رواية فراشة المقبرة الفصل التاسع والثلاثون 39 - بقلم اسماعيل موسى
كان على نرجس ان تعد غرفه جديده لناصر وكان الأمر مربك فى البدايه لأنه رجل غريب سيعيش بينهم، لكن من أجل عيون زهره كل شيء يهون، انها ابنتها الوحيده وناصر قطعه منها، ورغم التخبط فى مواعيد الوجبات ورفض ناصر الانضمام إلى المائده وحرصه على تناول طعامه بمفرده داخل غرفته إلا أنها كانت تشعر بشيء غريب تجاه ناصر، شفقه مشوبه بحزن الا انها احترمت رغبته فى البعد عنها وعن الخادمه والحديث بالكاد لزكريا والد زهره الذى كان يمهد لعلاقه تجمعه مع ناصر، فقد كان ناصر حريص وخجول أكثر من الأزم.......
كان واضح ان ناصر اكتفى من العالم ويريد ان يقضى بقية حياته بمفرده فى سلام، لقد كانت المره الأولى التى يلمس فيها ظهره سرير مريح وغرفه مغلقه لا تهب فيها الريح البارده
حتى انه نام لمدة يومين كاملين فور وصوله حتى أضطرت زهره لايقاظه شكآ منها انه مات
ثم تعود ناصر ان يجلس فى الحديقه بمفرده معظم النهار دون مضايقة احد اللهم ميمى التى اصييت بالعمى فى اخر أيامها، ربما تبدلت ملابس ناصر بأخرى جديده اشتراها له زكريا لكنه ظل كما هو وحيد معزول غير قادر على الاختلاط بالعالم، فمنذ زحف وهو طفل صغير عارى الجسد ونصفه محروق يصرخ صرخات تصل حدود السماء دون أن يساعده أحد كأنه منبوذ، لقد واصل الزحف ليلتها مثل كلب كسيح ينتقل من حقل لحقل، كان مجرد طفل يصرخ بأسم ابويه واخوته كان عمره فى الحادية عشر حينها ورغم ان جروحه تعفنت وتقيحت واكلت من جسده لم يمد له أحد يده، لقد عاش لشهور طويله معتمد على بقايا الاكل التى يجدها صدفه فى الطرقات انه يتذكر اول مره قصد فيها منزل جيرانه ليطلب خبز عندما سرقت المرأه عفريت شيطان
من وقتها وهرب إلى الجبل بعيد عن الناس.
هل يمكننى ان اجلس معك؟ همس زكريا قبل أن يجلس
فيه موضوع مهم عايز اكملك فيه
توقع ناصر الأسوء لكن الرجل بدا ودود ولطيف، لقد كنت خائف على زهره من بعدى، أعرف انها اختك واننى لست والدها الحقيقى لكن فكرة تركها بمفردها فى هذا العالم بدت مأساويه أكثر من الأزم، الان انا مطمئن لقد ازحت حمل كبير من فوق كتفى يا ناصر، سيكون لدى زهره كتف تتكاء عليه ويوفر لها الأمان، أعرف انك عانيت أكثر من الأزم لكن على الحياه ان تمضى، انا لا أطلب منك ان تخرج للشارع لكن على الاقل ان تختلط بعائلتك الجديده، فأنا بمثابة والدك من فضلك امنحنى هذا الشعور
انا شخص ملعون الا تفهم؟ لا يستطيع أحد ان ينظر إلى وجهى دون أن يتقيء، اتريد ان يأتيك كابوسى كل ليله؟
يا ولدى قبل أن تأتى زهره كنت اتمنى ان اسمع كلمة بابا
لا يمكنى وصف شعورى اول مره قالت فيها زهره بابا
لقد تعلمت ان أرضى بالقليل يا ناصر وانا لا اطالبك بتغير نفسك، بل اطالبك ان تتحدث معى
انظر بنفسك هناك امرأتين يتحدثون طوال الليل والنهار
ورجل مسن على وشك الموت يجلس بمفرده
تحدث معى يا ناصر لا تترك رجل عجوز يشعر بالوحده لانك تعرف ذلك الشعور، سنخرج معا، سنذهب للمقاهى والشركه وكل مكان، ارتدى قناعك او من دونه لكن من معى من فضلك
بدا ناصر متردد عندما حرك يده المحترقه لكن زكريا قبض على يده واحس بارتعاشته، وبعد يومين شوهد ناصر يجلس مع زكريا يلعبان الطاوله داخل المجلس ويجلس معهم على مائدة الطعام..
ثم بداء ناصر يترك نفسه لتجارب زهره العلميه التى كانت تعمل على تجربه لشفاء جروحه
داخل منزل زهرة، وبين أدواتها الطبية والبحثية، قررت أن تجرب طريقة جديدة لعلاج الحروق التي تملأ جسد ناصر، خاصة بعد فشل العلاجات التقليدية في تحسين حالته بشكل كافٍ.
كانت نظريتها قائمة على تحفيز تجديد الأنسجة المتضررة عبر مزيج من العلاج بالخلايا الجذعية والعلاج بالضوء الحيوي، وهي تقنية طوّرتها بناءً على أبحاث متقدمة في ترميم الجلد.
بدأت زهرة بتنظيف الحروق بعناية، مستخدمة محلولًا مطهّرًا لا يسبب تهيجًا، ثم قامت بتقشير الطبقة الميتة برفق لتوفير بيئة نظيفة تساعد على امتصاص العلاج.
استخرجت زهرة خلايا جذعية مشتقة من الأنسجة الدهنية، وهي نوع من الخلايا لديه قدرة عالية على التجدد والتكيف. بعد معالجتها في وسط مغذٍ، قامت بحقنها في المناطق المحترقة بجرعات دقيقة، مستخدمة تقنية المايكروإبر لضمان توزيع متساوٍ وتحفيز إنتاج الكولاجين.
وضعت زهرة جهازًا صغيرًا يصدر أشعة ضوئية ذات أطوال موجية محددة فوق المناطق المصابة. كان هذا الضوء يحفّز نشاط الخلايا الجذعية، ويعزز تدفق الدم، ويقلل من الالتهاب. شعرت بأمل حقيقي وهي تراقب تفاعل جلده مع الضوء، حيث بدأ الاحمرار يخف تدريجيًا.
بعد أولى الجلسات، لاحظت زهرة أن الحروق بدأت تُظهر علامات تعافٍ أسرع من المتوقع. الجلد لم يعد قاسيًا كما كان، والخلايا المتجددة بدت أكثر نشاطًا. كان ناصر يراقب بصمت، لا يعبر عن الألم أو الراحة، لكن نظراته كانت تخبرها أنه يلاحظ الفرق.
بالنسبة لزهرة، لم يكن هذا مجرد علاجٍ لندوب ناصر، بل كان اختبارًا علميًا قد يغيّر مستقبل علاجات الحروق. لكن السؤال الذي راودها: هل يمكن لهذا العلاج أن يداوي الحروق الأعمق التي لا تُرى على الجلد؟
وبينما كانت التجربه تأتى ثمارها كانت العلاقه بين ناصر وزهره تطورت لدرجه كبيره وكان هناك حدث هام عندما أمرت زهره ناصر ان يظل داخل غرفته مغطى بالشاش يخضع لعلاجها الفريد، بعد عشرة أيام قضاها ناصر فى رحله وحبس انفرادى وقفت زهره ونرجس وزكريا على باب غرفته
اليوم ستظهر نتيجة التجربه.
•تابع الفصل التالي "رواية فراشة المقبرة" اضغط على اسم الرواية