Ads by Google X

رواية زواج في الظل الفصل السادس 6 - بقلم ياسمين عطيه

الصفحة الرئيسية

   

رواية زواج في الظل الفصل السادس 6 - بقلم ياسمين عطيه


في غرفة البنات، كان الجو مشحونًا
صباح كانت في قمة توترها وعصبيتها، مش قادرة تفهم إزاي مش قادرين يعرفوا مكان نسرين. الأفكار بتدور في دماغها بسرعة.
صباح (بغضب شديد): “يعني إيه مش عارفين هي فين؟ الفرح بعد كم ساعه هنتفضح قدام الكل وسيرتنا هتبقى على كل لسان!”
نوال (بتكلم صفية، وهي شديدة القلق): “صفية، أنا عارفة إنك ما بتكدبيش، قوليلي بس هي هربت على فين؟ قبل ما جدك يقتلنا كلنا.”
صفية (بعيون مليانة خوف): “والله يا ماما، ما نعرف هي فين. هي فجأة اختفت، وما شفناهاش بعد كده. قلنا يمكن عايزة تهدى شوية بعيد عن ضغط الفرح.”
رغدة (وهي بتمسح دموعها): “، دي المرة الأولى اللى نسرين تختفي فيها من غير ما تقول.”
نوال (بصوت حازم، وهي بتبص لصباح): “لازم نلاقيها بسرعة. لو ما لقيناهاش، خلاص، أنتم عارفين جدكم هيعمل فينا إيه… هيقتلنا كلنا!”
فجأة، سمعوا صوت ماكانوش يتمنوا يسمعوه في تلك اللحظة. صوت عصبى وقوي، مثل زئير عاصف يخترق صمت الجو المشحون. كان الصوت هو صوت الحاج صلاح، وصوته كان مليئًا بالغضب والعصبية لدرجة أن الأرض اهتزت تحت تأثيره.
الحاج صلاح (بغضب شديد، وهو بيصرخ): “دي مين دي اللي مش لاقينها؟! أنا فعلاً هقتلكم كلكم! بنتك فين يا صباح؟!”
صباح (بخوف شديدة، بصت لتحت وكأنها طفلة ارتكبت جريمة): “والله يا بابا مش عارفة، أنا بدور عليها ومش لاقياها.”
الحاج صلاح (بصوت عالي، مع تقطيب جبينه): “يعني إيه مش لاقياها؟! هي عيلة صغيرة! بنتك هربت يا استاذ، قسمًا بالله العلي العظيم، أنا هربيكم من أول وجديد وبنتك عشان دي ما تربتش ! لازم تلاقوها بس وكلكم هتتحاسبوا! إزاي تغيبي عينك عن بنتك؟!”
فؤاد (في صدمة، مش قادر يصدق اللي بيحصل): “نسرين بنتي؟ مستحيل! دي مش ممكن تكون هي اللي هربت!”
الحاج صلاح (وهو بيجمع الناس كلها قدامه، بيصرخ بغضب أكبر): “جمّعوا لي البهايم، ولادكم كلهم قدامي دلوقتي! في خلال ساعة واحدة، الحيوانة دي لازم تبقى قصادي، وأنا مش هسكت لحد ما ألقى البنت دي!”
حالة من الهرج والمرج كانت مليانة المكان، والمكان كله تحول لفوضى بسبب اختفاء نسرين المفاجئ، وكأن الفرح كله توقف في لحظة. العربيات كلها بدأت تمشي ورا بعض، وكل واحد فيهم بيبحث عنها في كل مكان. كان منهم أركان، اللي مش قادر يسيطر على نفسه من التعب والضغط، وهو بيقول: “كانت ناقصاها دي كمان النهارده!”
أما طاهر، العريس، كان زعلان جدًا لدرجة إن كل شيء كان بيحرق قلبه. هو لنفسه، وبيحاول يحلل الموقف، وهو في حالة من الانهيار الداخلي: “للدرجة دي مش عايزاني؟ لدرجة إنها تهرب من فرحها وتتحدى جدها؟! اللى مجرد ما اعترضت كان هيموتها! هي مستعدة تموت عشان ما تبقاش معايا؟”
في اللحظة دي، مروان كان معاه، وحاول يطمنه وهو بيقوله: “ما تقلقش، إن شاء الله هنلاقيها. وصدقني، نسرين اختي مجنونة ، بس صدقني ومع الوقت هتحبك.”
طاهر (بيضحك بشكل استهزائي): “مش واضح خالص.”
الوقت كان بيخلص، والمهلة اللي مديها لهم الجد صلاح قربت تنتهي، والاتصالات كانت بتروح وتيجي بين العيلة كلها، وفيه ضغط رهيب بيحسوا بيه. الوقت ما بقىش فيه غير ربع ساعة، ولسه ما فيش حد لاقى نسرين، وكل دقيقة بتزيد التوتر. الجو كان متوتر جدًا في كل مكان، الكل بيحاول يلاقيها بأي وسيلة.

وأثناء ما الجد صلاح كان واقف في جنينة الفيلا، وسط الحيرة والقلق، لفت نظره عربية أركان (اللي في نظره هو “سعيد”) اللي وقفت قدامه، وفتح الباب فجأة. وعين الجد صلاح ركزت على أركان وهو بينزل من العربية، في مشهد مفاجئ. أركان (سعيد) فتح الباب وطلع نسرين
وبالموق دا كان في حاجة جديدة. لمَّا عينيه التقت بعين أركان، كان في نظرة إعجاب . صلاح، اللي كان في البداية مش شايف أركان بشكل مميز، دلوقتي بدأ يحس إن فيه شيء مختلف عنه. في عقله كان في لحظة تقييم، زي ما يكون حط أركان في مكان مختلف عن باقي الرجالة اللي حواليه، وده خلّى أركان يكسب نقطة مهمة. كان واضح من نظرة الجد صلاح إنه مش بس لقى نسرين، ولكن كمان حصل شيء غير مباشر، أركان أصبح في نظره أكثر أهمية، وحتى لو كان لسه فيه تحديات قدامه، ده خلى الجد صلاح يقرب منه خطوة جديدة.
صباح كانت واقفة في الصالون، نظراتها مليانة خوف وقلق. أول ما شافت نسرين نازلة من العربية، قلبها كاد يوقف من شدة الارتباك. كان عندها شعور بالفشل، مش قادرة تستوعب اللي حصل. كانت بتحاول تظهر هدوء قدام الناس، لكن من جواها كانت عارفة إنه مفيش وقت تضيعه، ولازم تسيطر على الوضع قبل ما الأمور تتفاقم أكتر.
نوال كانت بتشوف الموقف من زاوية مختلفة. هي كانت متوترة مش بس علشان نسرين اختفت، لكن كمان علشان الموقف ممكن يأثر على سمعة العيلة. كانت عارفة إن الجد صلاح مش هيسكت لو الموضوع خرج عن السيطرة. كانت تحاول تظل هادئة قدام الجميع، لكنها كان بيها مشاعر متناقضة بين القلق والتوتر.
رغدة كانت بتشعر بالصدمة. كانت متفاجئة من الموقف، حتى لو كانت متوقعه إن نسرين هربت لأسباب خاصة بيها. قلبها كان مليان مشاعر متضاربة. هي بتحب أختها، لكن كان في قلق حقيقي من رد فعل الجد صلاح، وده خلاها مش عارفة تتصرف.
صفية كانت في حالة من الدهشة. ما كانتش متوقعه إن نسرين هتهرب في اللحظة دي. مشاعرها كانت مختلطة بين الفضول والقلق، وكانت شايفة إن نسرين كانت بتحاول تبعد عن الموقف الجاد اللي فُرض عليها
العربيات كلها جت قدام الفيلا، وكل واحد فيهم كان مشغول بالتفكير في اللي هيحصل. سليم، طاهر، مروان وعادل وصلوا.
سليم نظر لطاهر :
“مين اللي لقاها؟”
خليل :

“سعيد، هو اللي لقاها”
عادل بستغراب لانه اول مره يسمع اسمه :مين سعيد ده
طاهر: البواب الجديد
مروان بصدمه:
“طب ازاي لقاها دا احنا قلبنا عليها الدنيا وفي الاخر البواب اللي يلاقيها مش احنا؟”
فوائد: يوضع سره في اضعف خلقه
الكل كان في حالة صمت للحظة، عيونهم اتنقلت من بعضهم البعض في تساؤل، مش قادرين يصدقوا إن الشخص اللي كان بالنسبة لهم مجرد بواب هو اللي قدر يلاقي نسرين في الوقت ده.
عادل وهو بيبص لاخته اللي كانت في حضن رغده اختها نسرين “احكي لنا إيه اللي حصل.”
نسرين بدموع وهي بتفتكر
فلاش باك
“وأنا كنت خارجة من الفيلا، لقيت العربية اللي هربت فيها وقفت في مكان جنب الزرع. نزلت بسرعة، وفضلت أمشي وسط الزرع مش عارفة رايحة فين ولا هعمل إيه. وكنت في حالة تشتت… وفجأة، لقيت شابين قاعدين بيشربوا ، وقربوا مني.”
نسرين كملت، وهي مسترجعة اللحظة بخوف:
“واحد منهم : الحق يلا القمر اللي قصادنا دي، النداهة ولا إيه؟’
التاني رد عليه وقال: ‘لا يا ابني دي حقيقية، بت شوف شعرها حلو ازاي’، وقام يغمز لي وقال: ‘ما تيجي يا عسل.'”
نسرين كانت مرعوبة، وكأن قلبها كان هيقف،
واحد منهم:”الجميلة رايحة على فين؟”
نسرين خافت جدا و على طول جرت بأقصى سرعتها

في الاثناء دي شفها اركان ركن العربيه بسرعه ونزل منها
نسرين اول ما شافته حست انها شافت نجدتها جريت عليه ورمت نفسها في حضنه بس طبعا ما حكيتش لهم ده
اركان بعدها عنه وقال لها روحي اركبي العربيه وما تنزليش منها
واحد منهم حاول يتحدى، وقال:
“إمشي يلا من هنا، ده مش شغلك. سيبها بدل ما نغزغزك ونموتك. إحنا اثنين وأنت لوحدك.”
لكن أركان كان ثابت، بيبص في عيونهم نظرة حادة، وقال لهم بكل برود:
“طب ارمي اللعبة اللي في إيدك دي وامشي أحسن لك لو مش حابب أكسر عضمك دلوقتي.”
الشابين ضحكوا، وحاولوا يهجموا بالمطوه على اركان بس اركان مسك دراع الشاب اللي كان ماسك المطوه ولفوا لورا لدرجه خلى المطوه تقع من ايديه وأعطاه لكمة قوية في وجهه. الآخر حاول التدخل، لكن أركان كان أسرع. امسك به من رقبته، ووجه له ضربة أخرى، وجعلهم يقعوا على الأرض
وقاموا يجروا على طول يهربوا
واركان مشي ناحية العربيه وانطلق
نسرين بهيام وهي ما كانتش بتفكر في حاجه غير حضنه وجمال حضنه ريحته كانت جميله جدا وحضنه كان دافئ هو ده اللي كان شغال بالها بس: شكرا جدا ليك مش عارفه من غيرك كنت عملت ايه
اركان بجديه وهو بيبص في الطريق: تاني مره ما تهربيش من البيت اهلك عارفين مصلحتك
نسرين ما ردتش وفضلت طول الطريق تبص له
نهايه الفلاش باك
طاهر بعصبيه :مين الشباب دي انا هخفيهم من على وش الدنيا ازاي يتجراوا يقربوا لك تعرفي هم مين
نسرين هزت راسها بدموع بمعنى لا
مروان: يمكن سعيد ده يعرفهم

سليم :اكيد لا دا لسه جاي جديد في البلد كلها مش الشغل بس
دموعها تسيل على وجهها، وهي تحاول أن تبرر موقفها أمام الجميع. عينيها مليئة بالخوف والأسف، وكأنها تدرك حجم ما فعله، ولكنها كانت في نفس الوقت تملأها مشاعر التوتر والخوف من ردة فعل الجميع عليها.
نسرين: (وهي تبكي) “أنا آسفة… حقكم عليا، والله ما كانش قصدي أخوفكم. أنا بس… بس ما بحبش حد يغصب عليا حاجة، ولا أحب حد يتحكم فيا.”
كانت تتنفس بصعوبة، تشعر بالذنب الشديد. حاولت تهدئة نفسها، لكن الدموع لم تتوقف عن الانهمار، وكأنها تعبير عن مشاعر متضاربة داخلها. عيونها كانت تبحث عن نظرة تعاطف أو تفهم، ولكنها لم تجد سوى العيون الغاضبة والمشحونة بالتوتر.
الجد صلاح، الذي سمع كل الحديث وعرف ان اركان مش بس وجد حفيدته ده انقذها النقطه دي بتزود رصيد اركان عنده ،وجه الكلام لحفيدته اللي بتترجه يسامحها
الحاج صلاح: (بعصبية) “حسابك بعد الفرح لكن دلوقتي كل واحد يقوم يجهز.”
كانت الكلمات كالسياط على نسرين، جعلتها تشعر بأنها قد ارتكبت أكبر خطأ في حياتها. نظرت في عيون الجد صلاح، وتمنت لو كانت تستطيع أن تعيد الزمن للوراء، ولكن لم يكن هناك وقت للندم.
الجميع بدأ يتحركون لتجهيز الفرح، ولكن نسرين شعرت وكأنها لا تنتمي إلى المكان. أجواء الفرح كانت لا تناسب مشاعرها، وكانت لا تعرف كيف ستواجه الجميع بعد ما حدث.
القاعة مليانة أضواء، موسيقى الفرح شغالة، والكل منتظر اللحظة الكبيرة… دخول العرسان الأربعة مع بعض في موكب واحد. كان المشهد مزيج بين الرومانسية، القلق، والعبثية المطلقة، خاصة لما يكون في واحده مجنون وسطهم!
لحظة دخول العرايس:
الأبواب اتفتحت، وبدأت كل واحدة تمشي جنب عريسها… بس مش بنفس الحماس!
نسرين وطاهر:
نسرين كانت ماشية جنب طاهر وهي حاسة إنها داخلة على ساحة إعدام، مش فرح! فستانها الأبيض ما غطاش علامات الضيق اللي على وشها، وعنيها بتبص في كل اتجاه إلا في وش طاهر. أما طاهر، فكان بيبص لها بنظرة كلها حب، كأنه مش شايف أي حاجة غيرها، وبيقرب منها شوية بشوية. فجأة، نسرين اتحركت خطوة بعيدة عنه، كأنها بتزود المسافة بينهم بالعافية.

رغدة وسليم:
على العكس تمامًا، رغدة كانت مبسوطة جدًا وماشية جنب سليم وهي بتبتسم بخجل. أما سليم، فكان بيحاول يكون هادي ورزين، لكن نظراته ليها كانت بتفضحه تمامًا… شايفها أحلى واحدة في الدنيا. رغدة قربت منه وهمست:
– “بدلتك حلوة عليك.”
سليم ضحك وقال:
– “وأنتِ أحلى”
صفية وعادل:
صفية كانت عينيها مليانة حب، قلبها بيدق بسرعة وهي ماشية جنب عادل اللي كان بيبص لها بنفس الإعجاب. ده كان الفرح اللي حلمت بيه، والرجل اللي قلبها اختاره. عادل لاحظ ارتباكها، فمال عليها وقال بهزار:
– “خففي السرعة يا عروسة، إحنا مش في سباق.”
ضحكت بخجل، وسرقت منه نظرة سريعة.
مروان وأسماء (المصيبة الكبرى):
أما هنا، فالحالة كانت كارثية! أسماء، اللي بتوصف نفسها رسميًا على إنها “مجنونة”، دخلت القاعة وهي بترقص على أنغام الزفة، مشيها مش مشي عروسة خجولة، بل مشي حد داخل حفلة تنكرية ومبسوط بالدوشة! مروان كان ماشي جنبها وكأنه متقدم على حبل مشنقة، وشه شاحب وعنيه بتدور على أي مخرج من المصيبة دي وبيقول لنفسه ما لقوش غير المجنونه دي يجوزها لي.
لحظه الرقصه الرومانسيه العرسان وقفوا جنب بعض، وبدأوا يبصوا لبعض لأول مرة المشاعر كانت متضاربة تمامًا!
نسرين بصت لطاهر… وطاهر بص لها بحب، وهي بصت له بنفس النظرة اللي الواحد بيديها للواجبات اللي مش عايز يحلها!
رغدة وسليم كانوا غرقانين في بعض بنظرات كلها حب وارتباك.
صفية وعادل كانوا في عالمهم الخاص، كأنهم بس هما اللي في القاعة.

أما مروان، فكان مصدوم… أول ما شاف أسماء بفستان الفرح الأبيض اللي مليان تطريزات لامعة وحركات، بص لها بذهول وقال بصوت واطي:
– “هو ده فستان عروسة ولا بدلة سوبر هيرو؟!”
أسماء ضحكت وقالت:
– “عجبتك؟ جبتها مخصوص عشان
تنبهر بيا طول حياتك.”
مروان تنهد وقال:
– “هو أنا محتاج انبهر اكثر من كده؟ كفاية اللي أنا فيه!”
القاعة انفجرت بالتصفيق، وكل واحد فيهم كان بيواجه مصيره… بعضهم بسعادة، وبعضهم بندم، وبعضهم بتسليم تام!
وسط الدوشة والصخب، كان الفرح ماشي زي الحلم.. أصوات الزغاريط، الأغاني، الناس اللي بتضحك وبتسلم على بعض، الصواريخ اللي بتنفجر في السما وتلونها بألوان زاهية، والعيون كلها مرفوعة لفوق.. محدش واخد باله من اللي بيحصل تحت رجليه.
لكن أركان كان شايف، شايف بعينه اللي غيره مش شايفه. الفرح ده كان غطاء لعملية أكبر بكتير، صفقة مخدرات معمولة بتخطيط محكم، خطة مستحيل حد يكشفها، ولو حاول يكشفها مش هيلاقي حاجة تثبتها. الحاج صلاح، دماغه سم زي ما بيقولوا، عامل كل حساباته، مغفل الحكومة بمكان تاني خالص، مبدل رجالة، مأمن كل حاجة، ومستحيل أي عين متركزة فوق تشوف اللي بيحصل تحت.
أركان، أو سعيد زي ما بيتقال عليه هنا، كان مركز، مستني اللحظة اللي يعرف فيها أكتر، واللحظة دي جت لما قرر يعمل حركة.. حركة بسيطة، بس كانت كفيلة تلفت انتباه صلاح ليه. عين صلاح وقعت عليه، راقب تصرفه، وابتسم ابتسامة صغيرة كأنه لقى حاجة كان بيدور عليها.
بعد الفرح، وأركان كان بيجهز يخرج من المكان، لقى واحد من رجالة صلاح بيشاور له:
• الحاج عايزك.
دخل، لقى صلاح مستنيه، قاعد بهدوء، عنيه تقيس كل حركة بيعملها:
• إنت دماغك حلوة يا سعيد.. عجبتني.

• خير يا حاج؟ قالها أركان بصوته التقيل المعتاد.
• عايزك معايا بعد كده.. شايف إن ليك فرصة حلوة معانا.
الكلام كان واضح.. صلاح شاف فيه حاجة مميزة، شاف إنه مش مجرد حد شغال عندهم، لأ، دماغه بتشتغل، وده يخليه يستحق فرصة أكبر وبكده اركان حط رجله على بدايه الطريق اللي هو عايزه.
ليلى كانت واقفة في ركن بعيد، ماسكة صينية فيها عصاير، بتتحرك وسط المعازيم كأنها جزء من الديكور، مش واحدة المفروض إنها “زوجة” برضه!
عنها كانت بتلمع وهي بتبص للعرسان، فساتينهم البيضاء، نظرات الفرح والترقب اللي بينهم… وغمضت عينيها لحظة، تخيلت نفسها مكانهم، تخيلت نفسها بفستان فرح، وأركان واقف قدامها… بس قبل ما تكمل الخيال، صوت حد بيناديها صحاها:
– “يا خدامة! العصير يا بنتي، انتي واقفة تحلمي!”
فتحت عينيها بسرعة، وأجبرت نفسها تبتسم وهي بتقدم الصينية… لكن قلبها كان تقيل، ونظرتها – غصب عنها – راحت على أركان.
كان واقف بعيد، لابس جلبيه سودة فخمة، شكله هادي زي العادة، نظرته باردة، وكأنه مفيش أي حاجة بتحركه، حتى الفرح اللي حواليه مش مقصر فيه. بس لما عنيه جات على ليلى… وقف لحظة، حاجبه اتحرك بخفة، كأنه بيقول لها شيلي عينك من عليا.
ليلى نفسها كانت بتلعن اللحظة اللي بصت له فيها، قلبها اتشد، فركت صوابعها في طرف المريلة اللي لابساها، وحاولت تهرب بنظرتها… بس أركان كان أسرع.
مشيت بسرعة وسط الناس، دخلت المطبخ، وحطت الصينية بعنف، وحطت إيديها على قلبها اللي كان بيخونها… “إيه ده؟ أنا في مهمة، مش في فرح بجد! إيه الغباء ده؟”
بس الحقيقة كانت واضحة… أي بنت، مهما كانت، لو لقت نفسها في يوم شبه اليوم ده، وهي عارفة إن اللي المفروض يبقى جوزها واقف هناك، مش معاها… هتحس بوجع مش طبيعي.
أما أركان، فبعد ما اختفت من قدامه، شال عينه عن المكان، رجع لنفس بروده المعتاد… وكأن المشهد اللي حصله من شوية مجرد حاجة مالهاش لازمة، أو يمكن… مش عايز يعترف إنها أثرت فيه فعلاً.
أربع غرف، أربع حكايات

الغرفة الأولى: نسرين وطاهر
نسرين دخلت الأوضة وهي متوترة، قلبها بيخبط بسرعة، وطاهر وراها، قفل الباب بهدوء وبص لها بنظرة مش سهلة… نظرة حب مش مخفية، بس كان فيها خوف، خوف من رد فعلها، من رفضها، من الحاجز اللي بينه وبينها.
هي وقفت بعيد، حطت إيديها في بعض، وشها متشنج، مش قادرة تبص له، مش قادرة تتقبل فكرة إنها بقت مراته بجد.
طاهر بابتسامة خفيفة: “مش عايزك تخافي مني، أنا عارف إن الجوازة دي مش بمزاجك، بس أنا مستعد أستنى… لحد ما قلبك يلين لي.”
نسرين بلعت ريقها، رفعت عينها له أخيرًا، كان واقف بعيد، بس قريب بشكل يخليها تحس إنه فعلًا صادق…
بعد لحظات صغيره
نسرين كانت قاعدة قدام المرآة في أوضتها، شعرها سايب على ضهرها، وعينيها ثابتة على انعكاسها، بتفكر… بتحسبها… أي نعم كانت مكسورة، وأي نعم حياتها مش بإيدها، بس هي لسه تقدر تتحكم في حاجات، حاجات هتخليها تتحرر أكتر. كانت فكرت في كل السيناريوهات، ودي كانت الطريقة الوحيدة اللي هتديها القوة اللي ناقصاها… الطريقة الوحيدة اللي هتخليها مش تخاف من أي حاجة بعد كده.
لما طاهر خرج من الحمام، كانت جاهزة…
“طاهر…” صوتها طلع ناعم، فيه حاجة مختلفة خلت قلبه يدق أسرع.
قامت من مكانها ببطء، قربت منه، وكل خطوة كانت محسوبة. نظرتها مكنش فيها رهبة، مكنش فيها تردد، بالعكس… كانت واثقة. حطت إيديها على كتفه، حست بتشنجه، بلع ريقه، وملامحه اتغيرت، متفاجئ، مبهور، مش قادر يصدق إن المسافات بينه وبينها بقت شبه معدومة.
هو كان مستني لحظة زي دي، كان عايزها، كان بيتمنى إنها تيجي له بإرادتها، مش مجبره عليه… دلوقتي؟ هي اللي بتقرب؟ هو كان عايز يصدق إن ده حقيقي.
“نسرين…”
سكتت، بصت في عينيه، وقربت أكتر، همست بصوت هادي:
“مش ده الطبيعي؟ انت جوزي، مش كده؟”
طاهر مقدرش يرد… هو مبسوط، مغيب عن أي شك، عن أي تفكير منطقي. هي دلوقتي مش مجرد العروسة الهاربة… دي بقت مراته، وهو خلاص… أخيرًا… بقى ليه حق عليها.

بعد دقايق عقله سرح في اللي حصل… كان كل حاجة ماشية تمام، بس فيه حاجة مش مريحة، حاجة كأنها ناقصة… تصرفات نسرين بعد اللي حصل، كانت باردة، عادية، لا فيها حب ولا ندم… كأنها بس خلصت مهمة.
أدرك… ببطء شديد… إن كل اللي حصل مكانش سببه إنها حبته، ولا إنها استسلمت ليه… لا… نسرين كانت بتلعب لعبة أكبر منه، لعبة هو لسه مش عارف قوانينها… بس أكيد هيفهمها قريب جدًا.
الغرفة الثانية: رغدة وسليم
على عكس نسرين، رغدة كانت طايرة من الفرحة، أول ما دخلوا الأوضة ضحكت بمرح: “وأخيرًا لوحدنا يا بيه!”
سليم بابتسامة : فرحانه
رغدة ضحكت وهي بتقرب، حطت إيديها على صدره بخفة: “هطير من الفرح كنت مستنية اللحظة دي من زمان…”
سليم مسك إيديها، قرب وشه منها وهمس: “وأنا كمان.”
وقبل ما تكمل أي كلمة، كانت بين إيديه، بتضحك وهي بتحس إن الليلة دي أجمل ليلة في حياتها.
الغرفة الثالثة: صفية وعادل
صفية كانت قاعدة على طرف السرير، متوترة شوية بس مش خايفة… بس عادل كان هادي كالعادة، فضل واقف عند الدولاب، بيخلع الجاكت، وبيبص لها من المراية.
“إنتِ متوترة ليه؟ مش كنا متفقين إن إحنا نبدأ حياتنا براحة ومن غير أي ضغط؟”
صفية هزت راسها بسرعة: “عارفة، بس… الموضوع غريب شوية، يعني… إحنا متجوزين بجد دلوقتي.”
عادل لف لها، قرب منها وبص في عينيها: “وبجد هتبقي مراتي وحياتي… ومستعد أستنى لحد ما تتعودي عليا.”
صفية ابتسمت بخفة، قلبها بدأ يهدى، عارفة إن معاه مفيش حاجة تخوف… هو سندها، وده كفاية.
الغرفة الرابعة: مروان وأسماء
أما هنا، فالحكاية مختلفة تمامًا
أسماء (بتتكئ على السرير وبتبص لمروان بعيون ضيقة): ” بصي بقى يا بتاع البنات، انت؟لا تكتفي بيا لااااا… بالبنات بتاعتك!”

مروان (بيرفع حاجبه بسخرية وهو بيفك أول زرار في قميصه): “البنات بتاعتي
أسماء (بتشد المنديل اللي في إيدها وبتبص له ): “حلو أوي… عايزاك بقى لما أمي تيجي بكرة تسأل حصل إيه، تورّيها دم إيدك الحلوة دي على المنديل ده!”
مروان (بخبث وهو بيقرب منها): “لا، هقول لها بنتك رفضت تديني حقوقي الشرعية!”
أسماء (بتشهق وهي بتحط إيدها على صدرها): “ااه؟ يا كذاب! مش انت اللي لسه مختار؟ مش أنا خيرتك؟ وفي الآخر يسألوا البني آدم مسير ولا مخير!”
مروان (بصوت هادي بس عنيه فيها لمعة شهوه وهو بيرمي الجاكيت على الكنبة): “وأنا اخترت…”
أسماء (بترجع لورا وهي بتبلع ريقها): “يا مروان، يا عسل، يا جميل، لا انا بطيقك ولا انت بطقني، ما انت فاهم الجوازة دي مش راضي عنها غير أبوك وأمي عشان إخوات… عارف أبويا اللي هو خالك؟ أقسم بالله رزعني علقة موت عشان الجنازة دي!”
مروان (وهو بيقرب أكتر ببطء): “ومين قال لك إني مش بطّقك؟ بعدين ده مالوش علاقة إنك من الصنف الناعم، صح؟”
أسماء (بتفتح عينيها بخوف وهي بترجع لورا): “بلا صنف ناعم بلا صنف خشن، روح نام يا عسل!”
مروان (بخبث وهو بيهجم عليها): “مافيش نوم للصبح!”
أسماء ( وهي بتقع على السرير): “يا نهار أسود، إنت بتتكلم بجد؟!”
مروان (يعتليها وهو بيهمس بشهوه): اديكي هتشوفي بعينك محدش هيقول لك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلى كانت لسه هتدخل الاوضه بعد يوم طويل ومرهق، الفرح خلص أول ما وصلت للباب مدت إيدها تفتحه، لكن صوت أركان جمدها في مكانها.
صوته كان هادي، بس فيه حاجة غريبة، حاجة مش سمعته بيقولها قبل كده.
أركان: “عارفة كويس إني ما حبيتش ولا هحب غيرك، كل ده كان لازم يحصل، بس ده ما غيرش حاجة جوايا.”

 

google-playkhamsatmostaqltradent