Ads by Google X

رواية دلال و الشيخ الفصل السادس 6 - بقلم شيماء سعيد

الصفحة الرئيسية

 رواية دلال و الشيخ الفصل السادس 6 - بقلم شيماء سعيد 

دلال_والشيخ 
الحلقة السادسة 
...............
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️ 
الطـ.عنة  عندما تأتى من الغرباء  أحياناً لا تكون مميتة ولكنها تسبب ندبًا وأثر نفسى لا يزول ولكن عندنا تأتى من أقرب الناس إليك  فإنها تكون مميتة فى الحال لأن الخذلان أشد من الطعـ.ن .
......
علمت بسمة من أسماء ما حدث مع أحمد فظهر على وجهها الحزن مما أثار حفيظة أسماء فقالت بغيرة واضحة على ملامحها:
_ ومالك زعلانة كده عليه يا آخرة صبرى، هو كان من بقية أهلك وأنا معرفش .

غضبت بسمة وقالت بدفاع: هو لازم يعنى يكون من أهلى عشان أزعل عليه، مفيش حاجة اسمها إنسانية عندك.
 وشاب زى الورد كده يحصله حاجة زى دى !!

أسماء بتهكم: لا قلبك حنين يا بسمة .

 لتستطرد بسمة بمكر : هو مينفعش يا بت تخدينى معاكِ أزوره واهو يعنى نعمل الواجب معاه .

لم تتحمل أسماء كلمات بسمة، فوقفت والغضب يتطاير من عينيها قائلة بهدر: 
_لا والله، أنتِ إتجننتى يا بت..!.

تزوريه بإمارة ايه، أنا مشوفتش فى بجاحتك صراحة .
طب حتى خبى نفسك منى، لكن عينى عينك كده حطه عينك على خطيبى .

عقدت بسمة حاجبيها وقالت بغل: بس متقوليش خطيبك، مفيش حاجة رسمى حصلت يعنى لسه ويعالم النصيب فين .

 فانفعلت بسمة وجذبتها  من شعرها بشدة حتى كاد أن يتقطع بين يديها قائلة: 
_نصيبك مقندل يا بت، أنا غلطانة انى صحبت وحدة زيك واعتبرتك بنى آدمة و أنتِ  بت البواب أصلا .

يلا روحى فى داهية مش عايزة أشوف وشك تانى وإلا ودينى أعلم على وشك الحلو ده .

ثم دفعتها لتخرج من المنزل بقسوة، فاندفعت العبرات من عينيهاوقالت والدٖماء تفور فى أوردتها: 
_كده يا بت الجمال، ماشى هشوف مين يضحك فى الأخر .

خرجت إبتهال على صوت أسماء العالى فسئلتها: 
_مالك يا بنتى فيه إيه، وصوتك عالى ليه أنتِ وبسمة انتوا مش هتبطلوا شغل العيال الصغيرة ده وتبطلوا نقار .

زفرت أسماء بضيق وقالت: يووه يا ماما متجبليش سيرة البت دى مش عايزة أعرفها تانى .

ثم اقتربت منها ولثمت وجنتيها بقبلة قائلة بدلال:
 بقولك ايه يا ست الكل مش واجب برده أروح أطل على أحمد ابن عمى ..

طالعها إبتهال بمكر مستفسرة: ومن امتى يا بت الحنية دى ..!!

داعبت أسماء خصلات شعرها وقالت بمكر: 
_ اهو يعنى قولت عيب أعرف إنه تعبان ومطلش عليه وكمان أشوف عمى عشان سمعت من سفيان إنه تعبان اوى .

اكفهرت ملامح إبتهال من الحزن وتنهدت بغصة مريرة قائلة: 
_يا عينى على اللى اصاب الحاج حمدى، ربنا يتولاه ويشفيه .
ويجازى اللى كان السبب .

ثم تابعت: أنا هسيبك تروحى بس عشان عمك وسيبك من أحمد يا بتى، كفاية اخواتك ولى شيفينه من زينب.

 مش عايزاكِ أنتِ كمان تكونى زيهم، خصوصا انك غيرهم.

أبوكِ دلعك زيادة عن اللزوم ومتعرفيش تعملى حاجة من شغل البيت .

فطالعته أسماء بخبث قائلة: ليه وأنتِ فكرانى هبلة وطيبة أشجان وأنهار ..!!

ولا ممكن أسكت للست الشيطانة دى وتخليها تمرمطنى زيهم، لا ده أنا أسماء محدش يجى عليه أبدا .

فزفرت ابتهال بضيق: بطلى هبل، وأنتِ كمان لسه صغيرة على الكلام ده وهو لسه قدامه كتير، ساعتها الله أعلم بالنصيب .

 فابتسمت أسماء ورواغتها لتنفذ ما تريد : طيب يا قمر أنتِ، ممكن عقبال ما يجى النصيب أخد صينية الكيكة الحلوة دى وأروح بيها عند عمى .

بحلقت ابتهال بدهشة قائلة: بت يا أسماء، مالك كده مش عوايدك يعنى ولا كان أحمد فى دماغك أصلا، بالعكس أنا شايفاكِ بتميلى لتميم اكتر .

فقاطعتها أسماء مرردة بنفور: لا تميم ايه المشحم المزيت ده . لكن أحمد دكتور وليه وضعه .

ضيقت إبتهال عينيها بتفهم: ها قولتيلى بقا بصة على المنظر من بره، بصى يا بنتى هفهمك حاجة تحطيها حلقة فى ودنك .

الشهادات دى بتتعلق على الحيط،ومقولتتش إنها مش مهمة. بس الأهم منها إنك تاخدى إنسان يسعدك وميهونش عليه زعلك، وأنا شايفة عيون تميم كلها حب ليكِ لكن أحمد رغم أنه ابن حلال وملتزم بس بعيد عنك خالص يا بتى .

فياريت نعمل زى المثل اللى بيقولوا عليه عصفور فى اليد أحسن من عشرة على الشجرة .

شردت أسماء كثيرا فى حديث والدتها فهى محقة وبالفعل تميل إلى تميم أكثر ولكن العند يحول بينها وبين ذلك ولن تخسر معركتها مع بسمة وتتركه لها .

لذا اختطفت صينية الكيك قائلة بمرح: هروح اصطاد العشرة على الشجرة.

 زفرت ابتهال بملل: ربنا يهديلك نفسك يا بنتى .
عشان أنا عارفة البطران آخرته قطران .
.....
خرجت أسماء مسرعة إلى منزل عمها المجاور لهم .

وطرقت الباب لتفتح لها زينب التى تبدلت ملامحها لأخرى غاضبة واحمرت عينيها بلهـ.يب الغضب  وأخرجت أقذفه من النـ.يران قائلة بحدة:

_ مفضلش اللى أنتِ يا بت ابتهال، عايزة ايه مننا أنتِ كمان؟

لم تهتز أسماء لكلماتها الغاضبة وانما وقفت تطالعها بنفس النظرة وقالت بتحدى أثار حفيظة زينب:
_ خلصتى يا مرات عمى ولا لسه فى كلمة محشورة جوه زورك عايزة تقوليها كمان .

على العموم هوفر عليكِ الكلام، وهقولك أنا مش جيالك أنتِ لا مؤاخذة يعنى، أنا جاية لعمى وابن عمى أطمن عليهم .

وكانت أشجان فى تلك اللحظة مع أحمد فى غرفته، تحاول أن تطعمه من يديها وتناظره بكل حب ويلمع وميض الحزن فى عينيها من أجل ما تعرض له .

وتهمس بإنين: والله أنت ما تستاهل اللى جرالك ده يا أحمد من الشيطان شفيق والعقربة أمه ويعالم هيعملوا فيك إيه تانى .
منهم لله جبروت بس فيه ربنا أكبر منهم.

إلهى يفـ.رمك قطر يا شفيق يا ابن زينب أنت وأمك فى ساعة  واحدة .

تعرق أحمد من قرب أشجان الزائد فقال بحدة:
_ مينفعش كده يا أشجان لو سمحتى، لازم يكون فيه حدود فى التعامل وكمان أنا مش عيل صغير عشان حد يأكلنى .

 إرتبكت أشجان وتلون وجهها بحمرة الحرج فابتعدت قليلا قائلة:
_ هو أنا غريبة ، ده أنا بنت عمك وزى أختك .

وأنا عارفة إنك راجل وراجل اوى كمان ومش عيل بس عشان يعنى إيدك متجبسة وكده حبيت أساعدك .
ومنه لله اللى كان السبب .

أحمد بتفهم: أنا عارف إنك زى أختى بس برده مش أختى.
 فمعلش سيبى الأكل وأنا هحاول أكل لوحدى وكتر خيرك تعبتى نفسك .

وياريت لو تطمنينى على بابا وتبلغينى، ياريت أنا كنت أقدر اروحله وأقعد  تحت رجله كمان، لكن مش قادر ثم دمعت عينيه من الحزن .

 تأثرت أشجان بدموعه ولكن طمأنته قليلا بقولها: صلى على النبى كده يا دكتور.

وعمى كويس أنا لسه مطمنة عليه قبل ما أدخلك وأنهار أختى كانت قعدة تأكله بإيديها .

 فشكرهت أحمد بإمتنان: الله يكرمها ويسامحك يا أمى .

ثم استمع الإثنان اللى صوت عالى بالخارج .

فانتبهت أشجان لهذا الصوت الذى تعلمه جيدا فقالت بإندهاش: ده صوت أسماء أختى .

لما أطلع أشوف فيه إيه..؟

وعندما خرجت وجدت زينب تتطاول عليها باليد وتجذبها من شعرها قائلة بصـ.راخ: 
أنتِ يا بت يلى لسه مطلعتيش من البيضة، بتردى عليه وعاملة راسك براسى .

_اه ما أنتم تربيت إبتهال هتطلعوا ايه يعنى .!!

تمزق قلب أشجان عندما رأت أختها بين يدى زينب هكذا.

 فقامت بالنداء على أنهار قائلة: إلحقى أختك يا أنهار .

فتسارع الإثنان إليهم، فى محاولة لإبعاد يد زينب من شعر أسماء .

ترجتها أنهار: سيبها يا مرات عمى، عمتلك ايه بس ، دى يا صغيرة لسه مش فاهمة حاجة .

 صاحت زينب: اه ما أنا هفهمها غلطها، ابعدى أنتِ وهى بس وإلا ودينى أخلص عليها وأكمل عليكِ  .

وبينما زينب تجذبها من شعرها بقسوة وأسماء تصـ.رخ بين يديها  ولكنها بداخلها أقسمت أن ترد لها الصاع صاعين.

 فتحملت الألم وجاهدت حتى ترفع إحدى قدميها، فخلعت عنه الحذاء ثم جذبت شعرها بقوة من يدها.

 وفى لحظة انقلب المشهد من تعدى زينب عليها، إلى تعدى أسماء عليها حيث هوت بالحذاء على رأسها.

فصرخت زينب من الألم بين إندهاش أشجان وأنهار حيث شلت الصدمة لسانهم .

أما أسماء فلمعت عينيها بلذة الأنتصار فقالت بتشفى : العين بالعين والبادى أظلم يا مرات عمى .

وبرده هدخل أشقر على ابن عمى .

فولجت إليه سريعا وتقدمت منه وابتسمت بدلال: إزيك يا دكتور أحمد .

طالعها أحمد بإندهاش قائلا: أسماء!!

 أنا أول مرة أشوف تيجى عندنا، وصوتك ليه عالى كده مع ماما حصل حاجة..؟

 اقتربت منه أسماء وانحنت حتى أصبح وجهها مقابل وجهه وقالت بدلال: 
_كان لازم أجى عشان أطمن عليك، مقدرتش أسمع إنك تعبان ومجيش يا حمادة .

خجل أحمد من جرئتها والتفت سريعا بوجهه، فهو لم يتعود منها البساطة فى الحديث معه من قبل لذا عقد حاجبيه  وقال بإنفعال: 
_إسمى أحمد وعلى العموم متشكر على السؤال، وعلى كده دخلتى شوفتى بابا الأول ..؟

 حمحمت بحرج بعد أن أحرجها بسؤاله ولكنها أسرعت بقولها: 

_اه لازم طبعا أطل عليه، ربنا يشفيه، ثم استدارت نحوه من الجهة الأخرة وتمتمت  بدلال : ويشفيك يارب .
ثم تناولت صينية الكيك وأخذت منها قطعة وقربتها من فم أحمد قائلة بتودد: دوق كده، عمايل ايديا وحياة عينيه .

ولجت أشجان فى تلك اللحظة: فوجدتها تطعمه فضحكت ساخرة بعد أن اشتعلت الغيرة فى قلبها:
_ يعنى بتأكلك بإيديها ومبسوط اوى اهو، امال فين مينفعش وميصحش يا شيخ أحمد ..!!

أطلقت عين احمد ألسنة نارية من الغضب ولفظ تلك القطعة من فمه  التى أكلها مجبرا قائلا: استغفر الله العظيم يارب.

 ممكن تاخدى أختك وتخرجوا وأنا مش عايز حد يدخلى تانى بأكل ولا شرب وسبونى لحالى لو سمحتم، أنا مش ناقص ذنوب .

ثم شرد فى دلال وملامحها التى حفظها عن ظهر قلب مع أنه لم يطلق عينيه عليها إلا مرة واحدة.

كما جاء فى الحديث( النظرة الأولى لك والثانية عليك ) .
ثم أخفض بصره ولكن ظل تفاصيل وجهها فى مخيلته .

 ثم وجد نفسه يبتسم عندما تذكر رجاءها فى أن يدعو لها .

فتمتم بالدعاء تحرك به صدره ولمعت به عينيه بالدموع: اللهم أسدل عليها بخيرك وسترك وطهر قلبها وحصنها من شياطين الإنس والجن، ولا يدخل الحب قلبها إلا بالحلال .

وبينما هو يدعو إذ بـ أشجان تدفع أختها للخروج عنوة قائلة: يلا يا أختى مستنية ايه، على بيتكم يلا.

عشان لو المحروس شفيق جه وعرف من أمه اللى عملتيه هيطين عشتك وعشتنا معاكِ، ربنا يسترها أنا مش ناقصة مبقاش فى جتتى حتة سليمة .

أسماء بغل: عشان هبلة، ايه مسكتك على الهم ده، اتطلقى منه وخدى سيد سيده .

ضحكت  أشجان ضحكة حزينة بتهكم قائلة: سيد سيده، فين ده؟

ده الراجل المصرى عندنا والشرقى عموما يكون مطلق ولا أرمل وإيه كمان عجوز كهنة يا أختى ولما يعوز يجوز يدور على بنت بنوت صغيرة عشان تجدد شبابه.

وكأن المطلقة عندها جرب محدش يقرب منها لكن هو عادى يعنى ما بداله مجتمع ظالم ، ده غير الأهل مهما حصل يقولوا ملكيش غير بيتك وعشان عيالك إستحملى .

فروحى يا بنتى وسبينى فى الجـ.حيم اللى أنا عايشة فيه .

أسماء بنظرة تحدى: بس أنا بعون الله اللى هخلصك من الجحيم ده لما أدخل البيت ده وأنا مرات أحمد .

عصفت الغيرة الهوجاء بقلب أشجان التى يميل قلبها إلى أحمد رغما عنها ورغم علمها أن هذا يعد خيانة وخطأ فادح ولكن سيطر الشيطان على عقلها فقالت بهدر: 

_بت أنتِ سيبك من أحمد خالص ده طيب ومش قدك، وكمان مش عارفة عايزة تدخلى إزاى جهنم برجليكِ، انفدى برجلك يا حبيبتي .

أسماء بتصميم: ملكيش دعوة أنتِ ويلا سلام قبل ما تفوق ام أربعة وأربعين من الصدمة.

ولكن عندما اتجهت لفتح الباب وجدت شفيق أمامها، فوضعت أشجان يديها على رأسها تخوفا من غضبه ثم التفتت عندما سمعت عويل زينب ودموعها التى لا تتوقف وهى تشير إلى أسماء قائلة:

_ يرضيك يا شفيق يا ابنى أمك تضرب بالجزمة على دماغها من حتة بت عيلة زى أسماء بنت عمك سليمان .

فتقاذفت الحمم البركانية من عين شفيق وهدر بصوت عالى كاد أن يتشقق على أثره جدارن المنزل: 
_ايه ليه وإزاى ده حصل ؟

ده هيكون أخر يوم فى عمرها، فأسرعت أنهار على صوته الغادر وايضا أشجان وحالت بينه وبين أختها قائلة بتوسل:

_ أعمل يرضيك فيه أنا يا شفيق لكن أختى لا، كما توسلت له أنهار، معلش يا اخويا عيلة مش فاهمة وأنا هبوس على رأس الحجة وأراضيها .

ولكن شفيق لم يستمع إلى صوت ورجائهم ودفع بيديه أشجان وأنهار رغما عنهم ووقف أمام تلك التى ترتجف وحدق بها للحظات فاندهش لحُسنها وبياض بشرتها ثم مرر عينيه على جسدها الممشوق فتعجب وتسائل متى كبرت تلك الطفلة التى كانت تلهو بالأمس فى الطرقات .

فضيق عينيه محدقا بها بإعجاب وأخرجه من شروده صوت والدته:

_ ها هتجيب إزاى تار أمك من البت دى يا شفيق.

فلمعت عين شفيق بالمكر وسوس له شيطانه وألقى السم فى أذنيه ليطالعها بإشتهاء: 
_قريب اوى هتعرفى إزاى يا حجة.

شعرت أسماء بالذعر من كلماته ونظراته إليها التى لم تطمئنها، لذا أسرعت بالركض إلى منزلها .

فالتفت شفيق إلى أشجان وأفرغ شحنة غضبه بها وجذبها من شعرها حتى دفعها أمام قدم أمه وخلع حذائه وقال بغضب: 

خدى تارك مؤقتا من البت دى يا حجة واضـ.ربيها لحد  ما أجبلك بتارك من أختها .

فأخذت زينب تضـ.رب أشجان على رأسها حتى انفـ.جرت الدٖماء من رأسها، واغشى عليها فصرخت أنهار .

 وأسرعت لأختها فكاد قلبها أن يتوقف فأطلقت صرخة مدوية:

_ اه يا ظالمة منكم لله، أختى هتروح منى يا عالم  
فوضع شفيق يده على فمها حتى لا يفتضح أمره.

، ولكن ولج إليهم شاهين فى تلك اللحظة فاستنجدت به ليتقذ أشجان: 
_ألحقنى يا شاهين أمك وأخوك ضربوا أشجان وسيحوا دٖمها.

_أبوس إيدك يا اخويا ايدك معايا ناخدها لأقرب مستشفى قبل ما تروح فيها .

فنظر شاهين إلى شفيق ووالدته نظرة عتاب طويلة ولكن كعادته سلبى لم يتحدث وحمل أشجان وذهب مسرعا بها إلى المستشفى .
.....
كان حمدى غارقا فى أحلامه مع شمس التى كانت بمثابة النور الذى أضاء حياته المظلمة .

فمنذ أن سكنت بتلك الشقة وأصبح يتردد عليها كثيرا بصحبة تلك الجارة الطيبة، كان يشعر بدقات قلبه الهادرة وهو ينظر إليها، فيلمع وميض الحب فى عينيه الذى لأول مرة يشعر به ويتخلل لقلبه السعادة التى حرم منها على يد زينب .

وكانت فوزية تلاحظ تلك النظرات ولكنها كانت محتارة، هل تدعهم فى شأنهم ام تتدخل حتى لا يتبع تلك النظرات فعل محرم .

لذا أرادت أن تختبره إذا كان يحبها حقا ام مجرد إعجاب ورغبة. 

فحدثته: بقولك ايه يا ابنى، عايزاك كده فى موضوع مهم، نتكلم فيه لوحدنا.

تلون وجه شمس من الحرج وفطنت انها يجب عليها أن تتركهم بمفردهم لتتيح لهم الحديث، فوقفت قائلة:
_ طيب أنا هروح أعمل ليكم الشاى .

تتبعتها عين حمدى حتى غابت والجارة تبتسم بمكر ثم قالت: 
_حلوة شمس مش كده ..؟

فردد حمدى دون انتباه: هى حلوة بعقل، دى قمر .

فوزية بمكر: ايوه قمر ١٤ وعشان كده عيون شباب الحتة عليها، ده حتى جات ام اسماعيل وسئلتنى عليها، فقولتلها دى قريبتى.
ففتحتنى فى موضوع كده .

تجهم وجه حمدى وعقد حاجبيه وقال غاضبا: سئلتك عليها ليه..؟

وايه الموضوع اللى كلمتك فيه..؟
ففـ.جرت فوزية القـ.نبلة لكى ترى أثر ذلك على وجهه:

_ قالت عايزة تاخدها لابنها ابراهيم وقالت إنه جاهز من مجاميعه، فأنا قولتلها هشاور أهلها واسئلها وأرد عليكِ.

ظهرت ملامح الغضب على وجه حمدى وقبض على يديه بقوة قائلا:
_ ايه الكلام الفارغ ده، ده يستحيل يحصل .

فاستطردت بمزيد من الضغط على أعصابه:
_ ليه يا ابنى مهى شابة ومن حقها تجوز برده، وأنا بقول اسئلها الأول يمكن يكون ليها رأى تانى .

توتر حمدى وقام يهدر بعلو صوته: شمس، أنتِ يا شمس .

استجابت  شمس لندائه على وجه السرعة ووقفت أمامه تطالعه بحيرة قائلة:
_ خير يا حمدى ..؟

بغضب جامح اعتل وجهه وظهر على صوته: أنتِ فى بينك وبين ابراهيم ده حاجة عشان عايز يتقدملك..؟

دب الخوف فى قلبها لأسلوبه الحاد الذى يحدثها به لأول مرة حتى إنها ارتبكت وفركت فى أصابعها وقالت:
_ أنا معرفش حد بالإسم ده أصلا، ومين قال انى بفكر فى موضوع الجواز .
أنا مش عايزة اتجوز.

هدىء حمدى قليلا ولكن تعجب من رفضها للزواج فقال: 

_يعنى ايه مش عايزة تجوزى، هتعيشى مترهبنة ولا ايه ..!

طالعته شمس بحزن وسحابة كريستالية ظهرت فى عينيها قائلة: 
_ايوه مش عايزة أتجوز،بس أنت لو زهقت من مسئوليتى وتعبت يبقى خلاص موافقة .

قالت كلمتها تلك ثم انهمرت دموعها وأسرعت تهرب للداخل .

فزفر حمدى بضيق ولم يدرك سبب دموعها تلك وكيف تجرؤ على قولها إنه قد مل او كَل منها.

كيف هذا وهو الذى لا يستطيع أن يبدء يومه الا برؤيتها أولا وكأنها تشحذ طاقته لكى   يستمر.

وهنا ابتسمت فوزية بمكر ثم قذفت فى وجهه كلماتها الأخيرة ليخرج ما فى جوفه فقالت: 
_البت دى شكلها حطه عينيها على حد معين .

لم يتحمل حمدى ما قالته فأصبح كالبـ.ركان الثائر الذى على وشك الإنفجـ.ار، فقال بحنق: قصدك ايه ويطلع مين ده؟

عشان أروح أقتـ.لـه واقتلـ.ها معاه .

فضحكت فوزية واسترسلت بسخرية: هتـ.قتل نفسك يا حمدى ..!!

اتسعت عين حمدى وقال بصدمة: أنا..!!

ثم تلون وجهه بحمرة الخجل واتسعت ابتسامته ولكن سرعان ما عبس وضيق حاجبيه وقال: 

_بس إزاى وأنتِ عارفة انى مجوز وعندى تلت عيال .
_ومش مجوز اى واحدة دى بت الراجل اللى خيره مغرقنى .

ولو عملتها ابقى بخون العيش والملح .
وكمان صراحة زينب شرانية اوى يا خالة وأخاف منها على شمس لو عرفت .

ثم وضع يده على رأسه وقال: مش عارف أعمل ايه..؟
بس أنا فعلا ...يعنى ثم صمت .

فسارعت فوزية وقالت: بتحبها وعايزها وهى كمان عايزاك وواضح من عينيها وكلامها عنك اللى مش بينتهى .

فرفع رأسه حمدى وابتسم ولكن تنهد بغصة مريرة وتسائل: 
طيب والحل ..؟

هفضل فى النار اللى جوايا دى كتير ولا هستنى لما يجى حد يخدها منى .

حزنت فوزية  على هذا الرجل الشهم الكريم الخلوق، لذا حاولت أن تهدء من روعه قليلا قائلة: 

_لا يا ابنى متحملش نفسك فوق طاقتها وإن كان على مراتك فمش لازم تعرف.

_ أنت هتجوز شمس من غير ما حد يعرف غير كام واحد بس من أهل الحتة عشان برده يكون إشهار وهما ميعرفوش مراتك عشان يبلغوها .

_كل اللى عليك بس تفتحها فى الموضوع وتشوف رئيها والباقى سهل .

لمعت الفرحة فى عين حمدى وتسللت الفرحة إلى قلبه الحزين ولكن ماذا بعد ..؟
.......
جاء الليل محملا بالهموم وحاولت دلال التنفس بأخذ كمية من الهواء لعلها تطفىء تلك النار التى تشتعل بجوفها وهى ترتدى بدلة الرقص مرة أخرى .

ورغم ذلك وجدت نفسها تبتسم عندما تذكرت أحمد 

_يخربيت حلاوتك يا جدع حتى وأنت مكشر قمر قمر .

 امال لما تضحك بيكون شكلك ايه ، أكيد بتخطف القلب والعقل .

ياااه لو كان الحال غير الحال، وشوفت مولانا القمر ده .
كنت رميت نفسى تحت رجله وقولتله علمنى أنا مستعدة لكل حاجة المهم أكون جمبك .

ثم عادت للعبوس عندما أدركت حقيقتها فهمست بغصة مريرة: 

_يعنى هو شافنى بفستان ضيق وقصير شوية وكانت عينيه عاملة زى الجمر وكنت حاسه إنه لولا الجبس اللى فى ايده ورجله كان زمانه قام قتـ.لنى .

امال لما يشوفنى ببدلة الرقص يعمل ايه ..؟

اه منك يا جدع.
يارتنى ما كنت شوفتك وكان كفاية عليه الهم اللى أنا فيه ده .

لتجد طرقا على الباب فزفرت بضيق وكأن  الهواء الخارج من جوفها كالنار الملتهبة التى من شأنها تحرق كل ما يقابلها .

فولج متولى يناظرها بإعجاب وعين متسعة تطالع برغبة كل إنش فى جسدها .

متولى: ايه الجمال والدلال ده يا دولى، أنتِ هتتعبى الناس النهاردة .

بس  أنا عايزك تنشنى على واحد فيهم اكتر حاجة، رغم إن اللى عندنا كله مهم بس الراجل ده غير .
تعرفى مين ..؟

فحركت دلال أنفها لأعلى بنفور وكأنها تقول: 

_مبهمنيش كلهم دياب عايزين يفتر.سونى، كلهم واحد .

فتابع بجدية: ده اللى مدير مكتب السفير فى ألمانيا .

يعنى باشا باشا ، يعنى عنده فلوس زى الرز .

يعنى اه لو لعبت معاك يا زهر والباشا شاور ليكِ، تبقى طاقة القدر اتفتحت لينا يا دولى .

ومتخافيش منه لأن راجل كبارة وأكيد الصحة يعنى مش هى معاه .

 طالعته دلال بغل وهدرت فى وجهه:
_ أنت ايه شيطان يا اخى، قولتلك أنا بعمل شغلى وبس مش عايزة أبيع نفسى لكل واحد شوية .

ثم انهمرت فى البكاء وتابعت بنحيب:
_حرام عليك يا اخى، أنت ايه معندكش قلب .

فأجاب متولى بتهكم: لا شيلته من زمان عشان مش شغال معايا وحطيت مكانه جزمتى عشان تدوس بيها على الفلوس، اللى من غيرها الإنسان يداس عليه بجزمته .

فوقى يا دولى وبطلى كلامك الماسخ الملهوش فايدة .

وعيشى حياتك بالطول والعرض واعملى اللى أنتِ عايزاه لغاية ما توصلى وابقى بس ساعتها افتكرينى وخلينى أنول من الحب جانب .

لم تتقبل دلال  مبرارته بل قذفته بلسانها الحاد:
_أنت حيوان ولولا أمى أنا كان عندى أبيع مناديل فى الشارع أحسن من الأرف اللى انا عايشة فيه ده .

 لم يبالى متولى بما تفوهت به بل ضحك وغمزها:
_ كله إسمه بيع وأنتِ بتبيعى المزاج والحب .

ويلا بقا عشان منتأخرش على الناس وخصوصا الباشا توفيق المنياوى .

فخرجت دلال رغما عنها لتؤدى رقصتها وكانت هناك عين تترصد كل حركاتها بدقة حتى إنها ارتبكت وتوترت ولم تستطع  تواصل الرقص فتوقفت من شدة الذعر والخوف.
ثم أسرعت راكضة للداخل...
يتبع ...
يا ترى ليه حصل ايه ؟
وزينب هتعرف ازاى وهتعمل ايه ؟

يارب تكون عجبتكم الحلقة  وأشوف تفاعل حلو ويزيد العدد حبتين تلاتة 
نختم بدعاء جميل ❤️ 
‏"رضيت بقضائك وقدرك يا الله كن لي خير وكيل، وأحسن أمري فإنّي لا أحسن التدبير🤍."

ام فاطمة ❤️ روايات شيماء سعيد

 •تابع الفصل التالي "رواية دلال و الشيخ" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent