رواية بين اللهو و الهوى الفصل الثالث 3 - بقلم بسمله جمال
كانت نائمة على سريرٍ أبيض، تتصل بها العديد من الأجهزة. بدت كالجثة الهامدة، بلا حراك، وجهها شاحب كشحوب الأموات، وكانت الخدوش الصغيرة تملأ يديها، مع بعض الجروح التي شقت جانبًا من وجهها الجميل، إضافة إلى جرحٍ عميق امتد من رأسها إلى جانب وجهها.
أما هو، فكان جالسًا بجانبها كالمغيب، لا يعي ما يحدث. شعره مشعث، عيناه محمرتان، وأزرار قميصه مفتوحة عند أول ثلاثة. كان يحتضن كفها، تارةً يقبّله، وتارةً يمسح عليه.
ظل على هذه الحال لنصف ساعة، يعيد أحداث ما حدث منذ استيقاظها. استنتج أنها استيقظت بسبب غيابه عن جوارها، فخرجت تبحث عنه. تتجمع صورها في عقله المشتت—صورتها وهي تصرخ، وأخرى وهي ترتجف خوفًا... لأول مرة، يرى الرعب في عينيها، ولأول مرة، تكون هي خائفةً منه!
عند هذه النقطة، تساقطت دموعه، وبصوتٍ مختنق، بدأ يحادثها على أمل أن تسمعه:
"والله يا ديدا، أنا كنت هسيب كل دا عشان مش عايز غيرك إنتِ... إنتِ نقطة ضعفي يا ديدا، وعشان كدا كنت خايف يأذوني فيك. مكنش لازم تعرفي... كنت عارف إنك هتخافي مني، وده اللي حصل! نظرتك ليا وهي مليانة خوف قتلتني من جوا... ارجعيلي يا ديدا، وأنا هصحح كل حاجة... صدقيني، هسيب كل حاجة، ونروح مكان بعيد أنا وإنتِ بس! مش إنتِ كان نفسك تروحي إسبانيا؟ وأنا كنت مشغول... دلوقتي، أنا مشغول بس بيك إنتِ وبس!"
تشبّث بيدها أكثر بسبب عدم استجابتها، ثم أردف بصوتٍ خافت، وهو يلمس وجنتها:
"ارجعي لحضني يا ديمه..."
فجأة، اقتحمت سيدة في أواخر الأربعينات الغرفة، ترتدي ثيابًا من الطبقة الراقية، وعلامات الخوف تكسو ملامحها. تنقلت نظراتها بين ابنتها النائمة على السرير، وبين الرجل الجالس بجانبها. كان صوتها مختنقًا بالبكاء وهي تصرخ:
"إيه اللي حصل لبنتي؟ إيه اللي حصل يا ريان؟ عملت فيها إيه؟!!"
نقل نظراته بينها وبين زوجته، لكنه لم يجد القدرة على الرد، ففضل الصمت. لكن هذا لم يُرضِها، فصرخت به مجددًا:
"رد عليا! إيه اللي حصل لبنتي؟!! عملت فيها إيه؟! عرفت إنت مين؟!!"
أجاب ببرود: "عرفت."
وقعت كلمته على مسامع الأم كدلو ماءٍ مثلج. كانت تعرف حقيقته منذ اليوم الأول الذي دخل فيه حياة ابنتها، لكنها لم تجرؤ على مواجهته أو إخباره بأنها تعلم، خوفًا على ابنتها التي كانت متعلقةً به بجنون. التفتت إلى ديمه، هرعت إليها تبكي بحرقة، وهي تقبّل جبينها ويديها، وتهمس بهلع:
"مكنتش معاكي يا حبيبتي... سامحيني! مكنتش معاكي!"
ثم احتضنتها بحنان، قبل أن ترفع عينيها إليه بنظراتٍ مشتعلة، وقالت بنبرة تحمل تهديدًا واضحًا:
"صدقني يا ريان، هاخدها من هنا، وهمشي بيها! وهخليها تنساك! وصدقني، مش هخليك تشوفها تاني، انت فاهم؟!"
كان يعلم أنها تُطلق التهديدات فقط، وأنها لا تملك القوة لتنفيذها، خاصة مع الحراسة المشددة التي تحيط بالمستشفى. ومع ذلك، ارتعش قلبه في مكانه، لكنه تظاهر بالتماسك. نهض من مقعده، واتجه إلى باب الغرفة، لكنه قبل أن يفتحه، استدار إليها وقال ببرود:
"اعملي اللي تعرفي تعمليه، بس أنا مبهتدش... مراتي لو اتحركت من سريرها، أنا مش هعمل حساب إنك أمها. صدقيني... هتشوفي وشّ ريان تاجر السلاح، مش ريان جوز بنتك!"
ثم صفق الباب بقوة عند خروجه، والغضب مرتسمٌ على وجهه. فكرة إبعادها عنه كانت كفكرة حرمانه من الأكسجين.
أما في الغرفة، وبعد خروجه، أخرجت السيدة (أولفت) هاتفها النقال، وعبثت به للحظات، حتى صدح صوت من الجهة الأخرى:
"أيوة يا مدام؟"
ارتسمت على محياها ابتسامة هادئة وهي تجيب بهدوء:
"عابد، لمّلي كل رجالتك وتعالَ على مستشفى (Human Pulse). خد بالك، هتلاقي رجالة بيحرّسوا المستشفى من كل الاتجاهات، اتصرف... وأوعى تخليهم يحسّوا بيك، فاهم؟"
أجابها الطرف الآخر باقتضاب:
"تحت أمرك يا هانم."
---
"يعني إيه مراتي اختفت؟!!!"
صرخ ريان بغضب، بينما الطبيب الذي أمامه بدا متوترًا بشكلٍ واضح، وهو يجيب بارتباك:
"يا ريان باشا، صدقني... دخلنا نطّمن عليها، ملقنهاش في سريرها!"
اشتدّت غضبته، وأمسك الطبيب من تلابيبه وهو يهتف بوعيد:
"أنا جايب مراتي مستشفى ولا زريبة؟!! خلال ساعة، لو مراتي مظهرتش، ههدّ المستشفى دي على دماغك! فااااااهم؟!!!"
تركه بعنف، وراح ينقل نظراته بين أفراد طاقم الأطباء، حتى استقرّت عينه على عاملٍ كان ينظر إليه بتوترٍ شديد. أشار إليه، وقال بحدة:
"إنت... تعالَ ورّيني كاميرات المخروبه دي!!"
أسرع العامل إليه وهو يشير إلى غرفة المراقبة، فتقدم ريان منها وجلس أمام الحاسوب الذي يعرض جميع مداخل وغرف المستشفى.
"هاتلي تسجيل الكاميرات من الساعة ٢ الفجر، من وقت ما مشيت!"
"حاضر يا باشا!"
عبث العامل بالحاسوب حتى ظهرت المشاهد على الشاشة... ظهرت غرفتها، وبقي ريان يراقب بهدوء ما يحدث بعد مغادرته.
بعد عشر دقائق، ظهر من العدم رجال ضخام البنية، يقفون عند مدخل الغرفة، بانتظار إشارة. انفتح الباب، وخرجت منه السيدة (أولفت)، أشارت إلى ديمه النائمة على السرير، وبدأت تتحدث مع الرجال بكلمات غير مسموعة.
تقدم الرجال بسرعة، دخلوا الغرفة، وبعد لحظات، خرج أحدهم وهو يحمل ديمه النائمة بين ذراعيه. كانت فاقدةً للوعي، وشعرها يتساقط على وجهها، ما صعّب التمييز بأنها المريضة الخاصة، زوجة رجل الأعمال الشهير!
في اللحظة الأخيرة، رفعت السيدة (أولفت) عينيها إلى الكاميرا، وابتسمت ابتسامةً سعيدة، ثم رفعت يدها بعلامة الوداع...!!!!!
-----
إذا كنت تريد تصحيح الأخطاء الإملائية فقط دون أي تعديل في الأسلوب أو التنسيق، فإليك النص المصحح كما هو:
**استيقظت من نومها بعد سبات طويل، تشعر أنها نائمة ما يقارب الشهر. حلقها جاف، وتشعر بالظمأ. اعتدلت في جلستها على السرير حيث أمعنت النظر في الغرفة، إنها ليست غرفتها! أين هي؟ نزلت من أعلى السرير حتى تكتشف البيت، وأخذت تبحث في البيت عن أي شخص تعرفه، لكنها لم ترَ أي شخص. ذهبت إلى المطبخ الذي رأته بالصدفة، شربت الماء، والتفتت لكي تذهب، لكنها اصطدمت بوالدتها. سقط الكوب منها بخوف من هول المفاجأة، فأسرعت والدتها تحضنها بخوف، "وأخيرًا، ابنتها استيقظت!"
بادلتها ديمة العناق وهي لا تعي ما يحدث:
"اهدئي ياماما انتي بتعيطي لي ؟ هوه حصل حاجه ؟"
توقفت والدتها عن بكائها، وهي تطالع الواقفة أمامها باستغراب:
"قصدك اي بحصل حاجه! ؟"
خطر احتمال في ذهن والدتها لكنها نفته بخوف، ثم اتجهت إلى ديمة التي كانت تطالعها باستغراب، أجلستها على الكرسي، وجلست بجانبها وهي تردف بهدوء:
"بصي يا ديمه؟ عايزه أسألك سؤال... انتي تعرفي حد اسمه ريان؟!! "
طالعتها ديمة باستغراب من الاسم الذي لأول مرة يقع على مسامعها:
"ريان؟ مين؟ اول مرا اسمع الاسم ده!!!"
بعتذر عن التأخير ي حبايبي عايزاكو تقلولي رايكو ف الأحداث وتوقعاتكو؛ ❤️
•تابع الفصل التالي "رواية بين اللهو و الهوى" اضغط على اسم الرواية