Ads by Google X

رواية في ظلال الحب المفقود الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مهجة

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية في ظلال الحب المفقود الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مهجة

"خطوات نحو قلب سُكرة"
                                    
                                          

استيقظت الشمس بخجل، تنسج خيوطها الذهبية 
على العشب النديّ. كانت سُكرة قد استيقظت مبكرًا كعادتها، وجلست وحدها في سطح المنزل ، تشرب عصير التفاح بهدوء، وترفع شعرها بطوقٍ وردي ناعم، يلمع بخفة تحت ضوء الشمس.



كان أدهم يراقبها من بعيد، من خلف الباب، ابتسم دون أن يشعر… ثم تنهد.



دخلت عليه رهف فجأة وهي تضحك:
"هكذا إذن؟ تراقب من خلف الباب وكأنك في رواية قديمة؟"



أدار وجهه بسرعة وهو يتمتم:
"لست أتجسس، فقط… أطمئن."



وقفت رهف بمحاذاته ، وقالت بنبرة شبه جادة:
"أدهم، إن كنت تريد أن تكسب قلبها، فلا تكتفِ بالهدايا الصامتة، ولا النظرات الطويلة. كن واضحًا."



قال وهو ينظر للسطح :
"لكنها ترفض القرب، تبني حولها جدرانًا… وأخشى أن أطرق الباب فتغلقه إلى الأبد."



أتت ملاذ وهي تمسك بطبق فطور:
"لو ظللت تنتظر الفرصة المثالية، ستفوتك كل الفرص. سُكرة ليست حجرًا يا أدهم… إنها فقط تحاول حماية ما تبقى من قلبها."



ثم ابتسمت وأردفت بخبث:
"لكن لا تقلق، لدينا خطة."



نظرت إليها رهف بشراكة:
"وسيكون أول اختبار… اليوم في الإفطار."



اتسعت عينا أدهم وهو يقول بقلق:
"ماذا تخططان؟!"
– "فقط اجلس بجوارها، ونحن سنتكفّل بالباقي."



ضحك الجميع، لكن داخل أدهم… كان قلبه ينبض بخوفٍ وارتباك، كأن هذا اليوم قد يحمل له بداية جديدة… أو خسارة لا تُنسى.



اجتمع الجميع حول مائدة الإفطار الكبيرة، الأصوات تتعالى بالمزاح والضحك، ورائحة الخبز الطازج تعبق في الأجواء. جلست سُكرة في طرف الطاولة، وبين يديها كوب الحليب، تحدّق فيه بصمت، بينما كانت ليان تسرد طرفة، فتضحك ملاك وأروى بصوتٍ عالٍ.



أشارت رهف بخفة لأدهم أن يقترب، ثم رفعت صوتها قائلة:
"أدهم، تعال واجلس هنا، بجانب سُكرة، المكان فارغ!"



رفعت سُكرة بصرها للحظة، ثم أعادت نظرها لكوبها، كأن الأمر لا يعنيها. أما أدهم، فتردد لوهلة، ثم تقدم بخطوات ثابتة وجلس إلى جوارها.



"صباح الخير، سُكرة." قالها بصوتٍ هادئ.



أجابت دون أن تنظر إليه:
"صباح النور."



وضعت ملاذ أمامهما طبق بيض بالطماطم ، وقالت وهي تبتسم بخبث:
"هذه من صنع أدهم… تخيلي؟ سهر البارحة ليُعدّها بنفسه!"



رفعت سُكرة حاجبها ونظرت له أخيرًا:
"أنت؟ تطهو؟"



أجاب بابتسامة خفيفة:
"أحاول. أردت فقط أن أبدأ اليوم بشيء منّي."



مدّت يدها ببطء وأخذت قطعة صغيرة، ثم أعادت نظرها للطاولة.



"جيدة." قالتها بهدوء، لكن داخله ارتفعت نبضاته كأنها مدحت قصيدة كتبها.


 
                
تبادلت رهف وملاذ النظرات، ثم قالت رهف بصوت عالٍ:
"هل لاحظتم الطوق الجديد في شعر سُكرة؟ يبدو جميلاً!"



تورد وجه سُكرة قليلًا، لكنها تمسكت بجفافها المعتاد:
"مجرد طوق."



علّق أدهم دون أن ينظر مباشرة إليها:
"اللون الوردي يناسبك."



لم ترد، لكن أطراف أصابعها تحسست خصلات شعرها للحظة قصيرة، وكأن شيئًا فيها انكسر خلسة.



وفي نهاية المائدة، تمتم عبدالعزيز ليزن:
**"أشعر وكأننا في فيلم… كل هذا من أجل طوق؟"
فرد يزن هامسًا وهو يضحك:
"تعرف الفتيات يبالغن في كل شي ."



أخذت سُكرة قطعة خبز، وتقدّمت نحو صحن البيض الذي توسط المائدة. وفي اللحظة ذاتها، مدّ أدهم يده نحو الصحن نفسه.



تلامست أطراف أصابعهما.



سحبت سُكرة يدها بسرعة، وعلت وجنتيها حمرة خفيفة، لكنها تظاهرت بالتماسك، قائلة دون أن تنظر إليه:
– "تفضل، خذ أولاً."



ابتسم أدهم وقال بنبرة هادئة:
– "لا بأس، يمكنكِ أن تأخذي قبلي."



جلست سُكرة في مكانها دون أن تعقّب، وأخذت قضمة صغيرة، ثم رفعت نظرها إلى ليان وهمست:
– "طعمه... ليس سيئًا."



ردّت رهف ضاحكة:
– "بصراحة؟ هذا أفضل بيض طماطم تذوّقته منذ زمن!"



أدهم ابتسم دون أن يتكلم، ثم أضاف بهدوء وهو ينظر إلى سُكرة:
– "يسعدني أنه نال إعجابكم."



لاحظت ملاذ ما حدث، نظرت إلى رهف، وتبادلت معها ابتسامة ذات معنى. ثم اقتربت من أذنها وهمست:
– "بدأ يلعب على وتر التفاصيل."



أومأت رهف موافقة، وهمست:
– "لكن سُكرة... صعبة المراس."



ضحكت ملاذ وقالت بصوت خافت:
– "لهذا السبب، سيكون الأمر ممتعًا أكثر."



وبينما كان الجميع منشغلًا بالطعام والحديث، ظلّ أدهم يتابع سُكرة بنظرات هادئة، كأن قلبه يهمس: "لن أستسلم."



بعد أن انتهى الجميع من الفطور، وبدأ المنزل يستعيد سكينته تدريجيًا، انسحبت ملاذ بهدوء من المطبخ، واتجهت إلى غرفة أختها الصغيرة سُكرة. كانت سُكرة جالسة على الأرض، ترتب بعض الكتب القديمة داخل صندوق كرتوني، فيما بدا وكأنها تحاول شغل نفسها بأي شيء يُبعدها عن التفكير.



جلست ملاذ بالقرب منها، وأسندت ظهرها إلى طرف السرير، ثم نظرت إليها بصمت للحظات، قبل أن تقول بنبرة هادئة:



– "سُكرة... هل يمكنني التحدث إليكِ قليلاً؟"



لم تجب سُكرة، لكنها واصلت ترتيب الكتب، وكأنها تنتظر ما ستقوله أختها.



قالت ملاذ، بنبرة تحمل شيئًا من الحنان:



– "أعلم أنّكِ ذكية، وتفهمين ما حولك أكثر مما تُظهرين... وأعلم أيضًا أنّكِ لاحظتِ تصرفات أدهم، ونظرته، واهتمامه."



رفعت سُكرة كتابًا آخر من الأرض ووضعته داخل الصندوق، دون أن ترفع نظرها.



تابعت ملاذ، وقد خفّضت صوتها قليلاً:



– "أدهم يحبكِ يا سُكرة، يحبكِ بصدق... لم يعد الأمر سرًا بالنسبة لي ولا لرهف. هو فقط لا يعرف كيف يُخبرك، أو كيف يتقرّب منك دون أن يُربكك."



توقفت سُكرة للحظة، وبدت يدها معلّقة في الهواء، ثم واصلت ترتيب الكتب بصمت.



قالت ملاذ بابتسامة خفيفة:



– "هل تعلمين أنّه اختار الطوق الوردي بنفسه؟ وأنّه أصرّ أن يُقدّمه لكِ دون أن تعرفي أنّه منه؟ كان يريد أن يُسعدك... دون أن يُحرجك. حتى فطور اليوم... هو من أعدّ بيض الطماطم، فقط لأنّه سمعك تقولين ذات مرة أنّه فطورك المفضّل."



رفعت سُكرة نظرها إلى ملاذ للحظة، لكنها لم تنطق، فقط حدّقت فيها بعينيها الكبيرتين المليئتين بالأسئلة والمشاعر المتخبّطة.



همست ملاذ، وكأنها تخشى كسر ذلك الصمت:



– "إنّه ليس سيئًا يا سُكرة... فقط خجول قليلاً، وحريص جداً عليكِ. إنه يحاول... بكل الطرق الممكنة."



توقفت سُكرة عن الحركة، وبقيت عيناها معلّقتين على الفراغ، ثم أومأت برأسها ببطء، دون أن تنطق بكلمة.



فهمت ملاذ تلك الإيماءة... لم تكن قبولًا ولا رفضًا، لكنها كانت اعترافًا صامتًا بأن قلب سُكرة بدأ يسمع، وإن لم يعترف بعد.



ابتسمت ملاذ وربتت على كتف أختها، ثم نهضت وغادرت الغرفة، تاركة خلفها سُكرة وحدها... لكنها لم تكن وحيدة كما كانت في السابق.




        

google-playkhamsatmostaqltradent