحاول أن تَكتُم إبتسامتها التي سرعان ما إتسعت وتحولت لضحكة صاخبة فعلت بقلبه الأفاعيل فأردف مُحذراً
عاصم: نوري يا بنت الناس أبوس رجلك
حاولت كتم ضَحكاتها وهي تتصنع الجدية وتبتعد عنه في أدب
نورسين : خلاص أهو هقعد ساكتة
برقت عيناه حرداً وهو يضمها بين ذراعيه ويغلق التلفاز
عاصم: لا دا مش معناه إنك متناميش في حضني
إبتسمت بينما أطفأ هو الأنوار وتوسدت هي صدره كالعادة...... كيف لا وهي طفلته وصَغيرته المُدللة
داعياً المولي أن يُلهمه الصبر ويَمُر الإسبوع المتبقي علي خير
******************************
في مساء أحد الأيام
إستيقظت مليكة تشعر بعطش شديد
إمتدت يدها للكوب المجاور لها فوجدته فارغاً تأففت بإنزعاج فهي ستضطر لترك الفراش الدافئ وهبطت للأسفل
فتحت البراد تبحث بعيناها عن زجاجة المياه حتي وقعت عيناها علي شئ أخر......شيئاً أكثر جمالاً من الماء في نظرها
خفق قلبها بسعادة وهي تحمل علبة النوتيلا في يدها كأنها تحمل كنزاً ثميناً
طالعتها بسعادة وهي تتمتم بإشفاق
مليكة : إزاي يا حبيبتي سايبينك كدة لوحدك في التلاجة.......إزاي يجيلهم قلب يعملوا كدة.....أكيد سليم المتوحش هو اللي عمل كدة
إحتضنتها بسعادة وهي تتمتم بمكر
مليكة: أنا عندي ليكي مكان أحسن بمراحل
إلتقطت ملعقة وحملت العلبة وجلست بهما متربعة أعلي المنضدة بسعادة أزاحت شعرها للخلف وطربت أذناها بذلك الصوت المحبب الذي أحدثه فتح العلبة وبدأت بالأكل في نهم شديد
***********************
في الأعلي
تقلب سليم في فراشه أثناء نومه فلم يجدها بجواره ......نهض جالساً علي الفراش بقلق
أين هي .....أين ذهبت مليكة
أنزل قدماه للأسفل باحثاً عن خُفيه ثم نهض متوجهاً لغرفة مراد
فتح الباب الداخلي في هدوء فلم يجدها
دثر مراد جيداً بالغطاء والقلق يأكله أكثر
أين هي إذ لم تكن بغرفة مراد .......هبط للأسفل يبحث عنها بقلق ماراً بالحديقة ولكن حتي الحديقة فارغة عاد للداخل مرة أخري والقلق قد بلغ منه مبلغه حتي سمع همهمات تأتي من المطبخ
أ يعقل أن تكون هي..... لا فهي ممن يحبون المحافظة علي صحتهن وتعرف جيداً خطورة تناول الطعام ليلاً في ذلك الوقت ......دلف وهو متوجس خيفة حتي شاهد كتلة لا يستطيع تحديد معالمها يغطيها الشعر وفيما يبدو أنها تعطيه ظهرها
أغلق عيناه وفتحهما بريبة وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويهمس في خفوت بصوت مسموع نسبياً
سلام قولاً من رب رحيم..... سلام قولاً من رب رحيم
لم تسمعه تلك المسكينة المنهمكة في علبة الشيكولاته بشدة
حتي دلف هو بخطوات بطيئة متمهلة......ولا ضرار من بعض التوجس والتحفز حتي إصطدم بأحد المقاعد الموجودة حول الطاولة فإلتفت مليكة فزعة
فسارع هو الي زر الاضاءة
شهقت مليكة بهلع حينما رأته
مليكة : سليم خضتني......كنت بتعمل إيه هنا يا حبيبي
تنفس الصعداء وهو يطالعها باسماً علي مظهرها الطفولي للغاية تجلس فوق الطاولة وخصلاتها النارية تتناثر حولها في عشوائية محببة تشعل بداخله الرغبة في أن يدفن رأسه بخصلاتها ويشبع رئتاه من رائحة المسك التي تنبعث منه حتي يثمل جاب ببصره علي ملامحها فشاهد وجنتيها المحمرتان من البرد وطرف أنفها وتلك الشيكولاه التي لطخت بها كرزتيها في طفولية أشعلت بداخله رغبة إلتقاط شفتيها في قبلة تفقد علي إثرها الوعي
سحب أحد المقاعد وجلس عليها أمامها يسألها في مشاكسة
سليم: ممكن أفهم حضرتك بتعملي إية هنا دلوقتي
مطت شفتاها بحنق علي بلاهته وتمتمت بتلقائية
مليكة: زي ما إنت شايف......شوفتها في التلاجة وحيدة فناديتني ومقدرتش أسيبها لوحدها بصراحة
تابعت تسأله بحماس وهي تمد ناحيته الملعقة
مليكة : تاكل شيكولاته
ضحك سليم بخفة وهو يرفعها من علي المنضدة فشهقت هي بهلع
سليم: أه بس أنا هاكل شيكولاتي أنا
هتفت به متوسلة
مليكة: سليم بتعمل إيه نزلني حد يشوفنا
أجابها باسماً بهدوء بعدما إلتقط شفتاها في تلذذ
سليم: ما يشوفونا
دفنت وجهها بصدره خجلاً بعدما إستسلمت لحبه وغزله
لم يكد يصعد بها بضع درجات حثيثة حتي شاهد مراد يهبط للأسفل يفرك في عينيه باحثاً عنهما في فزع إرتسمت معالمه جلية تماماً علي قسمات وجهه الصغير
أنزل مليكة من بين ذراعيه بحذر وتقدما سوياً ناحية مراد الذي دفن نفسه بين ذراعي والده يبكي بخوف
إحتضنه سليم بعدما حمله بقلق وهو ينقل نظره بين ذلك الباكي بذراعيه وبين مليكة القلقة بدهشة حتي سمعها تسأله في قلق وهي تربت علي ظهره بحنو بالغ
مليكة: إيه يا روح ماما بتعيط ليه
إلتفت مراد برأسه وهو يفرك بعينيه
مراد: كان في عفليت تحت السليل يا مامي أنا خايف
ثم إلتفت لوالده
مراد: بابي أنا هنام النهالدة جمبك أنا خايف أوي
إحتضنه سليم وهو يتمتم بحرد لتلك الأمسية التي تدمرت قبل حتي أن تبدأ
سليم: طبعاً يا حبيب بابي
ضحكت مليكة بإستمتاع علي مظهره الحانق
حتي تمتم سليم حانقاً من بين ضروسه
سليم: إضحكي ياختي إضحكي
************************
في صباح أحد الأيام
إستيقظت مليكة متأخرة بعض الشئ فلم تجد لا سليم ولا حتي مراد
بدلت ثيابها وهمت بالخروج من الغرفة حتي شاهدت ورقة معلقة علي مرآة غرفتها
إلتقطتها في دهشة وهي تقرأ ما بداخلها
عاوزك تكوني جاهزة علي الساعة 6 ومتخافيش علي مراد هو راح لجده وولاد خاله
سليم
إبتسمت في قلق تري ماذا يريد.....لما يريد منها أن تتجهز ....
هبطت للأسفل للتتناول طعام إفطارها وكل ما يشغل بالها هو موعد السادسة
إنتهت منه بسرعة وعادت لغرفتها مرة أخري كي تتحضر جيداً لذلك الموعد
وبعد بعض ساعات من جلسات العناية بالبشرة والشعر سمعت طرقاً علي باب غرفتها قبل أن تأذن بالدخول
دلفت أميرة باسمة وهي تحمل في يدها أكياساً وصناديق
جابت مليكة ببصرها علي ما تحمله أميرة وهي تسأل في دهشة
مليكة: إيه دا يا أميرة
أجابت أميرة باسمة
أميرة: دا سليم بيه هو اللي جاب لحضرتك الحاجات دي وقالي أوصلها فوق وبيقول لحضرتك هتلاقي فيهم ورقة أقريها
إلتقطتهم مليكة من يداها باسمة وتوجهت هي لفراشها بعدما خرجت أميرة
أفرغت محتويات الحقيبة الأولي والتي كانت تحوي فستاناً باللون الأبيض قصير يصل الي ركبتيها نصفه العلوي من الدانتيل يبطنه من الأسفل قماشاً يكشف عن عظمة ترقوتها وذراعيها بينما جزئه السفلي إتخذ قماشاً من الشيفون الأبيض بقصة الأميرات تصل الي ركبتيها
شهقت بسعادة وهي تشاهد الفستان مقطوعة الأنفاس....... هذا هو فستان أحلامها..... الفستان الذي لا طالما حلمت به لعرسها .....ولكن كيف علم عنه سليم
أفرغت محتويات الحقيبة الثانية والتي كانت تحوي بداخلها حذاء من الكعب إتخذ اللون الأبيض زُين بوردات من الدانيل تشابه كثيراً قماش الفستان وبعض اللؤلؤ الذي أعطاه مظهراً رائعاً
وبالصندوق الأخر وجدت طقماً من الذهب الأبيض والألماس و ورقة كُتب بها
إلبسيهم وكوني جاهزة علي 6 هستناكي تحت
سليم
وضعتهم جانباً وهي تحاول السيطرة علي إبتسامتها التي سرعان ما إتسعت علي ثغرها
تحاول أن تهدأ من روع ذلك القلب الذي جُنت خفقاته حتي خيل إليها أنه يرقص فرحاً
إتجهت ببصرها ناحية الساعة المعلقة علي حائط غرفتها والتي أخبرتها بتمام الرابعة..... إنتفضت كمن لدغها عقرب وأخذت تركض في الغرفة وهي تحاول لملمة أشيائها كي تبدأ بإرتداء ثيابها وتصفيف شعرها وما الي ذلك
وبالفعل بعد مرور عدة ساعات وقفت تطالع نفسها في المرآة وهي تفرك بيديها توتراً
نعم هي عارضة..... نعم تعرف تأثيرها جيداً ولكن معه.... معه هو فقط تعود فتاة مراهقة..... تعود تلك الطفلة التي تنتظر كلمات الغزل من محبوبها حتي تَمُدها بالسعادة .......تجعلها تحلق حتي الغيوم
سمعت صوت طرقات علي باب غرفتها تبعها دخول دادة ناهد
هتفت مليكة تسأل بقلق
مليكة: دادة كويس إنك جيتي
تقدمت منها وهي تسير علي إستحياء
مليكة: إيه رأيك
جالت دادة ناهد ببصرها علي تلك الفاتنة التي تقف أمامها وهي تعوذها من أعين الشر
ناهد: ماشاء الله اللهم بارك يا حبيبتي زي القمر
سألت مليكة بسعادة
مليكة: بجد والله يا دادة
تمتمت ناهد بسعادة
ناهد: أه والله يا عيون دادة ربنا يحميكوا يا بنتي ويحفظكوا
همت بالخروج ولكنها عادت مرة أخري تتمتم ضاحكة
ناهد: شوفتي نسيتيني .....جيت أقولك يلا علشان سليم واقف تحت
إبتسمت مليكة وهي ترش نفسها بعطرها المفضل وهبطت هي وناهد سوياً للأسفل
كان هو يتحدث بهاتفه حينما تسللت رائحة عطرها الذي يعشقها لحواسه بينما سايرت خفقاته صوت حذائها...... إلتف بجسده في آلية وهو يشاهدها تطل بذلك الفستان الذي أثر حواسه منذ الوهلة الأولي .......حينما رآه في أحد المحلات التجارية عرف لحظتها أنه صُنع من أجلها .......هي فقط
هبطت للأسفل تسير الهويني برشاقه إرتفع وجيفه علي قرع خطواتها في الأرض
لاحظت نظراته المعجبة ......وتلك النظرة التي خفق لها قلبها راقصاً بفرح طرباً .....تلك النظرة التي يخصها بها .....هي فقط وكأنها الأنثي الوحيدة في الكون...... وكأن الأرض بكل نسائها ما عليها إلا هي
تقدم منها يسير في إنبهار وصل لعندها فإلتقط يدها في عشق جارف
سليم: إيه الحلاوة دي كلها
إتسعت كرزتاها باسمة برقة بينما همست بدلال
مليكة: عجبتك
أردف هو بصدق إقشعر له بدنها
سليم: إنتِ خطفتيني من أول نظرة
إبتسمت وهي تحتضنه بحب وبعد عدة ثواني إبتعدت ويداها تطوق خصره تسأل في دهشة
مليكة: إحنا هنروح فين بقي وأنا لابسة كدة
إبتسم وهو يطالعها بحب بينما يخبر ناهد بأنهما سيخرجان
إلتقط يدها وسارا للخارج .....في الطريق المؤدي لأول شئ أسرها في هذا القصر ......تلك البرجولة الخشبية التي تمنت كثيراً وكثيراً أن يجلسا سوياً بداخلها يوماً ما
سليم: مفاجأة
إبتسمت مليكة بسعادة حتي وقعت عيناها علي تلك الأضواء الذي زينت المكان بشكل ساحر لا يصدق
تمتمت بإنبهار
مليكة: الله ....كل دا علشاني
أوما سليم برأسه وهو يطبع قبلة حانية علي شفتيها أذابتها
سليم: دي أقل حاجة ممكن أعملها
دلفا للداخل وجلسا بعدما أمسك لها سليم بالمقعد
أخذا يتناولان الطعام في هدوء بينما سليم يغدقها بكلمات الغزل التي شاهدت تماماً مدي صدقها في عيناه
وبعد تناول ذلك العشاء الفاخر علي ضوء الشموع
جلسا سوياً علي إحدي الأرجوحات المعلقة في الحديقة بجوار تلك البرجوله
تمتم هو بصدق
سليم: عارفة يا مليكة
تمتمت باسمة وهي تجلس بين ذراعيه
مليكة: إيه يا عيون مليكة
سليم: أنا نفسي نجيب أطفال كتير أوي....يبقوا عزوة كدة لبعض عايز بتاع دسته كدة
شهقت بخجل وهي تدفن رأسها بصدره
مليكة : يا سلام ما أنت مش تعبان في حاجة
مط شفتيه دليلاً علي تفكيره وأردف مشاكساً
سليم: خلاص خليهم نص دستة 6 يعني ويلا نبدأ من دلوقتي شهقت بهلع وهي تشعر به يحملها وينهض متوجها ًللأعلي
مليكة: سليم عيب الخدم....
طبع قبلة حانية علي شفتيها حطمت مقاومتها الواهية
سليم: وإيه يعني خليهم يعرفوا علشان يدعولنا
شهقت بخجل وهي تحاول أن تمنع عقلها من التفكير فيما قد يظنه الخدم بهما
أما هو فجلجلت صوت ضحكاته الرجولية في أرجاء المكان بقوة علي خجلها
****************************
بعد مرور عشرون يوماً
في المستشفي
سأل أمجد بمشاعر مختلطة
لم يعرف إن كانت فرحة أم خوف أم هي دهشة
أمجد: إنت متأكد يا دكتور
أردف الطبيب بحبور
الطبيب: أيوة يا أمجد بيه زي ما قولت لحضرتك النتيجة إيجابية متطابقة مع حضرتك تماماً.....يعني حضرتك الوالد
أومأ أمجد برأسه يشكره في هدوء
ثم أخذ التحاليل وتوجه لمنزل سليم
****************************
في قصر سليم الراوي
وقفت مليكة تطالعه بقلة حيلة ثم أردفت بتذمر بعدما قوست شفتاها لأسفل نافخة أوداجها بغضب طفولي
مليكة: حد قالك تبقي طويل كدة أديني مش عارفة أعملك الكرافت
وبعد العديد والعديد من المحاولات في الوقوف علي أطراف أصابعها وهو يبتسم بهيام علي طفوليتها........شعرت بيده تطوق خصرها حامله إياها علي مقربة من عنقه يمكننا القول إحتضانها علي مقربة من عنقة
إبتسمت بحماس وهي تعقد رابطة عنقه في دقة شديدة......إعتلي ثغرها بسمة رضي ثم مسحت علي العقدة وهي تطالعه بسعادة
مليكة: تم يا سليم بيه
إبتسم هو بعدما أضائت عيناه ببريق ماكر وأردف يسأل بمشاكسة
سليم : طيب والأجر بتاع الشيلة دي فين
حدقت به بعدم فهم وهي تسأل ببلاهة
مليكة: يعني إي........
لم تكد حتي أن تكمل كلماتها حتي باغتها بقبلة
نقلت إليها مشاعره المتأججة .......حبه.... هيامه
عشقه لها وحتي شغفه بها.........بدأت هادئة كقصتهما ثم تحولت عميقه عاصفة تماماً كحكايتهما سوياً......كحبهما الذي أحيا قلوب موات مَلت طول الإنتظار
شاهد عيناها المغمضتين برقة وحمرة الخجل التي سرعان ما نشرت بظلالها علي وجنتيها فزاذتها جمالاً وبراءة حتي علي برائتها
سمعا طرقاً علي الباب
فإنتفض جسدها مبتعدة عنه في خجل بينما ظل هو متمكساً بها في قوة وتملك فهمست به في خجل
مليكة: سليم ......الباب
أحاط خصرها بقوة أكبر مقربًا إياها له أكثر
متمتماً بهدوء
سليم: وإيه يعني
برقت عيناها بخجل وهي تتوسله مرتبكة
مليكة: سليم عيب
ضحك من قلبه علي خجلها ثم أطلق لها العنان
فركضت هي لتفتح الباب
إبتسمت ناهد إثر رؤيتها وتمتمت بحبور
ناهد: أمجد بيه تحت يا حبيبتي
هتفت بسعادة
مليكة: بابا
ركضت للأسفل كي ترحب به
إحتضنها بسعادة هاتفاً بصدق
أمجد: حمد لله علي سلامتك يا حبيبة بابا
إبتسمت في حبور
مليكة: الله يسلمك يا حبيبي
سأل أمجد متوجساً
أمجد: سليم هنا
أردفت هي بهدوء باسمة بينما أنارت عيناها ببريق
لم تستطع تحديد سببه....فرح....فخر....سعادة وحب
أم جميعها لا تعرف حقاً ولكنها شعرت بأنها ممتلئة بالحب والسعادة..... شعور لم تعرفه قبلاً
هبط سليم باسماً يُرحب بوالدها في أدب
وبعد الترحيب وأدب الضيافة هتف أمجد مُتمتماً بإضطراب...... خرج صوته مرهقاً..... مثقل بالكثير من الألم..... كيف وهو أب قد وجد طفلته الضائعة ولا يستطع إنتزاعها من براثن القدر وضمها بين ذراعيه
أمجد: سليم يا بني..... أنا عاوزك ضروري
إعتدل سليم بعدما تغيرت ملامحه للجدية مضيقاً عيناه.... يسأل في توجس
سليم: إتفضل يا عمي
حمحمت مليكة بخجل وهمت بالإنصراف فأمسك أمجد رسغها بلطف
أمجد: لا إنتِ لازم تسمعي اللي هقوله دا
إزداد سليم قلقاً علي قلقه وجلست مليكة متوجسة خيفة وهي تطالع والدها بقلق
أمجد: أنا بعد ما سبت أيسل الله يرحمها روحت البلد وفضلت قاعد هنا كام سنة رفضت فيهم الجواز وكنت مقرر إني مش هلمس واحدة تانية بعد أيسل
إغروقت عينا مليكة بالعبرات فإحتضن سليم يداها مربتاً عليه في حنو بالغ..... رفرفت بأهدابها تحاول جاهدة منع هبوط عبراتها
أكمل أمجد بثبات
أمجد: بعد فترة قررت إني أتجوز علشان ست تربي عاصم وتبقي جمبه وفعلاً إتجوزت نورهان
وهنا لم تستطع الصمود أكثر ففرت دمعة لعينة من عيناها تعلن الألم القاتل الذي نشب أظفاره في قلبها بعدما زف إليها والدها ذلك النبأ الذي قضي نحبها فشعرت بيد سليم الحانية تحتضن يداها أكثر وكأنه بفعلته تلك يربت علي قلبها
أمجد: وفعلاً إتجوزنا وكان جوازنا علي ورق بس وهي معترضتش بالعكس كانت مبسوطة بكدة لحد ما في يوم حصل غير كدة وعرفنا بعدها إنها حامل في بنوتة
علي الرغم من آلمي بخيانة أيسل علي أد ما كنت فرحان إني هجيب بنوتة أحس فيها بيكي يا بنتي...أعوض إحساسي كأب إتحرم من بنته
وفعلاً الحمل كان سليم والدكتورة وقتها مقالتناش أي حاجة عن إن البنوتة فيها حاجة بالعكس كانت دايماً بتطمنا لحد الولادة وكانت عادية جداً لحد ما عرفنا بعد الولادة بربع ساعة إنها متأخرة
عقلياً ..... إتولدت كدة
إبتسم بقهر متمتماً بألم
كانت عسولة....... سمينيها مريم وكنا فرحانين بيها جداً علي الرغم من إننا كنا عارفين إنها مش هتعيش كتير بس مكناش مهتمين كنا بنحاول نعيش الوقت الحاضر وبس.....بس للأسف ماتت بعد فترة قصيرة
وكل حاجة كانت خلصت لحد ما نورسين سافرت أمريكا تعمل العملية ......نورهان راحت معاهم وهي نازلة من السلم رجليها إتلوت فراحو علشان يربوطها في مستشفي هناك .....وهناك قابلتهم ممرضة مصرية كانت شغالة في المستشفي بتاعة الصعيد وأول ما شافت نورهان عرفتها.........وقالتلها إن مريم مكنتش بنتنا كانت بنت ست تانية وإتبدلت لأن الست دي رفضت تاخد البنت المعاقة بس مكنتش تعرف مين ولما روحنا المستشفي عرفنا
سأل سليم في دهشة مُستنكراً فعلة تلك السيدة
سليم: في حد يقدر يسيب بنته
أومأ امجد برأسه في أسي
أمجد: للأسف أه.....
سألت مليكة في لهفة
مليكة: وعرفتوا مين اللي عمل كدة
أردف أمجد متوجساً
أمجد: مدخلش المستشفي يومها غير نورهان و......ومرات شاهين الراوي
برقت عينا سليم بينما أردفت مليكة بهلع
مليكة: عمتو.....عمتو عبير
أومأ هو برأسه في أسي فَهَب سليم ناهضاً يُتمتم في صدمة
سليم: إيه يا عمي الكلام الفارغ دا ما أكيد البنت الممرضة دي حد زاققها علشان يوقعوا بينا تاني
أردف أمجد بصدق
أمجد: كان نفسي يا بني والله ....أنا أول ما عرفت روحت لعمك مهران وياسر وطلبت منهم يجيبولي خصلة شعر لفاطمة وأخدتها فعلاً وعملت التحاليل والنتيجة طلعت النهاردة
سألت مليكة بقلق
مليكة: إيه يا بابا
أردف أمجد بثبات
أمجد: إيجابية ......فاطمة تبقي بنتي......بنتي أنا
جحظت عينا سليم وهو يطالع أمجد الجالس أمامه في حيرة....ضيق .....قلق وتوجس ولكنه حسم أمره.....فهو الرجل الذي نشأ علي الحق و رد الحقوق لأصحابها مهما كانت العواقب
أتمني الفصل يعجبكوا فرولاتي 💜🌸
بين_طيات_الماضي
•تابع الفصل التالي "رواية بين طيات الماضي" اضغط على اسم الرواية