Ads by Google X

رواية لحظات منسيه الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية لحظات منسيه الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم قوت القلوب 

الفصل الرابع والعشرون
•• إعتراف ...••

كشروق الشمس التى تظهر لتملأ الكون بنورها الساطع ، تلك الحقيقة التى تظهر للعيان بعد إضمحلال ليل طويل ...
فللنفوس القوة على الإعتراف ، وأيضًا لها الضعف من إظهار الحقيقة ...

مكتب أمير ....
جلس أمير يزفر بضيق لعدم حضور سميرة لليوم التالى على التوالى ، دلف أشرف إلى المكتب ناظرًا نحو أمير بتساؤل ....
أشرف : صباح الخير يا أمير ... مالك على الصبح مقفلها كدة ليه ....؟؟!

بضيق شديد أجاب صديقه ...
امير: ولا مقفل ولا حاجة إنتَ كمان ...!!!

أشرف: لا واضح .. دة على أساس إنى مسمعتش صوتك جايب آخر المكتب ...!!!

لوح أمير بقوة وهو يدفع بجسده جالسًا خلف مكتبه بإنفعال ...
امير: يووووه بقى يا أشرف ... أنا مش فايق لك الساعة دى ...!!

أخرج أشرف ورقة طويلة ليعطيها لـ أمير قائلاً بهدوء ...
أشرف: طب إهدى طيب ... خد الفاكس دة وصلك الصبح ...

هدأت نفس أمير المضطربة قليلاً ثم أردف بإهتمام ...
امير : فاكس ... إوعى يكون بتاع البحث ....؟!!!

اشرف: أيوة ...

جذب أمير الورقة متمعنًا بها ...
أمير: بيقول إيه ورينى كدة ...!!

اشرف: أجلوا معاد مناقشة البحث بتاعك أسبوعين ...

ألقى أمير الورقة فوق سطح المكتب وهو يعيد بجذعه للخلف متذمرًا ساخرًا من حاله ...
امير : وأدى سبب كمان ....!! ومش عايزينى أتضايق .....!!!!!!

إرتمى أمير بجسده بإستسلام ليبدأ أشرف دوره الهادئ العقلانى ...
أشرف: كل شيء بوقته ... معلش كل تأخيرة وفيها خيره زى ما بيقولوا ....

تحولت نبرة أمير لحزن يائس متحسرًا على حاله ...
امير: وأنا الوحيد إللى كل أحلامه متأجله ....

اشرف: بلاش التشاؤم دة ... حد عارف إيه إللى جاى .. مش يمكن يكون أحسن بكتير من إللى إنتَ بتفكر فيه ....

امير بيأس: يمكن ... !!! 

وقف أمير مادًا ذراعه نحو حقيبته الجلدية السوداء ليمسك بها ويحكم إغلاقها ملتفتًا بحزن نحو أشرف قائلاً ...
امير: أنا مروَّح .. ماليش مزاج أكمل اليوم ....

اشرف: على راحتك ...

إنصرف أمير من المعمل مباشرة نحو منزله ليقضى باقى يومه ناظرًا من شُرفته المحببة يعيد ترتيب أفكاره مرة أخرى فقد بعثرت هذه الفتاة كل أفكاره بتشتت غريب وآثارت الفوضى داخل نفسه لتتخذ تصرفاته منحنى آخر غير الذى إعتاد عليه .....

====

المستشفى....
لملمت والدة هيام أغراضهم المنتشرة بالغرفة إستعدادًا لخروج الحاج سعيد من المستشفى حين أردف الحاج سعيد بإمتنان ...
الحاج سعيد: الحمد لله ... أخيرًا حـ أروح البيت ... أنا مبحبش المستشفيات ولا الدوا خالص ...

هيام: بس يا بابا لازم تهتم شوية بالدوا بتاعك أديك شايف عدم الإنتظام عمل إيه ..!!

مررت سميرة ذراعها ليتخلل ذراع والدها وهى تردف ببعض المزاح ...
سميرة: توبه أسيبك تانى يا حاج .. أنا إللى حـ أدى لك الدوا عشان أطمن أنك مش حـ تنساه ...

إبتسم الحاج سعيد بخفة متسائلاً ...
الحاج سعيد: أمال فين كرم ...؟؟!

هيام: راح يخلص إجراءات الخروج مع الدكتور ويجيب الروشته ....

مصمصت والدة هيام شفتيها وهى تلقى بما علمت به اليوم على مسامعهم ....
ام هيام: كَتر خِيرُه يا سعيد أنا عرفت إنه دفع مصاريف المستشفى كلها من يوم ما إنتَ جيت هنا ...

تنهد الحاج سعيد بقلة حيلة ثم أردف بعِزة نفس وضيق مما علم به ...
الحاج سعيد: إحنا تقلنا عليه أوى ... عمومًا أنا حـ أحاول أستلف من جارنا الحاج محمد عشان أرد له دينى دة ... ميصحش كدة ....

تفاجئوا جميعًا بصوت كرم من خلفهم وقد أخذته الحميه والكرم كما يسمى بالفعل ....
كرم: عُمره ما حـ يحصل يا عمى .. هو مش إنتَ خلاص إعتبرتنى زى إبنك وأنا كمان إعتبرت حضرتك زى والدى إزاى تدخل غريب ما بينا ، الأهل بينهم رابط كبير أقوى من الفلوس ... يا ريت كانت الفلوس هى إللى بتقرب القلوب ... مفيش حاجة فى الدنيا تساوى لمّه العيله و حبهم حواليك ، وأنا فعلاً سعيد جدًا ويشرفنى إنكم تكونوا عيلتى .....

الحاج سعيد: مهما كان يا إبنى كدة حَملناك حِمل تقيل أوى ....

أجابه كرم بصدق فهو يقصد كل كلمه نطق بها ...
كرم:يا ريت تبقى كل الأحمال كدة ... وبجد والله ما حـ أخد أى حاجة ... كفاية أحس أنى ليا عيله وأنى موجود وسطكم ...

بنظرة حانية تطلعت بها والدة هيام بهذا الشاب الخلوق لتردف بمحبة ...
ام هيام: والله يا كرم إنت محبتك إتزرعت فى قلوبنا من يوم ما شفناك كدة لله فى لله ...

الحاج سعيد: صدقتى يا أم هيام .... فعلاً والله ... إللى ربنا يحبه يحبب فيه خلقه ... وإنت بسم الله ما شاء الله مَحبتك بتنزل على قلوبنا كلنا من غير ما نعرفك .....

إبتسم كرم لإطرائهم له بهذه الصورة لكن ما لفت الإنتباه وأثار تساؤلات كثيرة بداخل هيام هو فكرة وحدته وأنه ليس لديه عائلة تحيط به وتشمله برعايتها ...

تحركوا جميعًا إلى خارج المستشفى ليستقلوا السيارة مع كرم ليصلهم إلى المنزل والإطمئنان على حالة والد هيام ....

وبعد إصرار منهم أن يتناول كرم معهم طعام الغذاء وافق كرم بالحضور فى الغد لتلبية دعوتهم حتى يتسنى لوالد هيام اليوم الفرصة للراحة .....

====

أمجد ....
لم يتغير حاله اليوم عن الأمس إلا أن مفعول المسكنات أصبح يتلاشى ليحل الألم موضعه ليزداد فوق آلامه النفسية آلامه الجسدية ، فهو لا يدرى أيحزن لما بدر منه تجاه أحب مخلوقة إلى قلبه ، أم يحزن لكونه لا يستطيع الحركة وسيظل مقعدًا حتى بعد شفاء كسور جسده وجروحه ....

دلفت نورا ببسمتها المرحه غرفة أمجد يرافقها زوجها لزيارته ...
نورا: عامل إيه النهاردة يا أمجد ....؟؟!

ياسر: شد حيلك يا بطل .. دة إنت راجل رياضى خلى عندك عزيمة كدة عشان تقوم بالسلامة ....

نظر ياسر نحو نورا بحِيرة فهو لا يدرى عما يتحدث ليخفف وطأه الأمر على أمجد ، خاصة وقد إنتابته تلك الحالة النفسية السيئة للغاية فور إفاقته بالأمس .....

حاول ياسر حث نورا على التحدث مع أمجد لبث بعض التفاؤل داخله فربما يتقبل حالته ولو بالقدر الضئيل ....
نورا: أمجد ... إنت بس لو تقول إيه إللى مضايقك أوى كدة ... معلش الحادثة كانت كبيرة وإن شاء الله كل حاجة حـ ترجع زى الأول ... هى بس مسأله وقت ...

إلتزم أمجد الصمت فهو لا يجد من الكلمات ما يمكنها وصف شعوره الآن ، لكن عند ذِكر أخته كلمة "كل حاجة حـ ترجع زى الأول" ولمعت دمعه قهر داخل عيناه فهو متأكد أن لا شيء سيعود مثلما كان ...

بعد قضاء نورا وياسر بعض الوقت مع أمجد ورفضه التام للحديث معهم إضطروا للإنصراف آملين أنه فى زيارتهم المقبلة يكون قد هدأ قليلاً وربما يتحدث معهم ويتقبل الأمر .....

خرج ياسر أولاً من الغرفة لتلحقه نورا التى ما أن وصلت إلى باب الغرفة حتى سمعت صوت أمجد المختنق ينادى بإسمها ...
أمجد: نورا ...!!

إلتفتت له نورا مهروله فقد نطق أخيرًا وقرر التحدث معها ، ظنت أنه ربما شعر بالحرج من وجود ياسر فعادت لتطلب من ياسر أن ينتظرها بالخارج لترى ما سيقوله لها ...
نورا: معلش يا ياسر ... يمكن مخنوق ومش قادر يتكلم قدامك ...

ياسر: المهم يبقى كويس ... إتكلمى معاه براحتك وأنا حـ أستناكِ تحت فى الإستقبال ...

نورا: ماشى ...

عادت نورا لداخل الغرفة لتلبى نداء أمجد حين إستكمل بوجه مقتضب ...
أمجد: نورا ... أنا عايز أطلب منك طلب ... بس إوعدينى محدش يعرفه أبدااا ...

نورا: طبعًا ... قول يا أمجد ...

لم يستطع النظر لعيناها فأخذ يتهرب منكسًا خاصتيه بعيدًا عنها فهو لا يقوى على مواجهة أفعاله ورؤية رد فعلها عما سيخبرها به ، إحساسه بالخزى جعله يتمزق من داخله .... 
امجد: أنا عارف .... إن ... إللى أنا فيه دة .... عقاب من ربنا ...

نورا متعجبه : ليه بتقول كده ...!!!

امجد: أنا عملت حاجة فظيعة أوى ... مكنتش حاسس بنفسى إزاى فكرت وعملت كدة ... ودة كان عقابى ....

تجهمت نورا بعدم فهم لتتسائل تنتظر إيضاحه للأمر ...
نورا : إزاى دة أنا مش فاهمه حاجة ....!!!!!

إبتلع أمجد ريقه بصعوبه مركزًا بصره نحو نورا فهو لا يدرى كيف ينطق بها ، ليردف بترجى ....
امجد: حـ أقولك بس بالله عليكِ إفهمينى ....

نورا: قول يا أمجد ...

حان وقت الإعتراف بما حدث ليخبرها بما فعله وسط دموع الندم ، شعر أثناء حديثه هذا كم هو حقير جدًا ، كيف سيطلب من نورا أن تَعذره فى حين أنه لم يجد عذرًا لما فعله ...

أحست نورا بصدمة مما أخبرها به أمجد وكأنه يتحدث عن شخص آخر وليس بأخيها الذى تعرفه جيدًا ، كيف جرؤ على أن يؤذى هيام لهذه الدرجة ، كيف يسمى هذا حبًا وعشقًا ، كيف له من الأنانيه أن يقوم بفعل شنيع كهذا ...؟؟!!!

نورا بصدمة : إنت يا أمجد .. إنت تعمل كدة ....؟!!!!!

أمجد: نورا ...!! أنا عارف إن أنا غلطان متزوديهاش عليا ..

نورا بغيظ: مزودهاش عليك ...!!!! .... دة أنا الود ودى أخنقك بإيدى .. و إنت بقى طالب منى إيه دلوقتِ بعد المصيبه إللى إنت عملتها دى ...؟!!

رفع عيناه القلقتان قائلاً بإستجداء ...
امجد: هيام ..!!!!

تكتفت نورا بضيق وهى تردف بحدة ...
نورا: عاوز منها إيه تانى ... سيبها فى إللى هى فيه ... أورى لها وشى إزاى دلوقتِ !!!! ... ليه بتعمل فيها وفيا كدة ...؟!!

إهتز صوته بإرتجاف قوى وهو يصرخ نادمًا ...
أمجد: مش عارف ... مش عارف ... غصب عنى والله ... خفت تروح منى ...

أنهى جملته واجهش بالبكاء فـ رق قلبها له فهذه أول مرة تراه فى هذه الحالة من الإنهيار فهى تدرك تمامًا كم يحبها أمجد بصدق ..
نورا: خلاص طيب .. عايز منها إيه ...؟!!

امجد: عايز أشوفها عشان أعتذر لها يمكن تسامحنى ....

حركت نورا رأسها برفض فالأمر صعب للغاية ...
نورا: صعب أوى .. إنت متعرفش هيام لما بتزعل بتقفل جامد أوووى .. ممكن تنسى إنها عرفتك فى يوم من الأيام ...

امجد: حاولى يا نورا ... أنا عندى إحساس رهيب بالذنب ناحيتها .. حاولى تكلميها ...

نورا: حـ أحاول .. بس ما أوعدكش ...

امجد: لازم ... خليها تسامحنى ....

نورا: إللى أقدر أوعدك بيه إنى أكيد حـ أكلمها .... وربنا يستر ....

تركت نورا أمجد يصارع آلامه وحزنه ، بينما حاولت أن تخفى آثار غضبها مما أخبرها به أمجد فهى فى النهاية وعدته ألا تخبر أحد بذلك ....

=====

صباح اليوم التالى ....
سحبت عبير لـ سميرة من يدها بعدما قابلتها بحرارة لتجلس إلى جوارها قائله بإشتياق ...
عبير: وحشتينى أوى اليومين دول ...

سميره: ياااه ... للدرجة دى ...!!!!

عبير: أه والله ...

رغم إنشغالها بوالدها إلا أنها لم تنسى والدة عبير لتسألها عن حالها ...
سميرة: حبيبتى ... صحيح مقولتيليش .. أخبار طنط إيه ..؟!

تذكرت عبير أن سميرة كانت ستأتى لها بعنوان أحد الأطباء الماهرين من أختها هيام ...
عبير: لسه تعبانه ... ما تبقى تجيبيلى عنوان الدكتور إللى هيام أختك بتقول عليه كويس دة ...؟!

سميره بتذكر : ااااه ... معلش والله موضوع تعب بابا دة نسانى خالص ... إن شاء الله بكرة حـ أجيب لك الإسم وعنوان العيادة ...

عبير: أه بالله عليكِ متنسيش عشان ممكن أروح بكرة بعد الشغل على طول ..

إنتبهت سميرة لموعد الدواء الخاص بوالدها لتفكر بأمر يجعلها متواجده معه كل يوم حتى لا يهمل دوائه كما حدث بالسابق ...
سميره: هو أنا ينفع اليومين دول أستأذن بدرى ساعة ... أصل أنا إللى متابعة الدوا بتاع بابا ومش عايزة أهمل فيه أحسن يتعب ...

رفعت عبير كتفيها وأهدلتهما مقوسه شفتيها بمعنى لا أدرى ...
عبير: كلمى الباشمهندس أمير ...

سميرة: ممكن يوافق يعنى ...؟!!

عبير بمكر: ولو موافقش عشانك حـ يوافق عشان مين ...!!!

سميرة بإبتسامة : أه يا خبيثه إنتِ ..

ضحكت كلا منهما لفهمها ما تقصده الأخرى ، دلف أحمد إلى المكتب ناظرًا نحو سميرة بريبة ليلقى بالسلام فى تجهم غير معهود ..

جلس على مقعده ناظرًا نحوها ثم نكس رأسه يطالع أحد الأوراق فوق سطح المكتب مصطنعًا الإنشغال ....

لتهمس سميرة بإتجاه عبير قائله ...
سميرة: ماله ده ...؟!!

عبير وهى ملوحة لها بيدها فى الهواء بعلامة عدم الإكتراث ...
عبير بهمس: سيبك منه ...

إعتدلت سميرة مرة أخرى فوق مقعدها لتبدأ بقراءة التقرير الموضوع على المكتب والمتأخر فى تسليمه نظرًا لغيابها ...

دلف أمير إلى المكتب ، وفور أن وقعت عيناه عليها وهى جالسة خلف المكتب المواجه له شعر كأن أحدهم أشعل كل المصابيح حوله ، كما لو أنه يرى النور مشعًا أمامه ، ذلك الضوء الذى أزال سواد حياته بمجرد رؤيتها ...

كيف تكون لرؤيتها فقط مثل هذا التأثير عليه ، إبتسم لا إراديًا لتثبت عيناه عليها لتشعر سميرة بوجود أحدهم يقف مقابل مكتبها ، رفعت رأسها للأعلى لتجده يطالعها بإبتسامه أعطت لوجهه بريقًا لم تره من قبل ....
ردت بنفس الإبتسامة وكأنها تعنى سلامًا بينهم وحديث بدون كلمات ....

تابعهما أحمد بغِيره واضحة حاول إخفائها ، لكن الحقد الذى نظر به إلى أمير لم يستطيع إخفائه مطلقًا ....

ألقى أمير التحية يخصها هى بها وحدها ...
امير: السلام عليكم .. حمد الله على السلامة ..

سميره: الله يسلم حضرتك ...

امير: والدك عامل إيه دلوقتِ ...؟!

سميره: الحمد لله بخير ...

لن يمر اليوم دون أن يضع كل النقاط فوق الحروف ليطلب منها ببعض الإضطراب ...
امير: اا..... لو سمحتى لما تخلصى الشغل إللى فى إيدك عاوزك فى المكتب ...

سميرة : إن شاء الله حاضر ...

تركها أمير متجهًا نحو مكتبه وهو يحاول السيطرة على نفسه المبتعثرة بوجودها وتنظيم أنفاسه اللاهثه ...
امير: "بالراحة كدة ... لازم أرتب الكلام إللى حـ أقوله .. دى فرصتى ومصدقت أنها جتلى ...."

بعد مرور بعض الوقت ...
ترقب أمير عقارب ساعته وهى تمر ببطء وهو ينظر نحو باب غرفة المكتب ينتظرها بشغف وقلق بذات الوقت ...
امير: " إيه اللى أخرها كل دة ... مجتش ليه ...؟؟!"

لم يكاد ينهى عبارته إلا وقد سمع صوت طرقتها المميزة فوق باب المكتب ، تلك الطريقة التى دق لها قلبه بعنف وإتسعت إبتسامته فرحًا بقدومها سامحاً لها بالدخول ...
أمير: إدخل ...

دلفت سميرة مستكمله ما إتفقت عليه مع أشرف لتحدثه ببعض الرسمية ...
سميرة: خير يا باشمهندس ...

امير: إتفضلى .. بس أقعدى الأول وبعدين نتكلم ....

سميرة : أصل أنا سايبه الشغل كتير بره عشان كنت غايبه ...

إضطرب أمير للغاية فقد حانت تلك اللحظة الحاسمة وعليه إخراج تلك الكلمات التى قد حضَّرها بعناية ، لكن توتره الشديد أثر على طريقته المتعثرة بعض الشئ ...
امير: أنا .... ااا .. أصل ...

سميره بإستفهام: خير يا باشمهندس حضرتك عايز تقول إيه ....؟؟!

نهض أمير من مقعده ليلتف تجاه سميرة الواقفه أمام مكتبه ، وقف قبالتها بأعين تصرخ عشقًا لتلك المشاكسه حتى دون التفوه بكلمات ، لكن عليه التحدث .. والآن قبل أن يندم على تأخره ، فعليه الإعتراف ...
امير: أنا .... بصراحة مش عارف أتكلم .. بس يا ريت تفهمينى ... أنا كنت بسأل عن طلب الأستاذ أحمد إللى طلبه منك ...

عقدت سميرة حاجبيها بعدم فهم لتجيب بتساؤل ...
سميرة: طلب ...!! طلب إيه بالضبط ....؟!!

أخذت الكلمات تتأرجح فى عقل أمير غير مستقر على جملة واحدة يستطيع بها مصارحتها بحبه بها ...

لكنه حسم الأمر ولن يستطيع تركها تضيع من يده فتكلم بسرعة حتى لا يترك لنفسه عنان الخجل أو الإضطراب ....
امير: بصراحة يا سميرة ... أنا .... أنا ..... أنا عاوز أقولك أنى معجب بيكِ وعاوز أتقدم لك .. إيه رأيك ....؟!

قبل أن يرد لسان سميرة ردت عيناها التى كانت تشرقان من بريق الفرحة والسعادة ...

همت سميرة بالرد على طلبه وسط إبتسامتها التى شقت وجهها المستدير فأخيرًا نطقها (المُعقد) لكنها تفاجأت بشخص ما يفتح باب المكتب بدون إستئذان ...

دلفت فتاة متوسطة الطول ذات شعر مموج باللون الأشقر الغير طبيعى على الإطلاق ، يتلون وجهها بعدة ألوان من مساحيق التجميل المختلفة يكاد عطرها النفاذ أن يخترق أنفها الصغير ...

أخذت تتقدم بتغنج ودلال مغثى للنفس بإتجاه أمير الواقف أمام مكتبه مندهشًا من رؤيته لها ....

لم تعر الفتاة إنتباهًا مطلقًا لوجود سميرة ، كما لو كانت غير موجودة بالمكتب لتقفز بلهفة وهى تحاوط أمير بذراعيها برعونة تتحدث بصوت خليع مصطنع ...
ميادة : وحشتنى أوى ....

إتسعت عينا أمير بصدمة فور رؤيتها لتنقلب نظرته من الصدمة إلى الإشمئزاز ليعيد نظره نحو سميرة التى كانت كل شاغله الآن فهو لا يكترث لـ ميادة إطلاقًا ، لكنه قلق من أن تفهم سميرة الأمور بشكل خاطئ ...

أسرع أمير و مد يده ليزيل ذراع ميادة الملتف حول رقبته بخشونة مردفًا ...
امير: إنتِ ...؟؟!!!! إنتِ إيه إللى جابك يا ميادة ...؟!!

مطت شفاهها الملطخة باللون الأحمر المزعج بتغنج وهى تميل برأسها تكاد تلمس كتفيه مصطنعة التعاسة ...
ميادة: للدرجة دى لسه زعلان منى ..؟!! مكنتش فاكرة حـ أهون عليك أوى كدة ...

أبعدها أمير بحدة وهو ينهرها عما تفعله ...
امير: لو سمحتى يا ميادة ...!!!!

أنهى أمير جملته ناظرًا نحو سميرة التى لم تتحرك ولم تتفوه بكلمة واحدة ...

وقفت صامته يعلو ملامحها الصدمة والدهشة خاصة نظرة عيناها لهما ...

شعر أمير بالتخوف من تفسير سميرة لما يحدث فهو لم يلبث منذ دقائق بسيطة صرح لها بمكنون مشاعره .. فهل سيكون حضور ميادة المفاجئ له رد فعل عكسي لدى سميرة الآن .....

حاول أمير إبعاد ميادة عنه بدفعها بيديه بعيدًا عنه لمسافة يعتبرها آمنه ...

بينما تحولت نظرات سميرة نحو الغضب من دخول هذه المتلونه وإقترابها إلى هذا الحد الملاصق لـ أمير ...

تجهُم سميرة جعل عقلها يتشتت بتلك الفتاة ميادة فهل يمكن أن شعورها بالضيق سببه أنها تعدت على مساحة خصوصيتها ، أم أن هذا هو الشئ المسمى بالغِيره ....

إنتبهت ميادة لوجود سميرة لتلتفت لها محدقة بها من الأعلى إلى الأسفل لتكمل بنظرة دونية ...
ميادة: إطلعى يا شاطرة بره ... أنا عاوزه باشمهندس أمير فى حاجة خصوصي ... خصوصي أوى ...

شعرت سميرة بالإهانة والضيق من طريقة هذه المتلونه معها لتتحرك بغضب نحو الباب نافضه كتفيها بضيق ليلحق بها أمير على الفور ويقف قبالها ليمنعها من الخروج قائلاً بقوة ...
امير: إنتِ رايحه فين ...؟!! .... إستنى هنا ..... لأ طبعًا متمشيش دة مكانك ومش حـ تطلعى منه ...

وأكمل مردفًا نحو ميادة يخصها بالحديث ....
أمير : إتفضلى أنتِ يا ميادة من غير مطرود ... معدش ليكِ مكان هنا ....

فتحت ميادة عيناها بصدمة غير متوقعة فهى تعلم مقدار حب أمير لها فكيف يفضل هذه الفتاة عليها ويطردها بهذا الشكل ....
ميادة بإستنكار : أمير ...!! ..... إنت بتقول إيه ...؟!

أمير وقد وجد الفرصة للإنتقام لكرامته المجروحة ، كيف كان مغيبًا إلى هذا الحد ، كيف تعلق بها وأحبها ، كم هى مثيرة للاشمئزاز والحقاره ...
أمير : أنا مكنتش واعى إزاى فى يوم من الأيام إرتبطت بواحدة زيك !!! .... إنتِ إللى زيك مينفعنيش ... إطلعى بره المعمل وإطلعى بره حياتى كلها .....

ميادة بعصبية و تعالى : أنا ... !!!!... بتقولى أنا الكلام دة ...!!!! .... ماشى يا أمير ... ماشى ... بكره تندم على إللى إنت عملته معايا دة ...

إنصرفت ميادة غاضبة بنفس سرعة دخولها وصفقت الباب من خلفها بقوة ...

أعاد أمير بصره بإتجاه سميرة ينظر إليها نظرة أسف وإعتذار ، فى حين شعرت هى بنشوة الإنتصار على غريمتها بعد مناصرته لها حين قام بطردها ....

إستطاعت سميرة أن تدرك من حديث أمير مع هذه الفتاة إنها هى نفسها خطيبته السابقة التى سَمِعت عنها من قبل ....

أمير : أنا آسف يا سميرة ... أوعدك أن الموقف دة مش حـ يتكرر تانى ...

سميرة بضيق: إنتوا لسه بتشوفوا بعض ...؟!

برد قاطع نفى ذلك أمير تمامًا ...
أمير : لأ طبعًا ... أنا مش عارف هى جت ليه النهاردة !!!! ... ومش عاوز أعرف .... المهم إنتِ متزعليش من إللى حصل ...

زمت سميرة شفاهها ببعض الضيق لكنها حاولت تمرير الأمر ...
سميرة : حصل خير ...

أمير: طيب .. أنا عايز أعرف رأيك فى الطلب إللى طلبته منك من شوية ...؟!

سميرة بتفكير : موافقه ... بس نستنى لما بابا يقوم بالسلامة الأول ...

تهلل وجه أمير بسعادة مردفًا ...
أمير: أكيد طبعًا ...

ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الرابع والعشرون ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه ( قوت القلوب)

 •تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent