رواية لحظات منسيه الفصل الثاني عشر 12 - بقلم قوت القلوب
الفصل الثاني عشر
•• إنفجار ..... ••
ضيق نفس وتوتر وغضب يجتاح نفسها بلا مبرر وبلا سبب أيضًا ، كل ما تشعر به أنها لا تتحمل وجودها ووجودهم معها ، لا تنتهى من الطعام مطلقًا ، تشعر بالنفور والضيق وتنفعل من أبسط الأمور لتصبح على النقيض تمامًا من طبيعتها النقيه التلقائية الإجتماعية ...
بتجهم تام جلست نورا صامتة بشكل مثير للإنتباه حول مائدة الطعام التى تجمعها بـ ياسر الذى تسائل بتعجب ...
ياسر: مالك يا نورا ... إنتِ من الصبح مأكلتيش حاجة ..؟!!
نورا: مصدعه وحاسه ماليش نِفس خالص ...
أردف بمحبة وقلق على ضعفها الذى بدأ يظهر عليها لشحوبها وعدم إتزانها كما حدث بالصباح ...
ياسر : إنتِ عايزة تتعبى زى الصبح ولا إيه ....؟!!
أجابته بإنفعال و حِده برد فعل دخيل عليها مغاير لطبيعتها الودودة ...
نورا: ولا عايزة أتعب ولا حاجة ماليش نفس وخلاص ...
ردها العصبي بدون سبب أثار حنقه فما هو إلا مهتم بصحتها لا أكثر ليجيبها بحده مماثلة ...
ياسر :طب أنا قُولت إيه يعصبك كدة ؟؟!! ... الله ...!!!!!
أفاقت لنفسها بأنها على غير طبيعها لتردف معتذره عن حِدتها الغير مبررة ...
نورا: معلش يا ياسر ... الظاهر أعصابى تعبانة من ساعة الصبح شوية معلش ...
تراخت ملامحه المشدودة ليردف بحنو ..
ياسر: إهدى يا نورا ... أنا عمرى ما شُفتك متعصبة من حد ولا بتضايقى كدة من حد ....!!!
نورا : حاضر ... حـ أهدى شوية ... أنا داخله أنام ...
تعجب ياسر من رد فعل نورا منذ ما حدث بينها وبين والدته بالأمس دون سبب لذلك ، فهل ما حدث سبب لها كل هذا الضيق الظاهر على ملامحها ...
====
فى صباح اليوم التالي ...
بآليه معتادة ليومها الذى تحفظه عن ظهر قلب ، فهى تقوم بنفس الروتين وتسير بنفس الطريق حتى أنها تجاد تجزم أنها ترى نفس الوجوه كل يوم ...
وصلت هيام إلى المدرسة لتلاحظ تلك السيارة المصفوفة أمام سور المدرسة ، لم تُلفت تلك السيارة الفضية نظرها بل ما إسترعى إنتباهها هو ذلك الشاب الذى يقف أمامها مستندًا على مقدمتها بشكل درامي كما لو كان يمثل مشهدًا من فيلمًا سينيمائيًا ...
دارت بقاتمتيها نحو هذا الشاب ذو الملامح المكسيكيه والشعر الأسود الطويل المتناثر وعيونه اللامعة الغامضة ، أخذت تتذكر وهى تضيق بين حاجبيها بقوة ...
هيام: أنا حاسه إنى شفت الشاب دة قبل كدة ... بس مش فاكرة فين ... ملامحه مش غريبة عليا خالص ...
طبعها الغير مهتم و جِديتها التى إعتادت على إقتسام حياتها معها جعلها تنفض أفكارها بثقل متوجهة نحو المدرسة لسماعها بداية طابور الصباح ....
لحظة توقفت بها رشقت نظرتها الخفيفة بقلبه بسهمها الفتاك لتتصاعد ضربات قلبه بعنف ، لكنها كانت مجرد لحظة وأسرعت نحو داخل المدرسة ، ثوانٍ قليله رسمت إبتسامة سعادة فوق شفتيه قائلا ...
كرم: قمر يا شربات .... أروح أنا ألف شوية وأرجع لها فى معاد نهاية اليوم يمكن تحِن عليا وتكلمنى ...
إستقل كرم سيارته المستأجرة يتجول بها بالطرقات حتى يحين وقت الإنصراف ويستطيع رؤيتها والتحدث معها ....
=====
المعمل .....
فاقد الشئ يبحث عنه ، تظهر أمامه تلك الأشياء التى يفتقدها بوضوح شديد كما لو كان الأمر يتسلط على الناقص فقط ...
هكذا وقعت عينا سميرة على حقيبة عبير الجديدة فقد لفتت إنتباهها بوضوح فهى بالفعل تحتاج واحدة بأسرع وقت بعد تمزق خاصتها وإقتراض حقيبة هيام ...
سميرة: حلوة أوى شنطتك دى يا عبير ...
عبير: ومش حـ تصدقى بكام ..!!!!!! . دى تقريبًا بنص السعر ...
فرصة حسم ستوفر لها الكثير لتردف بإهتمام ...
سميرة : بجد ... جبتيها منين ....؟؟!
عبير: محل فاتح جديد بس إيه كل حاجة فيه بنص السعر ... حـ أبقى أوصفهولك ...
بحماس شديد تفكرت سميرة بشراء حقيبة مثل تلك وتوفير بعض المال أيضًا لتردف بتخطيط ...
سميرة: أيوة ... أول ما نقبض حـ أخد عنوانه بالتفصيل وأروح أجيب أنا وهيام ...
عبير: يا سلام بس كدة .... عنيا .. نقبض بس ...
صدح رنين هاتف عبير الذى إلتقطته على الفور مجيبه إتصال والدتها وبعد حديث لم يطول أكثر من بضع دقائق وضعت هاتفها إلى جوارها فوق سطح المكتب دون إنهاء المكالمة كالعادة لتهتف بها سميرة بتهكم مازح ..
سميره: إنتِ يا حاجه !!!! ... إقفلى يامه السكة ... زمانك مغَرَمه الست الوالدة مكالمات هى كمان ...
إنتبهت عبير لأن المكالمة مازالت مفتوحة لتضغط زر الإغلاق وهى تضحك بشدة ...
عبير: والله بنساه يا سميرة .. مش بييحى على بالى خالص ...
إنتفضت عبير بابتسامة وترقب لتقطع حديثها مع سميرة حين إستمعت لوقع خطوات تحفظها جيدًا تلاها صوته المألوف على مسامعها ، إنه أحمد عشق الروح ...
تشدقت عيناها بتلهف وهي تناظر باب المكتب حين دلف إلى الداخل يستكمل مكالمته الهاتفيه ...
احمد: أكيد طبعًا ... من عنيا حاضر ... أمال إيه ... حد يقول للمصلحه لأ ... أكيد طبعًا ..... مع السلامة ...
لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن فتلك العيون العاشقة المملؤة بالشوق والتلهف لم تنال من أحمد حتى الإنتباه فحين دلف وقعت عيناه على جميلته التى سلبت قلبه سميرة التى جلست خلف مكتبها لا تكترث بمن ذهب ومن أتى فكل منهم فى حال وفكر مختلف ، فقط لو يعلمون ...
إبتسم أحمد يخص بها سميرة دون الإنتباه لـ عبير بالمرة ...
احمد: صباح الخير ... منورانا النهاردة يا سميرة ...
أجابته برسمية للغاية ...
سميره: شكرًا ....
إلتف نحو عبير قائلا بما يمليه عليه الواجب الإجتماعى ...
احمد : صباح الخير يا عبير ...
عبير: صباح النور ...
لم تُطِل سميرة بأفكارها لتحاول البحث عن أى عمل أو تقارير تستطيع بها الدخول لمكتب أمير ...
سميرة: عبير .... بقولك إيه ....؟؟! مفيش عينات فى المعمل النهاردة ..؟؟!
عبير: مفيش غير التقرير دة ... خدى راجعيه قبل ما ندخله لباشمهندس أمير ...
بحماس بالغ سحبت سميرة الملف من بين يد عبير تطالعه بتمعن بذات الوقت التى لم يشيح به أحمد عيناه عنها ...
بمهارة هتفت سميرة تنبه عبير عن خطأ ما ...
سميرة: على فكرة فيه غلط فى الكمية دى ...
هب أحمد بعجالة يتلقى تلك الفرصة للتقرب منها والحديث معها ليقف قبالة مكتب سميرة قائلا ..
احمد: ورينى كدة ... أه فعلا ... كويس إنك أخدتى بالك قبل ما باشمهندس أمير ياخد باله ...
مجرد سماعها لإسمه أطلق بسمة خفيفة حين تذكرت أيضًا لقائهم الأخير ومحاولته إخفاء ضحكته التى أثارتها ...
أردفت عبير بتخوف ...
عبير: هات كدة يا أحمد أعدله بدل ما نتبهدل كلنا ....
وإنهكمت عبير بتصحيح الكميات الخاطئة تجنبًا لثورة هذا الأمير ...
====
هيام...
بعد إنتهاء اليوم الدراسى خرجت من البوابة الرئيسية لتجد هذا الشاب مازال واقفًا بنفس موضعه وبنفس الهيئة لتتسائل مرة أخرى بداخلها تحاول تذكر أين قابلته من قَبل ...
لكن حين وجدت نفسها منشغلة بالأمر وهذا شئ لا تستحسنه مطلقًا رفعت هامتها ثم تجاهلت الأمر برمته فعقلها هو المسيطر على كل تصرفاتها وهذا أمر ليس بالأهمية للإنشغال به ، إتخذت طريقها نحو عملها الإضافي دون تخاذل و تفكير بأشياء لن تنفعها ....
=====
إنتهى اليوم كغيره ليلوح بالأفق نهار جديد ...
إستيقظ ياسر بالصباح ليساعد نورا فى تحضير الإفطار وتحسين حالتها النفسية قليلا ...
وجدها تقف بالمطبخ شاحبة اللون تحيط بعيناها هالة خفيفة من السواد وتبدو مرهقة للغاية ، لينتابه القلق على حالتها الصحية التى لا تطمئن على الإطلاق ...
ياسر: صباح الخير يا حبيبتي ...
نورا: صباح الخير ...
ياسر : إنتِ كويسه ...؟!!
أومأت نورا بالإيجاب بوجه جامد ليس ضحوكًا كعادتها ...
نورا: أه بس قلقت شويه ومعرفتش أنام كويس ...
ياسر : إنتِ شكلك مش مظبوط خالص ...!!!!
أثارت كلماته عصبيتها مرة أخرى لتجيبه بحدة كما لو كانت تنتهز الفرصة لبدأ شجار جديد ...
نورا : ما قلت لك كويسه ...
دفع ياسر يديه بغضب من طريقة نورا المثيرة للمشاكل بوجه غاضب وأعصاب منفلته ...
ياسر: لا بقى .... دى مش طريقة دى ... كل شوية تتعصبى من غير لازمه ..!!!!
تدراكت نورا خطأها لتهم بالإعتذار على الفور خَجِله من تصرفاتها الغير محسوبة مؤخرًا ...
نورا : أسفه يا ياسر ...
لم تستطيع نورا تحمل ألم معدتها مرة أخرى لتسرع نحو المرحاض لتتقيأ لكن قبل أن يسألها ياسر عما حدث وقعت نورا مغشيًا عليها ...
حاول ياسر إفاقتها وقد إنتابه قلق شديد ليُصر عليها حين أفاقت قائلا ...
ياسر: لا يا نورا لازم نكشف ... إنتِ تعبانه أوى ...
برضوخ لرأيه حركت رأسها بإعياء مردفه بصوت متحشرج يكاد يخرج من حنجرتها ...
نورا: ماشى ...
====
إصطحب ياسر زوجته للطبيب الذى وقع الكشف عليها ليعود لمقعده قائلا بعمليه وهو يشير لـ نورا بمشاركتهم ..
الدكتور: إتفضلى يا مدام ...
سأله ياسر بقلق ...
ياسر: خير يا دكتور ..؟!!!
الدكتور: مفيش أى حاجة ... يمكن المدام بتحب تتدلع علينا شوية ولا حاجة ...
نظر ياسر نحو نورا الشاحبة ثم أعاد بصره الطبيب بتعجب ...
ياسر: بتدلع ... إزاى يعنى ..؟؟! ..... دى دايمًا معدتها مقلوبه ومش قابله الأكل خالص .. دى غير أنه أغمى عليها النهاردة ...
دوّن الطبيب بعض الملاحظات والأدوية بدفتره قائلا ..
الدكتور: عمومًا هى تاخد بالها من الغِذا بتاعها كويس وممكن تكون أكلت حاجة مش كويسه ومعدتها متقبلتهاش ... دة مطهر معوى وإن شاء الله حـ تبقى تمام ...
ياسر: شكرًا يا دكتور بعد إذنك ...
إنصرف ياسر ونورا من عيادة الطبيب مصطحبًا إياها لقضاء بعض الوقت خارج المنزل لتخفيف التوتر الذى لا يدرك سببه بالآونة الأخيرة ....
===
المعمل ...
بعد إنصراف جميع العاملين بالمكتب فى موعد إنصرافهم المحدد ، وجدها أمير فرصة سانحة للقيام بالتجربة على مشروعه القائم عليه بدون مقاطعة أو إنشغال كما يفعل كل مساء ...
خرج من مكتبه نحو المعمل الكبير محضرًا بعض الأدوات و المُركبات التى سوف يستخدمها على الطاولة الخشبيه العالية ...
وقضى وقت طويل فى التحضير لهذه التجربة التى يأمل أن تنجح هذه المرة وينال مراده منها .....
إرتدى معطفه الأبيض ونظارة الحماية قبل بدأ التجربة حين بدأ بوضع المواد الكيميائية يحضر بها التركيب الذى قد توصل إليه على قطعة من الجلد وقطعة من القماش ليبدأ بالتجربة التى يتمنى بالفعل نجاحها هذه المرة بعد ثلاث سنوات من التجارب ....
بعد أن حضر كل شئ جهز شعلة من النار ليبدأ بحرق قطعة الجلد والقماش ليرى نتيجه تأثير هذه المادة الجديدة ....
====
سميرة ....
بعد إنصرافها من المعمل تذكرت أنها قد نسيت هاتفها هناك بعدما تأكدت أنها لم تضعه بحقيبتها لتعود مرة أخرى بطريقها إليه لتأتى به ...
أسرعت الخطى خوفًا من أن يكون عم فتحى الساعي قد أغلق باب المعمل وإنصرف هو أيضًا ....
لم تكن قد إبتعدت كثيرًا فوصلت بسرعة إلى البناية صاعدة نحو الأعلى بخفة وسرعة ...
تنفست الصعداء حين وجدت باب المعمل مازال مفتوحًا ورأت عم فتحى ينظف المكاتب والمعمل قبل مغادرته ..
أردفت سميرة بأنفاس متهدجه لخطواتها السريعة ....
سميرة: معلش يا عم فتحى حـ أدخل أجيب تليفونى أحسن نسيته جوه ... دة ربنا بيحبنى إنَك لسه مروحتش ...
عم فتحى: معلش يا بنتى إدخلى شوفيه ...
إقتربت سميرة من باب المعمل لتتسع عيناها بتخوف حين رأت من خلف الزجاج الضبابى للمعمل خيال نار تشتعل بالداخل وتوقعت إنفجار للمواد الكيميائية بالداخل ...
تلفتت حولها بهلع وهى تحث نفسها على التصرف على الفور فلن تنتظر أن ينفجر المكان بأسره ...
بدون تفكير أسرعت سميرة بإلقاء حقيبتها ساحبه إحدى طفايات الحريق المعلقة بالممر متوجهة بجرأة مباشرة إلى المعمل وهى تدفع بمقدمة خرطوم المطفأة محاولة منها لإطفاء الحريق المزعوم ....
بلحظات تغطى كامل أسطح المعمل بتلك المادة البيضاء التى إنبعثت من مطفأه الحريق خاصة حين تحركت بها بكل أرجاء المعمل تمنع تلك الكارثة من الوقوع ...
=====
أمير...
إنكب أمير على تجربته بوضع الشعلة فوق الجلد تارة والقماش تارة وإرتفع لهيب النار وجلس يلاحظ النتيجة بترقب ...
تفاجئ بأحدهم يفتح مطفأة الحريق فجأة فى وجهه حتى تغطى بالكامل من البودرة البيضاء و أفسد تجربته تمامًا ، تلك التجربة التى أخذ يُحضر لها منذ وقت طويل ...
أخذ يصك أسنانه بغيظ وغضب من هذا التصرف الأهوج الذى لا يدرك مَن صاحبه حتى الآن من إنعدام الرؤية إثر هذا الضباب الكثيف الذى ملأ المعمل بأكمله ...
امير صارخًا بغضب : إيه دة ..... !!!!
إتسعت عينا سميرة بصدمة لم تتوقعها فقد ظنت أن المعمل يحترق ولم يتراود إلى ذهنها مطلقًا أن هناك شخص ما بالمعمل لتردف بدهشة وبلاهه أيضًا ...
سميرة : مين هنا ...؟؟!
زاد غيظ أمير وقد بدأت الرؤيه تتضح شيئًا فشيئًا ليردف بنبرة ممزوجة بين الغضب والسخرية بذات الوقت ...
امير: مين هنا ...؟؟!... مش تشوفى الأول قبل ما تعملى مصايبك السوداء دى على طول ...!!!!!
أيقنت سميرة أنه أمير من صوته الغاضب ..
لكنها لم تستطيع أن تكتم ضحكتها على مظهره فقد تراكمت البودرة البيضاء بكثافة على شعره ووجهه ذو نظارة الحماية و غطت جسده كله حتى حذائه لتجيب بقهقهات عالية وسط حديثها ...
سميره : اا.....سفــة .. والله .... مكنتش أعرف إنك هنا ..... إفتكرت المعمل بيولع ..
ببعض التحسر والغيظ من تلك المخلوقة الضاحكة المتسرعة ...
امير: بيولع !!!!!!! ... دة أنا إللى حَـ وُلَع منك يا شيخه ..!!!
أكملت دون توقف عن الضحك ...
سميرة: والله ما أخدت بالى ... متوقعتش خالص إنك تكون لسه موجود فى المعمل أصلا ..
لم يستطع تحمل كل هذا الضحك ليردف بعصبيه ...
أمير: ممكن أفهم بتضحكى على إيه ...؟!!! بلاش تعصبينى أكتر ما أنا ....!!!!
سميرة: أصل منظرك بصراحة ... يهلك من الضحك ... أسفه بجد ....
بقلة صبر سألها أمير عن وجودها بالمعمل بهذا الوقت ...
امير: اللهم طولك يا روح ... إنتى إيه إللى جايبك دلوقتى ...؟؟!
سميرة:نسيت التليفون بتاعى ورجعت أخده ...
امير: طيب إتفضلى خديه وإمشى مع السلامة يلا ..
أخذ أمير ينظف شعره ووجهه وينفض البودرة عن يديه وملابسه حين سألته سميرة بفضولها الذى لا ينمحى من حياتها ...
سميرة : هو إنتَ بتعمل إيه فى المعمل ...؟!!
حدجها إليها أمير بغضب فهى السبب فى فشل تجربته هذه المرة وسوف يستغرق وقتا لحين تجهيز التجربة مرة أخرى ...
أمير بغيظ : إنتى مالك ... متدخليش فى إللى ملكيش فيه ... الله يسامحك بوظتيلى كل حاجة ...
سميرة بتحدى زائف مغلف ببعض الضحك ...
سميرة : الله .. مش أكل عيشى يا بيه وبحافظ عليه ... إفرض مثلا المعمل ولع .. أشتغل فين أنا بقى ...؟؟!!!!!
امير: بقولك إيه أنا مش رايق لك ...!!
رفعت سميرة هامتها بجدية قائله ...
سميرة : طيب أنا مستعده أساعدك ... أنا شاطرة على فكرة وبحب الشغل أوى ...
أمير بقله صبر: اللهم طولك يا روح .. يا ستى إبعدى عنى ...
بتشبث وإصرار على إقحام نفسها فيما يفعله ....
سميرة: لا اااااا ... غلطتى وحـ أصلحها ... قولى بس أعمل إيه وأنا حـ أعمله ...
إرتدت سميرة معطفها الأبيض الخاص بها دون إذن منه ثم إقتربت من الأدوات التي وضعها أمير لتتنظف الطاولة من البودرة البيضاء لبدء تجربته مرة أخرى ...
لا يدرى أمير لماذا لم يرفض تدخلها ربما لأنه يريد إنهاء هذه التجربة اليوم كما آمل ...
بدأ يخلط نفس المادة مرة أخرى بينما جهزت سميرة شعلة النار وقطعة من الجلد والقماش كما طلب منها أمير بإقتضاب ...
سميرة بفضول : إيه المادة دى ....؟؟!
امير باقتضاب: تركيبه عاملها ..
سميرة: مخترعها يعنى ....؟؟!
امير: أيوة ...
بإنبهار شديد من قدرة هذا الشاب صغير السن على إبتكار شئ جديد ...
سميرة : بجد ... واو ... مكنتش أعرف إنك مجنون كيمياء زيي ... بس أنا موصلتش لأى حاجة خالص ... بس شاطرة فى المواد المعروفة .....
نظر إليها أمير لوهله ثم أعاد بصره مرة أخرى لما يقوم به ..
بمزاحها اللطيف من تلك النظرة العابره دون تعقيب منه ...
سميرة: إيه يا باشمهندس من تواضع لله رفعه .... هو عشان ما حـ تبقى مُخترع حاجة .... تقوم متردش علينا كدة ...
إبتسم أمير إبتسامة جانبية أخفاها بسرعة ليرتدى قناع التجهم مرة أخرى ...
أمير موضحًا : دى مادة بشتغل عليها بقالى ثلاث سنين تمنع الإحتراق ... ودى كانت آخر تجربة ...
سميرة: حلو أوى ... يلا نجربها سوا ... لو سمحت ...
أمسك أمير بالشعلة بعدما وضع المادة وبالفعل حاوطت النيران القطعة الجلدية وقطعة القماش لكنها لم تحترق ...
زاد إنبهار سميرة من هذه المادة التى ستفيد فى أشياء كثيرة إذا تم التعامل بها ..
سميرة بإعجاب: عبقرررى .. تحفه ... برافو عليك .....
أطراء سميرة أشعره بقيمة ما مر به خلال سنوات ، يكفى إحساس الإعجاب بعمل قام به المرء ليشعر بقيمته وينسى تعبه على مر أيام وليالي طويلة ..
امير بإمتنان: شكرًا ...
سميره: مش بجامل والله فكرة عبقرية ... لازم تتسجل براءة إختراع ...
تناسى أمير إحساسه بالضيق والحدة وعاد لدقائق أثناء حديثه معها لنفسه القديمة الهادئة ...
امير: إن شاء الله ...أظبط أوراقى وأقدمها لـ اللجنة ...
سميرة: مبروك مقدمًا ...
امير: عطلتك معايا ... تقدرى تروّحى عشان متتأخريش ...
تطلعت بفزع تجاه ساعتها قائله بعجالة ...
سميره: أه صح ... دة زمانهم فى البيت قلقانين أوى دى أول مرة أتأخر كدة وكمان ما إتصلتش بيهم أطمنهم ... بعد إذنك ...
أنهت سميرة جملتها وهى تخلع معطفها الأبيض بسرعة متوجهه إلى الخارج لتعود إلى البيت حتى لا تتأخر أكثر من ذلك .....
تراود إلى ذهن أمير مقارنة مفاجئة بين سميرة و ميادة كيف أن ميادة كانت دائمه الخروج والسهر و قَلما إستأذنت قبل تأخرها فهى لم تفعلها مطلقًا من قبل بينما سميرة الساعه لم تتجاوز السادسة و قَلقه من تأخرها بدون علم والديها ...
كم هما نقيضان .. هكذا فكر أمير قبل أن يلملم أدواته و يحمل حقيبته الجلدية ويترك المعمل متوجهًا نحو منزله ....
ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الثاني عشر ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه ،،،
•تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية