رواية لحظات منسيه الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم قوت القلوب
•• صوت العقل ... ••
لحظات من ميل النفس لا تعود إلى مسارها إلا بصوت العقل ، فجميعنا نحتاج لصوت العقل لينبهنا لأخطاء ننجرف إليها بعاطفة دون وعى لمخاطر تحل بنا ...
لندن ....
بعد تناول هيام وكرم طعامهم ظل ذهن هيام مشغول بأهلها ، لا تدرى سبب قلقها الغير مبرر لكنها أرجعت ذلك ربما مثلما قال كرم هو سفرها وبُعدها عنهم لأول مرة ...
إنتظرت هيام للحظات قبل أن تردف ببعض القلق ...
هيام : ممكن نكلم بابا وماما بقى أطمن عليهم ....؟!!
كرم: أكيد يا روحي .... تعالي ...
أخرج كرم هاتفه ليقوم بمكالمته الدولية والإتصال بالحاج سعيد ، لكنه رغم ذلك لم يتحصل على رد وإنتهت المكالمة دون إجابة ...
كرم: محدش بيرد ... إستني حـ أجرب تانى كدة يمكن نايم ولا حاجة .....
بذات الوقت ببيت الحاج سعيد كان الصمت يحف جلستهم مع إحساسهم بالضيق لما حدث ، نكسوا رؤوسهم بحزن و أسى ...
جلسوا فى إنتظار صامت لمرور الوقت فهذا هو كل ما يستطيعون عمله فى الوقت الحالي ، قطع صمتهم رنين هاتف الحاج سعيد لينظر له بضيق قائلاً ....
الحاج سعيد: دة كرم بيرن من الرقم إللى إداهولى إمبارح .... أقوله إيه بس ....؟!!!!
تطلعت زوجته به بنظرات رافضة تمامًا وهى تؤكد عليه بحرص ...
ام هيام: لا يا سعيد مفيش داعى تقلقهم دول لسه عرسان جداد ... بعدين إن شاء الله لما سميرة تطلع من المستشفى نبقى نقول لـ هيام ...
الحاج سعيد: على رأيك ... لو قلنا لهم دلوقتِ حـ يقلقوا وخلاص ....
عاد رنين الهاتف مرة أخرى ليهم الحاج سعيد بالرد بعدما تهيئ للإجابة عليه ....
الحاج سعيد: السلام عليكم .. إزيك يا كرم يا إبنى ... وأخبار هيام إيه ....؟!
تطلع كرم نحو هيام وهو يأشر لها بإستكمال المكالمه مع والدها ...
كرم: بخير الحمد لله يا عمي أهى مع حضرتك كانت عايزة تطمن عليكم ....
الحاج سعيد: ماشى يا إبنى ...
بتلهف حملت هيام الهاتف واضعه إياه فوق أذنها منصته لصوت والدها الذى إشتاقت إليه ...
هيام: إزيك يا بابا .. عامل إيه دلوقتِ ...؟!
الحاج سعيد: بخير يا بنتى الحمد لله ...
سألته عن حاله بتوجس لتستكمل بقلق سؤالها عن والدتها وأختيها ...
هيام: وماما وهبه وسميرة .. كلكم كويسين ...؟!
كان سؤالها يشوبه بعض التشكك من شدة قلقها عليهم ليجيبها والدها مخفيًا ما بداخله ...
الحاج سعيد: اا .. أه يا حبيبتي متقلقيش كلنا بخير ...
رغم طمأنته لها إلا أن قلبها لم يشعر بالراحة بل ظلت متخوفة قلقه ...
هيام: أمال ليه حاسه إنك تعبان ....؟!
الحاج سعيد بنفى تام : أبدًا يا هيام مفيش حاجة ... أصلنا صحينا بدرى أوى و عايز أنام شوية ....
هيام :طيب يا بابا إرتاح إنت وإبقى سلملي عليهم كلهم وأنا حـ أبقى أكلمكم فى وقت تانى تكونوا نمتوا وإرتحتوا ..
الحاج سعيد: إن شاء الله يا حبيبتي خدى بالك من نفسك ومن كرم ...
هيام: إن شاء الله حاضر يا بابا ....
أنهى الحاج سعيد مكالمته مع إبنته مُطلقًا زفيرًا قويًا فقد تخوف من أن تشعر هيام بشئ خاصةً لو طلبت محادثة سميرة ...
شعرت والدة هيام ببعض الراحة وهى تعقب على مكالمة هيام ...
ام هيام: كويس إنك مقلتش حاجة ... أنا مكنتش حـ أعرف أكلمها كان حـ يبان عليا على طول ...
برجفة صوتها المختنق وحزنها على ما أصاب سميرة أومأ الحاج سعيد بالإيجاب قائلاً ...
الحاج سعيد: أيوة يا أم هيام ... إنتِ صوتك وطريقتك كان حـ يبان أوى إن فيه حاجة ....
مصمصت شفتيها بإشفاق على حال إبنتها التى لم تهنأ بعد بحياتها ...
ام هيام: وهى يا حبيبتي مش ناقصة ، ما صدقنا إرتاحت من الشقا ووجع القلب أخيرًا ...
زفر الحاج سعيد متنهدًا بتحسر على حال بناته ...
الحاج سعيد: ولادنا كلهم شقوا معانا أوى .. وهى أكتر واحدة ... بس الحمد لله ربنا عوضها خير ....
ام هيام: عقبالك يا سميرة يا رب ....
الحاج سعيد: تقوم بالسلامة بس ...
ام هيام: آمين يارب ...
=====
لندن ....
وضع كرم هاتفه بجيبه وقد أشرق وجهه ببسمة عذبة ...
كرم: شوفتي ... أهم كلهم كويسين ... إنتِ إللى قلقانه على الفاضي ....!!
هيام: يمكن ..!!!
كرم: خلاص بقى إطمنتي الحمد لله ... خليني بقى أوريكِ شهر العسل إللى بجد هنا فى لندن ...
برزانة أعطتها جاذبية وسحر خطفت بها قلبه المتلهف لتلك الساحرة ...
هيام: حـ تعمل إيه .... مش المفروض ترجع الشغل بقى ...؟؟!
كرم: متقلقيش من موضوع الشغل دة ... أنا الشركة عندى شغالة كويس أوى حتى لو أنا مش متابعها ، معايا مجموعة متدربة كويسة جدًا ... خلينا فى شهر العسل أهم ....
أطلقت العنان لقلبها المحب بالإنسياق براحة وبدون تفكير كما كانت من قبل لتبتسم بجاذبية مردفه ...
هيام : ورينا بقى حـ تعمل إيه ....
كرم: حـ أبدأ من النهاردة ... يلا قومي غيرى هدومك عشان ننزل ...
هيام : حـ توديني فين ....؟؟!
كرم: مفاجأة ... يلا بلاش كسل ...
هيام: أوك ...
لم يمر عليهم سوى يوم واحد بهذه البلد العريقة وها هى تتجول وسط شوارعها وأحيائها مع زوجها ...
إنبهار هيام بالمكان الجديد وبهذا الطقس البارد جعلها دومًا تشك أنها تحلم ، هذا الحلم الذى تعانقه ولا تود الإستيقاظ منه مطلقًا .....
كرم : حبيبتي إيه رأيك نروح نشوف ساعة بج بن ....؟
هيام : بجد ...!!!!
كرم : أه طبعًا ..
وبالفعل إصطحبها كرم لزيارة هذه الساعة الغريبه التى تشتهر بها لندن منذ القدم إنبهرت هيام تمامًا برؤيتها وزيارتها لها وقبل تحركهم للعودة أمال كرم على أذنها هامسًا بنبرة عاشقة ...
كرم : سعيدة معايا حبيبتي ....؟؟؟؟
سؤال لم يكن له إجابة مقنعة ، فهى بالتأكيد تعيش بعالم الأحلام ، فحتى بأحلامها ما كانت لتجرؤ بأن تعيش حياة كتلك ...
هيام : سعيدة !!!!! .... كلمه سعيدة كلمة قليله أوى عن إللى أنا حاسه بيه حبيبي ...
كرم: عارفة يا هيام إنتِ بقيتي كل حياتى ... مكنتش متخيل إنى ممكن أحب حد كل الحب ده ..
هيام : حـ تصدقني لو قلت لك وأنا كمان ....
سحب كرم كفها بين راحته مقبلاً إياها بعشق وهو يسبل بقاتمتيها الساحرتان وقد تداخلت خصلات شعرها السوداء تتطاير فوق وجهها المشرق لتزداد ضربات قلبه عنفًا بسحرها ، إستقام ليحيط كتفيها بذراعه مبتسمًا بعشق ....
كرم : يلا بينا ...
هيام : يلا بينا فين ...؟؟؟
كرم : تعالي بس ....
جذبها من ذراعها نحو محطه القطار ليستقلانه مستكملين جولتهم الرائعة بحلمهم الحقيقي ...
نظرت من النافذة تتابع المنازل والأراضي يمران بجوارها بسرعة شديدة ، تابعت جمال هذه المدينه الساحرة ، وبعد قرابة الساعة توقف القطار ليكمل كرم سلسال عشقه بنظراته الساحرة قائلا لها ....
كرم : يلا بينا يا أميرتي .. وصلنا خلاص ....
تحركت معه هيام دون تفكير عن وجهتهما بل تركت له العنان بصحبتها معه أينما ذهب ...
بعد فتره قصيرة قضاها الثنائى المحب وجدت هيام نفسها أمام شاطئ البحر ونسمات الهواء الرائعه تهب عليها وتداعب وجهها الجميل ...
هيام بإندهاش : بحر ...!!
كرم : أيوة بحر ... دة شاطئ برايتون ... حـ يعجبك أوى ....
نظرت هيام حولها لتجد الصخور بدلاً من الرمال، ذلك مزيج من الصخور و تلاطم الأمواج جعلت الأجواء مبهرة للغاية ، أوقفها كرم قائلاً ...
كرم : إستنيني هنا .... ثوانى وحـ أرجعلك .....
ظلت هيام فترة منتظره بشوق تناظر أمواج البحر المتلاطمة حتى رأت كرم آت من بعيد يبتسم إليها ....
كرم : يلا بينا يا أميرتي ...
هيام ضاحكة : على فين بقى المرة دى ......؟؟؟
كرم : إشششش ... تعالى بدون كلام ...
سارت برفقته حتى وصلا إلى قوارب ترسى بشاطئ البحر ، إستدارت بإندهاش متسائله بتفاجئ ..
هيام : إحنا حـ نركب مركب ....؟؟؟
كرم : أيوة ...
تقدم كرم أولاً لسطح القارب قبل أن يمد بيده ليمسك بيدها لتصعد بخفه وتوتر بذات الوقت ثم إنطلق القارب بالبحر ....
إحساس داخلي بالسعادة فقط لشعوره بأنه السبب برسم هذه الإبتسامة على شفتيها الجميلتين ....
مسح بظهر إصبعيه فوق وجنتها الباردة بفعل الرياح لتنساب هى أيضًا بنظراتها الهائمه نحوه فلا شئ يكفيه شكر على كل ما يفعله من أجل إسعادها ..
كرم: إنتِ أجمل حلم حلمته في يوم ولقيته قدامى أجمل من إللى حلمت بيه ...
هيام : كفاية بقى ... أنا خايفه أتعود على كدة ...
كرم : بس أنا عايزك تتعودى فعلاً على كدة ....
ظل الإثنان يعيشان حلم واقعهما بحب وعشق وإنتهى يومهما بعودتهما
إلى شقتهما ليكملا روعه اليوم برومانسيه حالمة لعشقهما الحلال ..
=====
مرت عدة أيام ...
بدأت سميرة تستعيد عافيتها ووعيها ومع إستقرار حالتها الصحيه فقد قرر الطبيب إخراج سميرة من غرفة العناية المركزة إلى غرفة خارجية بعد إستقرار حالتها ..
قبضت والدة هيام كف إبنتها بقوة رغم حنانها للهفتها على إبنتها التى أوشكت على فقدانها ...
ام هيام: أنا مش مصدقة إنك فوقتِ يا سميرة كنا حـ نموت من قلقنا عليكِ ...
سميرة بإرهاق: عمر الشقى بقى ... الحمد لله ....
الحاج سعيد: ربنا لا يعيدها أيام الحمد لله إنك كويسة ....
قبل أن ينهى الحاج سعيد جملته إستمعوا لطرق صدح بباب الغرفة ليطل بعدها أمير بإبتسامته الهادئة مقبلاً عليهم بوجه شاحب ، أحاطت رقبته ضمادة عريضة تعلق بها ذراعه لمنعه من حركة كتفه حتى يشفى تمامًا من إصابته ...
تجول بنظره نحو الحاج سعيد وزوجته حتى إستقرت عيناه على سميرة التى ما أن رأته وإرتسمت إبتسامة إطمئنان على وجهها فهى بالفعل كانت تتمنى رؤيته والإطمئنان عليه ....
امير: السلام عليكم .... أخبار حضرتك إيه يا عمى ...
ثم إستكمل على الفور بسؤال متلهف نحو سميرة ...
_ عامله إيه دلوقتِ يا سميرة ... أنا الدكتور كتب لى خروج النهاردة وإن شاء الله إنتِ كمان تخرجي بكرة ...
وقبل أن تجيب سميرة المبتسمة قاطع الحاج سعيد حديثه بحدة ....
الحاج سعيد: الحمد لله إنها قامت بالسلامة ، وأظن إن إنت ملكش مكان هنا بعد إللى حصل ...
انتفضت سميرة من إستلقائها وهى تتطلع نحو والدها بأعين يملؤها العتاب والأسى ، فبكلماته أحكم قبضتة على قلبها ليعتصره بقسوة لتردف بنبرة منخفضة تحمل ألمًا عظيمًا ...
سميرة: بابا ....!!!
لوهلة تابعها أمير بنظراته قبل أن تتحول عيناه تجاه والدها قائلاً بخزى مستجديًا إياه ...
أمير: يا عمى ... أنا عارف إن كل إللى حصل لـ سميرة دة بسببي .. و ....
رفع الحاج سعيد رأسه بحزم فلن يجدى إستعطافه له شيئًا فهو لن يستغني عن إبنته ولن يلقى بها للهلاك برفقته ....
الحاج سعيد مقاطعًا : كويس يا إبنى إنك عارف عشان كدة أنا بقولها لك من دلوقتِ سميرة مش ليك يا إبنى .... إحنا ناس مش بتوع مشاكل وأنا أغلى حاجة عندى بناتي ... عايزهم يعيشوا مرتاحين بعيد عن الأذى ... ومعرفتك وقُربك أذى ليها ... إبعد عنها ... مفيش نصيب ....
تهدج صدره بقوة محاولاً إثنائه عن هذا القرار المجحف القاسى بقلوبهم ...
امير: يا عمى إسمعني ... أنا ... أنا عارف إللى حصل كويس ... أنا حي وموجود بينكم بس دلوقتِ بسببها ... سميرة أنا مديون لها بحياتي ، دة لولاها كان زماني مقتول ومحدش حس بيا ... ولا حد سأل عليا ... أنا شاريها وعاوزها يا عمى ... أرجوك متحرمناش من بعض ....
الحاج سعيد: شوف طريقك يا إبنى بعيد عننا ... وطالما بتقول ليها جميل عليك ... فـ رَد الجميل إنك تبعد عنها ومتتعرضلهاش تاني ... وكل شئ قسمة ونصيب .. كفاية إللى حصلها من تحت راسك ... إحنا طول عمرنا ماشيين جنب الحيط ... وأنا راجل كبير وعايز أطمن عليها ... وهى معاك مش في أمان .....
نظر أمير نحو سميرة بنظرة حزينة منكسرة ، فرغم حبه لها إلا أن والدها محق تمامًا وهو لن يكون السبب بما يؤذيها ، ألقى نظرة يودعها بها ، فإذا كان وجودها فى حياته أذى لها فهو على إستعداد للتنازل عن سعادته مقابل سلامتها .....
نكس رأسه بإنكسار مغمضًا عيناه بألم ساحبًا نفسًا طويلاً قبل أن يردف مستطردًا ....
امير: أنا ماشي يا عمى ... أنا ميهونش عليا أكون السبب فى أذيتها أبدًا ...
كانت تلك آخر كلماته قبل أن يغادر الغرفة بإستسلام ، إعتدلت سميرة من إستلقائها تود لو أن تتبعه وتلحق به رافضة كل ما قاله لها والدها ، لكنها لا تستطيع فعل ذلك ، لا تستطيع مخالفة والدها حتى لو تسبب ذلك بكسر قلبها ...
حاولت جاهدةً منع دموعها وشهقاتها من الظهور فأخذت تعض على شفتيها تحاول أن تتمالك نفسها لكنها لم تستطع فى النهاية لتنهار فى أحضان والدتها التى إستقبلتها بحنانها البالغ ....
لتبكى خسارتها لهذا القلب العاشق المحب الطيب ...
فقد فرّق بينهم الزمن وتمنت فى هذه اللحظة أن تُمحى كل الأحداث السابقة ويعود بهم الزمن كما كان وتعد هذه الأوقات فقط ... لحظات منسية ...
الحاج سعيد: يا بنتى أنا لا بظلمك ولا بظلمه بس أنا بعمل كدة خوف عليكِ ... الحياة دى متعبه أوى وأنا عايزك ترتاحي فى حياتك مش تعيشيها فى خوف وقلق ....
لم تستطيع سميرة التحدث فهذه المرة آلام قلبها أتعبتها بالفعل لتأتى إحدى الممرضات مهروله قائله بحزم ....
الممرضه :يا جماعة إنتوا تعبتوها أوى وإحنا ما صدقنا حالتها إستقرت وطلعت من العناية .... ممكن تتفضلوا لو سمحتم وبكرة إن شاء الله تتحسن وتخرج معاكم ....
إضطر الحاج سعيد ووالدتها تركها بالمستشفى لتهدأ قليلاً وعادا إلى المنزل فى صمت .....
====
كما لو كان ينتظر تمامًا تلك المكالمة لتؤكد له أنه على حق ، نظر الحاج سعيد لشاشة هاتفه المضئية بإسم كرم ليزفر ببطء أولاً قبل أن يجيبه ....
الحاج سعيد: السلام عليكم .... إزيك يا كرم يا إبنى ..؟!
كرم : الحمد لله يا عمى ... إنتوا عاملين إيه ... هيام كانت عايزة تطمن عليكم ...
الحاج سعيد: الحمد لله على كل حال ..... إديهانى ....
هيام: إزيك يا بابا ... أخبارك إيه وصحتك عامله إيه دلوقت ....؟!
تمنى بداخله لو أن إحداهن سعيدة ليسألها متشوقًا لسماع إجابتها بالإيجاب ...
الحاج سعيد: الحمد لله يا بنتى ... إنتى عامله إيه ... مبسوطة ...؟!
هيام: جدًا يا بابا الحمد لله .... وكرم بكرة حـ يجيب لى رقم جديد أبقى أكلمكم منه على طول ...
الحاج سعيد: إن شاء الله ...
هيام: أمال فين ماما وسميرة وهبه ...؟! ... وحشتوني أوى ...
لم يعد الحاج سعيد يتحمل ليناول الهاتف إلى زوجته على الفور دون حديث مطلقًا ، لتلتقط منه والدة هيام الهاتف متلهفه لسماع صوت هيام ....
ام هيام: هيام وحشتيني أوى ...
هنا أدركت هيام بفراستها وذكائها المتقد أنهم يخفون أمرًا ما ....
هيام بفراسة : مالكم يا ماما فيه إيه ... حاسه إن فيه حاجة مخبينها عليا ....؟!
ام هيام ببكاء: سميرة أختك ... تعبانة أوى ... إنضربت بالنار ... من كام يوم ... بس الحمد لله بكرة حـ تطلع من المستشفى ....
أخرجت ما بجعبتها مرة واحده لتقذف به على مسامع هيام دون إخفاء أو تجميل ...
هيام بصدمة : إيه ... ؟!! سميرة ..... وهى عاملة إيه دلوقتِ .. يا خبر يا ماما كل دة حصل .. إزاى بس كل دة يحصل ومتقولوليش حاجة ...؟!!
ام هيام: حـ نقلقك فى غُربتك ليه بس ... هى الحمد لله إتحسنت خالص ... بس ....ااا ....
إبتلعت كلماتها بغصة وهى تنظر تجاه زوجها بلوم ، حين تسائلت هيام بقلق ...
هيام : بس إيه ... فيه إيه يا ماما قلقتيني عليها ...؟!
ام هيام: أبوكِ رفض أمير وهى زعلانة أوى ...
هيام: ليه ... مش بابا كان موافق ....؟!
زمت والدة هيام شفتيها وهى تستكمل دون أن تسقط عيناها عن زوجها الذى كان ينصت لرد هيام الذى يحتاجه بالفعل بالوقت الحالي كصوت العقل الرزين بهذا البيت ....
ام هيام: أصله هو السبب في إللى حصل لها ..
هيام: هو السبب ... إزاى ... إحكي لى بالراحة واحدة واحدة كدة ...
وبعد أن شرحت لها والدتها ما حدث ردت هيام بعقلانية كعادتها في التفكير لتطلب من والدتها أن تفتح السماعة الخارجية لتتكلم مع والدها ووالدتها معًا ...
هيام: طبعًا يا بابا إنت وماما عارفين إحنا بنحترم رأيكم قد إيه ... بس برضه دة ميخليناش ننسي إن كل شئ بيحصل لنا قدر ومكتوب علينا ... و إللى كان حـ يحصل لـ سميرة كان حـ يحصل لها سواء كانت مع أمير ولا حتى ماشيه فى الشارع ... بلاش نحَمله ذنب هو ملهوش ذنب فيه ... ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .... فكروا تاني وبلاش تظلموهم ...
دافع الحاج سعيد عن قراره بإيضاح ....
الحاج سعيد: بس ربنا برضه قال وإتقوا الشبهات ...
هيام: طبعًا يا بابا ... بس دة لو كل حياته كدة .. مش ظرف طارئ بس ، وعدى الحمد لله ...
ام هيام: والله كلامها معقول يا سعيد ...
الحاج سعيد: مش عارف ... بس لا لا ... خلاص ... الموضوع خلص ... المهم سلامتكم عندي يا هيام ...
هيام: يابابا إنت راجل مؤمن وعارف كويس إن محدش بياخد غير نصيبه ... عشان كدة .. فكر تانى فى موضعهم وأنا متأكدة إن إللى حضرتك حـ تقول عليه سميرة حـ تنفذه حتى لو على حساب سعادتها ونفسها ...
الحاج سعيد: تطلع الأول بالسلامة من المستشفى وربنا يعمل إللى فيه الخير ...
هيام: إن شاء الله ... وأنا برضه حـ أبقى أكلمكم لما سميرة تطلع عشان أطمن عليها ... مع السلامة ...
الحاج سعيد: مع السلامة ... خدى بالك من نفسك ...
أنهت هيام مكالمتها مع والديها لتتأكد من إحساسها الذى لا يخيب أبدًا فقد كانت تشعر أن هناك سوءًا ما يمر به والديها ...
حاولت أن تطمئن نفسها على سميرة فوالديها لن يكذبا عليها وأنها بالطبع تتحسن ....
بينما جلس والديها يتفكران فى حديث هيام التى كانت دوماً صوت العقل والرزانة بالبيت وسط أخواتها جميعًا ....
ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الثالث والثلاثون ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه (قوت القلوب)
•تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية