Ads by Google X

رواية ديزني في حارتي الفصل السادس عشر 16 - بقلم يارا محمود

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية ديزني في حارتي الفصل السادس عشر 16 - بقلم يارا محمود


الفصل السادس عشر|불가사의의 숲에 있는 에메랄드|
                                    
                                          
صلي على نبي الرحمة ❤️🦋
********************
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك 💚💚💚
سبحان الله وبحمده 🤎🤎🤎🤎
سبحان الله العظيم 💜💜💜
استغفر الله العظيم واتوب اليه 🤍🤍🤍🤍



~~~~~~~~~~~~~~~~~
قراءة ممتعة 🤍💛💜🤎💚❤️
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



تنحنحت زمرد بتوتر ثم قالت
-شكرًا... تميييييييييييييييم، اللحقنيييييييي!



نظرة تميم تجاهها، فوجدها تتجه إلى المسار الخطأ؛ كان هناك شيء يسحبها إلى الأسفل بسبب الرمال المتحركة، التي غاصت بها وهي تصرخ، تشعر أن قدمها لا تساعدها على الخروج من هذا المأزق بل إنها تغرز فيها أكثر فأكثر. كانت تصرخ تطلب المساعدة منه، فهو العون الوحيد لها في هذه الرحلة التي لم تكن بشرة خير لهما.



أسرع تميم ينزل من على ظهر حصانه ثم تركه بعيدًا عن الرمال وذهب نحوها بخطوات ثابتة. كانت هناك مسافة بينه وبينها لكنها لم تكن كبيرة. نطق بوضوح:



-اثبتي! أوعي تنطي، ما تخليش الحصان يحس إنك خايفة، ما تتحركيش يا زمرد، أنا معاكِ.



فنطقت هي وهي تشعر بالرعب:



-تميم، أنا خايفة. الحصان بينزل لتحت يا تميم.



بالفعل، كان حصانها يغوص أكثر من قبل. تركت زمرد وهي تتخيل أن تميم سيتركها في هذا الموقف الأليم. شعرت وكأنها قطعة غسيل متسخة في الغسالة. صرخت به، تعنفه:



-رايح فين؟ هتسيبني يا أهبل، هموت.



أخذت تسبه وتلعنه وتولول على حالتها، بينما تميم نظر إليها بتأفف. كان يفضل لها أن تستشهد ليغفر لها بعضًا من تلك الذنوب، لكنها فضلت الشتائم، وهذا اللسان يجب قصه بمقص بارد. اقترب حصانه ورفع له حبلًا متينًا وقال لها وهو يحذرها:



-إمسكي دا جامد بسرعة.



أستجابت له وهي تهز رأسها، محاولة أن تبقى يدها مرفوعة لأجل الإمساك بالحبل حتى جلبته بصعوبة. كانت الرمال تصل إلى عنقها، وعندما أمسكت الحبل، انطلق تميم بفرسه الخاص به برفق، يسحبها من الرمال. كان الأمر صعبًا بالنسبة لها لكنها تحملت وهي تبكي حتى بدأ جسدها يظهر شيئًا فشيئًا حتى أبتعدوا عن الرمال، وهي ما زالت متمسكة بالحبل.



الحياة هكذا، يا صديقي، يومًا تكون حبالها متماسكة ويومًا أخرى دائبة، لكنك من تتحكم بها، كما تحكم صديقنا تميم في حصانه حتى أوقفه، قفز من أعلى ظهره ليجلس على ركبتيه، يطمئنها ويخبرها أنها الآن في أمان.



-إنتِ كويسة؟



تحدثت زمرد وهي تكفكف دموعها:



-أه، الحمد لله.



نظر لها بشفقة على حالتها وهتف:



-مالك طيب؟ مش إنتِ كويسة؟



كانت تفرك يديها ببعضهما لتحاول أن تتماسك، ثم نظرت إلى المكان الذي كانت ستموت فيه، تتذكر حصانها الذي كان عونًا لها، لكنه مات بدلًا عنها. رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تنطق:


   
-مش مصدقة إني كنت هموت زي الحصان ما مات؟! خلاص، أخري كانت رمال متحركة في عز الحر. ما كنتش هشوف أهلي تاني، إيه المكان دا ملعون، مش عايزني أخرج منه!



-زمرد، إنتِ دلوقتي بخير وكل اللي حصل خلاص، عايزين نبص لقدام علشان لسه الرحلة طويلة، وهنشوف حاجات عجيبة. بس اللي عايزك تعرفيه إني جمبك ومعاكِ.



قطعت حديثه وهي تقول وكامل نبرة صوتها تملأها الشكر:



أقطعت حديثه وهي تقول، وكامل نبرة صوتها يملؤها الشكر:  
-مش عارفة أقولك إيه.



وقف تميم يتذكر قائمة الشتائم التي نزلت على رأسه منها، ثم ابتعد عنها، ركب الفرس الخاص به وهو ينظر لها، ورد على جملتها الأخيرة:  
-ما إنتِ قولتي وشتمتي كمان.



تذكرت حديثها اللاذع حينما كانت بين الحياة والموت، ثم وقفت بجوار الحصان وهتفت:  
-إنتَ زعلت؟ طب أعمل إيه، أفتكرتك هتمشي وتسبني.



نظر لها، يخبرها عكس ما تعتقد تلك المجنونة، فهو هنا من أجلها هي فقط:  
-مقدرش يا زمرد أكمل من غيرك، دا أنا جاي علشانك. بس هو يعني إيه شلـ،حف؟ إللي قولتيها.



قالها وهو يساعدها في الركوب خلفه. مسحت دمعاتها ثم ضحكت، فرأته منتظر إجابتها فقالت:  
-شلـ،حف مش شتيمة خالص، أنا بس بشكر فيك.



نظر لها في شك، فهي لن تقل له الحقيقة:  
-إنتِ كدابة وشلـ،حف دي شتيمة.



-خلاص بقى قلبك أبيض.



انطلق بفرسه كالفارس حقًا، ملابسه توحي بهذا، خصلاته الغزيرة تنزل على عينيه، فأبعدهم بيده ليرى أمامه. فهذا المكان ليس بهين قط، فإنه يحتاج إلى تركيز وشجاعة. أما هي، فكانت سعيدة، فطيار الهواء كان معاكسًا لهم، مما جعل الهواء يضرب على وجهها بخفة ولطف. أمسكت في ملابسه حينما شعرت أنها ستسقط من أعلى ظهر الحصان. فلف لها رأسه، نظر إلى عينيها حتى حمحمت هي، وهي تترك ملابسه من بين أصابعها. ابتسم ابتسامة جانبية على هذه الحركة ثم نظر أمامه.



مر وقت لا يعلمونه، فقط حين حل المساء عليهم، أوقف تميم الحصان ونزل، ثم مد لها يده لتنزل، فأمسكت بكفه لتهبط بجواره. تركها ليربط الحصان في شجرة، ثم جلسوا يتناولون شيئًا يأكلون.



فنظر لها بعدما أنهى طعامه، يخبرها بأنهم سيبقون هنا حتى الصباح:  
-لما النهار يطلع، هنكمل الطريق.



-تميم إنتَ طيب أوي، يعني مش عارفة أنا من غيرك كنت هعمل إيه في مكان أنا معرفهوش ولا عارفة أنا فين وليه. بجد شكرًا على كل حاجة إنتَ عملتها ليا. أنا مديونة ليك بحياتي، يا تميم، إنتَ أنقذتني مرتين، ومين يعرف هتعمل إيه تاني.



كانت تتحدث بعفوية كبيرة وشعرت براحة حين أفرغت ما بداخلها تجاهه، أما هو فكان ينظر إلى عينها ويدها التي تحركها تعدل حجابها من حين إلى آخر بسبب توترها.




        
          
                
-متقوليش كده، إنتِ غالية أوي عندي يا زمرد، وأنا مستعد أعمل أي حاجة علشانك.



فأرادت إرضاء فضولها لا أكثر، فبادرت بسؤاله:  
-هو أنا ممكن أسألك سؤال؟



-أسألي.



-إنتَ بتساعدني علشاني ولا لو أي حد كان حصل معاه كده كنت هتساعده؟



تردد تميم في البداية حول كشف الحقيقة، لكنه حسم أمره حين رأى انتظارها لإجابة مقنعة. قال لها بصراحة:



-بصراحة، كنت بستغلكِ.



رأى الحزن والصدمة في عينيها، فأضاف بسرعة:



-متبصليش كده، أنا مكنتش عارف القصة. كنت فاكركِ من أرض الجنيات، وكنت هعمل عليكِ تجربة السم اللي هشتريه من مملكة الورد.



تساءلت زمرد بدهشة وصدمة عميقة:



-ثانية واحدة، يعني إنتَ لما وافقت تروح معانا مملكة الورد كان علشان مصلحتك وبس؟ مش علشان تساعدني أنا وسيليا؟!



قالتها وهي تقف غاضبة، فتقدم تميم ليشرح لها:



-افهميني يا زمرد، أنا كنت...



قاطعته زمرد قائلة:



-إنت كداب يا تميم.



أوقفها تميم قائلاً:



-هو إيه اللي كداب؟ أنا فعلًا رحت علشان أساعدكم، وفي الوقت ده كنت عرفت إنك مش جنية أساسًا. بس كنت هكمل انتقامي. فاكرة لما اتكلمنا بعدها؟ قلت إني مش هكمل الحرب دي، ومن قبلها، يا زمرد، إنتِ غالية عندي. وأنا لو كنت كداب فعلًا زي ما بتقولي، ما كنتش جيت معاكِ النهاردة. أنا اللي المفروض أزعل، مش إنتِ، على فكرة.



صمت قليلاً ثم أضاف وهو يرحل نحو حصانه:



-تقدري تنامي علشان هنتحرك الصبح.



تركها تمضي وقتها في لوم ذاتها على ما قالته، دائمًا ما تسيء فهمه، ودائمًا ما يسبق لسانها عقلها. بينما جلس هو بجوار الحصان يتحدث معه على أمل أن يعطيه ردًا أو حتى إيماءة رأس منه، فسيحسبها إشارة:



-مش قادر أقولها يعني أروح أعترف ليها بحبي وفي الآخر يجي وقت وتسيبني وتمشي؟ نفسي تفضل معايا. بس تفتكر هي بتحبني ولا بتحب أكرم؟ أكيد أكرم، وحتى لو هتحبني فده علشان أنا شبهه مش أكتر. أنا حاسس إني غلط. هو إنتَ فاهمني؟



تنهد تميم تنهيدة طويلة وهو ينظر إلى الحصان ثم قال:



-والله إنتَ ولا فاهم ولا حاجة.



لكن على عكس المتوقع، هز الحصان رأسه له وكأنه يفهمه، ثم قال:



-أنتَ غبي! أنني أفهمك كفاك ثرثرة وأغفى قليلًا.



لم يشعر تميم سوى بقدم الحصان تدفعه برفق، فلم يتعجب؛ فكأنها بلاد العجائب وليست مجرد غابة. حيوانات تتحدث، حيوانات شفافة، وأخرى سامة أو صاحبة للإنسان.




        
          
                
**************



استيقظت على شيء يلتف حول قدمها، وكأنه سوار محكم القفل. شعرت وكأن عروق دمائها ستنفجر من الألم، فقالت وهي ما زالت نائمة:



-مش هصحى يا ماما، نزلي ابنك حبيبك يجيب العيش. الفرن زحمة والواد بيرخم عليا. خلاص هقوم، سيبي رجلي بقى. مش معاملة ديه.



أفتحت عينيها وهي تستوعب ما يحدث وتدرك ألم قدمها الشديد. صرخت بإسمه:



-تميم، آآآه، تميييييم.



سمع تميم صرخاتها فقام مسرعًا، فهو كان قد غفى بجوار الحصان. ركض نحوها وقال:



-في إيه؟



صرخت وهي ما زالت ترى الثعبان يلتف حول قدمها، وهي لا تصدق ذلك حتى الآن:



-تعبان يا تميم، في رجلي.



أسرع تميم ينظر إلى قدمها لكنه لم يرَ شيئًا، فقال:



-مفيش حاجة يا زمرد.



-تميم أنا شايفاه بيلف على رجلي، هيلدغني.



لم يفهم ماذا تقول، فهو لا يرى شيئًا. لكن من عدم توقفها عن الصراخ، شعر بالذعر:



-مفيش حاجة، قولتلك.



-تميمييم.



قالتها بصراخ. نظر تميم إلى قدمها فلم يجد غير بقع دماء. بعدها وقع الثعبان على الأرض حتى تمكن من رؤيته بعدما كان شفافًا. ظهر لونه الأسود مع خطين أصفرين، وكان رفيعًا. شعرت وكأن قدمها أصبحت- مخدرة، وقالت ببكاء:



-أنا أكيد هموت دلوقتي صح؟



تنهد تميم تنهيدة طويلة وهو يقطع قطعة قماش من قميصه ليلفها حول قدمها ليمنع النزيف. نظر إلى الثعبان الذي وقع على الأرض. تذكر أن هذا الموقف قد حدث معه من قبل، لكن صديقه ياقوت كان معه، فهو أكثر من يعرف تلك الغابة. ثم قال:



-هو إنتِ بتتلككي علشان تموتي ولا إيه؟ دا إنتِ شلـّحفـ،ـَة أوي.



نظرت إليه بصدمة من كلامه، فرد قائلاً:



-مش بيموت، دا بياخد دم مننا علشان يعيش، مش أكتر. بس هي ممكن تحمر شوية بعد الدم ما ينشف.



شعرت وكأن قدمها أصبحت لا تؤلمها كما قبل، فقالت وهي تشعر وكأنها في فيلم خيالي:



-هو التعابين عندكم بقت نموس؟



-نموس؟ يعني إيه؟ طيب، يلا، علشان هنمشي.



تحملت على ذاتها تقف على قدمها كأن شيئًا لم يحدث لها وكأنها حقًا لدغة نموسة تريد فقط أن تحك يدها بقدمها لكنها تذكرت شيئًا أيرد لها تلك السبه مجددًا؟



-هو أنتَ قولتلي شلـّحفـ،ـَة من شوية صح؟



-آه، دا أنا بشكر فيكِـ.



قالها وهو يركب الحصان ومد يده لها لتصعد خلفه. تأكدت أنها أخذت أشيائها معها، وانطلق الفرس بهم بسرعة كأنه يتسابق مع الرياح. كانت الشمس لم تطلع بعد والأجواء ملطفة. طوال الطريق كان هو صامتًا، لكنها لم تتوقف عن الغناء والدندنة بأحد الأغاني التي تعشقها:




        
          
                
-هوا هوااا هوا هوا هوا بلا قلبي وبلا عيني هوااا.
إيه دا إيه دا.



قاطع غناءها حينما توقف الحصان عن الحركة، وتبع ذلك نزول تميم. لم ينكر تميم أن غناءها جعل رأسه يشعر بالشلل، لكنه كان مستمتعًا. فسألته:



-نزلت ليه؟



رد تميم بجفاء:



-مش هينفع نكمل بالحصان.



-هنمشي؟



-لا، هنطير.



كان هذا جوابه على سؤالها، وهو يأخذ الحصان ليربطه ويضع له طعامًا يتكون من تفاح وجزر. فردت عليه معقبة:



-إنتَ بتهزر؟ هنطير بالتراب؟



-لا.



قالها وهو يسير أمامها، وهي خلفه كالعادة تثرثر بحديثها لتعتذر له:



-تميم، ممكن تتكلم معايا بعد إذنك؟ أنا آسفة بس معرفتش أقولك غير كده. فهمتك غلط. مش أنتَ بتقول إني غالية عندك؟ رد عليا، طب إحنا رايحين فين طيب؟



شعر وكأنها لن تصمت، بل ستظل تتحدث حتى يصاب هو بنوبة قلبية. قال:



-صدعتيني، اسكتي.



-هسكت بس متزعلش مني.



-مش زعلان، اتفضلي أركبي.



كانت تنظر إلى ما يشير له بيده، ولم تستطع تحمل الصدمة. فقد حلمت كثيرًا أن تركب هذا المنطاد. بدأت تقفز من الفرحة كطفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها، وضعت يدها على فمها ثم قالت له:
-إيه دا؟ هنركب منطاد؟ تعرف إني كان نفسي أركبه أوي.



أبعد عينه عنها بملل وذهب ليصعد أولًا، لكن هي أوقفته وصعدت قبله. 



فقال وهو يبتسم بسخرية:
-مجنونة!



ركبا سويًا وبدأ تميم في تحريك المنطاد باستخدام قطعة حديدية لتوجيهه يمينًا ويسارًا. 



كانت هي تنظر إلى السماء واستغربت من جمالها. تذكرت وجود سبع سموات لا يمكن لأحد أن يصل إليها، وتساءلت كيف سيكون الارتفاع من فوق. فكرت في الكثير من الأمور وسألت نفسها، لكنها في النهاية توصلت إلى أن قدرة الله قادرة على فعل أي شيء، فقالت:
-سبحان الله.



شعرت بالخوف وبدأت ترتل بعض كلمات الله عز وجل:
-(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ)" (سورة الفتح).



عندما انتهت من ترتيل الآية، غلبتها الدموع فتذكرت والدها الذي كان يجلس دائمًا يقرأ القرآن بينما كانت تحضر له كوبًا من الشاي الدافئ، ثم تجلس بجواره ليتلوان معًا. 



قالت متذكرة إياه:
-وحشتني أوي يا بابا. يا ترى حاسس بيا بعد الغياب دا كله ولا لا؟ يارب رجعني لأهلي، يارب أنا مليش غيرهم.




        
          
                
رأى تميم بكاءها لكنه لم يتحدث إليها ليستمع لما تقول، بل فضل الصمت. بعد فترة غير محددة، بدأ المنطاد في الهبوط تدريجيًا حتى وصل إلى منطقة فوق كهف صغير مغطى بالثلج الكثيف، حيث كانت هناك ذئاب تحرس الكهف.



سارت هي بخطوات ثابتة ومندهشة من جمال المكان حتى وقفت أمام أحد الذئاب ثم وضعت يدها على رأسه. أبعد تميم يدها بعنف وهو يحذرها:
-إنتِ بتعملي إيه؟



قالت بدهشة:
-في إيه؟ دا كلب هاسكي جميل. بص عينه ملونة إزاي.



ضرب تميم يده بجبينه وقال:
-كلب؟! دا ذئب.



أجابت وهي ليست مدركة لما قاله:
-ومالو يا خويا ذئب ذئب. حد لاقي، بتقول إيه؟ ذئب؟!



تركها تميم في صدمتها وخوفها، ثم ذهب ليقف أمام الذئب وجلس على ركبتيه وهو ينظر إلى عين الذئب بشدة كأنه يتحدث معه. فجأة، صدح صوتًا، وتباعدت الحجارة عن مدخل الكهف كأنه باب، وظهر بعدها طريق طويل مظلم.



ابتسم تميم إلى الذئب ثم قام وربت على ظهره، وسار بخطوات هادئة في الممر المظلم، وسارت زمرد خلفه، لكنها شعرت بالذهول. كان تميم يبدو كأنه مهم في هذا المكان، فكلما يخطو خطوة، تضيء نار لتنير له الطريق.



قالت زمرد بدهشة:
-دا خيال بجد، ولا كأني في فيلم علاء الدين؟



قالت نبرة صوته الجادة:
-متتكلميش تاني.



صمتت زمرد بسبب نبرة صوته الجادة. استمروا في السير في ممر كبير حتى انطفأت جميع النيران، ثم أضيء اتجاه شخص يجلس في نهاية الممر على مقعد حجري منحوت بشكل بارع ومرصع بالجواهر الغالية التي لا تتناسب مع الحياة البدائية.



سألهم الشاب الجالس:
-من أنتم؟



رد تميم وهو يقترب منه ويحتضنه بقوة:
-هذا أنا تميم، يا ياقوت.



بادره الآخر بالاحتضان وهو يربت على ظهره ثم قال:
-لقد أشتقت لك كثيرًا، يا رجل. كيف حالك؟ سمعت أنك تخلصت من عثمان.



لم يتغير صديقك يا تميم. سيظل دومًا قلقًا عليك، يرسل لك رجاله من حين إلى آخر ليعرف حالك. 
فرفع تميم أحد حاجبيه ثم نظر إلى وجه صديقه 
-ما زلت تجلب لي حراسك؟ لم تتغير أبدًا، ياقوت.



برر ياقوت موقفه قائلاً:
-أنا أقلق عليك، تميم. كنت سأأتي لك حين شعرت أنك في خطر، لكن رأيت مقتل عثمان في البلورا وعلمت أنك أشجع مني بكثير. هنيئًا لك، صديقي. من هذه؟



أجابت زمرد قبل أن يتحدث تميم:
-أنتَ علمت كل هذا ولم تعلم من أنا؟ أحقًا أنتَ ساحر؟



-ماذا تقولي أيتها البلهاء؟



أوقفهم تميم وهو يجلس أمام صديقه على مقعد مماثل لمقعده، حيث توجد طاولة حجرية محاطة بالمجوهرات ذاتها. بدأ تميم حديثه وهو يشير إلى صديقه:
-حسنًا، ياقوت، أنا جئت لك بخصوص هذه.




        
          
                
لم يتحمل ياقوت الصدمة، هل هو هنا من أجل هذا وليس من أجله هو؟!! قال:
-العار عليك يا رجل. كنت أعتقد أنك هنا لأجلي، تبًا لهذه الصداقة.



رد تميم ببرود:
-لا تحزن هكذا. أنا حقًا انشغلت عنك، لكنك تستطيع القدوم كما تشاء بألعابك. العار عليك أنتَ ولست أنا.



قالت أوليفيا، التي دخلت فجأة، وهي فتاة جميلة يعرفها الجميع عدا الزمرد:
-حسنًا، كفى خناقًا.



نظر الجميع نحو الصوت، فقام تميم واقفًا أمامها بدهشة:
-أوليفيا؟! ماذا تفعلين هنا؟



أجابت أوليفيا:
-لا شيء، فقط تزوجت من هذا الساحر البائس. أي ساحر هذا؟ أنا لا أعلم، لكنه لا يستطيع حتى ترك هذا المكان لنستقر بعيدًا في عالم آخر من تلك الخرافات التي يتحدث عنها.



قال ياقوت بتهكم:
-تزوجتها؟ أنك حقًا رجل شجاع، لكنك خائن لصديقك. كيف لا تدعني إلى حفل الزفاف؟ العار عليك.



كانت زمرد تراقب كل هذا، ورأسها يتحرك تجاه من يتحدث، وفمها مفتوح بدهشة:
-أكيد دخلت فيلم مدبلج لشاروخان. أكيد ما هو مفيش حل تاني. إيه الهبل دا؟!



قالت أوليفيا بعدما شعرت بوجود فتاة غير معروفة بينهم، غمزت إلى تميم ثم قالت:
-دعك منه، إنه أبله. من هذه؟ زوجتك أم حبيبتك؟



تميم وقد نسي زمرد تمامًا:
-من تقصدين بحبيبتي؟ هذه لا، ليست كذلك. إنها فقط تحتاج مساعدة من زوجك الأبله.



أشار له ياقوت بسبابته:
-أنظر، إنك تتحدث معي بأسلوب خطأ. سوف أدمرك، تميم.



قال تميم لتهدئة صديقه:
-حسنًا، اجلسا قليلًا، رجاءً.



قالت أوليفيا لزمرد التي لم تتحدث منذ وصولهم:
-هل أنتِ خرصاء؟ لم تتحدثي كلمة واحدة حتى الآن.



قالت زمرد لنفسها:
-طب أقوم أجيبها من شعرها دلوقتي؟



أعلنت بصوت عالٍ:
-فقط انتظركم كي تنتهوا من هذا الحديث.



أكمل تميم حديثه وهو يستند إلى المقعد:
-حسنًا، إنها ليست من هنا. بل أتت من عالم آخر.



تألقت عيون أوليفيا، فهي دائمًا تحلم بالذهاب إلى مكان آخر هي وزوجها بعيدًا عن هنا:
-كيف؟ أروي لنا القصة.



قص عليهم تميم وزمرد ما حدث لها بالتفصيل. صمت الجميع في انتظار جواب ياقوت. 
الذي كان صامتًا تمامًا حتى بدأ ياقوت بربط جميع الأحداث التي سمعها منهم ليجد حلاً، ثم هتف لهم بعدما أخذ نفسًا عميقًا:



-حسنًا، أنا لا أعلم ما هو ذلك الحاسوب، لكنه ليس له علاقة بما حدث معكِ. ما أعلمه هو أنكِ من كوكب الأرض.



رفعت زمرد حاجبيها:
-وحياة أمـ،ك.



قال ياقوت بتعجب:
-ماذا؟



قالها ياقوت وهو لا يفهم ما تفوهت به إطلاقًا. فأكملت زمرد:
-لا شيء، أكمل.



ثم أخفضت صوتها مجددًا وهي تضغط على يديها بقلق وقالت:
-كمل بدل ما أقوم أقلبها عليكم خرابة.



قال ياقوت:
-ما أقصده هو أنكِ هنا في عالمنا لأمرين. الأول، أنه حدثت فجوة زمنية، فانتقلتِ إلى عالمنا. ومن الممكن أن يكون هناك من عالمنا في عالمكِ أيضًا، لا نعلم.



لم تتحمل زمرد تلك الصدمة، وكان عقلها يدور حول ما يقوله هذا الساحر، ما هذا الحديث الذي يبدو غير منطقي؟
-فجوة زمنية!!؟... إحنا فين بالضبط؟ يعني أنا جوه نقطة سوداء وهي إللي سحبتني؟ إنتَ بتقول إيه؟



أجاب ياقوت ببرود:
-تحدثي معي كما كنتِ، أنا أشرح لكِ ما أعلمه لا أكثر.



وقفت زمرد، وأمسكت برأسها بألم، حيث كان حديث ياقوت يدور في ذهنها بشكل غير واضح، وكل ما كان يدور في ذهنها هو كلمة: 
"فجوة زمنية."



لم تكن هذه النهاية، بل كانت البداية، بداية لأمل أو بداية ليأس. ما علمته لم يكن سهلًا عليها، لكنها كانت عازمة على محاولة فهم الموقف، رغم أنها كانت تشعر بالارتباك.

 

google-playkhamsatmostaqltradent