رواية لحظات منسيه الفصل الثالث 3 - بقلم قوت القلوب
•• أعيش بـ وحدتى ...!!! ••
لأجلِ خاطرك تَمنيتُ لكَ السعادة ، فـ الأخوة ليست بالدماء فقط فكم من الأصدقاء يسكنون القلوب دون رابط يجرى بالعروق ...
بعد أن إنتهيتا من التبضع وإلتقاط أنفاسهم ببعض الراحة بقيت نورا وهيام يتحدثان لبعض الوقت قبل مغادرة المركز التجاري ...
لاحت إبتسامه متحمسة بثغر نورا قائله ...
نورا: أنا مش مصدقة إن فرحى كمان أسبوعين ...
هيام: تصدقى ولا أنا ...
بحديثها الثرثار الذى تستمتع به هيام إستكملت نورا حديثها ...
نورا: حاسه إنى طايرة من الفرحة .. أنا جَهِزت كل حاجة عشان لما ياسر يرجع كمان يومين مَيتعبش نفسه فى حاجة خالص ...
أسندت هيام وجنتها بقبضتها وهى تضع مرفقها فوق الطاولة قائله ...
هيام: يا عينى على الحب .. من أولها كدة حـ تريحيه فى كل حاجة ...
نورا: طبعًا أُمال إيه ... مش كفاية إنه يا دوب حـ يقعد معايا شهر واحد ويسافر تانى ...
أرخت هيام قبضتها لتعتلى ملامحها الجديه تلوم نورا على تفكيرها الخاطئ بهذا الأمر ...
هيام: والله إنتِ غلطانة ... ما تسافرى يا بنتى مع جوزك ...
إتسعت عينا نورا بذهول مردفه بدون تفكير ...
نورا: وأسيبك لوحدك ... !!!! ... لأ طبعًا .. دة أنا ما صَدَقت إننا لما إشتغلنا إشتغلنا مع بعض تقوليلى أسافر وأبعد عنك ...!!!!!
بغرابة من تصرف نورا لاحت ضحكات هيام المتعجبه ...
هيام : ليه بقى حـ تاكلنى القطه ...!!!!!
نورا: لا .... بس متنسيش أن أنا الحته الطريه اللى فى حياتك المعقدة دى ....
ضمت هيام شفتيها مستنكرة ...
هيام: ودة يخليكى تقعدى هنا وتسيبى جوزك يا مجنونة ....
برفض تام لسفرها برفقة زوجها أخذت تتعذر بالعديد من الأسباب الواهية ...
نورا: و أهلنا دول ... أسيبهم يعنى ...؟؟!! مقدرش أبعد عنهم ... بتخنق فى السفر ...
بذكاء إستطاعت هيام إدراك السبب الحقيقى لرفضها للسفر وهو فكرة وحدتها وبعدها عن أحبائها الكُثر ...
هيام : قولى بقى مش حـ تعرفى تتحشرى هناك بالإنجليزي ... صح ...؟!!!!
قهقهات عالية صدرت من تلك المرحه فقد فهمتها هيام بذكاء لتردف وهى تحاول السيطرة على ضحكاتها بعد أن كشفتها هيام ...
نورا: أه يا فهمانى إنتِ .... ما أنا لو شاطرة زيِك فى الإنجليزى مش حـ يهمنى ... بس معرفوش والله خيبة فيه ما إنتى عارفة ... ودى إنجلترا مش أى كلام يعنى ...
تطلعت هيام بساعة يدها لتردف بقطع حديثها ...
هيام: طب كفايه رغى ويلا بينا نروّح ... الوقت إتأخر ... ومش حـ ينفع أروُح أدى الدرس دلوقت ... حـ أبقى أعوضهم بقى مرة تانية ...
بإندفاعيه مرة أخرى وبدون تفكير قالت نورا ...
نورا: أتصل بـ أمجد بقى ييجى يروحنا ...
هيام بغضب: والله يا نورا لو كلمتيه لا حـ أروح لوحدى وماليش دعوة بيكى خالص ...
نورا بخوف: لا خلاص ... مش للدرجة دى مَتزَعَليش نفسك كدة .. بينا على أتوبيس الشعب ...
عادتا كل منهما إلى منزلها بعد يوم طويل مرهق ....
=====
ستظل دومًا وحدَتِى هى رفيقة دربي ترى هل لى نصيب من قلبٍ محب يومًا أم سأظل مرافقة لتلك الوحدة حتى النهاية ..
إستعدت هيام للنوم بعد قضائها ليوم طويل برفقة صديقتها لتتفكر بحياتها الممله التى لولا دخول نورا بها لإنفجرت من الملل ...
نورا شخصية إجتماعية بطبعها ولا تبالى بأى شئ على الإطلاق ، مرحه .. عفوية ... مندفعه ، ترى الأمور على سَجيتها تعيش حياتها بدون تفكير أو تخطيط ...
بدأت تتذكر حديث نورا عن خطيبها وحبهما الذى جمع بينهما دون سابق مِيعاد وإستمر بقوة لتُحدث نَفسها ...
هيام: يا ترى حـ يجي اليوم وأحس فيه نفس الإحساس دة ؟؟! ولا مكتوب عليا الشغل وبس ... ما أنا مقدرش أقصر مع أهلى .... دة أنا الوحيدة إللى بتشتغل فى البيت دة ومن غير الفلوس دى حـ نعيش إزاى ...!!؟
ثم أكملت بسخرية على حالها ...
هيام: وحتى لو حَبيت ... ولا إتحَبيت ... حـ أتجوز إزاى و أسيبهم ...دة لسه المشوار طويل أوى ... يمكن أمجد بِيحبنى أه .. بس أنا مش بحبه وعمرى ما حـ أفكر أتجوز واحد لمجرد يصرف عليا وعلى أهلى ....
تنهدت بصدر مثقل لتنفض تلك الأفكار عن رأسها ، تحث نفسها على الخلود للنوم أفضل من إشفاقها على نفسها بتلك الصورة ...
هيام : أنا أنام أحسن لى ورايا شغل بكرة الصبح ...
هكذا نهت هيام يومها بالوحدة والملل فى يوم جديد من حياتها المتشابهة ..
فحزنها صامت فى داخلها كعادتها فهى لا تحب أن يرى أحد ضعفها وحزنها ودموعها على الإطلاق ...
أغمضت عيناها بحزن فوق وسادتها لتخلد بنوم عميق بعد تعب هذا اليوم الطويل ....
=====
لندن ...
بعد أن تناولا طعامهما حتى التُخمه أعاد كرم جزعه للخلف بتلذذ قائلاً ...
كرم: مش قادر أكل خلاص بطنى إتمَلت ... والله حـ يوحشنى طبيخك دة يا أخى ...
بزهو بما صنعه أجابه ياسر بتفاخر ...
ياسر: على الأقل فيه حاجة بعملها بتعجبك أهو ...
كرم: إنتَ فى الأكل بصراحه لا يُعلى عليك ...
عقب ياسر بنبرة مازحه بالرغم من أن ما يقوله ليس مُزاحاً على الإطلاق ...
ياسر: عَوّد نفسك بقى هم يومين وأرجع مصر وبعدها أرجع هنا أنا ونورا وإنتَ يتولاك ربنا بقى ..
رفض كرم ما يُبلغه به ياسر ليهتف بتحذير ...
كرم: ماليش فيه .. أكلى كل يوم عندكم ... وأنا حـ أروح فين أنا خلاص إتعودت على الأكل دة ....
ياسر: يا أخى أنا مش عارف قبل ما تعرفنى كنت عايش إزاى ...؟؟!
أجابه كرم بلا مبالاة بحاله قبل معرفته به ...
كرم: زى الناس عادى ... بشتغل وعايش ..
أردف ياسر ساخراً من حياة صديقه الخاوية ...
ياسر: ودى عيشة دى ... مقدرتش تتجوز ..؟؟
رغم أن ياسر كان يتعجب من أن شاب وسيم ثرى گ كرم مازال يفضل بقائه أعزب وهو يتمتع بكل تلك المقومات التى يحتاجها المرء للزواج والإستقرار ، ليجيبه كرم بجدية تامة ..
كرم: أنا مش حـ أتجوز إلا لو حبيت ولحد دلوقتي ملقتش واحدة أحبها ... يبقى حـ أتجوز ليه ...؟!!!
ياسر: غريبة مع إنك مش صغير وإمكانياتك ما شاء الله دة إنتَ بقالك كتير أوى عايش هنا ...
كرم: يمكن أقابل واحدة تخطفنى وتخطف قلبى ساعتها مش حـ أسيبها أبدااا ....
تحول حديثهم من المزاح إلى الجديه التامه ...
ياسر: إنتَ اللى عجباك عيشه العزوبيه دى ...
إتخاذ ياسر منحنى المصلح الإجتماعى وإبداء له النصائح وهذا ما لا يُحبذه كرم مطلقًا ليتصنع المزاح هرباً من حديث يعلم نهايته ...
كرم: مالك يا أخ !!!! ... عامل فيها زى الست والدتى كدة ليه ...؟؟؟!
إنتبه ياسر أن كرم قد إنزوى تماماً عن لقائه بوالدته ليسأله بفضول ...
ياسر:على سيرة الست والدتك ... مش ناوى تزورهم مرة ...
تجهمت ملامح كرم حين تَذكر ما فعلته معه والدته ليردف بضيق ظهر جلياً على ملامحه ونبرة صوته المختنقة ...
كرم : ياسر !!!! ... إنت عارف المشاكل إللى بينى وبينها من ساعة ما إتجوزت وسابتنى فمتفتحش أبواب مقفوله من سنين ... هو أنا يعنى أمثل لها حاجه دى ما صَدقِت ورمتنى عشان تروح تتجوز وتعيش حياتها بعد وفاة بابا ...
شعر ياسر بتطفله وتسببه بضيقته ليسأله بوجه ضاحك ...
ياسر:خلاص متزعلش ... بس إعمل حسابك إنك كدة كدة جاى الفرح ...
كرم: فرح ...!! لأ طبعًا وأنا أعرف مين فى مصر عشان أنزل !!!! ... لما تيجوا إن شاء الله حـ أظبطكم هنا ...
لإدراكه أن صديقه وحيد تمامًا لا يملأ حياته سوى العمل وبعض الأوقات التى تجمعهم بعد نهايته ليصرُ على أن يشاركه سعادته بوجوده بالقاهرة ، تلك البلدة التى لم تطأ قدماه إليها من قبل ...
ياسر: أبدااا ... مش حـ يحصل لازم تيجى تحضر الفرح ... وإلا والله حـ تبقى دى إللى بينى وبينك ... أهو تغَيَر جو وتشوف الدنيا إللى إنت متعرفهاش دى ... مش عارف مصرى إزاى وعمرك ما رُحت مصر ...؟؟!!!
كرم: خلاص وقتها نبقى نشوف ...
إنتهوا من تناول طعامهم ليجلس كرم ناظراً نحو التلفاز غارقًا بأفكاره لا ينتبه إطلاقًا لما يُعرض على هذه الشاشه ...
كرم : "أمى ....!!! ... وهو أنا ليا أم ولا عيله من أصله ... أهى رمتنى من صغرى وراحت تشوف حياتها وكأنَها ولا ليها إبن ولا تعرف عنى حاجة ... حتى عيلتى عمرى لا شوفتها ولا عرفتها من يوم ما وعيت على الدنيا .. أنا معنديش غير شغلى ... شغلى .. وبس .."
إستأذن كرم من ياسر ليأوى إلى فراشه وينهى ليلته فربما يَمِّن الله عليه ويرى خاطفه قلبه فى أحلامه اليوم ... ذلك الحُلم الذى يتكرر كثيرًا بهذه الفتاة الجميلة التى لا يعرفها لكنه قد حفظ ملامحها بقلبه دون أن يراها أو يعرفها يومًا ... گ حورية تزوره بمنامه و تطل له فى أحلامه كقارب نجاة ... تأخذ بيده ويَسعَد بقُربها ... وكأن نصيبه أن يعشقها فى أحلامه فقط ....
=====
لم تنتهى تلك الليلة بعد ، فمع ثِقل تلك القلوب إلا أن هناك قلوب مُحلقه يملؤها الشغف والحماس فما هى إلا أيام قليلة و تتلاقى الأعين بعد غياب دام لعام كامل ...
نظرت نورا إلى صورة عَقد قرآنها مع ياسر بعشق حقيقى تتمعن طويلا فى ملامحه كما تفعل كل ليلة حتى لا تغيب ملامحه عنها فقد طال غيابه كثيرًا ....
نورا: ياااه إمتى بقى ييجى بعد بكرة وأشوفك يا ياسر ... وحشتينى أوى ... مش متخيله إن بعد أسبوعين بس فرحنا ... وأخيرًا ربنا حـ يجمعنا سوا بعد الغياب الطويل دة ... مش عارفه إيه حبك فى إنك تكمل الماجيستير بتاعك فى إنجلترا ....
أغلقت عيناها المشتاقه للقائه لتكمل يومها بأحلامها الجميلة بزوجها المستقبلى وزفافها القريب ....
====
أقسى أنواع العشق أن يرتَجف قلبك شوقًا وتَلهُف لقلب لا يشعر بِك ، ولا يهتم لما يُمكنك عَطائه لأجل لحظة تشعر بها بأنَك ذات قيمه بقلبه ...
أخرج أمجد صورة هيام التى أخذها خلسه بدون أن تنتبه له نورا ، هام حبًا و عشقًا بـ ملامحها الناعمة الآخاذة التى سلبت قلبه منذ سنوات ...
امجد: "نفسى تحسى بيا وبحبى بقى ... لحد إمتى حـ تبقى بعيد ... بس لو تدينى فرصه أثبت لِك فيها قد إيه أنا بحبك ومقدرش أتخيل حياتى من غِيرك يا قلبى أنا ....
====
اليوم التالى ....
بدأ يوم هيام الروتينى بمرورها ببيت نورا أولا لإصطحابها وذهابهن للمدرسه كالمعتاد ، وما لم تدركه أيضًا هو تلك العيون المترصده لقدومها منتظرًا رؤيتها لبدء يومه أيضًا ، فـ أمجد يعتبر اليوم الذى لا يراها به لا وجود له ...
بسؤال متحمس فكل تلك التفاصيل تُسعدها لإستعداد صديقتها بإستقبال خطيبها القادم من السفر ...
هيام: جربتى الفستان ..؟؟
نورا: تحفه .. ذوقك رهيب .. مش عارفه من غيرك كنت عملت إيه ...
هيام: بعد كدة تبقى تنزلى تشترى إنتى وياسر بقى ...
عَلت ضحكة نورا بشكل ملحوظ فـ هيام لا تدرى شئ عن ياسر خاصة وأنهم لم يتقابلا من قبل ...
نورا : ضحكتينى يا شيخه ... ياسر !!! دة أَخيَب منى مِية مَرة .. مبيعرفش ينقى حاجة أبداااااا ..
هيام بإستغراب :لا والله ... ما جمع إلا أما وفق بصراحه ....
نورا: بكرة تشوفيه ... ربنا يستر علينا ... يلا يلا الأتوبيس جه أهو ...
إستقلتا الحافلة تتجنبان الزحام لكنهم مجبرين عليها ، وقفتا إلى جوار بعض الفتيات الظاهر عليهن متجهات إلى الجامعه أو شئ من هذا القبيل لتتحرك الحافلة بطريقها ...
====
المدرسه .....
وضعت سعاد حقيبة بلاستيكيه ممتلئة فوق الطاولة وهى تحدث نهله بعجالة ...
سعاد: أنا جِبت الفطار معايا أهو .... نحضر بس الطابور وعندى الحصه الأولى فاضيه نقعد نفطر سوا ...
نهله: أيوة كدة يا سيدى يا سيدى على الروايح إللى تفتح النِفس ...
أقبلت كلا من هيام ونورا يتحدثان حتى دلفا من باب غرفه المعلمات ليلقيا على سعاد ونهله التحيه ، كان ردهما مقتضباً للغايه فرؤيتهما ببدايه اليوم يسبب لهما الضيق ، لكن سعاد أردفت ببسمه باهته رغم ذلك ...
سعاد: إتفضلوا إفطروا معانا ....!
نورا: شكرًا يا أبله سعاد يا دوب نلحَق عندنا الحصة الأولى ...
هيام: بالهنا والشفا يا أبله ... يلا يا نورا نلحق الطابور ...
وضعت كلاً منهما حقيبتها وتحركتا نحو ملعب المدرسه لإستقبال التلاميذ بإنتظار بدء طابور الصباح وسط إمتعاض وجه سعاد ونهله و ميل كل منهما بأذن الأخرى لا ينفكان من إستكمال نميمتهن على من تقع عيناه عليهم خاصة هيام و نورا ...
====
أمير ...
أبدل ملابسه بضيق فلولا ضغط أشرف ما فكر فى العدول عن فِكرته ولظل حبيس غرفته يفكر فى مأساة ما مضى ...
تَذكَّر بحزن آخر يوم رأى فيه حبيبته ميادة وهى تكاد تلتصق بصديقه المقرب عصام بحميميه زائدة فى أحد الكافيهات يتضاحكون برعونه ..
حين رفع صديقه ذراعه ليحيط رقبتها ويضمها إليه غير عابئ بالمارة من حولهم ...
تَذكَّر كيف جَن جُنونَه لرؤية هذا المشهد أمام عيناه لينفعل صارخًا بهما ليفزعا لرؤيته فلم يتوقعا مجيئه فى مثل هذا الوقت وهذا المكان ....
لكن وقع الصدمة حين نظرت له بإستنكار رافعه أحد حاجبيها بتعجب قائله ...
"ملكش دعوة بيا أنا حرة .... أنا و عصام بنحب بعض وخلاص حـ نتجوز قريب ... إنتَ متنفعنيش أنا عايزة راجل مُتفتح زى عصام مش خيبه زيك كل هَمه الكتب والمعمل ...."
أفاق أمير على صوت رنين هاتفه بإسم أشرف ليجيبه بإمتنان بينما قال لنفسه أولاً ....
امير: "كَأنَك حاسس وبتقْطَع عليا حتى أفكر فيها ..."
امير: ألو ... أيوة يا أشرف ..
أشرف:ها ... جاهز ..؟؟!
امير: جاهز ... إنتَ جيت ..؟؟!
اشرف: أيوة أنا واقف تحت البيت عندك أهو ... أنزل لى بقى ...
امير: ثوانى وجايلك ...
نفض أمير الأفكار التى تحيط به عن رأسه ليستقل السيارة مع أشرف متجهين نحو معمله ....
توقفت السيارة أمام مبنى إدارى يضم العديد من المكاتب والشركات لينظر أمير إلى الأعلى يتطلع نحو لافته كم إشتاق لرؤيتها فى الفترة الماضية ليقرأ سِرا محتواها ....
"الأمير للتحليلات المعملية والكيماوية"
إبتسم أشرف لصديقه سعيداً بتلك الخطوة بطريق النسيان وإستكمال حياته ملقيًا كل ما يسبب له الضيق خلف ظهره والإلتفات لعمله المحبب ...
اشرف: حمد الله على السلامه يا باشمهندس ...
هلت على وجه أمير شبح إبتسامة باهتة ليمد يده حاملاً حقيبته الجلدية السوداء ليترجلا من السيارة متجهين للمعمل خاصته ....
====
المعمل ....
وقف شاب متوسط الطول أبيض اللون ذو لحيه سوداء قصيرة بإضطراب يهتف بزميلته بنبرة قلقه ...
احمد: حرام عليكى يا عبير إفتكرى الله لا يسيئك وديتى تقرير شركة الأسمدة فين أستاذ أشرف لو جه حـ يودينا في داهيه ....
عيبها الوحيد هو النسيان وعدم التركيز رغم بساطتها وهدوئها ليطغى هذا العيب على كل محاسنها ولا يُرَى سواه ...
رفعت عبير رأسها المستدير تجاه أحمد لتظهر ملامحها البسيطه لفتاه بيضاء ذات شعر بندقى متوسط الطول وملامح هادئة ، لكنها كانت مضطربة للغاية تبحث بين كومة من الملفات بعشوائية فهى تبحث عن هذا التقرير ما يَقرُب من الخمسة عشر دقيقة دون جدوى لتسبب فوضى كبيرة بالمكتب ...
عبير: والله كنت حاطاه هنا باين ... دور تانى يمكن تلاقيه ...!!!
إنتبه أحمد لصوت خطوات تقترب من المكتب لينهر عبير بقوة ...
احمد: يا نهار مش باين إسكتى خالص شكله طالع على السلم ....!!!!!
دلف أمير إلى المكتب لتتحول نظرة التجهم خاصته إلى الضيق الغاضب ليقتضب حاجباه بقوة مردفاً بحده غير معتاد عليها إطلاقاً بتعامله مع موظفيه ....
امير: إيه البهدله إللى إنتوا عاملينها دى ... دة ولا كأنه سوق ....!!!!!!!
إتسعت عينا عبير بتخوف لرؤيتها عودة أمير صاحب المعمل لتهتف بتفاجئ ....
عبير : باشمهندس أمير ......!!! ..ححـ..حمد الله على السلامه ...
نظر أمير نحو عبير بغضب أكبر لا يعلم هل لعملها بفوضاويه يكرهها أم لأنها فقط أنثى من نفس نوعية ميادة ، زاد ذلك من حدته خاصة وهى تتحمد على سلامته ، فبأى حق تسمح لنفسها بذلك ....
امير: إنتى حـ تصاحبينى ؟!!!!!!!! ... شوفى شُغلك ...
ثم أكمل بلهجة تحذيرية جافة ...
أمير : قدامكم نص ساعه و ألاقى كل الملفات مترتبة فى المكتب دة وإلا حسابكم حـ يكون معايا عسير ...
احمد: تمام يا باشمهندس ...
أسرع أمير بخطواته نحو مكتبه يتبعه أشرف من خلفه بعدما رمق كلا من أحمد وعبير بنظرة تحذيرية عن الإهمال الواضح فى المكتب ...
فور دخوله لمكتبه إستكمل أمير حديثه بحده تجاه أشرف ...
امير: إيه الفوضى دى يا أشرف ؟؟!!!! ... إزاى المعمل بقى كدة ..؟؟
رغم أن كل شئ كان يسير بدقه متناهيه والأمور على ما يرام إلا أن خطأ عبير وأحمد اليوم وتلك الفوضى التى لا تتكرر جعلته يستغلها كسبب بذكاء كبير ...
اشرف: عرفت بقى إنه كان لازم تنزل وتباشر شُغله بنفسك ..!!!
أومأ أمير رأسه إيجاباً فلن يضيع حلم عمره ومعمله هباءً لأجل من لا تستحق حتى أن يُفكر بها ...
امير: إن شاء الله كله حـ يبقى أحسن من الأول ... بس إللى برة دول لازم تشدهم لى ...
أراد أشرف أن يغمسه بالتفكير بالعمل أيضاً ليبدأ وضع له أحد العراقيل لينشغل بالتفكير بحل لها ...
اشرف: أنا ما أنكرش إنهم لازم حـ يتجازوا على المنظر دة بس برضه متنساش الحِمل كان كتير عليهم الفترة إللى فاتت ..
امير: قصدك إيه ....؟
اشرف: إحنا محتاجين كمان كيميائى فى المعمل يجهز التقارير ...
امير: تمام ... شوف لو فيه حد مقدم ورقه و إعمله مقابله ...
لم يكن هذا ما يوده أشرف بل كان يتوقع أن يختار أمير العاملين لديه بنفسه ...
اشرف: وإنتَ ...مش حـ تختاره معايا ....؟؟
امير: أنا مش فاضى لوجع الدماغ دة ... إختار إنتَ أنا متأكد إنَك حـ تختار الأصلح ...
اشرف: خلاص متشيلش هم الموضوع دة ... أنا حـ أخلصه ... وإنتَ راجع التقارير إللى عندك على المكتب دى ويلا كمل بقى المشروع بتاعك ...
امير: إن شاء الله ....
ترك أشرف مكتب أمير ليطلب من عبير ملف الطلبات المقدمه للعمل بالمكتب ثم توجه مباشرة نحو غرفة المعمل حيث يعمل .....
ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الثالث ،،،
قراءه ممتعه ،،،
رشا روميه ،،،
•تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية