رواية في ظلال الحب المفقود الفصل السادس عشر 16 - بقلم مهجة
اعتراف صادم
في صباح اليوم التالي، كانت الغرفة مليئة بالصخب والضحك مع بداية لعبة البلاي ستيشن. الأولاد، منهم أدهم ووسيم، كانوا في غرفة الضيوف في منزل الخالة ياسمين، يتسابقون بكل حماس. بينما كانوا منهمكين في اللعبة، دخلت سُكرة مع ليان، وابتسمت سُكرة قائلة بحماس:
"أريد أن ألعب معكم!"
نظرت إلى أدهم ثم إلى وسيم، وأشار وسيم الذي كان ممسكًا بجهاز البلاي ستيشن:
"حسنًا، أدهم، أعطِ اليد لسُكرة، ستلعب معي."
شعر أدهم بشعور غريب من الغيرة وهو يلاحظ مدى تفاعل وسيم مع سُكرة، ولكنه حاول إخفاء مشاعره قائلاً:
"لا، سُكرة ستلعب معي، فهي تحب أن تلعب معي."
لكن وسيم لم يتراجع وقال بابتسامة مكر:
"لا، صدقني، أنت لا تعرف كيف تلعب معها، ستهزمك بسهولة. دعني أعلّمك."
على الرغم من أن وسيم كان يشعر بالغيرة من العلاقة القوية بين أدهم وسُكرة، إلا أنه كان يحاول أن يخفي ذلك عن الجميع.
لكن سُكرة تدخلت بحكمة محاولة تهدئة الموقف:
"حسنًا، لا بأس، أكملوا لعبتكما، وعندما تنتهيان، سنلعب أنا وليان."
أعطت ليان نظرة سُكرة فهمت من خلالها أنها ليست مهتمة بلعبة البلاي ستيشن، فقالت سُكرة مبتسمة:
"لا بأس، إذا، سألعب مع طارق."
قفز طارق على الفور من فوق السرير قائلاً:
"رائع، أنا موافق!"
ثم أضافت سُكرة:
"جيد! هكذا حل الأمر، ولنجعل الأمر أكثر حماسة. الفائز منكما، أدهم ووسيم، سيلعب مع الفائز منا أنا وطارق. اتفقنا؟"
قال الجميع:
"اتفقنا!"
استمرت المباراة بينما جلست سُكرة وليان على طرف السرير تتبادلان أطراف الحديث. كان طارق مستغرقًا في لعبه على هاتف والدته، بينما استمر أدهم ووسيم في التنافس الحماسي. لكن الأمور خرجت عن السيطرة عندما بدأ أدهم ووسيم في الشجار، يصرخان على بعضهما البعض في الغرفة. حاولت سُكرة وليان وطارق التفرقة بينهما، ولكن الشجار استمر.
وفي تلك اللحظة، دخلت حبيبة، أخت وسيم وطارق، إلى الغرفة بسرعة. وبخت كلا من أدهم ووسيم بشدة وقالت:
"لماذا تتشاجران؟"
أجاب طارق بحماس:
"لقد تشاجرا لأن الفائز كان سيلعب مع سُكرة!"
نظرت حبيبة إليهما بغضب وقالت:
"سُكرة لن تلعب مع أي منكما! ولن تلعبا أيضًا حتى تتعلموا كيف تتصرفون كالكبار!"
ثم التفتت إلى سُكرة وليان وقالت:
"اخرجا من هنا و العبا في مكان هادئ مع أناس عقلاء."
خرجت سُكرة وليان فورًا، وقررتا الذهاب إلى حوش المنزل حيث تجلسان وتدردشان بهدوء حتى غادرت حبيبة. ثم، وبعد لحظات، اقتربتا من نافذة الغرفة لاستراق النظر إلى الأولاد الذين كان يجلس كل واحد منهم بمفرده، دون أن يتبادلوا أي كلمات، وكأن بينهما جدار من الصمت.
استمر الشجار بين وسيم وأدهم لفترة طويلة، والأجواء كانت مشحونة بالغيظ والتهديدات الصامتة بينهما. بينما كان الصراع يتصاعد، قررت سُكرة وليان أن تبتعدا قليلاً عن الموقف، فذهبتا إلى منزل الجدة. جلسوا هناك لبعض الوقت، حتى حل وقت صلاة العصر.
بعد أن انتهت الصلاة، قرر وسيم أن يذهب إلى منزل الجدة ليبحث عن سُكرة، فقد شعر بشيء ثقيل في قلبه. وعندما وصل، لم يكن يعلم كيف سيواجهها، ولكنه كان مدركًا أنه بحاجة للاعتذار. دخل المنزل فوجد سُكرة تجلس بالقرب من النافذة، وعندما لمحته، نهضت لتقترب منه، وقالت بحذر:
"وسيم، أريد أن أتحدث معك."
ولكنه، وعلى غير المتوقع، صرخ قائلاً بصوت مرتفع:
"اذهبي من هنا، لا أريد الحديث معك!"
شعرت سُكرة بقلبها ينفطر من الألم، وجاءها شعور بالإحباط الشديد، كان الموقف محرجًا جدًا بالنسبة لها، خاصة أنها لم تتوقع هذا الرد من وسيم. بدون أن تنطق بكلمة، غادرت المنزل على الفور، متجهة إلى بيت خالتها ياسمين، حيث كانت بحاجة للبقاء هناك لبعض الوقت، لتستجمع قواها وتستوعب ما حدث.
أما وسيم، فقد بقي جالسًا في المكان الذي تركته فيه سُكرة، يتأمل في تصرفه. شعر بتأنيب الضمير وهو يدرك حجم خطأه. بدأ يفكر في سبب غضبه الشديد، وشيئًا فشيئًا أدرك أنه لم يكن الغضب هو الذي دفعه لذلك التصرف، بل كانت الغيرة. كانت مشاعره تجاه سُكرة أكبر من مجرد صداقة، لقد وقع في حبها!
مع مرور الوقت، قرر وسيم أن يواجه مشاعره، فذهب إلى ليان، وطلب منها مساعدته في الاعتذار لسُكرة، وأخبرها بمشاعره الحقيقية. قال لها بصوت هادئ:
"ليان، أنا أحب سُكرة... كل ما فعلته كان بسبب غيرتي. لا أستطيع أن أستمر في تجاهل هذه المشاعر."
لكن ليان شعرت بتردد شديد، فهي تعرف أن أخاها، أدهم، يكن مشاعر قوية تجاه سُكرة، وأنه هو الآخر يحبها. لذلك، لم تكن ترغب في أن تزيد الأمور تعقيدًا أو تسبب ألمًا لسُكرة. ومع ذلك، أدركت أن وسيم يشعر بصدق، وبعد تفكير طويل، وافقت على مساعدته، لكن بشرط أن يتأكد من أنه لا يسبب أي أذى لمشاعر سُكرة.
اتفقت مع وسيم على خطة محكمة. كان اللقاء سيتم في بيت خالتهم ياسمين، حيث ستتأكد ليان من إشغال أدهم والبقية حتى يتمكن وسيم من مصارحة سُكرة.
وصل الوقت المحدد بعد العشاء ، وبدأت ليان تنفيذ خطتها بإلهاء الجميع. سُكرة، التي لم تكن تعلم بما يحدث خلف الكواليس، كانت في الحوش مستمتعة ببعض الوقت الهادئ، عندما جاء وسيم إليها بهدوء، حيث كان يتنفس بعمق، محاولًا السيطرة على أعصابه.
اقترب منها وقال بصوت خافت:
"سُكرة، أريد أن أعتذر لكِ عن كل ما حدث. أنا أحبك، وكل ما حدث كان بسبب غيرتي عليكِ... كنت خائفًا أن أكون بعيدًا عنكِ."
لكن سُكرة، التي كانت قلبها مشغولًا بأدهم، وقفت لحظة صامتة. كانت الصدمة واضحة على وجهها، لم تعرف كيف ترد عليه، حيث أن مشاعرها تجاه أدهم كانت أقوى من أي شيء آخر.
ولكن قبل أن تتمكن من الرد، جاء وليد الأخ الأكبر لوسيم فجأة وقطع الموقف، مما جعل سُكرة تشعر بالارتياح، إذ لم يكن لديها فكرة عن كيفية الرد على وسيم، خصوصًا وأن قلبها كان مع أدهم. وليد الذي قطع الموقف بسؤاله عن ما إذا كان يرغبون في الذهاب معهم إلى البقاله جعل وسيم يتراجع قليلاً، دون أن يعلم أي شيء عن العلاقة بين سُكرة وأدهم.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية في ظلال الحب المفقود) اسم الرواية