رواية وهم على هيئة قدر الفصل الخامس 5 - بقلم ميادة زكي
وهم علي هيئة قدر ✨ (5)
(مَيـــــــادَة زكــــــي)
لقيتها بتبصلي بصدمة، عيونها مليانة ارتباك وكأنها مش عارفة ترد عليا. تنحنحت بسرعة وقالت: "طب اقفلي انتِ يا ولاء، هبقى أكلمك بعدين."
بعد ما قفلت، بصتلي بقلق واضح وقالت: "انتِ واقفة من إمتى؟ وازاي تدخلي عليا من غير ما تخبطي؟"
رديت بهدوء وأنا بحاول أفهم سر التوتر اللي في عيونها: "أنا لسه جاية، لقيت الباب مفتوح وسمعتك بتقولي كده بس، مش أكتر."
حاولت تتظاهر بالهدوء، لكن صوتها كان مهزوز وهي بتقول: "آه، آه… الدفاتر دي… قصدي عليها يعني، عمك… خايفة يكون جاي يفتح في القديم، كنت بشتكي لخالتك بس."
رفعت حاجبي باستغراب: "متأكدة؟"
اتنهدت وقالت بسرعة: "أيوة، متأكدة."
فضلت باصة لها شوية قبل ما ابتسم ابتسامة خفيفة: "لا، ولو على عمي فمتخافيش منه، أنا هقفلو."
حطت إيدها على قلبي بحركة لا إرادية وقالت بدعاء: "ربنا يسترها عليكِ انتِ وأختك."
رديت بابتسامة دافية: "يارب… ممكن بقى تفهميني إيه سبب رفضك للشغل ونتناقش بهدوء؟"
أنا بطبيعتي مبحبش حد يفرض عليا رأيه، ومبقتنعش بحاجة غير لما نتناقش فيها كويس. شفت ملامحها متوترة أكتر قبل ما تقول بصوت أقرب للهمس: "عشان… عشان أعرف حاجات مش كويسة عن صاحب الشركة."
عقدت حواجبي باستغراب: "حاجات زي إيه؟"
اتوهت للحظات، عيونها سرحت بعيد كأنها رجعت بذكريات مش حلوة، وبعدين بصتلي ودموعها على وشك النزول: "زمان كان ليا واحدة صحبتي، كانت جميلة جدًا، بنت باشا، محدش يقدر يقربلها. عصت أبوها وقررت تعتمد على نفسها وتشتغل. راحت الشركة دي كموظفة… وهناك شافته… حامد الزهار."
حست بارتباكي وأنا بسألها: "صاحب الشركه؟"
هزت راسها وأكملت: "آه… أعجبت بيه، بس غرورها منعها تعترف له. لكنه كان ماكر، بدأ يلاحقها في كل مكان، يقول لها أجمل الكلام، لحد ما خلاها تحس إنها أهم بنت في الكون. رفضت تروح له البيت ولما رفضت ، فطلب يتجوزها ، مكانتش تعرف انه متجوز ، ولما قالت ل ابوها رفض ، بس هيا كانت عنادية وبسبب حبها ليه الي كان عاميها عن كل حاجة وافقت رغم إن أبوها رفض، وعصته للمرة التانية واتجوزته في السر."
سألتها بسرعة: "اتجوزها رسمي ؟"
هزت رأسها بحزن وقالت: "اتجوزها عرفي… وبعد ما خد اللي عايزه، رماها."
قلبي وجعني من الحكاية، قلت باشمئزاز: "إيه البني آدم الحقير ده؟"
اتنهدت وقالت: "لما الدنيا سدت في وشها، واحد ابن حلال كان بيحبها بجد لاقاها قاعدة بتعيط، قعد جنبها، سمعها، وقرر يتجوزها وينقذها من اللي هي فيه."
تنهدت وأنا بتمتم: "راجل جدع… ربنا يكتر من أمثاله. طب، مين هي؟ أنا أعرفها؟"
اتوترت ملامحها بسرعة: "لا، متعرفيهاش… سافرت مع جوزها من زمان."
سكت شوية قبل ما أقول بحزم: "بصي يا أحلى ماما، صدقيني مستحيل ده يحصل معايا. متخافيش عليا، بنتك بـ١٠٠ راجل."
لمحت الخوف في عنيها وهي تهمس: "أنا خايفة عليكِ، ميرنا."
حاولت أطمنها بابتسامة: "متخافيش، عمري ما هعمل حاجة غلط. وبعدين، صاحب الشركة باين عليه شاب.
قالت بنبرة غير واثقة: "تقريبًا ابنه"
ضيقت عيوني وأنا بتمتم: "ممم… يعني هو الي بيدير شغله، ف معني كدا اني أكيد مش هقابله شخصيا يعني .
ردت والدتها وكانت تحمل تعبيرًا اخر ، تعبيرًا أخافها.
" متأكدة انك مش هتقابلية ؟ احيانًا الاقدار بتجمعنا بأشخاص كان المفروض نهرب منهم "
سابتني ومشيت وأنا بفكر في كل اللي قالته… يا ترى في إيه ورا الشركة دي؟
دخلت أوضتي،
ورميت نفسي على السرير غرقانة في أفكاري. مسكت كتابي اللي بهرب بيه كل مرة من الواقع، كتاب
"الغريب". لفت نظري اقتباس:
"الأحلام لا تأتي من العدم، إنما تولد من صورٍ خبأها الوعي عميقًا في الذاكرة."
الاقتباس ده خلاني أفكر تاني... يعني إيه؟ يعني أحلامي مش مجرد أحلام؟ يعني أنا عمرو شوفته في مكان قبل كده؟ ولا ده إيه؟ حسيت إن عقلي كله بدأ ينهار. رميت الكتاب وفضلت أبص على السقف في فراغ.
---
في بيت عمرو:
كان قاعد قدام الكرسي المتحرك اللي أبوه عليه، صوته متوتر وهو بيقرأ الورقة بصوت عالي مخنوق: "مش قادر أفهم؟ يعني إيه؟ أيوه، ده خط أمي، هو فعلاً..."
قام يلف في الأوضة بعصبية وأبوه بيتابعه بنظرات جامدة. صرخ وهو بيكلم نفسه: "ظهرت إمتى؟ وليه جايّة تظهر بعد السنين ديه؟ رد عليا! يعني إيه الكلام ده؟!"
خبط الباب فجأة، قطع سيل أفكاره. فتح الباب، لقى ياسر واقف وعلامات الاستغراب مرسومة على وشه.
ياسر: "إيه يا عم مالك؟ ليه متعصب كده؟ هتقرف أبوك."
بصله عمرو بحدة، ومديله الورقة: "بص إنت! اقرأ كده وفهمني، عشان أنا مخي هيطير!"
ضحك ياسر بسخرية: "يعني إيه؟"
عمرو، وهو مش مركز: "أنت جاي تسألني؟"
ياسر قعد بهدوء: "اقعد يا عم نقرأها تاني، يمكن في حاجة غلط."
عمرو قعد وحط إيده على راسه، وهو بيحاول يلم نفسه. وياسر بدأ يقرا:
> "عمرو حبيبي، أنا ماما. ومعنى إنك بتقرا الرسالة ديه، يبقى أنا مت. أنا عارفة إنك ذكي وهتفهم قصدي. خليني الأول أحكيلك حكايتي...
أنا عشت حياة مش مستقرة مع أب مكنش بيهمه حاجة غير الفلوس، وأم طيبة بس أنانية. كانت بتمتلك كتب عن السحر ورثتهم عن جدتي ، وبتتعلم فيهم، وكانت خادمه ليهم دا الي فهمته متأخر وكانت لما حد ييجي عليها كانت بتعمله عمل.
لحد ما في يوم، سمعت أصوات غريبة طالعة من أوضتها… صراخ واستغاثة، وصوت عيل صغير بيعيط. وكنت لوحدي ف البيت ولما ابويا جيه حاولنا نفتح، لقيناها ميتة، والسلك ملفوف حوالين رقبتها… محدش فهم، وأنا لما حاولت أتكلم، لساني كان بيتربط.
لما كبرت، فضولي خلاني أقرا كتبها. وللأسف، دخلت عالمهم… وبقيت خادمة زيها.
أبويا باعني لأبوك… وعشت معاه أسوأ أيام حياتي. خيانة، وضرب، وإهانة، لحد ما ربنا رزقني بيك.
كنت عارفة إنهم هييجوا عليك، وإن الطريقة الوحيدة عشان أحميك، إني أربط روحك بروح بنت. لما تلاقيها وتحس بحبها… كل السحر هيتفك.
عملت كده فعلا… بس تمانه كان غالي.
كان لازم أموت."
سكت ياسر لحظة، وبص لعمرو اللي كان عينيه مليانة دموع مش قادر يخبيها.
ياسر بكمل قراية:
> "كل حاجة مكتوبة، وكل شيء له معاد. يوم ما عينك تقع على عيونها، هتعرفها… ساعتها، يا تعافر وتحميها… يا تخسر كل حاجة."
سكت المكتب كله، صوت أنفاسهم كان هو الصوت الوحيد اللي مسموع.
عمرو قام فجأة، ورمى الكرسي برجله، وصوته عالي: "يعني إيه؟ التخريف ديه صح؟!! ده كله كان مرسوم من سنين؟"
ياسر قام وهو مصدوم: "انا مش قادر افهم ازاي يكون روحك مربوطه بواحده انت عمرك ما قابلتها؟!"
عمرو بصله بنظرة تحدي لأول مرة، وقال بصوت متحشرج، بس مليان عزم: "لازم الاقيها !"
في بيت ميرنا – أوضتها
كانت نايمة على السرير، بتحكي لأختها رحمة عن يومها.
"اديلو يا عم… جبتي عريس قبل ما تشتغلي حتى."
"بس يا بنتي، عريس إيه؟ أنا بس مستغربة كان بيبصلي كده ليه."
رحمة غمزت لها وقالت بمرح: "وده عايز كلام؟ أكيد معجب، يا جميلة."
"يوه، اسكتي بقى!"
قاطع كلامهم خبط على الباب.
"قومي شوفي مين، رجلك مش مكسورة!"
"أنا جاية من المستشفى تعبانة، قومي انتِ!"
ميرنا قامت بتأفف وهي بتتمتم: "أكيد محمد ابن خالتي، بخبطته المستفزة دي."
فتحت الباب، لاقته قدامها.
"أهلًا، تفضل."
ابتسم وقال: "يزيد فضلك، يا رنون."
اتنهدت بضيق: "كذا مرة أقولك مبحبش الكلمة دي. اسمي ميرنا، ياريت تلتزم حدودك معايا."
شاف الجدية في عيونها، فبلع ريقه وقال بصوت مكسور: "أسف… مكنتش أعرف إنه بيضايقك."
كان هيكمل، لكن فجأة قال بصوت مخنوق: "أنا جاي أجيب حاجات أمي بعتها لمامتك… بس شكلي مش مرحب بيّ، عند إذنك."
خرج بسرعة وقفّل الباب، فضلت واقفة مكانها، تنهدت ببرطمة: "نقصاك انت كمان!"
دخلت الأوضة لقيت رحمة نايمة، تمتمت: "نمتي؟ طب زحزحي شوية أنام جنبك."
في مكان آخر…
كان عمرو الزهار مستلقي غارق ف احلامه .
"أمي، أنا حاسس بيها… البنت اللي عملتِ السحر علشاني، روحي مربوطة بيها، مش كده؟"
كان يتحدث إلى والدته التي جلست على كرسيها، عيناها غارقتان في الفراغ.
"كل شيء محسوب، يا فارس. هتشوفها… بس وقت ما يكون مكتوب لك إنك تشوفها."
مرر يده في شعره بعصبية قبل أن يقول بحدة: "أنا زهقت! أنا مش مسيَّر، مش دمية في إيد القدر، أنا اللي بحدد طريقي! ليه عملتي فيا كده حرام عليكِ"
لكن والدته لم تُجب… فقط ابتسمت ابتسامة غامضة جعلت الدماء تبرد في عروقه.
استيقظ فارس وهو يقول ربنا يسمحك يامي ربنا يسمحك ——
اليوم التالي – أمام شركة الزهار
وصلت ميرنا إلى بوابة الشركة كانت مرتديه فستانها الوردي الذي كان يظهر انوثتها وبياض لونها وشنطه بيضاء وحزاء ابيض ، كانت أعمدة المبنى شاهقة، زجاجه العاكس يعكس الشمس بشكل مُبهر، لكنه لم يكن يُشعرها بالراحة.
أخرجت هاتفها واتصلت برنا: "أنا وصلت، إنتِ فين؟"
"أنا عند البوابة الخلفية، تعالي بسرعة!"
زفرت ميرنا بضيق وبدأت تتحرك، لكن فجأة…
شيء غريب حدث!
صوت الهواء تغيّر، كأن الفراغ نفسه ينذرها بالخطر.
خطواتها تباطأت… قلبها بدأ ينبض بشكل غير طبيعي.
وفجــــأة…
"ميرنااااااا!! خدي بالك !!"
التفتت بسرعة، لكنها لم ترَ شيئًا…
ثم جاء الصوت…
**"تاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
يتبع ....
بقلم : مَيـــــــادَة زكــــــي
طولت البارت شوية يارب يعجبكم ❤️
لو لاقيت تفاعل كويس هنزل اللي بعده علطول وهطول البارت اكتر لو عايزين
دُمتم بخير ❤️
•تابع الفصل التالي "رواية وهم على هيئة قدر" اضغط على اسم الرواية